رؤي في صياغة هذه المادة الاخذ بطريقة المشروع الاردني وهي اصوب . كما انه رؤي التصريح بانه اذا لم يوجد نص في القانون ، يرجع لاحكام الفقه الاسلامي ، على اختلاف مذاهبه ، ويختار منها ما يكون اكثر موافقة لنصوص القانون ، واذا لم يعثر عليها ، ينتقل حينئذ لمبادئ الشريعة الاسلامية . وذلك لان ما يتميز به هذا المشروع هو اعتماده على احكام المجلة والفقه الاسلامي اولا كما ورد في اول هذا المشروع فان لم توجد ينتقل لاحكام القواعد العامة حينئذ . اما الاعتماد على مبادئ الشريعة الاسلامية فقط فلا يجعل لهذا القانون اية ميزة على غيره من قوانين الدول العربية الاخرى . وقد ذكر الخبير الدكتور محمد زكي عبد البر في الصفحة (3) من مذكرته في ايضاح تلك المادة ان المشروع بدأ ببيان المصادر الرسمية او الملزمة وهي التي يتعين على القاضي ان يلجا اليها لاستخلاص القواعد القانونية التي يجري في قضائه على تطبيقها متدرجا من التشريع الى احكام الفقه الاسلامي الى مبادئ الشريعة الاسلامية ، وقد فرق المشروع بين احكام الفقه الاسلامي وبين مبادئ الشريعة الاسلامية فالاولى مدونة في الكتب الفقهية والثانية تستخلص من نصوص الكتاب والسنة كالامر بالعدل والمساواة والنهي عن اكل اموال الناس بالباطل وكقاعدة الخراج بالضمان ولم يرد المشروع الاقتصار على احكام المذهب الحنفي بل عمم العبارة حتى تشمل كل مذاهب واراء الفقه الاسلامي ليتسع امام القاضي معين الحكم فيتيسر له ان يختار ما هو اكثر موافقة للنصوص التشريعية محافظة على وحدة القانون وانسجامه او ما هو اكثر موافقة لاحوال هذا الزمان . لم يرد المشروع ان يجاري التقنينات المدنية العربية بالاحالة الى العرف ثم الى مبادئ الشريعة الاسلامية ثم الى القانون الطبيعي وقواعد العدالة على خلاف بين هذه التقنينات في ترتيب هذه المصادر او جمعها ، ليس فقط نزولا على الاسباب الموجبة لوضع هذا المشروع والاسس التي رسمت له وهي استمداده من الفقه الاسلامي اولا - بل ايضا ايمانا بان مبادئ الشريعة الاسلامية اذا احتيج للالتجاء اليها تغني عن مبادئ القانون الطبيعي وقواعد العدالة فضلا عما تتسم به هذه الاخيرة من ابهام وغموض على خلاف مبادئ الشريعة الاسلامية فهي مسطورة في كتاب الله وسنة رسوله ومبينة في كتب العلوم الاسلامية المختلفة ثم ان القواعد الفقهية ومبادئ الشريعة الاسلامية تقر العرف مرجعا لبعض الاحكام فتقرر ان ( العادة محكمة) وان ( استعمال الناس حجة يجب العمل بها ) وان ( الممتنع عادة كالممتنع حقيقة ) وانه ( لا ينكر تغير الاحكام بتغيير الازمان ) وان ( الحقيقة تترك بدلالة العادة ) وان ( المعروف عرفا كالمشروط شرطا) وان ( التعيين بالعرف كالتعيين بالنص ) والاحالة الى الاحكام الفقهية ومبادئ الشريعة الاسلامية تتضمن الاحالة الى العرف . ولم يقتصر المشروع على بيان المصادر الرسمية بل عين للقاضي ما يستلهمه في استخلاص الاحكام من هذه المصادر جميعا فعرض للمصادر التفسيرية ومصادر الاستئناس فذكر القضاء والفقه قاصدا الاردني منها والعربي والاجنبي وغني عن البيان انه في استئناسه بذلك يختار ما هو اكثر اتفاقا مع نصوص هذا التشريع على ما تقدم .
رؤي وضع هذه المادة لتثبيت ما يتميز به هذا المشروع من ارتباطه بالفقه الاسلامي واصوله خصوصا ان اصول الفقه الاسلامي هو عبارة عن مبادئ التفسير وقواعده حسب ما ارتضاه ائمة ذلك العلم ، وقواعد اللغة العربية ، ويوجد كثير من الكتب الحديثة في هذا العلم للاساتذة شاكر الحنبلي والخضري وعبد الوهاب خلاف خصوصا ان حكومة الانتداب البريطاني ، كان لها قانون ، يسمى قانون تفسير القوانين يعتمد في نصوصه على قواعد اصول الفقه الاسلامي وقد صدر ذلك القانون قبل سنة 1939م، ثم عدل تعديلات ابعدته عن ذلك المقصود وان المشروع بين المرجع في فهم النص وتفسيره وتأويله ودلالته على الاحكام فاحال على علم اصول الفقه اخذا بيد القضاة وجمعا لهم على مرجع واحد فيكون ذلك احرى بقدر الامكان بابعاد اسباب الخلاف فضلا عن التوجيه والارشاد . وقد سد المشروع بذلك نقصا موجودا في التقنينات العربية الحالية اذ لم يورد ايها نصا في ذلك تاركا الامر للسليقة او لما يرد في كتب اصول القانون من قواعد قليلة تتضاءل بل تتلاشى امام مفخرة العقل الاسلامي وهو علم اصول الفقه بما تضمن من قواعد وضوابط وكان لهذا الاهمال اثره في بعد القضاة عن علم الاصول ففقدوا بذلك معينا لا ينضب في استنباط الاحكام على اسس ثابته تسدد خطاهم وتقرب بين منحاهم وتصل بهم الى سواء السبيل .
رؤي الاكتفاء بالقاعدة المبينة بالمادة العاشرة من المجلة لتكون هي الاصل في هذا الموضوع .
رؤي الاخذ بتعبير المشروع الاردني والقانون المصري خلافا لما اعتمده الخبير الدكتور محمد زكي عبد البر في مذكرته وهو النسخ وفضل تعبير الالغاء عليه لانه هو المعروف الان اكثر وان كانت قواعد النسخ في الاصول تسري عليه ، وان الاصل في نسخ التشريع نسخا كليا او جزئيا ان يتم بنص صريح ياتي به تشريع لاحق وهذا هو النسخ الصريح ، الا ان النسخ قد يكون ايضا ضمينا . وللنسخ الضمني صورتان - احداهما ان يصدر تشريع جديد يشتمل على نص يتعارض تعارضا تاما مع نص في التشريع القديم وفي هذه الحالة يقتصر النسخ على الحدود التي يتحقق فيها التعارض وثانيهما ان يصدر تشريع جديد ينظم تنظيما كاملا وضعا من الاوضاع خصص له تشريع سابق وفي هذه الحالة يعتبر التشريع السابق منسوخا جملة وتفصيلا ولو انتفى التعارض بين بعض نصوص هذا التشريع ونصوص التشريع الذي تلاه .
وغني عن البيان ان النص على عدم جواز نسخ التشريع الا بمقتضى تشريع اخر يستتبع عدم جواز نسخ النص التشريعي بمقتضى عرف لاحق . ( انظر الصفحة -10 من الباب التمهيدي للخبير الدكتور محمد زكي عبد البر ) .
ان النصوص المتعلقة بأهلية الاداء تسري من وقت العمل بها ومؤدى هذا ان النصوص الجديدة ترد من كان يعتبر رشيدا الى حالة القصر فيما لو رفعت سن الرشد وتدخل من كان يعتبر قاصرا في ظل القانون القديم في عداد الراشدين فيما لو خفضت السن . ذلك ان تحديد اهلية الاداء -وهي صلاحية الالتزام بالتصرفات الارادية يراعي فيه حماية فريق من الاشخاص وهذه الحماية امر متعلق بالنظام العام. على ان عودة الشخص الى حالة القصر بمقتضى قانون جديد بعد ان اعتبر رشيدا في ظل التشريع القديم لا تؤثر في صحة التصرفات التي صدرت منه في ظل التشريع القديم . فهذه التصرفات لا يجوز الطعن عليها بسبب نقص الاهلية متى كان العاقد كامل الاهلية وقت انعقادها اذ القانون الجديد يعيد الاشخاص الى حالة القصر بالنسبة الى المستقبل فحسب . وهي توافق المادة (11) عراقي و (7) مصري وسوري ومشروع اردني .
رؤي اختيار النص الموجود في المشروع القانون المدني الاردني وفي القوانين المصرية والسورية والعراقية وذلك لان المشروع المقدم لم يتعرض لحكم الفقرة (2) من المادة (7) وان الاصل في مدد التقادم ان اكتمالها يقيم قرينه قاطعة لمن شرعت لمصلحته تعفيه من اقامة الدليل على كسبه لحق معين او براءة ذمته من التزام معين لاعتبارات تتعلق بالنظام العام .
وكل تقادم لم يكتمل في ظل تشريع قائم لا يرتب هذا الاثر فاذا صدر تشريع جديد يطيل من مدته وجب ان يسري هذا التشريع .
اما بدء التقادم او وقفه او انقطاعه فيتحقق متى توافرت شروط معينة يحددها القانون الساري اذ ذاك . ومتى بدات المدة او وقفت او انقطعت وفقا لقانون معين ظل البدء او الوقف او الانقطاع مرتبا لحكمه في ظل القانون الجديد . فالمدة التي بدات تستمر سارية ، والمدة التي وقفت يمتنع استئنافها ، ما بقي سبب الوقف قائما ، ما لم يقض القانون الجديد بغير ذلك ، والمدة السابقة على سبب الانقطاع لا تحتسب .
وقد يقرر القانون الجديد للتقادم مدة اقصر من المدة المقررة في النص القديم وفي هذه الحالة لا يبدا سريان المدة الجديدة بالنسبة لتقادم بدا من قبل الا من وقت العمل بالتشريع الجديد كفالة لاستقرار المعاملات . فالواقع ان التقادم لم يكتمل في ظل القانون القديم ولذلك لا يترتب حكمه ، ولم يقصد من تقصير المدة في القانون الجديد الى ترتيب هذا الحكم بارادة الشارع دون انقضاء المدة .
بيد انه رئي ان تستثنى من حكم القاعدة العامة حالة اكتمال مدة التقادم التي نص عليها القانون القديم ، في ظل القانون الجديد ولكن قبل ان تنقضي المدة الجديدة بتمامها ويتحقق ذلك كلما كانت البقية الباقية من المدة القديمة اقصر من المدة التي تقررت في التشريع الجديد ، كما لو كانت المدة القديمة خمس عشرة سنة ولم يبق لاكتمالها سوى سنتين ثم جعل التشريع الجديد المدة ثلاث سنين ، ففي هذه الحالة يعتبر التقادم مكتملا بانقضاء هاتين السنتين وتكون ولاية التشريع القديم قد امتدت بعد زواله امعانا في تحقيق العدالة .
وعلى ذلك يقتصر تطبيق الحكم على الحالة التي يكون فيها الباقي من المدة القديمة اطول من المدة الجديدة باسرها ولعل هذا يوجب بصورة ظاهرة صرف النظر عن الزمن الذي مر من قبل وافتتاح مدة جديدة تبدا من وقت العمل بالقانون الجديد ويعتمد عليها المتعاملون دون ان يكون هناك محل للمفاجأة وقد اثر المشروع هذا الحل من بين مختلف الحلول التي خطرت للفقه والقضاة لانه اقلها استهدافا للنقد وادناها الى تحقيق العدل والاستقرار .
ان هذه المادة تبحث في جواز قبول الدليل وهو امر يتعلق بادارة القضاء ويتصل اوثق اتصال بالنظام العام فاذا كان التشريع القديم لا يجيز قبول دليل من الادلة في شان واقعة من الوقائع امام القضاء ثم صدر قانون جديد يبيح ذلك فنصوص هذا القانون هي التي تسري ولو كان الحق المتنازع فيه قد تنشأ في ظل التشريع القديم وكذلك الحكم فيما يتعلق باثر الدليل في الاثبات وهو ما يعرف في اصطلاح الفقه بالحجية امر تتكفل النصوص بتعيينه ليكون اساسا في الفصل بالخصومات ، فمن الواجب والحال هذه ان تسري هذه النصوص من وقت العمل بها لاتصال حجية الادلة بالنظام العام، وقد استثنى المشروع من القاعدة العامة حالة الادلة المهياة وقضى بانه تسري النصوص المعمول بها في الوقت الذي يجب فيه اعداد الدليل باعتبار ان الدليل المهيا يفترض وجود النص المقرر له قبل ان تتم تهيأيه ويكون وثيق الصلة من الناحية الموضوعية في الحق . ( وهي تطابق المادة (9) مصري و(10) سوري ومشروع اردني وتقابل المادة (13) عراقي ) .
اختلف فقهاء المسلمين في اي التقويمين الشمسي او القمري يعتمد فراى بعضهم اعتماد التقويم الشمسي وبعضهم التقويم القمري ولذلك رؤى اعتماد التقويم الشمسي الا اذا نص القانون على غير ذلك وهو امر يتفق مع اتجاه فقهاء الاسلام كما ورد في الجزء الثاني صفحة (595) من رد المختار ويتفق ايضا مع المواد (28/زو24 و68 و69 و70) من الدستور الاردني .
تقضي هذه المادة بوجوب رجوع المحاكم الى القانون الاردني في تكييف الروابط القانونية تمشيا مع الراي الذي كاد ينعقد الاجماع عليه في الوقت الحاضر ويراعى من ناحية ان للنص على هذا الحل اهمية خاصة في الاردن بسبب توزيع ولاية القضاء بين محاكم مختلفة . وينبغي ان يفهم من وجوب رجوع المحاكم الاردنية الى قانونها في مسائل التكييف الزامها بالرجوع الى القانون الاردني في جملته . بما يتضمن من قواعد تتعلق بالاشخاص او بالاموال ايا كان مصدر هذه القواعد ، دون ان تقتصر على الاحكام التي تختص بتطبيقها وفقا لتوزيع ولاية القضاء بين المحاكم المختلفة . ويراعي من ناحية اخرى ان تطبيق القانون الاردني بوصفة قانونا للقاضي في مسائل التكييف لا يتناول الا تحديد طبيعة العلاقات في النزاع المطروح لادخالها في نطاق طائفة (نوع) من طوائف النظم القانونية التي تعين لها قواعد الاسناد اختصاصا تشريعيا معينا كطائفة النظم الخاصة بشكل التصرفات او بحالة الاشخاص او بالمواريث والوصايا او بمركز الاموال . ومتى تم هذا التحديد انتهت مهمة قانون القاضي اذ تعين القانون الواجب تطبيقه فلا يكون للقاضي الا ان يعمل احكام هذا القانون وقد استرشد المشروع في صياغة القاعدة الواردة في هذه المادة بالقانون المدني المصري والسوري والعراقي .
ويلاحظ انه اضيف في عجز هذه المادة عبارة ( لمعرفة القانون الواجب تطبيقه من بينها ) زيادة في الايضاح لتعيين الحدود التي يقف عندها اختصاص قانون القاضي في التكييف .
وهي تطابق المادة (10) مصري و (11) سوري ومشروع اردني و (17/1 ) عراقي .
تعين الفقرة الاولى من هذه المادة القانون الواجب تطبيقه فيما يتعلق بحالة الاشخاص واهليتهم ويقصد بالحالة جملة الصفات التي تحدد مركز الشخص من اسرته ودولته وهي صفات تقوم على اسس من الواقع كالسن والذكورة والانوثة والصحة او على اسس من القانون كالزواج والحجر والجنسية . وينصرف اصطلاح الاهلية في هذا المقام الى اهلية الاداء وحدها اي صلاحية الشخص للالتزام بمقتضى التصرفات الارادية وهذه الصلاحية تتصل اتصالا وثيقا بالحالة . وقد اخضع المشروع حالة الاشخاص واهليتهم لقانون الجنسية .
هذا وقد تضمنت الفقرة الاولى استثناء يتعلق بالاهلية - مؤداه ان الاجنبي الذي يعقد تصرفا ماليا لا يكون اهلا للالتزام به وفقا لقانون جنسيته يعتبر اهلا لذلك متى كان هذا هو حكم القانون الاردني فيما يتعلق بالوطنيين . وقد رئي ان يتضمن المشروع هذا الحكم الاستئنافي لان من الصعب على من يتعامل مع احد الاجانب ان يكون ملما بالقواعد المتعلقة باهليته وبوجه خاص متى كان مظهره لا يدع محلا للشك في كمال هذه الاهلية . وتعرض الفقرة الثانية للنظام القانوني للاشخاص المعنوية الاجنبية من شركات وجمعيات ومؤسسات وغيرها فتوجب تطبيق قانون الدولة التي تتخذ فيها هذه الاشخاص مركز ادارتها الرئيسي الفعلي ومع ذلك فاذا باشرت نشاطها الرئيسي في المملكة الاردنية فان القانون الاردني هو الذي يسري وهي تطابق المادة (11) مصري و (12) سوري ومشروع اردني والفقرة الاولى تقابلها المادة (18) من القانون العراقي والفقرة الثانية من المادة (49) من القانون العراقي .
ان هذه المواد الثلاثة عينت القانون الواجب تطبيقه فيما يتعلق بانعقاد الزواج من حيث الموضوع والشكل وبعلاقات الزوجين شخصية كانت او مالية ، وبالاجراءات التي تتبع في شان مسائل خاصة تعرض بمناسبة دعاوى الطلاق والانفصال .
وتتناول المادة (13) كيفية انعقاد الزواج فتقضي في فقرتها الاولى بوجوب تطبيق قانون كل من الزوجين فيما يتعلق بالشروط الموضوعية لصحة الزواج وهذه قاعدة تقررت في المادة الاولى من اتفاقية لاهاي المعقودة في 13 يونيه سنة 1902 واخذت بها اكثر التشريعات . اما من حيث الشكل فيكون الزواج صحيحا وفقا لنص الفقرة الثانية من المادة متى روعيت اوضاع البلد الذي تم فيه او الاوضاع التي قررها قانون كل من الزوجين ، وقد استمد المشروع هذا الحكم من المادتين 6و7 من اتفاقية لاهاي التي تقدمت الاشارة اليها .
واذا كان في نص المادة (21) من المشروع وهي الخاصة بتعيين القانون الواجب تطبيقه فيما يتعلق بالشكل بوجه عام ما يسد هذا النقص الا انه رؤي افراد فقرة قائمة بذاتها في المادة (13) نظرا لاهمية القاعدة بالنسبة الى الزواج .
ويلاحظ ان القانون الاردني يتضمن اوضاعا مختلفة فيما يتعلق بالشكل :
فهناك الاوضاع المقررة في الشريعة الاسلامية ، وهناك الاوضاع المقررة في نظم الطوائف غير الاسلامية ، الا ان هذه الاوضاع الاخيرة لا ينعقد الزواج صحيحا وعلى وفقها اذا كان احد الزوجين مسلما او كان كلا الزوجين غير تابع للكنيسة التي يعقد الزواج امامها .
وان المادة (14) قررت حكم الاختصاص التشريعي بالنسبة الى الاثار التي يرتبها عقد الزواج بما في ذلك من اثر بالنسبة الى المال فتخضع كل ذلك لقانون الزوج وقت انعقاد الزواج، وهو يتفق مع احكام كثير من التشريعات الحديثة في هذا الشان اما الطلاق فله حكم اخر غير حكم الزواج اذ يخضع لقانون الدولة التي ينتمي اليها الزوج وقت الطلاق ، اما التطليق والانفصال فيطبق عليهما قانون الزوج وقت رفع الدعوى .
وقد رؤي استثناء حالة ما اذا كان احد الزوجين اردنيا وقت انعقاد الزواج فيطبق القانون الاردني رعاية لقواعد القانون الاردني في شان الزواج ، اما مسألة الاهلية للزواج فيرجع فيها بالنسبة الى كل من الزوجين الى قانون جنسيته .
وان هذه المواد تطابق المواد 12 و13 و14 مصري و13 و14و 15 سوري ومشروع اردني والمادة 19 من القانون العراقي .
ان هذه المادة تتناول الالتزام بالنفقة بين الاقارب فتوجب تطبيق قانون المدين بها وان هذا النص مقصور على نفقة الاقارب ولا يشمل نفقة الزوجية التي تنظمها احكام المواد السابقة على اعتبار انها من اثار الزواج .
وهي تطابق المادة 15 مصري و16 سوري ومشروع اردني والمادة 21 عراقي .
قصد في هذه المادة التعميم في التعبير حتى تصبح هذه الاحكام شاملة لجميع النظم الموضوعة لحماية عديمي الاهلية والمفقودين دون ان يقتصر على ولاية والوصاية والقوامة وقد اسند الاختصاص التشريعي فيما يتعلق بهذه النظم الى قانون عديم الاهلية او المحجور بوجه عام لانه اخلق القوانين بتوفير اسباب الحماية له . اما الاجراءات الواجب اتباعها في مسائل الوصاية والقوامة وما اليها فيطبق في شأنها القانون الاردني دون غيره وهي تطابق المادة (16) مصري و (17) سوري ومشروع اردني وتوافق المادة (20) عراقي .
تختتم هذه المادة طائفة النصوص المتعلقة بولاية القانون الشخصي وهي تتضمن احكام المواريث والوصايا والتصرفات المضافة الى ما بعد الموت بوجه عام وتنتهي بحكم عام يتعلق باقتسام الاختصاص بين قواعد الاجراءات والقواعد الموضوعية .
وقد افرد المشروع المادة (18) للمواريث والوصايا وسائر التصرفات المضافة الى ما بعد الموت وقرر انه في الناحية الموضوعية يسري عليها قانون المورث او الموصي او من صدر منه التصرف المضاف الى ما بعد الموت عند الموت لا عند صدور التصرف وفي الناحية الشكلية يسري عليها قانون الموصي وقت الايصاء او قانون البلد الذي تمت فيه الوصية وكذا قانون المتصرف وقت التصرف او قانون البلد الذي تم فيه التصرف المضاف الى ما بعد الموت . فالنص اراد مواجهة جميع التصرفات المضافة الى ما بعد الموت.
وهذه المادة تطابق المادة (17) مصري و(18) سوري ومشروع اردني وتقابل المادتين ( 22و 23) من القانون العراقي .
قاعدة خضوع نظام الاموال لقانون موقعها كانت تستخلص من التشريعات العثمانية القديمة (مجموعة الاعمال التحضيرية للقانون المدني المصري جزء 1 صفحة 277) ولكن راي المشروع ان ينص عليها فنص في المادة (19) ان مسائل الحيازة والملكية والحقوق العينية الاخرى يسري في شأنها قانون الموقع فيما يختص بالعقار اما بالنسبة للمنقول فيسري قانون الجهة التي يوجد فيها هذا المنقول وقت وقوع الامر الذي ترتب عليه كسب الحيازة او الملكية او الحقوق العينية الاخرى او فقدها .
ويلاحظ ان نص المشروع لا يخص العقار وحده بالذكر بل يتناول المنقول ايضا ولكنه على ذكر الملكية والحقوق العينية الاخرى دون الحقوق الشخصية وجعل الاختصاص لقانون الجهة التي يوجد فيها وقت وقوع الامر الذي افضى الى ترتيب او زوال الحق العيني .
ويلاحظ ايضا ان طرق كسب الحقوق بالعقد والميراث والوصية وغيرها تخضع بوصفها من اسباب اكتساب الملكية لقانون موقع المال بعموم عبارة ( يسري على الحيازة والملكية والحقوق العينية الاخرى قانون الموقع فيما يختص بالعقار ...) فاذا كان قانون موقع المال يقضي مثلا بان الوصية لا تنقل الملك في العقار الا بالتسجيل فيجب تطبيق هذا القانون وبذلك لا يكون هناك تناقض بين هذه المادة والمادة التي تسبقها ( تراجع مجموعة الاعمال التحضيرية للقانون المدني المصري جزء 1 صفحة 282- 283).
وهي تطابق المادة 18 مصري و19 سوري ومشروع اردني والمادة 24 عراقي .
ان المشروع تعرض للقاعدة العامة في الالتزامات التعاقدية ولصور خاصة من صور العقود وتنفيذها ثم قرر في نهايتها القاعدة الخاصة بوجوب احترام القواعد الامرة في حدود معينة يراعى بادىء ذي ان فقه القانون الدولي الخاص لا يزال غير مستقر فيما يتعلق بتعيين القانون الواجب تطبيقه في شان الالتزامات التعاقدية لتنوع صور العقود وتباين القواعد التي تسري عليها من حيث اركان الانعقاد وشروط الصحة وترتيب الاثار .
ولذلك توخى المشروع تجنب التفاصيل واقتصر على اكثر الاحكام استقرارا في نطاق التشريع . فقرر في المادة (20) ان الالتزامات التعاقدية يسري عليها القانون الذي يقرر المتعاقدان الخضوع لاحكامه صراحة او ضمنا مع مراعاة الاحكام المقررة في المادتين (20) و (21) وهذا حكم عام يمكن لسلطان الارادة ويضمن وحده القانون الواجب تطبيقه على العقد وهي وحدة لا تكلفها فكرة تحليل عناصر العقد واختيار القانون الذي يتلام مع طبيعة كل منها .
ويلاحظ ان المشروع قد اختار صيغة مرنة لا تقطع على القضاء سبيل الاجتهاد ولا تحول دون الانتفاع من كل تطور مقبل في حركة الفقه . وقد قرن المشروع هذه الصيغة بنصوص خاصة بعضها يعين اختصاصا تشريعا امرا بالنسبة لعقود معينة وبعضها يضع قرائن يستخلص منها الارادة عند عدم الاتفاق وبعض اخر يعين اختصاصا تشريعيا لمسائل تتعلق بتنفيذ العقود . وهي تطابق المادة 19 مصري وتوافق المادة 20 سوري ومشروع اردني والمادة 25 عراقي .
تتناول هذه المادة الاحكام المتعلقة بشكل العقود وهي تبدا في صدرها بوضع القاعدة العامة في هذا الشان فتنص على ان جميع العقود ما بين الاحياء تخضع في شكلها لقانون البلد الذي تمت فيه وهذه هي القاعدة التقليدية التي جرى العرف بها منذ عهد بعيد ونصت عليها صراحة اكثر التشريعات الاجنبية واخذ بها القضاء المصري رغم انها غير مقررة بنص تشريعي . وتتناول هذه القاعدة كل العقود اي التصرفات التي تتم بارادتين ومنها الهبة ولكن يرد على اطلاقها قيد هو انها تقتصر على العقود بين الاحياء وبذلك تخرج الوصية وسائر التصرفات التي تضاف الى ما بعد الموت وقد تناولت هذه التصرفات المادة (18) .
على ان المشروع اجاز ايضا اخضاع العقود المتقدم ذكرها من حيث الشكل للقانون الذي يسري على شروط صحة العقد واثاره او لقانون موطن المتعاقدين او قانونهما الوطني المشترك وبهذا لا يكون ثمة محل للخلاف في طبيعة اختصاص قانون محل الانعقاد وهل هو اختصاص مقرر بقاعدة امرة ام مؤسس على اعتبارات علمية . وايراد الحكم على هذا الوجه قد روعي فيه ان اختصاص قانون بلد انعقاد التصرف قد بني على الضرورات العملية فاذا كان في وسع من صدر منهم العقد ان يستوفوا اجراءات الشكل المقررة لهذا التصرف في القانون الذي يسري عليه من حيث الموضوع او في قانون جنسيتهم المشتركة او موطنهم المشترك فلا يجوز ان يمنعوا من ذلك ولا سيما ان اختصاص ثاني هذه القوانين اقرب الى طبيعة الاشياء واكفل بتحقيق وحدة القانون الذي يسري على العقد .
ولهذا تبدا بعض التشريعات الحديثة بالنص على خضوع شكل التصرف للقانون الذي يطبق في شأن احكامه الموضوعية وتجيز بعد ذلك الالتجاء الى قانون محل انعقاد التصرف ، وبعضها يجعل قانون محل الانعقاد والقانون الذي يرجع اليه للفصل موضوع التصرف وقانون الجنسية المشتركة للمتعاقدين بمنزلة سواء . وقد اضاف المشروع الى قانون الجنسية المشتركة قانون موطن من صدر منهم التصرف لان بعض الدول كانجلترا تستبدل بولاية قانون الجنسية ولاية قانون الموطن ثم ان في هذه الاضافة تيسيرا يتمشى مع اهمية الموطن في تنفيذ العقود ولا سيما التجاري منها .
ويراعي ان اختصاص القانون الذي يسري على شكل وفقا للاحكام المتقدمة لا يتناول الا عناصر ( الشكل ) الخارجية اما الاوضاع الجوهرية في الشكل وهي التي تعتبر ركنا في انعقاد العقد كالرسمية في الرهن التاميني فلا يسري عليها الا القانون الذي يرجع اليه للفصل في العقد من حيث الموضوع . وهي تطابق المادة 20 مصري و 21 سوري ومشروع اردني وتقابل المادة 26 عراقي .
بعد ان بسط المشروع احكام الالتزامات التعاقدية في النصوص المتقدمة عرض في المادة 22 للالتزامات غير التعاقدية فضمن فقرتها الاولى القاعدة العامة وخص الثانية بتفصيل يتعلق بالفعل الضار ، وتنحصر القاعدة العامة في خضوع الالتزامات غير التعاقدية بوجه عام سواء اكان مصدرها الفعل الضار ام الاثراء دون سبب مشروع لقانون البلد الذي وقعت فيه الحادثة المنشئة للالتزام ولا تدخل الالتزامات المترتبة على نص القانون مباشرة في نطاق النص لان القانون نفسه هو الذي يتكفل بتقريرها وتعيين من يلتزم بها دون ان يضع لذلك ضابطا معينا ضابطا معينا او قاعدة عامة .
وتورد المادة في فقرتها الثانية استثناء يتعلق بالمسؤولية عن الفعل الضار فتنص على ان احكام الفقرة السابقة لا تسري فيما يتعلق بالالتزامات الناشئة عن الفعل الضار على الوقائع التي تحدث في الخارج والتي تكون مشروعة في المملكة الاردنيةالهاشمية وان عدت غير مشروعة في البلد الذي وقعت فيه لان الحاق وصف المشروعية بواقعة من الوقائع او نفي هذا الوصف عنها امر يتعلق بالنظام العام . وهذه المادة تطابق المادة 21 مصري و 22 سوري ومشروع اردني وتوافق المادة 27 عراقي .
ان هذه المادة تتناول قواعد الاختصاص واجراءات التقاضي وقررت ان يسري عليها قانون البلد الذي تباشر فيه . وهذا حكم عام يقوم على اتصال هذه الاجراءات وتلك القواعد بالنظام العام . وقد تقدمت الاشارة الى كثير من تطبيقاته من قبل ويلاحظ ان تعبير الاختصاص ينصرف الى ولاية المحكمة كما ينصرف الى الاختصاص النوعي والمكاني والشخصي وان تعبير الاجراءات يشمل جميع الاوضاع التي تتبع امام المحاكم لاستصدار امر ولائي او حكم قضائي لمباشرة اجراءات التنفيذ وغيرها من الاجراءات التي رسمها القانون .
وهي تطابق المادة 22 مصري و 23 سوري ومشروع اردني وتوافق المادة 28 عراقي .
تواجه هذه النصوص المتعاقبة (24 وما بعدها ) مشاكل تعرض بصدد تطبيق قواعد القانون الدولي الخاص التي قررتها النصوص السابقة . فقد تكون هذه القواعد مخالفة لحكم مقرر بمقتضى نص خاص او بمقتضى معاهدة دولية نافذه في المملكة الاردنية الهاشمية وقد تعرض امرا لا حكم له في تلك القواعد ولا في نص او معاهدة خاصة وقد تقضي قاعدة بوجوب تطبيق قانون جنسية الشخص ولكن هذا الشخص لا تعرف له جنسية او تتعدد جنسياته واخيرا قد يتعارض تطبيق احكام القوانين الاجنبية مع النظام العام او الادب .
وقد نصت هذه المادة على احكام المواد السابقة لا تسري الا حيث لا يوجد نص على خلاف ذلك في قانون او في معاهدة دولية نافذة في الاردن وهذا الحكم يتمشى مع القواعد العامة في تفسير النصوص وفي فقه القانون الدولي الخاص . فقواعد التفسير تقضي بان الحكم الخاص يحد من اطلاق الحكم العام بالنسبة الى الحالة التي اريد التخصيص في شأنها . اما المعاهدات فلا تكون نافذة في الاردن الا اذا صدر تشريع يقضي بذلك ( تراجع المادة 33-1 من الدستور ) ومتى صدر هذا التشريع وجب امضاء احكام المعاهدة وفقا لما استقر عليه الفقه ولو تعارضت مع القواعد التي تقدمت الاشارة اليها .
وهي تطابق المادة 23 مصري و 25 سوري ومشروع اردني وتوافق المادة 29 عراقي .
تواجه المادة (25) حالة عدم وجود نص في شان حالة من احوال تنازع القوانين وتحيل في ذلك الى مبادئ القانون الدولي الخاص وهو ما ذ تقرره المادة 103-1 من الدستور الاردني اذ تنص على انه ( في مسائل الاحوال الشخصية للاجانب او في الامور الحقيقية والتجارية التي قضت العادة في العرف الدولي بتطبيق قانون بلاد اخرى بشأنها ينفذ ذلك القانون بالكيفية التي ينص عليها القانون .
وهي تطابق المادة 24 مصري و 26 سوري ومشروع اردني و30 عراقي .
يعرض المشروع الفقرة الاولى من هذه المادة الى حالتي التنازع السلبي ( عدم وجود جنسية للشخص ) والتنازع الايجابي للجنسية ( تعدد جنسيات الشخص ) فتنص على ان المحكمة تعين القانون الذي يجب تطبيقه دون ان تقيده في هذا التعيين بقيد . وفي الفقرة الثانية نص على تغليب الجنسية الاردنية عند تزاحمها مع غيرها من الجنسيات التي يتمتع بها شخص واحد وهذا مبدأ عام استقر في العرف الدولي باعتبار ان تحديد الجنسية مسألة تتعلق بالسيادة ولا تقبل ان تحتكم الدولة في شأنها لغير قانونها . ويراعي ان تخويل المحكمة سلطة التقدير وفقا لاحكام الفقرة الاولى خير من تقييده بضوابط تحد من اجتهادها والغالب ان تعتد المحكمة في حالة التنازع السلبي للجنسية بقانون الشخص او محل اقامته وهو القانون الاردني في اكثر الفروض وان تعتد في حالة التنازع الايجابي متى كانت الجنسية الاردنية غير داخلة في النزاع بالجنسية التي يظهر من الظروف ان الشخص يتعلق بها اكثر من سواها .
وهي تطابق المادة 25 مصري و 27 سوري ومشروع اردني و 33 عراقي .
تواجه المادة (27) حالة تعدد الشرائع التي يتكون منها القانون الواجب تطبيقه في دولة معينة ( كتعدد القوانين التي تطبق في شأن الزواج مثلا بتعدد الطوائف ) وتقضي في هذه الحالة بان القانون الداخلي لهذه الدولة هو الذي يعين الشريعة التي يجب تطبيقها من بين هذه الشرائع وقد استمد الحكم الوارد في هذه المبادئ مما استقر عليه الرأي في الفقه او القضاء بوجه عام .
ويراعى ان هذا الحكم يختلف عن حكم الاحالة ، ولو ان بعض الفقهاء يطلق على هذه الصورة الاخيرة اسم ( الاحالة الداخلية ) والواقع ان الاحالة بمعناها العام تثبت فيها الولاية لقانون دولة معينة ، ولكن هذا القانون يتخلى عن ولايته هذه لقانون آخر ، اما الاحالة الداخلية فلا يتخلى فيها قانون الدولة عن ولايته ، وانما هذه الولاية تكون موزعة بين شرائع متعددة ويكون من المتعين ان يرجع الى القانون الداخلي في هذه الدولة لتعيين الشريعة الواجب تطبيقها من بين تلك الشرائع ، وبعبارة اخرى يتخلى قانون الدولة عن اختصاصه في الاحالة ويرد هذا الاختصاص الى دولة اخرى بمقتضى قاعدة من قواعد الاسناد الخاصة بتنظيم التنازع الدولي ما بين القوانين اما في الاحالة الداخلية فلا يتخلى قانون الدولة عن اختصاصه وانما هو يعين من بين الشرائع المطبقة فيها شريعة يوجب تطبيقها بمقتضى قاعدة من قواعد تنظيم التنازع الداخلي ما بين القوانين .
وهي تطابق المادة 26 مصري و28 سوري ومشروع اردني و31- 2 عراقي .
تنص المادة (28) على وجوب تطبيق الاحكام الموضوعية في القانون الذي تقضي النصوص التالية بتطبيقه دون القواعد التي تتعلق بالقانون الدولي الخاص وهي بهذا لا تجيز الاخذ بفكرة الاحالة .
ولم ينهج المشروع نهج بعض التشريعات في اجازة الاحالة اذا كان من شأنها ان تقضي الى تطبيق القانون الوطني او في اجازة الاحالة اطلاقا ذلك ان قاعدة الاسناد حين تجعل الاختصاص التشريعي لقانون معين ، تصدر عن اعتبارات خاصة ، وفي قبول الاحالة ايا كان نطاقها تفويت لهذه الاعتبارات ونقض لحقيقة الحكم المقرر في تلك القاعدة .
وهي تطابق المادة 27 مصري و 29 سوري ومشروع اردني و31- 1 عراقي .
تنص المادة (29) على انه لا يجوز تطبيق احكام قانون اجنبي عينته النصوص السابقة اذا كانت هذه الاحكام مخالفة للنظام العام او الاداب في المملكة الاردنية وهذا الحكم انعقد عليه الاجماع وحذا المشروع في تقنينه حذو كثير من التشريعات الاجنبية وينبغي التنويه بان اعمال فكرة النظام العام والاداب لترتيب الاثر الذي تقدمت الاشارة اليه فيما يتعلق باستبعاد تطبيق القوانين الاجنبية ، يختلف عن اعمال هذه الفكرة في نطاق روابط الالتزامات التي لا يدخل في تكوينها عنصر اجنبي .
وهي تطابق المادة 28 مصري و 30 سوري مشروع اردني و 32 عراقي .
تبدأ الشخصية الطبيعية للانسان بتمام ولادته حيا اذ تثبت له منذ ذلك الوقت اهلية الوجوب وهي صلاحية الشخص لان تكون له حقوق وعليه واجبات , فيجب اذن لبدء الشخصية ان يولد حيا ولادته تامة فقبل ان تتم الولادة لا تبدا الشخصية , واذا تمت الولادة ولكن الجنين ولد ميتا فلا تبدا الشخصية كذلك , وتنتهي الشخصية بالموت . وما بين الولادة والموت يوجد الشخص الطبيعي وتكون اهلية الوجوب , ولكن اهلية الوجوب هذه قد توجد قبل الولادة وقد تبقى بعد الموت فالجنين يجوز ان يوصى له فيملك بالوصية , ويجوز ان يوقف عليه فيكون مستحقا في الوقف , ويرث فيملك بالميراث والميت تبقى حياته مقدرة حتى تسند اليه ملكية ما تركه من مال الى ان تسدد ديونه اذ لا تركة الا بعد سداد الدين .
وهي تطابق المادة 29 مصري و31 سوري مشروع اردني و 34 عراقي .
الولادة من حيث هي عمل مادي تثبت نشهادة الميلاد , وكذلك النسب الذي يترتب على الولادة فانه يثبت ايضا بشهادة الميلاد , والموت يثبت بشهادة الوفاة ودفاتر المواليد والوفيات والتبليغات المتعلقة بها والشهادات التي تستخرج من الدفاتر لها قانون خاص ينظمها .
والاصل ان شهادة الميلاد وشهادة الوفاة كافيتان للاثبات حتى يقيم ذو الشأن الدليل على عدم صحة ما ادرج في السجلات فعندئذ يجوز اثبات الولادة والوفاة بجميع طرق الاثبات ، كذلك يجوز اثباتهما بجميع الطرق اذا لم توجد شهادة الميلاد او شهادة الوفاة لاي سبب من الاسباب , وليس من الضروري اثبات ان هاتين الشهادتين قد فقدتا بل يكفي الا يوجدا حتى يسمح لذي الشان ان يثبت الولادة او الوفاة بجميع الطرق .
على انه يلاحظ في اباحة اثبات الولادة والوفاة بجميع الطرق ان قانون الاحوال الشخصية هو الذي يحدد قوة الاثبات للطرق المختلفة فتتبع احكام الشريعة الاسلامية في ثبوت النسب , ويلاحظ ان عبارة ( لم يوجد ) تشمل ما لم يوجد اصلا وما وجد ثم انعدم .
وهي تطابق المادة 30 مصري و32 سوري ومشروع اردني وتوافق المادة 35 عراقي .
هذه المادة تقابل المادة 32 مصري و34 سوري ومشروع اردني وتطابق المادة 36 عراقي .
وان اللجنة وافقت الخبير الاستاذ المنفلوطي على اختيار النص العراقي لانه يعين المقصود من المفقود والغائب وفقا للحكم الشرعي ولم تأخذ بالنص الذي ذكره الخبيرمحمد زكي عبد البر الموافق للمادة 34 من المشروع الاردني وقد اكتفى المشروع بالاحالة على الاحكام المقررة في قوانين خاصة فان لم توجد هذه القوانين الخاصة فانه يرجع الى احكام الشريعة الاسلامية , والسبب في تاخير حكم تطبيق الشريعة بعد تطبيق القوانين الخاصة ان القوانين الخاصة واجبة التطبيق اولا لانها قد تختار رايا معينا في الفقه الاسلامي , مخالفا لما هو راجح او معول عليه فاذا لم يوجد فيها نص رجع القاضي الى احكام الشريعة الاسلامية الاخرى .
كل شخص طبيعي ينتمي الى جنسية معينة والى دين معترف به , وينتسب الى اسرة تتكون من ذوي قرباه , ويتميز باسم يعرف به , ويقيم في موطن يخصص له , وتتحدد له اهلية اداء لمباشرة حقوقه المدنية فهذه خصائص ست للشخصية الطبيعية .
فالجنسية الاردنية هي التي ينتمي اليها كل اردني سواء اقام في المملكة الاردنية او لم يقم , ويلاحظ ان الاشخاص الذين تثبت لهم في وقت واحد بالنسبة الى المملكة الاردنية الجنسية الاردنية وبالنسبة الى دولة اجنبية او عدة دول اجنبية جنسية تلك الدولة يعتبرون اردنيين في نظر القانون الاردني والمحاكم الاردنية وتتغلب بذلك الجنسية الاردنية على الجنسيات الاجنبية وقد نص في المادة الخامسة من الدستور الاردني ان الجنسية الاردنية تحدد بقانون ,
وهي تطابق المادة 33 مصري و 35 سوري ومشروع اردني و 37 عراقي .
اسرة الشخص هم ذوو قرباه . ويعتبر قريبا للشخص من يجمعه به اصل مشترك ذكرا كان او انثى , والقرابة اما قرابة مباشرة او قرابة غير مباشرة , فتكون القرابة مباشرة بين شخصين اذا تسلسل احدهما من الاخر كما هو الامر بين الاصول والفروع وقرابة غير مباشرة وهي التي لا تسلسل فيها , وان كان يجمع الشخصين اصل مشترك , فالاب قريب مباشر وكذلك ابو الاب وان علا وام الاب وان علت . والام قريب مباشر وكذلك ابو الام وان علا وام الام وان علت , وكل اصل من هؤلاء يعتبر كلا من ابيه وامه اصلا اي قريبا مباشرا .
والحواشي هم الاقارب المحارم الذين ليسوا اصولا ولا فروعا كالاخوة والاخوات واولادهم والاعمام والعمات والاخوال والخالات .
والاقارب غير المحارم كابن العم وابن الخال وابن العمة وابن الخالة وينتسب للشخص من جهة ابيه فروع ابيه وفروع ابي ابيه وفروع ام ابيه وفروع كل اب وام لكل اصل من اصول ابيه , وينتسب له من جهة امه فروع امه وفروع ابي امه وفروع ام امه وفروع كل اب وام لكل اصل من اصول امه وقد ذهب القانون المدني المصري وكذا السوري والعراقي الى ان قرابة الحواشي هي الرابطة ما بين اشخاص يجمعهم اصل مشترك دون ان يكون احدهم فرعا للاخر اي ان الحواشي هم غير الاصول والفروع سواء اكانوا من المحارم او من غير المحارم في حين ان مصطلح الفقه الاسلامي ان الحواشي هم الاقارب المحارم الذين ليسوا اصولا ولا فروعا فلا يعتبر منهم الاقارب غير المحارم كابن العم وابن الخال وقد رؤي ان يلتزم المشروع المصطلح الفقهي الاسلامي .
وهما تطابقان المادتين 34 و 35 مصري وتقابلان المادتين 36 و 37 سوري ومشروع اردني و 38 و 39 - 1 عراقي .
درجة القرابة المباشرة تحدد باعتبار كل فرع درجة دون حسبان الاصل , فالاب والام في الدرجة الاولى , وكذلك الابن والبنت , وابو الاب وام الاب وابو الام وام الام في الدرجة الثانية , وكذلك ابن الابن وبنت الابن وابن البنت وبنت البنت وهكذا .
اما درجة القرابة غير المباشرة بين شخصين فتحدد بعدد الفروع التي تصل كل شخص بالاصل المشترك مع حساب كل شخص منهما فرعا وعدم حساب الاصل المشترك , فالاخ في الدرجة الثانية وابن الاخ في الدرجة الثالثة وكذلك العم اما ابن العم ففي الدرجة الرابعة .
وهي تطابق المادة 36 مصري وتقابل 38 سوري ومشروع اردني و 39 - 2 عراقي .
اذا تحددت قرابة الشخص من اخر ودرجة هذه القرابة فان هذا الشخص يعتبر في نفس القرابة بالنسبة لزوج الشخص الاخر وهذا من طريق المصاهرة ويتبين من ذلك ان القرابة ( بما في ذلك المصاهرة ) اما ان تكون من جهة الاب او من جهة الام او من جهة الزوج .
وهي تطابق المادة 37 مصري و 39 سوري ومشروع اردني وعراقي .
نص القانون المدني المصري والتقنينات العربية التي اخذت عنه على ان يكون لكل شخص اسم ولقب , ولقب الشخص يلحق اولاده ( وعلى انه ينظم بتشريع خاص كيفية اكتساب الالقاب وتغييرها ) ولم يعرف في اولى مادتيه اللقب ولذلك احال في ثاني المادتين على قانون خاص , واللقب في اللغة هو الاسم المشعر بمدح او ذم وقد يتخذ الشخص لقبا لا يبين نسبة الى اسرة معينة ولا الى اب معين لذلك رؤي ان يسلك المشروع مسلكا اخر وذلك بان يوجب ان يذكر اسم الشخص ويزاد عليه اسم ابيه واسم الاسرة فباسم الاسرة يتميز ابناء كل اسرة عن ابناء الاسر الاخرى وباسم الاب يتميز اولاد الاعمام بعضهم عن بعض وباسم الشخص يتميز عن اخوته فان لم يكن للاسرة اسم خاص فيغني عن اسمها اسم الجد .
وهي تقابل المادتين 38 و 39 مصري و 40 و41 سوري ومشروع اردني و 40 عراقي .
الموطن هو المكان الذي يقيم فيه الشخص عادة , ومجرد الوجود او السكن في مكان لا يجعل منه موطنا ما لم تكن الاقامة مستقرة فيه , واذا كان المشروع قد جعل من الاقامة الفعلية اساسا للتصوير الذي اتبعه الا ان عنصر الاستقرار ضروري لتوافر معنى الموطن ولا يقصد بالاستقرار اتصال الاقامة دون انقطاع وانما يقصد استمرارها على وجه يتحقق معه شرط الاعتياد ولو تخللتها فترات غيبة متقاربة او متباعدة .
ويترتب على ذلك نتيجتان ( اولاهما ) ان الشخص قد لايكون له موطن ما , من هذا القبيل البدو الرحل الذين لا يقر لهم قرار في مكان معين ( والثانية ) انه يجوز ان يكون للشخص اكثر من موطن ويتحقق ذلك اذا كان الشخص يقيم اقامة معتادة في الريف واحدى المدن معا او كانت له زوجتان يقيم مع كل منهما في مكان منفصل عن مكان الاخرى والموطن هوالذي يوجه فيه الى الشخص كل اعلان او انذار او صحيفة دعوى او غير ذلك من الاوراق التي يكون لها اثر قانوني , وموطن المدين في المكان يسعى اليه الدائن لاستيفاء حقه .
وهذا التصوير هو تصوير الفقه الحنفي ففي البدائع ( ج/1 ص/103 - 104 ) ثم الموطن الاصلي يجوز ان يكون واحدا او اكثر من ذلك بان كان له اهل ودار في بلدتين او اكثر ولم يكن من نية اهله الخروج منها وان كان هو ينتقل من اهل الى اهل ( في السنة حتى انه لو خرج مسافرا من بلدة فيها اهله ودخل في اي بلدة من البلاد التي فيها اهله فيصير مقيما من غير نية الاقامة ) وجاء في المادة 20 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية ( في مصر ) ان الموطن الاصلي هو ( البد الذي يقطنه الشخص على وجه يعتبر مقيما فيه عادة ) ويتفرع على ذلك ان الزوجة المسلمة يجوز ان يكون لها موطن اخر مستقل عن موطن الزوجية اذ ليس للزوج ان يجبرها على الانتقال فيما يجاوز مسافة القصر سواء اكان الانتقال من مصر الى مصر او من مصر الى اية قرية او العكس ( م 208) من الاحكام الشرعية في الاحوال الشخصية غير ان المادة 33 من قانون حقوق العائلة الاردني رقم 92/1951 , تضمنت انه تجبر الزوجة بعد قبض المهر المعجل على الاقامة في مسكن زوجها الشرعي والانتقال معه الى اية جهة ارادها الزوج , واذا لم يكن ثمة مانع , وانه يعتبر مانعا قصد الاضرار والايذاء لها من ازوج , او ان يكون الزوج غير مامون عليها , وقد اخذ كل من القانون المدني المصري والسوري والعراقي والمشروع الاردني بفكرة امكان تعدد مكان الاقامة .
وكذا التقنين المدني الالماني بخلاف القانون الانجليزي والقانون الفرنسي فكلاهما يجعل لكل شخص موطنا ولا يجعل له اكثر من موطن واحد ( تراجع الاعمال التحضيرية للقانون المدني المصري , ج/1 ص/341 وما بعدها ) .
وعلى هذا يوجد الى جانب الموطن الذي يعينه الشخص باختياره من جراء اقامته المعتادة فيه ثلاثة انواع من الموطن .
اولا : موطن اعمال يكون مقصورا على ناحية معينة من نواحي نشاطه فالمكان الذي يباشر فيه الشخص تجارة او صناعة او حرفة يعتبر بالنسبة الى الغير موطنا له فيما يتعلق بادارة اعمال هذه التجارة او الصناعة او الحرفة وكذلك القاصر اذا بلغ خمس عشرة سنة ولم يمنع من مباشرة بعض اعمال الادارة يجوز ان يتخذ موطنا بالنسبة لهذه الاعمال دون غيرها يكون غير موطن وليه او وصيه , وفي ايراد النص على هذا النحو كل التيسير على المتعاملين فضلا عما فيه من مطابقة للواقع .
ثانيــا : موطن قانوني ينسبه القانون للشخص ولو لم يقم عادة كما هو الامر بالنسبة الى القاصر والمحجور عليه والمفقود فان القانون يجعل من موطن وليه او وصيه او القيم عليه او وكيله موطنا له . وفي هذه الحدود يحتفظ المشروع لفكرة الموطن بنصيب من طابعها الحكمي ورعاية لمصلحة القصر والمحجورين بوجه عام .
ثالثــا : موطن مختار يتخذه الشخص لتنفيذ عمل قانوني معين كما اذا اختار موطنا له مكتب محاميه وكما يختار الدائن المرتهن موطنا في دائرة محكمة العقار عند قيد الرهن وكما اذا اشترى شخص ارضا بعيدة عن موطنه فيتفق معه البائع على ان يكون له موطن قريب من الارض بالنسبة لهذا البيع , ولا يثبت هذا الاتفاق الا بالكتابة , ويكون الموطن في هذه الحالة مقصورا على الاعمال المتعلقة بتنفيذ البيع كاستيفاء اقساط الثمن ومطالبة المشتري بسائر التزاماته ومقاضاته بشان البيع واتخاذ اجراءات التنفيذ الجبري , وهذا ما لم يقصر الموطن المختار صراحة على بعض هذه الاعمال دون الاخرى وغني عن البيان ان فكرة الموطن المختار تتمشى مع التصوير الحكمي والتصوير الواقعي للموطن على حد سواء .
ويتبين مما تقدم ان الشخص قد يكون له موطنه المعتاد والى جانبه موطن لاعمال حرفته وموطن حكمي في حالة الحجر والغيبة وموطن مختار لعمل قانوني معين .
وهاتان المادتان تطابقان المادتين 40 و 41 مصري و 42 و43 سوري ومشروع اردني و 42 و 44 عراقي .
بمقتضى المادة 1616 من المجلة يكون الاولياء والاوصياء لفاقدي الاهلية مدعين او مدعى عليهم بالنيابة عنهم ولذلك يكون وطن هؤلاء هو وطن اولئك , وبما ان الذي بلغ خمس عشرة سنة يعتبر بالغا بمقتضى المادة 987 من المجلة ويصح منه بعض التصرفات فيعتبر موطنه الخاص بالنسبة لتلك التصرفات الجائزة منه , وهي تقابل المادة 42 مصري و 44 سوري ومشروع اردني و 43 عراقي .
بنيت هذه المادة على ان استعمال الناس وعرفهم حجة يجب العمل بها وتطبيقها بمقتضى المادة 37 من المجلة وان مصلحة الجمهور تقتضي العمل بذلك والتصرف على الرغبة منوط بالمصلحة بمقتضى المادة 58 من المجلة .
وهي تطابق المادة 43 مصري و 45 سوري ومشروع اردني وعراقي .
سن المشروع المبادئ الرئيسية في الاهلية باعتبار ان اهلية الاداء هي احدى خصائص الشخص الطبيعي , واقتصر على ان يشير في المواد التالية اشارة سريعة الى الادوار التي يمر بها الانسان , فهو الى السابعة فاقد التمييز فيكون معدوم الاهلية وهو من السابعة الى الخامسة عشرة ناقص التمييز فتكون له اهلية ناقصة .
فاذا ب لغ سن الرشد وهي ثماني عشرة سنة شمسية كاملة متمتعا بقواه العقلية استكمل التمييز فالاهلية , كل هذا اذا لم يصب بعاهة كالغفلة والسفه والعته والجنون فيفقد التمييز ويفقد معه الاهلية , ويتبين من ذلك ان الاهلية تتمشى مع التمييز , توجد بوجوده وتنعدم بانعدامه .
وهي تقابل المادة 44 مصري وتطابق المادة 46 سوري ومشروع اردني والفقرة الاولى من المادة 46 عراقي .
تتناول هاتان المادتان حكم من بلغ سن التمييز ولم يبلغ سن الرشد , ومن بلغ سن الرشد سفيها او ذا غفلة فقضتا بان كلا منهم يكون ناقص الاهلية وقد رؤي دفعا للبس ان تختتم المادة بعبارة ( وفقا لما يقرره القانون ) اذ بهذه العبارة لا يعتبر السفيه او ذو الغفلة من ناقصي الاهلية الا في الحالات وبالاجراءات التي يقررها القانون .
وهذه العبارة اوسع من القول بان ( كل من بلغ سن التمييز ولم يبلغ سن الرشد وكل من بلغ سن الرشد وحجر عليه لسفه او غفلة يكون ناقص الاهلية )) اذ من الاحوال ما قد تكون فيها تصرفات السفيه او ذى الغفلة قابلة للابطال او باطلة ولو قبل قرار الحجر فبالعبارة التي ختمت بها المادة لا يعتبر السفيه او ذو الغفلة من ناقصي الاهلية الا في الحالات وبالاجراءات التي يقررها القانون .
وهما تطابقان المادتين 45 و 46 مصري و 47 و 48 سوري ومشروع اردني . ?
بعد ان حدد المشروع الشخصية على النحو المتقدم وعين خصائصها تولى حمايتها الحماية الواجبة ضد نفس الشخص وضد الغير .
فقد حمى المشروع الشخص ضد نفسه بان حرم عليه ان ينزل عن اهلية الوجوب او اهلية الاداء فان قواعد هذين النوعين من الاهلية تعتبر من النظام العام لا تجوز مخالفتها او تعديلها , وكالاهلية الحرية الشخصية , فلا يجوز لشخص ان ينزل عن حريته ولا ان يقيدها الا بالقدر الذي يتعارض مع النظام العام والاداب , فليس له ان يلتزم التزاما ابديا ولا يقيد حريته في العمل كأن يتعهد بالا يباشر حرفة معينة طول حياته .
وحمى المشروع الشخص ضد الغير اذا تعدى على أي حق من الحقوق اللازمة للشخصية كالتعدي على حرية الشخص او سلامة جسمه او سمعته الادبية او حرمة موطنه فاذا وقع تعد من الغير على شئ من ذلك كان للشخص ان يطلب وقف هذا التعدي والتعويض عن الضرر , ويعتبر تعديا يستوجب الوقف والتعويض ان يتعدى الغير على اسم الشخص فينازعه في استعماله دون مبرر او ان ينتحل هذا الاسم على نحو يلحق الضرر بصاحبه و وقد يتحول الاسم الشخصي الى اسم تجاري له قيمة مالية وهذا ايضا يحميه القانون .
وهي تطابق المواد من 47- 51 مصري والمواد من 49- 53 سوري ومشروع اردني وتوافق المادة 41 والفقرة (2) من المادة 46 عراقي .
2. الاشخاص الحكمية (الاعتبارية) :
نظرة عامة :
ان التقنينات الحديثة تتضمن نصوصا عامة في شأن الاشخاص الاعتبارية وبوجه خاص في شأن الجمعيات والمؤسسات فهل الفقه الاسلامي يعرف الشخصية المعنوية
الظاهر من كلام الحنفية انه لا الذمة ولا اهلية الوجوب تثبتان عندهم لما لا حياة له كالمسجد والمدرسة والمستشفى والوقف وبيت المال وما الى ذلك من الجهات والمنشآت فلا تكون هذه اهلا لان تملك ولا ان تكون لها حقوق وعليها واجبات بل قد صرحوا احيانا فقالوا : ان الوقف لا ذمة له وبنوا على هذا النظر عدم صحة الهبة لهذه المنشآت كالمسجد والمستشفى بخلاف الوصية لها فقد اجازوها على انها وصية بالانفاق عليها فكانت من قبيل الايصاء بالصدقة لا من قبيل التمليك لها . ومثال ذلك ان يوصي انسان بهذا المال لينفق في عمارة هذا المسجد او في مصالح هذا المستشفى وهكذا ، ويعتبر ذلك كقيام شخص بالانفاق على مسجد او على مستشفى في حال حياته . ومرجع كل ذلك الى الاحتساب لله تعالى والتصدق لا الى تمليك المستشفى او المسجد شيئا ومن هذا قيل ان الحنفية لا يقولون بالشخصية المعنوية كشخصية الشركات والمنشآت والحكومات والمصالح وما اشبه ذلك .
ولكنا مع هذا نرى في كتبهم انهم كثيرا ما يقررون لهذه الجهات احكاما تقتضي ان لها حقوقا قبل الناس يقوم بطلبها من له الولاية او النظر عليها ، وان للناس حقوقا قبلها يطالبون بها من له الولاية عليها شأنها في ذلك شأن الصبي غير المميز وما في حكمه . فنرى او الولي عليها كثيرا ما يبيع لها كبيعه لثمرات الاعيان الموقوفة عليها ، وكثيرا ما يشتري لها كذلك كشرائه للبذور اللازمة لزراعة ارضها وادوات فلاحتها وقد يستدين لها فيكون الدين مطلوبا من نماء الاعيان الموقوفة عليها وقد ينفق عليها من ماله فيرجع في مالها وهكذا فالوقف مثلا يقوم الناظر عليه بتأجير اعيانه المعدة لذلك فاذا انتفع المستأجر اصبح مدينا بالاجرة لجهة الوقف لا للناظر ولا للمستحقين ، اما انه غير مدين للناظر فلانه لو عزل لم يكن له حق مطالبة المستأجر بما في ذمته من الاجرة وانما ينتقل حق المطالبة الى من حل محله ، ولو كان الدين له لبقي له حق المطالبة بعد عزله .
واما انه غير مدين للمستحقين فلانه لا يجوز لهم مطالبة المستأجر بها ، ولو كانت دينا لهم لطالبوا بها . وكذلك قد يحتاج الوقف الى عمارة فيحجز الناظر من غلاته ما يفي بالعمارة فما يحجزه ليس ملكا له ولا ملكا للمستحقين وانما هو من حق جهة الوقف ، وليس لذلك معنى الا انه مملوك لها . وبهذا يظهر ان الوقف تكون له حقوق يطالب بها الناظر عليه ، وكذلك قد يقوم الناظر بالانفاق من ماله في عمارة اعيان الوقف فيكون ما ينفقه حقا له قبل الوقف يرجع بها في غلته عند تحصيلها ، وقد يشتري له ما يحتاج اليه نسيئة باذن القاضي فيطالب الناظر بدفع الثمن من غلة الوقف ، واذا عزل صح ان يطالب بذلك بعد عزله من حل محله في النظر . واذا صح ايضا ان يطالب بذلك بعد عزله فذلك لانه كالوكيل ترجع حقوق العقد اليه فيدفع الثمن على ان يرجع به على من حل محله في النظر ولكن في مال الوقف ، وقد جاء في تنقيح الحامدية من باب الوقف عند اخره ( اذا اشترى القيم على المسجد واعيانه حصيرا له بالنسيئة ، ثم عزل واقيم مقامه آخر في النظر على ذلك ، كان لبائع الحصير مطالبة الناظر الجديد بثمنها) وكذلك نجد كثيرا من احكام بيت المال والمنشآت ما يظهر ان المرجع فيه الى مالها من حقوق يجب ان تصل اليها وما يطلب من حقوق تجب لغيرها قبلها والا فيكف يدار مستشفى مثلا وقفه مالكه ووقف على ادارته اعيانا اليس يحتاج في ادارته الى اطباء وصيادلة وممرضين ومستخدمين وكل هؤلاء يستحقون الاجر على اعمالهم قبل المستشفى واعيانه وان شئت قلت : في غلة تلك الاعيان ثم اليس يحتاج كذلك الى ان يشترى له كثيرا من الاثاث والادوات العقاقير الطبية ، فيكون لبائعها ان يطالب بثمنها ، وعندئذ لا يطالب الا الناظر باعتباره وليا على هذا المستشفى ومع كل هذا فقد يعالج في المستشفى كثير من الموسرين باجر فتستحق جهة المستشفى عليهم بذلك الاجر ويطالبون بادائه ويدفعونه لجهة المستشفى فيكون من امواله الا من اموال الناظر عليه ومثل ذلك كثير .
كل ذلك يقضي بثبوت الذمة لجهات لا حياة فيها .
ولعل ذلك ما دعا الشافعية والمالكية الى ان يجعلوا هذه الجهات اهلا للتملك فأثبتوا لها بذلك الذمة اذ لا يملك الا من كان له ذمة واهلية . ففي اسنى المطالب على روض الطالب للشيخ زكريا الانصاري الشافعي (2 : 365) ما نصه : (ولو كان للمسجد شقص من ارض مشتركة مملوكة له بشراء او هبة ليصرف في عمارته ثم باع شريكه نصيبه في تلك الارض فللقيم على المسجد ان يشفع ويأخذ حصة الشريك بالشفعة ان رأى ذلك مصلحة . كما لو كان لبيت المال شريك في ارض فباع شريكه نصيبه فيها فللامام الاخذ بالشفعة ان رأه مصلحة ومثل ذلك في نهاية المحتاج للرملي الشافعي .
وفي منح الجليل للشيخ عليش الماليك (4 : 114) (سئل ابن زرب عمن تصدق او وهب لمسجد بعينه ، هل يجبر على اخراجها وانفاذها (يريد الهبة او الصدقة) فقال : يجبر كمتصدق على رجل بعينه . وقال احمد وابن عبد الملك : يؤمر ولا يجبر يريد لان الانتفاع ليس للمسجد وانما هو لجماعة الناس ، فهي كصدقة على غير معين ) .
وفيه ايضا (3 : 584) وللسلطان باعتباره ناظر بيت المال ان يأخذ له بالشفعة اذا كان له شخص بسبب ميراث مثلا عندما يبيع الشرك) .
فالمسجد يشتري له فيكون مالكا وكذلك يوهب له فيكون مالكا ويؤخذ له بالشفعة فيملك بها ، وكذلك بيت المال وليس لهذا مرجع الا بثبوت الذمة لهما ولا مثالهما قياسا عليها .
(يراجع في ذلك وفي مناقشة الحنفية استاذنا الشيخ علي الخفيف ، احكام المعاملات الشرعية ، الطبعة الثالثة سنة 1947م صفحة 274 - 276) . هذا وقد نص الدستور الاردني على ان (للاردنيين الحق في تأليف الجمعيات والاحزاب السياسية على ان تكون غايتها مشروعة ووسائلها سليمة وذات نظم لا تخالف احكام الدستور ، وينظم القانون طريقة تأليف الجمعيات والاحزاب السياسية ومراقبة مواردها) (م 16 - 2 و 3 من الدستور) . كما نص على انه يحق للجماعات تأسيس مدارسها والقيام عليها لتعليم افرادها على ان تراعي الاحكام العامة المنصوص عليها في القانون وتخضع لرقابة الحكومة في برامجها وتوجيهها (م 19 من الدستور) . (وتراجع ايضا المادة 108 و 109 من الدستور) .
فالجمعيات قد اعترف بها وكذلك المؤسسات والحاجة تدعو الى تنظيم كل ، كي تقوم على قواعد مستقرة تكفل تحقيق الاغراض التي رصدت على خدمتها . وقد اقتصر المشروع على بيان الاشخاص الحكمية ، في المادة 50 ، وما يتمتع به الشخص الحكمي من حقوق في المادة 51 والنص في المادة 52 على ان الاشخاص الحكمية تخضع لاحكام القوانين الخاصة دون الدخول في تفصيلات احكام الجمعيات والمؤسسات ، اعتمادا على ذكرها في تلك القوانين .المذكرة الايضاحية :
عرض المشروع في هذه المادة لبيان الاشخاص الاعتبارية التي يعترف لها القانون الاردني بهذه الصفة , وقد رؤي ان هذا البيان ضروري لارشاد القضاء الى ضابط عام يحول بينه وبين لتوسع في الاعتراف بالشخصية الاعتبارية لجماعات لا تدخل في انواع الاشخاص التي ذكرها , مع ملاحظة ما التزمه المشروع من عموم في التعبير يجعله يتسع لجميع صور الاشخاص الاعتبارية القائمة الان في المملكة الاردنية وليس ما يمنع من تدخل المشرع فيما بعد الاعتراف بصور اخرى من صور الاشخاص المعنوية اذا اقتضت المصلحة ذلك. ولهذا ادرجت الفقرة رقم (6) من المادة 50 في عداد الاشخاص المعنوية كل مجموعة من الاشخاص او الاموال يمنحها القانون شخصية اعتبارية , وعلى هذا النحو لا يقصر النص على بيان ما يوجد من الاشخاص الاعتبارية في المملكة الاردنية في الوقت الحاضر و وانما يتناول ما قد يقضي التطور الى وجود في المستقبل .
على ان الاعتراف بالشخصية القانونية للهيئات ونحوها التي لا يتناولها النص بذاتها لابد فيه من نص خاص , وتستهل الفقرة الاولى بيان الاشخاص الاعتبارية العامة الخاضعة لقانون العام بذكر الدولة والبلديات بالشروط التي يحددها القانون وتضيف اليها المؤسسات العامة وغيرها من المنشآت التي يمنحها القانون شخصية قانونية .
وتتناول الفقرة الثانية الهيئات والطوائف الدينية التي تعترف لها الدولة بالشخصية الاعتبارية .
وتدخل الفقرة الثالثة الوقف بين الاشخاص الاعتبارية , وتذكر الفقرة الرابعة الشركات المدنية والتجارية ويدخل فيها الجمعيات التعاونية التي تتكون وفقا للقانون الخاص بها متى قصد منها الى تحصيل الربح , وتذكر الفقرة الخامسة الجمعيات والمؤسسات المنشأ وفقا للقانون وتضيف الفقرة السادسة نصا عاما يفتح الباب لادخال مجموعات منالاشخاص او الاموال تثبت لها الشخصية الاعتبارية بمقتضى نص ي القانون على ما تقدم .
وهي تطابق المادة 54 سوري ومشروع اردني وتقابل المادة 47 عراقي و 52 مصري .
عني المشروع في هذه المادة بابراز فكرة الشخص المعنوي بوصفها فكرة عامة لا تقتصر على حدود الشركات والجمعيات والمؤسسات بل يتناول اثرها نطاق القانون باسره يستوي في ذلك ما يكون منه خاصا او عاما , وقد رؤي ان خير تعريف للشخص المعنوي انما يكون بعرض خصائصه الذاتية وهي خصائص يستعان بها للتفريق بين مجموعات الاشخاص او الاموال التي توجد في حكم الواقع ونظيرها من المجموعات التي يعترف بها القانون بكيانها ويثبت لها صلاحية وجوب لها وعليها , في الحدود اللازمة لمباشرة نشاطها فيكون شانها في هذه الحدود شأن الاشخاص الطبيعيين .
وهي تطابق المادة 53 مصري والمادة 55 سوري ومشروع اردني وتقابل المادة 48 عراقي .
رؤي من المصلحة الاحالة في احكام وتفصيلات الاشخاص الحكمية على القوانين الخاصة بها .
وهي تقابل المواد 56 – 82 من المشروع الاردني والمواد من 50 – 60 عراقي .
وضع المشروع في هذه المواد اساس التفرقة بين الاشياء والاموال فبين ان الشيء غير المال ، فالشيء قد يكون مالا وقد لا يكون مالا . فاذا امكن حيازته والانتفاع به انتفاعا عاديا فهو مال ، سواء اكان محرزا ومنتفعا به فعلا ام غير محرز ولا منتفع به ، ولكن من الممكن ان يتحقق فيه ذلك كالمباح من الاشياء مثل الطير في الجو والصيد في الفلاة اذ من الممكن ان يحاز هذا وذاك وينتفع به . اما اذا لم تمكن حيازته وان انتفع به كروائح الاشياء او امكن حيازته دون امكان الانتفاع به انتفاعا عاديا كحبة من قمح فليس بمال . وعلى هذا فالخمر والخنزير والمنخنقة والموقوذة تعد اموالا لامكان حيازتها والانتفاع بها .
ولما كان الشيء قد يكون ماديا وقد يكون معنويا وقد كثرت الاشياء المعنوية وتمولها الناس وتعارف الناس ذلك تعارفا لم يعد مجال للشك فيه ولا لانكاره فقد حرص المشروع نزولا على ما جرى عليه العرف ، من اعتبار كثير من الاشياء المعنوية ، كالالحان والاسماء التجارية والعلامات التجارية اموالا بالنص على ان الحيازة قد تكون مادية وقد تكون معنوية ، فحيازة الاشياء المادية تكون بحيازتها ماديا ، وحيازة الاشياء المعنوية تكون بحيازتها معنويا ، وحيازتها معنويا تكون بصدورها عن صاحبها ونسبتها اليه ، فالعمل الادبي والفني والاسم التجاري والعلامة التجارية اشياء معنوية لا تكون حيازتها الا معنوية وذلك بصدورها عن صاحبها ونسبتها اليه ، وكما يحوز الشخص اسمه باطلاقه عليه كذلك يحوز لحنه ورسمه وفكرته بصدورها عنه ونسبتها اليه فتلك هي الوسيلة لحيازة الاشياء المعنوية ، وهي بخلاف حيازة نسخة من الكتاب او الاسطوانة فهذه شيء مادي وحيازتها مادية وهي بخلاف نفس الفكر الذي تضمنه الكتاب واللحن الذي حوته الاسطوانة .
كما حرص المشروع على ان يبين ان امكان الحيازة لا يكون فقط بحيازة الشيء نفسه وانما يكون ايضا بحيازة اصله وعلى هذا فالمنافع اموال لامكان حيازتها بحيازة اصلها فمن حاز دارا حاز منفعتها تبعا وهذا هو مذهب الشافعية والمالكية والحنابلة اما الحنفية فلم يعتبروا المنافع مالا لانها وان امكن الانتفاع بها لا يمكن حيازتها لانها اعراض تتجدد بتجدد اوقاتها . وقد استثنى الحنفية هذا الحكم الموقوف ومال اليتيم والاعيان المعدة للاستغلال ، والعين تعتبر معدة للاستغلال اذا اوجدها مالكها او تملكها لهذا الغرض كدار يبنيها ليؤجرها او سيارة يشتريها لذلك ، وكذلك تعتبر معدة للاستغلال اذا اجرها مالكها ثلاث سنين متوالية او اعلن في الناس انه قد اعدها للاستغلال ويبطل اعداد العين للاستغلال بموت مالكها وببيعه اياها كما يتبين من المادة 417 من المجلة وشرحها لعلي حيدر (وابن عابدين ، رد المحتار ج5 كتاب الاجارة طبعة الحلبي) ولا شك ان الاستثناء الذي اورده الحنفية هو نتيجة شعورهم بما في رأيهم من مجافاة ، لما يجب لليتيم وما في حكمه من اصلاح ولذلك اتجه المشروع الى الاخذ برأي الشافعية والمالكية والحنابلة من ان المنافع اموال ليعم الاصلاح جميع الناس ولم يات في كتاب الله ولا سنة رسوله بأن المنفعة ليست مالا . وقد اتسع بهذا الاعتبار التعريف فشمل الحق ان اريد به منفعة هي مال وبعبارة اخرى ان تعلق بمال كحق المستأجر في العين التي استأجرها وحق المرور وحق المسيل . اما اذا تعلق الحق بغير مال كحق الحضانة وحق الزوج في الاستمتاع بزوجته فليس بمال وهو ما ذهب اليه غير الحنفية . فالمشروع - توسعة على الناس - لم يذهب مذهب الحنفية في اعتبار الحقوق ليست مالا لعدم امكان حيازتها ايضا سواء اتعلقت بمال ام لم تتعلق بمال .
ويتبين مما تقدم ان الحيازة قد تكون مباشرة وقد تكون غير مباشرة والمباشرة تقع على الشيء نفسه وتكون مادية اذا كان الشيء ماديا وتكون معنوية اذا كان الشيء معنويا وغير المباشرة لا تقع على الشيء نفسه وانما تقع على اصل الشيء ، كحيازة المنفعة ، تكون بحيازة اصل المنفعة اي مصدرها .
ويلاحظ ان الفقهاء انفسهم اعتبروا الحيازة بيد شخص آخر كحيازة الوكيل والمودع .
يراجع ابن عابدين ، رد المحتار ، ج4 ص 3 والمادتان 125 و 126 من المجلة والمادة الاولى من مرشد الحيران .
وهي تقابل المواد 81 مصري و 83 سوري ومشروع اردني و 61 عراقي .
تبين هذه المادة المثلي والقيمي من الاموال فالمثلي هو المال الذي يقدر عادة بالوزن او بالكيل او بالعد فتتماثل اجزاؤه عندما يكون مكيلا او موزونا وآحاده عندما يكون معدودا مع ملاحظة وجوده كذلك في الاسواق فان لم يوجد في الاسواق فليس بمثلي وانما يعتبر قيميا حتى يوجد في الاسواق ولا تأثير لوجوده عند الناس في بيوتهم لاجل استهلاكهم .
والقيمي هو ما لا يقدر من الاموال بكيل ولا بوزن ولا عد او كان كذلك ولكن تتفاوت آحاده الى درجة تتغير معها قيمها .
ويلاحظ ان التماثل وعدم التماثل يختلف باختلاف الزمان والظروف فقديما كانت الاقمشة تعتبر قيمية لاختلافها في النسيج والخيوط اختلافا تتفاوت به قيمها نتيجة غزلها ونسجها بالايدي اما الان وقد اصبح كل ذلك بالآلات الميكانيكية التي لا تنتج الا متماثلا في جميع الصفات فالواجب الان عدها من المثليات كما يعد الان من المثليات كل ما توجده الصناعة الحاضرة من المصنوعات المتماثلة في المادة ، والصنعة والقدر والصفة كالنقود الذهبية والفضية والنحاسية والبرنزية واواني الطعام والشراب والورق والكتب المطبوعة والكراسات وغير ذلك من المتماثلات الموجودة في الاسواق لان التناظر هو التماثل المؤدي الى عدم الاختلاف في القيمة بين الاجزاء المتساوية في الوزن او في الكيل او بين الاحاد المتماثلة في الحجم مع الوجود في الاسواق وذلك كله متحقق في هذه الاشياء وفي كثير خلافها على اكمل وجه حتى انه يفوق في ذلك البر والشعير والتمر مما عده الفقهاء مثلها .
والنقود من المثليات ولكنها تمتاز عن غيرها من المثليات بانها تكون دائما اثمانا ومعايير لغيرها من الاموال فاذا كنت في عقد معاوضة كانت ثمنا ولا تتعين بالتعيين ولو اشير اليها بخلاف غيرها من المثليات فانها تتعين اذا اشير اليها او نص على مكانها . وقد ذهب المالكية الى ان النقد لا يتعين بالتعيين وان المعاملة تقع به على الذمم على الرغم من تعيين النقد عندها وانه اذا غصب غاصب دينارا معينا فله ان يعطي مالكه غيره وعللوا ذلك بأنه ليس في النقد خصوصيات تتعلق بها اغراض صحيحة للناس فسقط لذلك اعتبارها في نظر الشارع اذ لا يعتبر الا ما له غرض صحيح (القرافي ، الفروق وتهذيبها ج2 صفحة 133 و 151) وتظهر اهمية ذلك فيما يأتي :
1. المثلي يثبت دينا في الذمة اذا عين بأوصافه بخلاف القيمي فانه لا يثبت في الغالب دينا في الذمة ولكن يتعين بالاشارة اليه او ما يقوم مقامها فيصح القرض في المثليات ولا يصح في القيميات (الكاساني ، 7 : 395 ومادة 798 - 799 مرشد الحيران) .
2. المثلي يضمن عند التعدي بمثله لا بقيمته لوجود مثله . اما القيمي فيضمن بقيمته وهذا لان المقصود من الضمان الجبر والعوض . وذلك يكون على اتمه بأداء المثل لان فيه العوض عن التالف من ناحيتين : صورته وماليته ، فاذا انعدم المثل اكتفي بالقيمة لان فيها العوض عنه من اهم ناحيته وهي المالية . تراجع المواد 145 - 146 من المجلة و 399 من مرشد الحيران .
وهي تقابل المواد 85 مصري و 88 سوري ومشروع اردني و 64 عراقي .
عرض المشروع في هذه المادة لتقسيم الاشياء الى قابلة للاستهلاك وغير قابلة له .
والاشياء القابلة للاستهلاك هي التي تهلك بمجرد استعمالها مرة واحدة او بعبارة اخرى هي التي ينحصر استعمالها ، بحسب ما اعدت له ، في استهلاكها ، استهلاكا ماديا او قانونيا ، ويعتبر انفاق النقود وبيع العروض المعدة للبيع استهلاكا قانونيا لها .
وما عدا ذلك من اشياء فهو غير قابل للاستهلاك . والعبرة في ذلك بالاستعمال الذي اعد له الشيء فالثمار والنقود يكون الغرض منها عادة اكلها او انفاقها . ولكنها اذا اعدت للعرض في معرض او عدة معارض على التوالي تكون غير قابلة للاستهلاك .
ويلاحظ وجوب عدم الخلط بين الاشياء المثلية والاشياء القابلة للاستهلاك فليس كل مثلي قابلا للاستهلاك وليس كل قيمي غير قابل للاستهلاك فالنقود المعدة للعرض مثلية ولكنها غير قابلة للاستهلاك ، والتحف الفنية الاصلية قيمية ولكنها تعتبر قابلة للاستهلاك اذا اعدت للبيع .
ومما تظهر فيه فائدة هذا التقسيم وجوب ان يكون الشيء المستعار مما يمكن الانتفاع به دون استهلاكه فان لم يمكن لا تصح اعارته لان حكم العقد ثبت في المنفعة لا في العين ، وعلى هذا تخرج اعارة الدراهم والدنانير انها تكون قرضا لا اعارة لان الاعارة لما كانت تمليك المنفعة او اباحة المنفعة على اختلاف الاصلين ولا يمكن الانتفاع الا باستهلاكها ولا سبيل الى ذلك الا بالتصرف في العين لا في المنفعة ولا يمكن تصحيحها اعارة حقيقية فتصحح قرضا مجازا لوجود معنى الاعارة فيه حتى لو استعار حليا ليتجمل به صح لانه يمكن الانتفاع به من غير استهلاك بالتجمل فأمكن العمل بالحقيقة فلا ضرورة الى الحمل على المجاز وكذا اعارة كل ما لا يمكن الانتفاع به الا باستهلاكه كالميكلات والموزونات يكون قرضا لا اعارة لما ذكرنا ان محل حكم الاعارة المنفعة لا العين الا اذا كان ملحقا بالمنفعة عرفا وعادة فكان له حكم المنفعة (الكساني البدائع ج6 ص 214 - 215) , انظر المادة 774 من مرشد الحيران ونصها : (يشترط لصحة العارية قابلية المستعار للانتفاع به مع بقاء عينه) وفي القرض تكون العين من الاعيان المثلية التي تستهلك بالانتفاع بها وفي م 796 من مرشد الحيران .
وتطابق المادة 84 مصري و 87 سوري ومشروع اردني .
تتناول هاتان المادتان تقسيم الاشياء التي يصح ان تكون محلا لحقوق مالية الى اشياء ثابتة (عقارات) واشياء منقولة . ولم تتعرضا لتقسيم الاموال العامة من هذه الناحية بل تناولتها هذه المادة التالية :
وعرف النص العقار بانه كل شيء له مستقر ثابت بحيث لا يمكن نقله دون تغيير هيئته وينطبق ذلك على كل شيء حائز لصفة الاستقرار سواء اكان ذلك من اصل خلقته ام بصنع صانع . ولا يعتبر الشيء ذا مستقر ثابت الا اذا كان لا يمكن نقله وتحويله فالاكشاك التي يمكن حلها واقامتها في مكان اخر لا تعتبر اشياء ثابتة . وقد اشترط التقنين المصري في المادة 82 - 1 (وكذا السوري والعراقي والمشروع الاردني) ان لا يمكن نقلها بدون تلفها فاذا لم يمكن نقلها دون تلف فانها تعتبر ثابتة حتى لو كانت معدة لتبقى مدة قصيرة واشترط المشروع ان لا يترتب على نقلها وتحويلها تغيير هيئتها اخذا بالمذهب المالكي ففي هذا المذهب ، المنقول ما امكن نقله مع بقاء هيئته ، وغير ذلك العقار ، على خلاف المذهب الحنفي ففيه العقار ما لا يمكن نقله وتحويله عن مكانه والمنقول ما يمكن نقله وتحويله عن مكانه سواء ابقي مع ذلك التحويل على هيئته وصورته ام تغيرت به هيئته ام تغيرت به هيئته وصورته وفيه ايضا العقار هو الارض وحدها وغيرها منقول والشجر والبناء والقناطر الملتصقة بالارض منقول لامكان نقلها وان تغيرت صورتها اذ به يصبح البناء انقاضا والشجر اخشابا او احطابا والقناطر قضبانا . اما في المذهب المالكي الذي اخذ به المشروع فالارض وما اتصل بها من بناء وشجر عقار (الدسوقي على الدردير جزء (3 : 479) لان البناء والشجر لا يمكن نقلهما دون تغيير هيئتهما .
وقد اكتفي المشروع بتعريف الشيء الثابت واعتبار كل ما عداه منقولا وقد كان في وسعه ان يعرف كلا من العقار والمنقول تعريفا مباشرا ولكنه خشي ان يقصر كلا التعريفين عن شمول جميع الاشياء فاكتفى بتعريف العقار وترك تعريف المنقول يستنبط من طريق الاستبعاد . وكان في الوسع ان يعرف المشروع المنقول تعريفا مباشرا بانه ما امكن نقله مع بقاء هيئته وان يترك تعريف العقار يستنبط بطريق غير مباشر ولكنه اثر تعريف العقار نظرا لما للعقارات من الاعتبار خاص لا تزال اثاره باقية ، واذن فالعقار هو مالا يمكن نقله وتحويله من مكانه دون تغيير هيئته كالارض وما اتصل بها من بناء وشجر والمنقول ما يمكن نقله وتحويله عن مكانه مع بقاء هيئته وصورته كالحيوان والعروض والذهب والفضة والمكيلات والموزونات .
وفائدة هذا التقسيم تظهر في بيان احكام كل من المنقول والعقار عند ارادة تطبيقها وفيما يلي اهمها :
1. الشفعة : لا تثبت في المبيع الا اذا كان عقارا ، فلا شفعة في المنقول اذا بيع استقلالا .
2. اذا بيع العقار جاز لمشتريه ان يتصرف فيه ببيعه مثلا قبل ان يتسلمه من البائع عند الشيخين (ابي حنيفة وابي يوسف) واذا بيع المنقول لم يجز لمشتريه ان يبيعه قبل ان يتسلمه عند ائمتنا الثلاثة . (ابي حنيفة وابي يوسف ومحمد ابن الحسن) .
3. يجوز للوصي على الصغار ان يبيع منقولهم متى راى المصلحة في ذلك وليس له ان يبيع عقارهم الا اذا وجد لذلك مسوغ شرعي كبيعه لايفاء دين او لرغبة فيه بضعف قيمته او لزيادة نفقاته على غلاته او نحو ذلك مما هو مفصل في موضعه .
4. في حال بيع اموال المدين المحجور عليه بسبب الدين لاجل وفاء دينه ، يبدأ اولا ببيع المنقول ، فان لم يف ثمنه بالدين ببيع العقار لما في ذلك من مصلحة المدين .
5. لا يثبت حق ارتفاق على مال منقول . وانما يختص ذلك بالعقار .
6. العقار يصح وقفه عند الحنفية والمنقول لا يصح وقفه عندهم الا في احوال ثلاث :
أ . ان يرد بصحة وقفه اثر كما في وقف الخيل والسلاح .
ب. ان يجري العرف وقفه كما في وقف الكتب .
ج. ان يكون تابعا للعقار ، كأن يقف ضيعة بما فيها من اشجار ومبان وحيوان .
ومرجع ذلك عندهم الى ما للوقف من صفة الدوام ولاجلها اختص بالعقار لانه دائم بخلاف المنقول لانه غير دائم .
ومن العلماء من ذهب الى جواز وقف المنقول مطلقا وبرأيهم صدر قانون الوقف في مصر اذ نص في المادة الثامنة منه على جواز وقف العقار والمنقول على السواء .
- وقد رؤي في المشروع الاخذ بما نص عليه في الفقرة الثانية من المادة (82) من التقنين المصري (وما يقابلها في السوري والمشروع الاردني والعراقي) من استثناء المنقولات التي يضعها المالك في عقار يملكه رصدا على خدمة العقار او استغلاله فاعتبرها عقارات وهي المعروفة في الفقه بأنها العقارات بالتخصيص وقد اقتضى المشروع في ذلك التقنين المصري فلم يقصرها على الآلات اللازمة اي الضرورية للزراعة وللمصانع بل نص عليها في صيغة عامة تجعلها تشمل كل منقول يضعه مالكه في عقار مملوك له ويخصصه اما لخدمة العقار كالتماثيل التي توضع على قواعد مثبتة واما لاستغلاله كالآلات الزراعية والصناعية ومفروشات الفنادق والرفوف والخزائن والمقاعد المخصصة لاستغلال المحال التجارية ... الخ ولا يشترط ان يكون المنقول لازما اي ضروريا لخدمة العقار او استغلاله بل يكفي تخصيصه لهذه الخدمة او الاستغلال ولو لم تكن هناك ضرورة تقتضي ذلك .
اما اذا وضع المنقول لخدمة شخص مالكه لا لخدمة العقار فان ذلك لا يجعله عقارا بالتخصيص ولا يشترط ان يكون التخصيص بصفة دائمة فان ذلك لا يجعله عقارا بل يكفي الا يكون عارضا . ومتى انقطع التخصيص زالت عن المنقول صفة العقار .
ولم ير المشروع ان يجعل اثر الحاق صفة العقار بالتخصيص مقصورا على عدم جواز الحجز على المنقول الذي تلحق به هذه الصفة بل رأى ان تكون فكرة العقار بالتخصيص اكثر مرونة واوسع نطاقا من هذا حتى تظهر نتائجها في البيع والقسمة والوصية وغير ذلك ايضا . وقد رأت اللجنة الاخذ بالصيغة المشار اليها انسجاما مع المشروع الاردني وهو اقرب الى تعريف المجلة في المادتين (128 و 129) وشرحهما لعلي حيدر والمادتين (2 و 3) من مرشد الحيران .
وهاتان المادتان توافقان المادة (82) مصري و (84) سوري ومشروع اردني و (62 و 63) عراقي .
?تناولت هذه المادة الاموال العامة وقد اشترط فيها شرطان .
اولا : ان يكون المال ، عقارا كان او منقولا ، مملوكا للدولة او للاشخاص المعنوية العامة .
ثانيا : ان يكون هذا المال مخصصا لمنفعة عامة بالفعل او بمقتضى قانون او نظام فوضعت بذلك تعريفا عاما تعين بمقتضاه الاموال العامة . وقد اخذ المشروع في هذا التعريف بمعيار التخصيص لمنفعة عامة وهو المعيار الذي يأخذ به الرأي الراجح في الفقه والقضاء .
وقد بينت المادة حكم الاموال العامة هو خروجها عن التعامل ورتب على ذلك عدم جواز التصرف فيها او الحجز عليها او تملكها بالتقادم . ولكن ذلك لا يمنع الدولة او غيرها من الاشخاص المعنوية العامة من الترخيص اداريا لبعض الافراد باستعمال بعض الاموال العامة التابعة لها استعمالا محدودا بحسب ما تسمح به طبيعتها .
وقد اعتمد في حكم المادة بعد تعديلها على المادة 1675 من المجلة وشرحها لعلي حيدر وهي تقابل بالمادة 90 سوري ومشروع اردني و 87 مصري و 71 عراقي .
?هذه المادة تقرر المبدأ العام وهو ان من استعمل حقه استعمالا مشروعا (او جائزا) لم يضمن ما ينشأ عن هذا الاستعمال من ضرر وهذا المبدأ يجد سنده في القاعدة المقررة في الفقه الاسلامي من ان (الجواز الشرعي ينافي الضمان) (م 91 من المجلة) .
وهي تطابق المادة 6 عراقي وتقابل المادة 4 مصري و 3 سوري ومشروع اردني .
?هذه القاعدة مأخوذة من حديث شريف لفظه لا ضرر ولا ضرار وهو نص المادة (19) من المجلة وايضا فان معنى الضرر هو الاضرار واما الضرار فهو مقابلة الضرر بضرر مثله ، والضرر ظلم يجب ازالته وذلك بمقتضى المادة (20) من المجلة .
هذه المادة توافق المادة (33) من المجلة والمقصود منها ان اضطرار الانسان لاستعمال مال غيره او حقه لا يبطل حق ذلك الغير في مطالبته بالاجرة او التعويض كما يتبين في شرح المادة لعلي حيدر .
هذه المادة تقابل المادة 30 من المجلة والقصد منها انه اذا تعارضت مفسدة ومصلحة يقدم دفع المفسدة على المصلحة كأن الشارع اعتنى بالممنوعات اكثر من عنايته بالمأمورات ، انظر شرح المادة لعلي حيدر صفحة 37 جزء /1 .
هذه المادة اخذ حكمها من المادتين 26 و 27 من المجلة ولذلك يدفع الضرر العام بتحمل الضرر الخاص رعاية للمصلحة كما انه اذا وجد ضرران يزال الضرر الاشد بالضرر الاخف رعاية للمصلحة العامة ايضا ، انظر شرح المادتين لعلي حيدر في الصفحة 36 و 37 ج/1 .
تتناول هذه المادة حالة اساءة استعمال الحق وقد عرف فقهاء الاسلام هذه الحالة منذ القديم وشرعوا لها الاحكام ثم لحق بهم الغربيون نتيجة تطور في المشاعر والافكار التي اوحى بها التقدم الاجتماعي في الغرب ذلك ان فكرتهم الفردية القديمة التي برزت في نهاية القرن الثامن عشر قد تضاءلت امام فكرتهم الحديثة التي تهدف الى اعتبار الحق انما منح لخدمة الافراد تحقيقا لغرض اجتماعي فهو بذلك يمثل وظيفة اجتماعية حقة وبناء على هذه الفكرة قالوا انه اذا انحرف استعمال الحق عن مقصده كان ذلك موجبا للجزاء .
ومبدأ اساءة استعمال الحق ليس مقصورا على الحقوق الناشئة عن الالتزامات بل يمتد الى الحقوق العينية والى روابط الاحوال الشخصية والى القانون التجاري وقانون المرافعات بل يشمل القانون العام ايضا اذ يمكن القول بان هناك اساءة استعمال حق الحريات او حق الاجتماعات وهلم جرا ، لذلك كان حريا بالمشروع ان يحل النص الخاص باساءة استعمال الحق مكانا بارزا بين النصوص التمهيدية حتى ينبسط على جميع نواحي القانون بفروعه المختلفة ، ولا يكون مجرد تطبيق لفكرة العمل غير المشروع المحصورة في نظرية الحق الشخصي وقد اقرت الشريعة الاسلامية ذلك على انه بوصفها نظرية عامة وعني الفقه الاسلامي بصياغتها صياغة تضارع ان لم تفق في دقتها واحكامها احدث ما اسفرت عنه مذاهب المحدثين من فقهاء الغرب وازاء ذلك حرص المشروع على ان يأخذ بلب القواعد التي استقرت في الفقه الاسلامي في هذا المجال مثل (لا ضرر ولا ضرار) و (الضرر يزال) و (الضرر لا يزال بمثله) (والضرر الاشد يزال بالضرر الاخف) و (درء المفاسد اولى من جلب المنافع) .
وقد تفادى المشروع الصيغ العامة كالتعسف والاساءة بسبب غموضها وخلوها من الدقة واستمد من الفقه الاسلامي وما وضعه من قواعد تقدم بعضها الضوابط الثلاثة التي اشتمل عليها النص وتفصيل الضوابط على هذا النحو يهيىء للقاضي عناصر نافعة للاسترشاد .
واول هذه الضوابط هو استعمال الحق دون ان يقصد من ذلك سوى الاضرار بالغير وهو معيار ذاتي استقر الفقه الاسلامي (وكذا الفقه الغربي والقضاء) على الاخذ به وقد اخذ به التقنين الالماني في المادة (226) منه ، والجوهري في هذا الشأن هو توافر نية الاضرار ، ولو افضى استعمال الحق الى تحصيل منفعة لصاحبه ، ويراعى ان هذه النية تستخلص من انتفاء كل مصلحة من استعمال الحق استعمالا يلحق الضرر بالغير متى كان صاحب الحق على بينة من ذلك .
والضابط الثاني استعمال الحق ابتغاء تحقيق مصلحة قليلة الاهمية لا تتناسب البتة مع ما يصيب الغير من ضرر بسببها ، والمعيار في هذه الحالة مادي ولكنه كثيرا ما يتخذ قرينة على توافر نية الاضرار بالغير ، والفقه الاسلامي اساس هذا المعيار ومروره في ذلك الفقه والقضاء في مصر والدول الغربية على السواء .
والضابط الثالث استعمال الحق استعمالا يرمي الى تحقيق مصلحة غير مشروعة وتعبير المشروع في هذا المقام خير من نص بعض التقنينات على صرف الحق عن الوجهة التي شرع من اجلها ، ولا تكون المصلحة غير مشروعة اذا كان تحقيقها يخالف حكما من احكام القانون فحسب وانما يلحق بها هذا الوصف ايضا اذا كان تحقيقها يتعارض من النظام العام او الآداب . واذا كان المعيار في هذه الحالة ماديا في ظاهره فان النية كثيرا ما تكون هي النافية لصفة المشروعية عن المصلحة وابرز تطبيقات هذا المعيار يعرض بمناسبة اساءة الحكومة لسلطاتها كفصل الموظفين ارضاء لغرض شخصي او لشهوة حزبية .
ويلاحظ ان الحكم في هذه المادة انما يتعلق بالحق لا بالرخصة فالاساءة ترد على استعمال الحقوق وحدها ، اما الرخص فلا حاجة الى فكرة الاساءة في ترتيب مسئولية من يباشرها عن الضرر الذي يلحق الغير من جراء ذلك ، لان احكام المسئولية المدنية تتكفل بذلك على خير وجه . ويقصد بالحق في هذا الصدد كل مكنة تثبت لشخص من الاشخاص على سبيل التخصيص والافراد كحق الشخص في ملكية عين من الاعيان او حقه في اقتضاء دين من الديون ، او حقه في طلاق زوجته .اما ما عدا ذلك من المكنات التي يعترف بها القانون للناس كافة دون ان تكون محلا للاختصاص الحاجز فرخص واباحات كالحريات العامة وما اليها .
وعلى هذا النحو وضع المشرع قاعدة لمباشرة الحقوق استنادا الى ما استقر من المبادىء في الشريعة الاسلامية المتفقة مع ما انتهى اليه الفقه الحديث في نظرية اساءة استعمال الحق . وبذلك اتيح للمشروع ان يمكن للنزعة الاخلاقية والنزعات الاجتماعية الحديثه وان يساير التشريع والفقه في العصر الحاضر بأخذه بمبادىء الفقه الاسلامي . وهذه المادة تتعلق باساءة استعمال الحق ويراجع في ذلك شرح المادة (91) من المجلة لعلي حيدر والمادة تقابل المادة (5) مصري و (6) سوري ومشروع اردني و (8) عراقي .
?تراجع المادتان (125 و 126 ) من المجلة وشرحهما لعلي حيدر والمادتان ( 4 و 5 ) من مرشد الحيران وقد اوضحت هذه المواد تقسيم الحق الى شخصي او عيني او معنوي ويراجع في ذلك ايضا المذكرة الايضاحية للمواد ( 53 و 54 و 55 ) السابقة وتقابل المادة (70) من هذا المشروع المادة (85) من مشروع القانون المدني الاردني .
شرعت ادلة الاثبات لحماية الحقوق بصفة عامة فالحق يتجرد من قوته اذا لم يقم دليل على ثبوته ، ولذا يتعين اقامة الدليل على كل واقعة قانونية يدعى بها متى نوزع فيها او انكرها المدعى عليه وقد اختلفت التشريعات في وضع احكام الاثبات فالبعض ضمنها قانون المرافعات والبعض قمسها بين التقنين المدني وتقنين المرافعات وافرد له البعض تشريعا مستقلا ( التشريعات الاتجليزية والاميريكة ) وقد اخذ كل من التشريع المصري والسوري ثم المشروع الاردني بمبدا تخصيص مستقل لجميع احكام الاثبات ( القانون رقم 30 لسنة 1952 ) .
وقد ارتاى المشروع المقترح وهو يستند اساسا الى الشريعة الاسلامية تقنين القواعد الموضوعية في اثبات الحق بعد بيان مصادرة بوصفها قواعد كلية تتصل بموضوع الادلة التي يستند اليها الفقة الالسلامي وهي الادلة التي جرت المحاكم الاردنية على تطبيقها مع الاحتفاظ لقانون البينات ولقواعد الاثبات في قانون اصول المحاكمات الحقوقية بالنسبة للمحاكم النظامية ، وللاحكام الفقهية الاخرى ولقواعد الاثبات في قانون اصول المحاكمات الشرعية بالنسبة للمحاكم الشرعية بمكانها على الا تتعارض مع القواعد الواردة في هذا القانون .
وقد تضمن النص للمادة 72 ادلة الاثبات وانواعها وهي الكتابة والاقرار والشهود والقرائن واليمين والمعاينة والخبرة وهو نص يتفق والادلة الفقهية مع اضافة المعاينة والخبرة لاستكمال وسائل الاثبات طبقا لما ورد في جميع القوانين الحديثة .
وقد تناول المشروع المقترح المواد التي تضمنت قواعد كلية في الفقه وتتفق مع الاسس المتفق عليها في تاصيل الدليل الشرعي على ثبوت الحق او نفيه وذلك ببيان الاصل والظاهر وخلاف الظاهر والاقرار والبينة وتعديها وذلك لكي يشمل جميع القواعد التي يتطلبها اثبات الحقوق على الوجه المبين في كل قانون وتنص المادة (73) على ان الاصل براءة الذمة اي ان الاصل ان تكون ذمة كل شخص غير مشغولة بحق اخر لانه يولد وذمته بريئة ثم تشغل بالمعاملات التي يجريها كل فيما بعد وكل من يدعي خلاف هذا الاصل عليه ان يقدم الدليل على ما يدعيه وفي المادة (77) من المجلة ان البينة تطلب من كل من يدعي خلاف الاصل وهي قاعدة مصدرها كتاب الاشباه والنظائر لابن نجيم والذمة في اصطلاح علماء الاصول وصف يصور به الانسان اهلا لما له وما عليه ، والقول بان براءة الذمة اصل يقصد به ذات الانسان فاذا ترتب في ذمته حق للغير كان هو ذاته المدعى به وعلى من يدعي هذا الحق ان يثبته وعلى المدين به ان ينفيه قد تضمنت المادة (74) ان اليقين لا يزول بالشك وانما يزول بيقين مثله وهو نص ماخوذ من قاعدة ما ثبت بيقين لا يرتفع بالشك وما يثبت بيقين لا يرتفع الا بيقين والاصل بقاء ما كان على على ما كان الا اذا قام دليل على خلافه وبقاء الحال على حاله هو الاستصحاب اي استصحاب الماضي بالحال او الحال بالماضي وهو حجة دافعة لا مثبتة وقد قررت ذلك المادة (75 ) .
وقد نصت المادة (76) على ان الظاهر يصلح حجة للدفع لا للاستحقاق وهي ماخوذة من كتاب الاشباه والنظائر لابن نجيم صفحة ( 104 ) .
وقد تناولت المواد الاخرى احكام البينات فاوضحت المادة (77) ان البينة على من ادعى واليمين على من انكر وهو نص الحديث الشريف وجاء في شرح المجلة على النص جزء (1) صفحة (66) انه من المعلوم عقلا ان كمل خبر يحتمل الصدق والكذب فالادعاء المجرد لا يخرج عن كونه خبرا فاذا لم تدعمه بينة فلا مرجح لاحد الاحتمالين ، والحكم الشرعي انه متى اثبت المدعي استحقاقه للمدعى به استحقه واذا عجز المدعي عن اثبات حقه يحلف المدعى عليه المنكر اليمين .
ومن المقرر ان الاصل يؤيده ظاهر الحال فلا يحتاج لتأييد اخر وخلاف الظاهر يتأرجح بين الصدق والكذب فيحتاج الى مرجح وهي البينة ولذا نص في المادة (78) على ان البينة لاثبات خلاف الظاهر وخلاف الاصل كالموجود بالصفات العارضة واشتغال الذمة واضافة الحوادث الى ابعد اوقاتها . ومن امثلة ذلك اذا ادعى شخص انه باع مالا لاخر عندما كان صبيا ولما كان البيع غير نافذ فانه مطالب برده فأجاب المدعى عليه بانه كان بالغا عند اتمام البيع والبيع نافذ ولما كان البلوغ عارضا وهو خلاف الاصل تطلب البينة من مدعي البلوغ . كما يتبين من مراجعة المادة (77) من المجلة وشرحها لعلي حيدر . وتضمنت المادة (79) ان البينة حجة متعدية اي انها تتجاوز الى الغير اي غير المدعى عليه اما الاقرار فهو قاصر على من اقر وهو ملزم له ذلك لان حجة البينة القضاء من المحاكم وله الولاية العامة فلا تقتصر الحجة على المحكوم عليه وتتجاوز الى كل من له مساس بالدعوى اما الاقرار فهو يستند الى ادعاء المقر ومن ثم فهو مقصور عليه ولا يمس حق غيره .
ونصت المادة (80) على قاعدة عامة في الشهادة وهي رفضها اذا كان الغرض منها جر مغنم للشاهد او دفع مغرم عنه اذ يجب ان تنصب الشهادة على وقائع النزاع دون اقحام ما يتصل منها بشخص الشاهد ، وللمحكمة ان تستبعد من شهادته كل ما بعد عن وقائع النزاع كما ان اليمين متقبل ممن يؤديها تبرئة لنفسه لا الزاما لغيره كأداة الدين او وفاء الالتزام ايا ما كان نوعه كما ذكر في المادة (82) .
اما النص الخاص في المادة (81) بالاعتداد باشارات الاخرس المعهودة في الاخذ بشهادته او بيمينه فلا يعني اطراح دليل الكتابة اذا كان الاخرس يعرفها فهي اقوى في الايضاح عما يريد اما الاشارات فقد يتفاوت فهم مؤداها بين شخص واخر ما لم تكن معهودة من الاخرس بصفة يقينة في الافصاح عما يريد ان يدلي به ويتم تحقيق هذا اليقين من اقاربه او اصدقائه وجيرانه ويجب ان يكونوا عدولا استيفاء للثقة في شهادتهم .
وقد رؤي تغطية احكام اليمين بما ذكر في المادة (83) من المشروع وهي قاعدة عامة في الاثبات عملا بالمادة 1746 من المجلة والموافقة للمادة (54) من قانون البينات الاردني رقم 20 لسنة 1952.
وفي اداء الشهادة يقبل قول المترجم مطلقا والمترجم هو من ينقل لغة الى اخرى ويرى الشيخان قبول قول المترجم الواحد اما محمد فذهب الى انه يجب ان يكون عدد المترجمين لا يقل عن نصاب الشهادة الا ان قول الشيخين هو الراجح . (شرح المجلة جزء 1 صفحة 63 و64) على ان النص المقترح في المادة (84) يضمن قيدا هاما في اداء الترجمة باعتبارها صورة من صور الشهادة وهو ان يؤدي المترجم يمينا قبل قيامه بالترجمة على ان يقوم بعمله بأمانة وصدق وذلك تأكيدا للثقة في عمله ولم تقيد المادة اليمين بكونه امام القاضي ، لان المترجم قد يحلف اليمين امام غير القاضي كما هو واقع فعلا . اما المادة (85) فقد تضمنت حكما هاما من شأنه ان يؤكد للحكم الصادر حجيته فاذا وقع تناقض في الادلة فانها تبطل ولكن لو حكم القاضي قبل ان يتبين بطلانها فلا اثر لذلك في حكمه بل يظل الحكم قائما ولمن اصابه ضرر ان يرجع على من شهد او من قدم الدليل بالضمان . اما المادة (86) فقد تضمنت احالة على القوانين الخاصة حتى تشمل قانون احكام اصول المحاكمات الشرعية كما تشمل قانون اصول المحاكمات الحقوقية .
نطرة عامة على الاصل في العقود :
اختلف الفقهاء المسلمون في مسألة العقود ، هل الاصل فيها الاباحة او الخطر .
وقد عرض الخلاف ابن تيمية في فتاويه فقال : ان فروع هذه المسألة كثيرة جدا والذي يمكن ضبطه منها قولان :
احدهما : ان الاصل في العقود والشروط فيها ونحو ذلك الحظر الا ما ورد الشرع باجازته فهذا قول اهل الظاهر ، وكثير من اصول الحنفيه تنبني على هذا وكثير من اصول الشافعي واصول طائفة من اصحاب مالك واحمد فان احمد قد يعلل احيانا بطلان العقد بكونه لم يرد به اثر ولا قياس ، كما قاله في احدى الروايتين في وقف الانسان على نفسه ، كذلك طائفة من اصحابه قد يعللون فساد الشروط بأنها تخالف مقتضى العقد ويقولون ما خالف مقتضى العقد فهو باطل . اما اهل الظاهر فلم يصححوا لا عقدا ولا شرطا الا ما ثبت جوازه بنص او اجماع واذا لم يثبت جوازه ابطلوه واستصحبوا الحكم الذي قبله وطردوا ذلك طردا اجاريا ، ولكن خرجوا في كثير الى اقوال ينكرها عليهم غيرهم .
واما ابو حنيفة فأصوله تقتضي انه لا يصحح في العقود شرط يخالف مقتضاها المطلق وانما يصحح الشرط في المعقود عليه اذا كان العقد مما يمكن فسخه ... وانما صحح ابو حنيفة خيار الثلاث للاثر وهو عنده موضع استحسان .والشافعي يوافقه على ان كل شرط خالف مقتضى العقد فهو باطل لكنه يستثني مواضع الدليل الخاص فلا يجوز شرط الخيار اكثر من ثلاث ولا استثناء منفعة المبيع ونحو ذلك .
وطائفة من اصحاب احمد يوافقون الشافعي على معاني هذه الاصول لكنهم يستثنون اكثر مما يستثنيه الشافعي كالخيار اكثر من ثلاث ... وذلك ان نصوص احمد تقتضي انه جوز من الشروط في العقود اكثر مما جوزه الشافعي فقد يوافقونه في الاصل ويستثنون للمعارض اكثر مما استثنى ، كما قد يوافق هو ابا حنيفة ويستثني اكثر مما يستثني للمعارض .
وهؤلاء الفرق الثلاثة يخالفون اهل الظاهر ويتوسعون في الشروط اكثر منهم لقولهم بالقياس والمعاني وآثار الصحابة رضي الله عنهم ولما قد يفهمونه من معاني النصوص التي ينفردون بها عن اهل الظاهر ويتوسعون في الشروط اكثر منهم .
والقول الثاني : ان الاصل في العقود والشروط الجواز والصحة ولا يحرم ويبطل منها الا مادل على تحريمه وابطاله نص او قياس عند من يقول به . واصول احمد رضي الله عنه المنصوص عنها اكثرها تجري على هذا القول . ومالك قريب منه ، لكن احمد اكثر تصحيحا للشروط ، فليس في الفقهاء الاربعة اكثر تصحيحا للشروط منه . وعامة ما يصححه احمد من العقود والشروط فيها تنبيه بدليل خاص اثر او قياس ، لكنه لا يجعل حجة الاولين مانعا من الصحة ولا يعارض ذلك بكونه شرطا ليس من مقتضى العقد او لم يرد به نص وكأن قد بلغه في العقود والشروط من الاثار عن النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة ما لم يجده عند غيره من الائمة فقال بذلك وبما في معناه قياسا عليه ، وما اعتمده غيره في ابطال الشروط من نص فقد يضعفه او يضعف دلالته ، وكذلك قد يضعف ما اعتمده في قياس . وقد يعتمد طائفة من اصحاب احمد عمومات الكتاب والسنة التي سنذكرها في تصحيح الشروط كمسألة الخيار اكثر من ثلاث ...
وقال ابن تيمية ، هذا القول هو الصحيح بدلالة الكتاب والسنة والاجماع والاعتبار مع الاستصحاب والدليل النافي .
(ابن تيمية ، الفتاوى ، 3 : 323 وما بعدها . وابن القيم اعلام الموقعين ، 1 : 299 . وابن حزم ، الاحكام ، 5 : 6 وما بعدها وخصوصا 12 - 14 . والمحلي ج/9 : البند 1447 صفحة 403 - 423 وما بعدهما . وابن الهمام ، التحرير ، 4 : 68 . والغزالي ، المستصفي ، 1 : 93 ، والشاطبي الموافقات ، 1 : 190 وما بعدها ، 214 وما بعدها . والمغني والشرح الكبير ، 4 : 285 وما بعدها . والكاساني ، 5 : 176 . والحطاب علي خليل ، 3 : 446 . والمجموع للنووي ، 9 : 374) .
وقد نشأت على مر العصور عقود لم تكن موجودة من قبل وان كانت متفرعة من عقود معروفة ومن ذلك عقد الحكر وعقد الاجارتين في الاموال الموقوفة وكذا بيع الوفاء والمرابحة والتولية والوضيعة وهي انواع من انواع البيع وشركة التقبل وشركة الوجوه وهي صور من الشركة وعقد الاستجرار الذي هو من قبيل ما يسمى اليوم باسم (الحساب الجاري) .
ويؤيد القول بالاباحة والصحة ما (روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه قال (المسلمون عند شروطهم) وظاهرة يقتضي لزوم الوفاء بكل شرط الا ما خص بدليل لانه يقتضي ان يكون كل مسلم عند شرطه ، وانما يكون كذلك اذا لزمه الوفاء به .. وهذا لان الاصل ان تصرف الانسان يقع على الوجه الذي اوقعه اذا كان اهلا للتصرف والمحل قابلا وله ولاية عليه) (الكاساني ، 5 : 259) .
وعلى ذلك فما ذكره الفقهاء من العقود انما هي العقود التي غلبت في التعامل بين الناس في زمانهم فاذا جدت عقود اخرى توافرت فيها الشروط المقرة فقها ، كانت عقودا مشروعة . وعلى هذه السياسة جرى التقنين المدني العراقي الحالي فقد عقدت المادة (74) منه انواع العقود تبعا لمحلها كما وردت في نصوص مرشد الحيران ثم اعقب ذلك نص عام هو المادة (75) وعبارته :(يصح ان يرد العقد على اي شيء آخر لا يكون الالتزام به ممنوعا بالقانون او مخالفا للنظام العام او الآداب) .
وقد رؤي الاخذ في المشروع بأوسع المذاهب في هذا الصدد وهو المذهب الحنبلي توسعة على الناس في معاملاتهم واريد بيان هذا الاصل في وضوح تام بالمادة التالية :
المذكرة الايضاحية :
اعتمد في هذا التعريف على المادة (103) من المجلة وشرحها لعلي حيدر وما ورد في اول عقد البيع من رد المحتار جزء /4 صفحة 1-20 والمادة (262) من مرشد الحيران .
اريد في هذه المادة بيان ما يصح ان يرد العقد عليه ومنها يتبين ان العقد لا يرد فقط على الاعيان المادية بل يرد ايضا على الاموال المعنوية كحق الملكية الادبية والفنية والصناعية وقد تقدم انها مال ولا يرد على الاعيان فقط بل يرد على منافعها ايضا وقد تقدم انها مال وحرصا من المشروع على الا يفوت شيء رؤي – احتياطا النص على انه يصح ان يرد العقد على أي شيء آخر أي سواء أكان عينا ام منفعة ماديا ام معنويا ، لم يحرم التعامل فيه بنص في القانون او لمخالفته للنظام العام والاداب .
ولم ير المشروع حاجة لبيان ما جاء في مرشد الحيران وفي القانون المدني العراقي من تفصيل ان العقد يصح ان يرد على الاعيان منقولة كانت او عقارا لتمليكها بعوض بيعا او بغير عوض هبة ولحفظها وديعة كما ولاستهلاكها بالانتفاع بها قرضا ، وعلى منافع الاعيان للانتفاع بها بعوض اجارة او بغير عوض اعارة لان هذا يدخل في عموم العبارة ، كما رؤي عدم الحاجة الى افراد جواز ورود العقد على أي شيء آخر بمادة مستقلة كما فعل القانون العراقي في المادة (75) منه ويكفي جعلها فقرة اخيرة في نفس المادة وخصوصا بعد تقرير مبدأ حرية الارادة في انشاء العقود .
وقد رؤي في المشرع زيادة في البيان ذكر ان الاعيان التي يصح ان يرد العقد عليها قد تكون مادية وقد تكون معنوية ابرازا لجواز وروده على الحقوق المعنوية وهو ما خلا منه القانون العراقي اكتفاء بنص المادة 75 منه التي اجازت ان يرد العقد على أي شيء آخر لا يكون الالتزام به ممنوعا بالقانون او مخالفا للنظام العام او للاداب . ويعتمد ايضا في هذه المادة على المواد من 263-266 من مرشد الحيران ولا مقابل لها في القوانين المصرية والسورية والمشروع الاردني .
اريد بهذا النص تقرير المبدأ الاساسي الذي يقضي بان القواعد المتعلقة بالعقود بوجه عام تسري على العقود المسماة كالبيع والاجارة والشركة وغني عن البيان ان بعض الاحكام الخاصة بهذه العقود قد ينطوي على استثناء من القواعد العامة ولكن الاصل هو تطبيق القواعد العامة على العقود جميعا دون تفريق بين العقود المسماة وغير المسماة ، ما لم يرد نص خاص بشان المستثنى . وقد اعتمد في ذلك على ما ورد في البدائع جزء / 5 صفحة 259 و 282 ولا مقابل لها في القانون السوري والمشروع الاردني .
?الفرع الاول
1. انعقاد العقد
نظرة عامة :
التعبير عن الارادة : ترتكز نظرية العمل القانوني في هذا المشروع على الارادة الظاهرة اي على التعبير عن الارادة لا على الارادة الباطنة فالعقد لا يتم بمجرد توافق الارادتين ولكن عند تبادل التعبير عن ارادتين متطابقتين ثم تناول المشروع صيغ التعبير عن الارادة وهو على اية حال لا يشترط فيه شكل خاص ما لم يقرر القانون اوضاعا معينة لانعقاد العقد .
ثم تكلم على خيار الموجب في الرجوع عن الايجاب وخيار الموجه اليه الايجاب في القبول او الرفض وخيار المجلس وعلى تكرار الايجاب والتزام بايجابه اذا حدد ميعادا للقبول .
الايجاب والقبول : يتم العقد بالايجاب والقبول ولابد ان يكونا متطابقين على انه في حالة الاتفاق على المسائل الجوهرية فان العقد يتم ويتولى القاضي امر البت في المسائل التفصيلية التي ارجىء الاتفاق عليها . وهذا من شأنه ان يوسع من سلطة القاضي ، فلا تكون مهمته مقصورة على تفسير ارادة المتعاقدين ، بل هو قد يستكمل ما نقص منها ، وفيما بين الغائبين سلك المشروع مسلك الفقه الحنفي الذي يجعل العقد يتم بمجرد القبول ، وعرض لحكم التعاقد بالتليفون ، اما القبول فقد عرض المشروع لبعض صوره فاعتبر السكوت قبولا في بعض الفروض وعلق القبول في العقد الذي يتم من طريق المزايدة على رسو المزاد واخيرا عرض المشروع لعقد الاذعان حيث يكون القبول مقصورا على مجرد التسليم بشروط مقررة يضعها الموجب ولا يقبل مناقشة فيها ، وبهذا النص يكون المشروع قد اعتبر تسليم العاقد ضربا من ضروب القبول ، ومع ذلك فقد وضع المشروع قاعدة خاصة لتفسير هذه العقود افرد لها نصا خاصا روعي فيه ما هو ملحوظ في اذعان العاقد من معنى التسليم كما خول القاضي تعديله .
حالات خاصة في ابرام العقود : وضع المشروع احكاما للوعد بالتعاقد وجعله صحيحا متى تعينت المسائل الاساسية في التعاقد والمدة التي يتم فيها وللقاضي ان يصدر حكما يقوم مقام العقد الموعود به عند عدم الوفاء بالوعد واذا كان هناك عربون قد دفع عند ابرام العقد فانه يكون لاحد الطرفين ان يستقل بنقض العقد الا اذا اتفق على الا يكون له خيار العدول .
نظرية النيابة : رسم المشروع القواعد الاساسية لنظرية عامة في النيابة في التعاقد اخذا من الفقه الاسلامي وقد رؤي الاكتفاء في هذا الشأن بايراد نصوص يتسع عمومها لضروب النيابة جميعا ، اتفاقية كانت او قانونية ، اما القواعد الخاصة بالنيابة الاتفاقية وحدها فقد وردت بصدد عقد الوكالة وقد اختص المشروع هذا العقد بطائفة من القواعد لها دون شك منزلتها من النظرية العامة في النيابة ولكنه آثر ان يجمعها في صعيد واحد تجنبا من التكرار . وعلى ذلك اقتصر الامر في الاحكام العامة على بيان آثار النيابة على وجه الاجمال وايراده القاعدة الخاصة بتعاقد الشخص مع نفسه ويكمل هذه الاحكام ما ورد في عقد الوكالة من نصوص .
ويراعى ان الاحكام الخاصة بالنيابة في التعاقد التي تضمنها المشروع اقتباسا من الفقه الاسلامي مع عدم التقيد بمذهب معين تضاهي ان لم تفق اكثر التقنينات تقدما . (يراجع في بيان ذلك : السنهوري ، مصادر الحق ج/5 ص 196 - 312 وخصوصا صفحة 306 - 312) .
المذكرة الايضاحية :
يعرف الفقهاء العقد بانه ( ارتباط الايجاب بالقبول على وجه يثبت اثره في المعقود عليه ) والانعقاد بانه ( تعلق كلام احد العاقدين بالاخر شرعا على وجه يظهر اثره في المحل ) ( البابرتي ، العناية من اول كتاب البيع ج/6 ص 247 . والمادة 262 من مرشد الحيران و 103 -104 و 167 من المجلة وشرحها لعلي حيدر ).
وقد تجنب المشروع ايراد تعريف للعقد واكتفى ببيان متى ينعقد العقد فذلك هو الذي يهم المشرع والقاضي اما التعريف فمن وظيفة الفقه فنص على ان العقد ينعقد بمجرد ارتباط الايجاب بالقبول وطبيعي ان الارتباط المقصود هنا هو الارتباط الذي يتم وفق ما امر به الشارع أي الذي تتوافر فيه الشروط التي يشترطها الشارع .
وقد اضاف المشروع الى تعريف الفقهاء ( مع مراعاة ما يقرره القانون فوق ذلك من اوضاع معينة لانعقاد العقد ) نزولا على ما قد يقرره القانون في بعض العقود من اشتراط القبض او اشتراط التسجيل لانعقاد العقد ومع ان العقد ليس الا ارتباط الايجاب بالقبول على وجه شرعي أي ليس غيره فقد اثر المشروع ان يكون النص على ما هو عليه نزولا على الاعتبارات العملية اذ الذي يهم المتعاملين والقاضي هو متى ينعقد العقد بصرف النظر عما اذا كان العقد هو نفس الايجاب والقبول او اثرهما .
وظاهر من تعريف الفقهاء ايثار مذهب الارادة الظاهرة على الباطنة فالعقد ينعقد بالايجاب والقبول أي بالارادة المعلنة من الطرفين بموافقتهما على العقد وليس بنفس الارادتين .
ويلاحظ ان المقصود بالعقد هو الذي يتوافر فيه ايجاب وقبول لا ايجاب فقط أي الذي تتوافر فيه ارادتان لا ارادة واحدة مع انه قد يطلق على لسان الفقهاء مقصودا به الاثنان معا : ما يتم بايجاب وقبول وما يتم بايجاب فقط اي ما يتم بارادتين كالبيع وما يتم بارادة واحدة كالطلاق فللعقد معنى عام يتناول ما يتم بارادتين وما يتم بارادة واحدة ومعنى خاص مقصور على ما يتم بايجاب وقبول فقط والعقد بمعناه العام المتقدم اضيق من ( التصرف ) اذ التصرف قد يكون قوليا يتم بارادتين او بارادة واحدة وقد يكون فعليا كالغصب والاتلاف .
وتقابل المادة 73 عراقي و 89 مصري و 92 سوري ومشروع اردني .
اخذ المشروع بما قال به جمهور الفقهاء من ان الاساس في صيغة العقد ان تكون دالة في عرف المتعاقدين على ارادتيهما انشاء العقد دلالة بينة غير محتملة لمعنى اخر كالمساومة او العدة او ما اشبه ذلك ، يستوي بعد ذلك ان تكون باللفظ او بالكتابة او بالاشارة او بالفعل فقد قال مالك ان البيع يقع بما يعتقده الناس بيعا وقال احمد بن حنبل ان البيع ما يعده الناس في عرفهم بيعا ، وكالبيع غيره في هذا الصدد.
وفي هذه المادة تناول المشروع حالة التعبير عن الايجاب والقبول باللفظ فقرر بان المرجع في ذلك هو العرف فاي لفظ جرى به العرف لانشاء العقد يصح للتعبير عن الايجاب او القبول ، سواء اكان بلغه عربية ام بلغة اخرى يفهمها المتعاقدان ، لا يشترط في ذلك لفظ معين ولا تركيب خاص . وياخذ المشروع براي الحنفية في التسوية في ذلك بين العقود جميعها حتى عقد الزواج مخالفا ما ذهب اليه بعض الحنابلة والمالكية والشافعية من استثناء عقد الزواج واشتراط ان يستعمل العاقدان فيه لفظي نكحت وزوجت وما اشتق من مادتهما اذا كانا يحسنان العربية لان الشارع لم يستعمل هذين اللفظين في عقد النكاح ( او الزواج) الا لافادتهما المعنى المطلوب . فاي لفظ يدل على معناهما يغني عنهما ولذا لم يقيد بهما اتفاقا من لا يعرف العربية .
ونص على ان ما يصدر اولا فهو الايجاب وما يصدر ثانيا فهو القبول اخذا براي الحنفية مخالفا راي المالكية والحنابلة من ان الايجاب ما صدر من المملك وان تأخر والقبول ما صدر من المتملك وان تقدم .
وقضت الفقرة الثانية بان العقد ينعقد بصيغة الماضي مطلقا لان هذه الصيغة تدل على انشاء العقد وتحققه فعلا اذ هذه الصيغة وان كانت للماضي وضعا لكنها جعلت ايجابا للحال في عرف اهل الفقه والشرع ، والعرف قاض على الوضع . اما صيغة الحال فهي وان كان الصحيح انها للحال الا انه يحتاج الى النية لانه غلب استعمال هذه الصيغة للمستقبل اما حقيقة او مجازا فوقعت الحاجة الى التعيين فاذا وجدت نية العقد وانتفت ارادة المساومة والوعد والاستفهام ينعقد بها العقد .
وفي صيغة الامر اخذ المشروع براي مالك والشافعي ورواية عن احمد انه ينعقد بها العقد متى دل فعل على ارادة العاقد به انشاء العقد دلالة ليست محلا لاحتمال الشك في عرف المتعاقدين وطرق مخاطبتهم ولم ياخذ براي الحنفية من انه ينعقد بها العقد .
وبذا تستوي صيغة الحال وصيغة الامر في انه ينعقد بهما العقد اذا توافرت النية اما الماضي فلا يحتاج الى البحث عن النية لانها بطبيعة وضعها في عرف اللغة والشرع لفظ يتمحض للحال .
( يراجع في ذلك عند الحنفية : الكاساني ، 5: 133 - 134 ، وابن الهمام 5: 74-75 والهندية 3-4 والزيلعي ،4:4 وعند المالكية : المدونه الكبرى 51:10 والحطاب علي خليل 4: 229 -230و 232 والدسوقي علي الدردير 3:3 -4 وعند الشافعية : الشيرازي ، المهذب 1 : 257 وعند الحنابلة : ابن قدامة المغني 4: 3-4 والشعراني 2: 72 -73 ).
وقد اعتمد في هذه المادة على المواد 168- 170 و 172 من المجلة و 345 من مرشد الحيران وهي تقابل المادة 77 عراقي وليس لها مقابل في المشروع الاردني .
?القانون الحديث يجيز الوعد بالبيع وبالشراء وفي جوازه فوائد عملية لا تخفى فهناك ظروف تحمل الموعود له بالبيع مثلا ان يقف البت في الشراء حتى يتبين امره وهو في الوقت ذاته لا يامن ان يعدل الطرف الاخر عن الصفقة اذا لم يستوثق منه بوعد يقيده. ففي مثل هذه الحالة لا سبيل للموعود له على الواعد الا ان يتقيد هذا الاخير بوعد يصدر منه يلزمه بانفاذ البيع في المستقبل اذا اظهر الموعود له رغبته في الشراء والوعد بالبيع في هذا الفرض يكون عقدا ملزما لجانب واحد هو الواعد ولا يلتزم الموعود له بشيء ما بل ليس عليه ان ياتي باي عمل ايجابي لينقضي اثر العقد اذا لم ير الشراء كما يجب ان يفعل في بيع التجربة وفي البيع بخيار الشرط وفي البيع على سوم النظر .
فالقانون الحديث يجيز اذن وضعا تقتضيه ضرورات التعامل وهذا الوضع لا تجيزه المجلة ومرشد الحيران كما يتبين ذلك من الرجوع الى نصوص المجلة ومرشد الحيران . وبالرجوع الى المذاهب الاخرى يتبين ان الجمهور ( ومنهم الحنيفة واهل الظاهر ) على ان الوفاء الوعد غير لازم قضاء فليس للموعود مطالبة الواعد قضاء بالوفاء به . وقال ابن شبرمة الوعد كلة لازم ويقضي به على الواعد ويجبر .
وفي المذهب المالكي : الوفاء بالعدة مطلوب بلا خلاف ولكن هل يجب القضاء بها : اختلف على اربعة اقوال : فقيل ، يقضى بها مطلقا ، وقيل : لا يقضى بها مطلقا ، وقيل يقضي بها ان كانت على سبب وان لم يدخل الموعود بسبب العدة في شيئ كقولك : اريد ان اتزوج او ان اشتري كذا كذا ( فقال : نعم ثم بدا له قبل يتزوج او ان يشتري فان ذلك يلزمه ويقضي عليه به ، فان لم لم يترك الامر الذي وعدك عليه وكذا لو لم تسأله وقال لك هو من نفسه ( انا اسلفك كذا او اهب لك كذا لتقضي دينك او لتتزوج ) او نحو ذلك فان ذلك يلزمه ويقضي به عليه . اما ان كانت على غير سبب فلا ، كما اذا قلت ، اسلفني كذا ، ولم تذكر سببا او ( اعرني دابتك او بقرك ) ولم تذكر سفرا ولا حاجة ، فقال : نعم ( ثم بدا له او قال هو من نفسه ) انا اسلفك كذا او ( اهب لك كذا ) ولم يذكر سببا ثم بدا له . والرابع يقضى به ان كانت على سبب وداخل الموعود بسبب العدة في شيئ - وهذا هو المشهور من الاقوال ( ابن حزم، المحلى 8: 277 والحطاب ، الالتزامات فتاوى عليش ، 1: 212 وما بعدها. واحمد ابراهيم العقود والشروط والخيارات مجلة القانون والاقتصاد السنة الرابعة صفحة 646- 647 . والتزام التبرعات السنة الثالثة ، العدد الاول صفحة 66 وما بعدها ، وعلي الخفيف التصرفات الانفرادية صفحة 194 -198) .
وقد رؤي الاخذ بقول من ذهب الى ان الوعد ملزم توسعة على الناس في المعاملات .
وهي تطابق المادة (78) من القانون العراقي وتخالف المادة (171) من المجلة .
تناولت هذه المادة طرق التعبير الاخرى عن الارادة غير اللفظ فيجوز ان يكون الايجاب او القبول او هما معا بالمكاتبة بشرط ان تكون مستبينة كالكتابة على الورق اما ان كانت غير مستبينة كالكتابة في الهواء او على الماء فلا اعتداد بها والمستبينة هي التي تبقى صورتها بعد الانتهاء منها .
وكذا الاشارة عند المالكية يستوي ذلك عندهم الاخرس وغير الاخرس ( الحطاب 4: 229 ) وقد صرح المالكية بان العقد ينعقد بما يدل على الرضا عرفا سواء دل عليه لغة او لم يدل كالقول والكتابة ، والاشارة والمعاطاة ولم تتقيد الاشارة بان تكون من الاخرس ( الدسوقي على الشرح الكبير 3:3 والصاوي على الشرح الصغير 2: 3) على خلاف الخنفية فعندهم الاشارة لا تعني اذا كان العاقد قادرا على الكلام ، فان كان اخرس فيجوز ان يتعاقد باشارته المفهومة سواء اكان خرسه اصليا منذ الميلاد او كان عارضا ودام حتى وقع اليأس من كلامه ( الكاساني 5: 135 ) وسواء كان قادرا على الكتابة ام غير قادر على الكتابة ( ابن نجيم الاشياء والنظائر صفحة 188).
وكذا المبادلة الفعلية الدالة على التراضي ينعقد بها العقد عند الحنيفة ( الكاساني 5: 134).
والمالكية ( الحطاب 4: 228 والدردير الشرح الكبير 3:3 والحنابلة ( المغني 4:4 ) على خلاف الشافعية ( الشيرازى 1: 257).
وكذا يكون الايجاب او القبول باتخاذ اي مسلك اخر يدل على الرضا وهو ما يستنتج من كتب الفقه الاسلامي ( السرخسي 12 : 150 والكاساني 5: 270 والزيلعي 4: 4 وابن عابدين 4: 9 والحطاب 4: 228 والمغني 4:4 وعلي الخفيف احكام المعاملات الشرعية صفحة 225- 226 ).
وقد رؤي ان المادة في عجزها الاخير تغني عن ايراد نص الفقرة الاخيرة من المادة 90 مصري والمادة 93 من المشروع الاردني ، وهو ( يجوز ان يكون التعبير عن الارادة ضمنيا اذا لم ينص القانون او يتفق الطرفان على ان يكون صريحا ) وعن ايراد مثل ما نص عليه في المجلة (م 178) من انه ( تكفي موافقة القبول للايجاب ضمنا ).
وقد اعتمد ايضا على المواد 168 و 173 و 175 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والمواد من 345- 347 من مرشد الحيران والمبسوط 12 : 108 - 109 والبدائع 5: 133 - 135 وبداية المجتهد 2: 141 والمغني 4: 4 -5 والزرقاني 5: 4 فيما يتعلق بقبول الاشارة من الاخرس وهي توافق المادة 79 من القانون العراقي .
بعد ان بين المشروع في المادة السابقة ما يكون ايجابا او قبولا انتقل الى تطبيق من تطبيقات الحكم الوارد فيها في المادة التي نحن بصددها الان فنص في الفقرة الاولى منها على ان عرض البضائع مع بيان ثمنها يعتبر ايجابا نهائيا اما النشر والاعلان وبيان الاسعار الجاري التعامل بها وكل بيان اخر متعلق بعروض او بطلبات موجهة للجمهور او للافراد فعند الشك لا يعتبر ايجابا وانما يكون دعوة الى التفاوض ويخلص من ذلك انه اذا لم يكن هناك شك من الملابسات ان المقصود هو ايجاب كان ايجابا . وقد اعتمد على النباني : خاشية على الزرقاني ج/ 5 ص /5 - 6 وهي تطابق المادة 80 عراقي .
السكوت مظهر سلبي محض للتعبير عن الارادة فالساكت لا يعبر بطريق ايجابي عن اية ارادة لذلك قيل ( لا ينسب الى ساكت قول ) ( م67 من المجلة ) ويصدق هذا في العقد على الايجاب اذ الايجاب لا يمكن استخلاصه من محض السكوت اما القبول فيجوز استخلاصه من الظروف الملابسة ولذلك اكملت العبارة السابقة بعبارة ( ولكن السكوت في معرض الحاجة بيان ( المادة 67 من المجلة ) وقد اورد ابن نجيم في الاشباه والنظائر صفحة (78) والسيوطي في الاشباه والنظائر صفحة ( 97 - 98) القاعدة السالفة وما يرد عليها من استثناءات .
وقد رؤي في المشروع الاخذ استنادا الى ما يستخلص من عبارات ابن نجيم والسيوطي بما اخذ به التقنين العراقي من اعتبار السكوت قبولا اذا اقترانت به ملابسات تجعل دلالته تنصرف الى الرضا وخصوصا في الحالتين الاتيتين :
اولا : اذا كان هناك تعامل سابق بين المتعاقدين واتصل الايجاب بهذا التعامل.
ويدخل في ذلك سكوت المالك عند قبض الموهوب له او المتصدق عليه وسكوت احد المتبايعين في بيع التلجئة وسكوت المشتري بالخيار حين راى العبد يبيع ويشتري وسكوت البائع الذي له حق حبس المبيع حين راى المشتري قبض المبيع وسكوت الراهن عند قبض المرتهن العين المرهونة .
ثاينا : اذا تمحض الايجاب لمنفعة من وجه اليه . ويدخل في ذلك سكوت المتصدق عليه وسكوت المفوض وسكوت الوقوف عليه .
ويمكن ان يكون من هذا القبيل سكوت المشتري بعد ان تسلم البضائع التي اشتراها فيعتبر قبولا لما في قائمة الثمن من شروط وذلك متى كان قد اطلع على هذه القائمة عند التسليم ( تراجع المذكرة الايضاحية للمادة 98 من القانون المدني المصري وكانت 142 من المشروع التمهيدي و 100 من المشروع النهائي مجموعة الاعمال التحضيرية ج/2 صفحة 60 -64 ، والملابس هنا فرع ملابس اعم ، هو ان يكون في وضع بحيث لو لم يكون راضيا لما سكت عن التصريح بالرفض فيعتبر سكوته رضا .
ويدخل في ذلك سكوت البكر عند الزواج فهي تتحرج من اظهار الرضاء لا من التصريح بالرفض بخلاف الثيب فهي لا تتحرج في الحالتين ويدخل في ذلك ايضا سكوت الشفيع حين علم بالبيع ودلالة السكوت هنا الرفض لا القبول . ويدخل في ذلك اخيرا سكوت المولى حين راى عبده يبيع ويشتري وسكوت القن ، وسكوت الزوج عند الولادة وسكوت المولى عند ولادة ام الولد والسكوت قبل البيع عند الاخبار بالعيب والسكوت عند بيع الزوجة او القريب عقارا وسكوت شريك العنان . وقس على ذلك سائر الحالات التي ورد ذكرها في النصوص .
وينبغي التفرقة بين التعبير الضمني عن الارادة وبين مجرد السكوت فالتعبير الضمني وضع ايجابي اما السكوت فهو مجرد وضع سلبي . وقد يكون التعبير الضمني بحسب الاحوال ايجابا او قبولا ام السكوت فمن الممتنع على وجه الاطلاق ان يتضمن ايجابا وانما يجوز في بعض فروض استثنائية ان يعتبر قبولا وقد افترض المشروع ان السكوت يعتبر قبولا في حالتين :
احدهما - قيام تعامل سابق بين المتعاقدين لجريان عرف التجارة على ذلك .
والثاني - خاص بتمحض الايجاب لمنفعة من وجه اليه لطبيعة التعامل الخاصة .
ويراعى في هذه القيود ان انقضاء الميعاد المعقول او المناسب هو الذي يحدد وقت تحقق السكوت النهائي الذي يعدل القبول ويكون له حكمه وفي هذا الوقت يتم العقد اما فيما يتعلق بمكان الانعقاد فيعتبر التعاقد قد تم في المكان الذي يوجد فيه الموجه اليه الايجاب عند انقضاء الميعاد المناسب اذ يعتبر ان القبول قد صدر عندئذ في هذا المكان (هذا على اساس الاخذ بنظرية اعلان القبول) .
وكان النص في المشروع التمهيدي المصري (142) يورد حالة ثالثة وهي : ويكون كذلك سكوت المشتري بعد ان يتسلم البضائع التي اشتراها قبولا لما ورد في الفاتورة من شروط (وقد جرى نقاش طويل حول هذه العبارة في لجنة القانون المدني بمجلس الشيوخ واقترح ان يضاف الى هذه العبارة عبارة (متى كان قد اطلع عليها عند التسلم) وثارت المناقشة واختلفت الآراء ورؤي في النهاية حذف كل العبارة التي تتضمن هذه الحالة وذلك باعتبار هذا الجزء المحذوف من الاحوال العامة التي يشتمل عليها القانون المدني وجاء في تقرير اللجنة انه تقرر حذف هذه العبارة لانها تواجه تطبيقا يحسن ان يترك فيه التقدير للقضاء في كل حالة بخصوصها .
وهي تقابل المادة 81 عراقي والمادة 98 - 1 مصري و 99 - 2 سوري ومشروع اردني .
في هذه المادة يقرر المشروع اخذا بالمذهب الحنفي ان الايجاب يظل قائما الى اخر المجلس ولكن للموجب العدول عنه ما لم يكن قد قبله الموجه اليه . فاذا قبله الموجه اليه لم يكن للموجب الرجوع , اما قبل القبول فاللموجب الرجوع وكذا يسقط الايجاب اذا صدر من الموجب او الموجه اليه الايجاب قول او فعل يدل على الاعراض .
واذا سقط الايجاب برجوع الموجب قبل القبول او باعراض احد المتعاقدين قولا او فعلا قبل القبول فلا عبرة بالقبول بعد ذلك , فالايجاب يظل قائما الى اخر المجلس , ولمن وجه الايجاب ان يعدل عنه ما لم يكن قد قبله الموجه اليه ولمن وجه له الايجاب ان يقبل ما دام المجلس قائما ولم يعدل الموجب ولم يصدر منه ما يدل على الاعراض قولا او فعلا فاذا رفض او صدر منه ما يدل على الاعراض قولا او فعلا سقط الايجاب فلا يصح قبوله بعد ذلك .
اما المذهب الشافعي فيوجب ان يكون القبول فورا ثم يثبت لكل من المتعاقدين خيار المجلس , فابو حنيفة يجيز تراخي القبول الى نهاية المجلس وللموجب الرجوع في الايجاب ما دام المجلس قائما ولم يصدر قبول وللمخاطب بالايجاب خيار القبول طيلة قيام المجلس ولكن متى صدر القبول لزم العقد فلا يثبت خيار المجلس لاي من المتعاقدين .
اما مالك فيرى جواز تراخي القبول الى نهاية المجلس وليس للموجب الرجوع في ايجابه ومتى صدر القبول لزم العقد من الجانبين ولا يثبت خيار المجلس , واحمد يجيز للموجه اليه الايجاب التراخي في القبول الى اخر المجلس ( كالحنفية ) ويعطي للمتعاقدين خيار المجلس كالشافعية .
والقانون المدني المصري يوجب في الاصل صدور القبول فورا اذا صدر الايجاب في مجلس العقد ولم يعين ميعاد للقبول والا تحلل الموجب من ايجابه ولكنه اخذا بحكم المذهب الحنفي ينص على ان العقد يتم ولو لم يحصل القبول في الوقت اذا صدر القبول ان ينقض مجلس العقد ولم يكن قد صدر ما يفيد عدول الموجب ايجابه في الفترة التي تقع بين الايجاب والقبول .
وقد اعتمد على المواد من 182 – 184 من المجلة .
وهي تقابل المواد 94 مصري و 95 سوري ومشروع اردني و 82 عراقي .
الظاهر من المذهب الحنفي ان الموجب اذا قيد نفسه بوقت محدد بان اوجب وقال " انني على ايجابي هذا مدة ثلاثة ايام او نحوه لا يلزمه هذا التوقيت وينتهي ايجابه بانتهاء المجلس وكانه لم يوقت لانه متبرع بهذا التوقيت فلا يلزمه بخلاف ما اذا قيد الموجب نفسه لمدة تنتهي قبل انتهاء المجلس فان انتهاءها يعد اعراضا عن الايجاب فيبطل , وذهب المالكية ان الموجب اذا قيد نفسه بمدة تقيد بها ولم ينته ايجابه بانتهاء المجلس كما يتقيد كذلك بما يجري به العرف اذا جرى على تقييد الموجب بمدة معينة ( راجع الحطاب 4 : 33 و 241 ) وعلى هذا اذا قال الموجب انا ملزم بايجابي عشرة ايام مثلا التزم بذلك , وصح للطرف الثاني القبول في اثنائها ما دام لم يصدر من الموجب قبل ذلك ما يعد عدولا منه على الايجاب والا بطل ( الرهوني ج/ 5 صفحة 19 وعلي الخفيف المعاملات صفحة 205 الهامش ).
فالموجب اذا حدد ميعادا للقبول ظل مرتبطا بايجابه في خلال الميعاد المحدد للقبول سواء في ذلك ان يصدر الايجاب لغائب او لحاضر فاذا انقضى الميعاد ولم يصدر القبول فلا يصبح الايجاب غير لازم فحسب , بعد ان فقد ما توافر له من قوة الالزام , بل هو يسقط سقوطا تاما , وهذا هو التفسير المعقول لنية الموجب , فهو يقصد الا يبقى ايجابه قائما ، الا في خلال المدة المحددة ما دام قد لجا الى التحديد وقد يتصور بقاء الايجاب قائما بعد انقضاء الميعاد , ولو انه يصبح غير لازم , ولكن مثل هذا النظر يصعب تمشيه مع ما يغلب في حقيقة نية الموجب , ويراعى ان القول بسقوط الايجاب عند انقضاء الميعاد , يستتبع جواز اعتبار القبول المتاخر بمثابة ايجاب جديد , كما سيأتي في مذكرة المادة 99 .
وغني عن البيان ان الايجاب الملزم يتميز في كيانه عن الوعد بالتعاقد , فالاول ارادة منفردة , والثاني اتفاق ارادتين , ويكون تحديد الميعاد في غالب الاحيان صريحا ولكنه قد يقع احيانا ان يستفاد هذا التحديد من العرف او ضمنيا , من ظروف التعامل او طبيعته , فاذا عرض مالك آلة ان يبيعها تحت شرط التجربة , فمن الميسور ان يستفاد من ذلك انه يقصد الارتباط بايجابه طوال المدة اللازمة للتجربة , وعند النزاع في تحديد الميعاد يترك التقدير للقاضي , وتختلف هذه الصورة عن صورة الايجاب الموجه الى الغائب بغير تحديد صريح او ضمني لميعاد ما , وقد عالجها المشروع بعد فقضى بان يبقى الموجب ملتزما بايجابه الى الوقت الذي يتسع لوصول قبول يكون قد صدر في وقت مناسب وبالطريقة المعتادة .
وقد اعتمد في المادة 97 المشار اليها على المادة 185 من المجلة وشرحها لعلي حيدر واما المادة 98 فقد تضمنت وعدا بالالتزام , المدة المبينة بالايجاب وهو ملزم للاسباب الموضحة في المادة 92 من هذا المشروع وتلك الاسباب تعتبر اسبابا للمادة 98 المذكورة .
وهما مقابلتان للفقرة الاولى من المادة 94 قانون سوري ومشروع اردني وللمواد 83 و 84 عراقي و 93 مصري .
?يشترط ان يتوافق الايجاب والقبول على معنى واحد فيصدر القبول موافقا للايجاب سواء اكانت موافقته للايجاب حقيقية ام ضمنية فاذا كان القبول مقيدا بوصف او شرط لم يصدر به الايجاب لا يتم به العقد . فليس للموجه اليه الايجاب تبعيض الثمن او المثمن وتفريقهما ( تراجع المواد من 177 الى 180 من المجلة ) والمفهوم ان يكون هذا التقييد بحيث يقتضي تكليفا للموجب لم يكلف به نفسه ولم يلتزمه في ايجابه , كان يقول شخص لاخر " بعتك هذا المنزل بعشرة الاف دينار ) فيقول الاخر ( قبلت نصفه بستة الاف دينار ) فان القبول لا يكون موافقا للايجاب , اما في التبرع كالهبة فالامر يحتاج الى نظر , ذلك ان الواهب اذا قال وهبتك هاتين السيارتين فقال الموهوب له قبلت هذه فقط او قال الواهب وهبتك مائة دينار فقال الموهوب له قبلت خمسين فقط فالمفهوم ان العقد يتم في المقبول بذلك , وان الموافقة الضمنية متحققة لان من يهب ويتبرع بالمائة لا يضره ان يقتصر تبرعه على خمسين , وبهذا اخذ الشافعية في الوصية ( نهاية المحتاج 6: 66) وكذا الحنفية في الوصية ايضا فاذا اوصى شخص لاثنين فقبل احدهما او لواحد فقبل ما اوصى له به تملك القابل في الصورة الاولى وتملك ما قبله الموصى له في الصورة الثانية ورد الباقي الى الورثة ولا يبعد ان يكون ذلك رايهم ايضا في الهبة ( علي الخفيف , احكام المعاملات الشرعية الهامش صفحة 203 ) .
ويجوز ان يكون القبول غير المطابق للايجاب بمثابة ايجاب فيؤدي عند قبوله الى قيام عقد يتم بالقبول غير المطابق الذي اصبح ايجابا وبقبوله .
ولكن يلاحظ ان للقبول غير المطابق للايجاب اثرا قانونيا مباشرا فهو يعتبر رفضا للايجاب الاول ويستتبع بذلك سقوط هذا الايجاب وهو من هذا الوجه لا يختلف عن مجرد الرفض البسيط او الايجاب المعارض وليس يقصد من انزال القبول المتاخر او المعدل منزلة الايجاب الجديد الا اقامة قرينة بسيطة على قصد العاقد فاذا ثبت ان صدر عنه القبول لم يكن ليبديه لو علم بسقوط الاول سقطت دلالة القرينة , والواقع ان القبول الذي لا يقصد به الا مجرد القبول يقترن في اغلب الاحيان بما يفيد تعليق انعقاد العقد على شرط بقاء الايجاب قائما فمتى ثبت وجود التعليق اصبح القبول كان لم يكن وامتنع اعتباره ايجابا جديدا .
ويضيف الفقهاء لينعقد العقد الى شرط مطابقة القبول للايجاب شرطا آخر هو الا يتغير المحل ما بين الايجاب والقبول فلو باع عصيرا فكسب المشتري حتى تخمر ثم تخلل ثم قبل لم ينعقد العقد ذلك ان الايجاب والقبول قد توافقا على بيع عصير والمبيع قبل تمام العقد قد اصبح خلا فلا يتم العقد في الخل لانه لم يكن محل التراضي ولا في العصير لانه غير موجود (الهندية 3 : 8 والخانيه 2 : 131 وابن عابدين 4 : 29) وهذا شرط مفترض لا يحتاج الى نص .
وقد اعتمد في هذه المادة على المواد من 177 - 180 من المجلة والفقرة الاولى منها توافق المادة 85 عراقي والفقرة الثانية منها تقابل المادة 96 مصري و 97 سوري ومشروع اردني .
تعالج هذه المادة حالة قبول من وجه الية الايجاب للمسائل الجوهرية فيه وفي هذه الحالة يتولى القاضي امر الفصل في المسائل التفصيلية التي ارجئ الاتفاق عليها ما لم يتراض العاقدان بشأنها . وعلى هذا النحو يتسع نطاق مهمة القاضي فلا يقتصر على تفسير ارادة العاقدين بل يستكمل ما نقص منها .
وهذه الاحكام لا تعدو ان تكون مجرد تفسير لارادة المتعاقدين فاذا تعارض هذا التفسير مع ما اراده المتعاقدين بان اشترطا صراحة او ضمنا ان لا ينعقد العقد عند عدم الاتفاق على المسائل التي احتفظ بها وجب احترام هذه الارادة ولا يتم العقد ما لم يحصل الاتفاق على تلك المسائل . ويراعى ان المشروع قد جعل من ( طبيعة المعاملة ) عنصرا من عناصر التوجيه التي يسترشد بها القاضي في اكمال العقد .
ويلاحظ ان الفقرة الثانية تتناول حالة ما اذا اتفق الطرفان على المسائل الجوهرية واستبقيا مسائل تفصيلية يتفقان عليها فيما بعد ولم يشترطا ان العقد يكون غير منعقد عند عدم الاتفاق على هذا المسائل التفصيلية . وهي حالة غير حالة الاتفاق على بعض المسائل الجوهرية دون البعض الاخر من هذه المسائل الجوهرية ففي هذه الحالة الاخيرة لا ينعقد العقد وهي الحالة التي تناولتها الفقرة الاولى من نفس المادة .
ويلاحظ ايضا ان المشروع لم يشترط كي ينعقد العقد الاتفاق على كل المسائل الجوهرية وكل المسائل التفصيلية بل اشترط الاتفاق على كل المسائل الجوهرية فاذا حصل الاتفاق على بعضها دون بعض لا ينعقد العقد واذا حصل الاتفاق على كل المسائل الجوهرية وحصل خلاف في المسائل التفصيلية بينهما فان العقد لا ينعقد ايضا اما اذا حصل الاتفاق على المسائل الجوهرية ولم يتعرض للمسائل التفصيلية فهذه تتناول صورتين الاولى ان يتفقا على انه ان لم يحصل اتفاق على المسائل التفصيلية فان العقد لا ينعقد ففي هذه الصورة لا ينعقد العقد والثانية لم يتفقا على ذلك ففي هذه الحالة ينعقد العقد ويكمل القاضي العقد على ما سبق . ويعتمد في هذه المادة على المادتين 43 و44 من المجلة وشرحهما لعلي حيدر .
وهي توافق المادة 86 عراقي والفقرة الثانية توافق المادة 95 مصري والمادة 96 سوري ومشروع اردني .
تتضمن التشريعات المختلفة احكاما متباينة بشأن تعيين زمان التعاقد بالمراسلة ومكانه وقد اخذ المشروع براي الفقه الحنفي في ان العقد يتم باعلان القبول ( الكاساني 5: 137 -138 والمجلة م 173 ومرشد الحيران م 346 وابن عابدين 4: 10 -11 ).
وبديهي ان هذا الحكم لا يسري حيث تنصرف نية المتعاقدين الى مخالفته صراحة او ضمنا او حيث يقضي القانون بالعدول عنه الى حكم اخر . وقد اخذ القانون المدني المصري والعراقي بمذهب العلم بالقبول وعلل ذلك بان مذهب العلم هو اقرب المذاهب الى رعاية مصلحة الموجب ذلك ان الموجب هو الذي يبتدئ التعاقد فهو الذي يحدد مضمونه ويعين شروطه ، فمن الطبيعي والحال هذه ان يتولى تحديد زمان التعاقد ومكانه ومن العدل اذا لم يفعل ان تكون الارادة المفروضة مطابقة لمصلحته عند عدم الاتفاق على ما يخالف ذلك . وبعد فمذهب العلم ( هو الذي يستقيم دون غيره مع المبدأ القاضي بان التعبير عن الارادة لا ينتج اثره الا اذا وصل الى من وجه اليه على نحو يتوفر مع امكان العلم بمضمونه ، ومؤدى ذلك ان القبول بوصفه تعبيرا عن الارادة لا يصبح نهائيا الا في الوقت الذي يستطيع فيه الموجب ان يعلم به ولا يعتبر التعاقد تاما الا في هذا الوقت ) .
وقد ساير القانون المدني المصري منطقه الذي تقدم فنص في المادة 91 انه ( ينتج التعبير عن الارادة اثره في الوقت الذي يتصل فيه بعلم من وجه اليه ، ويعتبر وصول التعبير قرينة على العلم به ، ما لم يقم الدليل على عكس ذلك ) ثم نص في المادة 92 انه ( اذا مات من صدر منه التعبير عن الارادة او فقد اهليته قبل ان ينتج التعبير اثره فان ذلك لا يمنع من ترتيب هذا الاثر عند اتصال التعبير بعلم من وجه اليه هذا ما لم يتبين العكس من التعبير او من طبيعة التعامل ) وقد خلا القانون المدني السوري والمشروع الاردني من هذين النصين الاخيرين .
وليس من شك في ان اعلان القبول هو انسب الاراء في المسائل التجارية ( تراجع مجموعة الاعمال التحضيرية للقانون المدني المصري ج/2 صفحة 54).
ولا يثير التعاقد بالتليفون او باية وسيلة مماثلة صعوبة الا فيما يتعلق بتعيين مكان انعقاد العقد . فشأنه من هذه الناحية شان التعاقد بين الغائبين الذين تفرقهم شقة المكان ولذلك تسري عليه احكام المادة السابقة الخاصة بتعيين مكان التعاقد بين الغائبين ويعتبر التعاقد بالتلفون قد تم في المكان الذي صدر فيه القبول ما لم يتفق على خلاف ذلك.
اما فيما يتعلق بزمان انعقاد العقد فالتعاقد بالتليفون لا يفترق عن التعاقد بين الحاضرين فيعتبر التعاقد بالتليفون تاما ، في الوقت الذي يعلن فيه من وجه اليه الايجاب قبوله .
ويترتب على اعطاء التعاقد بالتليفون حكم التعاقد ما بين الحاضرين فيما يتعلق بزمان انعقاد العقد ان الايجاب اذا وجه دون تحديد ميعاد لقبوله ولم يصدر القبول في المجلس سقط الايجاب . وقد رؤي صياغة المادتين بالشكل المشار اليه لان ذلك يتفق مع احكام الفقه الاسلامي وما ذكره السنهوري في كتابه مصادر الالتزام ج/1 ص 252 وهما تقابلان المواد 98 سوري ومشروع اردني ، و 88 عراقي و 140 مصري .
ينطبق هذا النص على جميع عقود المزايدات وبوجه خاص على البيوع والايجارات التي تجري بطريق المزايدة ، فافتتاح المزايدة على الثمن ليس الا دعوة للتقدم بالعطاءات ، والتقدم هو الايجاب . اما القبول فلا يتم الا برسو المزاد فيكون المشروع قد خالف بذلك من يرى من رجال القانون في افتتاح المزايدة على الثمن ايجابا وفي التقدم بالعطاء قبولا .
ويراعى ان العطاء الذي تلحق به صفة القبول وفقا لحكم النص يسقط بعطاء يزيد عليه حتى لو كان هذا العطاء باطلا كما اذا صدر من شخص لا يجوز له التعاقد في الصفقة المطروحة في المزاد كقاض يتقدم بعطاء في مزاد لبيع عين متنازع عليها ويقع نظر النزاع في اختصاصه او موقوفا كما اذا صدر من قاصر ، بل ولو رفض فيما بعد .
ويسقط كذلك اذا اقفل المزاد دون ان يرسو على احد ، وليس في ذلك الا تطبيق القواعد العامة ، فما دام التقدم بالعطاء هو الايجاب فهو يسقط اذا لم يصادفه القبول قبل انقضاء الميعاد المحدد ، ام الميعاد في هذا الفرض فيحدد من دلالة ظروف الحال ومن نية المتعاقدين الضمنية وهو ينقضي بلا شك عند التقدم بعطاء اكبر او باقفال المزاد دون ان يرسو على احد .
وهذا هو الحكم في القانون وكذا في الفقه الاسلامي في ( بيع من يزيد) ( انظر الكاساني 232 - 233)( والزيلعي 4 : 67 ) ( ابن الهام ، 5: 239 -241 ، والهندية 3: 210- 211 وابن عابدين 4: 182 والمهذب للشيرازي 1: 291 والشرح الكبير على المقنع 4: 42- 43 والحطاب 4: 237 وفيه ( واما بيع المزايدة فقال ابن رشيد في رسم القطعان من سماع اصبغ من كتاب الجعل والاجارة : الحكم فيه ان كل من زاد في السلعة لزمته زاد فيها ان اراد صاحبها ان يمضيها له ما لم يسترد سلعته فيبيع بعدها اخرى او يمسكها حتى ينقضي مجلس المناداة ....الخ) وبداية المجتهد 2: 139).
ويلاحظ ان من تقدم بعطاء يعتبر عطاؤه ايجابا وهو هنا ايجاب ملزم لان ظروف الحال تدل على ان من تقدم بعطاء اراد ان يتقيد به ولا يرجع عنه ويبقى مقيدا بعطائه الى ان يسقط هذا العطاء بعطاء ازيد على الوجه الذي تقوم او حتى تنتهي جلسة المزاد دون ان يرسي عليه المزاد اما اذا ارسي عليه المزاد في الجلسة فقد تم البيع على ما ذكر .
كما يلاحظ انه يتحتم ارساء المزاد على من يتقدم باكبر عطاء وان كان هذا هو المفروض ما لم يشترط خلافه فقد يشترط صاحب السلعة ان من حقه الا يرسى المزاد حتى على من يتقدم باكبر عطاء لان هذا العطاء لا يجزئه في السلعة . وهي تقابل المواد 99 مصري و 100 سوري ومشروع اردني و 89 عراقي .
من حق عقود الاذعان ، وهي ثمرة التطور الاقتصادي في العهد الحاضر ان يفرد لها مكان في تقنين يتطلع الى مسايرة التقدم الاجتماعي الذي اسفرت عنه الظروف الاقتصادية وقد بلغ من امر هذه العقود ان اصبحت في راي بعض فقهاء القانون سمة بارزة من سمات التطوير العميق الذي اصاب النظرية التقليدية للعقد وقد اكتفى المشروع بذكر هذه العقود واعتبر تسليم العاقد بالشروط المقررة فيها ضربا من ضروب القبول ، فثمة قبول حقيقي تتوافر به حقيقة التعاقد ومع ذلك فليس ينبغي عند تفسير هذه العقود اغفال ما هو ملحوظ في اذعان العاقد ، فهو اقرب الى معنى التسليم منه الى معنى المشيئة ويقتضي هذا وضع قاعدة خاصة لتفسير هذه العقود تختلف عن القواعد التي تسري على عقود التراضي وقد افرد المشروع لهذه القاعدة نصا خاصا بين النصوص المتعلقة بتنفيذ العقود وتفسيرها .
وتتميز عقود الاذعان عن غيرها بسمات ثلاث : اولها تعلق العقد بسلع او مرافق تعتبر من الضروريات الاولى بالنسبة للمستهلكين او المنتفعين .
والثاني : احتكار هذه السلع او المرافق ، احتكارا قانونية او فعليا او قيام منافسة محدودة النطاق بشأنها . والثالث - توجيه عرض الانتفاع بهذه السلع او المرافق الى الجمهور بشروط متماثلة على وجه الدوام بالنسبة الى كل فئة منها .
وعلى هذا النحو يعتبر من قبيل عقود الاذعان تلك العقود التي يعقدها الافراد مع شركات الكهرباء والغاز والمياه والسكك الحديدية ، او مع مصالح البريد والتلفونات والتلغرافات او مع شركات التأمين .
ولا ينتظر ان نجد في الفقه الاسلامي ما نراه في الفقه الغربي الحديث في صدد عقود الاذعان ، فان النظم الاقتصادية قد تطورت تطورا كبيرا واصبحنا في النظم الاقتصادية الحاضرة نعرف شركات الاحتكار للمرافق العامة وللسلع الضرورية ونعرف منها شركات الغاز والنور والكهرباء والمواصلات والنقل والتأمين والمصانع الكبرى التي تحتكر العمل والعمال وغير ذلك . ثم لا ننسى ان فكرة عقد الاذعان في الفقه الغربي لم تنبثق الا منذ عهد قريب .
ولكن الجوهري في كل ذلك هو ، كما تقدم ، الا يحتكر الشخص سلعة ضرورية فيغلي من سعرها ويبيعها للناس على ما يريد ، فتذعن الناس لارادته وترضخ للسعر الذي يفرضه لحاجتها الشديدة الى هذه السلعة وذلك ايا كان النظام الاقتصادي القائم . وفي الشريعة الاسلامية نجد الاسس العامة التي تمنع الاحتكار وتضرب على ايدي المحتكرين وترفع الضرر عن الناس من جراء ما يدعوه الان في الفقه الغربي بعقود الاذعان .
كرهت او حرمت الشريعة الاسلامية الاحتكار بوجه عام وتعقبته في صورتين من صوره التي كانت مألوفة وقت ذاك : في بيع متلقى السلع وفي بيع الحاضر للبادي الكاساني ، 5: 232 و 233 والى روح احكام الاحتكار وبيع متلقى السلع وبيع الحاضر للبادي ارجع الاستاذ المغفور له السنهوري احكام عقد الاذعان في الفقه الاسلامي ويقال ايضا ان القاضي قد يناط به في عقود الاذعان رفع الظلم عن المذعن في تعاقد لم يكن فيه كامل الحرية مع حاجته الشديدة الى السلعة موضوع العقد ( السنهوري مصادر الحق 2: 80 وما بعدها ).
هذا ويلاحظ انه رؤي عدم ايراد تعريف لعقد الاذعان تجنبا للتعريفات في نصوص التقنين ما امكن والاكتفاء بايراد الحكم في معرض بيان صور خاصة للقبول وسياتي ايضا الكلام على عقود الاذعان في مجال اعطاء القاضي سلطة التعديل في الشروط التعسفية التي قد يتضمنها العقد او الاعفاء منها وفقا للعدالة وفي مجال التفسير بالنص على انه لا يجوز تفسير العبارات الغامضة فيه تفسيرا ضارا بمصلحة الطرف المذعن .
وهي تطابق المادة 100 مصري و 101 سوري ومشروع اردني وتوافق المادة 167 -1 عراقي .
يتناول النص حكم الوعد بالتعاقد سواء فيما يتعلق بالعقود الملزمة للجانبين والعقود الملزمة لجانب واحد . ويشترط لصحة مثل هذا الاتفاق التمهيدي تحديد المسائل الاساسية في التعاقد والمدة التي يتم فيها اما فيما يتعلق بالشكل فلا يشترط وضع خاص الا اذا كان القانون يعلق صحة العقد المقصور ابرامه على وجوب استيفاء شكل معين ، ففي هذه الحالة ينسحب الحكم الخاص باشتراط الشكل على الاتفاق التمهيدي نفسه ، والمقصود بالشكل الرسمية في عرف الفقه والقضاء فمثلا اذا كان عقد الهبة لا يتم الا اذا عمل رسميا طبقا للاوضاع المقررة له فالوعد بالهبة لا يصلح الا اذا عمل رسميا ايضا ويوجه هذا النظر الى ان اغفال هذا الاحتياط يعين على الافلات من قيود الشكل الذي يفرضه القانون ما دام ان الوعد قد يؤدي الى اتمام التعاقد المراد عقده . فيما اذا حكم القضاء بذلك ويكفي لبلوغ هذه الغاية ان يعدل المتعاقدان عن ابرام العقد المقصود الافلات من القيود الخاصة بشكله ، ويعمدا الى عقد اتفاق تمهيدي او وعد باتمام هذا العقد ، لا يستوفى فيه الشكل المفروض ، ثم يستصدرا حكما يقرر اتمام التعاقد بينهما ، وبذلك يتاح لهما ان يصلا من طريق غير مباشر الى عدم مراعاة القيود المتقدم ذكرها .
ومع ذلك فالوعد بابرام عقد رسمي لا يكون خلوا من اي اثر قانوني اذا لم يستوف ركن الرسمية فاذا صح ان مثل هذا الوعد لا يؤدي الى اتمام التعاقد المقصود فعلا فهو بذاته تعاقد كامل يرتب التزامات شخصية طبقا لمبدا سلطان الارادة . وهو بهذه المثابة قد ينتهي عند المطالبة بالتنفيذ الى اتمام عقد الرهن او على الاقل الى قيام دعوى بالتعويض بل والى سقوط اجل القرض الذي يراد ترتيب الرهن لضمان الوفاء به .
ويراجع فيما يختص بالتزام بالوعد في الفقه الاسلامي المادة (92) من هذا المشروع ومذكرتها الايضاحية والمادة تطابق المادة 101 مصري و 102 سوري ومشروع اردني وتوافق المادة 91 عراقي .
هذه المادة لا تعرض للحالة التي فيها يوجد عقد يسمى خطا بالعقد الابتدائي وهو في الواقع عقد نهائي وانما تعرض لحالة ما اذا وجد عقد ابتدائي بالمعنى الصحيح يتلوه عقد نهائي لا سيما اذا كان العقد من العقود الشكلية كالرهن الرسمي فمتى وجد وعد برهن رسمي مثلا وكان هذا الوعد قد استوفى الشروط الشكلية جاز اذا لم ينفذ الواعد وعده ان يجبر على ذلك قضاء ويقوم الحكم مقام العقد النهائي .
وهي تطابق المادة 102 مصري و103 سوري ومشروع اردني .
اجاز فريق من الفقهاء المسلمين العربون في البيع وفي الاجارة معا منهم الحنابلة وبعض المالكية . وصورة العربون عندهم ان يشتري السلعة ويدفع الى البائع درهما او اكثر على انه ان اخذ السلعة احتسب به من الثمن وان لم يأخذها فهو للبائع ( الشرح الكبير 4: 58 -59 والدردير والدسوقي عليه ، 3: 63 والخرشي 5: 78 والحطاب 54: 369 -370 ورؤي انه لا فرق بين هذه الصورة وصورة ما اذا كان البائع هو الذي له الخيار في ان يعدل عن البيع فيرد العربون الذي قبضه ومعه مثله . كما رؤي انه اذا جاز ان يكون الخيار في بيع العربون للبائع او للمشتري جاز ايضا ان يكون الخيار لكل من البائع والمشتري . وهذا ما اخذ به المشروع وقد اختلفت التقنينات العربية في دلالة العربون عند الشك هل هي للبتات ام لجواز العدول فذهب التقنين المصري والسوري والمشروع الاردني الى انه لجواز العدول وذهب التقنين العراقي الى ان دفع العربون دليل على البتات لا على انه جزاء للعدول عن العقد . ويبدو ان مرد الامر في ذلك الى العرف والعادة وقد اختار المشروع نزولا على العادة والعرف في الاردن ان يكون العربون عند الشك لجواز العدول ، وغني عن البيان ان كلتا الدلالتين قابلة لاثبات العكس باثبات الحكم المقصود من العربون عكس الدلالة المفروضه .
وينبغي التفرقة بين فروض عدة : فاذا اتفق المتعاقدان على خيار العدول جاز لكل منهما ان يستقل بنقض العقد فان عدل من دفع العربون وجب عليه تركه وان عدل من قبضه رده ومثله . على ان خيار العدول هذا لا يفترض بل يجب الاتفاق عليه صراحة .
اما اذا لم يتفق المتعاقدان على خيار فلا يجوز لايهما ان يستقل بالعدول عن العقد ما لم يقض العرف ذلك ويجب رد العربون اذا اتفق الطرفان على الالغاء او الاقالة او فسخ العقد بخطئهما او وقع الفسخ لاستحالة التنفيذ بسبب ظروف لا دخل لهما فيها . على ان لكل من المتعاقدين في غير هذه الاحوال ان يطلب تنفيذ العقد .
وفي حالة التخلف الاختياري عن الوفاء ، ويكون للعاقد الاخر ان يختار بين التنفيذ الجبري وبين الفسخ مع اقتضاء العربون بان يحتفظ بالعربون الذي قبضه بان يطالب برد ما دفعه ومثله - ولو لم يلحق به ضرر من جراء ذلك ويكون لاشتراط العربون في هذه الحالة شأن الشرط الجزائي ولكنه يفترق عنه من حيث عدم جواز التخفيض او الالغاء فهو يستحق ولو انتقى الضرر على وجه الاطلاق اما اذا كان الضرر الواقع يجاوز مقدار العربون فتجوز المطالبة بتعويض اكبر وفقا للمبادئ العامة . فالالتزام بدفع قيمة العربون المترتب في ذمة الطرف الذي عدل عن العقد ليس تعويضا عن الضرر الذي اصاب الطرف الاخر من جراء العدول بل هو نزول عند ارادة المتعاقدين فقد جعلا العربون مقابلا لحق العدول .
وفي حالة تنفيذ الالتزام اختياريا يخصم العربون من قيمة ما تعهد به فاذا استحال حسمه وجب رده الى من اداه .
وهي تطابق المادة 103 مصري و 104 سوري ومشروع اردني وتقابل المادة 92 عراقي .
اعتمد في هذه المواد على المادة 1449 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والمادة 278 من مرشد الحيران وليس لها مقابل في المشروع الاردني .
1. الاحكام الواردة في هذه المادة ليست سوى تطبيقات لنظرية النيابة القانونية.
فما دامت ارادة النائب هي التي تنشط لابرام العقد بجميع ما يلابسها من ظروف فيجب ان يناط الحكم على صحة التعاقد بهذه الارادة وحدها دون ارادة الاصيل .
و على هذا النحو يكون للعيوب التي تلحق ارادة النائب اثرها في التعاقد فاذا انتزع رضاه بالاكراه ، او صدر بتأثير غلط او تدليس كان العقد موقوفا على اجازة الاصيل رغم ان ارادة الاصيل براء من شوائب العيب ما فيما يتعلق بالظروف التي تؤثر في الاثار القانونية للتعاقد فيجب ايضا ان يكون مرجع الحكم عليها شخص النائب لا شخص الاصيل ، وعلى ذلك يجوز ان يطعن بدعوى عدم نفاذ التصرف في حقه في بيع صادر من مدين معسر ، وتواطا مع نائب المشتري ولو ان الاصيل ظل بمعزل عن هذا التواطؤ .
2. وعلى نقيض ما تقدم يعتد في الحكم على الاهلية بشخص الاصيل دون النائب فاذا كان الاصيل اهلا للتعاقد بالاصالة صح تعاقد النائب عنه ولو لم يكن هذا النائب كامل الاهلية وقد يكون مصدر النيابة في الصورة الاخيرة وكالة فما دام النائب غير اهل لعقدها كان عقد الوكالة وحده موقوفا على اجازة الولي .
فالفقه الحنفي يجيز ان يكون الوكيل صبيا ما دام مميزا قد بلغ السابعة من عمره على الاقل فلا يشترط فيه الرشد ولا البلوغ ولا عدم الحجر ، وعلى ذلك لا يصح لانسان ان يوكل مجنونا وقد نص في المادة (1458) من المجلة انه ( يشترط ان يكون الوكيل عاقلا وميزا ولا يشترط ان يكون بالغا فيصح ان يكون الصبي المميز وكيلا وان لم يكن مأذونا ...) ولكن يشترط في الموكل ان يكون مالكا لما وكل فيه لانه لا يملك غيره ما لا يملك ، فكل ما يجوز للانسان ان يباشره لنفسه من التصرف يجوز له ان يوكل فيه غيره الا استيفاء القصاص فلا يجوز التوكيل فيه لاحتمال ان تأخذ وليه رحمة عند حضوره فيعفو . وعلى ذلك فلا يصح من المجنون توكيل لانه لا يملك تصرفا ويصح من الصبي المميز فيما يملكه فينفذ توكيله غيره اذا كان في تصرف نافع ويتوقف على اجازة وليه او وصية اذا كان في تصرف متردد بين النفع والضرر.
والوكيل خلاف الرسول فالرسول ينقل عبارة المرسل الى المرسل اليه فهو لا يتصرف برايه ووزنه ، وانما الراي والوزن للمرسل، اما الوكيل فانما يعمل برايه ووزنه فيساوم ويرى المصلحة فيقدم عليها فاذا تصرف تصرف بارادته وعبارته ولذا لا يضيف العبارة الى موكله بل الى نفسه .
( يراجع في الفقه الاسلامي : الكاساني ، 6: 19 وما بعدها والزيلعي ، 4: 256 وما بعدها ) . وهي تطابق المادة 104 مصري و 105 سوري ومشروع اردني وليس لها مقابل في القانون العراقي .
1. اذا كان شخص النائب هو الواجب الاعتداد به فيما يتعلق باتمام العقد فعلى النقيض من ذلك ينبغي ان يرجع الى شخص الاصيل وحده ، عند تعيين مصير اثاره ، فالاصيل دون النائب هو الذي يعتبر طرفا في التعاقد واليه تنصرف جميع اثاره فيكسب مباشره كل ما ينشأ عنه من حقوق ويقع على عاتقه كل ما يترتب من التزامات .
2. ومع ذلك فينبغي التفرقة بين صور مختلفة . فالقاعدة التي تقدمت الاشارة اليها تنطبق حيث يتعاقد النائب باسم الاصيل . وهي تنطبق كذلك حيث يتعاقد النائب باسمه الشخصي رغم حقيقة نيابته ، متى كان من تعاقد معه يعلم او كان ينبغي ان يعلم بوجود النيابة او كان يستوي عنده ان يتعامل مع الاصيل او نائبه وهذا الحكم الذي يقول به الفقة الاسلامي اخذ به تقنين الالتزامات السويسري والقانون المدني . اما القواعد الخاصة بالاسم المستعار او التسخير وهي التي تقضي بانصراف اثار العقد الى النائب او المسخر فلا تنطبق الا اذا كان من يتعامل مع هذا النائب يجهل وجود النيابة او كان لا يستوى عنده التعامل معه او مع من فوضه .
والاصل في المذهب الشافعي والحنبلي ان حكم العقد وحقوقه جميعا ترجع الى الموكل سواء اضاف الوكيل العقد الى نفسه او الى الموكل وفي المذهب الخنفي والمالكي تفصيل مجملة ان حكم العقد يرجع الى الاصيل ان اضيف العقد الى الاصيل والى الوكيل ان اضيف الى العقد الى الوكيل . يراجع في المذاهب الشافعي : نهاية المحتاج ، 5: 48 وما بعدها ومغنى المحتاج 2: 225 وما بعدها والمهذب ، 1 : 353 وما بعدها .
وفي المذهب الحنبلي : المغني 5: 92 وما بعدها .
وفي المذهب المالكي : الدردير والدسوقي عليه ، 3: 382 وما بعدها والخرشي 6: 81 وما بعدها .
وفي المذهب الخنفي : الزيلعي ، 4: 256 وما بعدها ، والكاساني 6: 33 وما بعدها والبحر ، 7: 147 وما بعدها وتكملة ابن عابدين 1: 220 وما بعدها وتكلمة فتح القدير ، 6: 18 وما بعدها ).
والمواد 1460 و 1461 من المجلة وشرحها لعلي حيدر و 279 - 281 من مرشد الحيران . والسنهوري ، ومصادر الحق ، 5: 219-312 ) وهي توافق المادة 105 مصري و 106 سوري ومشروع اردني .
تراجع المذكرة الايضاحية للمادة السابقة .
وتنص المادة (106) من القانون المدني المصري و ( 107) من القانون المدني السوري ومن المشروع الاردني انه ( اذا لم يعلن العاقد وقت ابرام العقد انه يتعاقد بصفته نائبا فان اثر العقد لا يضاف الى الاصيل دائنا او مدينا ، الا اذا كان من المفروض حتما ان من تعاقد معه النائب يعلم بوجود النيابة ، او كان يستوي عنده ان يتعامل مع الاصيل او النائب) وجاء في الاعمال التحضيرية لهذه المادة ان هذه المادة لا نظير لها في القانون الفرنسي وانما جرت احكام القضاء على ذلك ، وفي احكام الشريعة الاسلامية تطبيقات لهذه المادة واشير الى المادة ( 1590، 1593 ) من المجلة كما جاء فيها ان الجزء الاول من المادة يتضمن القاعدة العامة والجزء الثاني استثناء من القاعدة العامة السابقة اذ ما هو الا تطبيق لنظرية التسخير وقد اقترح حذف هذه المادة لانها تتضمن قواعد عامة يحسن تركها لتقدير القاضي ولكن رد على ذلك بانه كثيرا ما يقع في العمل اشكالات تحكمها هذه المادة ويكفي فيها استقرار المعاملات فحكمها لازم .
وقد اخذ في هذه المادة بحكم المذهب المالكي الذي يصرف حقوق العقد الى الوكيل دون الموكل الا اذا صرح الوكيل بالبراءة منها او اذا علم العاقد الاخير بوجود الوكالة .
( يراجع السنهوري ، مصادر الحق ، ج5 ص 310- 312) .
ويعتمد في ذلك على المواد ( 1461 و 1590 و 1593) من المجلة وشرحها لعلي حيدر ، 279- 281 من مرشد الحيران .
وهي تقابل المواد ( 106) مصري و (107) سوري ومشروع اردني .
قد تنقضي النيابة دون ان يعلم النائب بذلك ، كما اذا كان يجهل موت الاصيل والغاء التوكيل فاذا تعاقد في هاتين الحالتين مع شخص حسن النية لا يعلم بانقضاء النيابة ، كان تعاقده هذا ملزما للاصيل وخلفائه ، وقد قصد من تقرير هذا الحكم الى توفير ما ينبغي للمعاملات من اسباب الثقة والاستقرار .
( تراجع من المجلة المواد من 1521 الى 1530 من مرشد الحيران المواد 970 الى 974 ) . وتقابل هذه المادة ( 107 ) مصري و ( 108) سوري ومشروع اردني .
?1. يتصور ان يتعاقد الشخص مع نفسه في حالتين . فقد يكون الشخص طرفا في التعاقد لحساب نفسه من ناحية ، ومتعاقدا بالنيابة عن الطرف الاخر من ناحية اخرى ، وبذلك يتحقق التعارض بين مصالحه الشخصية ومصالح الاصيل . وقد يتعاقد الشخص بصفته نائبا عن الطرفين في ان واحد . وغني عن البيان ان مصلحة الاصيل لا تتيسر لها ضمانات الحماية الواجبة في كلتا الحالتين .
وفي الصورة الاولى ( اذا كان اصيلا عن نفسه ونائبا عن غيره ) فالمذهب الحنفي لا يجيز تعاقده ولو مع الاذن . اما في المذهبين المالكي والحنبلي فيجوز مع اذن الموكل وفي مذهب الشافعي روايتان احدهما ان العقد لا يجوز حتى مع الاذن والاخرى انه يجوز بالاذن . وفي الصورة الثانية فالظاهر في المذهب الحنفي انه لا يجوز وفي المذهب المالكي يبدو ان التعاقد جائز باذن كل من الموكلين . وفي المذهب الشافعي لا يصح وفي المذهب الحنبلي يجوز .
( السرخسي ، المبسوط ، 19: 32 . والخرشي ، 6: 77 - 78. والشيرازي ، المهذب : 1: 352 وابن قدامه ، المغني ، 5: 107 - 108 ) .
ولكن يجوز على سبيل الاستثناء ان يتعاقد الشخص مع نفسه في حالتين :
اولاهما ان يبيع الاب او الجد مال الصغير من نفسه او يبيع ماله من الصغير ولو بغبن يسير اذا كان حسن التدبير او مستور الحال وان كان سيء التدبير فتشترط الخيرية . و ( ثانيتهما ) ان يبيع الوصي المختار من الاب او الجد مال الصغير من نفسه او يبيع ماله من الصغير وذلك اذا كان فيه نفع ظاهر للصغير.
( الكاساني 4: 135-136 والحطاب 5: 69 - 71 والمهذب 1: 330 و المغني 5: 112- 113).
2. ويجوز ان تقضي بعض نصوص التشريع او بعض قواعد التجارة بصحة تعاقد الشخص مع نفسه فمن ذلك اباحة تعامل الولي مع ولده وفقا لاحكام الشريعة الاسلامية واباحة تعامل الوكيل بالعمولة باسم طرفي ، التعاقد وفقا لقواعد القانون التجاري . وراجع المواد (363-365) من مرشد الحيران وهي تطابق المواد (108 ) مصري و( 109) سوري ومشروع اردني .
3. شروط العقد :
اولا :أ. اهلية التعاقد :
نظرة عامة :
للعقد في الفقه الاسلامي - بعد توافر الركن - شروط لانعقاده وشروط لصحته ، وشروط لنفاذه ، وشروط للزومه . وهذه الشروط مع تدرج مكانتها واثرها في مرحلة انعقاد العقد تتركز غالبا في الاهلية اولا وفي الرضا والاختيار ثانيا . وقد رؤي معالجة كل من هذين الموضوعين جملة مع بيان مرتبة كل ، اما افراز انواع هذه الشروط وتجميع افراد كل نوع منها على حدة فقد ترك شأنه للفقه ليبين على حدة شروط الانعقاد وشروط الصحة وشروط النفاذ وشروط اللزوم .
واهلية التعاقد : اكتفي في اهلية التعاقد بالنص على اعتبار الشخص اهلا للتعاقد ، ما لم يقرر القانون عدم اهليته . وعلى القواعد الموضوعية الاساسية لا سيما ما تعلق منها بتحديد ما يكون لانعدام الاهلية او نقصها من اثر في صحة الرضاء . اما التفصيلات فموضعها القوانين الخاصة بذلك .
وقد رؤي اقتباس نص المادة (119) من القانون المدني المصري و (120 - سوري ومشروع اردني ) وهي الخاصة بعدم منع القاصر من الطعن في العقد اذا كان قد لجأ الى طرق احتيالية ليخفي قصره مع عدم اخلال ذلك بالزامه بالتعويض جزاء على ارتكابه عملا غير مشروع . ويلاحظ ان النصوص الخاصة بالاهلية في القانون المدني المصري والسوري والمشروع الاردني مأخوذة من الفقه الاسلامي .
المذكرة الايضاحية :
الاصل في الشخص توافر الاهلية اما عدم الاهلية فيجب ان يقرر بمقتضى نص في القانون . ويتفرع على ذلك قيام قرينة على توافر الاهلية من شأنها القاء عبء الاثبات على عاتق من يتمسك بعدم الاهلية : وقد احيل فيما تقدم الى قوانين الاحوال الشخصية فيما يتعلق بالاحكام الموضوعية الخاصة بالاهلية بيد انه تحسن الاشارة الى ان الاهلية مناطها التمييز فحيث يوجد التمييز تتوافر الاهلية ، بل وتكون كاملة او ناقصة تبعا لما اذا كان التمييز كاملا او ناقصا وتهيمن هذه القاعدة الاساسية على جميع الاحكام الخاصة بالاهلية وهي تطابق المادة (109) مصري و(110) سوري ومشروع اردني وتوافق المادة (93 عراقي ) .
اعتمد في المادة (117) على المادة (966) من المجلة وشرحها لعلي حيدر والمادة (269) من مرشد الحيران .
وهي تطابق المادة (110) مصري و(111) سوري ومشروع اردني و(96) عراقي . اما المادة (118) فقد اعتمد فيها على المادة (967) من المجلة وشرحها لعلي حيدر والمادة (270) من مرشد الحيران .
وهي تطابق المادة ( 97) عراقي وتختلف مع المادة (111) مصري و(112) سوري ومشروع اردني في ان التصرفات الدائرة بين النفع والضرر اذا صدرت من الصبي المميز كانت في المشروع موقوفة على الاجازة اما في القانون المصري ( وكذا السوري والمشروع الاردني ) فانها تكون قابلة للابطال . وفرق بين الوقف والقابلية للابطال فالعقد الموقوف صحيح ولكنه غير نافذ ويظل موقوفا نفاذه على الاجازة فان اجيز نفذ وان لم يجز بطل واما العقد القابل للابطال - في القانون - فهو عقد صحيح ونافذ الا انه جائز ابطاله واذا ابطل اعتبر كان لم يكن .
اعتمد في هذه المادة على المادة (968) من المجلة وشرحها لعلي حيدر .
وتطابق المادة 98 من القانون العراقي وتقابل المادة (112) مصري والمادة (113) سوري ومشروع اردني .
اعتمد في هذه المادة على المادة (972) من المجلة وشرحها لعلي حيدر والمادة (272) من مرشد الحيران .
وتطابق المادة (99) من القانون العراقي .
?اعتمد في هذه المادة على المادة (973) من المجلة وشرحها لعلي حيدر وتوافق المادة (100) من القانون العراقي .
اعتمد في هذه المادة على المادة ( 975 ) من المجلة وشرحها لعلي حيدر .
وتطابق المادة ( 101) من القانون العراقي .
اعتمد في هذه المادة على المادة ( 974 ) من المجلة وشرحها لعلي حيدر .
وتطابق المادة ( 102 ) من القانون العراقي .
اعتمد في هذه المادة على المادتين ( 282 و 283 ) من مرشد الحيران وعلى شرح المادة ( 974 ) من المجلة لعلي حيدر ص 625 جزء ( 2) .
وتطابق المادة ( 103 ) من القانون العراقي .
اعتمد في هاتين المادتين على ما ورد في الدر المختار ورد المحتار في باب الوصي من صفحة 447- 455 الجزء الخامس والمادة ( 284 ) من مرشد الحيران .
وتطابقان المادة ( 105 ) من القانون العراقي .
اعتمد في هذه المادة على المواد ( 946 و 957 و 958 و 961 و 962 ) من المجلة وشرحها لعلي حيدر ويؤيدها المادتان ( 94 و 95 ) من القانون العراقي وتقابل المادة ( 113 ) مصري و ( 114 ) سوري ومشروع اردني .
اعتمد في هذه المادة على المواد ( 978 و 979 و 980 ) من المجلة وشرحها لعلي حيدر .
وتطابق المادتان ( 107 و 108 ) من القانون العراقي وتقابل المادة ( 114 ) مصري و ( 115 ) سوري ومشروع اردني .
اعتمد في هاتين المادتين على المواد ( 990 و 991 و 993 و 994 ) من المجلة وشرحها لعلي حيدر وما جاء في كتاب الحجر من الدر المختار ورد المحتار الجزء الخامس الصفحة من 89 -97 وعلى المادة ( 273 ) من مرشد الحيران .
وتقابلان المادتين ( 115 و 116 ) مصري و ( 116 و 117 ) سوري ومشروع اردني والمادتين ( 109 و 110) عراقي .
اعتمد في هذه المادة على الاحكام الفقهية المتعلقة بالولاية والوصاية والقوامة والمبينة في احكام الوصي من رد المحتار ومن الاحكام الشرعية في الاحوال الشخصية لزيد بك الابياني .
وتطابق المادة ( 111) عراقي .
ان نظرية المساعدة القضائية نظرية جديدة وهي تقرر للاشخاص ذوي العاهات الجسمانية منعا من وقوعهم في خطر التصرفات وهذه المساعدة ليست نوعا من انواع الحجر لنقص في الاهلية بل هي نوع من الحماية للعمي الصم ونحوهم ويلاحظ ان المساعد القضائي تحدد ماموريته في القرار الذي يصدر من المحكمة باقامته وهي تقابل المادة ( 104 ) من القانون العراقي والفقرة الاولى من المادة ( 118 ) سوري ومشروع اردني .
اعتمد في هذه المادة على ما ذكر في احكام الوصي من رد المحتار ( ج/5 ) المشار اليها في المواد السابقة وما ذكر في باب الوصي من شرح الاحكام الشرعية في الاحوال الشخصية وعلى المادة ( 284 ) من مرششد الحيران .
وهي توافق المادة ( 118 ) مصري و ( 119 ) سوري ومشروع اردني .
يجوز لناقص الاهلية سواء اكان لقصر ام غيره الا يجيز العقد الذي يكون طرفا فيه ولو صرح انه غير ناقص الاهلية فليس يحول مجرد التصريح بذلك دون عدم الاجازة ما دام لم يقترن بطرق احتيالية , اذ ان من واجب كل عاقد ان يتثبت من اهلية من يتعاقد معه , ثم ان حماية ناقص الاهلية تصبح حماية وهمية اذا جعل من مجرد التصريح بعدم نقص الاهلية حائلا دون عدم الاجازة .
- اما اذا اقترن التصريح بعدم نقصان الاهلية بطرق احتيالية فيكون ناقص الاهلية قد ارتكب عملا غير مشروع يرتب مسؤوليته قبل العاقد الاخر متى كان حسن النية .
- وقد رؤي التسوية في ذلك بين القاصر وغيره من ناقصي الاهلية لتساويهم جميعا في الحكمة من هذا النص ,
وهي تقابل المادة ( 199 ) مصري و ( 120 ) سوري ومشروع اردني .
ب. عيوب الرضا :
نظرة عامة : لا يكفي توافر الاهلية بل يجب ان تسلم للشخص ارادته . وهنا يعرض الفقهاء للرضا والاختيار ويتفرع على ذلك الكلام على الاكراه والتغرير والغبن والغلط فيفرق الحنفية بين الرضا والاختيار فيجعلون الرضا منصرفا الى حكم العقد اما الاختيار فينصرف الى العبارة في حين ان المالكية والشافعية والحنابلة يجعلونها شيئا واحدا هو ارادة انشاء العقد بالعبارة الدالة عليه طلبا لاثارة عن رغبة فيها والتغرير هو التدليس . ويعرض المشروع للاكراه اولا ثم للتغرير والغبن ثم للغلط .
المذكرة الايضاحية :
اعتمد في هذه المواد على المادتين ( 948 و949 ) من المجلة وشرحهما لعلي حيدر وعلى المواد ( 286 و 288 ) من مرشد الحيران وهي تقابل المادة ( 128 ) سوري ومشروع اردني وتوافق المادة ( 112) من القانون العراقي .
وكما يقع الاكراه من احد المتعاقدين على الاخر فانه قد يقع من الغير فاذا وقع الاكراه من الغير مستوفيا لشروطه مفسدا للتصرف كالاكراه الواقع من احد المتعاقدين وتلحق به الاجازة , ويغالي المذهب المالكي في الاعتداء بالاكراه حتى لو تهيأ مصادفة , ولا يشترط في الاعتدادية ان يكون المتعاقد الاخير عالما بالاكراه , وهذا ما يسمى في البيع بيع المضغوط فعند مالك الاكراه يكون على البيع نفسه او على دفع مال ظلما فيضطر المكره ان يبيع متاعه لدفع هذا المال فلا يكون هذا البيع لازما حتى لو لم يكن المشتري عالما بالاكراه الواقع على البائع ( الحطاب والمواق 4: 248 - 250 والدسوقي 3 : 6 والخرشي 5 : 10 والنسولي 2 : 76 ولم ير الاخذ بذلك في المشروع لما فيه من مغالاة تؤدي الى الاضرار باستقرار التعامل .
كما يجوز ان يقع الاكراه بالتهديد بالحاق الاذى بشخص اخر ليس طرفا في العقد ولكن التهديد بالحاق الاذى به من شانه ان يحدث الرهبة التي تحمل على اتيان العقد المقصود كان يهدد شخص بخطف ابنه ان لم يات تصرفا ما .
الاكراه لا يكون الا اذا كان القصد منه الوصول الى غرض غير مشروع فاذا كان القصد منه الوصول الى غرض مشروع فان الاكراه لا يتحقق فاكراه الشخص على اداء الحق الذي عليه لا يكون اكراها معتبرا ولا يؤثر في التصرف الذي يؤدى به الحق ويكون الاكراه هنا اكراها بحق او جبرا شرعيا من صور الجبر الشرعي جبر القاضي المدين على بيع متاعه للغرماء , وجبر من عليه الخراج على بيع ماله لاداء الخراج وجبر من له دار تلاصق الجامع او الطريق على بيعها اذا احتيج الى توسعتهما بها وجبر عمال السلطان على بيع اموالهم لرد ما جمعوه من الناس ظلما ( الخرشي 5 : 9 والحطاب والموافق 4 : 52 والتلويح 2 : 196 - 197 والسرخسي , المبسوط 24: 101 و 144 وابن عابدين 5: 134 , 135 ) .
ويشترط ان يبعث الاكراه رهبة في نفس المتعاقد تحمله على التعاقد ويعرف ذلك بمعيارين : احدهما مادي والاخر نفسي اما المادي فهو ان يكون المكره بالوسيلة التي اختارها للاكراه قادرا على تحقيق ما اوعد به فيستند الاكراه بذلك الى ركن من الواقع يجعل دعوى من وقع عليه الاكراه دعوى معقولة قائمة على اساس , واما الفسي فهي ان يقع في اكثر من وقع عليه الاكراه وقوع ما هدد به هذه هي الرهبة التي تنبعث في نفسه فتحمله على التعاقد ( السرخسي , المبسوط 24 : 39 و 50- 51 والكاساني 7: 176 . والمادة 1003 و 1004 من المجلة والمادة 289 من مرشد الحيران .
فيجب ان يكون الاكراه ولو كان غير ملجئ معدما للرضا دون الاختيار ( عند من يفرق بينهما ) وتقدير ذلك امر يتوقف على حالة الشخص الذي يقع عليه الاكراه فضعيف الجسم لا يحتمل ما يحتمله القوي ثم هناك علاقة وثيقة ما بين الوسيلة التي تستعمل للاكراه والعمل الذي يراد الاكراه على اتيانه اذ يجب ان يناسب هذا العمل مع تلك الوسيلة , والاكراه لا يتحقق الا اذا كان الانسان يدفع عن نفسه ما هو اعظم مما يقدم عليه , فلو هدد شخص بالضرب سوطا او سوطين او بالحبس مدة قصيرة لاجباره على امضاء التزام باهظ لوجب ان يحتمل هذا الضغط الهين ويمتنع عن امضاء الالتزام الباهظ اذ لا تناسب بين الاثنين وهذا ما لم يكن ضعيف الجسم الى حد انه لا يحتمل هذا الالم الخفيف ( انظر السرخسي , المبسوط 24 : 43 - 44 و 50 - 52 و 68 و 151 و 154 ورد المحتار 5: 123 وتكملة فتح القدير 7: 294 ) .
والاكراه يتحقق من السلطان وغير السلطان فكل متغلب يقدر على تنفيذ ما هدد به ويحدث في النفس الرهبة التي يحقق بها الاكراه , سلطانا كان او لصا - وهذا هو قول الصاحبين ويذهب ابو حنيفة الى ان الاكراه لا يتحقق الا من السطان لما ان المنعة له والقدرة لا تتحقق بدون المنعة ولو صدر الاكراه من غيره امكن ان يفزع من وقع عليه الاكراه الى السلطان , والفتوى على قول الصاحبين ( الخانية 3: 483 وتكملة فتح القدير 7: 292 - 293 والكاساني 7 : 176 ) .
وقد اشترط في المادة 1005 من المجلة و 290 من مرشد الحيران ان يفعل المكره المكره عليه في حضور المجبر او من يتعلق به ليكون الاكراه معتبرا واما اذا فعله في غياب المجبر او من يتعلق به فلا يعتبر لانه يكون قد فعله طوعا بعد زوال الاكراه ولكن يبدو ان هذا انما يكون اذا اعتقد المكره ان غياب المجبر قد ابعد عنه الخطر ذلك ان العبرة بحلول الرهبة في نفس المكره فاذا وقعت الرهبة في نفسه وبقيت حتى غياب المجبر كان الاكراه متحققا ، واذا لم تقع الرهبة في نفسه فان الاكراه لا يتحقق حتى مع حضور المجبر فالمعيار هنا نفسي ، ففي المبسوط للسرخسي 4 : 50 " ولو ان هؤلاء اللصوص قالوا شيئا من ذلك للرجل ، والرجل لا يرى انهم يقدمون عليه لم يسعه الاقدام على المحرم لان المعتبر خوف التلف , ولا يصير خائفا من التلف اذا كان يعلم انهم لا يقدمون عليه وان هددوه به ) وقال كاشف الغطاء من ائمة الجعفرية ( 3: 177-178 ) (سواء فعل ذلك بحضور المكره المتوعد او بغيابه فان الحضور والغياب ليس له اي اثر بعد تحقق تلك الشروط فلا وجه لما في المادة 1005 من المجلة , فانه لو اكره احد اخر على بيع داره ولو بكتاب او رسول تحقق الاكراه واي اثر للحضور اذا كان الخوف حاصلا مع الغياب ) .
وهاتان المادتان تقابلان المادتين 113 و 114 من القانون العراقي كما تقابلان المادة 128 من القانون السوري والمشروع الاردني .
?الاكراه هو حمل الغير على ما لا يرضاه ( فتح الغفار 3 : 119 ) وفي مبسوط السرخسي ( 24: 38- 39 ) ( الاكراه اسم لفعل يفعله المرء بغيره فينتفي به رضاه او يفسد به اختياره من غير ان ينعدم به الاهلية في حق المكره او يسقط عنه الخطاب ... وذلك لا ينعدم اصل العقد والاختيار بالاكراه وكيف ينعدم ذلك وانما طلب منه ان يختار اهون الامرين عليه " فالاكراه يعدم الرضا ويبقي الاختيار اذ الانسان يبقى مختارا لاخف الضررين دون ان يكون راضيا بايهما , والاختيار هو القصد الى مقدور متردد بين الوجود والعدم بترجيح احد جانبيه على الاخر فان استقل الفاعل في قصده فاختيار صحيح والا ففاسد . والرضا يكون منعدما دائما مع الاكراه اما الاختيار فيكون فاسدا في الاكراه الملجىء وهو الاكراه الذي يهدد بفوات النفس او ما هو في معناها كالعضو ويبقى صحيحا في الاكراه غير الملجئ وهو الاكراه بالقيد والمواد او بالحبس مدة طويلة او بالضرب الذي لا يخشى منه على النفس او العضو ( انظر فتح الغفار 3 : 119 وانظر ايضا التلويح على التوضيح 2 : 196 و 285- 286 من مرشد الحيران و 1006 - 1007 من المجلة ) .
ويفرق الفقهاء المسلمون في الاكراه بين التصرفات القولية والتصرفات الفعلية ففي الاولى يستوي ان يكون الاكراه ملجئا او غير ملجئ وفي الثانية لا اثر الا للاكراه الملجئ كما سياتي بعد , وفي التصرفات القولية يفرقون بين التصرفات الانشائية كالبيع وبين التصرفات الاخبارية كالاقرار , وفي الانشائية يفرق الحنفية بين التصرفات التي لا تحتمل الفسخ كالزواج والطلاق وبين التي تحتمل الفسخ كالبيع والهبة ويقولون ان الاولى جائزة مع الاكراه ولا اثر له في انعقادها وصحتها ونفاذها ولزومها اما الثانية فللاكراه اثر فيها سيتبين فيما بعد اما المالكية والشافعية والحنابلة فلا يفرقون بين هذه وتلك ويجعلون للاكراه اثرا في النوعين معا . وفي الاخبارية تستوي كل هذه المذاهب في ان للاكراه اثرا فيها .
فالخلاصة ان في المذاهب المتقدمة للاكراه اثرا في التصرف القولي سواء اكان انشاء ام اخبارا , الا الحنفية فقالوا ان الاكراه لا اثر له من حيث الانعقاد والصحة والنفاذ واللزوم في التصرفات الانشائية التي لا تحتمل الفسخ كالزواج والطلاق وفيما عدا هذه فاللاكراه اثر في هذا المجال .
وبراي المالكية والشافعية والحنابلة اخذ المشروع فسوى في اعتبار ان للاكراه اثرا بين التصرفات القولية جميعا سواء اكانت انشائية ام اخبارية وسواء في الانشائية اكانت تحتمل الفسخ ام لا تحتمله .
ويراعى ايضا ان الحنفية يفرقون بين الرضا والاختيار فيجعلون الرضا هو الرغبة في حكم العقد واثاره اما الاختيار فهو في اصدار العبارة فالمكره على انشاء العقد عندهم غير راض ولكنه مختار في حين ان غيرهم يسوون بين الرضا والاختيار فالمكره على انشاء العقد عندهم غير راض ولا محتار ويبني الحنفية على هذا التفرقة في حكم الاكراه بين العقود التي تحتمل الفسخ والتي لا تحتمل الفسخ .
ويقسم الفقهاء الاكراه الى ملجئ ( او تام ) وغير ملجئ ( او ناقص ) فالاكراه الملجئ هو ما اعدم الرضا وافسد الاختيار , وغير الملجئ ما اعدم الرضى ولكنه لم يفسد الاختيار , ولكنهم يقصرون اثر هذه التفرقة على التصرفات الفعلية فيقولون ان في التصرفات القولية تتاثر بالاكراه مطلقا فيستوي الاكراه الملجئ وغير الملجىء بالنسبة اليها اما التصرفات الفعلية فلا يؤثر فيها الا الاكراه الملجىء اما غير الملجىء فلا يؤثر فيها . والكلام هنا في العقود وهي تصرفات قولية حيث يستوي الاكراه الملجئ وغير الملجىء - لذا وردت عبارة " الاكراه" مطلقة لتشمل الملجىء وغير الملجىء ولم ير حاجة لبيان ذلك في النص كما في المجلة ( م1006- و 1007 ) وفي مرشد الحيران ( م286 و 291 و 292 ) وفي التقنين العراقي ( م112 - 2 و 3 و م 115 ) .
وقد قيد الاكراه في النص بان يكون معتبرا ذلك ان هناك شروطا للاكراه اذا توافرت كان للاكراه اثر اما اذا لم تتوافر فلا يكون له اثر اي لا يكون معتبرا وهذه الشروط سترد فيما يلي :
اما عن اثر الاكراه في العقد فقد ذهب الشافعية الى ان الاكراه يبطل العقد وذهب المالكية الى انه يجعل العقد غير لازم واختلف الحنفية فيما بينهم ( في التصرات التي يؤثر فيها الاكراه وهي التصرفات الانشائية التي تحتمل الفسخ ) فذهب زفر الى ان العقد يكون موقوف نفاذه على اجازة المكره .
وذهب ابو حنيفة وصاحباه الى ان الاكراه يفسد العقد الا ان بيع المكره وهو فاسد - يختلف عن سائر البياعات الفاسدة من ثلاثة وجوه هي :
1. البياعات الفاسدة - لا تلحقها الاجازة لان فسادها لحق الشرع من حرمة الربا ونحوه فلا يزول برضا العبد وفي بيع المكره الفساد لحق العبد وهو عدم رضاه فيزول باجازته ورضاه .
2. في البيع الفاسد - اذا باع المشتري المبيع من ثالث يزول الفساد اما في بيع المكره فلا يزول الفساد وللبائع المكره ان يسترد العين ولو تداولتها الايدي.
3 . في البيع الفاسد - يستطيع المشتري الفسخ ولو قبض المبيع اما في بيع المكره اذا قبض المشتري غير المكره المبيع لزم البيع من جانبه فلا يستطيع الفسخ .
وظاهر ان هذه الفروق الثلاثة بين بيع المكره والبيع الفاسد تقرب بيع المكره من البيع الموقوف وتبعده عن البيع الفاسد .
وقد رؤي في المشروع عدم الاخذ براي الشافعي وهو بطلان عقد المكره لوجود الاختيار وعدم الاخذ برأي المالكية لانعدام الرضا ( او بعبارة رجال القانون في زماننا لاختلال الرضا ) وعدم الاخذ براي ابي حنيفة وصاحبيه للفروق الثلاثة المتقدمة والاخذ براي زفر في القول بان العقد موقوف ولا ضير من ذلك فالامر الى المكره بعد زوال الاكراه ان شاء انفاذه اجازه ووان لم يشأ انفاذه لم يجزه . وتراجع المادة 296 من مرشد الحيران وايضا فان عقد زواج المكره لا يصح حسب القول المختار فقها والمعمول به في الاردن , لذلك اختيرت تلك الصيغة وهي مطابقة لحكم المادة 1006 من المجلة ومقابله للمادة 115 من القانون العراقي .
الاصل انه لا يكفي لتحقق الاكراه مجرد الشوكة والنفوذ الادبي فالشوكة التي للزوج على زوجته وما تنطوي عليه من احتمال ان يطلقها او يتزوج عليها ليست في ذاتها اكراها ( الخانية 3 : 487 ) ولكن اذا استغل الزوج هذه الشوكة للوصول الى غرض غير مشروع وبخاصة اذا قرن ذلك بتخويف وتهديد كان هذا اكراها مؤثرا في التصرف الصادر من الزوجة ( رد المحتار 5: 134 ) .
وهي توافق حكم المادة 294 من مرشد الحيران ويراجع ما جاء في بحث الاكراه في شرح المجلة لعلي حيدر ج 2 ص 654 - 658 وهي تقابل المادة 116 من القانون العراقي .
2. التغرير والغبن :
بين المشروع في هذه المادة القاعدة العامة في الغبن والتغرير (او التدليس) والقاعدة العامة انهما وان اثرا في رضاء العاقد لان رضاه في الحالتين مبني على ظن خاطىء الا ان هذا الظن الخاطىء اذا كان نتيجة غرور فصاحبه هو المسئول عنه ، لانه نتيجة عدم احتياطه فلا يترتب عليه في العقود اي اثر ذلك لان انقياد المغرور لمن غره وخدعه لم يكن الا بعد نظر منه فيما اتخذ معه من وسائل الخداع والتدليس ووزن لنتائجها اعقبهما الرضا والاختيار والاطمئنان وهذا اقصى ما يعطى للعاقد من حرية وارادة ، فاذا اخطأ فتلك طبيعة الانسان واي الناس لا يخطىء ، وليس من اغراض التشريع ان يحول بين كل مخطىء وبين خطئه واذن فيجب ان يسلم تصرفه اقرارا للمعاملات واحتراما للتعاقد واعتدالا بالرأي وان ظهر انه اخطأ ولكن هناك حالات يرى فيها المشروع التدخل حماية للجانب الضعيف اختلفت في شرعة المساواة اذا وجد للتدخل مبرر من العدالة او المصلحة العامة في حالة حصول الغبن وسترد هذه الحالات في المواد التالية (يراجع علي حيدر على المادة 356 من المجلة وما بعدها) .
والقاعدة في الفقه الاسلامي هي ما قدمنا ، اما في التقنينات المدنية فالحكم مختلف . ففي القانون المدني المصري (وكذا السوري والمشروع الاردني) التدليس من حيث المبدأ سبب لجواز ابطال العقد , ومرد التدليس فيه هو ما يولده في ذهن العاقد من (غلط) يدفع به الى التعاقد بمعنى ان ما يشوب الرضا من عيب بسببه يرجع الى الغلط لا الى الحيلة وقد برر المشروع المصري اقامة نظرية مستقلة للتدليس الى مزيتين عمليتين اولاهما ان التدليس ايسر اثباتا من الغلط وثانيهما انه يخول للمغرور حق مطالبة من صدر منه التدليس بالتعويض فضلا عن التمسك بالبطلان .
ولكن حتى يتوافر التدليس لا بد من توافر شروط ، وهذه الشروط تختلف باختلاف ما اذا صدر من احد العاقدين او ما اذا صدر من غيرهما فاذا صدر من احد المتعاقدين او من نائبه فيشترط ان ينطوي على حيل وان تكون هذه الحيل في الجسامة بحيث لولاها لما ابرم الطرف الثاني العقد (م 125 مصري) اما اذا صدر التدليس عن غير المتعاقدين وطلب المتعاقد المدلس عليه ابطال العقد فيشترط ان يثبت ان المتعاقد الاخر كان يعلم او كان من المفروض حتما ان يعلم بهذا التدليس (م126 مصري) ويلاحظ ان التدليس من الغير قد اختلفت التقنينات في حكمه فمنها ما ذهب الى عدم ترتيب البطلان عليه (م 116 مدني فرنسي) ومنها ما يجعل في حكم التدليس الصادر من المتعاقدين من حيث ترتيب البطلان (م 1261 من التقنين الاسباني و 969 من التقنين الارجنتيني) ومنها ما يتوسط فيشترط لاعتباره عيبا من عيوب الرضا ان يثبت من ضلل به ان الطرف الاخر كان يعلم به او كان في استطاعته ان يعلم به وقت ابرام العقد وفي هذا تطبيق خاص لنظرية الخطأ في تكوين العقد التي اخذ بها فيما يتعلق بالغلط (م 21 من المشروع الفرنسي والايطالي والمادة 52/56 من التقنين التونسي والمراكشي) فاذا لم يعلم العاقد الاخر بالتدليس او لم يكن في مقدوره ان يعلم به فلا سبيل للعاقد المدلس عليه للانتصاف سوى دعوى المطالبة بالتعويض وقد اختار القانون المدني المصري (والسوري والمشروع الاردني) مذهب الفريق الثالث فنص في المادة 126 انه (اذا صدر التدليس من غير المتعاقدين فليس للمتعاقد المدلس عليه ان يطلب ابطال العقد ما لم يثبت ان المتعاقد الاخر كان يعلم او كان من المفروض حتما ان يعلم بهذا التدليس ) .ويلاحظ ان اثر التدليس في العقد هو انه كالغلط يجيز ابطال العقد باعتباره اوجد خللا في الرضا وقد سلك القانون المدني العراقي مسلكا يمكن اجماله فيما يأتي :
فيما يتعلق بالتدليس مع الغبن :
1. اذا صدر التدليس من غير المتعاقدين وترتب عليه غبن فاحش كان العقد موقوفا على اجازة العاقد الاخر (م120).
2. اذا صدر التدليس من غير المتعاقدين فلا يتوقف العقد الا اذا ثبت للعاقد المغبون ان العاقد الاخر كان يعلم او كان من السهل عليه ان يعلم بهذا التغرير وقت ابرام العقد (م 121) والظاهر اشتراط حصول غبن فاحش .3. اذا لم يصب العاقد المغرور الا غبن يسير او اصابه غبن فاحش وكان التغرير لا يعلم به العاقد الاخر ولم يكن من السهل عليه ان يعلم به او كان الشيء قد استهلك قبل العلم بالغبن او هلك او حدث فيه عيب او تغيير جوهري فيكون العقد نافذا ويكون للعاقد المغرور الرجوع بالتعويض (م123) .
فيما يتعلق بالغبن :
1. مجرد الغبن غير المصحوب بتغرير لا يمنع من نفاذ العقد .
2. اذا كان الغبن فاحشا وكان المغبون محجورا او كان المال الذي حصل فيه الغبن مال الدولة او الوقف فان العقد يكون باطلا .
3. لا يجوز الطعن بالغبن في عقد تم بطريق المزايدة .
4. اذا كان احد المتعاقدين قد استغلت حاجته او طيشه اوهواه او عدم خبرته او ضعف ادراكه فلحقه من تعاقده غبن فاحش جاز له في خلال سنة من وقت العقد ان يطلب رفع الغبن عنه الى الحد المعقول (الفرض ان العقد معاوضة) فاذا كان التصرف الذي صدر منه تبرعا جاز له في هذه المدة ان ينقضه .
وظاهر ان القانون المدني العراقي جعل الجزاء عموما هو وقف نفاذ العقد (وهو في هذا يختلف عن القانون المدني المصري الذي يجعل الجزاء القابلية للابطال وعن الفقه الاسلامي الذي يجعل الجزاء عدم اللزوم) وجعله البطلان في حالة الغبن الفاحش اذا اصاب مال المحجوز او الدولة او الوقف وهو رأي في المذهب الحنفي على خلاف القانون المدني المصري وجعله في حالة استغلال الحاجة او الطيش رفع الغبن الى الحد المعقول في المعاوضات وجواز النقض في التبرعات . والمذهب الحنفي يتفق مع المادة 546 من مرشد الحيران .
المذكرة الايضاحية :
?اعتمد في هذه المادة على المادة 164 من المجلة وشرحها لعلي حيدر.
اختير ان تكون صيغة المادة بهذا الشكل حتى يتبين ان التدليس هو التغرير بنوعيه الايجابي ، والسلبي ، كما يتبين من نص المادتين 126 و 127 من القانون السوري والمادة 125 من القانون المصري وتقابل الفقرة 2 من المادة 126 من المشروع الاردني وتراجع ايضا المذكرة الايضاحية للمادة التالية :
ذهب احمد ومالك والشافعي الى ان التدليس اما ان يكون بكتمان العيب في المعقود عليه فيكون للمغرور خيار العيب واما بفعل شيء يزيد في قيمة المبيع عن البيع فيكون للمغرور خيار الفسخ للغرر ، وليس للمغرور خيار الفسخ في غير ذلك (الشرح الكبير ج. 4 ص 80 و 91 والدسوقي على الشرح الكبير 3 : 115 وما بعدها . ونهاية المحتاج 4 : 69 - 70 وما بعدها والمهذب ، 1 : 282 وما بعدها .
وذهب الحنفية في قول مفتى به ان الغبن الفاحش ان يكون نتيجة غرور وقع على احد العاقدين من الاخر او ممن يعمل له كالدلال فللمغبون المغرور حق فسخ العقد لسوء نية العاقد الاخر وتضليله والا لم يكن له هذا الحق (م257) من المجلة) وقال شارحها علي حيدر (اذا غرر اجنبي احد المتبايعين فليس للمغبون خيار) .
وفي المادة 545 من مرشد الحيران لا يرد بالغبن الفاحش الا اذا غرر احد المتعاقدين الاخر الخ ....
وعلى ذلك فلا عبرة في العقد بالتغرير الذي يقع من اجنبي عن العقد بمجموع هذه الاراء اخذ المشروع .
الغبن اما يسير واما فاحش وقد اختلف في بيان كل على عدة اقوال منها ما ذهبت اليه المجلة في المادة 165 من ان (الغبن الفاحش غبن على قدر نصف العشر في العروض والعشر في الحيوانات والخمس في العقار او زيادة ) ومنها ما ذهب اليه مرشد الحيران في المادة 545 - 3 من ان (الغبن الفاحش في العقار وغيره هو مالا يدخل تحت تقويم المقومين) . وعليه الفتوى وقد اثر المشروع الاخذ به لمرونته ويسره (انظر الكاساني 6 : 30) .
اذا اقدم انسان على عقد معاوضة فغبن فيه فان كان الغبن يسيرا فلا تأثير له في العقد لان الغبن اليسير قلما يخلو منه عقد ولانه كذلك غبن محتمل ومن العسير الاحتراز منه وقد جرت عادة الناس باغفاله الا انه استثنى من ذلك حالتان :
بيع المدين المحجور عليه بسبب دينه المستغرق لماله فانه لا يغتفر فيه الغبن مطلقا فيتوقف على اجازة الدائنين او تكملة الثمن الى القيمة فان اجاز الدائنون او كمل المشتري ثمن المثل نفذ البيع والا بطل .
بيع المريض مرض الموت اذا كان مدينا بدين مستغرق ، فحكمه كما سبق واذن يكون مرض الموت كالحجر للدين غير ان توقف بيعه لا يظهر الا بموته ليتحقق ان المرض مرض الموت كما تقدم .
(رسالة ابن عابدين في الفسخ بالغبن ، رسالة ابن عابدين 2 : 74) .
ان التغرير يفسد القصد والارادة ولذلك فان وقوع هذا التغرير من غير المتعاقدين وكان المتعاقد غير المغرور يعلم به يجعل ذلك مساويا لصدوره منه . لهذا وضعت المادة على هذا الاساس وتراجع ايضا النظرة العامة لفعل التغرير والغبن في هذا الباب والمادة تقابل 127 من المشروع الاردني .
الغبن الفاحش اذا كان في اموال المحجور عليهم كالصغير والسفيه والمجنون او في اموال بيت المال او في اموال الوقف اثر في العقد اتفاقا لان تصرف من له الولاية على هذه الاموال فيها منوط بالنظر والمصلحة وليس هذا التصرف من المصلحة في شيء . ولكن اختلف في الاثر هل هو البطلان ام الفساد ذهب رأي الى البطلان لانه لا مجيز له عند مباشرته واخر الى الفساد لصدور التصرف من اهله في محله ، وهذا هو الراجح لاتفاقه مع القواعد العامة لانه عقد منهي عنه ، لوصف عرض له وهو الغبن الضار بالمدعى عليه وبناء على ذلك اذا باع الوصي مال الصغير بغبن فاحش او اجر داره بغبن فاحش او اجر ناظر الوقف دار الوقف بغبن فاحش كان العقد فاسدا .
انظر شرح علي حيدر على المادة 356 من المجلة وتراجع ايضا المادتان 300 و 546 من مرشد الحيران والمادة تقابل الفقرة 2 من المادة 124 من القانون العراقي .
اعتمد في هذه المادة على المواد من 547 - 549 من مرشد الحيران .
3. الغلط :
نظرة عامة :
يعرف الغلط عادة بأنه حالة تقوم بالنفس تحمل على توهم غير الواقع بأن تكون هناك واقعة غير صحيحة يتوهم الانسان صحتها او واقعة صحيحة يتوهم عدم صحتها .
فالغلط شيء نفسي ذاتي ولما كان الفقه الاسلامي ذا نزعة موضوعية واضحة فقد استعصى على الغلط ان يجد له فيه مكانا موحدا يلم شعثه ويجمع شتاته ، فانتشرت نظرية الغلط في جوانبه متفرقة مبعثرة بين خيار الوصف وخيار العيب وخيار الرؤية وقد يبدو لاول وهلة ان هذه مسائل مستقلة بعضها عن بعض ولا صلة فيما بينها ولكن الحقيقة انها جميعا تربطها اوثق الصلات بنظرية الغلط . وقد اهتم الفقهاء باستقرار التعامل وانضباطه بقدر ما اتجهوا الى احترام الارادة الحقيقية للمتعاقدين . فنظرية الغلط في الفقه الاسلامي ، فوق انها مبعثرة يتنازعها عاملان متعارضان : استقرار التعامل ، واحترام الارادة الحقيقية . ومن ثم كانت المعايير السائدة فيها هي معايير موضوعية يجري في خلالها تيار الارادة الحقيقية يشق طريقه وسط هذه المعايير .
(يراجع السنهوري ، مصادر الحق 3 : 111) .
المذكرة الايضاحية :
القاعدة العامة المستنبطة من فروع الفقهاء ان الاعتداد في العقود بالعبارة لا بالنية ، وان النية اذا لم يقم عليها الدليل في الصيغة لا اعتداد بها . وعلى ذلك فالغلط اذا كان باطنيا فقط لا يترتب عليه حكم . اما اذا كان ظاهريا فانه يؤثر في العقد .
(الحطاب 4 : 466 - 467 والدسوقي 3 : 141 والخرشي 5 : 152 والمواق 2 : 63 وزكريا الانصاري وشرح البهجة 2 : 455 والمراجع المشار اليها فيما بعد) .
ويكون الغلط باطنيا اذا استقل به احد المتعاقدين فلم يكشف للعاقد الاخر عن ارادته الحقيقية فلم يعلم الاخر بهذا الغلط ويظل الغلط مستترا مستكنا في ضمير العاقد والذي وقع في الغلط فلا يكون له اثر .
ويكون الغلط ظاهريا اذا كشف العاقد عن ارادته او كانت هذه الارادة مكشوفة فظهر بذلك غلطه فيكون له اثر ، والارادة تنكشف اما بأن يصرح بها العاقد او باستخلاصها دلالة من الملابسات وظروف الحال او ضرورة من طبائع الاشياء .
فالطريقة الاولى : هي كشف العاقد الصريح عن الارادة وذلك بأن يعين العاقد للعاقد الاخر الشيء المعقود عليه تعيينا نافيا للجهالة وان يذكر له جميع الاوصاف التي يشتمل عليها الشيء بحيث لو فات وصف منها لرغب عن التعاقد . وفي البيع على البرنامج (عند المالكية) يكشف العاقد عن ارادته الحقيقية في شأن المبيع بأن تذكر اوصافه في دفتر مكتوب فيشتريه المشتري على هذه الاوصاف ، فالبائع والمشتري قد اتفقا صريحا على اوصاف المبيع وهي الاوصاف المكتوبة في البرنامج - فاذا رضى المشتري بالبيع ثم وجده على غير هذه الاوصاف كان رضاؤه مشوبا بغلط ووجب الاعتداد بهذا الغلط لان المشتري قد كشف عن ارادته الحقيقية للبائع بشرائه على هذه الاوصاف (السرخسي ، المبسوط 13 : 12 - 13. والزيلعي 4 : 52 - 53 وابن نجيم الاشباه صفحة 189 والدسوقي 3 : 24 - 25 . والصاوي 2 - 11 - 13) .
والطريقة الثانية : هي استخلاص الارادة ضمنا من الملابسات والظروف وفي هذه الحالة يكون في استطاعة العاقد الاخر ان يعلم بالارادة الحقيقية فيعلم بالغلط فمن اشترى عبدا شهرته انه خباز او كاتب فوجده المشتري على غير ذلك كان الخيار ولم لم يصرح في العقد بالوصف المرغوب فيه اذ هو مفهوم ضمنا من الملابسات وظروف الحال والعرف له اعتبار في استخلاص ما اذا كان الوصف مرغوبا فيه (ابن نجيم ، البحر 6 : 25 - 26) وقد تستخلص ارادة المتعاقدين من ظروف المكان فمن باع حجرا في سوق الجواهر دل على انه يبيع جوهرة فان لم تكن كذلك كان للمشتري ردها وان لم يشترط صراحة في العقد (الحطاب 64 : 466 - 467) .
والطريقة الثالثة : هي استخلاص الارادة ضرورة من طبائع الاشياء اذ قد تستخلص الارادة دلالة ، ومن صور ذلك اتجاه الارادة الى خلو الشيء من العيب اذ طبيعة الاشياء ان يكون الشيء سليما فاذا ظهر في المبيع عيب كان للمشتري خيار العيب ويصفه صاحب البدائع (5 : 273) بأنه (خيار ثابت بالشروط دلالة) ويشترط فيه جهل المشتري بوجود العيب عند العقد والقبض فان كان عالما به عند احدهما فلا خيار له (الكاساني 5 : 274 و 276 و 282 و 291 . وفتح القدير 5 : 151 و 183) .
وقد رؤي النص بصراحة على العرف من باب المزيد في الايضاح .
وهي تقابل المادة 120 مصري و 121 سوري ومشروع اردني و 119 عراقي .
اذا وقع الغلط في ركن العقد (او ماهيته) او في شرط من شروط الانعقاد او في المحل لم ينعقد العقد وذلك لعدم موافقة القبول للايجاب ومن امثلة ذلك :
1. الغلط في الايجاب والقبول او في ماهية العقد مثاله ان يصدر ايجاب من احد العاقدين بقصد انشاء عقد معين فأخطأ الاخر في فهمه واعتقد ان المراد انشاء عقد اخر وقبل على هذا الاساس فلا ينعقد اي من العقدين ، كان يعطي انسان لاخر مائة دينار ويقول له : (انفقها على نفسك) يريد بذلك اقراضه اياها فيقبلها الاخر على انها هبة وقد يكون مرجع هذا اللبس الى ان حديثا جرى بينهما في شأن الهبة والقرض واللفظ صالح للمعنيين فالقبول لم يطابق الايجاب فلا ينعقد لا عقد القرض ولا عقد الهبة .
2. الغلط في شرط من شروط الانعقاد كان يتعاقد الورثة في تركة مع شخص على اعتقاد انه موصى له بحصة شائعة فيها على قسمتها بينهم جميعا ثم يتبين ان الوصية باطلة فالقسمة باطلة لوقوع غلط في شرط من شروط انعقادها وهو ان تتم القسمة بين الشركاء في مال مشترك بينهم وقد وقع غلط اذا تبين ان التركة ليست مشتركة بينهم وبين من تعاقدوا معه على قسمتها (علي الخفيف ، صفحة 372) .
3. الغلط في ذات محل العقد كان يشتري شخص سوارا على انه من ذهب ثم يتبين انه من نحاس موه بالذهب فالغلط يكون في ذات محل العقد ، فلا ينعقد العقد لان محل العقد الذي تم التعاقد عليه وهو ما وصف في الصيغة معدوم .
وقد قرر الحنفية قاعدة ملخصها انه اذا اجتمعت تسمية المحل والاشارة اليه في العقد وكان المشار اليه جنسا اخر غير جنس المسمى الموصوف فان العبرة حينئذ بالتسمية فيكون المحل هو المسمى في الصيغة دون المشار اليه عند التعاقد . وان جمعها جنس واحد كانت العبرة بالاشارة وكان المحل هو المشار اليه دون المسمى في الصيغة فكان الاعتماد على التسمية عند اختلاف الجنس لعدم امكان الجمع بين المسمى والمشار اليه واستحالة العمل بالوصف والاشارة جميعا اذ لا يمكن ان يقال ان المسمى في العقد هو المشار اليه لاختلافهما جنسا ، اما اذا اتحدا جنسا فانه يمكن الجمع بينهما حينئذ بأن يجعل المسمى هو المشار اليه وان ما جاء في الصيغة من اوصاف غير متحققه فيه قد ذكر على سبيل الترغيب فقط فاذا فاتت هذه الاوصاف ترتب على فواتها حق طلب فسخ العقد لفوات الوصف . والمراد بالمتحدين جنسا ما تقاربا في المنافع والقيمة اما ما تباعدت منافعهما فهما جنسان وان اتحدا نوعا فالعبد والامة جنسان لتباعد الانتفاع بهما اذ العبد يطلب للخدمة الخارجية والامة تطلب للخدمة المنزلية والاستمتاع وكذلك اذا تقاربا في المنافع ولكن تفاوتت قيمتهما تفاوتا فاحشا فانهما يعتبران كذلك جنسين كالدارين اذا اختلفا بناء ووصفا لاختلافهما في القيمة اختلافا بينا . اما الذكر والانثى من الحيوان فجنسهما واحد لتقاربهما منفعة وقيمة وبناء على ذلك اذا قال انسان لاخر : زوجتك موكلتي فاطمة هذه واشار الى موكلته وكانت تسمى باسم اخر وقبل الثاني الزواج صح العقد على المشار اليها لانها والمسماة في العقد من جنس واحد (الاشباه والنظائر وحاشية الحموي صفحة 200 من الفن الثالث) .
فاذا وقع الغلط في جنس الشيء بأن اعتقد احد العاقدين ان المعقود عليه من جنس معين فاذا به من جنس اخر فان هذا الغلط يمنع من انعقاد العقد مثل ان يبيع ياقوتا فاذا هو زجاج .
وكذا اذا اتحد الجنس ولكن تفاحش التفاوت بين حقيقة المعقود عليه وما اراده العاقد كأن باع دارا من اجر فاذا هي من لبن ، فهنا تفاحش التفاوت فيكون في حكم اختلاف الجنس او هما جنسان مختلفان في المعنى ، فالتحقا بمختلفي الجنس في الحقيقة وهذا ايضا يمنع انعقاد العقد (وذهب فريق في الصورتين الى القول بفساد العقد وهو اختيار الكرخي) .
والقائلون بالبطلان يعتبرون البيع وقع على المعدوم وبيع المعدوم باطل . والقائلون بالفساد يعللون قولهم بأن الغلط يأتي من تسمية جنس والاشارة الى غيره ومن باع شيئا سماه واشار الى غيره ، يصير كأنه باع شيئا بشرط ان يسلم غيره وذلك فاسد .
(السرخسي ، المبسوط 13 : 12 - 13 . والكاساني 5 : 139 - 140 . والزيلعي 4 : 53 وابن الهمام ، فتح القدير ، 5 : 206 والخانية 2 : 134 وكذلك المادة 301 من مرشد الحيران و 208 من المجلة وشرحها لعلي حيدر وهي تقابل م 117 - 1 من القانون العراقي والمادة 122 سوري ومشروع اردني) .
في هذه المادة يعالج المشروع حالة الغلط لا في المحل وانما في صفة مرغوبة في المحل وكذا في شخص المتعاقد الاخر او في صفة مرغوبة فيه ويجعل الجزاء هو عدم اللزوم بحيث يكون للعاقد الذي وقع في الغلط الحق في فسخ العقد .
فاذا اتحد الجنس مع تفاوت المنفعة تفاوتا غير فاحش ففي هذه الحالة يفوت وصف مرغوب فيه فينعقد العقد صحيحا نافذا ولكنه غير لازم حيث يثبت فيه خيار الوصف كما اذا باع ياقوتا احمر فاذا هو اصفر (الكاساني 5 : 140) والهندية 3 : 140 – 141) . وابن الهمام ، فتح القدير 5 : 201) ويلاحظ ان فوات الوصف المرغوب فيه في الفقه الاسلامي تستغرقه الصفة الجوهرية في القانون المدني المصري (م 120 و 121) دون ان تقف عنده فكل وصف مرغوب فيه يمكن ان يندرج تحت الصفة الجوهرية ولكن الصفة الجوهرية تتسع لاكثر من الوصف المرغوب فيه وتمتد في بعض تطبيقاتها الى الغلط في جنس الشيء او في المنفعة التي تتفاوت تفاوتا فاحشا .
واذا حصل الغلط في الشخص حيث تكون شخصيته محل اعتبار فانه يترتب عليه اثر اذ يكون للطرف الاخر الذي وقع في الغلط حق فسخ العقد ومن امثلة هذه العقود والتصرفات الوصية والاخذ بالشفعة والوكالة واجارة الظئر .
ففي الشفعة اذا تنازل عن طلب الشفعة لما عرف ان المشتري فلان ثم تبين له ان المشتري شخص آخر كان تنازله عن الشفعة ، وهو تصرف قانوني مشوبا بالغلط في ذاتية الشخص فيبقى حق الشفعة للشفيع (م 145 من مرشد الحيران والسرخسي ، المبسوط 14 : 101) ، وابن نجيم ، البحر 8: 114 والدسوقي علي الدردير 3 : 487 . والخرشي 6 : 173) .
وفي الوكالة اذا وقع غلط لا في ذاتية الشخص بل في صفته فأن الغلط يكون قد وقع في صفة مرغوبة وهي اهليته لتحمل حقوق العقد وكان للغير الذي تعامل مع الوكيل ووقع في هذا الغلط الخيار ان شاء فسخ العقد وان شاء امضاه وهذا على قول ابي يوسف (الكاساني 6 : 34) وعن ابي يوسف انه ان كان عالما فلا خيار له فاما ان كان جاهلا فله الخيار ان شاء فسخ العقد وان شاء امضاه .. وجه ظاهر الرواية ان الجهل بالحجر (أي يكون الوكيل صبيا محجورا) ليس بعذر لانه يمكنه الوصول اليه . فالجهل تقصير من جهته فلا يعذر ويعتبر عالما ولو علم بالحجر حقيقة لما ثبت له الخيار ، كذا هذا (تكملة فتح القدير 6 : 15 – 16) .
وفي اجارة الظئر ان فات وصف مرغوب في الظئر وصلح هذا عذرا يثبت لمستأجر الظئر خيار الفسخ . ومن الاوصاف المرغوب فيها عند الظئر ان يكون لبنها صالحا لتغذية الطفل والا تكون حمقاء سيئة الخلق والا تكون سارقة يخشى منها على المتاع والا تكون فاجرة بينا فجورها .
(السرخسي ، المبسوط 15 : 119 و 121 و 122 والزيلعي 5 : 128 وابن نجيم البحر 8 : 22 – 23) .
فالغلط في الشخص او في صفة مرغوبة فيه حيث يكون ذلك محل اعتبار يثبت خيار الفسخ شأنه في ذلك شأن الغلط في الشيء ويقول الفقهاء تارة ان الفسخ لفوات وصف مرغوب فيه ، وطورا ان الفسخ للعذر ، على ان الواضح في جميع هذه الاحوال ان الفسخ يقوم في اساسه على وقوع غلط في الشخص .
والتسمية في المرابحة والتولية وصف مرغوب فيه كوصف السلامة فيتخير بفواته اذ ان انعدام الخيانة وصف مرغوب فيه (فتح القدير 5 : 256) .
وفي هذا النوع من الغلط اختلف الرأي :
فالحنفية وكثير من غيرهم فرقوا بين الرضا بانشاء العقد وبين الرضا بأوصاف المحل فالاول يترتب على فواته فساد العقد كما في عقد المكره والهازل ، والثاني لا يترتب على فواته يترتب بفوات هذه الاوصاف - عدم الرضا بانشاء العقد فان من يشتري لحما على انه من خروف راض بانشاء العقد وطالب لآثاره وكل ما هناك انه عندما يظهر ان ما ورد عليه العقد لحم شاة يتبين ان العقد الذي انشأه العاقدان انما انشآه في محل غير مرغوب فيه فيجعل العقد صحيحا في ذاته لتحقق الرضا بانشائه ويجعل لمن اصابه الضرر بفوات الوصف حق طلب فسخه بخيار فوات الوصف.
وانما يكون هذا الحق عند الحنفية اذا كان العقد مما يقبل الفسخ كعقود المعاوضات المالية وما الحق بها ، اما ما يصح مع الاكراه فان العقد فيه يلزم ولا يظهر لفوات الوصف اثر الا في المهر اذا ما كان الوصف شرطا في العقد كأن يتزوج انسان امرأة على انها بكر فيظهر انها ثيب ففي مثل هذه الاحوال اذا كان شرط الوصف من قبل الزوج كما في هذا المثال وكان المهر المسمى اكثر من مهر المثل لم يلزم الزوج حينئذ الا بمهر المثل فقط دون ما زاد عليه . وان كان الشرط من قبل الزوجة وكان المسمى اقل من مهر المثل ففات الوصف الزم الزوج بمهر المثل وذلك كأن تتزوجه على ان يكون عالما فيظهر انه جاهل .
فالحنفية يذهبون الى انه ان حدث الغلط في اوصاف المحل فان كان في عقد يقبل الفسخ كان العقد صحيحا غير لازم بالنسبة الى من وقع الغلط في ناحيته كأن يشتري هذه البقرة الحلوب فاذا هي غير حلوب وكأن يشتري هذا الاناء المصنوع في بلد كذا فاذا هو مصنوع في بلد آخر فيكون للمشتري الخيار ان شاء انفذ العقد وامضاه وان شاء فسخه ، وان كان في عقد لا يقبل الفسخ كالزواج لم يكن لمن حصل الغلط في ناحيته حق الفسخ عند الحنفية كأن يتزوج هذه الفتاة البكر فاذا هي ثيب . وذهب احمد الى انه لا فرق بين عقد وآخر في ان فوات الوصف المشترط لا يترتب عليه بطلان العقد ولا فساده ولكن يكون لمن وقع في الغلط الحق في فسخ العقد سواء اكان عقد بيع ام عقد زواج وعلى هذا اذا اشترى شخص هذه البقرة على انها حلوب ، او تزوج انسان هذه المرأة على انها بكر فوجد البقرة غير حلوب والمرأة ثيبا كان العقدان صحيحين عند احمد وكان لكل من المشتري والزوج حق الفسخ .
والقانون يخالف الفقه الاسلامي من ناحيتين :
الاولى : انه يعتد بالخطأ الباطني متى امكن المخطيء ان يقيم الدليل على وجوده وعلى ان من تعاقد معه كان واقعا ايضا في ذلك الخطأ او انه كان على علم به ولم ينبهه اليه او كان يستطيع ان يعلمه ولكنه لم يعن بذلك وتكفي القرائن في اثبات كل ذلك .
اما في الفقه الاسلامي فليس للغلط الباطني اعتبار مهما كانت حاله ومهما امكن اثباته.
الثانية : الخطأ المعتد به في التشريع الوضعي هو الخطأ الجوهري ويكون كذلك اذا كان هو الدافع او الدافع الرئيسي الى التعاقد ولولاه ما اقدم على العقد . والحكم عند توافره هو انه يجعل العقد قابلا للابطال وفي الفقه الاسلامي هو الغلط في امر مرغوب وحكمه ان يكون العقد غير لازم .
وتراجع المواد (301 و 342) من مرشد الحيران و 310 من المجلة وشرحها لعلي حيدر وهي تقابل المواد (117 و 118) عراقي و (122) سوري ومشروع اردني .
الجهل بالقانون يصلح عذرا اذا لم يصحب الجهل تقصير . فمن جهل القانون وكان مقصرا في هذا الجهل حوسب على جهله ولم يعتد بخطئه في القانون . ومن جهل القانون ولم يكن مقصرا في هذا الجهل عذر لجهله واعتد بخطئه راجع ابي نجيم في فتح الغفار 3 : 105 - 106 . والاشباه والنظائر 167- 168 والبغدادي مجمع الضمانات صفحة 454 والكاساني 5 : 151 .
فالاصل ان الجهل بالقانون لا يكون عذرا الا اذا قامت ملابسات خاصة تنفي تهمة التقصير المفروضة في جانب من يجهل القانون واذا كان هناك شيء من التساهل في الحدود فلان الحدود تدرأ بالشبهات .
وفي القانون ، يكون للغلط في القانون اذا توافرت شروطه ، نفس الاثر الذي للغلط في الواقع وقاعدة انه لا يعذر احد بجهله بالقانون مجالها القانون الجنائي اما في القانون المدني فللغلط في القانون حكم الغلط في الواقع من حيث ترتيب البطلان النسبي ما لم يقض القانون بغير ذلك ومن امثلة ما يقضى فيه القانون بغير ذلك الاعتراف القضائي والصلح فالغلط غير موجب للبطلان فيهما . ومن امثلة الغلط في القانون ان يشتري شخص نصف منقول فيطالبه مالك النصف الآخر بالشفعة فيسلم له اعتقادا منه ان الشفعة جائزة في المنقول ثم يتبين له ان لا شفعة في المنقول فتطبيقا لحكم هذه المادة يكون له ان يسترد ما سلمه بالشفعة عند من لا يرى الشفعة في المنقول .
وهي تقابل المادة (122) مصري والمادة (123) سوري ومشروع اردني .
يواجه هذا النص حكم الغلط المادي كالخطأ في الكتابة او في الحساب وهو غلط غير مرغوب فلا يؤثر في العقد وانما يجب تصحيحه ويسري هذا الحكم على العقود بوجه عام وعلى عقد الصلح بوجه خاص .
وهي تقابل المادة (123) مصري و(124) سوري ومشروع اردني و( 120) عراقي .
ابيح لمن وقع في الغلط ان يفسخ العقد لفوات امر مرغوب وهو بذاته مرجع حدوده فمتى كان من المحقق ان العاقد قد اراد ان يبرم عقدا فمن الواجب ان يلتزم بهذا العقد بصرف النظر عن الغلط ما دام ان العاقد الاخر قد اظهر استعداده لتنفيذه وعلى ذلك يظل من يشتري شيئا معتقدا خطأ ان له قيمة اثرية مرتبطا بعد البيع اذا عرض البائع استعداده لان يسلمه نفس الشيء الذي انصرفت نيته الى شرائه ويقارب هذا الوضع ما يتبع في تحويل العقود كما سيأتي بيانه .
وقد اخذ المشروع هذا النص عن التقنين المصري .
وقد بدا النص بصيغة عامة على عدم جواز التمسك بالغلط على وجه يتعارض مع ما يقتضيه حسن النية وهو بهذا يقرر مبدأ عاما ويهييء بهذا نطاقا ارحب لاعمال الاحكام المتعلقة بحسن النية فيتجاوز بذلك حدود الخصوصيات .
وهو حكم يتفق مع ما يأمر به الاسلام من العدل والاحسان وينهى عن البغي وهو بعد مسألة متروكة لتقدير القاضي . وهي تقابل المواد (124) مصري و(125) سوري ومشروع اردني .?
ثانيا : المحل والسبب :
أ . المحل :
نظرة عامة :
1. بعد بيان التراضي شرع في بيان المحل والمقصد .
اما المحل فهو المعقود عليه اي ما يقع عليه التعاقد وما تتعلق به احكامه وآثاره . ويبحث معه الشرط لاتصاله به في الغالب والشرط عند الاصوليين قسمان :
شرط شرعي او حقيقي وهو ما جعله الشارع مكملا لامر شرعي لا يتحقق الا بوجوده ، كالطهارة للصلاة ومرور الحول في الزكاة .
وشرط جعلي وهو ما يضعه الناس في معاملاتهم ويجعلون تحقيق عقودهم موقوفا عليه وهذا ما يسمى بالتعليق على الشرط او يقرنونه بالعقد دون ان يجعلوا تحقق العقد موقوفا على تحققه .
والمقصود هنا هو الشرط الجعلي المقترن به العقد .
واما المقصد فالمراد به المقصود من العقد او السبب في اصطلاح رجال القانون .
لان السبب في اصطلاح رجال الاصول والفقه المسلمين هو ما يرتب الشارع عليه حكما يتحقق بتحققه وينتفي بانتفائه وهو هنا العقد فالعقد سبب لحكمه وما يترتب عليه من آثار . فالمراد بالمقصد مقصود العاقدين من العقد .
2. وقد تناول المشروع المحل في المواد (157) وما بعدها فاشترط وجود المحل (م 157) وبين انه يشترط فيه ان يكون مالا متقوما عينا او منفعة او اي حق مالي آخر او عملا او امتناعا عن عمل (م 158) وانه يشترط فيه الا يكون مستحيلا (م159) وانه يجوز في المعاوضات المالية ان يرد على المعدوم وقت العقد ما لم يكن فيه غرر (م160) وفي المعاوضات المالية يشترط ان يكون معينا تعيينا نافيا للجهالة الفاحشة (م 161) وان يكون قابلا لحكم العقد (م163) .
3. وتناول الشرط الذي يقترن به العقد في (المادة 164).
4. ثم تناول المقصد في المادة (165) فاشترط ان يكون في العقد منفعة مشروعة للعاقدين وان يكون مقصودا شرعا .
5. وفي المادة (166) تناول القبض .
وهي تقابل المواد 124 مصري و 125 سوري ومشروع اردني .
المذكرة الايضاحية :
المعقود عليه هو ما يظهر فيه اثر العقد وحكمه وهو المال المبيع في عقد البيع والمنفعة في عقد الاجارة وعمل المزارع في الارض في عقد المزارعة والعين المرهونة في عقد الرهن وهكذا فاذا تبين ان المحل كان موجودا ثم هلك قبل العقد كان باطلا لانعدام المحل . وستأتي فيما يلي الشروط التي يجب توافرها في المحل .
وقد اعتمد في هذه المادة على المادتين (267و 302) من مرشد الحيران وهي تقابل المادة (126) من القانون العراقي.
1. يشترط في التصرفات التي ترد على المال ان يكون المحل مالا متقوما فلا يجوز التعامل في غير المال ولا في المال غير المتقوم ومثال الاول الحر والميتة حتف انفها ومثال الثاني الخمر والخنزير في حق المسلم .
2. ويجوز ان يكون هذا المال عينا او منفعة او حقا ماليا اخر كما يصح ان يكون عملا او امتناعا عن عمل.
وتراجع المذكرة الايضاحية للمواد (53 و54 و 55 ) من هذا المشروع والمواد (263 و266 و302) من مرشد الحيران وهي تقابل المادة (126) عراقي .
1. اذا كان المحل مستحيلا في ذاته اي مستحيلا استحالة مطلقة وقت العقد فالمحل غير موجود في الواقع ولا يكون للعقد نصيب من الوجود اما اذا كان ممكنا وقت العقد وصار مستحيلا بعد ذلك فان العقد ينعقد ثم ينفسخ اي يكون المجال مجال الفسخ لا البطلان فتطبق قواعد الفسخ لا البطلان .
2. هذا اذا كانت الاستحالة مطلقة اما اذا كانت الاستحالة نسبية اي مقصورة على المتعاقد وحده فلا تكون هذه الاستحالة سببا في عدم انعقاد العقد بل يكون العقد منعقدا لان المحل ممكن في ذاته . وينص القانون العراقي في هذه الحالة (م127 -2) على ان المدين يلزم بالتعويض في هذه الحالة لعدم وفائه بتعهده وكذا القانون المصري في المادة (215) منه والسوري والمشروع الاردني المادة (216).
( تراجع مجموعة الاعمال التحضيرية للقانون المدني المصري ، ج2 ، ص 212- 214) اما في الفقه الحنفي فان العقد يكون موقوفا نفاذه .
قال صاحب البدائع (5: 147- 148) ومنها ( من شرائط الانعقاد ) ان يكون ( اي المبيع ) مقدور التسليم عند العقد فان كان معجوز التسليم عنده لا ينعقد وان كان مملوكا له كالبيع الابق في جواب ظاهر الروايات حتى لو ظهر يحتاج الى تجديد الايجاب والقبول .... بخلاف بيع المغصوب من غير الغاصب : انه ينعقد موقوفا على التسليم حتى لو سلم ينفذ : لان هناك المالك قادر على التسليم بقدرة السلطان والقاضي وجماعة المسلمين الا انه لم ينفذ للحال لقيام يد الغاصب صورة فاذا سلم زال المانع فينفذ بخلاف الابق لانه معجوز التسليم على الاطلاق اذ لا تصل اليه يد احد لما انه لا يعرف مكانه ..... (وانظر السرخسي المبسوط ، 12: 194).
( ويراجع باب المحكوم عليه او المحكوم فيه من كتب الاصول ، ومنها الامدي ،ج1، ص 191 وما بعدها والغزالي المستصفي ، ج1 ص 86 وما بعدها ) . وهي تقابل المادة (132) مصري و( 133) سوري ومشروع اردني و(127) عراقي .
1. نص في المادة 304 من مرشد الحيران انه ( لا يصح ان يكون الشيء المعدوم الذي سيوجد في المستقبل محلا للعقد المتقدم ذكره ( عقد المعاوضات المالية) من الجانبين الا في السلم بشرائطه ) وهذا هو مذهب الحنفية فهم يشترطون في محل العقد ان يكون موجودا فالمعدوم لا يصح ان يكون عندهم محلا للعقد الا على طريق الاستثناء كعقد الاجارة والسلم والاستصناع ولكن يلاحظ ان كثرة العقود المستثناة من هذا الاصل تقوم مانعا من اعتباره اصلا او شرطا .
وذهب ابن القيم الى ما يتلخص في انه ليس في كتاب الله ولا في سنة رسوله ما يفيد ان العقد على المعدوم غير جائز وما ورد في السنة من النهي عن بيع بعض الاشياء المعدومة كقوله عليه السلام :( لا تبع ما ليس عندك) فليست العلة فيه العدم وانما هو الغرر بسبب عدم القدرة على التسليم كبيع البعير الشارد ، فاذا انتفت العلة لم يوجد الحكم ، الا ترى ان الشارع قد اجاز الاجازة والمساقاة وبيع الثمر قبل بدو صلاحه لعدم الغرر في ذلك ، ولم يجز بيع البعير الشارد وان كان موجودا لوجود الغرر في بيعه ، كما لم يجز اجارة دابة لا يقدر المؤجر على تسليمها وهذا حكم سائر عقود المعاوضات بخلاف الوصية فانها تبرع محض فلا غرر اذا ما تعلقت بموصى به معدوم ( ابن القيم ، اعلام الموقعين ، 1: 357- 361).
2. والمقصود بالغرر عدم القدرة على التسليم كما يتبين من عبارة ابن القيم المتقدمة او الذي لا يدري هل يحصل ام لا ( الفروق ، 3: 265- 266).
3. وقد نص في المادة ( 129-1) عراقي انه ( يجوز ان يكون محل الالتزام معدوما وقت التعاقد اذا كان ممكن الحصول في المستقبل وعين تعيينا نافيا للجهالة والغرر ) ولم ير بعد حاجة الى ايراد عبارة ( اذا كان ممكن الحصول في المستقبل وعين تعيينا نافيا للجهالة والغرر بعد اشتراط انتفاء الغرر ولان وجوب بيان المحل بيانا نافيا للجهالة سيرد النص عليه في المادة التالية (161).
4. والفقرة الثانية توافق الفقرة الثانية من المادة 129 عراقي و 131 مصري و132 سوري واردني وقد رؤي الاخذ بها لما في التعامل في تركه انسان على قيد الحياة من غرر ومنافاة للنظام العام ولو كان برضاه .
5. فيجب كقاعدة عامة ان يكون المحل موجودا وقت التعاقد فاذا كان قد وجد ولكنه هلك من قبل ، فلا ينعقد العقد الانعدام المحل . وينطبق نفس الحكم من باب اولى اذا كان المحل لم يوجد اصلا ، ولا يمكن وجوده في المستقبل .
6. فاذا كان المحل غير موجود اصلا وقت التعاقد به ولكنه سيوجد فيما بعد فهذا هو الشيء المستقبل وقد قصد بالفقرة الاولى ازالة كل شك يكتسب حكم الاشياء المستقبلة فقرر صلاحيتها لان تكون محلا ما لم يكن هناك غرر .
7. ويرد على قاعدة جواز التعامل في الاشياء المستقبلة استثناء يتعلق بالتركات المستقبلة ، اذ حظر التعامل فيها بضروب التصرفات عموما كالبيع والمقايضة والشركة والصلح والتنازل وما الى ذلك برضا صاحبها لعدم مشروعية المحل باعتبار ان المضاربة على الموت تتعارض مع الاداب . ويستثنى من ذلك بعض التصرفات كالوصية والوقف .
8. ويلاحظ ان اشتراط انتفاء الغرر انما هو مقصور على المعاوضات المالية اما التبرعات فلا يشترط فيها انتفاء الغرر ، اذ الغرر لا يؤثر فيها لانه لا ضرر على من يتلقى التبرع من الغرر مهما كثر لانه لم يبذل شيئا يخشى ضياعه من جراء الغرر .
( يراجع نصوص اقوال الفقهاء في هذا الصدد في : السنهوري ، مصادر الحق ، ج3 ص13 - 58).
1. اتفق الفقهاء على وجوب ان يكون المحل معلوما للعاقدين علما يمنع من الخداع والغرر ولا يفضي الى المنازعة اذا كان العقد من عقود المعاوضات المالية .
فاذا كان المعقود عليه في هذه العقود مجهولا جهالة يتعذر معها تعيينه او تقديره او كان مترددا بين حالين محتملين يوجد في احداهما ولا يوجد في الاخرى لم يصح العقد . وعلى هذا لا يصح بيع شاة من هذا القطيع ولا استئجار منزل ليسكن فيه دون ان يبين لذلك وقتا ، لان ذلك يؤدي الى النزاع في تعيين المبيع او النزاع في مدة الانتفاع بالمنزل . كذلك لا يصح بيع بعير ضال في الصحراء اذا كان غير معلوم المكان او غير مقدور التسليم لان ذلك يؤدي الى الغرر عند عدم العثور عليه .
2. والجهالة المانعة من صحة العقود هي الجهالة الفاحشة وهي الناشئة عن تجهيل جنس المحل كان يبيعه دابة من الدواب . دون ان يبين جنسها او يبيعه جميع ماله في هذه الدار من الدواب والثياب والاثاث والمشتري لا يعلم ما فيها وكذا الناشئة عن التفاوت الفاحش بين قيم مايتناوله المبيع المجهول من الافراد كان يبيعه دارا من دوره التي له في مدينة كذا بالف دينار لان هذا النوع من الجهالة هو الذي يؤدي الى الغرر والنزاع .
واما الجهالة اليسيرة وهي التي لا يكون معها تفاوت فاحش في القيم ويكون الجنس معها معلوما فلا تمنع صلاحية المحل للعقد لتساهل الناس في امرها ، بحيث اصبحت لا تؤدي الى نزاع كان يبيعه ، في هذا الصندوق من الثياب او ما في هذا المخزن من القمح او ان يبيعه مائة برتقالة من هذا النوع .
والمدار على العرف وعلى ان الجهالة لا تؤدي الى نزاع فان كان الامر كذلك لم تمنع صحة العقد والا منعت.
3. واما عقود التبرعات فقد اغتفر فيها من انواع الجهالة ما لم يغتفر في عقود المعاوضات لامتناع المنازعة في التبرعات . ولذا تصح وصية انسان بجزء من ماله من غير بيان مقدار ذلك الجزء ويكون البيان الى الورثة .
( يراجع الكاساني ، البدائع ، 5: 156 وما بعدها ، والزيلعي ، 4: 5-6 والحطاب ، 4: 296 - 301 والشيرازي ، المهذب ، 1: 263 -266 والشرح الكبير ، 4: 29 - 39 ) . والمواد من 200- 204 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والمادة (303) من مرشد الحيران .
وهي تقابل المواد 128 عراقي و133 مصري و134 سوري ومشروع اردني .
?اذا كان محل التصرف او مقابله مبلغا من النقود فكثرة تقلبات سعر القطع تجعل لتعيين السعر الذي يجب الوفاء على اساسه اهمية خاصة عند اختلاف هذا السعر في وقت الوفاء عنه في وقت نشوء التصرف .
والمسألة اقتصادية متغيرة رؤي ترك احكامها لقانون خاص والاكتفاء بالنص المذكور .
( تراجع مجموعة الاعمال التحضيرية للقانون المدني المصري ، ج2ص 218 - 221). ويراجع ايضا المادتان (241و 242). من المجلة وشرحمها لعلي حيدر وهي تقابل المواد 134 مصري و 135 سوري ومشروع اردني .
?1. يشترط في المعقود عليه ان يكون قابلا لحكم العقد فان لم يقبل حكمه لم يصلح ان يكون محلا له وكان العقد باطلا . وقد يكون مرجع عدم قبول المحل لحكم العقد ما ورد عن الشارع من نهي في ذلك لحكمة راعاها كالمحافظة على الاداب العامة ، او على الاخلاق والحرمات ، او على اموال الناس وعدم اكلها بالباطل او على الصلات الاجتماعية ، كما في بيع الميتة حتف انفها وكما في بيع الخمر والخنزير لمسلم ، وكما في استئجار المسلم اخر لحمل خمر اليه ليشربها وكما في تزوج رجل بأصله او فرعه .
وقد يكون مرجع ذلك الى ان حكم العقد يتنافى مع ما خصص له ذلك المحل من اغراض عامة وذلك كالمساجد والانهار والقناطر مما خصص للمنافع العامة فعقود التمليك اذا وردت على هذه المحال وهي مخصصة لهذه الاغراض لا تنعقد ، لعدم قبولها لحكمها ، اذ لا تقبل ان تملك لاحد المنافاة ذلك لما خصصت له من اغراض عامة .
قد يكون المرجع الى علاقة المتعاقدين به وان كلا منهما لا يملك فيه ما يملكه للآخر ، وليس اولى به منه وذلك كما في التعاقد على تمليك الاشياء المباحة كأن يبيع انسان آخر ما لا يملك من الطير في الهواء فمثل هذا التعاقد لا يتم لانه ورد على محل غير قابل لحكمه ، اذ حكمه نقل الملكية ، ولا ملكية لاحد في هذه الاشياء حتى يلتزم بنقلها الى غيره ( تراجع مما تقدم (م 158 ) ).
2. والفقرتان الثانية والثالثة تطبيق للفقرة الاولى . فلا يجوز ان يكون المحل متعارضا مع تحريم الشارع او مخالفا للنظام العام او للاداب .
3. وفكرة النظام العام والاداب فكرة مرنة جدا . وقد رئي ان يفرد لها مكان في نصوص المشروع لتظل منفذا رئيسيا تجد منه التيارات الاجتماعية والاخلاقية سبيلها الى النظام القانوني لتبث فيه ما يعوزه من عناصر الجدة والحياة بيد انه يخلق بالقاضي ان يتحرز من احلال ارائه الخاصة في العدل الاجتماعي محل ذلك التيار الجامع للنظام العام او الاداب . فالواجب يقتضيه ان يطبق مذهبا عاما تدين به الجماعة باسرها لا مذهبا فرديا خاصا . ويراجع المادتان (267و 203) من مرشد الحيران وهي تقابل المادتين (126و 130) عراقي والمادة (136) سوري ومشروع اردني .
اختلف الفقهاء في الشرط :
فمذهب اهل الظاهر هو ان الشرط اما صحيح واما باطل فالشرط الصحيح ما ورد به النص او حصل الاجماع على جوازه كاشتراط الرهن في البيع الى اجل مسمى ، والشرط الباطل هو ما لم يرد به نص ولا حصل عليه اجماع وهو مبطل للعقد ان اقترن به ، فان لم يقترن ، فلا اثر له فيه ( ابن حزم ، المحلي 8: البند 1445 ، ص 412 وما بعدها ).
ومذهب الحنفية فيه تفصيل :
1. فان شرط المتعاقدان شرطا يقتضيه العقد كان اشترى بشرط ان يسلم البائع المبيع فالعقد جائز .
2. وان شرطا شرطا لا يقتضيه العقد ولكن ورد الشرع بجوازه كالاجل والخيار ، رخصة وتيسيرا ، فانه لا يفسد العقد استحسانا لانه لما ورد الشرع به دل على انه من باب المصلحة دون المفسدة والقياس وان يفسد لكونه شرطا مخالفا لموجب العقد وقد اخذ الحنفية بالاستحسان .
3. وان شرطا شرطا لا يقتضيه العقد ولم يرد به الشرع ايضا لكنه يلائم العقد ويوافقه نحو ان يشتري شيئا بشرط ان يعطى للبائع كفيلا بالثمن فان لم يكن الكفيل معلوما كان البيع فاسدا لان هذه جهالة تفضي الى منازعة مانعة من التسليم والتسلم وان كان معلوما فالقياس ان لا يجوز البيع وبه اخذ زفر ، والاستحسان يجوز وهو قول علماء الحنفية وهو الصحيح لان الكفالة ( وكذا الرهن ) شرعت توثيقا للدين فيكون الشرط بمنزلة اشتراط الجودة في الثمن فيكون شرطا مقررا لما يقتضيه العقد معنى .
4. وان شرطا شرطا لا يقتضيه العقد ولا يلائمه ولاحدهما فيه منفعة الا انه متعارف جاز استحسانا والقياس ان لا يجوز وهو قول زفر ولكن ابا حنيفة وابا يوسف ومحمدا اخذوا بالاستحسان لتعارف الناس كما في الاستصناع .
5. ولو شرطا شرطا لا يقتضيه العقد ولا يلائمه ولا يتعارفه الناس وفيه منفعة لاحد العاقدين كان اشترى حنطة على ان يطحنها البائع فالبيع فاسد .
وهذا كله مذهب الحنفية :
وقال ابن ابي ليلى : العقد جائز والشرط باطل .
وقال ابن شبرمة العقد جائز والشرط جائز.
وصحح السمرقندي قول الحنفية لان اشتراط المنفعة الزائدة في عقد المعارضة لاحد العاقدين من باب الربا او شبهة الربا وانها ملحقة بحقيقة الربا في باب البيع احتياطا .
وهذا في عقود المعاوضات المالية اما في المعاوضات غير المالية كالنكاح والخلع وفي التبرعات كالهبة فان الشرط يفسد ويظل العقد صحيحا لان الربا لا يتصور في هذه العقود .
6. ولو شرطا شرطا فيه ضرر لاحد العاقدين بان باع ثوبا بشرط ان لا يبيعه ولا يهبه ، ذكر في المزارعة الكبيرة ما يدل على ان العقد بهذا الشرط لا يفسد والشرط باطل لانه ليس لاحد المتعاملين فيه منفعة وروي عن ابي يوسف ان العقد بمثل هذا الشرط فاسد . والصحيح هو الاول ( السمرقندي ، التحفة ، 2 : 69 وما بعدها ، والكاساني ، 5: 168 وما بعدها ).
ومذهب المالكية فيه تفصيل ايضا ذلك ان الشروط عندهم ثلاثة اقسام :
1. الشرط الذي يناقض المقصود من العقد وهو فاسد مفسد للعقد ومثاله ان يبيع على ان لا يبيع المشتري المبيع عموما الا من نفر قليل او لا يهب او لا يخرج من البلد .
2. الشرط الذي يقتضيه العقد وهو صحيح كشرط تسليم المبيع .
3. شرط لا يقتضيه العقد ولا ينافيه وهو من مصلحته وهو جائز لازم بالشرط ساقط بدونه مثل ان يبيعه السلعة على رهن او كفيل او الى اجل معلوم وليس في ذلك فساد ولا كراهية لان ذلك كله مما يعود على البيع بمصلحته ولا معارض له من جهة الشرع .
( الخرشي على خليل ، الطبعة الثانية الاميرية ، 5: 8- 82).
ومذهب الشافعية على التفصيل الاتي :
1. ان كان شرطا يقتضيه العقد كالتسليم صح .
2. ان كان شرطا لا يقتضيه العقد ولكن فيه مصلحة كالخيار والاجل لم يبطل لان الشرع ورد به ولان الحاجة تدعو اليه فلا يفسد العقد ويلزم الوفاء بالشرط .
3. ان شرط ما سوى ذلك من الشروط التي تنافي مقتضى العقد بان باع دارا بشرط ان يسكنها مدة بطل العقد لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم انه نهى عن بيع وشرط .
( الشيرازى المهذب ، طبعة الحلبي 1: 268 وما بعدها والنووي ، المجموع 9/ 363 وما بعدها ).
ومذهب الحنابلة ان الشروط تنقسم الى اربعة اقسام :
1. ما هو من مقتضى العقد كاشتراط التسليم في البيع فهذا وجوده كعدمه لا يفيد حكما ولا يؤثر في العقد .
2. ما تتعلق به مصلحة العاقدين كالاجل والخيار فهذا شرط جائز يلزم الوفاء به .
وقالوا : ولا نعلم في صحة هذين القسمين خلافا .
3. ما ليس من مقتضاه ولا من مصلحته ولا ينافي مقتضاه وهو نوعان :
أ. اشتراط منفعة البائع في البيع ( اي العاقد في المعقود عليه ) وهذا قد مضى ذكره .
ب. اشتراط عقد في عقد نحو ان يبيعه شيئا بشرط ان يبيعه شيئا اخر - فهذا شرط فاسد يفسد به البيع .
4. اشترط ما ينافي مقتضى البيع وهو على ضربين :
1. اشتراط ما بني على التغليب مثل ان يشترط البائع على المشتري عتق العبد - فهل يصح على روايتين : احداهما يصح ... وهو مذهب مالك وظاهر مذهب الشافعي .
والثانية الشرط فاسد وهو مذهب ابي حنيفة . اذا حكمنا بفساده فحكمه حكم سائر الشروط الفاسدة وان حكمنا بصحته فاعتقه المشتري فقد وفى بما شرط عليه وان لم يعتقه ففي احد الوجهين يجبر وفي الاخر لا يجبر .
ب. ان يشترط غير العتق مثل ان يشترط ان لا يبيع ولا يهب فهذه وما اشبهها شروط فاسدة وهل يفسد البيع على روايتين . احداهما - وهو المنصوص عن احمد ان البيع صحيح والثانية - ان البيع فاسد وهو مذهب ابي حنيفة والشافعي . وان حكمنا بصحة البيع فللبائع الرجوع بما نقصه الشرط من الثمن .
وان حكمنا بفساد العقد لم يحصل به ملك سواء اتصل به القبض او لم يتصل ولا ينفذ تصرف المشتري فيه ببيع ولا هبة ولا عتق ولا غيره .
( المغني الشرح الكبير 4: 48 وما بعدها و 285 وما بعدها ) وبالمذهب الخنفي اخذ في الفقرة الاولى من هذه المادة 164.
وفي الفقرة الثانية من المادة نص على جواز الشرط الذي فيه نفع لاحد العاقدين او للغير ما لم يمنعه الشارع او يخالف النظام العام او الاداب وفي هذه الحالة اي اذا منعه الشارع او خالف النظام العام او الاداب يلغو الشرط ويصح العقد اخذا براي ابن ابي ليلى وبراي الحنفية في المعاوضات المالية . اما ما ورد في عجز الفقرة الثانية فقد اعتمد فيه على ما ورد في المادتين 2و3 من المجلة وشرحهما لعلي حيدر وهو موافق لما ورد في القانون المدني العراقي مادة 131- 2 ويوافق حكم المادة التالية.
انظر اقوال المذاهب المختلفة في ذلك للسنهوري ، مصادر الحق ج 3ص 112 وما بعدها ، وانظر المادتين 321 و 322 من مرشد الحيران .
تقدم ان المراد بالمقصد هنا ما يعرف في القانون بالسبب وهو الباعث الدافع الى التعاقد . وقد رؤي تفضيل كلمة المقصد ( على السبب ) لان للسبب في اصول الفقه وفي الفقة الاسلامي معنى اخر غير المراد به عند رجال القانون فرفعا للبس رؤي استعمال كلمة ( مقصد ) على ان يكون المراد بها ما يراد بالسبب عند رجال القانون . وبعد بيان ذلك يستوي التعبير بكلمة ( السبب ) او ( المقصد ).
ويتنازع السبب عاملان متعارضان احدهما استقرار التعامل مما يؤدي الى الاعتداد بالتعبير عن الارادة لا بالارادة ذاتها اي بالارادة الظاهرة دون الارادة الباطنة فلا يقام وزن كبير للسبب . وثانيهما العوامل الادبية والخلقية والدينية مما يجعل محلا للاعتداد بالباعث الذي تقاس به شرف النوايا وطهارتها ونجد احد هذين العاملين يتغلب في بعض المذاهب والاخر هو الغالب في المذاهب الاخرى ففي المذهب الحنفي والشافعي تختفي نظرية السبب تحت ستار من صيغة العقد والتعبير عن الارادة ويختلط السبب بالمحل فلا يعتد بالسبب اي الباعث على التعاقد الا حيث يتضمنه التعبير عن الارادة فان لم يتضمنه التعبير عن الارادة لم يعتد به وهو مسلك الفقه الالماني .
وفي المذهب المالكي والحنبلي تظهر العوامل الادبية والخلقية والدينية فيعتد بالباعث ولو لم يتضمنه التعبير عن الارادة اي ولو لم يذكر في العقد ويكون العقد صحيحا او باطلا تبعا لما اذا كان هذا الباعث مشروعا او غير مشروع وهو ما ذهب اليه الفقه اللاتيني .
ففي الفقه الحنفي والشافعي يعتد بالسبب اي الباعث اذا تضمنته صيغة العقد او التعبير عن الارادة فلا تجوز اجازة الاماء للزنا ( الكاساني 4: 19) ولو اشترى قمرية على انها تصوت او طيرا على انه يجىء من مكان بعيد او كبشا على انه نطاح او ديكا على انه مقاتل فالبيع فاسد عند ابي حنيفة رحمه الله وهو احدى الروايتين عن محمد رحمه الله ..... لان هذه صفات يتلهى بها عادة والتلهي محظور ، فكان هذا شرطا محظور فيوجب فساد البيع .... ولو اشترى جارية على انها مغنية على سبيل الرغبة فيها فالبيع فاسد لان التغنية صفة محظور لكونها لهوا فشرطها في البيع يوجب فساده ولو اشترى جارية على انها مغنية على وجه اظهار العيب جاز البيع لان هذا بيع بشرط البراءة عن هذا العيب فصار كما لو باعها بشرط البراءة عن عيب اخر فان وجدها لا تغني لا خيار له لان الغناء في الجواري عيب فصار كما لو اشترى على انه معيب فوجده سليما ( الكاساني 5: 169 وانظر الزيلعي 5: 125 ) وفي الخانية ( رجل استأجر فحلا لينزيه لا يجوز ذلك ولا اجر فيه ، وكذا النائحة والمغنية وان استأجر المسلم ذميا ليبيع له خمرا او ميتا او دما لا يجوز ... ولو استاجر رجلا لينحت له اصناما او ليزخرف له بيتا بالتماثيل فلا اجر له ، كما لو استأجر نائحة او مغنية ( الخانية 2: 322) .
ويلاحظ ان السبب متميز عن المحل فقد يكون المحل مشروعا في ذاته ولكن السبب يكون غير مشروع فاذا كان السبب ظاهرا في صيغة العقد فانه يعتد به ويكون العقد باطلا من ناحية السبب لا المحل ومن امثلة ذلك اجارة الشخص على القيام بعمل واجب عليه لا يجوز ففي جامع الفصولين ( 1 : 248) او الاجارة على عمل يجب عليه لم تجز " وفي القدوري ص 96 " ان استاجرها وهي زوجته او معتدته لترضع ولدها لم يجز لان الارضاع مستحق عليها ديانة ( انظر الزيلعي3 : 62 - 63 والخانية 2 : 322 ) .
اما اذا لم تتضمن صيغة العقد السبب بمعنى الباعث فلا يعتد به ويكون العقد صحيحا مستقلا عن السبب .
ففي الام ( 3: 65) ( اصل ما اذهب اليه ان كل عقد كان صحيحا في الظاهر لم ابطله بتهمة ولا بعادة بين المتبايعين واجزته بصحة الظاهر واكره لهما النية اذا كانت النية لو اظهرت كانت تفسد البيع . كما اكره للرجل ان يشتري السيف على ان يقتل به ولا يحرم على بائعه ان يبيعه ممن يراه انه يقتل به ظلما لانه قد لا يقتل به ولا افسد عليه هذا البيع وكما اكره للرجل ان يبيع العنب ممن يراه انه يعصر خمرا ولا افسد عليه البيع اذا باعه اياه لانه باعه حلالا وقد يمكن الا يجعله خمرا ابدا وفي صاحب السيف الا يقتل به احدا ابدا ).
وفي مختصر البلعاوي ( صفحة 28) من كان له عصير فلا باس عليه بيعه وليس عليه ان يقصد بذلك الى من يأمنه ان يتخذه خمرا دون ان يخاف ذلك عليه لان العصير حلال فبيعه حلال كبيع ما سواه من الاشياء الحلال مما ليس على بائعها الكشف عما يفعله المشتري فيها ( وانظر الكاساني 4: 176و 189و 190 . والخانية 2: 322 وما بعدها والزيلعي ص 124 وما بعدها ).
اما الفقه الحنبلي والفقه المالكي فيعتد بالباعث سواء ذكر في العقد او لم يذكر ما دام انه معلوم من الطرف الاخر فان كان الباعث مشروعا فالعقد صحيح وان كان غير مشروع فلا يصح العقد - قال ابن القيم في اعلام الموقعين 3: 96 - 98 هل الاعتبار بظواهر الالفاظ والعقود وان ظهرت المقاصد والنيات بخلافها ام للقصود والنيات تأثير يوجب الالتفات اليها ومراعاة جانبها وقد تضافرت ادلة الشرع قواعده على ان القصود في العقود معتبرة انها تؤثر في صحة العقد وفساده وفي حله وحرمته بل ابلغ من ذلك وهي انها تؤثر في الفعل الذي ليس بعقد تحليلا وتحريما فيصير حلالا تارة وحراما تارة باختلاف النية والقصد كما يصير صحيحا تارة وفاسدا تارة باختلافها .
وهذا كالذبح فان الحيوان يحل اذا ذبح لاجل الاكل ويحرم اذا ذبح لغير الله .... وكذلك الرجل يشتري الجارية ينوي ان تكون لموكله فتحرم على المشتري وينوي انها له فتحل له وصورة الفعل والعقد واحدة وانما اختلفت النية والقصد .... وكذلك عصر العنب بنية ان يكون بينة ان يكون خمرا معصية ملعون فاعله على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم وعصره بنية ان يكون خلا او دبسا جائز وصورة الفعل واحدة . وكذلك السلاح يبيعه الرجل لمن يعرف انه يقتل به مسلما حرام باطل لما فيه من الاعانة على الاثم والعدوان واذا باعه لمن يعرف انه يجاهد به في سبيل الله فهو طاعة وقربة . وفي الحطاب (4: 267) ( بيع العنب لمن يعصره خمرا وبيع ثياب الحرير ممن يلبسها غير جائز ) وكذا بيع ارض بقصد بناء كنيسة او بيع خشب بقصد صنع صليب او شراء عبد بقصد ان يكون مغنيا لا يجوز ( انظر الحطاب 4: 267 وما بعدها . والمدونة الكبرى 11: 62 وما بعدها وانظر الشعراني ، الميزان الكبرى 2: 74 وما بعدها والقواعد لابن رجب صفحة 321- 322).
ويقترب من المذهب الحنبلي فيما نحن بصدده الزيدية ( انظر المنتزع المختار 3: 19 - 20 ) والجعفرية ( انظر مفتاح الكرامة 4: 37) واهل الظاهر ( المحلي 9: 29-30) وفي الاخير :( ولا يحل بيع شيء ممن يوقن انه يعصى الله به او فيه وهو مفسوخ ابدا ، كبيع كل شيء ينبذ او - يعصر ممن يوقن انه يعمله خمرا وكبيع الدراهم الردئية ممن يوقن انه يدلس بها وكبيع الغلمان ممن يوقن انه يفسق بهم او يخصيهم وكبيع المملوك ممن يوقن انه يسئ ملكيته او كبيع السلاح او الخيل ممن يوقن انه يعدو بها على المسلمين ، او كبيع الحرير ممن يوقن انه يلبسه ...)
وبراي الحنابلة ومن حذا حذوهم اخذ المشروع فاشترط ان يكون للعقد سبب او مقصد وان يكون هذا السبب ( المقصد ) له مشروعا اي يقره الشارع فاذا قصد به منفعة غير مشروعة لم يصح العقد والحنابلة يفرقون بين الفاسد والباطل ويترتب على الاخذ برايهم ان يكون العقد باطلا اذا فقد المقصد المشروع . والمقصود - بالسبب الغاية او الغرض المباشر المقصود في العقد اي الذي دفع المتعاقدين الى عقده .
ويشترط ان يكون السبب ( المقصد ) موجودا ومستمرا حتى يتم تنفيذ العقد فمن استأجر مرضعة لولده فمات الولد او استغني عن الرضاعة ففي هذه الحالة يصبح السبب غير قائم وتكون النتيجة انفساخ العقد وانتهاء لزوال سببه ( الكاساني 4: 222 - 223 . والزيلعي 3: 62- 63 ومجموعة الرسائل والمسائل لابن تيمية 5: 224 وما بعدها ).
ومن تطبيقات ذلك ما ذكره ابن رجب من ان الزوجة اذا وهبت مهرها لزوجها كان لها الرجوع في الهبة اذا طلقها لزوال سببها وهو طلب استدامة الزواج بينهما وقد زال كما نص عليه الامام احمد في بعض ما روي عنه ( ابن رجب ) القواعد صفحة 321- 322) .
كما يشترط ان يكون السبب مشروعا فان لم يكن كذلك لا يصح العقد وان كان المحل مباحا شرعا ، من امثلة ذلك بيع عصير العنب ممن يعلم البائع انه سيتخذه خمرا ، وبيع السلاح لمن يقطع به الطريق او لاهل الفتنة وبيع ادوات القمار ، وتأجير دار لمن يعدها للدعارة فكل هذه العقود غير صحيحة في راي جمع كثير من الفقهاء لعدم شرعية السبب الذي يقصده المشتري ( انظر المحلى 9: 29- 30 والحطاب 4: 263 وما بعدها ).
وفيما يتعلق باثبات السبب فثمة قاعدتان اساسيتان :
اولاهما : افتراض توافر السبب المشروع ولو اغفل ذكره في العقد الى ان يقوم الدليل على خلاف ذلك حملا لحال المتعاملين على الصلاح ويكون عبء اثبات عدم وجود السبب او عدم مشروعيته على عاتق من يدعي ذلك .
وثانيهما : افتراض مطابقة السبب المذكور في العقد للحقيقة الى ان يقام الدليل على صوريته فاذا اقيم هذا الدليل وجب على الطرف الاخر اثبات توافر سبب حقيقي تلحق به صفة المشروعية .
ويلاحظ ان الوارد في الفقرة الثانية هو في الواقع قرينة قانونية يجوز اثبات عكسها وعلى ذلك يجوز اثبات العكس بالبينة سواء اريد اثبات ان السبب غير مشروع او ان السبب لا وجود له . وتراجع المادتان 267و 305 من مرشد الحيران وهي تقابل المواد 132 عراقي و136 و 137 مصري و137 و138 سوري ومشروع اردني .
ثالثا: العقد الصحيح والباطل والفاسد :
نظرة عامة
بعد ان تناول المشروع ركن العقد وشروط الانعقاد وشروط الصحة وشروط النفاذ وشرط اللزوم شرع في بيان اثر توافرها وعدم توافرها .
ويترتب على توافر الركن وشرائط الانعقاد ان يكون العقد منعقدا وعلى تخلفها كلها او بعضها ان يكون العقد باطلا .
ويترتب على توافر شروط الصحة ان يكون العقد صحيحا وعلى تخلفها كلها او بعضها رغم توافر الركن وشروط الانعقاد ان يكون العقد فاسدا .
ويترتب على توافر شروط النفاذ ان يكون العقد نافذا وعلى تخلفها كلها او بعضها – رغم توافر الركن وشروط الانعقاد وشروط الصحة – ان يكون العقد موقوفا .
ويترتب على توافر شرط اللزوم ان يكون العقد لازما وعلى تخلفه رغم توافر الركن وشروط الانعقاد وشروط الصحة وشروط النفاذ – ان يكون العقد غير لازم .
فالعقد اذن في مرحلة الانعقاد :
اما ان يكون باطلا او منعقدا .
والمنعقد اما ان يكون صحيحا او فاسدا .
والصحيح اما ان يكون نافذا او غير نافذ .
والنافذ اما ان يكون لازما او غير لازم .
هذه هي مراتب الانعقاد في الفقه الحنفي وهي اكثر منها في القانون المدني المصري (والسوري والمشروع الاردني) .
فالعقد الباطل في الفقه الحنفي يقابله في القانون المدني المصري العقد الباطل .
والعقد الفاسد في الفقه الحنفي ليس له مقابل في القانون .
والعقد الموقوف في الفقه الحنفي يقابله في القانون العقد القابل للابطال فهو اقرب شبها به وان كان يقصر دونه .
والعقد غير اللازم نظيره في القانون (المدني المصري) العقود غير اللازمة والعقد القابل للابطال .
وقد ارتقت نظرية البطلان في الفقه الاسلامي عنها في القانون من حيث :
هذا التدرج المحكم في مراتب البطلان فمن عقد باطل الى عقد فاسد الى عقد موقوف الى عقد غير لازم .
في حين انه لا يوجد في القانون الا العقد الصحيح والعقد الباطل اما العقد القابل للابطال فهو صحيح حتى يبطل .
في ابتداع فكرة العقد الفاسد وهو ما لا مقابل له في القانون .
في التصوير الفني للعقد الموقوف وهو ارقى في الصياغة الفنية مما يقابله في القانون من العقد القابل للابطال .
في التدرج الدقيق في اثر الخيارات من منع انعقاد العقد في حق الحكم في خيار الشرط الى منع تمامه في خيار الرؤية الى منع لزومه في خيار العيب . وهي في ذلك تلبس كل حالة الثوب الذي يلائمها : فتارة يكون الرجوع في العقد بارادة منفردة ، وطورا يكون بالتراضي او بالتقاضي ، وطورا يجوز الاسقاط مقصودا وطورا لا يجوز ، وتارة ينتقل الخيار بالميراث وطورا لا ينتقل .
كل ذلك على ما سيأتي بيانه (يراجع في بيان ذلك السنهوري مصادر الحق في الفقه ج/3 ص 288 - 318) .
ويتميز الفقه الحنفي عن بعض المذاهب الفقهية الاسلامية الاخرى ببعض هذه المراتب فهو يتميز بمرتبة العقد الفاسد ، ففي المذهب المالكي والشافعي والحنبلي : الفاسد والباطل سواء بخلاف المذهب الحنفي ، فالفساد فيه مرتبة غير مرتبة البطلان ولهذا - التمييز ما بين مرتبة البطلان ومرتبة الفساد مبرره المنطقي والعملي مع ملاحظة انه لا فارق بين فاسد عقد النكاح وباطله من حيث الاثر عند الحنفية .
اما مبرره المنطقي فلان التمييز بين العقد الباطل والعقد الفاسد يقوم على التمييز بين اصل العقد ووصفه ، واصل العقد هو الركن وشرائطه واما اوصاف العقد فيرجع اغلبها الى المحل ، والمنطقي ان يكون الجزاء عند تخلف الاصل اشد من الجزاء عند تخلف الوصف مع وجود الاصل ، وهذا ما ذهب اليه الفقه الحنفي اذ جعل الجزاء في الاول البطلان وفي الثاني الفساد وبذا تكون السلسلة ذات حلقات منطقية ثلاث هي : ما كان غير مشروع لا بأصله ولا بوصفه فهو الباطل وما كان مشروعا بأصله دون وصفه فهو الفاسد وما كان مشروعا بأصله ووصفه فهو الصحيح .
واما مبرره العملي فهو الاقلال من حالات بطلان العقد وفتح الباب لتصحيح العقد ، ذلك ان العقد الفاسد وان كان الواجب رفعه للفساد ولا يسقط حق الفسخ بالاسقاط الا انه قابل للتصحيح وذلك بازالة سبب الفساد ، فاذا كان سبب الفساد الشرط الفاسد فاسقطه من جعل له او الجهالة الفاحشة فأزيلت ، صح العقد ، واذا كان رجال القانون يلجأون الى كل باب يصححون به العقد بقدر الامكان كانتقاص العقد او تحويله فأولى الا نغلق بابا يقوم على قواعد راسخة من المنطق والحاجات العملية من شأنه ان يترك مجالا لتصحيح عقد قام اصله واختل وصفه .
وفي ذلك يقول السنهوري : (ولا شك في ان تفريق الحنفية بين اصل العقد ووصفه والتمييز تبعا لذلك بين العقد الباطل والعقد الفاسد ، صناعة فقهية محكمة قد انفردوا بها) (السنهوري ، مصادر الحق ج/4 صفحة 186 و 298 - 304) .
ويتميز الفقه الحنفي عن الفقه الشافعي وعن القانون بمرتبة العقد الموقوف فالعقد الموقوف في الفقه الشافعي عقد باطل . والعقد الموقوف يقابله في القانون العقد القابل للابطال والفقه الاسلامي في صياغته للعقد الموقوف اكثر احكاما واسد منطقا من القانون (يراجع السنهوري ، مصادر الحق ج/4 صفحة 290 - 294 و 304 - 307) .
المذكرة الايضاحية :
العقد الصحيح ينعقد في الحال سببا لحكمه فترتب عليه اثاره بمجرد انعقاده ، فلا تتأجل ، سواء أكان مطلقا ام مقترنا بشرط وذلك ما لم يكن معلقا بشرط او مضافا الى زمن مستقبل ، وما لم يكن غير نافذ بان كان موقوفا .
انظر المادة 311 من مرشد الحيران والمادة 108 من المجلة وشرحها لعلي حيدر وتقابل المادة 133 عراقي .
يمكن ارجاع العناصر الجوهرية في العقد الى جهات ثلاث :
اولا : صيغة العقد او التعبير عن الارادة ويتم ذلك بايجاب وقبول متطابقين في مجلس العقد وهذا التعبير عن الارادة هو ركن العقد بل هو الركن الوحيد كما يقول صاحب البدائع .
وينطوي هذا الركن على عنصرين :
1. تطابق الايجاب والقبول اي التراضي .
2. اتحاد مجلس العقد .
يضاف الى ذلك القبض في بعض العقود والشكل في بعض .
ثانيا : العاقدان : والتعبير عن الارادة يفترض بطبيعة الحال شخصا يصدر عنه هذا التعبير . ولا يعتد بالتعبير الا اذا صدر عن تمييز اي عن عقل فالطفل غير المميز والمجنون والمعتوه والمريض والسكران الى حد فقد التمييز وغيرهم ممن عدموا التمييز لا يعتد بتعبيرهم واذا صدر من احدهم تعبير عن الارادة فهذا التعبير لا وجود له شرعا مهما يكن له من وجود من حيث الواقع .
والعقد يفترض حتما وجود عاقدين احدهما يصدر منه الايجاب والاخر يصدر منه القبول فالعقد لا يتم بارادة منفردة بل بارادتين متطابقتين .
ومن ثم يمكن ان نستخلص من هذه الجهة الثانية عنصرين اخرين للعقد هما :
1. التفرد . و2. العقل اي التمييز .
ثالثا : المعقود عليه او محل العقد . ويشترط فيه : 1. ان يكون موجودا او ممكنا اي مقدور التسليم . و2. ان يكون معينا او قابلا للتعين .3. ان يكون صالحا للتعامل فيه اي مالا متقوما مملوكا .
فاذا توافرات للعقد هذه العناصر السبعة وهي : 1. مطابقة القبول للايجاب . و2. اتحاد مجلس العقد .3و. تعدد العاقد .و4. العقل او التمييز . و 5. محل مقدور التسليم . و6. محل معين او قابل للتعين . و7. محل صالح للتعامل فيه اي مال متقوم مملوك يضاف اليها ان يقصد بالعقد منفعة مشروعة او (السبب المشروع ) وان يتحقق القبض او الشكل اذا لزم هذا او ذاك للانعقاد فان العقد يكون قد اجتمع له ركنه وشرائطه اما اذا تخلف عنصر منها فان العقد لا ينعقد ويكون باطلا .
والعقد الباطل لا وجود له من حيث الصورة فقط فليس له وجود شرعي ومن ثم فهو عدم والعدم لا ينتج اثرا فالعقد الباطل لا حكم له اصلا لان الحكم للموجود ولا وجود لهذا العقد الا من حيث الصورة ( الكاساني 5: 305) . ففي البيع الباطل لا يملك المبيع ولو بالقبض وفي الاجارة الباطلة لا يجب الاجر كما اذا استأجر احد الشريكين شريكه لحمل طعام مشترك وفي الرهن لا يتعلق به الضمان ولا يملك الحبس للمدين كما لو رهن شيئا باجر نائحة او مغنية ( ابن نجيم الاشباه والنظائر صفحة 185).
ويترتب على ما تقدم ان احد العاقدين لا يملك جبر الاخر على تنفيذه . واذا نفذ العاقد باختياره سواء اعلم بالبطلان ام لم يعلم به كان له ان يسترد ما سلمه تنفيذا للعقد ( انظر الخانية على هامش الهندية 2: 233).
ولكن قد يترتب على العقد الباطل اثر لا كتصرف شرعي ولكن كواقعة مادية .
فاذا قبض المشتري في البيع الباطل المبيع وهلك في يده كان مضمونا عليه في احد الرأيين عند الحنفية ( الكاساني 5: 305 وابن الهمام فتح القدير 5: 187 - 188 وابن عابدين ، رد المحتار 4: 163 وابن نجيم . البحر 6: 72 والزيلعي 4: 44 وكذا في مذهب مالك ( الحطاب 4: 38 والخرشي 5: 85- 93 ) . والزواج الباطل ( وهو والفاسد سيان عند الحنفية ) اذا اقترن بالدخول على الزوجة . تترتب عليه اثار كواقعة مادية كدرء الحد وثبوت النسب ووجوب العدة والمهر ( الكاساني 5: 335).
ولكل ذي مصلحة ان يتمسك بالبطلان فلكل من العاقدين يتمسك به ضد المتعاقد الاخر فلا ينفذه ، وضد الغير كالشفيع . ولغيرهما كذلك فالمرتهن له ان يتمسك ببطلان البيع الصادر من الراهن للعين المرهونة وللمستأجر ان يتمسك ببطلان البيع الصادر من المؤجر للعين المؤجرة . وكذا ورثتهما فاذا مات من صدر منه بيع باطل دخلت العين المبيعة في تركته وجاز لورثته ان يتمسكو ببطلان البيع . بل يجوز للقاضي ان يقضي ببطلان العقد من تلقاء نفسه ولو لم يطلب ذلك احد .
والعقد الباطل لا تلحقه الاجازة لان لاجازة لا ترد على المعدوم وكل ما يمكن عمله هو ان يعاد العقد من جديد والفرق واضح بين اجازة العقد وعمل العقد من جديد .
وقد رؤي النص على عدم سماع دعوى البطلان اذا مضت خمس عشرة سنة على العقد استقرارا للمعاملات وقد رؤي في تحديد هذه المدة اتساقها مع التقادم الطويل المكسب للملكية . واذا كان القانون المدني المصري في المادة 141 ( والسوري والمشروع الاردني في المادة 142) نص على انه ( تسقط دعوى البطلان بمضي خمس عشرة سنة من وقت العقد ) فانه قد رؤي في المشروع ان يكون النص على عدم سماع الدعوى لا على ( سقوط ) دعوى البطلان . عملا بالمادتين 1660 و 1801 من المجلة وشرحها لعلي حيدر. وتراجع ايضا المادة 110 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والمادة 313 من مرشد الحيران .
تناولت هذه المادة مسالة ( انتقاص العقد ) بتعبير رجال القانون وهي تضم صورتين :
اولاهما : صورة ما اذا بطل العقد في شق منه وصح في شق ، فهل يبطل العقد في الشقين ام يصح في الصحيح ويبطل في الباطل .
والاخرى - صورة ما اذا كان العقد موقوفا في شق منه ونافذا في شق منه فهل يقف في الشقين جميعا ام ينفذ في النافذ ويقف في الشق الموقوف على الاجازة فان اجيز نفذ الكل وان لم يجز بطل في الشق الموقوف فقط .
مثال الصورة الاولى ان يبيع شخص بعقد واحد حرا وعبدا او شاة ذكية واخرى ميتة .ومثال الصورة الثانية ان يبيع شخص اخر بعقد واحد عبدا يملكه وعبدا لا يملكه او يبيع احد الشريكين كل الدار المشتركة بينهما دون ان يكون نائبا عن الاخر في بيع نصيبه .
في المذهب الحنفي تفصيل :
ففي الصورة الاولى خلاف بين ابي حنيفة وصاحبيه : فعند ابي حنيفة يبطل العقد فيهما مطلقا وعند الصاحبين : ان بين ثمن كل واحد منهما جاز في الشق الصحيح والا فلا . لابي حنيفة ان الصفقة متحدة فلا يمكن وصفها بالصحة والفساد فتبطل وهذا لان الحر والميتة لا يدخلان في العقد , لعدم شرطه وهو المالية و فيكون قبول العقد في الحر والميتة شرطا لجواز العقد في العبد والذكية فيبطل , وعندهما اذا بين ثمن كل واحد منهما صار صفقتين فيتقدر الفساد بقدر المفسد بخلاف ما اذا لم يسم لكل واحد ثمنا لانه يبقى بيعا بالحصة ابتداء وهو لا يجوز .
وفي الصورة الثانية خلاف بين ابي حنيفة وصاحبيه من ناحية وزفر من ناحية اخرى فعند زفر لا يصح لان محل العقد المجموع , ولا يتصور ذلك لانتقاء المحلية في شق منه , وقد جعل قبول العقد فيه شرطا لصحة العقد في الشق الاخر , فيفسد كما هو الشان في الصورة الاولى وعندهم العقد فيما يخص ملكه نافذ , وفيما يخص ملك الغير موقوف .
والفرق بين الصورتين عند ابي حنيفة مطلقا , وعند صاحبيه اذا لم يفصل الثمن , انه في الصورة الثانية يدخل الشق الذي وقف العقد فيه في العقد ثم ينقض في حقه فينقسم الثمن عليهما حالة البقاء وهو غير مفسد اما في الصورة الاولى فلا يدخل الشق الذي بطل العقد فيه , في العقد اصلا فلو اجيز البيع فيما ضم اليه لكان بيعا بالحصة ابتداء فلا يجوز لجهالة الثمن عند العقد ( الزيعلي 4: 60 - 61 والسرخسي المبسوط 13: 3- 5 وابن نجيم البحر 6: 90 - 91 والهندية 3: 131- 133 ) .
وفي المذاهب الاخرى تفصيل وخلاف مع جواز مبدا الانتقاص .
تراجع في المذهب الملكي : ابن جزى , القوانين الفقهية 260 وفي المذهب الشافعي , الشيرازي , المهذب 1: 269 والغزالي , والوجيز 1: 140 وفي المذهب الحنبلي , المغني 4: 291 - 293 . ومصادر الحق 4: 151 - 157 ) .وقد رؤي الاخذ في المشروع براي الصاحبين سواء في حالة بطلان شق من العقد وتوقف النفاذ في شق منه .
وراي الصاحبين يوافق في الصورة الاولى صورة بطلان العقد في شق منه , راي الامام ابي حنيفة اذا لم يبين العوض لكل شق , ويخالفه اذا بين عوض كل شق حيث يرى الامام ان العقد كله يبطل , ويريان انه يصح في هذا الشق بقسطه من الثمن وفي الصورة الثانية صورة توقف النفاذ في شطر من العقد , يوافق رايهما راي الامام ويخالف راي زفر على ما تقدم .
وفي القانون المدني المصري نص في المادة 143 انه ( اذا كان العقد في شق منه باطلا او قابلا للابطال , فهذا الشق وحده هو الذي يبطل , الا اذا تبين ان العقد ما كان ليتم بغير الشق الذي وقع باطلا او قابلا للابطال فيبطل العقد كله ) ( المادة 144 من القانون المدني السوري ومن المشروع الاردني ) وتطبيقا لذلك : قسمة اعيان بعضها موقوف ووبعضها مملوك تقع باطلة فيما يتعلق بالموقوف وتبقى صحيحة فيما يتعلق بالمملوك , وهذا ما لم يثبت من يطعن في القسمة كلها انها ما كانت لتتم في المملوك دون الموقوف .
فنظرية انتقاص العقد - كما يسميها رجال القانون- معروفة في الفقه الاسلامي ولكن المعيار فيه موضوعي بخلاف المعيار في القانون فهو ذاتي ذلك انه في القانون نبحث في نية المتعاقدين لنعرف هل كانا يريدان ان يتم العقد بغير الشق الذي وقع باطلا او كانا لا يريدان ذلك . ففي الحالة الاولى ينتقص العقد , وفي الحالة الثانية يبطل العقد كله , فالمسالة اذن مردها الى نية العاقدين وهذا معيار ذاتي , اما الفقه الاسلامي فالمعيار فيه موضوعي وهو بيان العوض لكل شطر او عدم بيانه سواء كان شق العقد الذي يراد انتقاصه باطلا او موقوفا على ما تقدم ( وكذا في حالة الفساد على ما نص عليه في العقد الفاسد ) .
وقد نص في القانون المدني العراقي في المادة 139 انه ( اذا كان العقد في شق منه باطلا فهذا الشق وحده هو الذي يبطل , اما الباقي من العقد فيظل صحيحا باعتباره عقدا مستقلا الا اذا تبين ان العقد ما كان ليتم بغير الشق الذي وقع باطلا ) فقصر الحكم على حالة البطلان مخالفا في ذلك حكم القانون المصري الذي شمل حالتي البطلان والقابلية للابطال لانه ليس في القانون العراقي ( العقد القابل للابطال ) .
ووافق القانون المصري وخالف الفقه الحنفي اذ جعل المعيار ذاتيا وهو نية العاقدين .
ج. العقد الفاسد :
نظرة عامة
يعرف الفقه الحنفي الى جوار ركن العقد وشرائط انعقاده ، اوصاف العقد فاذا وجدت هذه الاوصاف - بعد الركن وشرائط الانعقاد - كان العقد صحيحا .
واذا - اختلت هذه الاوصاف كلها او بعضها - رغم توافر الركن وشرائط الانعقاد - فسد العقد ولا يوجد في القانون ما يقابل العقد الفاسد لعدم وجود مبرره .
واسباب الفساد كثيرة منها : الغرر في اوسع معانيه ، والربا وشبهة الربا واقتران العقد بشرط فاسد والضرر في تسليم المعقود عليه ، والاكراه عند الامام وصاحبيه .
وقد عمل الفقهاء على التخفيف من اثار الفساد بصناعة فقهية رائعة وذلك عن طريق :
1. ابتداع فكرة العقد الفاسد ذاتها .
2. جعل العقد الفاسد ينتج اثارا هامة لحماية الغير وحماية العاقد نفسه بل وتصحيح العقد ذاته بازالة المفسد .
3. ظهور تيار يزيد في ابعاد العقد الفاسد عن العقد الباطل وفيما يلي بيان هذه الطرق الثلاث .
1. ابتداع فكرة العقد الفاسد ذاتها : انفرد الفقه الحنفي بفكرة العقد الفاسد ، اذا اراد في الواقع ان يعزل جملة من الاسباب عن ان تكون اسبابا لبطلان العقد فهو بتمييزه بين الاصل والوصف جمع تحت الوصف الغرر والربا والشرط الفاسد وعزلها عن اصل العقد وجعل حكمها غير حكم الاركان والشرائط ، فميز بذلك بين ما عده اصلا في العقد اذ جعل اي خلل فيه يصيب العقد بالبطلان وبين ما عده وصفا فأنزله منزلة اقل شأنا من منزلة الاصل ، بعد ذلك اضعف الاثر الذي يترتب على الغرر والربا والشرط الفاسد تحت ستار العقد الفاسد .
والمذاهب الاخرى لم تتابع الفقه الحنفي في التمييز بين العقد الفاسد والعقد الباطل بل خلطت بين النوعين فأصبح الغرر والربا والشرط كلها اسبابا لبطلان العقد ولا يتميز في البطلان عقد باشره مجنون وعقد اقترن بشرط نافع لاحد العاقدين الا ان المذهب المالكي وان لم يميز بين العقد الفاسد والباطل فانه ميز في البيع بين العقد المحرم والمكروه فالمحرم اذا فات مضى بالقيمة والمكروه اذا فات انقلب صحيحا وربما انقلب صحيحا بالقبض لخفة الكراهة فيه (بداية المجتهد 2 : 161) .
2. العقد الفاسد في المذهب الحنفي لا ينتج في الاصل اثرا وانه مستحق الفسخ وان الملك الذي يفيده البيع الفاسد بالقبض ملك مستحق الفسخ ومضمون بالقيمة لا بالمسمى ولا يفيد الا انطلاق التصرف دون الانتفاع بعين المملوك ، بالرغم من ذلك كله يقوم العقد الفاسد بدور هام في حماية الغير وفي حماية العاقد نفسه .
فهو بعيد عن ان يكون عقدا باطلا لا اثر له والمشتري الذي يشوب سند ملكيته غرر او ربا او شرط فاسد ليس كالمشتري الذي يشوب سند ملكيته عيب في اصل العقد كأن يكون محل العقد غير مال او مالا غير متقوم او ان يكون العاقد فاقد التمييز فهذه الاسباب ترجع الى اصل العقد وهي اخطر بكثير من الاسباب التي ترجع الى وصف العقد من غرر او ربا او شرط فاسد .
فالعقد الفاسد يحمي الغير اذ المشتري بعقد فاسد اذا تصرف في العين المشتراة بعد قبضها كان الغير الذي تصرف له المشتري آمنا ان تسترد العين من يده وفي هذا حماية كبيرة للغير لا سيما عندما لا تكون هناك وسائل للاعلان تنبه الغير الذي يعامل المشتري بعقد فاسد الى فساد عقده على كثرة اسباب الفساد وتنوعها وقد اقتضت الصياغة الفقهية لتحقق هذا الغرض افتراض ملكية تنتقل الى المشتري بعقد فاسد ولكنها ملكية لا تبيح للمشتري ان ينتفع بعين المملوك بل هي ملكية الغرض منها تصحيح التصرف الذي يصدر من المشتري الى الغير فتنتقل الى المشتري من ملكية صحيحة تمنع استرداد العين من تحت يده وذلك بفضل هذه الملكية (الخبيثة) التي انتقلت من البائع الى المشتري بعقد فاسد .
والعقد الفاسد يحمي العاقد نفسه فهو يحمي المشتري اذا زاد المبيع في ذلك بعد قبضه زيادة غير معزولة من المبيع ولكنها متصلة به فيمتنع على البائع حق الفسخ . وكذا اذا غير المشتري من صورة المبيع تغييرا يخرجه عن صورته الاولى ففي هاتين والحالتين تستقر ملكية المشتري وتصبح ملكية باتة غير مهددة بالفسخ ولو انها انتقلت اليه بعقد فاسد . هذا الى انه اذا ازيل منه المفسد انقلب صحيحا وانتج اثره لا كواقعة مادية بل كتصرف شرعي .
وهناك تيار آخر في الفقه الحنفي لا يكتفي بما تقدم بل يرمي الى التأكيد من قوة العقد ويبعد العقد الفاسد عن الباطل ويجعل المشتري بعقد فاسد لا يملك التصرف في العين فحسب بعد قبضها بل يملك العين نفسها بالقبض كما يملك التصرف فيها واذا كان لا يحل له الانتفاع بعين المملوك فسبب ذلك هو ان الانتفاع به اعراض عن الرد وهو واجب شرعا (الزيلعي 4 : 62 وابن نجيم ، البحر 6 : 92 - 93) فهذا التيار الآخر يزيد في ابعاد العقد الفاسد عن العقد الباطل ويقربه من الصحيح من حيث افادة المالك فهو يجعل العقد الفاسد يفيد ملكا كاملا ينتفع به المالك ولكنه يجعل هذا الانتفاع محرما او مكروها ومرجع التحريم او الكراهة في الغالب اسباب دينية : وهو يتخفف من الفساد عن طريق الانتقاص من اثارها وعن طريق التقريب بين العقد الفاسد والعقد الصحيح النافذ فكلاهما نافذ يفيد الملك الكامل وعن طريق جعل العقد الفاسد اقرب الى العقد المكروه منه الى العقد الباطل واعتبار ان اسباب الفساد هي اسباب دينية فتوجب الكراهة ولا توجب البطلان .
(السنهوري ، مصادر الحق 4 : 298 - 304)
المذكرة الايضاحية :
العقد الفاسد مرتبة من مراتب البطلان لا يعرفها الا الفقه الحنفي والزيدي , اما المذاهب الثلاثة الاخرى ( والامامية ) فلا تميز بين العقد الفاسد والعقد الباطل , فكلاهما عقد باطل تدعوه تارة بالباطل وطورا بالفساد .
والفقه الحنفي بين التمييز بين البطلان والفساد على الوجه الاتي :
ان العناصر السبعة يضاف اليها المقصد وهو ما يسمى في القانون ( بالسبب ) والقبض او الشكل التي تقدم ذكرها مطلوبة لانعقاد العقد ولكنها لا تكفي لصحته بل يجب ان تضاف الى هذه العناصر اوصاف معينة وجودها ضرورة لصحة العقد .
اما تطابق الايجاب والقبول واتحاد مجلس العقد وعنصر التعدد فهي عناصر كاملة بذاتها وليست في حاجة الى وصف يكملها .
اما عنصر التمييز الذي يقوم عليه التراضي فيجب ان يكمله وصف لازم لصحة العقد او نفاذه ( على الخلاف ) هو خلو الرضا من الاكراه بقيت العناصر الثلاثة التي ترجع الى محل العقد وهي :
1. ان يكون المحل موجودا مقدور التسليم وهذا العنصر في حاجة كي يكمل الى وصفين .
- فالوجود يجب الا يدخله الغرر والعقد الذي ينطوي على غرر يكون فاسدا .
- والقدرة على التسليم يكملها ان تكون هذه القدرة من غير ضرر فان كان المحل مقدور التسليم ولكن في تسليمه ضرر انعقد العقد فاسدا للضرر الذي يترتب على التسليم .
2. ان يكون المحل معينا او قابلا للتعيين وهذا العنصر ايضا في حاجة الى وصف يكمله هو نفس الوصف الذي يكمل وجود المحل وهو انتفاء الغرر فيجب ان يكون المحل خاليا من الغرر في وجوده وفي تعيينه .
3. ان يكون المحل صالحا للتعامل فيه وهذا العنصر في حاجة الى وصفين يكملانه هما .
- ان يكون المحل خاليا من الشرط الفاسد .
- ان يكون خاليا من الربا .
فالاسباب التي تجعل العقد فاسدا في المذهب الحنفي بالرغم من انعقاده خمسة هي 1. الاكراه ( على راي وقد اخذ المشروع براي زفر انه يوقف نفاذ العقد ) .2. الغرر 3. الضرر الذي يصحب التسليم 4. الشرط الفاسد 5. الربا.
وهذه الاسباب تجعل العقد باطلا في المذاهب الاخرى .
3. والعقد الفاسد وان كان منعقدا الا انه عقد منهي عنه والاصل فيه انه لا ينتج اثرا ومن ثم لا تلحقه الاجازة ويجوز لكل من المتعاقدين ان يتمسك بفسخه بل يجب فسخه .ولا يحتاج الفسخ الى قضاء القاضي . ويكفي ان يقول احد العاقدين فسخت او نقضت او رددت او اية عبارة في هذا المعنى فينفسخ العقد وليس من الضروري ان يكون الفسخ بالقول فاي فعل يدل على نية الفسخ يكفي كما لو استأجر المشتري المبيع من البائع او باع البائع المبيع من مشتري اخر .
وكل ما يشترط لصحة الفسخ عند ابي حنيفة ومحمد ان يكون بمحضر من العاقد الاخر . اما عند ابي يوسف فالفسخ جائز حتى في غيبة العاقد الاخر . والسبب في ان الفسخ يتم دون حاجة الى قضاء به ان العقد الفاسد انما استحق الفسخ حقا لله عز وجل لما في الفسخ من رفع الفساد حق الله تعالى على الخلوص فيظهر في حق الكل , فكان فسخا في حق الناس كافة , فلا تقف صحته على القضاء ولا على الرضا ( الكاساني 300:5 ).وقد رؤي في المشروع الاخذ بالمقصود من راي ابي حنيفة ومحمد وهو اعلام الطرف الاخر بالفسخ كي يكون على بينة من الامر .
واذا مات احد العاقدين , كان لورثته حق الفسخ مكانه لان الثابت للوارث عين ما كان للمورث . وانما هو خلفه قائم مقامه, ويفسخ البائع في مواجهة ورثة المشتري كما يفسخ المشتري في مواجهة ورثة البائع .
هذا قبل التنفيذ اما بعد التنفيذ , كالقبض باذن البائع في البيع الفاسد فيجب التمييز بين حالتين : اما ان يكون الفساد راجعا الى البدل واما ان يكون راجعا الى غير البدل مما هو ليس في صلب العقد كشرط فاسد .
فان كان راجعا الى البدل كالبيع بالخمر والخنزير كان لكل من العاقدين حق الفسخ كما كان ذلك لهما قبل القبض , لان الفساد الراجع الى البلد . بتعبير الكاساني - فساد في صلب العقد , الا ترى انه لا يمكن تصحيحه بخلاف هذا المفسد لما انه لا قوام للعقد الا بالبلدين فكان الفساد قويا فيؤثر في صلب العقد بسلب اللزوم عنه , فيظهر عدم اللزوم في حقهما جميعا ( الكاساني 5: 300 ) .
وان كان راجعا الى شرط فاسد , قد اختلف الراي :
فراي يذهب الى ان كلا من العاقدين يملك حق الفسخ ايضا كما في الحالة الاولى : وراي اخر يذهب الى ان صاحب المنفعة في الشرط وحده هو الذي يملك الفسخ , فان اسقط شرطه زال سبب الفساد وانقلب العقد صحيحا ولا يملك الطرف الاخر حق فسخ العقد .
وقيل القول الاول قول ابي حنيفة وابي يوسف رحمهما الله والقول الثاني قول محمد رحمه اللله ( الكاساني 5: 300 ) .
ويخلص مما تقدم في حق العاقدين في فسخ العقد الفاسد انه اذا كان الفساد في صلب العقد كان لكل من العاقدين فسخه قبل القبض وبعده . اما اذا كان الفساد لشرط فاسد : فقبل القبض يكون لكل من العاقدين فسخه الا اذا زال المفسد بتراضيهما وبعد القبض يستقل بالفسخ من له منفعة في الشرط على قول محمد واما على قول ابي حنيفة وابي يوسف فلكل من العاقدين حق الفسخ الى ان ينزل صاحب الشرط عن شرطه , قال في فتح القدير ( 5: 231 ) ( اذا كان الفساد في صلب العقد .. فيملك كل فسخه , وان كان الفساد بشرط زائد , كالبيع على ان يقرضه ونحوه او الى اجل مجهول , فلكل واحد يملك فسخه قبل القبض , واما بعدالقبض فيستقل من له منفعة الشرط والاجل بالفسخ كالبائع في صورة الاقراض والمشتري في الاجل بحضرة الاخر دون من عليه عند محمد وعندهما لكل منهما حق الفسخ لانه مستحق حقا للشرع فانتفى اللزوم عن العقد ) وانظر ايضا الفتاوي الخانية 2 : 167 ) .وقد رؤي في المشروع الاخذ براي من يجعل الفسخ لكل من العاقدين .
3 . ولا يجوز لاي من العاقدين النزول عن حق الفسخ لان العقد الفاسد لا ترد عليه الاجازة كما تقدم فاذا اسقط عاقد حقه في الفسخ او اجاز العقد صراحة او ضمنا , فانه يستطيع بالرغم من ذلك ان يفسخ العقد , ولا يعتد لا باسقاطه حقه في الفسخ ولا باجازته للعقد . وفي ذلك يقول الكاساني 5 : 301 : ( الفسخ في البيع الفاسد لا يبطل بصريح الابطال والاسقاط , بان يقول ابطلت واسقطت او اوجبت البيع او الزمته , لان وجوب الفسخ ثبت حقا لله تعالى دفعا للفساد لله تعالى خالصا لا يقدر العبد على اسقاطه مقصودا ) .
واذا كان العقد الفاسد يستحق الفسخ فانه يستحقه لغيره لا لعينه حتى لو امكن دفع الفساد بدون فسخ العقد لا يفسخ وينقلب صحيحا , مثل ذلك ان يكون الفساد لجهالة الاصل , فاما ان يعينه العاقدان قبل انفضاض مجلس العقد اي قبل ان يتمكن الفساد واما ان يسقطاه اصلا بعد انفضاض مجلس العقد وتمكن الفساد , فيزول المفسد في الحالتين وبنقلب العقد صحيحا , وكذلك يجوز تصحيح العقود الربوية بازالة الربا عنها . وتصحيح العقود المقترنة بشروط فاسدة باسقاط هذه الشروط , كذلك ببيع ما في تسليمه ضرر اذا نزعه البائع او قطعه وسلمه الى المشتري قبل ان يفسخ المشتري البيع انقلب العقد صحيحا واجبر المشتري على الاخذ لان المانع قد زال , هذا اذا كان التصحيح حكما كما هو الامر في الامثلة السابقة اما اذا كان الفساد راجعا الى البدل نفسه بان كان الثمن مثلا خمرا او خنزيرا فقد تمكن الفساد في صلب العقد ويبقي العقد فاسدا غير قابل للتصحيح ولو باتفاق العاقدين .
4. ولا يترتب على العقد الفاسد اثر الا ما يرتبه القانون , فلا يجبر العاقد على التنفيذ فاذا كان العقد الفاسد بيعا فان المشتري لا يستطيع اجبار البائع على تسليم المبيع ولكن البائع يستطيع باختياره واذنه ان يجعل المشتري يقبض المبيع قبضا صحيحا .
ويجب ان يكون التنفيذ باذن العاقد الاخر , فاذا كان العقد بيعا فلا يصح القبض بغير اذنه , بان ينهي المشتري القبض او بان يقبض المشتري المبيع بغير محضر منه ودون اذنه فان لم ينهه ولا اذن له في القبض صريحا فقبض المشتري المبيع بحضرة البائع فهناك راي يذهب الى ان قبض المشتري المبيع بحضرة البائع دون ان ينهاه عن القبض يكون اذنا دلالة فيعتد بالقبض . والراي المشهور انه لا بد من الاذن الصريح والا كان القبض غير صحيح ( الكاساني 5: 304 - 305 ) .
ولا يشترط اذن البائع اذا قبض المشتري المبيع في مجلس العقد ولم يمنعه البائع من قبضه لان البيع تسليط منه على القبض , فاذا قبضه بحضرته قبل الافتراق ولم ينهه كان بحكم التسليط السابق ( الخانية 2 : 169 . وفتح القدير , 5: 230 والزيلعي 4: 61 والبحر 6: 92 ) .
ولا يترتب على العقد الفاسد اثر قبل القبض فالبيع الفاسد مثلا لا يترتب عليه اثر قبل القبض , فاذا حصل القبض باذن البائع ثبت الملك للمشتري في المبيع في الجملة ولكنه ملك من نوع خاص فهو ليس ملكا مطلقا كالملك الذي يفيده العقد الصحيح بل هو ملك يستحق الفسخ , ومضمون بالقيمة لا بالمسمى , ويفيد انطلاق التصرف دون الانتفاع بعين المملوك اما التصرف الذي فيه انتفاع بعين المملوك , كاكل الطعام ولبس الثوب وركوب الدابة وسكنى الدار والاستمتاع بالجارية , فلا يحل .
وفي بعض نصوص الفقه الحنفي ما يؤكد ان المشتري بعقد فاسد يملك العين بعد القبض كما يملك التصرف فيها وفي بعضها ما يبرر ان المشتري بعد القبض انما يملك التصرف دون العين وان الملك الذي ينتقل اليه بالقبض هو ملك خبيث لا يفيد اطلاق الانتفاع بعين المملوك .
( انظر ابن نجيم , البحر الرائق 6: 92 - 93 ) ( والكاساني 5: 304 ) .
والملك الذي ينتقل الى المشتري بالقبض هو ملك من نوع خاص اذ انه مستحق الفسخ مضمون بالقيمة لا يفيد حل الانتفاع بعين المملوك ولكنه يفيد في امرين :
اولهما : اذا تصرف المشتري في المبيع المقبوض بعقد فاسد ببيع او هبة او صدقة بطل حق الفسخ وانتقل الملك المشتري الثاني او للموهوب او المتصدق عليه ولا يستطيع البائع ان يسترد المبيع من تحت يد احد من هؤلاء كما كان يستطيع استرداده من المشتري ولكنه لا يرجع على المشتري بالثمن بل بالقيمة ( يراجع الكاساني 5: 300 - 302 وابن نجيم , البحر 6: 93 - 95 ) .
وثانيهما : اذا تغير المبيع المقبوض في بيع فاسد بالزيادة او النقص او في الصورة فتارة يمنع الفسخ وتارة لا يمنع على تفصيل ليس هنا محله .
( فتح القدير 5: 231 و 235 - 236 : والزيلعي 4: 62 والبحر 6: 93 و 96 والكاساني 5: 302 - 304 ) وتراجع المادة 109 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والمادة 312 من مرشد الحيران .
رابعا : العقد الموقوف والعقد غير اللازم :
نظرة عامة :
1. كي يتم الربط بين العاقد من جهة وصيغة العقد ومحله من جهة اخرى يجب ان يكون للعاقد ولايتان : احداهما - الولاية على محل العقد الآخر الولاية على نوع التصرف . والاولى تتحقق بان يثبت للعاقد حق الملك في هذا المحل او النيابة عن المالك والا يتعلق بالمحل حق للغير كأن يكون مرهونا او مستأجرا . فغير المالك - اي الفضولي - ليست له الولاية على محل العقد ، ومالك العين المرهونة او المستأجرة ليست له ولاية كاملة على محل العقد لتعلق حق المرتهن او المستأجرة به .
والولاية الثانية - تتحقق باستكمال العاقد القدر الواجب من التمييز لنوع التصرف الذي يباشره ، ذلك ان من التصرفات ما يكفي فيه مجرد التمييز ومنها ما لا يكفي فيه مجرد التمييز بل يجب فيه بلوغ سن الرشد .
فاذا تخلفت احدى الولايتين كان العقد موقوفا اي غير نافذ رغم انه صحيح فالعقد الموقوف عقد انعقد وصح لتوافر ركنه وشروط انعقاده وصحته ولكن تنقصه احدى الولايتين : الولاية على محل العقد او الولاية على نوع التصرف .
2. ويذهب الى القول بالعقد الموقوف ، الحنفية والمالكية ورواية عن احمد ابن حنبل ، وفي المذهب الحنفي رأي يذهب الى ان العقد الموقوف من قسم العقد غير الصحيح ولكن الراجح انه من الصحيح (انظر ابن نجيم ، البحر 6 : 7) .
وينكر العقد الموقوف ويعتبره باطلا المذهب الشافعي والرواية الاخرى في المذهب الحنبلي ففيهما العقد الموقوف والفاسد والباطل سواء ، بناء على ان الملك والاهلية من عناصر الانعقاد لا من عناصر النفاذ . وقد اخذ المشروع برأي الحنفية والمالكية وبالرواية الموافقة لهما عند الحنابلة .
3. ومعنى ان التصرف موقوف انه لا ينتج اثره قبل الاجازة فان اجيز نفذ وان لم يجز بطل . فمعنى وقف العقد الا يترتب على انشائه اي اثر من اثاره على الرغم من انه صحيح ومعنى النفاذ ان يستتبع العقد اثاره .
فالتصرف في فترة وقفه لا يكون له وجود مادي فحسب بل يكون له وجود قانوني لانه انعقد صحيحا ، ولكن هذا الوجود القانوني لا تترتب عليه اثاره فهو من هذه الناحية يقارب العقد الباطل ولكنه يفارقه في ان الاثار موقوفة لا منعدمة وهي على خطر النفاذ او الزوال فان اجيز نفذ وتميز عن التصرف الباطل تمييزا كبيرا اذا اصبح تصرفا نافذ الاثر ، وان تخلفت الاجازة انعدم واختلط بالتصرف الباطل فاصبح باطلا مثله .
4. وحالات العقد الموقوف كثيرة متعددة حتى قيل ان عددها وصل الى ثمان وثلاثين حالة ولكن عند التحقيق يتبين ان كثيرا من هذه الحالات لا يكون الموقوف فيها النفاذ بل الانعقاد او الصحة او اللزوم والمقصود هنا هو الموقوف النفاذ .
(يراجع في ذلك : العقد الموقوف ، مقال منشور في مجلة القانون والاقتصاد ، العدد الاول والثاني من السنة الخامسة والعشرين صفحة 122 - 128 والسنهوري ، مصادر الحق جزء /4 ص/137 - 140) .
5. والعقد الموقوف في الفقه الاسلامي يقابله في القانون العقد القابل للابطال (م 110 - 130) مصري ، فكلاهما يواجه نفس الحالات الولاية على التصرف ، والولاية على المحل اي عقد ناقص الاهلية والتصرف ملك الغير .
والقانون المصري يواجه عيوب الارادة بالعقد القابل للابطال ويواجهها الفقه الاسلامي بالعقد الموقوف او بالعقد غير اللازم .
فعقد ناقص الاهلية وبيع الفضولي او بيع ملك الغير موقوف في الفقه الاسلامي وقابل للابطال في القانون والعقد الموقوف صورة عكسية من العقد القابل للابطال اذ العقد الموقوف باطل حتى ينفذ بالاجازة اما العقد القابل للابطال فهو نافذ حتى يبطل بعدم الاجازة .
وعند المفاضلة يتبين ان الفقه الاسلامي في التجائه لفكرة العقد الموقوف ارقى من القانون المصري اذ في الحالتين : حالة نقص الاهلية وحالة بيع الفضولي ، القول بوقف العقد حتى يجاز اولى من القول بالنفاذ حتى يبطل . وقال السنهوري (مصادر الحق 4 : 306) : ان الاولى بهذا الفقه (الفقه الغربي) ان يستعير من الفقه الاسلامي فكرة العقد الموقوف فيجعل العقد المشوب بالغلط او التدليس او الاكراه موقوفا لا قابلا للابطال .
وهناك سبب آخر لرجحان العقد الموقوف على العقد القابل للابطال بخصوص بيع ملك الغير او تصرف الفضولي اذ الفقه الاسلامي عالج حكمه بفكرة العقد الموقوف سواء بالنسبة للمالك او للفضولي . اما في القانون فانه جعله قابلا للابطال بالنسبة للفضولي واحتاج الى فكرة عدم سريان التصرف بالنسبة للمالك (م 466 - 468) مصري و 434 - 436 سوري و 433 - 435 مشروع اردني ) .
فالفقه الغربي احتاج للفكرتين معا : فكرة القابلية للابطال وفكرة عدم السريان بالنسبة للمالك ، فبيع ملك الغير في القانون قابل للابطال لصالح الفضولي فهو يملك ابطاله واجازته وفي الحالتين لا يسري في حق المالك الحقيقي الا اذا اجازه المالك الحقيقي وفي هذا خروج على الصيغة القانونية نفسها فان المعهود في العقد القابل للابطال ان الذي يبطل ويجيز هو وحده العاقد الذي تقرر البطلان لمصلحته ، وهنا يملك غير العاقد اجازة العقد فيصح في حق المشتري نفسه ، ومن ثم كان حكم بيع ملك الغير ولا يزال مشكلة تحير الباحثين في الفقه الغربي ولو استعار الفقه الغربي من الفقه الاسلامي فكرة العقد الموقوف وواجبه بها بيع ملك الغير لافاد كثيرا في ذلك فيكون العقد موقوفا لا في حق المشترى وحده ولا في حق البائع وحده بل ايضا في حق المالك ولكانت اجازة العقد تقتصر على المالك فلا يملك المشتري اجازته ، وكل هذه احكام اكثر ملائمة لحالة العقد وهي احكام تستمد من نظام العقد الموقوف ولا تستمد من نظام العقد القابل للابطال .
6. وقد عرض المشروع لحالات الوقف ولمن تكون الاجازة وكيفيتها وشروطها واثرها واثر رفضها وقد رؤي عدم مجاراة التقنين المدني العراقي في ايراد بعض التفصيل هنا كحكم هلاك المعقود عليه في حالة بيع المكره ونحوه والفضولي (م 134 - و 135 عراقي) ايثار الترك ذلك لمواضعه من العقود المختلفة .
المذكرة الايضاحية :
1. قال الكاساني ( 5: 148 و 155 ) انه يشترط لنفاذ العقد الملك او الولاية وان لا يكون في المبيع حق لغير البائع وقال في الفتاوى الهندية ( 3 : 3 ) ان شرائط النفاذ نوعان : احداهما الملك او الولاية والثاني ان لا يكون في المبيع حق لغير البائع فان كان لا ينفذ كالمرهون والمستأجر .
2. وباستقراء التصرفات الموقوفة يتبين انها اما تصرفات في مال الغير او تصرفات في مال النفس وفي التصرفات في مال الغير اما ان يكون المتصرف لا يملك ولاية التصرف اصلا واما ان يملكها ولكنه خالف الحدود المرسومة له وهذا الخلاف اما ان يكون من حيث الاشخاص او من حيث الموضوع في التصرفات في مال النفس , اما ان يكون المتصرف ناقص الاهلية او شاب ارادته اكراه على راي زفر واما ان يكون كاملها ولكن تعلق بالمال المتصرف فيه حق الغير .
فبالنسبة لمال الغير :
اما ان المتصرف لا يملك التصرف اصلا واما انه يملكه ولمن خرج عن الحدود المرسومة له .
أ . تصرف من لا يملك التصرف اصلا : لا يملك التصرف اصلا الفضولي والمرتد على خلاف فيه .
1. الفضولي : اذا تصرف الشخص في مال غيره بدون ولاية له يكون العقد غير نافذ وهذا هو الفضولي , فالفضولي هو من يتصرف بدون اذن شرعي في حق غيره ( التنوير 4: 141 , والبحر 6: 160 ) والفرض انه يتصرف في مال غيره لحساب صاحبه لا لحساب نفسه والا كان غاصبا وتصرفاته موقوفة بالشروط الاتية :
- ان يكون ما صدر عن الفضولي تصرفا شرعيا .- الا يجد التصرف نفاذا في حق العاقد نفسه لان الاجازة تلحق الموقوف لا النافذ وعلى هذا يخرج الشراء للغير اذ ينفذ للمشتري ( الفضولي ) بشرط ان يضاف الشراء اليه وان يكون المشتري ( الفضولي ) من اهل لزوم العهدة كما سياتي في موضعه .
- ان يكون التصرف مما يقبل الاجازة فان لم يكن مما يقبل - بان كان باطلا مثلا فانه لا ينعقد موقوفا كأن يهب شخص مال يتيم .
- ان يكون للتصرف مجيز عند التصرف بمعنى ان يوجد من له ولاية التصرف من مالك او ولي او وصي ولو لم يجز بعد بالفعل فان لم يوجد مجيز فان العقد يكون باطلا لا تلحقه اجازة .
ومن صور تصرفات الفضولي :
- بيع مال الغير .
- اجازة الشيْ المملوك للغير .ويلاحظ ان الفضولي في الفقه الاسلامي يختلف عنه في القانون ففي القانون , الفضولي هو من يقوم بحاجة ضرورية عاجلة لرب العمل تفضلا منه فيرجع عليه بما انفق في ذلك , اما الفضولي في الفقه الاسلامي فهو من يتدخل في شئون الغير دون توكيل او نيابة وليس من اللازم ان يقوم بحاجة ضرورية عاجلة .
2 . المرتد : في تصرفاته عند ابي حنيفة موقوفة ولكنها عند الصاحبين صحيحة نافذة كما لو صدرت من المسلم .
ب. مخالفة من يملك التصرف نيابة عن غيره للحدود المرسومة له :
1. من حيث الاشخاص : بيع احد الوكيلين او الوصيين او الناظرين بحضرة الاخر فانه يتوقف على اجازته وان كان بغيبته فباطل وبيع وكيل الوكيل بلا اذن فانه موقوف على اجازة الوكيل الاول .
2. من حيث الموضوع : شراء الوكيل نصف عبد وكل في شرائه كله فانه موقوف فان اشتري الباقي قبل الخصومة نفذ على الموكل .
وبالنسبة لمال النفس :
يكون موقوفا من هذا النوع :
1. تصرف ناقص الاهلية : اذا كان تصرفا دائرا بين النفع والضرر كالبيع والاجارة .
2. تصرف من عيبت ارادته باكراه على قول زفر .
3. التصرف فيا تعلق به حق الغير كبيع المرهون والمستاجر والارض المعطاة مزارعة وبيع المريض لوارثه .
- ويمكن رد حالات العقد الموقوف الى احد سببين ، سبب يتعلق بالاهلية وسبب يتعلق بالمحل.
اما السبب الذي يتعلق بالاهلية فيتمثل في الصبي المميز ويندرج تحته المعتوه المميز والسفيه , وذو الغفلة وكذلك المكره في قول زفر من حيث ان ارادته ناقصة كارادة ناقص الاهلية والفرض انه يتصرف في ماله هو .واما السبب الثاني الذي يتعلق بالمحل فيتمثل في الفضولي ويندرج تحته : البائع اذا باع مرة اخرى من غير مشتريه , والغاصب , والمرتد , والنائب , ووكيل النائب اذا جاوز الحدود المرسومة للنيابة , ومالك العين المرهونة , او العين المؤجرة , او العين المعطاة مزارعة اذا كان البذر من قبل العامل , والمريض مرض الموت اذا باع لوارثه , ووصي الميت اذا باع للوارث والوارث اذا باع لمورثه المريض , الورثة اذا باعوا التركة المستغرقة .
ويلاحظ ان الاكراه يجعل التصرف في الفقه الاسلامي يتدرج في مذاهبه على جميع المراتب من البطلان الى عدم اللزوم : فهو يبطله عند الحنابلة وعند الشافعي ( والباطل والفاسد والموقوف عنده سواء ) .
وهو يفسده عند ابي حنيفة وصاحبيه .
ويقف نفاذه عند زفر .
ويجعله غير لازم عند مالك ( اسوة بالغلط او التدليس والغبن ) وفي راي عند الحنابلة .
وعند الحنيفة يختلف بيع المكره عن البيع الفاسد ويوافق البيع الموقوف فيما يلي :
1. الاجازة ترد على عقد المكره بعد زوال الاكراه قبل القبض وبعده فينقلب صحيحا لان الفساد فيه لحق البائع لا لحق الشرع بخلاف العقد الفاسد لغير الاكراه فلا ترد عليه الاجازة اصلا لان الفساد لحق الشرع .
2. في عقد المكره ليس للعاقد غير المكره الفسخ , اما في العقد الفاسد لغير الاكراه فلكل من العاقدين الفسخ حتى بعد القبض , ولا ينقطع حق الفسخ الا بتصرف المشتري او بتغير المبيع .
3. في عقد المكره اذا تصرف المشتري في المبيع تصرفا قابلا للفسخ كالبيع لم ينقطع حق البائع في الفسخ واذا ما فسخ استرد المبيع من اي يد , مهما تداولته الايدي بخلاف بيع المكره فاذا تصرف المشتري في المبيع انقطع حق البائع في الفسخ .
ويتفق بيع المكره مع البيع الفاسد ويختلف عن البيع الموقوف فيما يلي :
1. في بيع المكره يجوز لكل من البائع والمشتري فسخ البيع قبل القبض .وفي البيع الموقوف لا يملك احد فسخه الا في حالات معينة ولكن يملك من توقف البيع لمصلحته ان يجيزه فينفذ فان لم تلحقه الاجازة بطل دون فسخ .
2. في بيع المكره اذا تصرف المشتري بعد القبض تصرفا غير قابل للفسخ كما لو كان المبيع عبدا فاعتقه فان حق البائع في الفسخ ينقطع ويرجع على المشتري بالمثل او بالقيمة , اما اذا كان الاعتاق قبل القبض لم ينقطع حق البائع في الفسخ فان فسخ سقط البيع والاعتاق وان اجاز بقي البيع وسقط الاعتاق لان استناد الاجازة هنا مقتصر .
وفي البيع الموقوف لمصلحة البائع اذا تصرف المشتري ولو تصرفا غير قابل للفسخ فان حق البائع في عدم اجازة هذا البيع لا ينقطع فاذا لم يجز سقط البيع والاعتاق معا واذا اجاز نفذ البيع والاعتاق معا ورجع على المشتري بالثمن المسمى لا بالقيمة او بالمثل كما كان يرجع في بيع المكره على ما مر .
وقد رؤي الاخذ في المشروع براي زفر في عقد المكره : انه موقوف - للاحكام المتقدمة التي تقربه من العقد الموقوف وتبعده عن العقد الفاسد .
ومن المفيد ان نورد فيما يلي قول السنهوري والاولى الاخذ براي زفر واعتبار بيع المكره موقوفا لا فاسدا ... بل ان الاولى هو الاخذ بمذهب مالك ويقول في مذهب احمد بن حنبل واعتبار بيع المكره بيعا نافذا غير لازم حتى يستوي في الجزاء عيوب الارادة جميعا : الغلط والتدليس والاكراه والاستغلال , فهذه العيوب كلها من طبيعة واحدة فالاولى ان يتوحد فيها الجزاء وان كان الوقف كجزاء لعيوب الارادة افضل من عدم اللزوم ( السنهوري مصادر الحق ج / 4 صفحة 192 - 193 ) .
وقد بين المشروع حالات العقد الموقوف في المادة ( 172 ) ورؤي من باب الاحاطة ان يضاف الى هذه الحالات حالة ما اذا ورد في القانون نص خاص يجعل العقد عموما او عقدا ما موقوف النفاذ في حالة اخرى غير الواردة في المادة ( 172 ) .
وتراجع المواد من ( 111- 113 و 365 و 368 ) من المجلة وشرحها لعلي حيدر والمواد "( 310 و 355 و 428 ) من مرشد الحيران , وهي تقابل المواد ( 97 و115 و 121 و 134 و 135 و 136 و 723 و 725 ) من القانون العراقي .
1. تتناول هذه المادة من يكون له حق اجازة التصرف الموقوف فتنص على انه تكون الاجازة :
أ . للمالك اي في حالة عقد الفضولي .
ب . لمن تعلق له حق بالمتصرف فيه وسياتي بيان ذلك .
ج. للولي او الوصي او ناقص الاهلية نفسه بعد اكتمال اهليته .
د. للمكره بعد زوال الاكراه .
هـ . لمن يجعل له القانون ذلك .
وقد روعي في هذا الترتيب حالات الوقف الواردة في المادة السابقة .
وبناء على ان الاجازة تكون لمن تعلق له حق بالمتصرف فيه , في حالة ما اذا تعلق بالمال المتصرف فيه حق للغير , تكون الاجازة :
للمرتهن في حالة بيع المرهون ، ذلك ان بيع المرهون ينعقد صحيحا موقوفا على اجازة المرتهن , فاذا اجاز نفذ البيع في حق الجميع البائع والمشتري والمرتهن وان لم يجز : فراي يذهب الى ان البيع يسقط حتى لو افتك الراهن الرهن . والراي الاصح هو ان البيع لا يتوقف الا في حق المرتهن فاذا افتك الرهن نفذ البيع في حق البائع والمشتري ( السرخسي , المبسوط , 13 : 11 ) واذا باع الراهن العين المرهونة للمرتهن نفسه ، نفذ البيع بداهة والمرتهن دون حاجة الى اجازة 0 تراجع الهندية 3 : 110- 111 ) .
للمستاجر في بيع الماجور , ذلك لان الشيء المستاجر متعلق به حق المستاجر , كالمرهون تعلق به حق المرتهن . فبيع الشيء المستاجر كبيع المرهون ينعقد صحيحا موقوفا على اجازة المستاجر , فاذا اجاز المستاجر البيع نفذ في حق الجميع وانفسخت الاجارة ووجب المستاجر تسليم العين للمشتري , ولكن له حق حبسها حتى يسترد ما عجله من الاجرة , واذا لم يجز المستاجر البيع فالبيع لا يتوقف الا في حقه فاذا انقضت الاجارة نفذ البيع ووجب تسليم العين الى المشتري , واذا باع المؤجر العين للمستاجر نفسه نفذ البيع في حقهما دون حاجة الى الاجازة كما في بيع المرهون فجملة الاحكام التي في بيع المرهون تسري ايضا في بيع المستاجر والفروق بين البيعين محل خلاف ( يراجع ابن عابدين 4 : 213 . والبحر 6: 149 - 150. والخانية 2: 177 والهندية 3: 110 ) .
للورثة في حالة الوصية فيما زاد على الثلث بالنسبة لغير الوارث وفي الكل بالنسبة للوارث وكذا في حالة بيع المريض مرض الموت اذ بيع المريض مرض الموت حكمه عند الحنابلة حكم الوصية لا ينفذ في المقدار المحابي الا في ثلث التركة ولغير الوارث , اما اذا صدر البيع لوارث مهما كانت قيمة المقدار المحابي , او اصدر لغير الوارث وزادت قيمة المقدار المحابي به على ثلث التركة فالبيع للوارث , وكذلك لغير الوارث فيما زاد على الثلث ينعقد صحيحا موقوفا على اجازة الورثة , فان اجازوه نفذ في حق الجميع ، والا بطل البيع للوارث , وبطل فيما زاد على الثلث لغير الوارث , والاصل في ذلك ان التركة يتعلق بها حق الورثة , ولا من موت المورث فحسب , بل ايضا من بدء مرضه الاخير وهو مرض الموت , ذلك ان المورث اذا تصرف في مرض موته فهو انما يوصي ويكون لتصرفه حكم الوصية , فتكون تصرفات المريض مرض الموت موقوفة على اجازة الورثة الذين تعلق حقهم بالتركة , كما توقف بيع المرهون على اجازة المرتهن , وبيع الماجور على اجازة المستاجر .
والورثة يتعلق حقهم بثلثي التركة اذا كان التصرف لغير وارث , ويتعلق بكل التركة اذا كان التصرف لوارث وفي مصر سوى قانون الوصية بين الوارث وغير الوارث , فلا يتعلق حق الورثة في الحالتين الا بثلثي التركة , ومن ثم جاز التصرف فيما لا يزيد على ثلث التركة للوارث ولو بغير اجازة سائر الورثة .
3. واما عن فسخ التصرف وهل يجوز واذا جاز فلمن ففي الامر تفصيل وخلاف يوجزان فيما يلي :
- فتصرف ناقص الاهلية : وليس قابلا للفسخ لا يجوز فسخه ولا الرجوع فيه لا من المشتري ولا من ناقص الاهلية بل على هذين ان يتربصا اجازة الولي : فان اجاز نفذ وام لم يجز بطل .
- وتصرف الفضولي قابل للفسخ من جهة العاقد الاخر ( المشتري في بيع الفضولي ) ومن جهة الفضولي نفسه , ومن ثم يكون للفضولي فسخ البيع الصادر منه حتى لو اجاز المالك بعد ذلك لا ينفذ لزوال العقد الموقوف وانما كان له الفسخ ليدفع الحقوق عن نفسه فانه بعد الاجازة يصير كالوكيل فترجع حقوق العقد اليه فيطالب بالتسليم ويخاصم بالعيب وفي ذلك ضرر فله دفعة عن نفسه قبل ثبوته , وللمشتري فسخ البيع قبل الاجازة تحرزا من لزوم العقد ( البدائع 5: 151 . وفتح القدير 5: 312 والبحر 6: 148 ) .
وفي مذهب مالك , بيع الفضولي لازم من جهة الفضولي ، ومن جهة المشتري غير لازم من جهة المالك ,اي ليس للفضولي ولا للمشتري الفسخ وللمالك الاجازة او عدم الاجازة .
- وفي بيع المرهون ليس للراهن فسخ البيع الذي صدر منه للمشتري اما المشتري فله خيار الفسخ ان لم يعلم بالاجارة عند ابي يوسف , اما عند ابي حنيفة ومحمد فله خيار الفسخ وان علم بالرهن وهذا هو الصحيح وعليه الفتوى فيكون تاويل هذا الراي الاخير ان المشتري وقد علم بالرهن اشترى على ان يفتك البائع العين المرهونة من مرتهنها ويسلمها اليه فاذا لم يفعل فسخ المشتري البيع ( الهندية 3: 110- 111 ) والحطاب 4: 469 . والخرشي 5: 17 . والمغني 4: 363 ) .
- وفي بيع المستاجر ليس للمؤجر فسخ البيع الذي صدر منه للمشتري اما المشتري فله خيار الفسخ ان لم يعلم بالاجارة عند ابي يوسف , وعند ابي حنيفة ومحمد له خيار الفسخ وان علم بالاجارة وذلك على النحو الذي تقدم في بيع المرهون .
وجملة الاحكام التي في بيع المرهون تسري ايضا في بيع المستاجر والفروق بين البيعين محل خلاف ( يراجع ابن عابدين 4: 213 وايضا الخانية 2: 177 . والهندية 3: 110 ) .
لذلك رؤي ان يكون النص ان لا يكون لاحد حق الفسخ الا من خوله القانون هذا الحق , ومحل ذلك كل العقد , بعدا بالاحكام عن التفصيلات , ( وتراجع المادتان 368 و378 من المجلة وشرحهما لعلي حيدر والمادتان 310 و 428 من مرشد الحيران وهي تقابل المادتين 134 و 135 من القانون العراقي ) .
1. الاجازة قد تكون بالفعل او بالقول : ومثال الاجازة بالفعل ( فسمي بيع الفضولي ) تسليم المالك المبيع للمشتري او اخذه الثمن منه .
والاجازة بالقول تكون لفظ يدل عليها ، كقول المالك في بيع الفضولي : اجزت البيع او رضيت به ، او قبلته او اي لفظ يدل على هذا المعنى .( الخانية 2: 174 وجامع الفصولين 1: 315- 316 ).
2. والاجازة قد تكون صريحة او ضمنية : فالصريحة كما تقدم ان يقول للمالك مثلا في بيع الفضولي : اجزت البيع والضمنية كهبة المالك الثمن للمشتري او التصدق به عليه ( البحر 6: 148).
3. واذا سكت المالك لا يجيز البيع ولا يرده ، فليس هناك وقت معين اذا انقضى يعتبر التصرف بانقضائه مجازا او غير مجاز ، فيبقى التصرف موقوفا حتى يعلن من له الاجازة اجازته او عدم اجازته .
وفي مذهب مالك اذا باع الفضولي بحضرة المالك وسكت هذا اعتبر سكوته اجازة ، وان باع بغير حضرته وبلغه فسكت عاما من وقت علمة اعتبر سكوته اجازة .
وفي المذهب ايضا يطالب المالك المجيز الفضولي بالثمن ما لم يمض عام فان مضى وهو ساكت سقط حقه - هذا ان بيع بحضرته ، وان بيع بغير حضرته ما لم تمض مدة الحيازة عشرة اعوام .
( الدسوقي 12:3 . والصاوي 2: 7. والحطاب 4: 269 - 272 . والخرشي 5: 17- 18 والبهجة في شرح التحفة 2 :68- 75 ).
وقد نص القانون المدني العراقي في المادة 136 /2 - ويجب ان يستعمل خيار الاجازة او النقض خلال ثلاثة اشهر فاذا لم يصدر في هذه المدة ما يدل على الرغبة في نقض العقد اعتبر نافذا 30 - ويبدا سريان المدة اذا كان سبب التوقف نقص الاهلية من الوقت الذي يزول فيه هذا السبب او من الوقت الذي يعلم فيه الولي بصدور العقد واذا كان سبب التوقف الاكراه او الغلط او التغرير فمن الوقت الذي يرتفع فيه الاكراه او يتبين فيه الغلط او ينكشف فيه التغرير . واذا كان سبب التوقف انعدام الولاية على المعقود عليه فمن اليوم الذي يعلم فيه المالك بصدور العقد .
والنص العراقي يجد له من حيث المبدا سندا في مذهب مالك على ما تقدم الا انه عمم الحكم على المالك وغير المالك ممن يتوقف نفاذ العقد على اجازته وحدد المدة بثلاثة اشهر بحيث اذا لم ينقض العقد في هذه المدة اعتبر نافذا . وقد برر السنهوري هذا المسلك بالرغبة في استقرار التعامل ( السنهوري ، مصادر الحق 4: 307 و 316- 318).
وقد رؤي في المشروع : الاخذ بالمذهب المالكي من حيث المبدا مع عدم تحديد مدة وترك الامر للقاضي يستنتج الرضا من السكوت حسب واقع الدعوى وفقا لاعراف الناس كما هو المقرر ، حتى في المذهب الحنفي ، من ان ( السكوت في معرض الحاجة بيان و( العادة محكمة ) و( واستعمال الناس حجة يجب العمل بها ) و( م 67و 36 و 37 من المجلة ).
وذكر الخير الرملي انه نقل عن المحيط انه اذا اشترى سلعة من فضولي وقبض المشتري المبيع بحضرة صاحب السلعة ، فسكت ، يكون رضا . ( جامع الفصولين 1: 231).
يجب لصحة الاجازة توافر الشروط الاتية :
1. قيام الاطراف الثلاثة وقت صدور الاجازة : كالبائع والمشتري والمالك ( في بيع الفضولي ) فلو مات احدهم قبل صدور الاجازة من المالك ، لم تصح الاجازة ، ولا تقوم الورثة مقام من مات . جاء في فتح التقدير (5: 312- 313) ( ولو هلك المالك لاينفذ باجازة الوارث ... وهو بخلاف القسمة عند ابي حنيفة وابي يوسف فان القسمة الموقوفة على اجازة الغائب الكبير جازت باجازة ورثته بعد موته استحسانا لانه لا فائدة في نقض القسمة ثم الاعادة وقول محمد القسمة مبادلة كالبيع ، فلا تجوز باجازة ورثته وهو القياس ، والاستحسان مقدم ).
2. قيام محل التصرف فلو هلك المبيع مثلا قبل اجازة المالك لم تصح الاجازةفان كان قد هلك في يد المالك هلك عليه ، وان هلك بعد التسليم الى المشتري فالمالك بالخيار : ان شاء ضمن الفضولي وان شاء ضمن المشتري .
3. قيام البدل لو كان عينا ( بفرض ان هناك بدلا) كالعوض في المقايضة مثلا .
4. ان يكون للتصرف مجيز وقت صدوره ووقت الاجازة ذلك ان التصرف اذا لم يكن له مجيز وقت صدوره لم تتصور اجازته فورا عقب صدوره ، واجازته في المستقبل قد تحدث وقد لا تحدث ، فان حدثت كان الانعقاد مفيدا ، وان لم تحدث لم يكن مفيدا ، فلا ينعقد التصرف مع الشك في حصول الفائدة ، اخذ بقاعدة ان ما يكن ثابتا بيقين لا يثبت مع الشك ، فاذا لم ينعقد التصرف لا تلحقه الاجازة لان - الاجازة للمنعقد . اما اذا كان للتصرف مجيز وقت صدوره ، امكن تصور الاجازة في الحال عقب صدوره .
فكان الانعقاد مفيدا فتنعقد وتلحقه الاجازة فاذ صدر من ناقص الاهلية تصرف لا يملكه وليه كان التصرف باطلا فلا تلحقه الاجازة ( وقد يكون المجيز وقت صدور الاجازة غير المجيز وقت صدور التصرف فيكون هناك ولي يملك الاجازة وقت صدور التصرف ثم لا يكون هو المجيز بل يجيز التصرف ناقص الاهلية عند استكماله اهليته . لكن اذا اعلن الولي عدم اجازته للتصرف ، لم تصح الاجازة بعد ذلك من المتصرف نفسه بعد استكمال اهليته ( الكاساني 5: 149- 150).
ونرى من ذلك انه يشترط لصحة الاجازة قيام كل عناصر التصرف بالعاقدين والمحل والمجيز وقت صدور الاجازة ووقت صدور التصرف اما انها تكون قائمة وقت صدور الاجازة فلأن الاجازة لها حكم الانشاء من وجه ، ولا يتحقق الانشاء بدون العاقدين والمعقود عليه ، لذلك كان قيامها شرطا للحوق الاجازة ( الكاساني 5: 151).
واما انها تكون قائمة وقت صدور التصرف فيبدو ان السبب في ذلك يرجع الى فكرة استناد الاجازة الى وقت صدور التصرف فما دام العقد اذا اجيز ينفذ من وقت صدوره وجب ان تكون عناصر النفاذ قائمة في هذا الوقت .
فاذا وهب الفضولي مال البالغ او تصدق به او اعتق عبده ، انعقد التصرف موقوفا على الاجازة ، لان البالغ يملك هذه التصرفات بنفسه فكان لها مجيز وقت صدورها فتتوقف على اجازة المالك . اما اذا كان المالك صبيا او محجورا ليس من اهل هذه التصرفات ، لم يكن للتصرف مجيز وقت صدوره فلا ينعقد ومن ثم لا تلحقه الاجازة .
وقد نص القانون المدني العراقي في المادة (136) منه انه ( يشترط في صحة الاجازة وجود من يملكها وقت صدور العقد ولا يشترط قيام العاقدين او المالك الاصلي او المعقود عليه وقت الاجازة ) وهو ما يخالف احكام المذهب الحنفي المتقدمة . وفي تبرير ذلك يقول السنهوري ( غلبت مقتضيات الصناعة الفقهية عند تحديد شروط الاجازة فقد راينا انه يجب لصحة الاجازة في الفقه قيام الاطراف الثلاثة وقيام المبيع وقت صدور التصرف ووقت صدور الاجازة ، ذلك لان الاجازة في الفقه الاسلامي لها حكم الاستناد من وجه ومن ثم وجب توافر الشرط وقت صدور التصرف وهو الوقت الذي تستند اليه الاجازة ، ولها حكم الانشاء من وجه ومن ثم وجب ايضا توافر الشرط وقت صدورها ففي هذا الوقت بدأ وجودها . ولكن هذه النظرة الصناعية المحضة نظرة ضيقة فهي لا تسمح باجازة العقد لو مات احد الاطراف الثلاثة وحل ورثته محله ولا تسمح باجازة العقد بعد هلاك المحل . وقد تدعو الحاجة الى اجازة العقد بعد موت احد الاطراف الثلاثة او بعد هلاك المحل فتقف الصناعة الفقهية دون ذلك من غير مبرر وكان الاولى ان يجعل للاجازة حكم الاستناد دون حكم الانشاء . فيكتفي باشتراط قيام الاطراف الثلاثة وقيام المحل وقت صدور التصرف دون وقت صدور الاجازة ) ( مصادر الحق 4: 308).
وقد رؤي في المشروع التزام الاحكام الفقهية .( وتراجع المواد 378و 447من المجلة وشرحهما لعلي حيدر والمادة 359 من مرشد الحيران ).
تتناول هذه المادة اثر الاجازة ورفض الاجازة :
1. فاذا وجدت الاجازة مستجمعة لشرائطها على النحو الذي تقدم نفذ البيع وصار الفضولي بمنزلة الوكيل ، اذ الاجازة اللاحقة بمنزلة الوكالة السابقة وتطبق احكام الوكالة .
2. اما اذا رد المالك العقد واعلن عدم اجازته له فان العقد يسقط ولا يستطيع المالك اجازته بعد رده ففي البيع في هذه الحالة اذا كان المبيع قد سلم الى المشتري وهلك وجب ان يرد قيمته الى المالك لان يده يد ضمان كما تقدم واذا كان المشتري قد سلم الثمن الى الفضولي وهلك في يده هلك امانة ولا يرجع المشتري عليه بشيء على تفصيل جاء في البحر على الوجه الاتي : ولو لم يجز المالك وهلك الثمن في يد الفضولي اختلف المشايخ في رجوع المشتري عليه بمثله والاصح ان المشتري ان علم انه فضولي وقت الاداء لا رجوع له والا رجع عليه ، كذا في القنية ، وصرح الشارح بانه امانة في يده فلا ضمان عليه اذا هلك ، سواء هلك قبل الاجازة او بعدها ( البحر 6: 147- 148).
3. وقد رؤي عدم مجاراة القانون المدني العراقي في ايراد بعض التفصيلات هنا والاكتفاء ببيان ان الفضولي بالاجازة يصير وكيلا دون بيان ما يتفرع على ذلك من احكام تفصيلية ترد في مواضعها .(و تراجع المواد 377 و 378 و393 و590 و746 و967 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والمواد 271 و273 و275 و310 و358 و 393 و 396 و 428 و1000 من مرشد الحيران وهي تقابل المادتين 134 و 135 من القانون العراقي ).
اذا اجتمعت للعقد عناصر الانعقاد والصحة والنفاذ ، فصدر العقد من اهله في محل قابل لحكمه ، وكان العاقد له الولاية على محل العقد والاهلية الواجبة للتصرف الذي يباشره ، فقد انعقد العقد صحيحا نافذا ، فانتج الاثار التي تترتب عليه .
والاصل ان العقد الذي ينعقد صحيحا نافذا لا يجوز لاحد العاقدين ان يرجع فيه بارادته المنفردة ، ولكن هناك عقود تقبل بطبيعتها ان يرجع فيها احد العاقدين دون توقف على ارادة العاقد الاخر ، كالوكالة والشركة والهبة والوديعة والعارية والرهن والكفالة . وهناك عقود يكون فيها لاحد العاقدين خيار الرجوع ومنها خيار الغلط وخيار الوصف وخيار التدليس وخيار الغبن وخيار تفرق الصفقة . ومنها ايضا خيار الشرط وخيار التعيين وخيار الرؤية وخيار العيب فاذا ثبت خيار منها لاحد العاقدين استطاع بارادته المنفردة ان يرجع في العقد .
فاذا كان العقد قابلا لان يرجع فيه احد العاقدين بارادته وحده دون توقف على رضاء العاقد الاخر ، اما لان طبيعته تقتضي ذلك واما لان فيه خيارا من الخيارات التي اشرنا اليها ، فهذا عقد نافذ غير لازم : هو عقد نافذ لانه انعقد صحيحا منتجا لجميع اثاره ، ثم هو عقد غير لازم لان احد العاقدين يستطيع وحده ان يستقل بفسخه فهو غير لازم له .
اما اذا استوفى لعقد يضا شرائط اللزوم من طبيعة تستعصي على الفسخ بارادة منفردة ، وخلو من الخيارات المختلفة - فقد انعقد صحيحا نافذا لازما ، فينتج جميع الاثار التي تترتب عليه ، ويلزم كلا من العاقدين بحيث لا يجوز الرجوع فيه الا باتفاقهما معا على التقايل منه ، وهذه هي المرتبة العليا من الصحة والقوة في العقود .
اما السبب الاول لعدم اللزوم وهو طبيعة العقد فسيتناولها المشروع في كل عقد على حدة.
( وتراجع المواد 114 و 115 و 300 - 360 و 367 و 376 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والمواد 277 و 306 و 329 - 342 من مرشد الحيران ).
تتناول هذه المادة جواز خيار الشرط ، ولمن والى اي مدة
1. والمقصود بخيار الشرط الخيار الذي يشترطه احد العاقدين او كلاهما ويكون بموجبه لمن له الخيار الحق في نقض العقد في خلال المدة المعينة ، فان لم ينقضه رسخ . فالعقد الذي فيه خيار الشرط عقد غير لازم من جانب من له الخيار ، اذ يجوز له الرجوع فيه .
2. وقد شرع خيار الشرط على خلاف القياس ، اذ القياس ان المعاوضات لا تحتمل التعليق على الشرط وخيار الشرط من شأنه ان يعلق العقد ، بحديث رسول الله صلي الله عليه وسلم ، ولحاجة التعامل اليه للتأمل والتروي ، ومن اجل ذلك يسمى في الفقه المالكي بخيار التروي . والحديث ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لحيان بن منقذ وكان يغبن في البياعات لمأمومة اصابت راسه : ( اذا ما بايعت فقل لا خلابة ولي الخيار ثلاثة ايام ) وما روى في حديث ابن عمر :( البيعان بالخيار ما لم يفترقا الا بيع الخيار ) . السرخسي ، المبسوط 13: 40- 41 . فتح القدير 5: 110).وقد منعه الثوري وابن ابي شبرمة ، وطائفة من اهل الظاهر وعمدتهم انه غرر وان الاصل هو اللزوم في البيع الا ان يقوم دليل على جواز البيع على الخيار من كتاب الله او سنة ثابتة او اجماع . قالو وحديث حيان اما انه ليس بصحيح واما انه خالص لما شكا اليه صلى الله عليه وسلم انه يخدع في البيوع ، واما حديث ابن عمر وقوله فيه ( الا بيع الخيار ) فقد فسر المعنى المراد بهذا اللفظ وهو ما ورد فيه من لفظ اخر وهو : ان يقول احدهما لصاحبه ( اختر) .
( ابن رشد ، بداية المجتهد 2: 172 وابن حزم ، المحلى 9: المسألة 1421 ص 328 وما بعدها).
3. وهذا الخيار يشترط في العقد ذاته او في اتفاق لاحق للعقد فلو قال احد المتبايعين بعد البيع ولو بأيام ( جعلتك بالخيار ثلاثة ايام ) صح بالاجماع ( فتح القدير 5: 111 ) وظاهر انه لا بد من تراضي الطرفين عليه اما ان اشترط وقت العقد فالرضا متحقق لدخول الشرط في العقد ، واما ان اشترط بعد العقد فلا بد من رضا الطرف الاخر عليه والا لم يعتبر .
4. ويرد خيار الشرط في العقود للازمة التي تحتمل الفسخ كالبيع والاجارة قبل بدء مدتها والصلح والمساقاة والمزارعة وقسمة القيميات المتحدة والمختلفة جنسا والصلح عن مال والرهن والكفالة والحوالة والابراء والوقف والاقالة والخلع وفي ترك الشفعة بعد الطلبين الاولين ( م 330 من مرشد الحيران) ولا يصح في النكاح والطلاق والصرف والسلم والاقرار والوكالة والهبة والوصية ( م 331 من مرشد الحيران ).
ويظهر ان عدم صحة خيار الشرط في النكاح والطلاق لان هذين تصرفان لا يحتملان الفسخ فلا يحتملان التعليق على شرط وفي الصرف والسلم انهما لا يتمان الا بالقبض فيلزمان به ولا يحتملان بعد ذلك ، وفي الاقرار ان طبيعته لا تحتمل التعليق وفي الوكالة والهبة والوصية انها تصرفات غير لازمة من الاصل فلا حاجة فيها لخيار الشرط .
5. وقد يشترط الخيار احد المتعاقدين او كلاهما ، لنفسه او لاجنبي .
واذا اشترط لاجنبي اعتبر وكيلا عن العاقد ويكون الخيار ثابتا للعاقد وللاجنبي معا وهو الاستحسان وفي القياس لا يجوز وهو قول زفر. وعلى الاستحسان ايهما اجاز جاز وايهما نقض انتقض ولو اجاز احدهما وفسخ الاخر يعتبر السابق لوجوده في زمان لا يزاحمه فيه غيره ولو خرج الكلامان منهما معا يعتبر تصرف العاقد في رواية وتصرف الفاسخ في اخرى ، وجه الاول ان تصرف العاقد اقوى لان النائب يستفيد الولاية منه ووجه الثاني ان الفسخ اقوى لان المجاز يلحقه الفسخ والمفسوخ لا تلحقه الاجازة .
( الهداية وفتح القدير 5: 126- 128) .
6. وقد يجعل البائع لنفسه خيار النقد ، فيشترط انه ان لم ينقذ الثمن في خلال مدة معينة هي المدة الجائزة للخيار فلا بيع . الخيار على هذا الوجه ليس موضوعا للتروي ولكن لفسخ البيع عند عدم دفع الثمن في مدة معينة ولكن قد يقبض البائع الثمن ومع ذلك يشترط ان له الخيار فاذا اختار فسخ البيع رد الثمن والخيار على هذا الوجه هو خيار شرط للتروي ( فتح القدير 5: 114).
7. اما مدة الخيار فقد اختلف فيها :
فعند ابي يوسف ومحمد واحمد بن حنبل يجوز الاتفاق على اية مدة ولو طالت .
وعند مالك تتقدر مدة الخيار بتقدير الحاجة نظرا لتفاوت المبيعات ففي اختيار الثوب يكفي اليوم واليومان وفي الدار قد تصل مدة الخيار الى الشهر ونحوه .
وعند ابي حنيفة وزفر والشافعي لا يجوز ان تزيد مدة الخيار على ثلاثة ايام في جميع الاحوال .
8. فاذا لم تحدد مدة اصلا ، او شرط الخيار ابدا ، او متى شاء ، او الى مدة مجهولة كقدوم زيد او نزول مطر او مشاورة انسان .
فعند مالك يصح العقد ويحدد القاضي المدة المألوفة في العادة لاختيار مثل المبيع .
وعند ابي يوسف ومحمد والشافعي واحمد يفسد العقد .وعند ابي حنيفة اذا استعمل الخيار في الثلاثة الايام صح العقد وان انقضت الثلاثة الايام دون استعمال حق الخيار فسد العقد .
( ابن رشد ، بداية المجتهد 2: 172 والمغني 4: 65 وما بعدها ).
وقد رؤى الاخذ براي ابي يوسف ومحمد واحمد بن حنبل في ترك الامر للمتعاقدين يتفقان على المدة التي يريانها كافية وبراي مالك في حالة عدم تحديد العاقدين للمدة بان يقوم القاضي بتحديد المدة المألوفة في العادة .
(و تراجع المادة 300 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والمواد من 329- 332 من مرشد الحيران ).
يمر العقد المقترن بخيار الشرط بمرحلتين :
احداهما: اثناء مدة الخيار وقبل استعماله .
وثانيتهما: بعد انقضاء مدة الخيار او بعد استعماله .
وقد تناولت هذه المادة المرحلة الاولى اما المرحلة الثانية فستتناولها المادة التالية .
ففي اثناء مدة الخيار وقبل استعماله هي المرحلة الاولى يختلف الحكم اذا كان العقد بيعا مثلا بين ما اذا كان الخيار للمشتري او للبائع ، اولهما معا .
فاذا كان الخيار للمشتري : فلا يخرج الثمن من ملكه ، لان الخيار يمنع انعقاد العقد في حق الحكم في حقه . ويخرج المبيع من ملك البائع ، وهل يدخل في ملك المشتري عند ابي حنيفة لا يدخل وعندهما يدخل .
وان كان الخيار للبائع : فلا يخرج المبيع من ملكه ويخرج الثمن من ملك المشتري ولكن هل يدخل في ملك البائع عند ابي حنيفة لا يدخل وعندهما يدخل .
وان كان الخيار للبائع والمشتري معا : لا يخرج المبيع من ملك البائع ولا يخرج الثمن من ملك المشتري لان العقد لم ينعقد في حق الحكم في حق كل منهما .
( الكاساني 5: 264- 266 . وفتح القدير 5: 115- 118 ).
( وتراجع المادتان 308 و 309 من المجلة وشرحهما لعلي حيدر والمادة 333 من مرشد الحيران ).
تعرض هذه المادة لاستعمال صاحب الخيار خياره وبيان مصير العقد بعد ان بينت المادة السابقة حكمه اثناء مدة الخيار قبل استعمال الخيار فمن له حق الخيار، البائع او المشتري او الاجنبي في البيع مثلا ، يجوز له فسخ العقد ويجوز له امضاؤه .
فاذا امضى العقد فقد زال حق الخيار ولزم العقد واستند ذلك باثر رجعي الى وقت نشوء العقد .
اذا فسخ العقد انفسخ العقد واعتبر كان لم يكن .
( وتراجع المادة 301 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والمادتان 334 - 335 من مرشد الحيران ).
بعد ان تناولت المادة السابقة الحالة البسيطة حالة ما اذا كان الخيار لواحد فقط من المتعاقدين ، تناولت هذه المادة حالة ما اذا كان الخيار لكل من المتعاقدين . هنا ترد عدة فروض :
1. فقط يختار الاثنان الاجازة .
2. وقد يختار الاثنان الفسخ .
3. وقد يختار احدهما الاجازة والاخر الفسخ .وفي الفرض الاخير تعرض عدة صور : فقد يتعاصر الفسخ والاجازة وقد يتلاحقان وفي . وفي صورة التلاحق قد يسبق الاجازة الفسخ وقد يسبق الفسخ الاجازة .
4. وقد يختار احدهما الفسخ او الاجازة ولا يختار الاخر شيئا بعد وما تزال مدة الخيار قائمة .
اما الفرضان الاولان فامرهما يسير : يلزم العقد في حالة اجازتهما وينفسخ العقد في حالة فسخهما، كما لو كان الخيار لاحدهما - لذلك لم تعرض هذه المادة لهما لان حكمهما يؤخذ من المادة السابقة .
اما الفرض الثالث بكل صورة فقد تناوله صدر المادة الحالية فتقضي بانه اذا اختار احدهما الفسخ انفسخ العقد ولو اجازه الاخر وتعميم الحكم يجعله يشمل ما اذا كانت الاجازة سابقة او لاحقه او معاصرة للفسخ (م 336 من مرشد الحيران ).
وعجز المادة يتناول صورة ما اذا اختار احدهما الاجازة ولم يعلن الاخر عن ارادته : يبقى له خياره ما دامت المدة قائمة فان اختار الاجازة لزم العقد ايضا بالنسبة له ، وان اختار الفسخ انفسخ العقد.وهذه هي احدى الصورتين من الفرض الرابع اما الصورة الاخرى من الفرض الرابع وهي حالة ما اذا اختار احدهما الفسخ ولم يختر الاخر بعد فلم تتناولها المادة صراحة لانه في هذه الحالة يكون العقد قد انفسخ للفسخ فلا ترد عليه اجازة ويترتب على ذلك سقوط خيار الاخر اذ علام يرد بعد انفساخ العقد بالفسخ من الاول .
تراجع المادة (307 ) من المجلة وشرحها لعلي حيدر والمادة (336) من مرشد الحيران .
تتناول هذه المادة كيفية الفسخ او الاجازة فتقضي بأن ايهما :الفسخ او الاجازة يحصل :
1. اما بالفعل كتسليم البائع - وهو صاحب الخيار - المبيع للمشتري او ان يدفع المشتري وهو صاحب الخيار الثمن او طلبه الشفعة في دار مجاورة للمبيع فهذا يدل على الاجازة وكعرض البائع ، وهو صاحب الخيار ، المبيع للبيع فهذا يدل على الفسخ .
2. واما بالقول كقوله فسخت العقد او اسقطته وكقوله اجزت العقد او اوجبته او اسقطت الخيار ، واي لفظ يؤدي المعنى المقصود يفي اذ لا يشترط لفظ معين .
وقد يكون ذلك صراحة او دلالة .
واذا مضت مدة الخيار دون ان يفسخ العقد صاحب الخيار ودون ان يمضي العقد ، اعتبر عدم الفسخ ، الى انقضاء المدة ، امضاء للعقد .
وتراجع المواد من (302 - 305) من المجلة وشرحها لعلي حيدر والمواد (334 و 335 و 337) من مرشد الحيران .
تتناول هذه المادة صحة الفسخ والاجازة .
وقد قضت بانه يشترط كي يقع الفسخ صحيحا ان يختار في المدة المحددة للخيار ، لانه لو مضت المدة دون اختيار لزم العقد كما سبق في المادة (181) ولا يلزم التراضي ولا حكم القاضي . ولكن يشترط اذا كان بالقول ان يكون بحضور الطرف الاخر اي بعمله عند ابي حنيفة ومحمد ، اما عند ابي يوسف والشافعي فلا يشترط - قال في المهذب (1: 259): ( ومن ثبت له الخيار فله ان يفسخ في محضر من صاحبه وفي غيبته لانه رفع عقد جعل الى اختياره فجاز في حضوره وغيبته كالطلاق ، وفي المغنى ( 4: 69):).
ولمن له الخيار الفسخ بغير حضور صاحبه ولا رضاه . وبهذا قال مالك والشافعي وابو يوسف وزفر وقال ابو حنيفة ليس له الفسخ الا بحضور صاحبه كالوديعة ولنا انه رفع عقد لا يفتقر الى رضي صاحبه فلم يفتقر الى حضور كالطلاق ، وما ذكره ينتقض بالطلاق ، والوديعة لا حق للمودع فيها ويصح فسخها مع غيبته.
اما الاجازة فلا يشترط فيها لا التراضي ولا التقاضي ولا علم الطرف الاخر.
وفي مرشد الحيران انه يشترط علم الطرف الاخر بالفسخ ان كان بالقول دون الفعل (م334) ولم يرد هذا القيد في الهداية ولكن اورده صاحب فتح القدير ( الهداية 5: 120- 134).
تتناول هذه المادة حالة موت صاحب الخيار في خلال مدة الخيار المتفق عليها دون ان يجيز او يفسخ : فهل يسقط الخيار ولا ينتقل الى الورثة ويلزم العقد بالنسبة اليهم ام انه لا يسقط وينتقل الى الورثة ويكون لهم الحق في استعماله ما دامت المدة قائمةاختلف الفقهاء في ذلك :
فالحنفية يقولون بسقوط الخيار ولزوم العقد لان حق الخيار لا يورث لانه مشيئة وارادة وذلك صفة من صفات الميت فكما ان اوصاف الميت لا تنتقل الى وارثه فكذلك هذه فاذا مات من يملكه لم ينتقل الى الورثة بل يزول ويعتبر البيع لازما لا خيار فيه ( السرخسي ، المبسوط 13: 42- 43. و البدائع 5: 267- 268).
والشافعي يقول ببقاء الخيار وانتقاله الى الورثة لانه يورث ويقوم وارث من له الخيار مقامه فيه - قال في المهذب ( 1: 259) :( وان مات فان كان في خيار الشرط انتقل الخيار الى من ينتقل اليه المال لانه حق ثابت لاصلاح المال فلم يسقط بالموت كالرهن وحبس المبيع على الثمن فان لم يعلم الوارث حتى مضت المدة ففيه وجهان احدهما يثبت له الخيار في القدر الذي بقي من المدة لانه لما انتقل الخيار الى غير من شرط له بالموت وجب ان ينتقل الى غير الزمان الذي شرط فيه والثاني انه تسقط المدة ويثبت الخيار للوارث على الفور لان المدة فاتت وبقي الخيار فكان على الفور كخيار الرد بالعيب ).
وفي المذهب الحنبلي :( اذا مات احد المتبايعين في مدة الخيار بطل خياره في ظاهر المذهب ويبقى خيار الاخر بحاله الا ان يكون الميت قد طالب بالفسخ قبل موته فيكون لورثته وهو قول الثوري وابي حنيفة ويتخرج ان الخيار لا يبطل وينتقل الى ورثته لانه حق مالي فينتقل الى الوارث كالاجل وخيار الرد بالعيب ولانه حق فسخ فينتقل الى الوارث كالفسخ بالتحالف وهذا قول مالك والشافعي . ولنا انه حق فسخ لا يجوز الاعتياض عنه فلم يورث كخيار الرجوع في الهبة ) ( المغنى والشرح الكبير 4: 77).
وقد اخذ المشروع براي الحنفية فنص في هذه المادة بانه اذا مات من له الخيار في مدة الخيار سقط الخيار ولزم العقد وحكم المذهب الشافعي يمكن صياغته على الوجه الاتي : ( لا يسقط الخيار بموت صاحبة وينتقل الى وارثه).
ولا يحتاج عندئذ للنص على ان يبقى خيار الاخر على حاله .
وتراجع المادتان ( 305) من المجلة وشرحها لعلي حيدر و ( 338) من مرشد الحيران .
ب. خيار الرؤية :
نظرة عامة :
يذهب ?الفقه الحنفي الى انه يثبت للمشتري ونحوه خيار الرؤية ان لم يكن قد رأى المعقود عليه ، بحيث يكون له عندما يراه ان يمضي العقد او ان يفسخه .
والدليل على ذلك ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال : (من اشترى شيئا لم يره ، فهو بالخيار اذا رآه) .
وهذا الخيار يثبت بالشرع لا بالشرط اي دون حاجة الى شرط خاص يدرج في العقد بخلاف خيار الشرط وخيار التعيين فلا بد لثبوتهما من شرط خاص بحيث اذا انعدم هذا الشرط لم يقم الخيار .
اما المذاهب الاخرى فبعضها يثبته في بعض الحالات وبعضها ينكره على تفصيل (يراجع في ذلك الدسوقي على الشرح الكبير 3 : 24 - 25 . والحطاب 4 : 293 - 298 . الشيرازي ، المهذب 1 : 263 - 264 . والمغنى 4 : 74 - 90) .
وقد عرض المشروع لهذا الخيار فبين شروط ثبوته وحكمه وكيفية الفسخ والاجازة وحالات سقوط الخيار .
يثبت خيار الرؤية بالشرع لا بالشرط للمتملك اذا لم ير المعقود عليه كالمشتري في البيع ويشترط لثبوته :
1. ان يكون العقد واحدا من عقود اربعة هي : البيع واجارة الاعيان وقسمة غير المثليات والصلح على مال هو عين بالذات وهي عقود تحتمل الفسخ اما العقود التي لا تحتمل الفسخ كالمهر وبدل الخلع والصلح عن دم العمد فلا يثبت فيها خيار الرؤية وقال علي حيدر في الكلام على خيار الرؤية (ج1 ، ص 269) : (وخيار الرؤية لا يختص بالبيع بل يجري في كل عقد محتمل للفسخ يتملك به عين كالاجارة والقسمة والصلح عن دعوى المال على عين كما تقدم لان في ذلك معاوضة اما المهر والقصاص وبدل الصلح عن مخالعة فليس فيها خيار الرؤية ) .
2. ان يكون مشتريا او نحوه وبعبارة اخرى متملكا لا مملكا فمن باع ما لم يره بأن ورث مثلا عينا في بلد بعيد فلم يتمكن من رؤيتها قبل بيعها فليس له خيار الرؤية (فتح القدير 5 : 140 - 141) .
3. الا يرى المعقود عليه عند العقد ففي البيع مثلا يشترط الا يكون المشتري قد رأى المبيع عند العقد . فان اشتراه وهو يراه فلا خيار له . واذا كان رآه قبل ذلك فان ظل المبيع على حاله ولم يتغير فلا خيار له وان كان قد تغير عن حاله فله الخيار لانه اذا تغير عن حاله فقد صار شيئا آخر فكان مشتريا شيئا لم يره فله الخيار اذا رآه (فتح القدير 5 : 141) .
والمقصود بالرؤية الوقوف على الحال والمحل الذي يعرف به المقصود الاصلي من المبيع ففي القماش مثلا تكفي رؤية ظاهره وفي المأكولات والمشروبات يكفي مذاق طعمها (م323 من المجلة) وفي الاشياء التي تباع على انموذجها تكفي رؤية الانموذج (م 324 من المجلة) وهكذا (تراجع المادة 326 وما بعدها من المجلة) .
4. ان يكون المعقود عليه مما يتعين بالتعيين فلو تبايع العاقدان عينا بعين ثبت الخيار لكل واحد منهما وذلك لان المبيع اذا كان مما لا يتعين بالتعيين لا ينفسخ العقد برده لانه اذا لم يتعين للعقد لا يتعين للفسخ فيبقى العقد ، وقيام العقد يقتضي ثبوت حق المطالبة بمثله . فاذا قبض يرده وهكذا الى ما لا نهاية له فلم يكن الرد مفيدا . بخلاف ما اذا كان عينا ، لان العقد ينفسخ برده لانه يتعين بالعقد فيتعين في الفسخ ايضا ، فكان الرد مفيدا ، ولان الفسخ انما يرد على المملوك بالعقد وما لا يتعين بالتعيين لا يملك بالعقد وانما يملك بالقبض ، فلا يرد عليه الفسخ ، ولهذا يثبت خيار الرؤية في الاجارة والصلح عن دعوى المال والقسمة ونحو ذلك ، لان هذه العقود تنفسخ برد هذه الاشياء فثبت فيها خيار الرؤية ولا يثبت في المهر وبدل الخلع والصلح عن دم العمد ونحو ذلك ، لان هذه العقود لا تحتمل الانفساخ برد هذه الاموال فصار الاصل ان كل ما ينفسخ العقد فيه برده يثبت فيه خيار الرؤية ومالا فلا) (الكاساني 5 : 292) .
وتراجع المادتان (320 و 322) من المجلة وشرحهما لعلي حيدر والمادة (339) من مرشد الحيران .
خيار الرؤية لا يمنع انعقاد ولا صحته ولا نفاذه ، فيثبت الملك للمشتري في المبيع ، ويثبت الملك للبائع في الثمن بالرغم من قيام خيار الرؤية .
فخيار الرؤية يمنع من تمام حكم العقد فلا يتم حكم البيع الا اذا رأى المشتري المبيع ولم يرده - قال صاحب فتح القدير (5 : 137) : (باب خيار الرؤية : قدمه على خيار العيب لانه يمنع تمام الحكم وذلك يمنع لزوم الحكم ، واللازم بعد التمام) وقال صاحب البدائع (5 : 292) : (ان شراء ما لم يره المشتري غير لازم لان عدم الرؤية يمنع تمام الصفقة) .
1. الاصل ان كل ما يبطل خيار الشرط والعيب يبطل خيار الرؤية الا ان خيار الشرط والعيب يسقط بصريح الاسقاط ، وخيار الرؤية لا يسقط بصريح الاسقاط ، لا قبل الرؤية ولا بعدها . اما قبلها فلانه لا خيار قبل الرؤية ، لان اوان ثبوت الخيار هو اوان الرؤية ، فقبل الرؤية لا خيار ، واما بعدها فلان الخيار ما ثبت باشتراط العاقدين ، لان ركن العقد مطلق عن الشرط نصا ودلالة ، وانما يثبت شرعا لحكمة فيه ، فكان ثابتا حقا لله تعالى وما ثبت حقا لله تعالى فالعبد لا يملك التصرف فيه اسقاطا مقصودا ، لانه لا يملك حق التصرف في حق غيره مقصودا ، لكنه يحتمل السقوط بطريق الضرورة ، بان يتصرف في حق نفسه مقصودا ويتضمن ذلك سقوط حق الشرع ، فيسقط حق الشرع في ضمن التصرف في حق نفسه ، كما اذا اجاز المشتري البيع ورضي به بعد الرؤية نصا او دلالة بمباشرة تصرف يدل على الرضا والاجازة ، لانه وان ثبت حقا للشرع لكن الشرع اثبته نظرا للعبد ، حتى اذا راه وصلح له اجازه وان لم يصلح له رده ، اذا الخيار هو التخيير بين الفسخ والاجازة فكان المشتري بالاجازة والرضا متصرفا في حق نفسه مقصودا ثم من ضرورة الاجازة لزوم العقد ومن ضرورة لزوم العقد وسقوط الخيار فكان سقوط الخيار من طريق الضرورة لا بالاسقاط مقصودا ، ويجوز ان يثبت الشيء بطريق الضرورة وان كان لا يثبت مقصودا ، كالوكيل بالبيع اذا عزله الموكل ولم يعلم به فانه لا ينعزل ولو باع الموكل بنفسه ينعزل الوكيل ، كذا هنا (الكاساني 5: 297).
2. ولكن يسقط خيار الرؤية بموت صاحبه قبل ان يختار ، فليزم العقد بموته ولا ينتقل الخيار الى ورثته لان خيار الرؤية كخيار الشرط لا يورث بخلاف خيار التعيين والعيب فانهما يورثان .
3. ويسقط خيار الرؤية ايضا بهلاك بعض المبيع او تعيبه او تغييره قبل ان يختار ( الكاساني 5: 296- 297).
4. ويسقط خيار الرؤية ايضا بتصرف العاقد في المعقود عليه كتصرف المشتري في المبيع ، وهنا يجب التفرقة بين ما اذا صدر التصرف قبل رؤية المشتري المبيع او بعد رؤيته :
أ. فان صدر قبل رؤيته ، فان كان التصرف لا يمكن رفعه كالاعتاق والتدبير او كان لازما يوجب حقا للغير كالبيع والهبة مع التسليم والرهن والاجارة سقط خيار الرؤية ويبقى الخيار ساقطا ولو نقضت هذه التصرفات اللازمة كما لو باع او رهن او اجر ثم رد بعيب او افتك الرهن او انقضت مدة الاجارة فخيار الرؤية لا يعود بعد ان يسقط اذ الساقط لا يعود الا بسبب جديد .
وان كان التصرف الصادر من المشتري قبل الرؤية غير لازم كان باع بشرط الخيار او عرض للبيع او وهب ولم يسلم له لم يسقط خيار الرؤية لان هذه التصرفات يمكن للمشتري الرجوع فيها ولا يتعذر فسخها . كل ما تدل عليه هو الرضا ، الخيار قبل الرؤية لا يسقط بصريح الرضا فبدلالة الرضا اولى .
ب. وان صدر التصرف بعد الرؤية فانه يسقط خيار الرؤية ، سواء كان يمكن رفعه اولا يمكن تعذر فسخه او لم يتعذر ، اذ اقل ما يدل عليه هو الرضا ، والخيار بعد الرؤية يسقط بالرضا صراحة او دلالة ( انظر فتح القدير 5: 141-142) وتراجع المادتان (321و 335) من المجلة وشرحهما لعلي حيدر والمادة (341) من مرشد الحيران .
1. الفسخ بخيار الرؤية كما هو في خيار الشرط وفي خيار التعيين ، لا يتوقف على رضاء او قضاء .
2. ويكون بالفعل او بالقول ، صراحة او دلالة ، كما في خيار الشرط وخيار التعيين ومثاله ان يقول المشتري : رددت البيع او فسخته او ما يجري هذا المجرى بعد الرؤية او قبلها ، قبل القبض او بعده .
3. وينفسخ العقد دون حاجة الى رضاء البائع بالفسخ ودون حاجة الى رفع الامر الى القضاء ولكن يشترط علم البائع بالفسخ عند ابي حنيفة ومحمد ولا يشترط هذا العلم عند ابي يوسف - قال في فتح القدير (5: 140) ولا يتوقف الفسخ على قضاء ولا رضاء بل مجرد قوله رددت ينفسخ قبل القبض وبعده ، لكن بشرط علم البائع عن ابي حنيفة ومحمد خلافا لابي يوسف كما هو خلافهم في الفسخ في خيار الشرط ).
4. وهل خيار الرؤية مؤقت بوقت
ذهب بعض الفقهاء الى انه مؤقت بعد الرؤية بقدر ما يتمكن فيه من الفسخ فاذا تمكن من الفسخ بعد الرؤية فلم يفسخ بطل خياره ولزم البيع فيه .
والمختار انه لا يتوقف بل يبقى الى ان يوجد ما يسقطه . ( فتح القدير 5: 141).
وقد رؤي في المشروع تقييد الفسخ بالوقت الي يتمكن فيه صاحب الخيار من الفسخ رغبة في استقرار المراكز .
5. ووقت ثبوت الخيار هو وقت الرؤية لا قبلها ويترتب على ذلك ما ياتي :
لو اجاز قبل الرؤية ورضى بالمبيع صراحة بان قال اجزت او رضيت او ما يجري هذا المجرى ثم راى المبيع بعد ذلك فله ان يرده لان نزوله عن الخيار قبل ان يثبت لا يعتد به لان المعقود عليه قبل الرؤية مجهول الوصف ، والرضا بالشيء قبل العلم به ، والعلم بوجود سببه محال فكان ملحقا بالعدم .
اما الفسخ قبل الرؤية فقد اختلف المشايخ فيه : قال بعضهم لا يجوز لانه لاخيار قبل الرؤية ، ولهذا لم تجز الاجازة فلا يجوز الفسخ. وقال بعضهم يجوز ، وهو الصحيح لان هذا عقد غير لازم فكان محل الفسخ كالعقد الذي فيه خيار العيب وعقد الاجارة والايداع وقد خرج الجواب عن قولهم انه لا خيار قبل الرؤية لان ملك الفسخ لم يثبت حكما للخيار وانما يثبت حكمه لعدم لزوم العقد ( الكاساني 5: 295).
وبالقول الصحيح اخذ المشروع .
6. الاجازة قد تكون صراحة او دلالة ومثال الصريح ان يقول اجزت البيع او رضيت او اخترت وما يجري هذا المجرى سواء علم البائع بالاجازة او لم يعلم لان الاصل في البيع المطلق هو اللزوم ، والامتناع لخلل في الرضا ، فاذا اجاز ورضي ، فقد زال المانع ، فيلزم .
واما الدلالة فهو ان يوجد من صاحب الخيار تصرف في المعقود عليه بعد الرؤية يدل على الاجازة والرضا ، نحو ان يقبضه بعد الرؤية ، لان القبض بعد الرؤية دليل الرضا بلزوم البيع ( الكاساني 5: 295) .
وتراجع المواد (320 و322 و332) من المجلة وشرحها لعلي حيدر والمادة (340) من مرشد الحيران .
ج. خيار التعيين :
نظرة عامة
صورة خيار التعيين ان يذكر شيئان او ثلاثة اشياء وثمن كل اذا كان العقد بيعا على ان يكون المعقود عليه احدهما او احدها حسب اختيار صاحب الخيار فيصبح محل العقد معينا بعد ان كان مجهولا بعض الجهالة .
وهو يدخل العقود الناقلة - للملكية من بيع وهبة بعوض ونحوها .
والقياس يأباه والاستحسان يجيزه .
وجه القياس ان المبيع مجهول لانه باع احدها غير معين وهو غير معلوم فكان المبيع مجهولا فيمنع صحة البيع ووجه الاستحسان الاستدلال بخيار الشرط والجامع بينهما مساس الحاجة الى دفع الغبن وكل واحد من الخيارين طريق الى دفع الغبن وورود الشرع به هناك يكون ورودا ههنا ولان الناس تعاملوا هذا البيع لحاجتهم الى ذلك .
وقوله المعقود عليه مجهول ممنوع فانه اذا شرط الخيار بأن قال (على ان تأخذ ايهما شئت ، فقد انعقد البيع موجبا للملك عند اختياره لا للحال ، والمعقود عليه عند اختياره معلوم مع ان هذه جهالة لا تفضي الى المنازعة لانه فوض الامر الى اختيار المشتري يأخذ ايهما شاء فلا تقع المنازعة) .
وبالقياس اخذ زفر والشافعي وابن حنبل - قال صاحب المهذب (1 : 263) (ولا يجوز بيع عين مجهولة كبيع عبد من عبيد وثوب من اثواب ، لان ذلك غرر من غير حاجة ويجوز ان يبيع قفيزا من صبرة لانه اذا عرف الصبرة عرف القفيز منها فزال الغرر) .
وبالاستحسان اخذ الحنفية ، وبرأيهم اخذ هذا المشروع . (الكاساني 5 : 156 - 157) .
المذكرة الايضاحية :
1. خيار التعيين يتفرع عن خيار الشرط ويذكر في كتب الفقه عادة ضمن خيار الشرط او عقبه .
وخيار التعيين خيار يشترطه في البيع المشتري عادة بان يكون المبيع احد اشياء معينة يختار المشتري واحدا منها بعد التجربة او بعد التأمل والتروي . فخيار التعيين يثبت الملك للمشتري في احد هذه الاشياء غير عين .
2. ويشترط الا تزيد الاشياء التي يختار منها المشتري على ثلاثة لان خيار التعيين شرع استحسانا على خلاف القياس للحاجة الى دفع الغبن بالتحري والحاجة تندفع بالتحري في ثلاثة اشياء لا اكثر لاقتصار الاشياء على الجيد والوسط والرديء فيبقى الحكم فيما يزيد على ثلاثة مردودا الى اصل القياس وهو المنع . ويحتاج المشتري مثلا الى خيار التعيين اذا كان لا يمكنه دخول السوق بنفسه او كان في حاجة الى استشارة خبير فيما ياخذ وفيما يدع ، فيشترط هذا الخيار ليتسنى له اختيار ما يناسبه خارج السوق او بعد الرجوع الى راي الخبير .
وياخذ زفر والشافعي بالقياس فعندهما خيار التعيين يفسد البيع ومصدر الخيار اشتراطه في العقد ذاته فلا بد ان يشترط في عقد البيع ان يكون للمشتري مثلا الخيار في ان ياخذ اي الاشياء يختاره بثمن معين فاذا خلا البيع من هذا الشرط فسد فاذا قال البائع للمشتري بعتك دارا من هذين بالف ولم يذكر على انك بالخيار في ايهما شئت لا يجوز اتفاقا كقوله بعتك دارا من دوري .
3. والاصل ان يكون خيار التعيين للمشتري وهل يجوز ان يكون للبائع ذهب راي الى عدم جواز ذلك لان الاشياء كلها كانت في يده فهو ادرى بما يرى بيعه منها فليس في حاجة الى الخيار . وذهب راي اخر الى جواز ان يكون للبائع ايضا قياسا على خيار الشرط ، ولانه قد يكون حاجة اليه اذا كان رايه لم يستقر على اي الاشياء يبيع ( فتح القدير 5: 131) وقد اختار المشروع الاخذ بالراي الاخير ، وهل يجوز للاثنين معا:
ذهب على حيدر الى جوازه ( شرح المادة 316 من المجلة ) ولم يأخذ النص بذلك .
4. ولا بد ان يعين ثمن كل واحد من الاشياء المعروضة على المشتري والا فسد البيع لجهالة الثمن .
5. وهل يشترط بيان المدة ذهب راي الى انه يجوز خيار التعيين من غير بيان المدة لان خيار التعيين بخلاف خيار الشرط لا يمنع ثبوت الحكم في الحال في احد الاشياء غير عين وانما يمنع تعيين المبيع فلا يشترط له بيان المدة وذهب راي آخر الى اشتراط بيان المدة لان المبيع لو كان شيئا واحدا معينا وشرط فيه الخيار كان بيان المدة شرط الصحة وكذلك يكون الحكم لو كان المبيع شيئا واحدا غير معين اذ ان ترك التوقيت تجهيل لمدة الخيار وهذا مفسد للبيع .
والصحيح هو وجوب بيان المدة . ويكون حدها حد المدة في خيار الشرط ، وقد تقدم ان عند ابي حنيفة لا يجوز ان تزيد المدة على ثلاثة ايام وعند ابي يوسف ومحمد يجوز الاتفاق على اية مدة ولو طالت وعند مالك تتقدر المدة بتقدير الحاجة .
( الكاساني 5: 157 . والسرخسي ، المبسوط 13: 55 وفتح القدير 5: 132) وتراجع المادة ( 317) من المجلة وشرحها لعلي حيدر والمادة ( 409) من مرشد الحيران .
?ان العقد مع خيار التعيين يكون غير لازم حتى يستعمل صاحب الخيار حقه ، والاختيار يكون صراحة كأن يقول في البيع اخذت هذا الثوب او رضيت به فاذا اختار احدها فقد عين ملكه فيه فيلزم البيع ويكون دلالة بان يوجد منه فعل في احد المعقود عليه يدل على تعيين الملك فيه كان يتصرف صاحب الخيار تصرف المالك فيكون هذا دليلا على انه اختاره ،انظر الكاساني (ج/5 ص/ 261 و 262) وتراجع المواد من (316 - 318) من المجلة وشرحها لعلي حيدر والمواد من ( 409 - 412) من مرشد الحيران ورؤي ان لا يتعرض في المادة لحكم هلاك احد الاشياء المعقود او هلاكها لان محل ذلك كله هو كل عقد على حدة.
تراجع المذكرة الايضاحية للمادة السابقة مع مراجعها .
خيار التعيين يورث بالاجماع على خلاف خيار الشرط فانه لا يورث على اصل الحنفية كما تقدم . فاذا مات صاحب خيار التعيين وكان معه خيار الشرط لزم العقد ورثته اذا انقطع خيار الشرط بموت صاحبه لانه لا يورث فليزم العقد ويبقى خيار التعيين مع لزوم العقد ، وعلى ورثة صاحب الخيار ان تختار اي الاشياء يكون هو المعقود عليه .
فخيار التعيين بخلاف خيار الشرط يورث كما يورث خيار العيب ، لتعلق الخيار بالمبيع اكثر من تعلقه بمشيئة العاقد .
واذا لم يكن مع خيار التعيين خيار الشرط ومات صاحب الخيار قبل ان يعين ثبت خيار التعين لورثته.
( البدائع 5: 157 . وفتح القدير 5: 131- 132).
وتراجع المادة (319) من المجلة وشرحها لعلي حيدر والمادة (413) من مرشد الحيران .
?1. خيار العيب يثبت دون حاجة الى اشتراطه صراحة . وهو من هذه الناحية يفارق خيار الرؤية ، فخيار الرؤية يثبت بالشرع لا بالشرط اما خيار العيب فيثبت بالشرط وان كان ثبوته بالشرط دلالة ، على خلاف خيار الشرط وخيار التعيين اللذين يثبتان بالشرط صراحة ، استنادا الى ان ( السلامة شرط في العقد دلالة ، فما لم يسلم المبيع لا يلزم البيع فلا يلزم حكمه . والدليل على ان السلامة مشروطة في العقد ان السلامة في المبيع مطلوبة المشتري عادة ... لان غرضه الانتفاع بالمبيع ولا يتكامل انتفاعه الا بقيد السلامة ولانه لم يدفع جميع الثمن الا ليسلم له جميع المبيع فكانت السلامة مشروطة في العقد دلالة ، فكانت كالمشروط نصا . فاذا فاتت المساواة كان له الخيار .... وكذا السلامة من مقتضيات العقد ايضا لانه عقد معاوضة والمعاوضات مبناها على المساواة عادة وحقيقة ... فاذا لم يسلم المبيع للمشتري يثبت له الخيار ..
( الكاساني 5: 274).
2. وهو : كخيار الرؤية ايضا - لا يثبت الا في العقود التي تحتمل الفسخ كالبيع والاجارة والقسمة والصلح عن مال على شيء بعينه .
3. ويشترط لثبوت هذا الخيار:
أ. في المعقود عليه : ان يكون عينا معينة بالذات .
ب. في العيب الذي يلحق بالعين .
- ان يكون مؤثرا في قيمة المبيع وذلك اذا كان من شأنه ان يوجب نقصان الثمن في عادة التجار نقصانا فاحشا او يسيرا كالعمى والعور والحول والبرص والشلل وغيرها مما يفيض فيه الفقهاء بصدد الكلام على عيوب الرقيق . كالحران والجماح في الخيل وكالهشم في الاواني والصدع في الحائط ...الخ والمعول عليه في ذلك هو عرف التجار فما كان من شأنه ان ينقص ثمن المبيع في عرفهم فهو عيب معتبر .
- ان يكون قديما اي ثابتا وقت عقد البيع او بعد ذلك ولكن قبل التسليم حتى لو حدث بعد التسليم لا يؤثر لان ثبوته لفوات صفة السلامة المشروطة في العقد دلالة وقد حصلت السلعة سليمة في يد المشتري اذ العيب لم يحدث الا بعد التسليم . ويجب ان يبقى العيب ثابتا بعد التسليم لان العيب اذا حدث قبل التسليم وزال ايضا قبله فقد قبض المشتري المبيع سليما من العيب فلا يكون له خيار.
- ان يكون غير معلوم من المشتري وقت العقد ووقت القبض معا فان علم بالعيب في وقت من هذين الوقتين فلا خيار له لان علمه بالعيب عند العقد رضاء منه به دلالة وعلمه به عند القبض رضاء منه به ايضا لان تمام الصفقة متعلق بالقبض فكان العلم عند القبض كالعلم عند العقد .
ج. الا يكون البائع قد اشترط البراءة من العيب :
ذلك انه قد يرضى المشتري بالعيب دون ان يعلم به ، وذلك اذا اشترط عليه البائع البراءة من العيب فقبل منه هذا الشرط . وفي ذلك تفصيل :
فاذا ابرا المشتري البائع من كل عيب ، او من عيب بالذات قائم وقت العقد ، فان الابراء لا يتناول العيب الذي يحدث بعد البيع وقبل القبض .
- وان ابراه من كل عيب او من عيب بالذات يحدث بعد البيع وقبل القبض فالشرط فاسد لان الابراء لا يحتمل الاضافة الى زمن مستقبل ولا التعليق بالشرط فهو وان كان اسقاطا الا ان فيه معنى التمليك . ولهذا لا يحتمل الارتداد بالرد ، فكان بيعا دخل فيه شرط فاسد ففسد العقد .
- وان ابراه من كل عيب او من عيب بالذات واطلق البراءة دون ان يخصص بالعيب القائم وقت العقد او العيب الحادث بعده ، انصرف ذلك عند محمد الى العيب القائم وقت العقد دون العيب الحادث بعده ، وعند ابي يوسف تعم البراءة العيبين، ويبرا البائع من العيب القائم وقت العقد والعيب الحادث بعده .
يراجع الكاساني ( 5: 273 و 274 - 278) والمواد من ( 336- 335) من المجلة وشرحها لعلي حيدر والمواد من ( 342 و 525 - 544 ) من مرشد الحيران .
اذا توافرت في العيب الشروط المتقدمة الذكر لم يمنع ذلك من انعقاد العقد صحيحا نافذا لازما من جهة العاقد الاخر ، ولكنه يكون غير لازم من جهة صاحب الخيار .
ففي البيع يثبت الملك للمشتري في المبيع للحال ، لان ركن البيع مطلق عن الشرط ، اما شرط السلامة الثابت دلالة فهو ليس بشرط في السبب كخيار الشرط وليس بشرط في لحكم كخيار الرؤية ، فيكون اثره في منع اللزوم لا في منع اصل الحكم ، اما خيار الشرط فقد دخل على السبب فمنع انعقاده في حق الحكم مدة الخيار، ولذلك لا يزول الملك عن البائع بشرط الخيار مدة خياره . اما خيار الرؤية فقد دخل على الحكم ومنع تمامه فمنع لزوم العقد حتى بعد القبض . وهذا بخلاف خيار العيب فانه لا يدخل على السبب ولا على الحكم كما قدمنا ،فهو يجعل العقد غير لازم قبل القبض قابلا للفسخ بعد القبض . اما كونه غير لازم قبل القبض فدليل ذلك ان المبيع اذا كان لا يزال في يد البائع واراد المشتري الرد بالعيب لا يحتاج الى التراضي او التقاضي اما بعد القبض فيحتاج الى التراضي او التقاضي .
(الكاساني 5: 273 - 274).
واذا كان المعقود عليه لا يزال في يد صاحبه واراد صاحب الخيار الرد بالعيب فانه لا يحتاج الى التراضي او التقاضي بل يكفي ان يقول رددت البيع او ما يجري هذا المجرى لينفسخ العقد ، ذلك لان العقد غير لازم قبل القبض . اما بعد القبض فقد تمت الصفقة . وانما يكون العقد قابلا للفسخ لفوات شرط السلامة ومن ثم لا يجوز الفسخ الا بالتراضي او بالتقاضي ولا ينفسخ بمحض ارادة المشتري كما كان الامر قبل القبض والصفقة لم تتم على خلاف خيار الرؤية وخيار الشرط على ماتقدم .
فالعبرة اذن فيما اذا كان الرد يتم بمحض الارادة او لابد فيه من التراضي او التقاضي ، انما تكون بعدم تمام الصفقة او بتمامها فاذا لم تتم الصفقة كما هو الامر في خياري الشرط والرؤية قبل القبض وبعد القبض وكما هو الامر في خيار العيب قبل القبض ، كان الرد بمحض ارادة من له الخيار واذا تمت الصفقة كما هو الامر في خيار العيب بعد القبض ، فان الرد لا يكون بالتراضي او بالتقاضي ، ذلك انه اذا لم تتم الصفقة كان الرد نقضا لصفقة لم تتم فيكون اقرب الى ان يكون رجوعا في الايجاب قبل القبض الذي هو بمثابة القبول فلا حاجة فيه الى التراضي . اما اذا كانت الصفقة قد تمت فالرد لا يكون مجرد نقض تكفي فيه ارادة من له الخيار ، بل هو فسخ لصفقة قد تمت فلا بد فيه من التراضي او التقاضي، فان العقد لا ينفسخ الا على النحو الذي به ينعقد ، وهو لا ينعقد باحد العاقدين فلا يفسخ باحدهما .
(يراجع الكاساني 5: 281).
وعند الشافعي ايضا بعد القبض ينفسخ العقد بخيار العيب بقوله ( رددت من غير الحاجة الى تراضي او تقاض ).
( الكاساني 5: 281)
وفي البيع مثلا اذا ثبت للمشتري الرد بخيار العيب كان له ان ينقض البيع قبل القبض بارادته وحده كان يقول فسخت البيع او نقضته او رددته وما هو معناه ويشترط علم البائع بالفسخ عند ابي حنيفة ومحمد ولا يشترط هذا العلم عند ابي يوسف كما هو خلافهم في خيار الشرط وخيار الرؤية . اما بعد القبض والنقض فلا يكون الا بالتراضي او بالتقاضي .
اذا فسخ العاقد العقد بخيار العيب وجب عليه رد المعقود عليه ان كان قبضه الى العاقد الاخر كما يجب على العاقد الاخر ان يرد اليه البدل ان كان قبضه فالمشتري مثلا اذا كان قبض المبيع المعيب وفسخ العقد وجب عليه رده الى البائع ووجب على البائع رد الثمن الى المشتري ان كان قبضه منه .
1. يسقط خيار العيب للاسباب الاتية :
أ. اسقاط المشتري للخيار اسقاطا صريحا او ما هو معنى الصريح نحو ان يقول اسقطت الخيار او ابطلته او الزمت البيع او اوجبته وما يجري هذا المجرى لان خيار العيب حقه فله ان ينزل عنه وكاسقاط الخيار ابراء المشتري البائع من العيب لان الابراء اسقاط ، وله ولاية الاسقاط والخيار حقه والمحل قابل للسقوط ، بخلاف خيار الرؤية فلا يسقط بالاسقاط المقصود الصريح .
ب. رضاء المشتري بالعيب بعد العلم به : وذلك لان الحق الرد انما هو لفوات السلامة المشروطة دلالة في العقد واذا رضي المشتري بالعيب بعد العلم به فقد دل انه نزل عن هذا الشرط او انه لم يشترطه ابتداء . والرضاء قد يكون صريحا كان يقول المشتري رضيت بالعيب او اجزت هذا البيع وما يجري هذا المجرى وقد يكون الرضا دلالة كان يصدر من المشتري بعد العلم بالعيب فعل يدل على الرضا به كما اذا كان المبيع ثوبا فصبغه او قطعه او ارضا فبنى عليها او حنطة فطحنها او لحما فشواه . ويعتبر تصرف المشتري في المبيع بعد العلم بالعيب رضاء بالعيب دلالة . فاذا باع المبيع او وهبه وسلمه او اعتقه او كاتبه او دبره ، كان في الاقدام على هذه التصرفات مع العلم بالعيب دليل الرضاء بالعيب .
ج. تصرف المشتري في المبيع قبل العلم بالعيب بان اخرجه عن ملكه حتى قبل عمله بالعيب فانه يسقط خياره لتعذر رد المبيع الى البائع . فاذا باع المبيع او وهبه وسلمه وهو غير عالم بالعيب سقط خياره ولكن لو فسخ تصرفه ورد اليه المبيع بخيار شرط او بخيار رؤية مثلا ، عاد حق خيار العيب للمشتري وجاز له رد المبيع للبائع .
د. هلاك المبيع . وذلك لفوات محل لرد فان هلك المبيع قبل القبض في يد البائع انفسخ البيع ولا يرجع البائع على المشتري بشيء من الثمن وان هلك وهو في يد المشتري فهلاكه عليه لانه قد قبضه ولكنه يرجع على البائع بنقصان الثمن بسبب العيب .
هـ. نقصان المبيع قبل القبض بغير فعل المشتري او فعل اجنبي اي بفعل البائع او بفعل المبيع او بآفة سماوية فهذا وما لم يكن به عيب سواء ويكون للمشتري الخيار : ان شاء اخذ المبيع وطرح قدر النقصان وان شاء ترك كما اذا لم يجد بالمبيع عيبا . ذلك ان له الخيار في الرد حتى لو لم يكن بالمبيع عيب فلا يحتاج الى خيار اخر. وان كان النقصان بفعل المشتري كان للمشتري ان يرضى المبيع بالعيب . ولا يرجع بشيء وان شاء رجع بنقصان العيب على البائع ولكن للبائع في هذه الحالة ان ياخذ المبيع فيسقط جميع الثمن وان كان النقصان بفعل اجنبي فالمشتري بالخيار : ان شاء رضي بالمبيع بجميع الثمن اتبع الجاني بالارش وان شاء ترك ويسقط عنه جميع الثمن واتبع البائع الجاني بالارش كما اذا لم يجد المشتري بالمبيع عيبا .
واذا نقص المبيع بعد القبض وهو في يد المشتري ، ايا كان سبب النقص ثم وجد المشتري به عيبا لم يكن له ان يرده بالعيب ذلك ان شرط الرد ان يكون المردود عند الرد على الصفة التي كان عليها عند القبض، ولم يوجد ، لان المبيع خرج عن ملك البائع معيبا بعيب واحد ويعود على ملكه معيبا بعيبين ، العيب القديم والنقصان . وهو اذا كان يضمن العيب القديم ، فانه لا يضمن النقصان لانه حدث بعد القبض والمبيع في يد المشتري فانعدم شرط الرد وللمشتري ان يرجع بنقصان الثمن للعيب ، الا اذا رضي البائع بأخذ المبيع ورد كل الثمن .
وفي مذهب مالك للمشتري ان يرد المبيع في هذه الحالة ويرد معه ارش النقصان لان حق الرد بالعيب ثبت نظرا للمشتري فلو امتنع انما يمتنع نظرا للبائع والمشتري باستحقاق النظر اولى من البائع ، لانه لم يدلس العيب والبائع قد دلس . ( ابن جزى ، القوانين الفقهية ص 266 ).
و. زيادة المبيع .
ان حدثت الزيادة قبل القبض :
فان كانت متصلة متولدة من الاصل ( كالكبر والسمن ) فانها لا تمنع الرد بالعيب لان هذه الزيادة تابعة للاصل فكانت مبيعة تبعا وما كان تبعا في العقد يكون تبعا في الفسخ .
وان كانت متصلة غير متولدة من الاصل ( كالصبغ في الثوب والبناء في الارض ) فانها تمنع الرد بالعيب لان هذه الزيادة ليست بتابعة بل هي اصل بنفسها فتعذر رد البيع اذ لا يمكن رده بدون الزيادة لتعذر الفصل ، ولا يمكن رده مع الزيادة لانها ليست بتابعة في العقد فلا تكون تابعة في الفسخ . ويكون للمشتري الرجوع بنقصان الثمن .
وان كانت الزيادة منفصلة متولدة من الاصل ( كالولد والثمر واللبن ) فانها لا تمنع الرد بالعيب فان شاء المشتري ردهما جميعا وان شاء رضي بهما بجميع الثمن .
وان كانت الزيادة منفصلة غير متولدة من الاصل ( كالغلة والكسب ) فانها لا تمنع الرد بالعيب ، لان هذه الزيادة ليست بمبيعة وانما هي مملوكة بملك الاصل . فبالرد يفسخ العقد في الاصل وتبقى الزيادة مملوكة للمشتري بغير ثمن عند ابي حنيفة لكنها لا تطيب له لانها وان حدثت على ملكه الا انها ربح ما لم يضمن . وعند ابي يوسف ومحمد تكون الزيادة للبائع لكنها لا تطيب له .
وان حدثت الزيادة بعد القبض :
فان كانت متصلة متولدة من الاصل فانها لا تمنع الرد بالعيب وان رضي المشتري بردها مع الاصل التي هي تابعة له ، وان ابي المشتري الرد واراد الرجوع بنقصان الثمن كان له ذلك عند ابي حنيفة وابي يوسف وعند محمد ليس للمشتري ان يرجع بنقصان الثمن على البائع اذا اراد البائع استراداد المبيع معيبا ورد الثمن كله . وان كانت الزيادة متصلة غير متولدة من الاصل فانها تمنع الرد بالعيب ويرجع المشتري على البائع بنقصان الثمن وان كانت الزيادة منفصلة متولدة من الاصل فانها تمنع الرد بالعيب ويرجع المشتري بنقصان الثمن لان الزيادة حصلت في ضمان المشتري فان ردها مع الاصل كانت للبائع ربح ما لم يضمن وان استبقاها ورد الاصل فانها تبقى في يده بلا ثمن وهذا تفسير الربا . وهذا بخلاف هذه الزيادة قبل القبض فانها تحصل في ضمان البائع فجاز ردها مع الاصل الى البائع لحصولها في ضمانه ومن ثم جاز الرد بالعيب كما قدمنا . وان كانت الزيادة منفصلة - غير متولدة من الاصل فانها لا تمنع الرد بالعيب ويرد الاصل على البائع والزيادة للمشتري طيبة له لانها حصلت في ضمانه .
2. ولا يسقط خيار العيب بموت المشتري فاذا مات ثبت لورثته ( وكخيار العيب في ذلك خيار التعيين فانه ايضا يثبت للوارث) بخلاف خيار الشرط وخيار الرؤية فانهما لا يورثان على ما تقدم .
انظر المراجع المشار اليها في المادتين (193 و 194).
في المذهب الحنفي ليس للمشتري ان يمسك المبيع معيبا ويرجع على البائع بنقصان الثمن لان الاوصاف لا يقابلها شيء من الثمن في مجرد العقد ، ولان البائع لم يرض بزوال المبيع ملكه باقل من الثمن المسمى فيتضرر بنقصان هذا الثمن ودفع الضرر عن المشتري ممكن برده للمبيع ، ولان حق الرجوع بالنقصان كالخلف عن الرد والقدرة على الاصل تمنع المصير الى الخلف .
على ان للمشتري ان يرجع بنقصان الثمن اذا توافرت الشروط الاتية :
1. ان يتعذر على المشتري رد المبيع كان هلك المبيع او نقص او زاد وهو في يده .
2. ان يكون هذا التعذر غير آت من قبله فان كان التعذر اتيا من قبله لم يرجع بنقصان الثمن ، لانه يصير حابسا المبيع بفعله ممسكا عن الرد فلو باع المبيع المعيب او وهبه ثم علم بالعيب لم يرجع بنقصان الثمن ، لانه بالبيع او الهبة صار ممسكا عن الرد . ولو كان المبيع دارا فبناها مسجدا ثم اطلع على عيب لم يرجع بالنقصان ، لانه لما بناها مسجدا فقد اخرجها عن ملكه فصار كما لو باعها . ولو كان المبيع طعاما فاكله او ثوبا فلبسه حتى تخرق لم يرجع بالنقصان في قول ابي حنيفة وعند ابي يوسف ومحمد يرجع . وجه قولهما ان اكل الطعام ولبس الثوب استعمال الشيء فيما وضع له وانه انتفاع لا اتلاف . وجه قول ابي حنيفة ان المشتري باكل الطعام ولبس الثوب اخرجهما عن ملكه حقيقة ولو استهلك الطعام او الثوب لسبب اخر وراء الاكل واللبس ثم وجد به عيبا ، لم يرجع بالنقصان بلا خلاف ، لان استهلاكهما في غير ذلك الوجه ابطال محض .
3. الا يصل الى المشتري عوض عن المبيع . فان وصل اليه عوضه كان قتل اجنبي العبد المبيع في يده خطا، لم يرجع بالنقصان في ظاهر الرواية ، لانه لما وصل اليه عوضه صار كانه باعه ، ولو باعه ثم اطلع على عيب به لم يرجع كذا هذا .
فاذا توفرات هذه الشروط كان للمشتري الرجوع بنقصان الثمن .
ويكون الرجوع بنقصان الثمن على الوجه الاتي : يقوم المبيع غير معيب ثم يقوم بالعيب . ولا يدفع المشتري للبائع من الثمن الا حصة تعادل النسبة بين هاتين القيمتين . فلو كانت قيمة المبيع غير معيب عشرين ، وكانت قيمته معيبا خمسة عشر فالنسبة بين هاتين القيمتين نسبة ثلاثة الى اربعة ، فلو كان الثمن ستة عشر ، لم يجب على المشتري من الثمن الا ثلاثة ارباعه ، اي اثنا عشر ورجع بالنقصان وهو اربعة .
( يراجع في تفصيل ذلك : الكاساني 5: 286 وما بعدها).
وفي المذهب الشافعي كالمذهب الحنفي في ان صاحب الخيار له ان يرد المعقود عليه ويسترد ما دفعه وليس له امساك المعقود عليه المعيب والرجوع بارش العيب وكذا ليس للعاقد الاخر الزامه بامساك المعقود عليه المعيب مع انقاص الثمن .
وفي المذهب المالكي يقسم العيوب الى ثلاثة اقسام :
- عيب غير مؤثر وهو الذي لا ينقص من الثمن وليس فيه شيء .
- وعيب يسير هو الذي ينتقص من الثمن فيحط على المشتري من الثمن بقدر نقص العيب .
- وعيب فاحش ويكون المشتري فيه بالخيار بين الرد والامساك فاذا امسك ليس له ان يرجع بنقصان الثمن . ففي العيب الفاحش يتلاقى المذهبان الحنفي والمالكي ( ابن جزى ، القوانين الفقهية ص 267).
وفي المذهب الحنبلي يكون للمشتري الخيار بين الرد او الامساك مع الرجوع بنقصان الثمن ففي الشرح الكبير : ( فمن اشترى معيبا لا يعلم عيبه فله الخيار بين الرد والامساك مع الارش وهو قسط ما بين قيمة الصحيح والمعيب من الثمن . فان اختار امساك المعيب واخذ الارش فله ذلك وبه قال ابو اسحاق وقال ابو حنيفة والشافعي ليس له الا الامساك او الرد ولا ارش له الا ان يتعذر رد المبيع ) ( الشرح الكبير 4: 86).
وقد رؤي الاخذ بالمذهب الحنبلي ، لان الاحكام الموضحة فيه ايسر على الناس .
وتراجع المراجع المشار اليها في المادتين ( 193و 194 ).
الفرع الثاني
آثار العقدنظرة عامة :
بعد ان فرغ المشروع من الكلام على العقد في مرحلة نشوئه ، شرع في الكلام عليه من حيث اثره والمراد هنا العقد الصحيح النافذ المنجز . ويدخل في اثر العقد تنفيذه ويرتبط بتنفيذ العقد تفسيره لان التنفيذ يقتضي التفسير ولانهما يؤديان الى نتيجة واحدة .
والكلام على الاثر يتناول ناحيتين : ناحية الموضوع وناحية الاشخاص ، اما من ناحية الموضوع فقد بين المشروع ان للعقد حكما يقع من تلقاء نفسه بمجرد انعقاد العقد وحقوقا يقع بعضها على عاتق احد المتعاقدين وبعضها على عاتق الاخر ان كان العقد من عقود المبادلات . وقد بين المشروع ان هذه الحقوق يجب على العاقد الوفاء بما يلزمه العقد منها ، وبين حدود ما يجب عليه منها وكيفية الوفاء ، كما اعطى في العقود المنشئة لالتزامات متقابلة للعاقد ان يمتنع عن الوفاء بالتزامه ان لم يف الطرف الاخر بالتزامه المقابل وخول المحكمة في عقد الاذعان الحق في تعديل الشروط التعسفية او الاعفاء منها كما وجد ان من الحوادث ما يكون شاذا لا يمكن توقعه دون ان يكون للعاقدين مندوحة عنه ومثل هذه الحوادث لا تؤدي الى استحالة تنفيذ الالتزام والا كانت من قبيل القوة القاهرة وانما تجعل هذا التنفيذ مرهقا فادحا وفي هذه الحالة خول المشروع القاضي ان يتدخل لينقص الالتزام المرهق الى الحد المعقول بعد تقدير مصالح العاقدين تقديرا عادلا .
واما من ناحية الاشخاص فقد تناول تحديد آثار العقد بالنسبة الى الخلف الخاص ثم بين آثار العقد بالنسبة الى غير العاقدين فقرر القاعدة العامة التي تجيز الاشتراط لمصلحة الغير وجدد في نصوص جلية مفصلة شروط الاشتراط لمصلحة الغير وآثاره واجاز الاشتراط لمصلحة شخص مستقبل او شخص غير معين وقت العقد ثم تناول الوعد بالتزام الغير فأورد نصا للاحكام العامة فيه وقد اشير ابتداء الى الفارق الجوهري بين الاشتراط لمصلحة الغير والوعد بالتزام الغير فالاول يخول الغير حقا مباشرا على نقيض الثاني فهو لا يلزم الغير بذاته ، فالواعد يلتزم شخصيا اما الغير فلا يلتزم الا بمقتضى اقراره للوعد ، ولا يكون لهذا الاقرار اثر الا من وقت صدوره ما لم تنصرف الارادة الى غير ذلك .
وبعد الكلام على الاثر انتقل الى الكلام على التفسير وقد اقتصر المشروع في ذلك على ايراد ضوابط مجملة ورغب عن القواعد التفصيلية التي تصادف عادة في التقنينات اللاتينية . وهذه الضوابط مأخوذة عن المجلة وعن القانون المدني المصري والسوري والمشروع الاردني والقانون العراقي .
وانه وان كانت المادة الثانية من المشروع تنص على انه (يرجع في فهم النص وتفسيره وتأويله ودلالته الى قواعد اصول الفقه) الا انه رؤي من باب التيسير والتقريب ايراد بعض قواعد التفسير ونص على احكام خاصة بعقود الاذعان اذ ينبغي ان يراعى في تفسير هذه العقود ما قد يقع من غفلة المذعن عن بعض الشروط الجائزة فينبغي تفسير ما يغمض من الشروط فيها على وجه لا يضر بالمذعن ، دائنا كان او مدينا ، اذ ليس له على كلا الحالين يد في هذا الغموض .
المذكرة الايضاحية :
يميز الفقه الاسلامي بين حكم العقد وحقوق العقد . وحكم العقد وهو الاثر الاصلي للعقد والغرض الذي قصد اليه العاقدان من انشائه . وحقوق العقد هي ما يستتبعه العقد من التزامات ومطالبات تؤكد حكمه وتحفظه وتكمله ، فعقد البيع حكمه نقل ملكية المبيع الى المشتري وثبوت الملك في الثمن للبائع، وحقوقه الزام البائع بتسليم المبيع وقبوله اذا رد اليه بسبب العيب ، وثبوت حقه في المطالبة بالثمن والزام المشتري باداء الثمن وثبوت حقه في المطالبة بتسليم المبيع ورد المبيع اذا وجده معيبا وغير ذلك من الحقوق التي تثبت لكل عاقد قبل صاحبه تكميلا لاثر العقد ومحافظة عليه وتوفيرا لكمال الانتفاع به . وحكم العقد يثبت من تلقاء نفسه بمجرد انعقاد العقد فهو اثر مباشر للانعقاد فهو لا يثبت التزاما في ذمة العاقد الوفاء به بل يتحقق ذاتي بمجرد انعقاد العقد . اما حقوق العقد فهي التزامات ومطالبات تثبت في ذمة العاقد ويجب عليه الوفاء بها .
وذلك على خلاف القانون فالعقد فيه ليس الا مصدرا للالتزمات فكل اثره ينحصر في انشاء التزامات في ذمة احد الطرفين او كيلهما .
لذلك حرص المشروع على ابراز هذا الفارق بالنص في المادة الحالية على ان حكم العقد يتحقق في المعقود عليه وبدله من تلقاء نفسه بمجرد انعقاد العقد دون توقف على القبض او اي شيء اخر اما حقوق العقد فتثبت في ذمة العاقد ويجب عليه الوفاء بها وفقا لما يقضي به العقد . وقد آثر المشروع التزام صياغة الفقه الاسلامي بقدر الامكان.
وتقدم ان المقصود بالعقد هنا العقد الصحيح النافذ المنجز .
وتراجع المواد ( 369 و 374و 583) من المجلة وشرحها لعلي حيدر والمواد من ( 307- 309) من مرشد الحيران وهي تقابل المواد من ( 143-145) من القانون العراقي .
تضمنت هاتان المادتان تطبيقا لحكم المادة السابقة فالاولى منهما تطبيق له في العقود الواردة على ملكية الاعيان .
والثانية منهما تطبيق له في العقود الواردة على منافع الاعيان .
?تتناول هذه المادة في فقرتها الاولى كيفية تنفيذ المتعاقد ما الزمه به العقد فتوجب عليه ان يقوم بالنتفيذ بطريقة تتفق مع ما يوجبه حسن النية . وتتناول في فقرتها الثانية بيان المقصود بمضمون العقد وبعبارة اخرى تحديد نطاق العقد فتبين انه لا يقتصر على الزام المتعاقد بما ورد فيه على وجه التخصيص ، بل يلزمه كذلك بما تقتضيه طبيعته وفقا لاحكام القانون والعرف .
ففي الفقه الاسلامي كما في الفقه الغربي يسترشد في تحديد نطاق العقد :
1. بالعرف والعادة .
2. بطبيعة الالتزام فيتبع العين ما تستلزمه طبيعتها من ملحقات .
1. فيرجع اولا الى العرف والعادة :
وقد اوردت المجلة كثيرا من القواعد الكلية توجب الاخذ بالعرف والعادة في تحديد نطاق العقد منها ( العادة محكمة ) و( استعمال الناس حجة يجب العمل بها ) و( الممتنع عادة كالممتنع حقيقة ) و ( الحقيقة تترك بدلالة العادة ) و( انما تعتبر العادة اذا اطردت او غلبت) و( العبرة للغالب الشائع لا للنادر ) و( والمعروف عرفا كالمشروط شرطا ) وقد اورد المشروع هذه القواعد سابقا .
2. ويرجع ثانيا الى طبيعة الالتزام :
وهي تقتضي ان يلحق العين ما هو تابع لها وما تستلزمه تلك الطبيعة من ملحقات ويستند المشروع في هذا الصدد الى القواعد الفقهية ( التابع تابع ) و( التابع لا يفرد بالحكم ) و ( من ملك شيئا ملك ما هو من ضروراته ) و( اذا سقط الاصل سقط الفرع ) و( اذا بطل الشيء بطل ما في ضمنه ).
تراجع المواد (47 و48 و49 و50 و52) من المجلة وهي تقابل المادة ( 148) مصري والمادة ( 149) سوري ومشروع اردني .
1. من الاصول التي يقوم عليها نظام العقود الملزمة للجانبين ارتباط تنفيذ الالتزامات المتقابلة فيها على وجه التبادل او القصاص . فاذا استحق الوفاء بهذه الالتزامات فلا يجوز تفريعا على ما تقدم ان يجبر احد المتعاقدين على تنفيذ ما التزام به قبل قيام المتعاقد الاخر بتنفيذ الالتزام المقابل وعلى هذا الاساس يتعين ان تنفذ الالتزامات المتقابلة في وقت واحد . ويجوز الاستعانة باجراءات العرض الحقيقي لمعرفة المتخلف عن الوفاء من المتعاقدين . فلكل من المتعاقدين ازاء ذلك ان يحتبس ما يجب ان يوفى به حتى يؤدي اليه ما هو مستحق له وهو باعتصامه بهذا الحق او الدفع انما يوقف احكام العقد لا اكثر ، فالعقد لا يفسخ في هذه الصورة ولا تنقضي الالتزامات الناشئة عنه على وجه الاطلاق بل يقتصر الامر على وقف تنفيذه وهذا هو الفارق الجوهري بين الفسخ والدفع بعدم تنفيذ العقد .
2. ومهما يكن من شيء فليس يباح للعاقد ان يسيء استعمال هذا الدفع فلا يجوز له ان يتمسك به ليمتنع عن تنفيذ التزامه ، اذا كان الالتزام المقابل قد نفذ في جزء كبير منه واصبح ما لم ينفذ منه ضئيلا لدرجة لا تبرر اتخاذ مثل هذا الاجراء .
3. وقد فرض في الصورة المتقدمة ، ان الالتزامات المتقابلة في العقد الملزم للجانبين قد حل ميعاد الوفاء بها من الطرفين معا . اما اذا كان العقد يوجب على احد العقد لا ينحل في هذه الحالة كما تقدم ، لذلك رؤي وضعه في مجاله السليم وهو تنفيذ اذ يتعين عليه ان يفي بما التزم به دون ان ينتظر وفاء المتعاقد الآخر .
4. وقد اورد القانون المدني المصري هذا الحكم مع المواد الخاصة بالفسخ تحت عنوان ( انحلال العقد ) (م 161 مصري وكذا 162 سوري ومشروع اردني ) رغم ان العقد لا ينحل في هذه الحالة كما تقدم ، لذلك رؤي وضعه في مجاله السليم وهو تنفيذ العقد .
وتراجع المادتان (262و 379) من المجلة وشرحها لعلي حيدر وهي تقابل المادة (280) عراقي .
خول المشروع في هذه المادة المحكمة الحق في اعادة التوازن بين المتعاقدين اذا كان العقد عقد اذعان وتضمن شروطا تعسفية فاعطى المحكمة الحق في ان تعدل من هذه الشروط التعسفية تعديلا يخفف العبء الواقع على عاتق الطرف المذعن او تعفيه منها حسبما تقضي به العدالة .
وحتى يوضع هذا النص موضع التنفيذ لم يكن هناك مناص من النص على بطلان كل اتفاق على خلاف ذلك .
وهي تقابل المادة (149) مصري و ( 176) عراقي و( 150) سوري ومشروع اردني .
1. الاصل انه لا يجوز لاحد طرفي التعاقد ان يستقل بنقضه او تعديله ولا يجوز ذلك للقاضي لانه لا يتولى انشاء العقود عن عاقديها وانما يقتصر علمه على تفسير مضمونها بالرجوع الى نية هؤلاء العاقدين ، فلا يجوز اذن نقض العقد او تعديله الا بتراضي عاقديه ويكون هذا التراضي بمثابة تعاقد جديد ، او لسبب من الاسباب المقررة في القانون كما هو الشان في اسباب الرجوع في الهبة .
2. وقد استثنى المشروع في هذه المادة اقتداء بالقانون المدني المصري وما تفرع عنه من قوانين عربية حكما بالغ الاهمية اذ استثنى مبدأ الطوارىء غير المتوقعة من نطاق تطبيق القاعدة التي تحجر على القضاء تعديل العقود وقد حرص المشروع على :
أ. ان يرسم في وضوح الحدود بين حالة الطوارىء غير المتوقعة وحالة القوة القاهرة ففي الحالة الاولى يصبح تنفيذ الالتزام التعاقدي على حد تعبير المشروع مرهقا يجاوز حدود السعة دون ان يكون مستحيلا ومؤدى ذلك ان الحالة الثانية هي التي تتحقق فيها هذه الاستحالة .
ب. ان يقنع في تحديد الحادث غير المتوقع بوضع ضابط للتوجيه دون ان يورد امثلة تطبيقية فقهية الصبغة .
3. واذا كانت نظرية الطوارىء غير المتوقعة تستجيب لحاجة ملحة تقتضيها العدالة فهي تستهدف للنقد باعتبارها مدخلا لتحكم القاضي ، بيد ان المشروع قد احتاط في ان يكفل لها نصيبا من الاستقرار فاضفى عليها صبغة مادية يتجلى اثرها في تحديد الطارىء غير المتوقع ، وفي اعمال الجزاء الذي يترتب على قيامه ، فلم يترك امر هذا الطارىء للقضاء يقدره تقديرا اذاتيا او شخصيا بل استعمل المشروع عبارة ( ان اقتضت العدالة ذلك ) وهي عبارة تحمل في ثناياها معنى الاشارة الى توجيه موضوعي النزعة وفضلا عن ذلك فاذا تثبت القاضي من قيام الطارىء غير المتوقع عمد الى اعمال الجزاء برد الالتزام الذي اصبح يجاوز السعة ، الى ( الحد المعقول ) وهذا قيد اخر مادي الصبغة . هذا فضلا عن اشتراط ان يكون الطارىء حادثة استثنائية عامة كالفيضان والجراد وليست خاصة بالمدين كحريق المحصول مثلا .
4. ونظرية الطوارىء غير المتوقعة تختلف عن نظرية القوة القاهرة في ان الطارىء غير المتوقع لا يجعل التنفيذ مستحيلا بل يجعله مرهقا يجاوز السعة دون ان يبلغ به حد الاستحالة ويستتبع ذلك قيام فارق اخر يتصل بالجزاء فالقوة القاهرة تفضي الى انقضاء الالتزام وعلى هذا النحو يتحمل الدائن تبعتها كاملة اما الطارىء غير المتوقع فلا يترتب عليه الا انقاص الالتزام الى الحد المعقول وبذلك يتقاسم تبعته الدائن والمدين .
5. وهذا الحكم يجد لاساسه سندا في الفقه الاسلامي في مبدأ ( الاعذار ) في الفقه الحنفي و( الجائحة ) في الفقه المالكي والحنبلي مع خلاف في الاحكام وفي ( المساواة) بين طرفي العقد التبادلي وفي العدالة عموما. ويراجع فيما يتعلق بالحوادث الطارئة غير المتوقعة . الكاساني (4: 197- 199) . والهندية (4: 459- 463).
وابن عابدين (5 : 76) . والسنهوري مصادر الحق (6: 95- 118).
وهي تقابل المادة ( 147) مصري و( 148) سوري ومشروع اردني و( 146) عراقي .
1. لا تقتصر اثار العقد على المتعاقدين بذواتهم بل تتجاوزهم الى من يخلفهم خلافة عامة من طريق الميراث او الوصية ما لم تكن العلاقة القانونية شخصية بحتة ويستخلص ذلك من ارادة المتعاقدين صريحة كانت او ضمنية او من طبيعة العقد كما هو الشأن في شركات الاشخاص والايراد المرتب مدى الحياة ، او من نص في القانون كما هي الحال في حق الانتفاع .
2. وعلى ذلك ينتقل الى الوارث ما يرتب العقد من حقوق والتزامات . اما الحقوق المالية فيكون انتقالها كاملا الا ما كان منها غير مالي كحق الولاية والحضانة وما اتصل منها بشخص المورث كدين النفقه وحق الانتفاع وحق الرجوع في الهبة وحق الاجل في الدين وما اتصل منها بمشيئة المورث كبعض الخيارات وحق الشفعة ( على الخلاف ) بيد ان حكم الالتزامات يقتضي تحفظا خاصا يتصل باحكام الميراث . ذلك ان الوارث لا يلتزم بديون مورثه ، وفقا لاحكام الشريعة الاسلامية الا بقدر ما يؤول اليه من التركة بل وبنسبة ما يؤول اليه منها في صلته بالورثة الباقين وبعد فليس ينبغي ان يعزل هذا النص عن النصوص التي تضمنها المشروع بشأن تصفية التركات بالنسبة الى الموصى له بجزء من مجموع التركة . ويقصد بالحقوق هنا الحقوق بالمعنى العام لا بالمعنى الذي يقابل حكم العقد في قولنا ( حكم العقد وحقوق العقد ).
وتراجع المادة (278 و 306) من مرشد الحيران وانظر الكاساني (5: 258) وهي تقابل المادة ( 145) مصري و( 146) سوري ومشروع اردني و ( 142) عراقي .
الخلف الخاص هو من يكتسب ممن يستخلفه حقا عينيا على شيء معين كالمشتري والموهوب له والمنتفع ، فاذا عقد المستخلف عقدا يتعلق بهذا الشيء انتقل ما يرتب هذا العقد من حقوق والتزامات الى الخلف الخاص بشروط ثلاثة:
اولها : ان يكون تاريخ العقد سابقا على كسب هذا الخلف لملكية الشيء ويراعى ان العقد يجب ان يكون ثابت التاريخ .
والثاني : ان تكون الحقوق والالتزامات الناشئة عن العقد مما يعتبر من مستلزمات هذا الشيء ويتحقق ذلك اذا كانت هذه الحقوق مكملة له كعقود التأمين مثلا، او اذا كانت تلك الالتزامات تحد من حرية الانتفاع به كما هو الشأن في الالتزام بعدم البناء .
والثالث : ان يكون الخلف قد علم بما ينتقل اليه من حقوق والتزامات ، وحكم النص مقصور على ذلك دون ان يجاوزه الى ما كان يستطيع ان يعلم به لدقة الوضع .
فاذا انشأ العقد التزامات وحقوقا شخصية تتصل بشيء ثم انتقل هذا الشيء الى خلف خاص فان هذه الالتزامات والحقوق تنتقل الى هذا الخلف مع الشيء اذا كانت من مستلزماته وكان الخلف الخاص يعلم بها وقت انتقال الشيء اليه .
ونجد تطبيقا لذلك في الموصى له بعين معينة والمشتري لعين معينة .
أ. فبالنسبة للموصى له بعين معينة :
1. اذا اشترى شخص دارا ثم اوصى بها في حدود ثلث التركة الى شخص آخر وانتقلت الدار الى الموصى له بعد موت الموصى فالظاهر ان الموصى له يرجع على البائع بضمان العيب وبضمان الاستحقاق وبضمان الهلاك اذا كانت العين لا تزال في يد البائع كما كان يرجع الموصى لو كان حيا وبذا تنتقل العين الى الخلف بالحقوق المكملة لها.
2. اذا اشترى شخص دارا ولم يقبضها ولم يدفع ثمنها فبقي الثمن دينا في ذمته ثم اوصى بها الى شخص اخر ثم مات الموصى فان الثمن يبقى دينا في التركة ولا ينتقل الى ذمة احد من الورثة ولا الى ذمة الموصى له فاذا سددت جميع ديون التركة ومنها ثمن الدار وكان ما بقي من الاموال وفيها هذه الدار بعد سداد الديون لا يقل ثلثه عن قيمة هذه الدار خلصت الدار للموصى له دون ان ينصرف اليه اثر العقد من حيث ترتيب الثمن في ذمة المدين ويتحمل الموصى له كما كان يتحمل الموصى حبس البائع للدار حتى يستوفي الثمن وفسخ العقد لو كان للبائع خيار النقد ولم يقبض الثمن في الايام الثلاثة المشترطة وفسخ ، ومن ثم ينصرف الى الخلف الخاص اثر العقد من حيث الالتزامات التي تعتبر محددة للعين .
3. اذا باع شخص دارا ولم يقبض ثمنها فبقي الثمن دينا له في ذمة المشتري واوصى بهذا الدين الى اخر في حدود ثلث التركة فبعد موته ينتقل هذا الحق الى الموصى له ويصبح هو الدائن بالثمن للمشتري فللموصى له حبس المبيع وله فسخ العقد بخيار النقد كما كان الموصى يفعل لو بقي حيا اذ الموصى له قد قام مقام الموصى في كل ذلك وبذا يكون العقد من حيث الحقوق المكملة للشيء قد انصرف الى الخلف الخاص الذي انتقلت اليه هذه العين .
4. اذا اوصى شخص لآخر بدار مرهونة او مستأجرة في حدود ثلث التركة وعند موته انتقلت العين الى الموصى له فانها تنتقل اليه مثقلة بحق المرتهن او بحق المستأجر كما كانت في حياة الموصي فعقد الرهن وعقد الايجار ينصرف اثرهما من حيث ترتيبه لالتزامات محددة للعين الى الخلف الخاص الذي انتقلت اليه العين .
فللموصى له بوصفه خلفا للموصي ينصرف اليه اثر العقد سواء اكان حقا مكملا ام التزاما محددا .
ب. وبالنسبة للمشتري لعين معينة :
المشتري لعين معينة كالموصى له بعين معينة فيما تقدم :
1. فاذا باع شخص دارا وكان قد اشتراها من اخر فاصبح المشتري من البائع الثاني خلفا خاصا له على هذه العين فاذا فرض ان بها عيبا يرجع به البائع الثاني على البائع الاول او كان للبائع الثاني خيار التعيين او خيار فوات الوصف المرغوب فيه فالمشتري باعتباره خلفا خاصا للبائع الثاني له ان يرجع بضمان العيب على البائع الاول ولو استحقت العين وكان للبائع الثاني ان يرجع بضمان الاستحقاق على البائع الاول فان المشتري له ان يرجع بدعوى الاستحقاق على البائع الاول لان هذه الحقوق مكملة للعين فتنتقل معها الى الخلف الخاص .
2. واذا اشترى شخص دارا من آخر ولم يقبضها ولم يدفع ثمنها ثم باع الدار من مشتر فاصبح هذا المشتري خلفا خاصا للبائع الثاني كما في المثال المتقدم فان البائع الاول له ان يحبس الدار عن المشتري حتى يستوفي الثمن كما كان يحبسها عن البائع الثاني ويستطيع ان يفسخ البيع بخيار النقد في حق المشتري كما كان يفعل في حق البائع الثاني وعلى ذلك فان الخلف الخاص يتحمل اثر العقد الذي يبرمه سلفه فيما يتعلق بالالتزامات التي تعتبر محددة للعين .
3. اذا باع شخص دارا مرهونة او مستأجرة فان المشتري وهو خلف خاص للبائع تنتقل اليه الدار محملة بحق المرتهن او بحق المستأجر بل ان البيع لا ينفذ الا باجازة المرتهن او المستأجر واذن فالخلف الخاص يتحمل اثر العقد من حيث الالتزامات التي تعتبر محددة .
يراجع في ذلك السنهوري مصادر الحق ( 5: 120- 123) . وهي توافق المادة (146) مصري و( 147) سوري ومشروع اردني و ( 142) عراقي .
الاصل في العقود ان تقتصر اثارها على عاقديها ، فلا يترتب ما تنشيء من التزامات الا في ذمة المتعاقدين ومن ينوب عنهم من الخلفاء والدائنين وليس الوعد بالتزام الغير الا تطبيقا لهذه القاعدة ، وكذلك الشأن فيما ترتب العقود من حقوق فلا ينصرف نفعها الا الى المتعاقدين ومن ينوب عنهم . على انه يجوز الاشتراط لمصلحة الغير وهذا الاستثناء الحقيقي الذي يرد على القاعدة .
تراجع المادة (306) من مرشد الحيران وهي تقابل المادة (152) مصري و(153) سوري ومشروع اردني .
1. ليست احكام هذه المادة الا تطبيقا للقواعد العامة في اقتصار اثار العقود فاذا تعهد شخص بان يجعل الغير يلتزم بامر ونصب نفسه زعيما بذلك فلا يكون من اثر هذا التعهد الزام هذا الغير ، وكل ما هنالك ان المتعهد يتعهد بالوفاء بالتزام بعمل شيء ، هو الحصول على اقرار الغير للتعهد الذي بذله ، ذلك هو مدى التزام المتعهد على وجه الدقة . فليس يكفي عند رفض الاقرار ان يكون هذا المتعهد قد بذل ما في وسعه للحصول عليه ولا يشترط كذلك ان يقوم من بذل التعهد عنه بتنفيذ تعهده اذا ارتضى اقراره وهذا ما يفرق الوعد بالتزام الغير عن الكفالة .
2. واذا امتنع الغير عن اجازة التعهد فلا تترتب على امتناعه هذا اية مسئولية ذلك ان التعهد لا يلزم الا المتعهد ذاته ويكون من واجبه تنفيذ التزامه ، اما بتعويض العاقد الاخر الذي صدر الوعد لمصلحته ، واما بالوفاء عينا بالتعهد الذي ورد الوعد عليه ، اذا امكن ذلك دون الحاق ضرر بالدائن ، ويستوي في هذا ان يكون التعهد متعلقا بالتزام بنقل حق عيني ، او بعمل شيء او بالامتناع عنه .
3. ويتحلل المتعهد من التزامه بمجرد اقرار الغير للتعهد ، الواقع ان التزام المتعهد ينقضي في هذه الصورة من طريق الوفاء ، ويترتب على الاقرار ان يصبح الغير مدينا مباشرة للعقد الاخر ، لا على اساس التعهد الذي قطعه المتعهد بل بناء على عقد جديد يقوم بداهة من تاريخ هذا الاقرار ما لم يتبين انه قصد صراحة او ضمنا ان يستند اثر الاقرار الى الوقت الذي صدر التعهد فيه . وغني عن البيان الاقرار ينزل منزلة القبول من هذا العقد الجديد .
ويلاحظ ان النص في القانون المدني العراقي كان هو نص المادة ( 209) من المشروع التمهيدي للقانون المدني المصري وكان الكلام فيها على ( الوعد ) لا على التعهد وفي لجنة المراجعة في مجلس الشيوخ استبدلت كلمة التعهد ومشتقاتها بكلمة ( الوعد) ومشتقاتها لان التعهد يؤدي معنى الالتزام وهذا مالا يقيده الوعد الذي يعني السعي .
وقد تقدم ان المشروع اخذ براي من يرى من الفقهاء المسلمين بان الوعد ملزم وعلى ذلك يكون ( الوعد) بمعنى التعهد فكلا الكلمتين في المشروع سواء في معنى الالزام ولكن فضلت كلمة ( المتعهد) لوضوح معنى الالزام فيها .
يراجع الكاساني (5: 258) . وهي تقابل المادة (154) سوري ومشروع اردني وتقابل المادة ( 153) مصري و( 151) عراقي .
1. ينطوي الاشتراط لمصلحة الغير على خروج حقيقي على قاعدة اقتصار منافع العقود على المتعاقدين دون غيرهم فالمتعهد يلتزم قبل المشترط لمصلحة المنتفع فيكسب الاخير بذلك حقا مباشرا ، ولو انه ليس طرفا في التعاقد وبهذه المثابة يكون التعاقد بذاته مصدرا لهذه الحق ، ولهذا التصوير على بساطته ووضوحه فضل الكشف عن وجه هذا النظام وابراز مشخصاته من حيث شذوذه عن حكم القواعد العامة في القانون وكان انصراف منفعة العقد الى غير عاقديه في القوانين الاجنبية استثناء لا يطبق الا في حالات محصورة الا انه سما الى مرتبة الاصل وبسط نطاقه على سائر الحالات في خلال القرن التاسع عشر على اثر ما اصاب عقد التأمين من نمو وذيوع وقد بلغ التوسع في تطبيق هذا الاصل شاوا وانتهى الامر الى اباحة الاشتراط اذا كان المنتفع شخصا مستقبلا ، او شخصا لم يعين وقت التقاعد ما دام تعيينه مستطاعا عندما ينتج هذا التعاقد اثره كما هو الشأن في التأمين لمصلحة من ولد ومن يولد من ذرية المؤمن .ولكن هذا الاصل سلم في الفقه الاسلامي ووجد له تطبيقات عدة في الوصية والوقف وكذا الهبة عند مالك (اذ يجيز مالك الهبة للجنين وللمعدوم - احمد ابراهيم التزام التبرعات مجلة القانون والاقتصاد ج 2 صفحة 623).
2. وللمشترط ان ينقض المشارطة قبل اقرار المنتفع لها الا ان يكون ذلك منافيا لروح التعاقد وله عند نقض المشارطة ان يعين منتفعا آخر او ان يستأثر لنفسه منفعتها ما لم تكن نية المتعاقدين قد انصرفت صراحة او ضمنا الى ان الالغاء ترتب عليه ان تبرأ ذمة المتعهد قبل المشترط ولما كان نقض المشارطة امرا يرجع الى تقدير المشترط ذاته فقد قصر استعمال هذه الرخصة عليه دون دائنية او ورثته واذا رفض المنتفع المشارطة نهائيا فيكون للمشترط عين الحقوق التي تقدمت الاشارة اليها في الفرض السابق . والظاهر انه يجوز له فوق ذلك ان يطلب فسخ العقد باعتبار ان المتعهد يستحيل عليه تنفيذ التزامه قبل المنتفع .
3. واذا صح عزم المنتفع على قبول الاشتراط فيجوز له ان يعلن المتعهد او المشترط باقراره ويراعى ان هذا الاقرار تصرف قانوني ينعقد بارادة منفردة ، ولا يشترط فيه استيفاء شكل ما ولم يحدد المشروع اجلا معينا لصدوره ، ولكن يجوز انذار المنتفع بالافصاح عما يعتزم في فترة معقولة ، ويصبح حق المنتفع لازما او غير قابل للنقض بمجرد اعلان الاقرار وهو حق مباشرة مصدره العقد ويترتب على ذلك نتيجتان .
الاولى : انه يجوز للمنتفع ان يطالب بتنفيذ الاشتراط مالم يتفق على خلاف ذلك ، ولما كان للمشترط مصلحة شخصية في هذا التنفيذ وهو يفترق عن الفضولي من هذا الوجه فيجوز له ايضا ان يتولى المطالبة بنفسه الا اذا قضى العقد بغير ذلك .
والثانية : انه يجوز للمتعهد ان يتمسك قبل المنتفع بالدفوع التي تتفرع على العقد .
انظر البدائع (5: 172) ومجمع الضمانات ص 81 وابن عابدين ( 4-167 ) .
وهي تقابل المواد (155- 157) سوري ومشروع اردني و( 154- 156) مصري و( 152-154) عراقي .
يعتمد في هذا المادة على الاحكام الفقهية العامة المبينة في مراجعها الشرعية مثل رد المحتار والكاساني وغيرهما وعلى المادتين ( 285و 291) من مرشد الحيران والمادة ( 175) من المجلة وشرحها لعلي حيدر .
هذه المواد تضمنت قواعد عامة وهامة يحتاج اليها تفسير العقود وفي القضاء والمعاملات ويستعان بها حينما لا يكون نص خاص في العقد او في القانون وهي مستقاة من احكام الشريعة الاسلامية .
وتراجع المواد ( 3 و 12 و 13 و 15 و 22 و 38 ) ومن ( 40 - 48 ) ومن ( 50 - 53 و 58 ) ومن ( 60 - 66 و 87 و 95 و99 و100 ) من المجلة وشرحها لعلي حيدر .
وتقابل بعضها المواد من ( 155 - 165 ) من القانون العراقي .
?اول ما يعرض للقاضي في شأن العقد هو تفسير اذا كان في حاجة الى تفسير , وتفسير العقد هو استخلاص النية المشتركة للمتعاقدين .
فاذا فرغ القاضي من التفسير , انتقل الى تحديد نطاق العقد , فلا يقتصر في هذا التحديد على النية المشتركة للمتعاقدين ، بل يجاوز ذلك الى ما هو من مستلزمات العقد , وفقا للقانون والعرف والعدالة بحسب طبيعة الالتزام .وقد تناول المشروع تحديد نطاق العقد في المادة ( 202 ) ويتناول في المواد التالية تفسير العقد ( اهتم الفقهاء المسلمون بتفسير العقد وتحديد نطاقه ووضعوا لذلك قواعد جمعها ابن نجيم في كتابه الاشباه والنظائر كما جمعها غيره في الفقه الحنفي وغيره من المذاهب , وقد اهتمت المجلة بايراد هذه القواعد في مقدمتها ) , وقد حرص المشروع على ايراد هذه القواعد ويرجع في فهم هذه القواعد وتفسيرها الى كتب القواعد ومنها الاشباه والنظائر لابن نجيم والى شروح المجلة .
وتجدر الاشارة الى ان هناك قاعدتين هامتين في هذا الصدد يرجع اليهما كثير من القواعد الاخرى .القاعــدة الاولى :
العبرة في تفسير العقد في الفقه الاسلامي بالارادة الظاهرة لا بالارادة الباطنة :
يجب الوقوف في تفسير العقد عند الصيغ والعبارات الواردة في العقد واستخلاص معانيها الظاهرة دون الانحراف عن المعنى الظاهر الى معان اخرى بحجة انها هي المعاني التي تتمثل فيها الارادة الباطنة , فالارادة الباطنة لا شأن لنا بها اذ هي ظاهرة نفسية لا تعني الجتمع , والذي يعنيه هو الارادة الظاهرة التي اطمان اليها كل من المتعاقدين في تعامله مع الاخر , فهذه ظاهرة اجتماعية لا ظاهرة نفسية وهي التي يتكون منها العقد .
من اجل ذلك يقف المفسر عند الصيغ الواردة في العقد ويحللها تحليلا موضوعيا ليستخلص منها المعاني السائغة ويعتبر هذه المعاني هي ارادة المتعاقدين .
يراجع مثلا الكاساني ، البدائع ( 5: 133 و 235 ) والبغدادي , مجمع الضمانات ( ص 28 و 40 - 41 ) .
فنية المتعاقدين تستخلص مما دل عليه الالفاظ الواردة في العقد .
فان كان المعنى الذي يستخلص في العرف وفي الشرع واضحا لم يجز الانحراف عنه الى غيره .
وان كان المعنى غير واضح ، وجب تبين نية المتعاقدين .
فالعبرة في الفقه الاسلامي بالارادة الظاهرة كما تستخلص من العبارات والصيغ التي استعملها المتعاقدان. وفي هذا استقرار للتعامل وتحقيق للثقة المشروعة التي وضعها كل من المتعاقدين في الاخر عندما اطمان الى ما يكمن من عباراته من معان سائغة بخلاف الحال في الفقه الغربي وبخاصة الفقه اللاتيني اذ العبرة بالارادة الباطنة اما العبارة فهي دليل على الارادة ولكنه دليل يقبل اثبات العكس فاذا كان هناك خلاف بين الارادة والعبارة فالعبرة بالارادة دون العبارة وهذا بخلاف الفقه الاسلامي , وكذلك الفقه الجرماني الى مدى يقرب من الفقه الاسلامي فالعبارة هي التي يعتد بها ومنها وحدها تستخلص الارادة .
ولا يقدح في ذلك قاعدة ان ( الامور بمقاصدها ) وان ( العبرة في العقود للمقاصد والمعاني لا للالفاظ والمباني ) ( م2 و 3 من المجلة ) ونحو ذلك فان هذه القواعد لا تعني انه يعتد بالارادة الباطنة بل المقصود ان الذي يعتد به المقاصد والمعاني التي تستخلص من العبارات والصيغ المستعملة او من دلائل موضوعية وعلامات مادية فلا تجاوز هذا البحث الموضوعي الى بحث ذاتي نستشف به الضمير ونستكشف به خفايا النفوس .
يدعم هذا قواعد كلية ثلاث وردت في المجلة اوردها المشروع :
1. الاصل في الكلام الحقيقة ( م12 من المجلة ) فلا يجوز حمل اللفظ على المجاز اذا امكن حمله على المعنى الحقيقي , فلو اوصي لولد زيد لم يدخل ولد ولده ان كان له ولد لصلبه , فان لم يكن له لصلبه استحق ولد الابن ( الاشباه والنظائر ص 36 ) .
2. لا عبرة للدلالة في مقابلة التصريح ( م13 من المجلة ) فاذا تعارض المفهوم صراحة مع المفهوم ضمنا , قدم الاول على الثاني , لان الدلالة المادية في الصريح ابلغ , مثل ذلك ان يهب شخص شيئا لاخر فقبض الموهوب في مجلس الهبة ولو بغير اذن الواهب صحيح لان ايجاب الواهب في مجلس الهبة اذن ضمني , ولو نهى الواهب الموهوب له عن القبض صراحة لم يصح قبضه , لان النهي الصريح يقدم على الاذن الضمني .
3. ( دليل الشيء في الامور الباطنة يقوم مقامه , يعني انه يحكم بالظاهر فيما يتعذر الاطلاع عليه ) ( م 68 من المجلة ) فاستعمال الالة المفرقة للاجزاء دليل على نية القتل. ويقول الاستاذ سليم باز في هذا الصدد ( لقد ورد في شرح المادة الثانية انه اذا تناول الملتقط اللقطة بنية ردها لصاحبها فلا يضمن لو ضاعت منه بدون تقصيره , ولما كانت النية من الامور الباطنة والاطلاع عليها متعذرا , فيستدل عليها ببعض الدلائل الظاهرة كاعلان الملتقط انه وجد لقطة ) ( شرح سليم باز على الجلة ص 48 ) .
ويراجع ايضا السيوطي , الاشباه والنظائر ( ص111 - 113 )
القاعـــدة الثانية :
وهناك قاعدة اخرى جوهرية في تفسير العقد وهي : يفسر الشك في مصلحة المدين وقد توردها التقنين العراقي في المادة ( 166 ) منه وهذا النص وان كان ماخوذا من الفقه الغربي الا انه يتفق كل الاتفاق مع قواعد تفسير العقد في الفقه الاسلامي .
فهناك قواعد كلية ثلاث اوردها ابن نجيم في الاشباه والنظائر تتضافر كلها على اقرار هذا المبدا وهي :
1 . اليقين لا يزول بالشك فاذا كان هناك شك في مديونية المدين , فاليقين انه بريء الذمة ولا يزال هذا اليقين بالشك .
2. الاصل بقاء ما كان على ما كان وبراءة الذمة تسبق المديونية فتبقى براءة الذمة قائمة على ما كانت ولا تزول الا بمديونية قامت على يقين , ويقول ابن نجيم في هذا الصدد : ومن فروع ذلك ما لو كان لزيد على عمرو الف مثلا برهن عمرو على الاداء او الابراء , الاشباه والنظائر , ابن نجيم ( ص 28 - 29 )
3. الاصل براءة الذمة فيفرض فيمن يدعى عليه بالدين انه بريء الذمة حتى يقيم من يدعي الدين الدليل القاطع على ان له دينا في ذمته , واذا كان هناك شك في مديونية المدين استصحبت براءة ذمته وفسر الشك في مصلحته .
ابن نجيم الاشباه والنظائر صفحة ( 29 ) وهي تقابل المادتين ( 151 و 152 ) سوري ومشروع اردني و ( 150 و 151 ) مصري و ( 166 و 167 ) عراقي .
?4. انحلال العقد (الاقالة) :
نظرة عامة :
1. يقصد بانحلال العقد dissolution زواله بعد ان انعقد صحيحا نافذا وقبل ان يتم تنفيذه فلا يدخل فيه انقضاؤه extinction وهو زواله بعد تنفيذه ، ولا ابطاله annulation وهو ما يرد على العقد في مرحلة الانعقاد ويكون بأثره رجعيا بحيث يعتبر العقد كأن لم يكن اما الانحلال فقد يكون له اثر رجعي وقد لا يكون .
2. والحكم في الفقه الاسلامي انه لا يجوز لاحد طرفي العقد ان يستبد بفسخ العقد بارادته المنفردة ما لم يكن العقد غير لازم بالنسبة اليه ، اما لطبيعة العقد نفسه كالوكالة والعارية والوديعة والقرض والشركة والهبة او لاقترانه بخيار يعطي هذا العاقد حق الفسخ كخيار الشرط وخيار التعيين وخيار الرؤية وخيار العيب وخيار الوصف وخيار الغلط وخيار التدليس وخيار الغبن وخيار تفريق الصفقة .
والمقصود بالعقد فيما تقدم العقد الصحيح النافذ اذ العقد الباطل منعدم فلا يرد عليه فسخ ، والعقد الفاسد واجب الرفع كما سبق والعقد غير النافذ موقوف على الاجازة : ان اجيز نفذ ، وان لم يجز بطل .
3. الا انه مع ذلك ينحل العقد اللازم بالاسباب الاتية :
أ . بالتراضي .
ب. بحكم القاضي .
ج. بقوة القانون .
4. وقد قرر المشروع الاصل العام في المادة 241 ثم تكلم على الاقالة في المواد من (242) الى (244) وعلى الاتفاق على انفساخ العقد في المادة 245 وعلى الفسخ بالقضاء في المادة (246) وعلى الانفساخ بقوة القانون في المادة (247) وعلى حكم الانحلال في المادتين (248 , 249) .
5. وقد تناول التقنين المدني المصري وما اشتق منه من تقنينات عربية تحت هذا العنوان (الدفع بعدم التنفيذ) اذا لم ينفذ الطرف الاخر التزامه والمحل الصحيح لهذا الحكم هو مجال تنفيذ العقد لا انحلال العقد لذا رؤي في المشروع معالجته في مجاله الصحيح وهو تنفيذ العقد . (تراجع المادة 203) من هذا المشروع) .
المذكرة الايضاحية :
هذه المادة تتناول القاعدة العامة وهي انه لا يجوز لاحد طرفي العقد ان يستقل بالرجوع عن العقد ولا تعديله ولا فسخه الا برضا العاقد الاخر او بمقتضى نص في القانون وهذا اذا كان العقد صحيحا لازما ويلاحظ ان العقد قد يكون لازما بالنسبة لاحد الطرفين غير لازم بالنسبة الى الطرف الاخر , كان يقترن البيع بخيار الشرط لاحد العاقدين دون الاخر او بخيار الرؤية للمشتري ففي هذه الحالة لا يجوز لمن كان العقد لازما في حقه ان يفسخ العقد ويجوز ذلك لمن كان العقد غير لازم بالنسبة اليه .ولا يدخل في نطاق هذا النص العقد الباطل , لانه مدعوم فلا يرد عليه السخ او التعديل او الرجوع لان ذلك لا يرد الا على عقد قائم , ولا العقد الفاسد , لانه واجب الرفع , كما لا يدخل فيه العقد غير النافذ اذ انه موقوف على اجازة من له الحق في الاجازة فان اجاز نفذ وان لم يجز بطل ، واما بالنسبة الى الطرف الاخر فاما ان يكون لازما او قابلا للفسخ على تفصيل سبق في العقد الموقوف ( الكاساني 5 - 306 وابن نجيم , الاشباه والنظائر ص 185 )
ويلاحظ ان الحكم العام في القانون الالماني كالحكم العام سابق البيان , يراجع : سالي , الالتزامات ( ف 171 ص 196 ) وتراجع المادة ( 306 ) من مرشد الحيران والمادة تقابل المواد ( 147 ) مصري و( 148 ) سوري ومشروع اردني ( 146 ) عراقي .
الاقالة جائزة :
1. لقوله صلى الله عليه وسلم ( من اقال نادما بيعته اقال الله عثرته يوم القيامة ).
2. ولاجماع المسلمين .
3. ولان العقد حقهما فيملكان رفعه دفعا لحاجتهما .
( الهداية وشروحها 6 - 486 اول باب الاقالة من كتاب البيوع ) وتراجع المادتان ( 190 و 1159 ) من المجلة وشرحهما لعلي حيدر , وهي توافق المادة ( 181 ) عراقي .
اختلف في ماهية الاقالة في البيع :
فقال ابو حنيفة رحمه الله : الاقالة فسخ في حق العاقدين , بيع جديد في حق ثالث سواء قبل القبض او بعده .
وروي عن ابي حنيفة انها فسخ قبل القبض بيع بعده .وقال ابو يوسف : انها بيع جديد في حق العاقدين وغيرها الا ان لا يمكن ان تجعل بيعا فتجعل فسخا وروي عنه انها بيع على كل حال .
وقال محمد : انها فسخ الا ان لا يمكن جعلها فسخا فتجعل بيعا للضرورة وقال زفر انها فسخ في حق الناس كافة .
وثمرة الخلاف تظهر في البيع : اذا تقايلا ولم يسميا الثمن الاول او سميا زيادة عن الثمن الاول او انقص من الثمن الاول او سميا جنسا اخر سوى جنس الاول قل او اكثر او اجلا الثمن الاول .
ففي قول ابي حنيفة رحمه الله : الاقالة على الثمن الاول وتسمية الزيادة والنقصان والاجل والجنس الاخر باطلة سواء كانت الاقالة قبل القبض او بعده والمبيع منقول او غير منقول لانها فسخ في حق العاقدين والفسخ رفع العقد وقع بالثمن الاول فيكون فسخه بالثمن الاول ضرورة لانه فسخ ذلك العقد وحكم الفسخ لا يختلف بين ما قبل القبض وبين ما بعده وبين المنقول وغير المنقول وتبطل تسمية الزيادة والنقصان والجنس الاخر والاجل وتبقى الاقالة صحيحة لان اطلاق تسمية هذه الاشياء لا يؤثر في الاقالة لان الاقالة لا تبطلها الشروط الفاسدة وبخلاف البيع لان الشرط الفاسد انما يؤثر في البيع لانه يمكن الربا فيه والاقالة رفع البيع فلا يتصور تمكن الربا فيه فهو الفرق بينهما .
وفي قول ابي يوسف ان كان بعد القبض فالاقالة على ما سميا لانها بيع جديد كانه باعة فيه ابتداء , وان كان قبل القبض والمبيع عقارا فكذلك لانه يمكن جعله بيعا لان بيع العقار قبل القبض جائز عنده , وان كان منقولا فالاقالة فسخ لانه لا يمكن جعلها بيعا لان بيع المبيع المنقول قبل القبض لا يجوز .
وروي عن ابي يوسف ان الاقالة بيع على كل حال فكل مالا يجوز بيعه لا تجوز اقالته فعلى هذه الرواية لا تجوز الاقالة عنده في المنقول قبل القبض لانه لا يجوز بيعه .
وعند محمد ان كان قبل القبض فالاقالة تكون على الثمن الاول وتبطل تسمية الزيادة على الثمن الاول والجنس الاخر والنقصان والاجل لانها تكون فسخا كما قاله ابو حنيفة رحمه الله لانه لا يمكن جعلها قبل القبض بيعا لان المبيع قبل القبض لا يجوز عنده منقولا كان او عقارا .
- وان كان بعد القبض .- فان تقايلا من غير تسمية الثمن اصلا او سميا الثمن الاول من غير زيادة ولا نقصان او بنقصان عن الثمن الاول فالاقالة على الثمن الاول وتبطل تسمية النقصان وتكون فسخا ايضا كما قال ابو حنيفة رحمه الله انها فسخ في الاصل ولا مانع من جعلها فسخا فتجعل فسخا وان تقايلا وسميا زيادة على الثمن الاول او على جنس اخر سوى جنس الثمن الاول قل او كثر فالاقالة على ما سميا ويكون بيعا عنده لانه لا يمكن جعلها فسخا ههنا لان من شان الفسخ ان يكون بالثمن الاول واذا لم يمكن جعلها فسخا تجعل بيعا اسميا .
وهذا بخلاف ما اذا تقايلا على انقص من الثمن الاول : ان الاقالة تكون بالثمن الاول عنده وتجعل فسخا ولا تجعل بيعا عنده لان هذا سكوت عن نقص الثمن وذلك نقص الثمن والسكوت عن النقص لا يكون اعلى من السكوت عن الثمن الاول وهناك يجعل فسخا لا بيعا فههنا اولى .
( الكاساني 5: 306 - 310 ) .
وقد رؤي في المشروع الاخذ بقول الامام ابي حنيفة بانها فسخ في حق العاقدين بيع جديد في حق ثالث سواء قبل القبض او بعده ففي ذلك نزول على الواقع بين الطرفين من ناحية وحماية للغير من ناحية اخرى .
ويراجع رد المحتار ( باب الاقالة ) ج / 4 صفحة 146 وما بعدها ) .
وهي توافق المادة ( 183 ) من القانون العراقي .
ركن الاقالة الايجاب من احد العاقدين والقبول من الاخر , فاذا وجد الايجاب من احدهما والقبول من الاخر بلفظ يدل عليهما فقد تم الركن .
ولا خلاف في انها تنعقد بلفظين يعبر بهما عن الماضي بان يقول احدهما للاخر عن المستقبل بان قال احدهما للاخر ( اقلتك ) ويقول الاخر ( قبلت ) .
وهل تنعقد بلفظين يعبر باحدهما عن الماضي ووبالاخر عن المستقبل بان قال احدهما للاخر ( اقلني ) فيقول الاخر له ( اقلتك ) قال ابو حنيفة وابو يوسف رحمهما الله : تنعقد كما في النكاح . وقال محمد : لا تنعقد الا بلفظين يعبر بهما عن الماضي كما في البيع .
وبقول ابي حنيفة وابي يوسف اخذ المشروع .
ويشترط لصحتها :
1. رضـا المتقايلين سواء في البيع على اصل ابي يوسف بانها بيع مطلق والرضا شرط صحة البياعات كلها او على اصل ابي حنيفة ومحمد وزفر بانها فسخ لعقد والعقد لا ينعقد على الصحة الا بتراضيهما فكذا لا يرفع الا بتراضيهما .
2. اتحـــاد المجلس .
3. قيام المبيع وقت الاقالة فان كان هالكا وقت الاقالة لم تصح واما قيام الثمن وقت الاقالة فلا يشترط .
4. ان يكون المبيع بمحل الفسخ بسائر اسباب الفسخ عند ابي حنيفة وزفر كالرد بخيار الشرط والرؤية والعيب فان لم يكن بان ازداد زيادة تمنع الفسخ بهذه الاسباب لا تصح الاقالة عندهما وعند ابي يوسف ومحمد هذا ليس بشرط . اما على اصل ابي يوسف فلانها بعد القبض بيع مطلق وهو بعد الزيادة محتمل للبيع فبقي محتملا للاقالة واما على اصل محمد فانها وان كانت فسخا لكن عند الامكان ولا امكان ههنا لانا لو جعلناها فسخا لم يصح ولو جعلناها بيعا لصحت فجعل بيعا لضرورة الصحة فلهذا اتفق جواب محمد مع جواب ابي يوسف في هذا .
وقد رؤي في المشروع اشتراط الشرط الرابع اخذا براي ابي حنيفة ايضا ليتوافر الاتفاق مع ما اخذ به المشروع في المادة السابقة من تكييف الاقالة .
تراجع المواد من ( 191 - 195 ) من المجلة وشرحها لعلي حيدر .
وهي تقابل المادة ( 182 ) من القانون العراقي .
1. يفترض الفسخ وجود عقد ملزم للجانبين يتخلف فيه احد العاقدين عن الوفاء بالتزامه فيطلب الاخر فسخه , ليقال بذلك من تنفيذ ما التزم به . ويقع الفسخ بناء على حكم يقضي به او بتراضي العاقدين او بحكم القانون وبذلك يكون الفسخ قضائيا او اتفاقيا او قانونيا على حسب الاحوال .
2. ففي حالة الفسخ القضائي يتخلف احد العاقدين عن الوفاء بالتزامه رغم ان الوفاء لا يزال ممكنا , ويكون العاقد الاخر بالخيار : بين المطالبة بتنفيذ العقد وبين طلب الفسخ على ان يكون قد اعذر المدين من قبل . فاذا اختار الدائن تنفيذ العقد وطلبه وهو يدخل في حدود الامكان , كما هو الرفض , تعين ان يستجيب القاضي لهذا الطلب , وجاز له ان يحكم بالتعويض اذا اقتضى الحال ذلك اما اذا اختار الفسخ , فلا يجبر القاضي على اجابته بل ويجوز له ان ينظر المدين الى مسيرة اذا طلب النظرة , مع الزامه بالتعويض عند الاقتضاء , بل يجوز له ان يقضي بذلك من تلقاء نفسه . وله كذلك , ولو كان التنفيذ جزئيا ان يقتصر على تعويض الدائن عما تخلف المدين عن تنفيذه , اذا كان ما تم تنفيذه هو الجزء الاهم في الالتزام على ان للقاضي ان يجيب الدائن الى طلبه ويقضي بفسخ العقد مع الزام المدين بالتعويض دائما ، ان كان ثمة محل لذلك . ولا يكون التعاقد ذاته في حالة الفسخ اساسا للالزام بالتعويض اذ هو ينعدم انعداما يستند اثره بفعل الفسخ , وانما يكون مصدر الالزام , وفي هذه الحالة , خطأ المدين او تقصيره , على ان القاضي لا يحكم بالفسخ الا بتوافر شروط ثلاثة :
اولها - ان يظل تنفيذ العقد ممكنا .
والثاني - ان يطلب الدائن فسخ العقد دون تنفيذه .
والثالث - ان يبقى المدين على تخلفه , فيكون من ذلك مبرر للقضاء بالفسخ .فاذا اجتمعت هذه الشروط تحقق بذلك ما ينسب الى المدين من خطأ او تقصير .
3. اما الفسخ الاتفاقي فيفترض اتفاق العاقدين على وقوع الفسخ بحكم القانون دون الحاجة الى حكم قضائي , عند التخلف عن الوفاء , ويفضي مثل هذا الاتفاق الى حرمان العاقد من ضمانتين :
أ . فالعقد يفسخ حتما دون ان يكون لهذا العاقد , بل ولا للقاضي , خيار بين الفسخ والتنفيذ . وانما يبقى الخيار للدائن بداهة فيكون له ان يرغب عن الفسخ ويصر على التنفيذ .
ب. ويقع الفسخ بحكم الاتفاق دون حاجة للتقاضي على ان ذلك لا يقيل الدائن من ضرورة الترافع الى القضاء عند منازعة المدين في واقعة تنفيذ العقد بيد ان مهمة القاضي تقتصر , في هذه الحالة , على التثبيت من هذه الواقعة فاذا تحققت لديه صحتها ابقى على العقد , والا قضى بالفسخ على ان حرمان المدين من هاتين الضمانتين لا يسقط عنه ضمانة اخرى تتمثل في ضرورة الاعذار , ما لم يتفق المتعاقدان صراحة على عدم لزوم هذا الاجراء ايضا .
4. يبقى بعد ذلك امر الفسخ القانوني وهو يقع عند انقضاء الالتزام على اثر استحالة تنفيذه , فانقضاء هذا الالتزام يستتبع انقضاء الالتزام المقابل له لتخلف المقصد منه ولهذه العلة ينفسخ العقد من تلقاء نفسه او بحكم القانون بغير حاجة الى التقاضي بل وبغير اعذار متى وضحت استحالة االتنفيذ وضوحا كافيا , على ان الترافع الى القضاء قد يكون ضروريا عند منازعة الدائن او المدين في وقوع الفسخ , بيد ان موقف القاضي في هذه الحالة يقتصر عى الاستيثاق من ان التنفيذ قد اصبح مستحيلا فاذا تحقق من ذلك يثبت وقوع الفسخ بحكم القانون , ثم يقضي بالتعويض او يرفض القضاء به تبعا لما اذا كانت هذه الاستحالة راجعة الى خطا المدين او تقصيره او الى سبب اجنبي لا يد له فيه .
5. ويترتب على الفسخ قضائيا كان او اتفاقيا او قانونيا انعدام العقد انعداما يستند اثره فيعتبر كأن لم يكن , وبهذا يعود المتعاقدان الى الحالة التي كانا عليها قبل العقد فيرد كل منهما ما تسلم بمقتضى هذا العقد , بعد ان تم فسخه , واذا اصبح الرد مستحيلا وجب التعويض على الملتزم للاحكام الخاصة بدفع غير المستحق .
تراجع المادتان ( 82 و 83 ) من المجلة وشرحهما لعلي حيدر .
وهاتان المادتان توافقان المواد ( 157 و 158 ) مصري و ( 158 و 159) سوري ومشروع اردني و ( 177 و 178 ) عراقي .
1. تتناول هذه المادة حالة استحالة تنفيذ احد الالتزمات المتقابلة في العقود الملزمة للجانبين بقوة قاهرة ( بآفة سماوية ) سواء وردت هذه العقود على الملكية كالبيع او وردت على المنفعة كالاجارة او كان العقد شركة ففي هذه الحالة ينقضي الالتزام الذي استحال لانه لا التزام بمستحيل وينقضي الالتزام المقابل له لارتباطه به , ففي البيع مثلا اذا هلك المبيع في يد البائع قبل التسلبم فاستحال على البائع الوفاء بالتزامه بالتسليم سقط عنه هذا الالتزام لاستحالته ولكن من باب المقابلة يسقط عن المشتري الالتزام المقابل وهو الالتزام بدفع الثمن .
2. فاذا كانت الاستحالة كلية اي اصبح تنفيذ الالتزام كله مستحيلا بأن هلك البيع كله قبل التسليم سقط الالتزام المقابل بجملته فيسقط الثمن كله عن المشتري .
3. واذا كانت الاستحالة جزئية بأن هلك بعض المبيع في يد البائع قبل تسليمه للمشتري سقط من الالتزام المقابل - وهو الالتزام بدفع الثمن , ما يقابله , فاذا هلك نصف المبيع مثلا في يد البائع قبل التسليم سقط المشتري نصف الثمن , ويفرق الحنفية في هذا بين ما اذا كان الهلاك هلاك قدر وبين ما اذا كان الهلاك وصف ففي نقصان القدر يسقط عن المشتري من الثمن بنسبة الهالك لان كل جزء في المقدرات يقابله جزء من الثمن , اما اذا كان الهلاك هلاك وصف فلا يسقط شيء من الثمن لان الاوصاف لا يقابلها شيء من الثمن ولكن يكون للمشتري حق الفسخ لفوات الوصف , فان لم يفسخ وجب عليه الثمن كله .
4. واذا كانت الاستحالة وقتية كـأرض مستأجرة غشيها الماء فلم تصلح للزراعة مدة ما سقط عن المستأجر من الاجرة ما يستحق في هذه المدة ولكن لا ينفسخ العقد من تلقاء نفسه وانما يكون قابلا للفسخ فان فسخه المستأجر انقضى العقد وان لم يفسخه بقي .
5. وفي حالة الاستحالة الجزئية والوقتية يجوز للدائن ان يفسخ العقد , ولكن الفسخ هنا لا يقع الا باعلان ارادة الدائن الى المدين ( اخبار ) ولكن دون حاجة الى التراضي او التقاضي . المقصود بالدائن والمدين هنا الدائن والمدين بالالتزام المستحيل اما الانفساخ فيقع بقوة القانون اي دون حاجة الى تراض او تقاض او اخبار .
- وانفساخ العقد او فسخه يرجع اثره الى الماضي حتى ان العقد المنفسخ او المفسوخ يعتبر كأن لم يكن , وهذا اذا كان العقد منشئا لالتزام فوري كالبيع . اما اذا كان منشئا لالتزام متتابع كالاجارة فانه ليس للانفساخ ولا للفسخ اثر في الماضي بل اثرهما مقصور على المستقبل .
وتراجع المذكرة الايضاحية للمادة السابقة وهي تقابل المواد ( 159 ) مصري و ( 160 ) سوري ومشروع اردني و ( 179 و 180 ) عراقي .
تراجع المذكرة الايضاحية للمادة ( 246 ) وتقابل المادة ( 160 ) مصري و ( 161 ) سوري ومشروع اردني ( 180 ) عراقي .
تنطبق الاحكام الخاصة بحق الحبس في احوال انحلال العقود الملزمة للجانبين لسبب من اسباب البطلان او الفسخ او الالغاء او الاقالة . ذلك ان انحلال العقد يوجب على كل من المتعاقدين رد ما ادي اليه فيجوز لكل منهما ان يحبس ما استوفاه ما دام المتعاقد الاخر لم يرد اليه ما تسلمه منه او لم يقدم تأمينا لضمان ذلك فلا يجوز مثلا للبائع وفاء اذا استعمل حقه في الاسترداد وانفسخ البيع بذلك ان يسترد الشيء المبيع الا بعد ان يؤدي للمشتري ما هو مستحق له وفقا للاحكام الخاصة بذلك .
?الفصل الثاني
التصرف الانفرادي
نظرة عامة :
1. اختلفت القوانين في مدى قدرة الارادة المنفردة على انشاء التزام : هل تعتبر مصدرا عاما للالتزام ام لا فالمشروع الفرنسي والايطالي قررا المبدأ العام وهو ان الارادة المنفردة قادرة على انشاء الالتزام اذ نص في المادة (60) بأن الارادة المنفردة اذا كانت مكتوبة واقترنت بأجل محدد تلزم صاحبها بمجرد وصولها الى علم من توجهت اليه ولم يرفضها وتنطبق على الارادة المنفردة القواعد التي تنطبق على العقد عدا القواعد المتعلقة بضرورة توافق الارادتين لانشاء الالتزامات .
والتشريع الالماني لم يأخذ كقاعدة عامة بقدرة الارادة المنفردة على انشاء الالتزام وانما اخذ بها على سبيل الاستثناء حيث يوجد نص بذلك .
اما التشريع المصري فكان قد اخذ في المشروع التمهيدي كمبدأ عام بقدرة الارادة المنفردة على انشاء الالتزام اذ نص في المادة (228) منه على ما يأتي :
1. اذا كان الوعد الصادر من جانب واحد مكتوبا وكان لمدة معينة ، فان هذا الوعد يلزم صاحبه من الوقت الذي يصل فيه الى علم من وجه اليه ما دام هذا لم يرفضه .
2. وتسري على هذا الوعد الاحكام الخاصة بالعقود ، الا ما تعلق منها بضرورة وجود ارادتين متتطابقتين لانشاء الالتزام .
3. ويبقى الايجاب في العقود خاضعا للاحكام الخاصة به ويسري حكم المادة التالية على كل وعد بجائزة يوجه الى الجمهور .ولكن لجنة المراجعة حذفت هذا النص وكان حذفه عدولا عن وضع قاعدة عامة تجعل الارادة المنفردة ملزمة واكتفت بالحالات المنصوص عليها في القانون التي تنشىء فيها الارادة المنفردة التزاما وهي حالات واردة على سبيل الاستثناء ومن امثلة هذه الحالات الايجاب الملزم (م 93 مصري) والوعد بجائزة الموجه للجمهور (م 162 مصري) وانشاء المؤسسات (م 70/1 مصري) وتطهير العقار المرهون رهنا رسميا (م 1066 مصري) .
ويلاحظ ان للارادة المنفردة في القانون آثارا قانونية اخرى غير انشاء الالتزام .
- فقد تنشىء الحق الشخصي في حالات خاصة (م 162 مدني مصري) .
- وقد تكون سببا لكسب الحقوق العينية كالوصية .
- وقد تكون سببا لسقوطها كالتنازل عن حق ارتفاق او حق رهن .
- وقد تثبت حقا شخصيا ناشئا عن عقد قابل للابطال كالاجازة .
- وقد تجعل عقدا يسري على الغير كالاقرار .
- وقد تنهي رابطة عقدية كعزل الوكيل او نزوله عن الوكالة .
- وقد تسقط الحق الشخصي كالابراء (م 371 مدني مصري) .
2. اما في الفقه الاسلامي فللارادة المنفردة مجال كبير اذ تكفي الارادة المنفردة لانشاء كثير من التصرفات اهمها : الطلاق والتفويض فيه - الرجعة - الايلاء - الظهار - الاعتاق - التدبير - الوقف - الجعالة - الهبة (والعمري والرقبي على رأي) الهدية الصدقة - الوصية وقبولها والرجوع فيها وردها - الايصاء - العارية والقرض والكفالة وردها والرهن (على القول بانها تصرفات انفرادية) اسقاط الشفعة - الاباحة او التحليل - الاسقاط الابراء - النذر - الوعد (التزام المعروف) - الاستصناع على القول بأنه وعد - اليمين (لتقوية عزم الحالف على عمل شيء) التملك باستعمال حق التملك - الايجاب - الرجوع عن الايجاب - رد الايجاب - القبول - اذن الصبي والعبد في التجارة - عزل الوكيل - الحجر على العبد المأذون - استعمال حق الخيار واسقاطه - فسخ العقد غير اللازم - اجازة العقد الموقوف . يضاف اليها الاقرار والانكار واليمين (كوسيلة للاثبات) على ما ذكره الكاساني من ان الاخبار تصرف شرعي ايضا . (الكاساني 7 : 182) .
وهذه التصرفات الانفرادية انواع مختلفة .
- فمنها ما يكون الغرض منه تمليك مال ، او تمليك منفعة عين من الاعيان كما في الوصية او تمليك حق كما في التفويض في الطلاق او حبس عين لدى الدائن كما في الرهن .
- ومنها ما يكون الغرض منه انهاء عقد وذلك في قيام احد العاقدين بأنهاء عقد غير لازم ، او انفاذ عقد وامضاءه كما في اجازة العقد الموقوف .
- ومنها ما يكون الغرض منه اسقاط حق كما في اسقاط حق الشفعة .
فهذه التصرفات اما تبرعات او اسقاطات او اطلاقات او تقييدات او توثيقات او اباحات وبطريقة اخرى هذه التصرفات اما ان ترد على مال (ملكية او منفعة) او على حق او على تصرف . ومن هذه الانواع ما يكون له شبهان وفيما يلي بيانها باختصار .
أ . التصرفات التي ترد على المال (التمليكات) وكلها بدون عوض وهي اما ان يقصد بها التمليك او التملك (بدون عوض) .
1. فالمقصود بها التمليك (تمليك العين او المنفعة او الانتفاع) هي الوصية - الوقف - الصدقة - الاباحة - الابراء (وعلى بعض الاقوال الهبة والعمري والرقبي والعارية والقرض) .
2. والمقصود بها التملك هي - التملك باستعمال حق التملك ومن امثلته تملك احد الشريكين او الشركاء في الدين المشترك حصته فيما يقبضه احد الشركاء من هذا الدين فان ما يقبضه عندئذ ملك له خاصة ولا يعد فيه وكيلا عن صاحبه اذ لم يوكله في القبض ولذا يملكه بقبضه ومع ذلك يكون لشريكه ان يشاركه فيما قبض بنسبة حصته في الدين فيملك منه بقدر ذلك بارادته المنفردة رغما عن شريكه القابض وتملك الوارث لتركة مدينه المستغرقة بالدين بارادته المنفردة اذا وفى ما عليها من دين من ماله - القبول في البيع - قبول الموصى له بعد وفاة الموصي مصرا على وصيته - حق الواهب في ان يرجع في هبته فيعود اليه ما وهب .
ب. التصرفات التي ترد على حق باطلاقه او تقييده او اسقاطه او توثيقه او اثباته (على القول بأن الاخبار تصرف) .
1. قد ترد على حق باطلاقه (الاطلاقات) اي اطلاق الحق في التصرف مثل الايصاء - الاذن للصبي في التجارة - التفويض في الطلاق .
2. وقد ترد على حق بتقييده (التقييدات) مثل ، عزل الوكيل - الحجر على العبد المأذون - الرجعة .
3. وقد ترد على حق باسقاطه اسقاطا محضا (الاسقاطات) مثل : الطلاق - اسقاط الحقوق الشخصية بما فيها الديون - اسقاط الشفعة - تسليم الشفعة - اسقاط حق الخيار - الابراء - الوقف .
4. وقد ترد على حق بتوثيقه مثل الاذن في حبس العين (اما الرهن والكفالة فعقدان على الراجح) .
5. وقد ترد على حق باثباته (على القول بأن الاخبار تصرف مثل الاقرار والانكار واليمين) .
ج. التصرفات التي ترد على تصرف سابق او لاحق :
1. التي ترد على تصرف سابق : قد ترد عليه :
- بالتصحيح او الامضاء او الاتمام : كاجازة العقد الموقوف وقبول الايجاب .
- بالوفاء به : كتسليم المبيع او دفع الثمن .
- بالانهاء او الابطال : كالطلاق يرد على الزواج ، والفسخ بخيار يرد على المبيع مثلا وفسخ الاجارة بعذر - والرجوع عن الايجاب ورد الايجاب - والرجوع في الوصية والهبة .
2. التي ترد على تصرف لاحق : مثل الايجاب - الاذن للصبي في التصرف - الوعد (على القول بالزامه) .
وفي الفقه الاسلامي كما في القانون على ما تقدم قد تحدث الارادة المنفردة آثارا اخرى غير انشاء الحق .
- فتارة تكون سببا لكسب الملكية كالوصية .
- وتارة تكون اسقاط كالابراء والوقف .
- ونذكر الى جانب ذلك اجازة العقد ، واقراره من الغير ، واستعمال خيار من الخيارات المعروفة وعزل الوكيل واجازة الوصية .
كل هذه وغيرها ارادات منفردة تحدث آثارا قانونية مختلفة كل ارادة بحسب ما تقصد اليه .
3. وقد تبع المشروع في الارادة المنفردة احكام الفقه الاسلامي غير ملتزم مذهبا معينا وسلك النهج الاتي :
- استبعاد المسائل الخاصة بالرقيق كالاعتاق والتدبير والاذن للعبد في التجارة والحجر عليه .
- عدم التعرض للتصرفات الداخلة في نطاق ما يسمى بالاحوال الشخصية لاقتصار هذا المشروع على المعاملات المالية .
- تناول التصرف الانفرادي بوجه عام : هل تكفي الارادة المنفردة كقاعدة عامة لانشاء تصرف ام ان ذلك محصور في حالات خاصة بينها نصوص .
- الاحالة على ما سبق في العقد فيما يتعلق بالاحكام المشتركة بين التصرف الانفرادي والعقد فيدخل في هذه الاحالة اعلان الارادة والنيابة والاهلية والمحل والمقصد والجزاء على تخلف الركن او الشرط . ويخرج عنها ما كان خاصا بالعقد من وجوب توفر ارادتين متطابقتين لانشاء العقد .
- ترك الكلام تفصيلا على كل تصرف من التصرفات الانفرادية الى موضعه من التقنين مثل : الوقف - الوصية - وقبولها والرجوع فيها - تسليم الشفعة - الايجاب والرجوع فيه - القبول - اجازة العقد الموقوف - فسخ العقد - استعمال الخيار واسقاطه - رد الكفالة - عزل الوكيل .... الخ .
المذكرة الايضاحية :
الظاهر في الفقه الاسلامي ان المرجع في اشتراط ارادتين متقابلتين او الاكتفاء واحدة لانشاء التصرف هو ما اذا كان التصرف من المعاوضات او من التبرعات
- فان كان معاوضة ابتداء وانتهاء كالبيع والاجارة , فلا يتم الا بايجاب وقبول من الطرفين .
- وان كان تبرعا ابتداء معاوضة انتهاء ، كالكفالة والقرض ، ففيه خلاف والراجح ان الركن هو الايجاب والقبول .
- وان كان تبرعا ابتداء وانتهاء كالهبة والعارية , فالراجح ان الركن الايجاب فقط والقبول غير لازم .
فالتصرف في الفقه الاسلامي يتم بايجاب وقبول اذا كان من شأنه ان يرتب التزاما في جانب كل من الطرفين ولو انتهاء اما التصرف الذي يرتب التزاما في جانب احد الطرفين دون الاخر فيتم بايجاب الطرف الملتزم وحده . فكأن الالتزام يكفي في انشائه ارادة الملتزم وحدها , وكأن العقد نفسه , وهو ايجاب وقبوله , يقوم التزام كل طرف فيه ارادته دون اعتبار لارادة الطرف الاخر . وعلى ذلك يمكن القول بان الاصل في التصرفات في الفقه الاسلامي هو الارادة المنفردة لا العقد.
وهذه المادة تتناول المبدا العام فتقرر انعقاد التصرف بالارادة المنفردة ما دام لا يلزم غير المتصرف وهي تتناول التصرف من حيث انعقاده اما اثره فستتناوله المادة ( 253 ) .
متى تقرر مبدا انعقاد التصرف بمجرد الارادة المنفردة تعين سريان احكام العقود عليه ويترتب على ذلك وجوب توافر اهلية التعاقد في الملتزم وخلو ارادته مما يشوب الرضا من عيوب وقيام التزامه على محل ومقصد ( اي سبب باصطلاح القانون ) تتوافر فيهما الشروط الللازمة ويستثنى من هذه الاحكام بداهة ما يتعلق بضرورة توافق الارادتين ما دامت الارادة المنفردة هي مصدر الالتزام وهي تقابل المادة ( 184 عراقي.
?التصرف الصادر من جانب واحد يمتاز بانعقاده بارادة واحدة دون حاجة الى القبول وهذا ما يفرقه عن العقد فالعقد لا يتم الا بايجاب وقبول والتصرف الانفرادي يتم بارادة واحدة .ومن الاهمية بمكان تبين ما اذا كان يقصد بالتعبير عن الارادة الى الارتباط بوعد من جانب واحد ام الى مجرد الايجاب فمن المعلوم ان الايجاب , وان كانت له قوة في الالزام من حيث جواز العدول عنه الا انه لابد ان يقترن به القبول حتى ينعقد العقد وينشأ الالتزام الذي يراد ترتيبه بالعقد .
- ويفترض عند الشك في مرمى التعبير عن الارادة انه قصد به الى مجرد الايجاب ويقع عبء اثبات قيام الوعد الصادر من جانب واحد على عاتق الدائن الذي يدعي ذلك .
( وتراجع المذكرة الايضاحية للمادة التالية ) .
?تتناول هذه المادة حكم التصرف الانفرادي بعد ان تناولت المادة ( 250 ) انعقاده , والتصرف الانفرادي ( والكلام منحصر فيه هنا ) اما اثبات او اسقاط .
فالاثبات يقصد به اثبات حق الاخر كالهبة استحسانا ( اذ الهبة في الاستحسان ركنها الايجاب من الواهب
فقط فاما القبول من الموهوب فليس بركن ) والصدقة والوصية .
والاسقاط يقصد به انهاء حق لا الى مالك وذلك بازالته ازالة تامة وتلاشيه نهائيا كاسقاط حق الشفيع في الاخذ بالشفعة واسقاط حق الخيار .
فاذا كان التصرف تمليكا فلا يثبت حكمه للمتصرف اليه الا بقبوله لانه لا يجوز تمليك شخص شيئا بغير قبوله .
واذا كان التصرف اسقاطا فان الحق يتلاشى نهائيا بالارادة المنفردة دون حاجة الى قبول ولا يرتد بالرد ولا يصح الرجوع فيه لان اثره السقوط والساقط لا يعود .
وهناك من التصرفات ما فيه الشبهان : شبه بالاسقاط وشبه بالتمليك كهبة الدين للمدين ( عند الجمهور ) والابراء من الدين فلشبهه بالاسقاط لا يتوقف حكمه على القبول ولا يقبل الرجوع فيه من المسقط ولشبهه بالتملك يرتد بالرد
والامر يحتاج بالنسبة للاسقاط والابراء الى التفصيل الاتي :
الاسقــــاط :
الاسقاط هوالانهاء لا الى مالك اخر اي بازالته تامة وتلاشيه نهائيا ومثاله اسقاط الشفيع حقه في الاخذ بالشفعة .
فالنقل لا يكون اسقاطا لان الاسقاط يكون بالانهاء فاذا اجر المستاجر العين المستاجرة لغيره لا يعتبر مسقطا حقه وانما يكون مملكا له .
ولذلك فالاسقاط لا يرد على الاعيان لان الاعيان لا تتلاشى بقول يصدر من مالكها وانما يرد على الحقوق لانها التي تتلاشى فيرد على حق الملكية وحق الرهن وحقوق الارتفاق وحق الحبس .ومن صور الاسقاط الطلاق المجرد عن العوض بخلاف الطلاق على مال فهو معاوضة . والاسقاط لا يكون الا في الحقوق الموجودة فعلا فهي التي تقبل الزوال والانتهاء اما الحقوق قبل وجودها فلا تقبل الاسقاط لان اسقاط الساقط محال فاسقاط الحق قبل وجوده باطل لا اثر له .
وعلى ذلك فاذا اسقط الشفيع حقه قبل تمام البيع الذي يترتب عليه هذا الحق فانه لا يسقط وكذلك الابراء من الدين قبل وجوده .
وهل يتم الاسقاط بالارادة المنفردة يجب ان نفرق بين ما اذا كان الاسقاط اسقاطا محضا وبين ما اذا كان اسقاطا فيه معنى التمليك .
ومثــال الاول اسقاط حق الشفيع في الاخذ باشفعة واسقاط حق الخيار واجازة العقد الموقوف ( لانها اسقاط الحق في فسخه ) وكذا فسخه والابراء عن الكفالة والابراء عن الحوالة .
ومثــال الثانــي الابراء من الدين وهبة الدين للمدين اذ في هاتين الصورتين يترتب على الاسقاط ثبوت الحق لمن تحملت ذمته به .
ففي الحــالة الاولــى ظاهر ان الاسقاط يرد على حق بحيث يتلاشى ويزول نهائيا فلا ينتقل الى شخص آخر , وفي هذه الحالة يترتب على الاسقاط اثره وهو تلاشي الحق نهائيا بمجرد الارادة المنفردة دون حاجة الى قبول ولا يرتد بالرد ولا يصح الرجوع فيه لان اثره السقوط والساقط لا يعود .
في الحــالة الثانيــة حيث يكون في الاسقاط معني التمليك يكون للاسقاط شبهان شبه بالاسقاط وشبه بالتمليك , والاسقاط في هذه الحالة ايضا لا يتوقف على القبول ولا يقبل الرجوع فيه من المسقط بل يلزم بمجرد صدور العبارة منه ولكنه يرتد بالرد لما فيه من معنى التمليك , وقال زفر انه يتوقف على قبول المدين , وفي هبة الدين للمدين قال البعض انها لا تتوقف على القبول , وهو مذهب الجمهور وقال البعض انها تتوقف على القبول .
وهل رد الاسقاط الذي فيه معنى التمليك يتقيد بالمجلس ذهب البعض الى انه لا يصح الا في مجلس الاسقاط , وذهب اخرون الى انه يصح في المجلس وبعده وصح القول الاول في الصيرفية .
الابــــراء :
الابراء اسقاط الدين عن المدين اي اخلاء ذمته منه فمحله دائما الدين واما الاعيان التي لا تتعلق بالذمة فليست محلا للابراء .
واذا وقع الابراء على عين مضمونة كان ابرأ من قيمتها ان هلكت بسبب موجب للضمان اما غير ذلك فلا اثر للابراء اذا وقع على عين بحيث يجوز المطالبة بالعين رغم الابراء منها .
فاذا امهر الرجل زوجته عينا من الاعيان , عقارا او منقولا , فابرات زوجها منه فلا يصح ابراؤها ولو قبله الزوج فلها ان تطالبه به بعد ذلك , ولكن لهذا الابراء تأثير اخر , وهو تغيير صفة اليد فبعد ان كانت يد الزوج على المهر يد ضمان تصبح بهذا الابراء يد امانة فيعتبر المهر في يده وديعة فلا يضمنه عند الهلاك الا بسبب التعدي او الاهمال .
ويتم الابراء بارادة المبرئ وحده اذ هو اسقاط فلا يتوقف على القبول ولكنه يرتد بالرد لما فيه من معنى التمليك اتقاء المنة .
وفي الاشباه ان الابراء يرتد بالرد الا في مسائل :
- اذا ابرأ المحال عليه فرد ابراءه لم يرتد وقيل يرتد .
- اذا قال المدين لدائنه ( ابرئني ) فابراه , فرد الابراء , لا يرتد .
- اذا ابرأ الدائن الكفيل فرده لم يرتد وقيل يرتد .
- لو قبل المدين الابراء ثم رده لم يرتد .
وهل يشترط الرد في المجلس قولان مصححان بناء على تغليب معنى التمليك او الاسقاط في الابراء , ويشترط ان يكون الدين المبرئ منه قائما وقت الابراء لان الابراء نوع من الاسقاط , والاسقاط لا يكون الا لشخص موجود فعلا حتى يمكن تصوره , فالابراء من المعدوم باطل لعدم مصادفة المحل .
والابراء قد يكون خاصا وقد يكون عاما , فالابراء الخاص كان يبرئ شخصا معينا او اشخاصا معينين من حق معين له قبله او قبلهم , والابراء العام كالابراء من جميع الدعاوى او الحقوق التي لشخص قبل شخص معين او جماعة معينين .
ولا بد ان يكون المبرأ معينا ولا شمول له لما بعده , بل للمبرئ ان يطالب مدينه بما استجد له من الحقوق بعد الابراء .
ومتى تم الابراء صحيحا سقط الحق فلا يعود عملا بالقاعدة ( الساقط لا يعود ) تراجع المواد ( 224 و 236 و 239 ) من مرشد الحيران .
الالتزام يطلق في الفقه الاسلامي على الصورة العامة للالتزام بالارادة المنفردة فيقال المطلوبات المترتبة على الالتزام اي الالتزامات الناشئة عن الارادة المنفردة .
فاذا التزم شخص بمال يعطيه لشخص آخر دون ان يتعاقد معه فهل يتقيد الملتزم بارادته المنفردة هذه ان يعطي المال الذي التزم باعطائه .ذهب الحنيفة والشافعية والحنابلة الى ان هذا من قبيل التبرع ، والتبرع غير ملزم عندهم وخالف في ذلك مالك وفيما يلي خلاصة لمذهبه .الالتزام عند المالكية :
الالتزام في عرف الفقهاء هو الزام الشخص نفسه شيئا من المعروف مطلقا او معلقا على شيء - فهو بمعنى العطية (وأركان الالتزام اربعة كأركان الهبة . الملتزم بكسر الزاي) والملتزم له ، والملتزم به ، والصيغة (ويشترط في كل ركن منها ما يشترط في الهبة) .
فيشترط في الملتزم ان يكون اهلا للتبرع الا ان يكون من باب المعاوضة فيشترط في الملتزم فيه اهلية
المعاوضة فقط (ويشترط في الملتزم له ان يكون ممن يصح ان يملك او يملك الناس الانتفاع كالمساجد والقناطر) .
واما الملتزم به فهو كل ما فيه منفعة وسواء كان فيه غرر ام لا الا فيما كان من باب المعاوضة فيشترط فيه انتفاء الغرر .
واما الركن الرابع وهو الصيغة فهي لفظ او ما يقوم مقامه من اشارة ان نحوها تدل على الزام الشخص نفسه ما التزمه .
واذا لم يكن الالتزام على وجه المعاوضة فلا يتم الا بالحيازة ويبطل بالموت والفلس قبلها كما في سائر التبرعات .
ويدخل في التزام الصدقة والهبة والحبس والعارية والعمري والعرية والمنحة والارفاق والاخدام والاسكان والنذر ، والضمان والالتزام بالمعنى الاخص اي بلفظ الالتزام .
ويقضي به على الملتزم ما لم يفلس او يمت او يمرض مرض الموت ان كان المتلزم له (بفتح الزاي) معينا وليس في القضاء به خلاف الا على القول بأن الهبة لا تلزم بالقول وهو خلاف المعروف من المذهب بل نقل ابن رشد الاتفاق على لزوم الهبة بالقول .
اما اذا كان الالتزام لغير معين كالمساكين والفقراء ونحو ذلك فالمشهور من المذهب ان يؤمر بالوفاء بما التزمه ولا يقضى به .
والعدة او الوعد ، اخبار عن انشاء المخبر معروفا في المستقبل . فهو ما يفرضه الشخص على نفسه لغيره بالاضافة الى المستقبل لا على سبيل الالتزام في الحال .
والجمهور (ومنهم الحنفية واهل الظاهر) على ان الوفاء بالوعد غير لازم قضاء فليس للموعود مطالبة الواعد قضاء بالوفاء به .
وقال ابن شبرمة : الوعد كله لازم ويقضى به على الواعد ويجبر .
وفي المذهب المالكي الوفاء بالعدة مطلوب بلا خلاف ولكن هل يجب القضاء بها اختلف على اربعة اقوال .
فقيل : يقضى بها مطلقا .
وقيل : لا يقضى بها مطلقا .
وقيل : يقضى بها ان كانت على سبب وان لم يدخل الموعود بسبب العدة في شيء كقولك . اريد ان اتزوج او ان اشتري كذا فأسلفني كذا فقال (نعم) ثم بدا له قبل ان يتزوج او ان يشتري ، فان ذلك يلزمه ويقضى عليه به ، فان لم يترك الامر الذي وعدك عليه وكذا لو لم تسأله وقال لك هو من نفسه (انا اسلفك كذا او اهب لك كذا لتقضي دينك او لتتزوج) او نحو ذلك فان ذلك يلزمه ويقضى به عليه .
اما ان كانت على غير سبب فلا ، كما اذا قلت (اسلفني كذا) ولم تذكر سببا او (اعرني دابتك او بقرك) ولم تذكر سفرا ولا حاجة فقال (نعم) ثم بدا له او قال هو من نفسه (انا اسلفك كذا) او (اهب لك كذا) ولم يذكر سببا ثم بدا له .
والرابع يقضى بها ان كانت على سبب ودخل الموعود بسبب العدة في شيء وهذا هو المشهور من الاقوال .
وقد يقع الوعد على عقد او عمل كأن يعد شخص آخر ببيعه ارضا او ببنائه دارا .
وقد رؤي الاخذ في المشروع برأي ابن شبرمة وما وافقه في المذهب المالكي استجابة لمبدأ البر بالعهود الذي تفرضه الاديان والاخلاق وحسن النية في المعاملات بين الناس .
(الحطاب ، تحرير الكلام في مسائل الالتزام ، المنشور في فتاوى عليش ج/1 ص/180 وما بعدها) .
?1. الجعالة هي الالتزام بمال معلوم نظير عمل معين معلوم او لابسته جهالة . وقد يكون الايجاب موجها لشخص معلوم او لشخص غير معلوم .
وصورتها ان يقول شخص لآخر (ان رددت علي فرسي الضال فلك كذا) او (من رد علي فرسي الضال فله كذا) .
فالجعل فيها يكون نظير عمل معين وقد يكون هذا العمل مجهولا بعض الجهالة .
وهي عقد فاسد عند الحنفية ، لانه من قبيل الاجارة التي لم تستوف شروط صحتها من العلم بالعمل والعلم بالاجير وقبوله في المجلس والعلم بالمدة فيما يحتاج الى مدة وغير ذلك من الشروط .
(يراجع ابن حزم ، المحلى 8 / البند 1327 وما بعده والكاساني البدائع 4 : 184) .
ويرى المالكية والشافعية والحنابلة والشيعة الجعفرية وبعض الزيدية انها عقد صحيح ويرى اهل الظاهر انه لا يقضى بها وان استحب الوفاء .
فهي تنعقد بمجرد ارادة الجاعل ما دام العمل لم يشرع فيه احد .
فان شرع فيه احد وهو يعلم بالجعل اصبح الجاعل ملتزما ولكن العامل لا يلتزم بالاستمرار فيه . فاذا قام بالعمل واتمه وجب له الجعل .
ولكنه اذا قام به غير عالم بالجعل لم يستحق شيئا لانه متبرع في هذه الحالة وبالمذهب المالكي اخذ المشروع.
2. ويجب التفريق في هذا الصدد بين ما اذا كان الواعد قد حدد مدة لوعده وبين ما اذا كان قد ترك المدة دون تحديد .
ففي الحالة الاولى : يلتزم الواعد نهائيا بمشيئته وحدها ، دون ان يكون له ان يعدل عن وعده ، خلال المدة المحددة ، فاذا انقضت هذه المدة ولم يقم احد بالعمل المطلوب ، تحلل الواعد من وعده ولو انجز هذا العمل فيما بعد ، اما اذا تم القيام بالعمل المطلوب قبل انتهاء المدة ، فيصبح من قام به دائنا بالجائزة من فوره ولو لم يصدر في ذلك عن رغبة في الحصول عليها ، بل ولو كان جاهلا بالوعد . وفي هذا ما ينفي عن الوعد بالجائزة صفته العقدية ، فهذه الصفة ليست في رأي المشروع من مستلزماته وقد عمم في العبارة حتى تصدق على ما تم قبل اعلان الوعد بالجائزة وما يتم بعد اعلانه لان هناك من الصور ما هو جدير بدخوله في دائرة تطبيق نص المادة والواجب ان يستحقها الشخص ما دام قد قام بكل ما يشترطه الواعد .
اما في الحالة الثانية : حيث لا يحدد اجل لاداء العمل المطلوب ، فيلتزم الواعد رغم ذلك بالوعد الصادر من جانبه . ولكن يكون له ان يعدل عنه ، وفقا للاوضاع التي صدر بها بأن يحصل العدول علنا بطريق النشر في الصحف او اللصق مثلا . ولا تخلو الحال في الفترة التي تمضي بين اعلان الوعد والرجوع فيه من احد فروض ثلاثة :
أ . اذا لم يكن قد بدىء في تنفيذ العمل المطلوب تحلل الواعد نهائيا من نتائج وعده .
ب . اذا كان العمل المطلوب قد تم كله قبل اعلان العدول فغني عن البيان ان الجائزة تصبح واجبة الاداء ، بمقتضى الوعد المعقود بمشيئة الواعد وحده .
ج. اذا كان قد بدء في تنفيذ هذا العمل ، دون ان يبلغ مرحلة الاتمام فتطبق القواعد العامة للمسئولية . وقد رؤي ترك الحكم فيها للقواعد العامة في المسئولية خوفا من ان يثير النص اشكالات كثيرة وتعقيدات في التطبيق اذ يخشى ان يدعي كل شخص انه بعد اعلان الوعد بدأ في القيام بالعمل المطلوب والعدول اضره ولانه اذا تقررت الجائزة لعمل جزئي فات الغرض من التشجيع على الاعمال النافعة .
وقد نص على سقوط دعوى المطالبة بالجائزة اذا لم ترفع خلال ثلاثة اشهر من تاريخ اعلان العدول للجمهور وذلك لقطع السبيل على كل محاولة مصطنعة يراد بها استغلال الوعد بالجائزة بعد اعلان العدول وحسم المنازعات التي تنشأ بسبب تقادم العهد على الجائزة وصعوبة الاثبات ولذلك جعلت مدة السقوط ثلاثة اشهر .
3. ولا يبقى ، بعد هذا سوى بعض مسائل تفصيلية عرضت لها التقنينات الاجنبية بأحكام تشريعية خاصة واغفل المشروع ذكرها ، مكتفيا في شأنها بتطبيق المبادىء العامة ، والمادة (659) من التقنين الالماني تنص على انه (اذا نفذ العمل الذي بذلت الجائزة من اجله اكثر من شخص واحد كانت الجائزة للاسبق . فاذا تعدد المنفذون في وقت واحد كانت الجائزة سوية بينهم) .
(انظر ايضا المادة 17 من التقنين التونسي والمراكشي) . وكذلك تنص المادة (660) من التقنين الالماني على انه (اذا تعاون عدة اشخاص في تحقيق النتيجة التي بذلت الجائزة من اجلها ، وجب على الواعد ان يقسم الجائزة بينهم على اساس تقدير عادل قوامه ما يكون لكل منهم من نصيب في تحقيق هذه النتيجة ( ويقضي التقنين البولوني في المادة (106) ببطلان الوعد الموجه الى الجمهور بمنح جائزة لافضل عمل يقدم في المسابقة اذا لم يحدد الاعلان ميعادا للتقدم في هذه المسابقة . ويكون للواعد الحق في تقرير ما اذا كان هناك محل لمنح الجائزة ، ولاي عمل تمنح الا اذا كان قد بين في اعلانه طريقا آخر للفصل في نتيجة المسابقة ولا يكسب الواعد ملكية العمل الذي استحق الجائزة او حقوق منشئة فيه الا اذا كان قد احتفظ لنفسه بهذا الحق في الاعلان .
وهذه المادة تقابل المواد (162) مصري و (163) سوري ومشروع اردني و (185) عراقي .
?الفصل الثالث
الفعل الضار
الفرع الاول
احكام عامة
نظرة عامة :
1. تناول القانون المدني المصري (والتقنين السوري والمشروع الاردني) المسئولية التقصيرية او العمل غير المشروع في ثلاثة مباحث خصص الاول منها للمسئولية عن الاعمال الشخصية وهي تتضمن القواعد العامة في المسئولية وفي الثاني تكلم على المسئولية عن عمل الغير واخيرا تناول المسئولية عن الاشياء في المبحث الثالث .
ولم يفرد لنظرية التعسف في استعمال الحق مكانا بين احكام المسئولية بل عالجها في سياق النصوص التمهيدية باعتبار ان مالها من عموم التطبيق يجاوز حدود هذه الاحكام .
2. اما المشرع العراقي فقد تناول العمل غير المشروع في فرعين خصص اولهما للكلام على المسئولية عن الاعمال الشخصية وتناول فيه :
1. الاعمال غير المشروعة التي تقع على المال حيث تكلم على الاتلاف والغصب . و
2. الاعمال غير المشروعة التي تقع على النفس . و
3. الاحكام المشتركة للاعمال غير المشروعة وخصص ثانيهما للكلام على :
1. المسئولية عن عمل الغير . و
2. المسئولية عن الاشياء حيث تكلم على جناية الحيوان وما يحدث في الطريق العام والمسئولية عن البناء كما انه لم يتناول في هذا الباب الكلام على سوء استعمال الحق اتباعا لنهج القانون المصري .
3. وقد رؤي في هذا المشروع الافادة في المنهج من القانون المدني المصري والقانون المدني العراقي معا ، دون تقيد بهما ومعالجة الفعل الضار في خمسة فروع :
يتناول الفرع الاول الاحكام العامة . والفرع الثاني المسئولية عن الاعمال الشخصية ويشمل :
1. الجناية على النفس وما دونها . و
2. اتلاف المال .
والفرع الثالث المسئولية عن عمل الغير ، والفرع الرابع المسئولية عن الاشياء واستعمال الطريق العام وفيه يعالج المسئولية عن فعل الحيوان وعن انهدام البناء وعن الاشياء والآلات واستعمال الحق العام . والفرع الخامس الغصب والاتلاف كما يأتي .
ولم يعالج هنا التعسف في استعمال الحق اكتفاء بعلاجها في سياق النصوص التمهيدية باعتبار ان مالها من عموم التطبيق يجاوز حدود الفعل الضار كما فعل من قبل القانون المدني المصري والسوري والمشروع الاردني والقانون العراقي .
وهو منهج يختلف الى حد ما عما اتبعه التقنين المصري والتقنين العراقي على ما يتبين من المقابلة مع الافادة منهما في نفس الوقت .
4. ان احكام المسئولية عن الفعل الضار هي بعض ما يعبر عنه لدى الفقهاء المسلمين بكلمة (الضمان) والضمان لدى الفقهاء المسلمين اما ضمان عقد واما ضمان يد واما ضمان اتلاف .
اما ضمان العقد او الضمان الذي سببه العقد فهو ضمان مال تالف ضمانا يستند الى عقد يقتضي الضمان ومثاله : اذا هلك المبيع بآفة سماوية في يد البائع قبل التسليم فضمانه من البائع بمعنى ان المشتري لا يلزم بدفع الثمن وينفسخ البيع لعدم استطاعة البائع الوفاء بتسليم المبيع وكذا اذا هلك الشيء المستأجر في خلال مدة الاجارة سقط عن المستأجر التزامه بدفع الاجرة في المدة التالية وكان الضمان بذلك من المؤجر وهو غير ما يعرف في القانون بالمسئولية العقدية وهي التزام المخل بالتزامه الناشىء عن العقد بتعويض الطرف الاخر عن الضرر الذي يصيبه نتيجة اخلاله بالتزامه . ففي المسئولية العقدية التعويض ليس عن مال تالف وانما هو تعويض عن ضرر نشأ عن اخلال المدين بما التزم به بناء على العقد اما ضمان العقد فمعناه ان العقد يقضي بأن يتحمل احد طرفيه عبء تلف المال .
واما ضمان اليد فالمقصود به الضمان الذي سببه اليد بمعنى الضمان الذي يترتب على وجود الشيء في يد شخص ليس مالكا له فاذا كانت اليد يد امانة وهلك الشيء دون تعد ولا تقصير فان صاحب اليد لا يضمن اما اذا كان الشخص قد قصر او تعدى فان يده تصبح يد ضمان فاذا هلك الشيء لو بآفة سماوية فانه يهلك عليه بمثله او قيمته .
واما ضمان الاتلاف او بعبارة اعم ضمان الفعل فهو ان يأتي شخص فعلا يلحق الضرر بآخر كأن يتلف له نفسا او عضوا او مالا فيجب عليه ضمان ما اتلف وهذا الفعل يتخذ في المال صورا مختلفة منها الاتلاف والتعييب والتغيير والحيلولة بين المال وصاحبه والغصب والغرور ... الخ .
وبين هذه الانواع الثلاثة من الضمان وجوه شبه ووجوه خلاف :
فضمان العقد وضمان اليد يتفقان في ان الضمان يتحقق فيهما ولو كان الهلاك بقوة قاهرة فاذا هلك المبيع في يد البائع قبل التسليم بآفة سماوية سقط الثمن عن المشتري وتحمل البائع تبعة الهلاك اي كان الضمان من البائع رغم ان الهلاك بقوة قاهرة . والضمان هنا ضمان عقد والمغصوب اذا هلك في يد الغاصب بقوة قاهرة وجب على الغاصب المثل او القيمة والضمان هنا ضمان يد ويتفقان ايضا في ان الضمان متفرع عن واجب اصلي هو تسليم المحل (المعقود عليه او المغصوب ) ففي البيع يجب على البائع تسليم المبيع الى المشتري فاذا لم يفعل وهلك المبيع في يده (ولو بقوة قاهرة) كان المبيع من ضمانه والمغصوب يجب على الغاصب رده فاذا هلك (ولو بقوة قاهرة) كان الضمان عليه .
ويختلفان في الضمان الواجب : ففي ضمان اليد يجب المثل او القيمة ففي الغصب اذا هلك المغصوب بقوة قاهرة وجب على الغاصب مثله او قيمته وفي ضمان العقد لا يجب المثل او القيمة بل يكون الواجب بحسب العقد دون رعاية للمماثلة بين العوض والمعوض عنه فاذا هلك المبيع في يد المشتري قبل التسليم سقط عن المشتري الثمن دون نظر لما اذا كان الثمن اكثر او اقل من قيمة المبيع .
وضمان العقد وضمان الاتلاف يختلفان ، فضلا عن ان هذا سببه العقد وهذا سببه الفعل الضار ، في ان ضمان العقد يقوم ولو كان سبب الاخلال قوة قاهرة اما ضمان الاتلاف فلا يكون الا بفعل يصدر من الشخص ينتج عنه الاتلاف اما مباشرة او تسببا فاذا انقطعت علاقته السببية بين الفعل وبين الضرر فلا ضمان كما يختلفان في مقدار الضمان على ما تقدم في التفرقة بين ضمان العقد وضمان اليد .
وضمان اليد وضمان الاتلاف يتفقان في ان الضمان الواجب فيهما يرجع مباشرة او غير مباشرة الى فعل ضار هو الاتلاف او الغصب او التعدي ويتفقان في ان الضمان في كل منهما مقداره المثل او القيمة . ويختلفان في ان الواجب الاصلي في ضمان اليد هو رد نفس العين فالغاصب عليه اصلا رد نفس العين فان تعذر ذلك وجب عليه المثل او القيمة اما في ضمان الاتلاف فالواجب الاصلي ، بطبيعة الحال هو المثل او القيمة .
ومما تقدم يتبين ان هناك مجالا للنظر فيما اذا كان الاليق ان يعالج الغصب في باب (الفعل الضار) او في باب (القانون) بوصفه مصدر للالتزام بالرد . ومع وجاهة ايراده في (القانون) الا انه رؤي ترجيح معالجته في (الفعل الضار) كما فعل التقنين العراقي استنادا الى مسلك محمد رحمه الله فقد (جمع محمد رحمه الله في كتاب الغصب بين مسائل الغصب وبين مسائل الاتلاف ) وكذلك الكاساني (الكاساني 7 : 142) . ورؤي من حيث ترتيب مكانه مخالفة القانون العراقي بايراده في فرع خاص اخيرا بدل من معالجته بين الافعال الضارة ، التي يجب فيها المثل او القيمة من اول الامر على ما سلف البيان .
5. والعمدة في هذا الباب كله ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال (لا ضرر ولا ضرار في الاسلام) وفي اللسان : قال : ولكل واحد من اللفظين معنى غير الاخر فمعنى قوله لا ضرر (اي لا يضر الرجل اخاه والضرر ضد النفع) وقوله (ولا ضرار) اي لا يضار كل واحد منهما صاحبه فالضرار منهما معا والضرر فعل واحد ومعنى قوله (ولا ضرار) اي لا يدخل الضرر على الذي ضرره ولكن يعفو عنه ، كقوله عز وجل (ادفع بالتي هي احسن فاذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم) قال ابن الاثير : قوله (لا ضرر) اي لا يضر الرجل اخاه فينقضه شيئا من حقه ، والضرار فعال من الضر اي لا يجازيه على اضراره بادخال الضرر عليه ، والضرر فعل الواحد ، والضرار فعل الاثنين والضرر ابتداء الفعل والضرار الجزاء عليه . وقيل : الضرر ما تضر به صاحبك وتنتفع انت به ، والضرار ان تضره من غير ان تنتفع . وقيل هما بمعنى وتكرارهما للتأكيد) .
فاذا اوقع احد بأحد ضررا فان هذا الضرر يجبر باعادة حال المضرور الى ما كان عليه قبله ما امكن ذلك وهو ما تدل عليه القاعدة الفقهية من ان (الضرر يزال) وازالته تكون بالتضمين وهو الحكم بالضمان وذلك يكون بالزام المعتدي بمثل ما اتلفه من المال ان كان الاضرار باتلاف المال .
6. واذا كان الضمان بمعناه الاعم في لسان الفقهاء هو : شغل الذمة بما يجب الوفاء به من مال او عمل فان كلمة (الضمان) قد تستعمل في الدلالة على المال المطلوب اداؤه تعويضا . والمقصود بالضمان هنا الزام الشخص بتعويض المضرور عن الضرر الذي حصل له بفعله وقد يقصد به ما يلزم به نتيجة لذلك وكلا المعنيين قد جرت به عبارات الفقهاء .
والمقصود بالضمان في هذا الباب غالبا هو تعويض المضرور عن الضرر الذي حصل له بفعله وقد يقصد به ما يلزم به من ارتكب الفعل الضار .
7. وقد افاد المشروع من صياغة التقنين المصري وما تبعه من تقنينات عربية وقد حبذ التقنين المصري صياغة التقنينات اللاتينية على التقنين الالماني ذلك ان هذا التقنين بدلا من ان يضع مبدأ تنطوي في عمومه جميع التطبيقات التفصيلية للخطأ الشخصي فانه بدأ بطائفة من النصوص تعرض لحالات خاصة ومن هذه الحالات يستخلص المبدأ العام ومذهبه هذا يقرب من مذهب القانون الانجليزي ، وهو اخلق بنظام قانوني يقوم على احكام القضاء وعلى التطبيق في المسائل التفريعية منه بتقنين بقصد به الى تقرير مبادىء عامة ولهذه العلة اعرضت عنه ذات التقنينات التي درجت على استلهام التقنين الالماني كتقنين الالتزامات السويسري والتقنين النمساوي المعدل والتقنين البولوني .
وكما فعل التقنين المصري والتقنينات العربية التابعة له سلك المشروع نفس السبيل مخالفا بذلك منهج المجلة فقد اهتمت المجلة شأنها دائما بايراد كثير من التفصيل والتطبيقات مع المبدأ او بدونه ولكن المشروع وجه جل اهتمامه الى تقرير المبدأ دون ان يجعل من منهجه ايراد تطبيقات من شأنها التغير والتبدل وخصوصا وقد تغيرت سبل الحياة المعاصرة عن تلك التي وضعت في ظلها هذه التطبيقات تاركا للقضاء والفقه الاجتهاد في التطبيق على ما يجد من حوادث ونوازل مما يساعد على التجديد والابتكار على الاسس التي قام عليها الفقه الاسلامي .
وقد عرض المشروع بالضبط والتحديد لاحكام مختلفة تتعلق بالاحكام العامة في الفعل الضار . فحدد اولا ان الاضرار هو مناط المسئولية المدنية ولو صدر عن غير مميز ، مخالفا بذلك القانون المصري والسوري والمشروع الاردني وصادرا عن الفقه الاسلامي . كما بين الصلة بين الفعل الموجب للضمان وبين القصد او التعدي ، فعرض للمباشرة والتسبب ثم بين ان من اسباب عدم قيام المسئولية عدم امكان التحرز من الفعل الضار مما ينطوي تحته السبب الاجنبي ويشمل الحادث الفجائي او القوة القاهرة وفعل المصاب وفعل الغير وعرض لاثر رضاء المصاب والفعل المشترك كما اورد حكم الدفاع الشرعي والاكراه وحالة الضرورة .
وقد استكثر المشروع من طرق التعويض فلم يجعل الامر مقصورا على الالزام باداء مبلغ معين ، بل اجاز للقاضي ان يحكم بايراد مرتب وان يحتفظ بحق اعادة النظر في الحكم خلال مدة معقولة بل وجعل له ان يأمر باعادة الحالة الى ما كانت عليه او ان يأمر باجراء امر معين ، عملا كان او امتناعا عن عمل . وانشأ الى جانب التقادم العادي وهو يتم بانقضاء خمس عشرة سنة تبدأ من يوم وقوع الفعل الضار ، تقادما قصيرا مدته ثلاث سنوات يبدأ سريانها من اليوم الذي يعلم فيه المضرور بحدوث الضرر الا انه سوى في المدة بين تقادم الدعوى المدنية والدعوى الجنائية اذا كانت دعوى التعويض ناشئة عن جريمة .
المذكرة الايضاحية :
1. في هذه المادة يقرر المشروع القاعدة العامة من ان كل فعل يصيب الغير بضرر فانه يستوجب التعويض .
وهذه القاعدة تستند على ما هو مقرر في الشريعة الاسلامية من انه (لا ضرر ولا ضرار) (م19 مجلة) (والضرر يزال) (م 20 مجلة) او (اذا بطل الاصل يصار الى البدل) (م 53 مجلة) .
2. فهذه المادة تستظهر في عبارة موجزة وواضحة حكم المسئولية عن الفعل الضار في عناصرها الثلاثة فترتب الالتزام بالتعويض على (كل اضرار) والاضرار يستلزم الفعل (او عدم الفعل) الذي ينشأ عنه الضرر فلا بد اذن من توافر الفعل او عدم الفعل (اي الايجاب او السلب) والضرر ، ثم علاقة سببية بينهما .
ويغني لفظ (الاضرار) في هذا المقام عن سائر النعوت والكنى التي تخطر للبعض في معرض التعبير كاصطلاح (العمل غير المشروع) او (العمل المخالف للقانون) او (الفعل الذي يحرمه القانون) .. الخ وغني عن البيان ان سرد الاعمال التي يتحقق فيها معنى الاضرار ، في نصوص التشريع لا يكون من ورائه الا اشكال وجه الحكم ولا يؤدي قط الى وضع بيان جامع مانع . فيجب ان يترك تحديد ما فيه اضرار لتقديم القاضي وهو يسترشد في ذلك ، بما يستخلص من طبيعة نهي القانون عن الاضرار من عناصر التوجيه . فثمة التزام يفرض على الكافة عدم الاضرار بالغير ، ومخالفة هذا النهي هي التي ينطوي فيها الاضرار . ويقتضي هذا الالتزام تبصرا في التصرف ، يوجب اعماله بذل عناية الرجل الحريص . وقد اقر التقنين النمساوي هذا الضابط التوجيهي اقرارا تشريعيا ، فنص في المادة (1297) على انه (يفترض فيمن يتمتع بقواه العقلية ان تتوافر لديه درجة الانتباه والعناية التي تتوقع في سواد الناس . ويتحقق معنى الخطأ في كل عمل ينشأ عنه ضرر بحقوق الغير اذا لم يلتزم من وقع منه هذا العمل تلك الدرجة ) .
3. والمقصود بالاضرار هنا (مجاوزة الحد) الواجب الوقوف عنده او (التقصير عن الحد) الواجب الوصول اليه في الفعل او الامتناع مما يترتب عليه الضرر ، فهو يتناول الفعل السلبي والفعل الايجابي ، وتنصرف دلالته الى الفعل العمد والى مجرد الاهمال على حد سواء ، ذلك ان الفقه الاسلامي كما يعرف الخطأ الايجابي وهو ظاهر يعرف الخطا السلبي ويسميه (التقصير) و (عدم التحرز والتفريط) ومن امثلة ذلك :
- لو سلم احد ولده الى سباح ليعلمه السباحة فغرق الولد كان السباح مسئولا . وسبب ذلك انه تسلم الولد ليحتاط في حفظه ، فغرقه دليل على التقصير في المحافظة الواجبة والتفريط في الانتباه المطلوب (المغني 9 : 577 والوجيز 2 : 149) .
- اذا ساق رجل دابة فوقع سرجها او لجامها او شيء آخر من ادواتها التي تحمل عليها واصاب هذا الشيء انسانا فمات فالسائق ضامن (لان الوقوع بتقصير منه ، وهو ترك الشد والاحكام فيه) (الفتاوى الخيرية 2 : 179) .
4. وقد حصل التساؤل هل يكفي الكف سببا للضمان اذا تسبب عنه تلف مال لآخر كأن رأى انسان مالا لآخر معرضا للتلف بنار مثلا وكان في قدرته انقاذه ولم يفعل فتلف :
ذهب المالكية واهل الظاهر الى تضمينه في هذه الحال بناء على انه قد ترك واجبا عليه وهو المحافظة على مال اخيه المسلم مع قدرته على ذلك ، ومن ترك واجبا فترتب على تركه ضرر مباشر ضمن ، كمن مر على لقطة فتركها ولم يلتقطها وهو عالم انها معرضة للتلف ، ثم تلفت فانه يضمنها وقيل : لا ضمان على الملتقط في هذه الحال لان الترك في هذه الحال ليس تضييعا بل امتناعا عن حفظ غير واجب .
والظاهر حسب قواعد الفقه الحنفي انه لا ضمان عليه لعدم المباشرة او التسبب اذا كان التلف نتيجة امر لا صلة له بالكف وهو وجود النار واقترابها منه هذا فضلا عن انه لا اعتداء في الامتناع ، والشرط في اقتضاء الضمان التعدي .
وهذا الخلاف لا يخل بالمبدأ المنو عنه فيما سبق .
5. وهل يشترط ان يكون الفعل الضار فعلا في المحل
من الفروع ما يدل الحكم فيه على انه لا يشترط في الفعل الضار الموجب للتضمين ان يكون في المحل المطلوب ضمانه اي في المال التالف . ففي الشلبي (5 : 222) نقلا عن فتاوى قاضيخان : لو غصب عجلا فاستهلكه وتسبب عن ذلك يبس لبن امه - قال ابن بكر البلخي : يضمن قيمة العجل ونقصان الام وان لم يفعل في الام شيئا .
ولكن جاء في كثير من كتب الحنفية : من حبس مالك حيوان عنه حتى هلك او ضاع فلا ضمان عليه اذ لا فعل له في التالف ولم تكن له يد عليه ، كما لو غصب دابة فتبعها ولدها فتلف بسبب ذلك فلا ضمان عليه لقيمة الولد لعدم فعله فيه .
والفرع الاول يدل على عدم اشتراط اتصال الفعل الضار بالمال التالف .
والفروع الاخرى تدل على هذا الاشتراط .
وقد آثر المشروع ترك ذلك للقضاء .
6. والفعل الضار فعل غير مشروع لقوله عليه الصلاة والسلام (لا ضرر ولا ضرار) لذلك جعله الشارع سببا لضمان ما ترتب عليه من تلف .
ولا يخرجه عن هذه السببية الا يوصف فاعله بالاعتداء والمخالفة بسبب عارض خارج عنه كفقد اهلية التكليف لان سببيته ترتبط بذاته وبآثاره لا بقصد فاعله وادراكه ولذا يترتب عليه اثره اذا صدر من نائم او من مجنون او طفل لان الامر في اقتضائه التضمين مبني على المعارضة وجبر الفاقد حتى لا يظلم احد من ماله ولهذا قال الفقهاء ان العمد والخطأ في الاموال سواء ويريدون بالخطأ هنا وقوع الشيء على خلاف الارادة وهو خلاف ما يدل عليه الخطأ في تعبير رجال القانون حين جعلوا الخطأ ركنا من اركان المسئولية التقصيرية (م 163 مدني مصري) فالخطأ في القانون يرادف التعدي في الفقه الاسلامي اي التعدي الذي يقع من الشخص في تصرفه بمجاوزة الحدود التي يجب عليه التزامهما في سلوكه شرعا وقانونا وهو انحراف في السلوك يتحقق بالاضرار بالغير عن عمد او عن اهمال وتقصير الى درجة ادت الى ضرر الغير . فالضمان في القانون منوط بالخطأ بمعنى الاعتداء والمخالفة فلا ضمان عندهم على فاقد الاهلية . على خلاف ما ذهب اليه الفقهاء من اناطة التضمين بالضرر المترتب على فعل محظور في ذاته وان صدر من عديم الاهلية ، كالنائم حال نومه والمجنون والطفل الذي لا يميز .
وخلاصة القول في ذلك ان الفعل اذا كان مؤديا الى الضرر في ذاته استوجب ضمان ما ترتب عليه من تلف ، لانه حينئذ يكون فعلا محظورا بالنظر الى نتائجه فتقع تبعته على فاعله ، فان كان فاعله عديم الاهلية لم يؤثر ذلك في انه فعل ترتب عليه ضرر بالغير اوجب الشارع رفعه لحديث (لا ضرر ولا ضرار) وذلك يوجب رفع الضرر مطلقا سواء احدث من مكلف او من غير مكلف ولا سبيل الى رفعه في هذه الحال الا بايجاب الضمان في ماله دون التفات الفقه الاسلامي في تقرير مسئولية غير المميز عن اعماله غير المشروعة في ماله الى المدى الذي ذهب اليه الفقه الاسلامي من انها مسئولية اصلية وانها كاملة في ماله الى المدى الذي ذهب اليه الفقه الاسلامي من انها مسئولية اصلية وانها كاملة في ماله بل قررها على سبيل الاستثناء ورتب عليها تعويضا جوازيا للمحكمة وعادلا بمراعاة مركز الخصوم اي دون العادي (تراجع مجموعة الاعمال التحضيرية للقانون المدني المصري ج 2 ص 356 - 361 - المادة (164) من القانون و (231) من المشروع التمهيدي) وفي الاعمال التحضيرية للقانون المدني المصري ان المادة المصرية التي بنت المسؤولية على الخطا لم تات بجديد ولم تستحدث شيئا جديدا وكنا ننتظر ان ياتينا المشروع في باب المسؤولية بجديد يتفق مع تطور الحياة . فالمشروع في المادة (167) (م 163 من القانون) ذكر شيئا عن نظرية الخطأ ولكنه نسي نظرية تحمل تبعة المخاطر (المرجع السابق ص 364 - 365) .
اما في الفقه الاسلامي فمسؤولية من يضر بغيره مسؤولية مالية لا تقوم على الخطأ بل على الضرر ولذا لا يشترط في المسؤولية المالية ان يكون مرتكب الفعل الضار مميزا .
ففي الفقه الاسلامي غير المميز كالمميز مسؤول في ماله اذا اتلف مالا لاخر وقد نص في المادة (916) من المجلة انه (اذا اتلف صبي مال غيره فيلزم الضمان من ماله) ونص في المادة (960) منها على ما يأتي (المحجورون الذين ذكروا في المواد السابقة (وهم الصغير والمجنون والمعتوه والسفيه والمدين المحجور) وان لم يعتبر تصرفهم القولي لكن يضمنون حالا الضرر والخسارة اللذين نشئا عن فعلهم مثلا يلزم الضمان على الصبي اذا اتلف مال الغير وان كان غير مميز) فلو اتلف صبي ، سواء اكان مميزا ام غير مميز مأذونا ام غير مأذون ، مالا لاخر ، صبيا كان او بالغا ، بلا امر الاخر ، او احدث فيه نقصانا ما ، لزم الضمان من ماله لان الصبي يؤاخذ بأفعاله . مثلا : لو بال صبي من فوق السطح فأفسد ثوبا لاخر لزم الضمان من ماله ، (جامع احكام الصغار) . واذا لم يكن لذلك الصبي مال ينتظر حال يسره كما لا يطالب المدين المعسر بالدين الى ان يصبح موسرا . ولا يضمن وليه اي ابوه او وصيه مثلا من ماله ولا يجبر احد على تأدية مال الغير ما لم يوجد سبب شرعي كالكفالة والحوالة فلا يطالب بالدين الذي تعلق بذمة احد ابوه او ابنه مثلا . فلو رمى صبي حجرا في الزقاق فكسر زجاج دار اخر فلا يضمن وليه بحجة انه ترك حبل الصبي على غاربه .
ويلاحظ ان المجلة قصرت نص المادة (960) ما (اذا اتلف صبي مال غيره) والزمته الضمان مع ان الحكم في اتلاف النفس كذلك ، وقد اجيب بأن هذا القصر من المجلة لانها لا تبحث الا في الاموال . وقد رؤي في المشروع استعمال لفظ عام ليشمل الاموال والانفس جميعا .
والاتجاه في القوانين المدنية الحديثة كالقانون الالماني وقانون الالتزامات السويسري والقانون البولوني نحو الاخذ بحكم الفقه الاسلامي من حيث عدم ربط المسؤولية بالتمييز واقامتها على الضرر لا الخطأ الذي يفترض التمييز على خلاف في المدى بينها بل ان التشريع السوفييتي سار الى حد بناء المسؤولية التقصيرية على اساس الخطأ المفروض وانتهى تفريعا على ذلك الى تقرير قاعدة اخرى بشأن الاثبات فقضى في المادة (403) بأن (من اضر بالغير في شخصه او ماله يلزم بتعويض الضرر ويبرأ من التزامه هذا اذا اقام الدليل على انه لم يكن في مقدوره ان يتقي هذا الضرر ، او انه كانت له سلطة احداثه قانونا او انه حدث من جراء سبق اصرار المضرور او اهماله الفاضح) وقد تقدم ما يدل على انه كان هناك رأي في مصر في الاخذ بنظرية بناء المسؤولية على الضرر .
اما القانون المدني العراقي فقد ارود في هذا الصدد النصين الخاصين الآتيين - م 191 (اذا اتلف صبي مميز او غير مميزا او من في حكمهما مال غيره لزمه الضمان من ماله - 2) واذا تعذر الحصول على التعويض من اموال من وقع منه الضرر ان كان صبيا غير مميز او مجنون جاز للمحكمة ان تلزم الولي او القيم او الوصي بمبلغ التعويض على ان يكون لهذا الرجوع بما دفعه على ما من وقع منه الضرر 3 - عند تقدير التعويض العادل عن الضرر لا بد للمحكمة ان تراعي في ذلك مركز الخصوم (م 218) :
1. يكون الاب ثم الجد ملزما بتعويض الضرر الذي يحدثه الصغير .
2. ويستطيع الاب والجد ان يتخلص من المسؤولية اذا اثبت انه قام بواجب الرقابة او ان الضرر كان لا بد واقعا حتى لو قام بهذا الواجب ) .
وعدم الاتساق بين النصين ظاهر .
وقد اخذ في المشروع بحكم الفقه الاسلامي بعبارة عامة واضحة موجزة خلاصتها ان كل من اضر بالغير في ماله او في نفسه ، بفعل ايجابي او بفعل سلبي يلتزم بالتعويض في ماله ، سواء اكان مميزا ام غير مميز . وهذه المادة تقابل المواد (191 و 204 و 218 عراقي) و (163 و 164 مصري) و (165 سوري) ومشروع اردني .
1. هذه المادة تتناول طرق الاضرار وهل يشترط (التعمد) او (التعدي) ام لا .
2. وكلمتا (التعمد) و (التعدي) ليستا مترادفتين اذ المراد بالتعمد تعمد الضرر لا تعمد الفعل . والمراد بالتعدي الا يكون للفاعل حق في اجراء الفعل الذي حصل منه الضرر . والشخص قد يتعمد الفعل ولا يقصد به الضرر ولكن يقع الضرر نتيجة غير مقصودة . فاذا كان الاضرار (كالاتلاف) بالمباشرة لم يشترط التعمد ولا التعدي واذا كان بالتسبب اشترط التعمد او التعدي وقد صيغ هذان الحكمان في الفقه الاسلامي في قاعدتين هما (المباشر ضامن ولو لم يتعمد او يتعد) و (المتسبب لا يضمن الا بالتعمد او التعدي) .
3. ويكون الاضرار بالمباشرة اذا انصب فعل الاتلاف على الشيء نفسه وبقال لمن فعله (فاعل مباشرة) (م 887 مجلة) بأن كان اناء فكسره مثلا . ويكون بالتسبب باتيان فعل في شيء اخر فيفضي الى اتلاف الشيء مثلا كقطع حبل معلق به قنديل فوقع القنديل وانكسر فهذا اتلاف للحبل مباشرة وللقنديل بالتسبب وكحفر بئر فوقع فيه انسان فمات فموت الانسان يكون بالتسبب (مادة 888 مجلة) .
ومرجع التفرقة في الحكم بين المباشرة والتسبب ان المباشرة علة مستقلة وسبب للاضرار بذاته فلا يجوز اسقاط حكمها بداعي عدم التعمد او عدم التعدي اما التسبب فليس بالعلة المستقلة فلزم ان يقترن العمل فيه بصفة التعمد او التعدي ليكون موجبا للضمان .
وفي شرح علي حيدر للمجلة (على المادة 924 من المجلة) انه في التسبب يشترط الشيئآن : التعمد والتعدي كي يكون موجبا للضمان يعني ان ضمان المتسبب مشروط باتيانه فعلا مفضيا الى ذلك الضرر عمدا وبغير حق على عكس ظاهر نص المجلة . (م 93 و 924) .
وقد خالف القانون المدني العراقي اولى القاعدتين الفقهيتين السابقتين اذ نص في المادة (186) فقرة (1) منه انه (اذا اتلف احد مال غيره او انقص قيمته مباشرة او تسببا يكون ضامنا اذا كان في احداثه هذا الضرر قد تعمد او تعدى) فهو قد اشترط التعمد او التعدي في المباشرة وسوى في ذلك بين المباشر والمتسبب .
وقد رؤي في المشروع التزام حكم الفقه الاسلامي .
وتطبيقا لذلك قالوا :
- اذا حفر شخص حفرة في الطريق العام بدون اذن ولي الامر فسقط فيها مال اخر فتضرر كان متسببا في الاتلاف ضامنا للضرر لانه كان متعديا في فعله الذي حصل الضرر بسببه .
- ولكن اذا حفر احد حفرة في ملكه فسقط فيها حيوان او انسان فتضرر لم يضمن لانه لم يكن متعديا بالحفر ، فهو قد حفر في ملكه فلذا لا يضمن .
- واذا كان المتسبب متعمدا كان ضامنا ولو لم يكن متعديا فاذا حفر احد خندقا في ملكه بقصد الاضرار بماشية الغير فتضررت كان ضامنا لتعمده الاضرار ولو لم يكن متعديا في فعله .
وتراجع المواد (92) ومن (912 - 925) من المجلة وشرحها لعلي حيدر هذه المادة تقابل المادة (186) عراقي .
1. تتناول هذه المادة حالة ما اذا اجتمع في الاضرار مباشر ومتسبب وتقضي بأن الذي يلزم الضمان هو المباشر لا المتسبب . فمثلا لو حفر رجل بئرا في الطريق العام فألقى احد حيوان شخص في تلك البئر ضمن الذي القى الحيوان ولا شيء على حافر البئر .
وقد خالف القانون المدني العراقي هذه القاعدة اذ نص في المادة (186 - 2) انه : (اذا اجتمع المباشر والمتسبب ضمن المتعمد او المتعدي منهما فلو ضمنا معا كانا متكافلين في الضمان) نتيجة لما قرره في الفقرة السابقة من نفس المادة من اشتراط التعمد او التعدي في المباشر ايضا اسوة بالمتسبب .
وقد رؤي الاخذ في المشروع بالحكم الفقهي اتساقا مع المادة السابقة .
2. وهذه القاعدة مأخوذة من الاشباه . ويفهم منها انه اذا اجتمع المباشر اي عامل الشيء وفاعله بالذات مع المتسبب وهو الفاعل للسبب المفضي لوقوع ذلك الشيء ولم يكن السبب مما يؤدي الى النتيجة السيئة اذا هو لم يتبع بفعل فاعل اخر ، يضاف الحكم الذي يترتب على الفعل الى الفاعل المباشر دون المتسبب وبعبارة اخصر يقدم المباشر في الضمان على المتسبب . والمباشر هو الذي يحصل التلف من فعله دون ان يتخلل بينه وبين التلف فعل فاعل آخر . اما اذا كان السبب ما يفضي مباشرة الى التلف فيترتب الحكم على المتسبب .
امثلة :
- لو حفر رجل بئرا في الطريق العام فألقى احد حيوان شخص في ذلك البئر ضمن الذي القى الحيوان ولا شيء على حافر البئر لان حفر البئر بحد ذاته لا يستوجب تلف الحيوان ولو لم ينضم اليه فعل المباشر وهو القاء الحيوان في البئر لما تلف الحيوان بحفر البئر فقط ولما كان فعل الالقاء هو الوصف الاخير فقد اضيف التلف اليه وقد ورد في الولوجية : كل حكم يثبت بعلة ذات وصفين يضاف الحكم الى الوصف الذي وجد منهما اخيرا .
اما اذا كان ذلك الحيوان سقط بنفسه في البئر فاذا كان حافر البئر قد حفره بدون امر من ولي الامر فالضمان يترتب على حافر البئر كما تقضي المادة السابقة .
- لو دل شخص لصا على مال لاخر ليسرقه فسرقه اللص فليس على الدال ضمان وانما الضمان على اللص .
- لو فتح احد باب دار اخر وفك فرسه من قيوده فجاء لص وسرق الفرس فالضمان على السارق .
- لو امسك شخص باخر وجاء ثالث فاغتصب ما مع الرجل من النقود فالضمان على المغتصب المباشر لاستلاب المال دون الاخر المتسبب بذلك .
اما اذا كان السبب مما يفضي مباشرة الى التلف فيترتب الحكم على المتسبب مثال ذلك :
- لو تماسك شخصان فأمسك احدهما بلباس الاخر فسقط منه شيء كساعة مثلا فكسرت فيترتب الضمان على الشخص الذي امسك بلباس الرجل رغما من كونه متسببا والرجل الذي سقطت منه الساعة مباشرة لان السبب هنا قد افضى الى التلف مباشرة دون ان يتوسط بينهما فعل فاعل آخر .
- كذا لو شق شخص زقا مملوء زيتا او قطع حبلا معلقا به قنديل فتلف الزيت الذي فيه فيترتب الضمان عليه وان لم يخرج عن كونه متسببا فقط لان فعل الشق وفعل القطع سببان نشأ عنهما التلف مباشرة .
- وقد نص في المادة (913) من المجلة انه (اذا زلق احد وسقط على مال اخر واتلفه يضمن) (تراجع المادة 92 من المجلة) .
- كما نص في المادة (915) انه (لو جر احد ثياب غيره وشقها يضمن قيمتها كاملة واما لو تشبت بها وانشقت بجر صاحبها يضمن نصف قيمتها . كذلك لو جلس احد على اذيال ثياب ونهض صاحبها غير عالم بجلوس الاخر وانشقت يضمن ذلك الشخص نصف قيمتها ) .
وقد رؤي في المشروع الاكتفاء بالقواعد العامة دون الامثال . وتراجع ايضا المادة (925) من المجلة وهي تقابل المادة (186) عراقي .
1. نص في القانون المدني العراقي في المادة (189) منه انه (اذا غر احد اخر ضمن الضرر) فلو قال شخص لاهل السوق (هذا الصغير ولدي بيعوه بضاعة فاني اذنته بالتجارة) ثم ظهر بعد ذلك ان الصبي ولد غيره فلاهل السوق ان يطالبوه بثمن البضاعة التي باعوها للصبي وبالتعويض عن الاضرار الاخرى .
وقد رؤي في المشروع ايراد الحالة العامة وحكمها دون امثلة .
2. والغرر هو الخطر وفي الحديث نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الغرر .
3. ويستعمل الفقهاء الغرور في الحمل على قبول ما لا خير فيه بوسيلة كاذبة مضللة ترغب فيه بزعم ان فيه المصلحة ولو عرفت حقيقته ما قبل . وعلى ذلك لا يتحقق غرور الا بالحمل والترغيب من الغار بالوسائل الباطلة الكاذبة المظهرة للامر على خلاف واقعة وحقيقته وذلك ما لا يكون الا مع قصد الغار وسوء نيته .
والغرور قد يكون بالقول . وقد يكون بالفعل ومثال الاول وصف كاذب مضلل يراد به الحمل على الفعل . ومثال الثاني تصرية الشاة بغية اظهارها غزيرة اللبن .
كما يكون في العقود وفي الافعال . اما في العقود فنتيجة عدم لزوم العقد بالنسبة الى المغرور على ما تقدم في العقود .
اما الغرور في الافعال فكما في الحمل على سلوك طريق على ظن انه امن فيأخذ اللصوص اموال سالكه او على مباشرة فعل على ظن انه محظور او غير خطر لا يترتب عليه تلف ثم يتبين انه خلاف ذلك فيؤدي الى تلف المال .
4. واذا كان الغرور بالفعل فالغار ضامن ضمان التسبب ويراعي فيه حينئذ ما يشترط في التضمين بالتسبب من شروط وخلاف .
واذا كان الغرور بالقول فيكون الغار ضامنا اذا ضمن والتزم فيكون الضمان فيه حينئذ قبيل الالتزام بالشرط لا من قبيل التضمين بسبب الغرور المحض واذا لم يتضمن الاشتراط لم يترتب عليه تضمين عند جمهور الفقهاء اذ لا يجب على المغرور تصديقه بل يجب عليه التروي والنظر . مثال ذلك اذا قال شخص لاخر : اسلك هذا الطريق فانه آمن فاذا كان غير آمن واخذ اللصوص مالك فأنا ضامن ، ثم سلكه فأخذ اللصوص ماله فانه يكون ضامنا ويتبع المغرور من غره بسلوكه وهذا بخلاف ما اذا قال له : اسلك هذا الطريق فانه آمن ولم يشترط الضمان فانه اذا سلكه فضاع ماله لم يضمن الغار وقد ذكر بعض الفقهاء من الحنفية ان الضمان عند الاشتراط يعد ضمان كفالة اذ ان المعني فيه التزام الضمان عند التلف . وعند بعض الفقهاء اذا كان العرف يقضي بتصديق الغار فيما دعا اليه يترتب التضمين عند التلف وبخاصة اذا صدر المغرور ممن يرجع اليه في مثل ما اشار به ودعا اليه واشتهر بصدقه في نصحه والا لم يترتب عليه ضمان .
وهي تقابل المادة (189) عراقي .
هذه المادة تردد حكم المادة (921) من المجلة و (216) من القانون المدني العراقي من انه ليس للمظلوم ان يظلم اخر بما انه ظلم وتضرب المجلة في المادة (921) منها الامثلة الآتية :
- لو اتلف زيد مال عمرو مقابلة بما انه اتلف ماله ، يكونان ضامنين .
- لو اتلف زيد مال عمرو الذي هو من قبيلة طي بما ان بكرا الذي هو من تلك القبيلة اتلف ماله يضمن كل منهما المال الذي اتلفه .
- لو انخدع احد فاخذ دراهم زائفة من احد ، فليس له ان يصرفها الى غيره كما تنص المادة (216) عراقي على ما يأتي :
1. لا ضرر ولا ضرار . والضرر لا يزال بمثله وليس للمظلوم ان يظلم بما ظلم .
2. لو اتلف احد مال غيره في مقابل اتلاف هذا لماله كان كل منهما ضامنا للاخر ما اتلفه ، ولو انخدع شخص فأخذ دراهم زائفة من شخص اخر فليس له ان يصرفها الى غيره .
وقد اكتفي في المشروع بصياغة الحكم دون ايراد امثلة في النص اكتفاء بايراد بعض منها في هذه المذكرة .
هذه المادة تقرر مبدأ خاصا بعلاقة السببية بمعنى انه اذا لم توجد رابطة السببية بين الفعل والضرر لا يكون الشخص الذي وقع منه الفعل مسؤولا وتنتفي علاقة السببية اذا وجد السبب الاجنبي كآفة سماوية او كحادث مفاجىء او قوة قاهرة او فعل من المضرور لان هذا الضرر في هذه الحالة يكون متصلا بشخص معين ولكن فعل هذا الشخص لم يكن هو السبب في حصوله . ومثال ذلك سائق سيارة يفاجا بطفل يقطع الشارع جريا فتصيبه ، ففي هذه الحالة يكون السائق غير مسؤول لان علاقة السببية منتفية .
واهمية هذا النص تظهر في ابراز استقلال رابطة السببية واثر هذا الاستقلال يتجلى في امرين :
الاول هو انه فيما يتعلق بالفعل وعلاقة السببية يمكن نفي الخطأ في بعض الاحيان ما لم يمنع هذا بنص ، فالفعل مسألة وعلاقة السببية مسألة اخرى والذي اريد من هذا النص هو اظهار ان السببية شيء والفعل شيء آخر ثم ان الاصل في علاقة السببية هو انه ما دام ان هناك ضررا متصلا بفعل شخص فرباط السببية مفترض الا اذا اقام هو الدليل على عكس ذلك , فهو يضع قاعدة اثبات ، والجديد في صيغته هو الاشارة الى ان علاقة السببية مفترضة لكن الفعل غير مفترض .
وقد رؤي النص على استثناء حالة ما اذا قضى بغير ذلك القانون او الاتفاق كما رؤي النص على قيد في الاتفاق على غير ذلك ، وهو الا يكون هذا الاتفاق مخالفا للنظام العام او الاداب ويستند مبدأ النص على جواز ذلك الى ما اخذ به المشروع من الاصل صحة العقود والشروط وهذه المادة توافق المواد (165) مصري و (166) سوري ومشروع اردني و (211) عراقي .
تعرض هذه المادة لحالة الدفاع الشرعي ، ويقصد بالدفاع هنا الدفاع عن النفس والمال ، للمدافع وغيره وقد اجاز الشارع ذلك .
ففي المهذب للشيرازي (2 : 224 - 225) من قصده رجل في نفسه او ماله او اهله بغير حق فله ان يدفعه لما روى سعيد بن زيد ان النبي صلى الله عليه وسلم قال : من قاتل دون اهله او ماله فقتل فهو شهيد ... ولا يجب عليه في شيء من ذلك ضمان ... وان صالت عليه بهيمة فلم تندفع الا بالقتل فقتلها لم يضمن لانه اتلاف بدفع جائز فلم يضمن كما لو قصده آدمي فقتله للدفع .
واساس ذلك ما انتهى اليه استقراء الاحكام ونصوص الشارع من اقرار المبدأ القاضي بوجوب اختيار اهون الشرين واخف الضررين اذا لم تكن عن احدهما مندوحة ومبدأ وجوب تحمل الضرر الاخف لدفع الضرر الاشد وان الضرورات تبيح المحظورات وتقدر بقدرها .
ويجب في هذه الاحوال ان يكون الضرر الذي يراد دفعه ضررا مداهما وحالا ولا يمكن دفعه بالالتجاء الى المحاكم قبل وقوعه ويكفي في ذلك غلبة الظن .
وقد جاء في حديث صفوان بن يعلي عن ابيه قال : قاتل اجير لي رجلا فعض يده فانتزعها من فمه فنثرت ثنيته فشكا الى النبي صلى الله عليه وسلم فأهدرها وقال له (اتريد ان يضع يده في فمك تقضمها كالفحل ولا ينزعها) .
وبه استدل الشافعي على جواز قتل الفحل الصائل اذا اتى على قاتله ولم يلزمه بضمانه كما تقدم من عبارة المهذب ولم يختلف الفقهاء في جواز دفع الصائل من الحيوان بما يدفع اذاه ، لان دفع الضرر واجب شرعا . وانما اختلفوا في تضمين قاتله بناء على ان وجوبه لا يسقط حق مالكه اذا لم يشرع ذلك سببا مسقطا للملك ، فالجمهور على انه لا يضمن .
ورأى غيرهم التضمين ولكن من سقوط الاثم .
وفي المغني لابن قدامة : اذا صالت بهيمة على انسان ولم يمكنه دفعها الا بقتلها : جاز له قتلها اجماعا وليس عليه ضمانها اذا كانت لغيره - والى هذا ذهب مالك والشافعي واسحاق بن راهوية .
وقال ابو حنيفة عليه ضمانها لانه اتلف مال غيره لاحياء نفسه فكان عليه الضمان كالمضطر في مخمصة اذا اكل مال غيره فان ذلك جائز له وعليه ان يؤدي قيمته الى مالكه .
وقد نص الحنفية على ان العبرة في ذلك بغلبة الظن اذا لا ينتظر الانسان حتى يحل الضرر به فعلا .
وقد اخذ في المشروع بالرأي القائل بعدم التضمين طالما التزم المدافع بالقدر الضروري . اما اذا تجاوزه فقد رؤي الزامه بالتعويض بمقدار التجاوز .
(تراجع مذكرة المادة التالية : )
وهذا الحكم يقارب حكم القانون المصري والسوري والمشروع الاردني والقانون المدني العراقي (م166/167/212) اذ الحكم فيه انه اذا جاوز القدر الضروري للدفاع كان ملزما بتعويض تراعى فيه مقتضيات العدالة وقد يكون هذا غير التعويض بقدر التجاوز . والحكم الذي اخذ به المشروع عند التجاوز اوفق للقواعد (تراجع المادتان 21 و 22 من المجلة وشرحهما لعلي حيدر) .
تتناول الفقرة الاولى من هذه المادة حالة قيام شخص بفعل بناء على امر صدر اليه من شخص اخر ، وتضيف الفعل اليه لا الى الآمر ما لم يكن الآمر مجبرا . فاذا امر شخص اخر بهدم جدار فهدمه - فالمسؤول عن الهدم هو الهادم لا الامر الا اذا اجبره الامر الا اذا اجبره الآمر على الهدم .
والاجبار يتم باستعمال احد طرق الاكراه ولكن لا يعتبر كل اكراه سببا لرفع المسؤولية عن الفاعل والقائها على الآمر ، بل الاكراه الملجيء وحده هو الذي يعتبر سبب لذلك .
وتتناول الفقرة الثانية حكم الموظف العام فتقضي بأنه لا يكون مسؤولا اذا قام بعمل تنفيذا لامر صدر اليه من رئيسه متى كانت اطاعة هذا الامر واجبة عليه او يعتقد انها واجبة . ولا يكفي ان تكون طاقة الرئيس واجبة على المرؤوس او اعتقاد هذا الاخير انها واجبة بل يجب ان يكون الفعل المأمور به مشروعا . فاذا لم يكن مشروعا فلا يعفي الموظف من المسؤولية . ويجب على الموظف ان يثبت انه كان يعتقد بأن العمل الذي اتاه كان مشروعا . وهو يثبت ذلك اذا اثبت انه راعى جانب الحيطة عند قيامه بالعمل وانه كانت لديه اسباب معقولة تحمله على الاعتقاد بأن العمل مشروع . ويرجع تقدير هذه الاسباب لمحكمة الموضوع . فاذا امر مهندس البلدية مثلا عمال البلدية بهدم جدار مائل للانهدام فهدموه فلا مسؤولية عليهم . اما اذا لم يكن العمل المأمور به مشروعا فلا يجب طاعة الرئيس واذا قام به الموظف كان مسؤولا عن التعويض ففي المثال المتقدم اذا امر عاملا بضرب صاحب الجدار فضربه لم يجز له ضربه واذا ضربه كان مسؤولا عن التعويض .
فاذا توافرت الشروط المتقدمة كان الموظف المرؤوس غير مسؤول ولكن ذلك لا يعفي الرئيس من المسؤولية .
وقد نص الحنفية على ان الآمر لا ضمان عليه بالامر الا في ست مسائل منها اذا كان الامر سلطانا . وفي التتار خانية : حريق غالب وقع في محله - فهدم رجل دار غيره بغير امر صاحبه وبغير اذن من السلطان حتى ينقطع ذلك الحريق عن داره ، اي دار الهادم ، ضمن ولم يأثم - قال الرملي : وفيه دليل على ان الامر اذا كان من السلطان لم يضمن لما له من ولاية عامة ، له بمقتضاها ان يأمر بدفع الضرر ، ولذا جاء في الخانية لو ان هذا الذي هدم الدار عند وقوع الحريق قد هدمها باذن الامام لم يضمن .
ولو اقام شخص قنطرة على نهر باذن الامام فارتطمت بها سفينة فانكسرت لم يكن عليه ضمان لعدم تعديه بسبب اذن الامام له في حدود ولايته لان الانشاء والبناء في كل ما للمسلمين فيه حق مقرر كالطرق والانهار ونحوها محظور الا باذن الامام صيانة لحق العامة .
ونص الشافعية على ان اهل الفتوى اذا افتى احدهم شخصا باتلاف مال ثم تبين بعد ذلك خطؤه كان الضمان على المفتي (السيوطي) (الاشباه والنظائر) .
تراجع المواد (89 و 919 و 1007) من المجلة وشرحها لعلي حيدر .
وهي تقابل المواد (167) مصري و (168) سوري ومشروع اردني و (215) عراقي .
1. تعرض هذه المادة لحكم الفعل الضار المشترك . وقد تقدمت الاشارة الى ان القاضي لا يحكم بالتعويض ، متى اقام المدين الدليل على ان الضرر نشأ عن فعل المضرور وحده واثبت بذلك وجود السبب الاجنبي . وكما ان حق المضرور في التعويض يسقط عند انفراده بأحداث الضرر بفعله كذلك لا يكون من حقه ان يقتضي تعويضا كاملا ، اذا اشترك بفعله في احداث هذا الضرر او زاد فيه ويتوقف مقدار ما ينقص من التعويض ، بوجه خاص ، على مبلغ رجحان نصيب المضرور او الضار في احداث الضرر . وقد جلعت المادة (354 ) من التقنين الالماني من هذا الترجيح عنصرا من عناصر التوجيه : فنصت على انه (اذا كان لخطأ المضرور نصيب في احداث الضرر ، عند وقوعه توقف قيام الالتزام بالتعويض ومدى التعويض الواجب اداؤه على الظروف ، وبوجه خاص على مبلغ رجحان نصيب اي من الطرفين في احداث الضرر ، وليس بممتنع ، ازاء ذلك ان يرجح نصيب المضرور في احداث الضرر رجحانا يثير امر البحث في قيام الالتزام بالتعويض بأسره . وهذا هو المعنى الذي قصدت به المادة (264) الى استظهاره بنصها على ان للمحكمة الا تحكم بتعويض ما .
2. ويراعي ان رضاء المضرور بالضرر الحادث لا يؤخذ لزاما عليه بوصفه فعلا يبرر انتقاص التعويض فالتقنين الالماني لا يجعل من هذا الرضا سببا للانتقاص (م254) على نقيض ما يقضي به التقنين السويسري (م 44 - 1) في هذا الشأن . فلا يبقى ان يعتد بذاك الرضا ، الا حيث يجوز الاتفاق على الاعفاء من المسؤولية وفي حدود هذا الجواز فحسب .
3. وتعين فكرة الفعل الضار المشترك على ضبط حدود فكرة تقاربها ، هي فكرة (النتيجة الطبيعية) او (المألوفة) لتخلف المدين ، فقد تترتب على هذا التخلف نتائج يتفاوت مدى بعدها عنه وبذلك يسفر الموقف عن حلقات متسلسلة من الضرر لا يدري لدى ايها ينبغي الوقوف . ومناط الحكم في هذه الحالة هو فكرة النتيجة الطبيعية او المألوفة فيعتبر من قبيل النتائج الطبيعية او المألوفة التي يجب التعويض عنها كل ضرر لم يكن في وسع المضرور عقلا ان يحول دون وقوعه . ذلك ان امتناعه عن اتخاذ الحيطة المعقولة لحصر هذا الضرر في اضيق حدوده ، يكون بمنزلة الاضرار وبعبارة اخرى يترتب على هذا الامتناع قيام فعل مشترك ، يستتبع الانتقاص من التعويض بل وسقوط الحق فيه احيانا ، وقد طبق القانون الالماني تلك الفكرة فنص في المادة (254) على وجوب انقاص التعويض بل وسقوط الحق فيه (اذا انحصر خطأ المضرور في عدم تنبيه المدين الى خطر ضرر بالغ الجسامة لم يكن يعلم به ، ولم يكن يتحتم عليه العلم به او في عدم دفع هذا الخطر او الحد منه) .
وهذه المادة تقابل المواد (216) مصري و (217) سوري ومشروع اردني و (210) عراقي .
1. تنص المادة (169) من القانون المدني المصري على انه (اذا تعدد المسؤولون عن عمل ضار كانوا متضامنين في التزامهم بتعويض الضرر وتكون المسؤولية فيما بينهم بالتساوي الا اذا عين القاضي نصيب كل منهم في التعويض) وقد اورد مثل هذا الحكم القانون المدني السوري والمشروع الاردني والقانون العراقي وواضح ان هذا النص يقرر :
أ . مبدأ التضامن بين من يشتركون في احداث ضرر معين عند رجوع المضرور عليهم والتضامن هنا مقرر بنص القانون فلا يجوز للقاضي الخروج على هذا الوضع بل هو ممنوع من الخروج عليه لان الصياغة التشريعية تحرم القاضي من انشاء حالة تضامن او الاعفاء منها .
ب. مبدأ المساواة في المسؤولية بين من وقع منهم الفعل الضار الا ان للقاضي ان يعدل في نصيب كل منهم في التعويض حسب تقديره للظروف فاذا دفع احد المسؤولين كل التعويض او اكثر من نصيبه كان له الرجوع على الباقين وفقا للقواعد العامة .
ولم يفرق القانون المصري (وكذا السوري والمشروع الاردني والقانون العراقي) بين المحرض والفاعل الاصلي والشريك على نحو ما فعل تقنين الالتزامات السويسري في المادة (50) (انظر ايضا المادتين (108 و 99) من التقنين التونسي والمراكشي والمادة (1301) من التقنين النمساوي) ويلاحظ ان هذه المادة نفسها تنص ايضا على ان مخفي الشيء المسروق لا يلتزم بالتعويض الا اذا اصاب نصيبا من الريح او احدث ضررا بمهاونته .
ويؤدي هذا الى التفريق بين حالتين :
أ . الاولى حالة وقوع الفعل الضار من اشخاص متعددين ، دون ان يكون في الوسع تعيين من احدث الضرر حقيقة من بينهم . او تحديد نسبة مساهمة كل منهم في احداثه وفي هذه الحالة لا يكون ثمة تعدي عن تقرير التضامن بينهم جميعا (انظر المادتين 109 و 100) من التقنين التونسي والمراكشي والمادة 830 من التقنين الالماني) .
ب. والثانية حالة امكان تعيين محدثي الضرر من بين من وقع منهم الفعل الضار رغم تعددهم ، وامكان تحديد نصيب كل منهم في احداثه وفي هذه الحالة لا يسأل كل منهم الا عن الضرر الحادث بخطئه ، ولا يسألون البتة على وجه التضامن (انظر المادة 136 من التقنين البولوني والمادة 1302 من التقنين النمساوي) وهذا هو حكم حالة الاخفاء التي تقدمت الاشارة اليها في التقنين السويسري .
اما فيما يتعلق برجوع المسؤولين فيما بينهم عند التضامن ، فيحدد القاضي ما يؤديه كل منهم معتدا في ذلك بجسامة الخطأ الذي وقع منه ونصيب هذا الخطأ في احداث الضرر ، وكل ظرف آخر من شأنه ان يكشف عن مدى مساهمة المسؤول في الضرر الحادث من هؤلاء المسؤولين جميعا . فاذا استحال تحديد قسط كل منهم في المسؤولية فتكون القسمة بالسوية بينهم اذ المفروض ان الدليل لم يقم على تفاوت تبعاتهم وقد واجه تقنين الالتزامات السويسري حالة تعدد المسؤولين عن ذات الضرر مع اختلاف اسباب المسؤولية ، كأن يسأل البعض على اساس العمل غير المشروع ، والبعض على اساس التعاقد والبعض بمقتضى نص في القانون . وقد قضى هذا التقنين بالزام كل منهم في هذه الصورة بأداء عين الدين الزاما مبتدأ وقرر في المادة (51) فيما يتعلق بعلاقة بعضهم بالبعض الاخر ان تبعة الضرر تقع اولا على عاتق من احدثه من بين المسؤولين بعمل غير مشروع وتقع اخيرا على عاتق من يسأل عنه بمقتضى نص في القانون ، دون ان يكون مسؤولا بناء على خطأ وقع منه او بناء على التزام تعاقدي ، وغني عن البيان ان مثل هذا الحكم لا يتيسر الاخذ به الا بمقتضى نص خاص .
2. وفي الفقه الاسلامي اذا تعددت اسباب التلف بتعدد من احدثها وكانوا جميعا مباشرين او متسببين ، ولم تختلف افعالهم قوة وضعفا في احداث الضرر او لم يتبين اختلافها في احداثه لزمهم الضمان على التساوي ومن امثلة ذلك .
- جماعة اشتركوا في حمل حجر ثم القوه على اناء فكسروه او على حيوان فقتلوه .
- جماعة اشتركوا في حفر بئر في الطريق دون ان يتبين ما حفره كل منهم فوقع فيه حيوان فنقق ، وذلك لان الضرر حينئذ قد تسبب عن فعل ضار اشتركوا فيه جميعا فوجب اشتراكهم في تبعته كما لو اشترك جماعة في قتل شخص اذ يقتلون فيه جميعا لقول عمر : لو اشترك في قتله اهل صنعاء لقتلتهم جميعا قالها في قتيل قتله اكثر من واحد .
ولكن اذا تبين ما لكل شريك من نصيب في الاتلاف فكل فاعل يلزم بتبعة فعله . وهذا ما تدل عليه فروع الفقهاء في الجراح وما رتبوه من الزام بالاروش . وذلك هو الحكم مع مراعاة :
- تقديم المباشر على المتسبب عند اجتماعهما على ما سبق بيانه .
- صلاحية الجميع للالزام بالضمان . فان كان فيهم من لا يصلح للالزام ففعله هدر .
وفيما يلي بعض التطبيقات :
- حفر بئرا في الطريق ثم حفر اخر طاقة في اسلفها فوقع فيها حيوان فمات كان الضمان على الحافر الاول قياسا ، وهو قول محمد ، وعليهما اثلاثا : على الاول الثلثان وعلى الثاني الثلث استحسانا لان الحافر الاول اقوى سببا لولاه ما حفر الثاني .
- حفر بئرا في طريق ثم وسع اخر رأسها فسقط فيها حيوان فمات كان الضمان عليهما اثلاثا على الاول الثلثان اذا وقع في موضع اشترك في حفره الحافران ولكن اذا تبين ان السقوط كان فيما حفره الثاني كان الضمان عليه وحده وان لم يدر كان الضمان عليهما بالسوية .
- حفر بئرا في الطريق فوضع فيه انسان سلاحا ثم سقط فيه حيوان فوقع على السلاح فمات كان الضمان على الحافر ، اذ لولا الحفر ما وقع على السلاح .
- اذا رجع بعض الشهود بعد ان قضى القاضي بالمال لشخص ذهب به فان الضمان على الراجع ، بقدر اثره في الشهادة فاذا كانا شاهدين كان عليه نصف المال وان رجع الاثنان كان عليهما كل المال بالتساوي .
(يراجع تكملة البحر 8 : 397 ورد المحتار 4 : 164 و 5 : 549 والكاساني 7 : 380 وما بعدها وابن قدامة ، المغني 9 : 565 والحطاب 6 : 316) . واما عن الضمان بين مرتكبي الفعل الضار فظواهر القواعد الشرعية تأباه . وهذا ما يدل عليه قوله تعالى (ولا تزر وازرة وزر اخرى وقوله : لا يكلف الله نفسا الا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت) فلا يسأل الانسان عن ضرر احدثه غيره .
3. وقد رؤي في المشروع التزام الحكم الفقهي مع اعطاء المحكمة الحق في ان تقضي بالتعويض عليهم بالتساوي وكذا اعطاؤها الحق في ان تقضي بالتضامن بينهم اذا رأت من الظروف ما يبرر ذلك وتخويل المحكمة هذا الحق ارجح من حرمانها منه فقد تدعو الحاجة الى استعماله ، ثم لا خطر في ذلك ما دام الامر مرده الى المحكمة والمادة تقابل المواد (169) مصري و (170) سوري ومشروع اردني و (217) عراقي .
?يتناول هذا النص اسس تقدير التعويض ، وقد نص القانون المدني المصري في المواد ( 170 و 221 و 222 ) ان التعويض يقدر بما لحق الدائن من خسارة وما فاته من كسب بشرط ان يكون هذا نتيجة طبيعية لعدم الوفاء بالالتزام ويعتبر الضر نتيجة طبيعية اذا لم يكن في استطاعة الدائن ان يتوقاه ببذل جهد معقول " وكذا الحكم في القانون المدني العراقي ( م207 ) .
والحكم الذي نجده في كتب الفقخ الاسلامي هو ان المضمونات تضمن بالمثل او بالقيمة واهمية التعمد او التعدي لا ترد في تقدير التعويض ونما ترد في الفعل المضمن :
فاذا كان بالمباشرة فلا يشترط التعمد او التعدي للتضمين اما اذا كان بالتنسيب فيشترط التعمد او التعدي.
كما انه يترتب على اعتبار المنافع اموالا - وهو ما جرى عليه هذا المشروع في المادة 54 اخذا براي الشافعية ومن نحا نحوهم في ذلك - انها تدخل في تقدير التعويض.
وقد نص في المشروع على حكم الفقه الاسلامي في مواد تالية وقد رؤي النص هنا على القاعدة العامة وهي ان التعويض يشمل ما يكون قد لحق المضرور من ضرر وما فاته من كسب.
والمادة تقابل المواد (221) مصري ( 222) سوري ومشروع اردني و (207 ) عراقي .
1. تتناول هذه المادة الضرر الادبي وتقرر التعويض عنه .
وقد استقر الرأي في العصر الحاضر على وجوب التعويض عن الضرر الادبي بوجه عام ، بعد ان زال ما خامر الاذهان من عوامل التردد في هذا الصدد . وقد عمدت بعض تقنينات قديمة ، كالتقنين الهولندي ، وغالبية ساحقة من التقنينات الحديثة الى اقرار هذا الحكم في نصوص التشريع . وقد بلغ من امره هذه النزعة ان اورد المشروع الفرنسي الايطالي بعض امثلة تطبيقية في هذا الشأن فنص في المادة (85) على ما يأتي :
يجوز للقاضي بوجه خاص ان يحكم بتعويض المضرور عما يصيبه من ضرر في جسمه او مساس بشرفه او سمعته او سمعة عائلته او حريته الشخصية او انتهاك حرمة مسكنه او حرمة سر يحرص عليه وله كذلك ان يحكم للاقارب والاصهار والازواج بالتعويض عما يصيبهم من الم عند موت المضرور .
وفي الفقه الاسلامي ما يفيد التعويض عن الضرر الادبي :
- ففي الفقه الحنفي جاء في مبسوط السرخسي (26 : 81) ان روي عن محمد بن الحسن الشيباني في الجراحات التي تندمل على وجه لا يبقى لها اثر انه (تجب حكومة العدل بقدر ما لحقه من الالم) .
- وفي الفقه الزيدى جاء في البحر الزخار (5 : 280) : ومن اصابة سنا فاضطربت انتظر برءها المدة التي يقوم اهل الخبرة تبرأ فيها ، فأن سقطت فدية ، وان بقيت فحكومة .. وفي الالم حكومة ... وفي الايلام .. وفي السن الزائدة على العد حكومة اذ لا منفعة ولا جمال ( وفيه ايضا (ص 282) : ولا شيء في قطع طرف الشعر اذ لا يؤثر في الجمال فان اثر بأن اخذ النصف فما فوق فحكومة لما فيه من الزينة) .
- وفي فقه الشيعة جاء في شرائع الاسلام للحلي (القسم الرابع ص 226) : (ولو انبت الانسان في موضع السن المقلوعة عظما فنبت فقلعة قالع .. ان فيه الا رش لانه يستصحب الما وشينا) .
- وفي المغني الحنبلي (9 : 623 - 624) ( وفي قطع حلمتي الثديين ديتهما ... وقال مالك والثوري : ان ذهب اللبن وجبت ديتهما والا وجبت حكومة بقدر شينه) .
2. وبعد ان تقرر مبدأ التعويض بين المشروع من يحق له المطالبة بالتعويض وهو المضرور بطبيعة الحال وكذا من يضار ادبيا بسبب موت المصاب من ازواج واقارب .
وقد رؤي عدم تحديد الاقارب بدرجة معينة كما فعل القانون المصري في المادة (222 - 2) اذ حصر هؤلاء بالاقارب الى الدرجة الثانية وترك ذلك لتقدير القاضي حسب الاحوال .
3. ورؤي في الفقرة الثالثة النص على عدم انتقال التعويض عن الضرر الادبي الا اذا تحددت قيمته بمقتضى اتفاق او حكم نهائي لانه لا يصبح قيمة مالية تضاف الى ذمة المتضرر وتنتقل الى الورثة الا اذا اتفق عليه او حكم به . فاذا مات من له الحق في التعويض عن الضرر الادبي قبل الاتفاق عليه او الحكم به فلا ينتقل حق المطالبة به الى الورثة . وهذا بعكس التعويض عن الضرر المادي الذي يعتبر قيمة مالية تضاف الى ذمة المتضرر بمجرد حصول الضرر الموجب للتعويض ولو قبل الحكم به او الاتفاق عليه .
ففي حال موت المضرور تبقى التفرقة في التعويض عن الضرر الادبي بين التعويض الشخصي الواجب لاقارب المضرور وبين ما يجب للمضرور نفسه من تعويض قبل موته ، ينتقل حق اقتضائه الى الورثة من طريق الميراث . فيقصد بما يؤدى الى الاقارب تعويضهم عما يستشعرون من الم بسبب موت المضرور ولهذه العلة يجوز للقاضي ان يحكم بالتعويض ، لا للاقارب فحسب ، بل وكذلك للازواج مراعيا ظروف العائلة ، في تعيين احظ افرادها نصيبا من الحزن والفجيعة ممن لا يقتصر امرهم على رغبة الافادة ماليا مما كانوا يكنون للمتوفى من عواطف والحب والولاء . ولكن لا يجوز للقاضي ان يحكم بعوض مالي لاحد اصدقاء المتوفي على سبيل التعويض الادبي ، اما التعويض الادبي الواجب للمضرور نفسه ، فلا ينتقل الى الورثة بعد الوفاة ، الا اذا كان قد تحدد مقداره من قبل ، بمقتضى اتفاق خاص او بمقتضى حكم حاز قوة الشيء المقضي به ، ذلك ان ما لهذا الضرب من التعويض من صبغة ادبية يجعله شخصيا من وجه فلا ينتقل بطريق الميراث بأي حال من الاحوال : الا اذا تأكدت صيغته المالية بعد تقديره نهائيا بالتراضي او بحكم القاضي . وكذلك يكون الحكم في التعويض الادبي الذي يكون من حق الاقارب شخصيا ، فهو لا ينتقل الى ورثة هؤلاء الاقارب الا اذا حدد مقداره بمقتضى اتفاق خاص او بمقتضى حكم له قوة الشيء المقضي فيه .
وظاهر من هذه النصوص ان الالم يعوض عنه وكذا الشين وتفويت الجمال وهذه كلها تنطوي على اضرار ادبية لما يحدثه الفعل في نفس المضرور من الم حسي او نفسي .
وهناك من النصوص ايضا ما يفيد عكس ذلك ففي المغني في الفقه الحنبلي (9 : 665) وان لطمه على وجهه فلم يؤثر في وجهه فلا ضمان عليه لانه لم ينقص به جمال ولا منفعة ولم يكن له جمال ينقص فيها فلم يضمنه كما لو شتمه) .
وقد رؤي الاخذ في المشروع بالتعويض عن الضرور الادبي كما هو في التقنين العراقي .
وقد يقال ان التعويض يقوم على احلال مال محل مال فاقد مكافىء له ليقوم مقامه ويسد مسده اما الضرر الادبي فلا يتمثل في فقد مال كان موجودا ولكن يرد على ذلك بما يلي :
- السند في الباب هو حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم انه (لا ضرر ولا ضرار) وهو نص عام فقصره على الضرر المادي تخصيص بغير مخصص .
- ليس المقصود بالتعويض مجرد احلال مال محل مال بل يدخل في الغرض منه المواساة ان لم تمكن المماثلة . ومن اظهر التطبيقات على ذلك الدية والا رش فليس احدهما بدلا عن مال ولا عما يقوم بمال .
- ان القول بعدم التعويض عن الضرر الادبي يفتح الباب على مصراعيه للمتعدين على اعراض الناس وسمعتهم وفي هذا من المفسدة الخاصة والعامة ما فيه مما يجعل من الواجب معالجته ومن اسباب العلاج تقرير التعويض .
لذا رؤي في المشروع الاخذ بالرأي الذي يجيز التعويض عن الضرر الادبي وهذه المادة تقابل المادة (205) عراقي والمادة (222) مصري .
?قد لا يتيسر للقاضي احيانا ان يحدد وقت الحكم مدى التعويض تحديدا كافيا كما هو الشأن مثلا في جرح - لا ارش فيه - لا تستبين عقباه الا بعد انقضاء فترة من الزمن فللقاضي في هذه الحالة ان يقدر تعويضا مؤقتا على ان يعيد النظر في قضائه خلال فترة معقولة يتولى تحديدها فاذا انقضى الاجل المحدد اعاد النظر فيما حكم به وقضى للمضرور بتعويض اضافي اذا اقتضى الحال ذلك .
وهذه المادة تقابل المواد (170) مصري و (171) سوري ومشروع اردني و (208) عراقي .
1. ليست المسئولية التقصيرية بوجه عام سوى جزاء للخروج على التزام يفرضه القانون هو التزام عدم الاضرار بالغير دون سبب مشروع . واذا كان التنفيذ العيني هو الاصل في المسئولية التعاقدية فعلى النقيض من ذلك ، لا يكون لهذا الضرب من التنفيذ وهو يقتضي اعادة الحال الى ما كانت عليه ، كهدم حائط بني بغير حق ، او بالتعسف في استعمال حق - الا منزلة الاستثناء في نطاق المسئولية التقصيرية .
2. فالتنفيذ بمقابل اي من طريق التعويض المالي (او مبلغ من النقود) هو القاعدة العامة في المسئولية التقصيرية والاصل في التعويض ان يكون مبلغا من المال ومع ذلك يجوز ان تختلف صوره . فيكون مبلغا اجماليا او ايرادا مرتبا لمدة معينة او لمدى الحياة يمنح لعامل تعقده حادثة من حوادث العمل عن القيام بأوده ويجوز للقاضي في هذه الحالة ان يلزم المدين بأن يقدم التأمين الذي تقدره المحكمة منعا للنزاع في مقداره ، او ان يودع مبلغا كافيا لضمان الوفاء بالايراد المحكوم به ، وينبغي التمييز بين التعويض من طريق ترتيب الايراد ، وبين تقدير تعويضموقوت مع احتمال زيادته فيما بعد بتقدير تعويض اضافي كما يجوز ان يكون التعويض عينيا بأن تأمر المحكمة باعادة الحال الى ما كانت عليه ببناء جدار هدم مثلا او ازالة جدار بني ويسوغ للقاضي فضلا عما تقدم ان يحكم في احوال استثنائية باداء امر معين على سبيل التعويض فيأمر مثلا بنشر الحكم بطريق اللصق ، على نفقة المحكوم عليه (او يكتفي بأن ينوه في الحكم بأن ما وقع من المحكوم عليه يعتبر افتراء او سبا) لتعويض المقذوف في حقه عن الضرر الادبي الذي اصابه . وغني عن البيان ان مثل هذا التعويض لا هو بالعيني ولا هو بالمالي ولكنه قد يكون انسب ما تقتضيه الظروف في بعض الصور .
3. وقد قيدت عبارة (او ان يحكم بأداء امر معين) بعبارة (متصل بالعمل غير المشروع) حدا من اطلاق العبارة وحتى يكون نطاق الحكم واضحا غير مجهل اذ التطبيق العملي لهذا النص هو نشر الحكم او الاعتذار عن واقعة سب مثلا .
تراجع الاعمال التحضيرية للقانون المدني المصري المادة (171 ج 2 صفة 395 - 398) وهذه المادة تقابل المواد (171) مصري و (172) سوري ومشروع اردني و (209) عراقي .
?تتناول هذه المادة الاشتراط المسبق على عدم المسئولية عما يوقعه الشخص بآخر من فعل غير مشروع يلحق به ضررا . وقد قضت بأن هذا الاتفاق باطل وذلك لاعتباره مخالفا للنظام العام اذ ان اجازته تيسر فتح باب الاضرار بالناس او يدفعهم الى عدم التحرز في تصرفاتهم .
ويلاحظ ان هذا الاشتراط غير التصرف في الحق المالي وهذا جائز لصاحبه ما لم يمس حقا لغيره .
كما انه يختلف عن العفو الذي حدث فعلا اذ يتمثل هذا العفو في التنازل عن مبلغ التعويض المستحق وهو جائز .
ويلاحظ اخيرا ان اشتراط الاعفاء من المسئولية غير التأمين على الاضرار التي تقع اذ الاول يعفي مرتكب الفعل الضار من اية مسئولية عن فعله الضار اما الثاني فمؤداه قيام المؤمن بتعويض الضرر الذي يحدث للمضرور .
وهذه المادة توافق المواد (217) مصري و (218) سوري ومشروع اردني (259) عراقي .
تؤكد هذه المادة الحكم الذي سبق الاخذ به من ان العقوبة لا تؤثر في المسئولية المدنية ومن تطبيقاتها ان السارق يجب عليه رد المسروق او مثله او قيمته ولو قطع ( تراجع المادة 285) كما ان المسئولية المدنية لا تؤثر في المسئولية الجنائية .
يراجع المغني لابن قدامه ( 1:277-280) والشيرازي المهذب (2:282) وهي تقابل المادة (206) عراقي.
1. استحدث المشروع في نطاق المسئولية التقصيرية تقادما قصيرا فقضى بعدم سماع دعوى التعويض الناشئة عن العمل الضار بانقضاء ثلاث سنوات على غرار ما فعل فيما يتعلق بدعاوى البطلان ، ويبدأ سريان هذه المدة من اليوم الذي يعلم فيه المضرور بالضرر الحادث ويقف على شخص من احدثه ، فاذا لم يعلم بالضرر الحادث ، او لم يقف على شخص من احدثه ، فاذا لم يعلم بالضرر الحادث ، او لم يقف على شخص من احدثه ، فلا يبدأ سريان هذا التقادم القصير ، ولكن دعوى المضرور لا تسمع على اي الفروض ، بانقضاء خمس عشرة سنة على وقوع الفعل الضار .
2. واذا كان الفعل الضار يستتبع قيام دعوى جنائية الى جانب الدعوى المدنية وكانت الدعوى الجنائية تتقادم بانقضاء مدة اطول ، سرت هذه المدة في شأن تقادم الدعوى المدنية فلو حدث الضرر مثلا من جراء جناية لا تتقادم دعواها الا بمضي عشر سنوات ، كانت مدة سقوط الدعوى المدنية عشر سنوات ، عوضا عن ثلاث ، لان الدعوى الجنائية لا تتقادم الا بانقضاء تلك المدة ، وهو اطول . وقد فرض في هذا كله ان مبدأ سريان المدة لا يختلف في الحالتين بيد ان الدعوى المدنية لا تسقط الا بانقضاء خمس عشرة سنة ، عند جهل المضرور بالضرر الحادث او بشخص محدثه ، وهي مدة اطول من مدة سقوط الدعوى الجنائية في الفرض السابق ، وصفوة القول ان الدعوى المدنية قد تبقى قائمة بعد انقضاء الدعوى الجزائية ولكن ليس يقبل انقضاء الدعوى المدنية قبل انقضاء الدعوى الجنائية .
ويلاحظ ان عبارة الفقرة الثانية تفيد بقاء الدعوى المدنية الناشئة عن الفعل الضار قائمة طول المدة التي يوقف فيها سريان تقادم الدعوى الجنائية اذا كان الفعل الضار يكون جريمة وليس منوطا بمجرد انقضاء المدة التي تسقط بها الدعوى العمومية الضار يكون جريمة وليس منوطا بمجرد انقضاء المدة التي تسقط بها الدعوى العمومية دون نظر الى وقف سريان تقادمها لانه رؤي من الانسب ان تبقى الدعوى المدنية ما بقي الحق في رفع الدعوى العمومية او تحريكها او السير فيها قائما .
والمادة تقابل المواد (172) مصري و (173) سوري ومشروع اردني و (232) عراقي .
1. رؤي التفريق بين المال الذي يجب بسبب الجناية ، وهو الدية ، او الارش او حكومة العدل وبين التعويض عن الضرر ، ففي الحالة الاولى انما يستحق الدية عن النفس او ما دونها المجني عليه او الورثة الشرعيون حسب الاحكام الشرعية وفي الحالة الثانية يجوز للمتضررين المشار اليهم ولو من غير الورثة ان يطالبوا بالتعويض على قدر ما اصابهم من ضرر حسبما ذكر في المادة (267) من هذا المشروع رعاية لقاعدة المصالح المرسلة والمادة (58) من المجلة وشرحها لعلي حيدر ، ولما ذكر في المذكرة الايضاحية للمادة (267) المشار اليها .
2. ان تبقى المسئولية المالية على العاقلة ، وهي التي تتناصر مع الجاني في الحوادث التي تقع من الجاني خطأ وفقا لما اختاره جمهور الفقهاء ، اما حوادث العمد فان المسئولية المالية او غيرها انما تقع على الجاني نفسه ، كما هو مصرح به في رد المحتار وغيره (ج / 5 ص 410) وما بعدها .
1. تتناول هذه المادة حكم اتلاف المال وتقضي بالضمان في هذه الحالة .
2. والمقصود بالاتلاف :
- الهلاك الكلي للمال بحيث لا يبقى للعين قيمة بعد تلفها كاحراق الثوب .
- الهلاك الجزئي للمال بأن يتلف بعض العين .
- تعييب العين تعييبا يذهب بكل منافعها او بمعظمها او بما هو دون ذلك كما في قطع ثوب على وضع لا يصلح معه لما كان يطلب منه او يصلح لبعضه .
- تغيير العين تغييرا يذهب بكل منافعها او بعضها كما في طحن البر وخبز الدقيق .
- تغييب العين في محل مجهول او لا يتيسر الوصول اليه .
وعلى ذلك يضمن الحيوان بذبحه اذا كان مما لا يؤكل اما اذا كان مما يؤكل ورضي المالك بأخذ لحمه كان له ضمان النقصان والا كان له قيمة الحيوان لذهاب اهم الاغراض التي تطلب منه حال حياته .
3. وقد يكون الاتلاف بالمباشرة او بالتسبب على ما تقدم في المادة (257) وما بعدها .
4. ويشترط لضمان الاتلاف ان يكون المال المتلف مملوكا لغير المتلف او مملوكا للمتلف ولكن تعلق به حق الغير . فلو اتلف صاحب المال ماله الذي لا يتعلق به حق لغيره لا يلزمه شيء قضاء .
اما ان كان المال المتلف مملوكا للغير فانه يضمنه ولو ظن انه ماله .
وكذا اذا تعلق به حق الغير فالراهن اذا اتلف الرهن عند المرتهن او انقص من قيمته لزمه ضمان الرهن او نقصه ليكون رهنا محل ما فقد حتى لا يضار المرتهن بنقص ما ارتهنه وثيقة لدينه . وعلى هذا اوجب الحنابلة ضمان الاضحية اذا اتلفها صاحبها وذلك لما في تلفها من الاضرار بحق الفقراء (ابن رجب ، القواعد ص 312) .
5. ويستوي ان يعرف انه مال غيره او يظن انه ماله وهو في الحقيقة ليس ماله .
كما يستوي ان يكون المال في يده او في يد امينه لو اتلفه في يد الغاصب فيلتزم الضمان على المتلف والغاصب معا (م 910 من المجلة) .
كما يستوي من حيث الضمان المالي ان يكون المتلف مميزا او غير مميز لان غير المميز يؤاخذ بافعاله في ماله .
ويشترط ان يكون الاتلاف بغير اذن المالك فان كان اتلاف المال باذن صاحبه فلا ضمان . وهذا الاذن قد يكون صراحة وقد يكون دلالة (م881 من المجلة) .
6. والضمان يكون بالمثل في المثليات والقيمة في القيمات . هذا ان كان الاتلاف كليا اما ان كان جزئيا فيلزم المتلف بمثل ما اتلف او قيمته ويقدر الضمان في الحالة الاخيرة بالفرق بين قيمة المال قبل حدوث الضرر وقيمته بعد حدوثه ، والفرق بينهما هو ما يلزم به المتلف .
فاذا لم يوجد فرق بين القيمتين كان الضرر غير معتبر ، وكذلك اذا كان الفرق تافها لا يأبه له الناس عادة او جرت عادة الناس بالتسامح فيه .
7. هذا وقد يكون من اثر التغيير في المال زوال منافعه او بعضها وحدوث منافع اخرى ترفع من قيمته وقد تزيد قيمته بسبب ذلك عما كان له من قيمة قبل التغيير ، فمثل هذا لا يعد ضررا عادة ولا يترتب عليه الزام بتعويض اذ التعويض منوط دائما باحداث الضرر المؤدي الى نقص القيمة وتراجع المواد (912 - 921) من المجلة وشرحها لعلي حيدر .
وتقابل المواد من (186 - 191) من القانون العراقي .
لو احدث شخص في مال غيره نقصانا من حيث القيمة ، فانه يضمن ذلك النقصان .
والمقصود بالنقصان هنا نقصان القيمة ولو لم يكن هناك نقصان حسي فلو حفر احد في عرصة اخر حفرة يكون ضامنا اذا كان الحفر موجبا للاضرار بالعرصة ونقصان قيمتها ويكون غير ملزم بشيء اذا لم يكن موجبا للاضرار بها .
واذا كان النقصان يسيرا فيلزم المتلف بقيمة النقصان . اما اذا كان النقصان فاحشا فان لصاحب المال ترك ذلك المال للمتلف وتضمينه كل قيمته .
وطريق معرفة النقصان وهو تقويم المال الذي حدث فيه الفعل الضار قبل حدوثه وتقويمه بعد حدوثه وما يوجد من فرق بين القيمتين يلزم به من احدث الفعل فاذا لم يوجد فرق بين القيمتين كان الضرر غير معتبر ، وكذلك اذا كان الفرق تافها لا بأبه له الناس عادة او جرت عادة الناس بالتسامح فيه .
تراجع المواد (900 و 917 و 918 و 920) من المجلة وشرحها لعلي حيدر .
وتقابل المادة (188) عراقي .
?اعتمد في المادة المذكورة على المادة (914) من المجلة وشرحها لعلي حيدر ، وتراجع المذكرة الايضاحية الخاصة بالمادة ( 275) من هذا المشروع وهي تقابل المادة ( 190) من القانون العراقي .
اعتمد في هذه المادة على المادة ( 916) من المجلة وشرحها لعلي حيدر .
وهي تقابل المادة (191) من القانون العراقي .
1. اختلف في حد الغضب بين الفقهاء المسلين .
فقال ابو حنيفة وابو يوسف رضي الله عنهما : هو ازالة يد المالك عن ماله المتقوم على سبيل المجاهرة والمغالبة بفعل في المال .
وقال محمد رحمه الله الفعل في المال ليس بشرط لكونه غصبا .
وقال الشافعي رحمه الله هو اثبات اليد على مال الغير بغير اذنه والازالة ليست بشرط ( الكاساني 7: 143).
وقد عرفته المجلة في المادة (881) بانه ( اخذ مال احد وضبطه بدون اذنه ).
اما القانون المدني العراقي فلم يورد تعريفا له رغم ايراده احكامه . فقد رؤي في المشروع انتهاج مسلك القانون المدني العراقي بعدم ايراد تعريف له في التقنين اذ مهمة التقنين الاساسية ايراد الاحكام اما التعريفات فمجالها الفقه .
2. والغاصب يلتزم برد المغصوب الى صاحبه في المكان الذي حصل فيه الغصب فان صادف صاحب المال الغاصب في مكان اخر ومعه المغصوب فهو بالخيار : ان شاء استرده حيث وجده ، وان شاء طلب رده الى مكان الغصب على نفقة الغاصب ( تراجع م 890 من المجلة ) ورد عين المغصوب ما دام قائما هو الواجب ابتداء بحيث لو اتى الغاصب بالقيمة او بالمثل والمغصوب قائم لم يقبل ذلك منه الا اذا رضي مالكه وعندئذ يكون هذا من قبيل المعاوضة التي تعتمد على الرضا بين طرفيها .
3. وان هلك المغصوب او استهلكه الغاصب او عجز عن رده ( كأن كان طيرا فطار ) فعليه مثله او قيمته. وقد اختار المشروع الاخذ براي ابي يوسف من ان يكون ضمان المغصوب قيمته يوم الغصب لا يوم الاختصام كما يرى الامام ابو حنيفة ولا يوم الانقطاع كما يرى محمد رحمه الله .
4. وكالمغصوب في ذلك زوائده الحاصلة حال الغضب كلبن الحيوان وثمر البستان وعسل النحل فعلى الغاصب ردها ان كانت قائمة ومثلها او قيمتها ان لم تكن قائمة .
وكذلك المنافع باعتبارها اموالا وهو ما اخذ به المشروع في المادة (54) منه وهو مذهب الامام الشافعي رحمة الله والحنابلة .
5. وهذا النص بعمومه يشمل المنقول والعقار اذ العقار يقبل الغصب كما يقبله المنقول ومع هذا العموم لم ير حاجة الى ايراد نص كنصوص المواد من ( 905 الى 909) من المجلة ونص المادة (197) من القانون المدني العراقي التي تقضي بان ( المغصوب ان كان عقارا يلزم الغاصب رده الى صاحبة مع اجر مثله واذا تلف او طرأ على قيمته نقص ولو بدون تعد من الغاصب لزمه الضمان ) وعلى ذلك فيطبق على العقار الحكم العام في الغصب .
6. كما انه يشمل بعمومه حالة الهلاك والتلف والاستهلاك والاتلاف والعجز عن الرد بأي سبب وكذا التغيير سواء كان تغيرا حسيا او تغيرا في القيمة نتيجة تغيير الاسعار او الاستعمال ، وسواء في ذلك كله الجزئي والكلي - وكذا التعييب تعييبا يذهب بمنفعته التي تطلب منه عادة . فلكل ذلك يخضع للحكم العام وهو وجوب رد عين المغصوب ان كان قائما ومثله او قيمته ان لم يكن قائما وفي حالة الهلاك او الاستهلاك الحزئي يرد القائم من المغصوب عينا ومثل او قيمة ما فات منه الا اذا كان النقصان فاحشا فعلى الغاصب ان يرد مثله او قيمته كله ويأخذ المغصوب لذلك لم ير حاجة الى ايراد نصوص المواد المشار اليها ادناه من المجلة والقانون المدني العراقي ( تراجع المواد 890-909 من المجلة وشرحها لعلي حيدر ).
وهي تقابل المواد من ( 192- 197) من القانون العراقي .
اذا أتلف احد المال المغصوب الذي هو في يد الغاصب وليس في يد صحب المال او امينه ، فان المغصوب منه يكون مخيرا : ان شاء ضمن الغاصب قيمته يوم الغصب ان كان من القيميات ومثله ان كان من المثليات ، وللغاصب ان يرجع على المتلف استنادا الى انه قد صار مالكا للمغصوب . وان شاء ضمن المتلف قيمته يوم اتلافه ان كان من القيميات ومثله ان كان من المثليات وفي هذه الصورة لا يرجع المتلف على الغاصب ويكون استقرار الضمان على المتلف لان المتلف ضامن في كل حال نتيجة اتلافه . ( تراجع المادة 912 من المجلة وشرحها لعلي حيدر ).
وهي تقابل المادة ( 198) من القانون العراقي .
بعد ان عرض المشروع لحالة اتلاف المغصوب في يد الغاصب ، عالج في هذه المادة حالة تصرف الغاصب في الشيء المغصوب والزم الغاصب ومن تصرف له بالضمان فان ضمن الغاصب صار الغاصب بالضمان مالكا للمغصوب باثر مستند الى وقت الغصب فصادف تصرفه مالكا له فيصح . اما ان ضمن المتصرف اليه فلهذا ان يرجع على الغاصب ( من تصرف له ) ان كان له حق الرجوع وفقا لاحكام القانون فمثلا ان كان المتصرف اليه مشتريا كان له الرجوع بضمان الاستحقاق اما ان كان موهوبا هبة بلا عوض فليس له ذلك . (تراجع المادة 891 من المجلة وشرحها لعلي حيدر ).
وهي تقابل المادة (200) من القانون العراقي .
1. بعد ان عرض المشروع لحالة اتلاف المغصوب وحالة التصرف فيه تناول في هذه المادة حكم الغاصب من الغاصب . وتقضي بانه في حكم الغاصب وعلى ذلك يجب عليه رد عين المغصوب ان كان قائما ومثله او قيمته ان هلك او استهلك .
2. فان رد الغاصب الثاني المال المغصوب الى المغصوب منه الاصلي برىء هو والغاصب الاول ( المغصوب منه الثاني ) وان رده الى الغاصب الاول ( المغصوب منه الثاني ) برىء هو وحده وظل الغاصب الاول ( المغصوب منه الثاني ) ضامنا المال للمغصوب منه الاول .
3. وفي حالة الضمان ، بان هلك المغصوب او استهلك في يد الغاصب الثاني كان للمغصوب منه الاول ( المالك ) الحق في الرجوع على ايهما بكل الضمان فان رجع على الغاصب الاول كان لهذا ان يرجع على الغاصب الثاني ، وان رجع على الغاصب الثاني لم يكن لهذا ان يرجع على الاول . كما انه له ان يرجع على كل منهما بجزء من الضمان وفي هذه الحالة تنطبق القاعدة المتقدمة ايضا .
( تراجع المادتان 910- 911 من المجلة وشرحهما لعلي حيدر ).
وهي تقابل المادتين ( 198و 199) من القانون العراقي .
نص القانون المدني العراقي في مواضع كثيرة على استحقاق المغصوب منه للتعويض مع استرداد الشيء المغصوب .
( تراجع على سبيل المثال م 192و 194 و 195) .
وقد رؤي ترك الامر للمحكمة في جميع الاحوال . ان تقضي بالتعويض او لا تقضي به حالة استرداد المغصوب او عدم استرداده ، وهي التي تقدر مبلغ التعويض بحسب ما تقضي به ظروف كل قضية .
?نص في المادة ( 901) من المجلة والمادة (201) من القانون المدني العراقي على ما ياتي ( الحال الذي هو مساو للغصب في ازالة التصرف حكم الغصب . فالوديع ( في مجلة : كما ان المستودع) اذا انكر الوديعة في حكم الغاصب . وبعد الانكار اذا تلفت الوديعة في يده بلا تعد يكون ضامنا ).
والحكم انه اذا تعدى الامين ، كالمودع والمستعير ، او قصر في الحفظ او منعها عن صاحبها بدون حق او حجدها او مات مجهلا لها وهلكت ولو بدون تعد كان الامين ضامنا لها بالمثل ان كانت مثلية وبالقيمة ان كانت قيمته . وقد صاغ المشروع هذا الحكم الفقهي في هذه المادة .
( يراجع من المجلة في الوديعة م 768 و 777 وما بعدها وفي العارية م 813 وما بعدها ومن مرشد الحيران في الوديعة م 817 وما بعدها وفي العارية 777 وما بعدها والبغدادي مجمع الضمانات ص 86-88و 334) .
ان كانت العين المسروقة قائمة فلا يختلف اهل العلم في وجوب ردها الى مالكها . اما اذا كانت تالفة فقد اختلف :
فذهب البعض الى القول بان على السارق رد قيمتها او مثلها ان كانت مثلية قطع او لم يقطع موسرا او معسرا - وهذا قول الحسن والنخعي وحماد والبتي والليث والشافعي واسحاق وابي ثور وقال الثوري وابو حنيفة لا يجتمع الغرم والقطع ، وان غرمها قبل القطع سقط القطع ، وان قطع قبل الغرم سقط الغرم واحتج بما روي عن عبد الرحمن بن عوف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه قال : اذا اقيم الحد على السارق فلا غرم عليه . ولان التضمين يقتضي التمليك والملك يمنع القطع فلا يجمع بينهما.
ولمن قال بالضمان انها عين يجب ضمانها بالرد لو كانت باقية فيجب ضمانها اذا كانت تالفة كما لو لم يقطع ولا القطع والغرم حقان يجبان لمستحقين فجاز اجتماعهما كالجزاء والقيمة في الصيد الحرمي المملوك وحديثهم ليس بالقوي ويحتمل انه اراد ليس عليه اجرة القاطع وما ذكروه فهو بناء على اصولهم ولا نسلمها لهم .
( المغني ج10صفحة 279- 280).
وكذا في قطع الطريق ذلك انهم ان تابوا قبل القدرة عليهم سقطت عنهم حدود الله تعالى واخذوا بحقوق الادميين من الانفس والجراح والاموال الا ان يعفى لهم عنها . واذا اخذوا المال واقيمت فيهم حدود الله تعالى فان كانت الاموال موجودة ردت الى مالكها وان كانت تالفة او معدومة وجب ضمانها على اخذها وهذا مذهب الشافعي ومقتضى قول اصحاب الراي انها ان كانت تالفة لم يلزمهم غرامتها كقولهم في المسروق اذا قطع السارق ، ووجه المذهبين ما تقدم في السرقة ( المغني ج 10صفحة 319- 320 ).
( يراجع الهداية وشروحها كتاب السرقة وباب قطع الطريق ج5 صفحة 353 وما بعدها و 422 وما بعدها . والمهذب للشيرازي 2: 284).
وقد رؤي الاخذ في المشروع براي القائلين بوجوب رد العين او مثلها او قيمتها قطع او لم يقطع صدورا عن ان المسؤولية الجنائية لا تخل بالمسؤولية المدنية ولا المسؤولية المدنية بالمسؤولية الجنائية وهو ما قرره هذا المشروع في المادة (271) .
بين حكم الحالات المشار اليها في هذه المادة اعتمادا على ما جاء في الفصل الاول من بيان احكام الغصب والمواد ( 897-899) من المجلة وشرحها لعلي حيدر.
راجع المذكرة الايضاحية للمادة (284) من المشروع .
1. قرر القانون المدني المصري وتبعه في ذلك القانون المدني السوري والمشروع الاردني والقانون المدني العراقي مبدأ مسؤولية الشخص عن عمل غيره غير المشروع مسؤولية اصلية وعاجلة تحت عنوان ( المسؤولية عن عمل الغير ) ضمنه ثلاث مواد ( 173- 175 مصري و 174- 176 سوري ومشروع اردني و 218 - 220 عراقي ) مؤسسا هذه المسؤولية على خطا مفترض . في الرقابة والتوجيه يقبل اثبات العكس وذلك مع قيام مسؤولية منه الفعل الضار وفقا للاحكام العامة . وقد بدا ذلك في مسؤولية المكلف الرقابة عن فعل من هم في رقابته ( 173 مصري ) ومسؤولية المتبوع عن اعمال تابعه غير المشروعة : ( م 174مصري ) مع اعطاء المسؤول عن عمل الغير حق الرجوع على الغير بالتعويض في حدود بينها ( م 175 مصري ).
2. وهذا الذي ذهب اليه القانون المدني المصري وما تبعه من قوانين عربية يخالف المبدأ المقرر في الشريعة الاسلامية من انه لايسال انسان عن ضرر احدثه غيره بقوله تعالى ( ولاتزر وازرة وزراخرى ) وقوله ( لا يكلف الله نفسا الا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ) وقوله :( كل نفس بما كسبت رهينة) : اللهم الا اذ اكره شخص غيره اكراها يجعله كالالة في يد المكره وهو الاكراه الملجيء المعتبر شرعا فعندئذ يكون المكره ( بكسر لراء) مسؤولا لتنزيله حينئذ منزله المباشر والمباشر منزلة الالة .
الشريعة الاسلامية لا تقر مبدا افتراض الخطا سواء منه ما يقبل اثبات العكس وما لا يقبله .
وبناء على هذا :
- لايسأل الشخص المكلف بالرقابة عمن هم في رقابته على خلاف المقرر في القانون كما سبق .
- ولا يسأل المتبوع عن تابعه على خلاف المقرر في القانون كما سبق .
( يراجع علي الخفيف ، الضمان في الفقه الاسلامي 1: 57-60و 239- 240).
3. واذا كان القانون قد دفع لافتراض الخطأ : ليسد حاجة نظرية بتقريره مسؤولية المكلف بالرقابة بعد ان بني المسؤولية على خطا والخطا يفترض التمييز مما ينتج عنه انعدام مسؤولية عديم التمييز والحاجة ماسة الى تقرير مسؤولية شخص ما عن الفعل الضار والمكلف بالرقابة هو اقرب الناس الى موقع المسؤولية فوجد المخلص في تقرير مسؤوليته وفي افتراض خطئة في الرقابة والتوجيه . وليسد حاجة عملية بتقريره مسؤولية المكلف بالرقابة عمن هم في رقابته والمتبوع عن تابعه فانا لا نجد مثل هذه الحاجة النظرية في الفقه الاسلامي حيث تبني المسؤولية على الاضرار مما ينتج عنه مسؤولية مرتكب الفعل الضار ولو كان غير مميز ويمكن سد الحاجة العملية نتيجة املاق التابع او الموضوع تحت الرقابة مع عدم الخروج على المبدا الاصلي المقرر شرعا وهو الا يسأل شخص عن فعل غيره ولو في ماله وذلك باعطاء الحق للمحكمة اذا وجدت مبررا من الظروف ان تقضي بناء على طلب المضرور- بالزام المكلف بالرقابة او المتبوع بان يدفع ما حكم به على المسؤول اصلا على ان يكون له حق الرجوع عليه بما دفعه عنه وذلك رعاية لجانب المضرور .
ولذلك نظائر في الشرع .
- وقد يقضي القاضي بالنفقة لزوجة ويأمر غير الزوج بقضائها على ان يكون له الرجوع على الزوج ( قال في الاختيار : المعسرة اذا كان زوجها معسرا ولها ابن من غيره موسرا او اخ موسر فنفقتها على زوجها ويؤمر الابن او الاخ بالانفاق عليها ويرجع به على الزواج اذا ايسر ويحبس الابن او الاخ اذا امتنع الان هذا من المعروف )( ابن عابدين رد المحتار 2: 657).
- دية الخطا على العاقلة لا يعلم بين اهل العلم خلاف في ذلك ( والمعنى في ذلك ان جنايات الخطا تكثر ودية الادمي كثيرة فايجابها على الجاني في ماله يجحف به فاقتضت الحكمة ايجابها على العاقلة على سبيل المواساة للقاتل والاعانة له تخفيفا عنه ).
( ابن قدامة ، المغني 9: 496 وما بعدها ).
- ان جرائم الصغار والمجانين تتحمل العاقلة عبأها في جميع الاحوال لعدم توافر القصد الصحيح فيهم لقصور ارادتهم وعقلهم عند الحنفية والحنابلة والمالكية (علي الخفيف ،الضمان 2: 176).
4. وقد رؤي الافادة من نصوص القانون المدني المصري ( وما تبعه من قوانين مدنية عربية ) مع احداث التغيير الاساسي المتقدم .
5. وعلى ذلك يجب كي يجوز امر المكلف بالرقابة باداء التعويض الذي يحكم به على من هو في رقابته اذا ارتكب فعلا ضارا :
أ. ان تجب عليه هذه الرقابة قانونا او اتفاقا . اما وجوبها قانونا فالاصل ان احكام قانون الاحوال الشخصية تبين ذلك وهي تلقي عبء الرقابة على الاب او الام او الوصى على حسب الاحوال . واما وجوبها اتفاقا فكما هو الشأن في وضع مريض في مستشفى الامراض العقلية مثلا . فلا يكفي ان يتولى شخص بالفعل رقابة شخص اخر حتى يكون مسؤولا عنه بل يجب ان يكون هناك التزام قانوني او اتفاقي بتولي هذه الرقابة.
ب. ان يكون الشخص الموضوع في رقابة غيره في حاجة الى هذه الرقابة اما بسبب قصره او بسبب حالته العقلية كالمجنون او حالته الجسمية كالمقعد فلا تترتب هذه المسؤولية على الرقابة التي لا تقوم بسبب من هذه الاسباب كرقابة السجان على المسجونين .
وقد اورد القانون في ذلك تفصيلا فنص على انه ( يعتبر القاصر في حاجة الى الرقابة اذا لم يبلغ خمس عشرة سنة او بلغها وكان في كنف القائم على تربيته . وتنتقل الرقابة على القاصر الى معلمه في المدرسة او المشرف على الحرفة ، ما دام القاصر تحت اشراف المعلم او المشرف ، وتنتقل الرقابة على الزوجة القاصر الى زوجها او الى من يتولى الرقابة على الزوج ) وقد رؤي عدم ايراد مثل هذا النص لان هذه الحالات وردت على سبيل المثال لا الحصر فهي ومثلها تدخل في هذا الحكم .
ج. الا يثبت المكلف بالرقابة انه قام بواجب الرقابة او ان الضرر كان لا بد واقعا ولو قام بهذا الواجب بما ينبغي من العناية .
6. كما يجب لجواز الزام المتبوع باداء التعويض الذي يحكم به على التابع :
أ. قيام علاقة التبعية - وتقوم رابطة التبعية ولو لم يكن المتبوع حرا في اختيار تابعة متى كانت له عليه سلطة فعلية في رقابته وتوجيهه فعلاقة التبعية تقوم على عنصرين :
عنصر السلطة الفعلية وعنصر التوجيه والرقابة .
ب. وقوع الاضرار من التابع للغير في حالة تأدية وظيفته او بسببها .
( تراجع المادة 916من المجلة وشرحها لعلي حيدر ).
وهي تقابل المواد (173-175 ) مصري و (174- 176) سوري ومشروع اردني و ( 191و 218- 220) عراقي .
1. تتناول هذه المادة المسؤولية عن فعل الحيوان وما ينشأ عنه من ضرر .
والقانون المدني المصري ، ومن بعده القانون المدني السوري والمشروع الاردني قرر مبدأ المسؤولية عن فعل الحيوان واقامها على اساس فكرة الحراسة لا الملك فجعل حارس الحيوان مسؤولا عما يحدثه الحيوان من ضرر . ويلاحظ ان مالك الحيوان تظل له الحراسة القانونية ولو لم يكن الحيوان تحت يده ماديا كما في حالة ما اذا تسرب الحيوان او ضل .
وبناء على ذلك يكون مسؤولا عما يحدثه هذا الحيوان من ضرر ( للرافض ) الذي استخدمه للعناية به ( وقد عني التقنين اللبناني بالنص على هذا الحكم صراحة اذ قضى قي الفقرة الثانية من المادة ( 129) بان تلك المسؤولية تترتب ولو كان الحارس المضرور قد ارتبط من قبل بعقد من العقود ، كاجارة لاشخاص مثلا ، ما لم ينص على خلاف ذلك .
وقد اختار القانون المصري وما اخذ عنه من قوانين عربية ، صراحة فكرة الخطا المفترض وجعل منها اساسا لمسؤولية حارس الحيوان .
وقد وقفت التقنينات الاجنبية من فكرة افتراض الخطا هذه مواقف مختلفة فيما يتعلق بقوة القرينة التي عليها من حيث جواز سقوطها او عدم سقوطها باثبات العكس . فبعض هذه التقنينات يبيح لحارس الحيوان الاكتفاء باقامة الدليل على انه التزم الحيطة الواجبة لمنعه من الاضرار او لرقابته م 94/86 من التقنين التونسي والمراكشي ، و 56 من تقنين الالتزامات السويسري و (م834 من التقنين الالماني ) وبعضها لا يبيح الا اثبات السبب الاجنبي ( م 81 من المشروع الفرنسي الايطالي و م 129 من التقنين اللبناني ).
ويتوسط التقنين البولوني هذين الرأيين فيكتفي من حارس الحيوان باقامة الدليل على ان خطا ما لم يقع منه ، او من احد ممن يسأل عنهم ( م 148) ومع ذلك فهو يجيز للمحكمة رغم قيام هذا الدليل ان تلزم مالك الحيوان او مستخدمه بتعويض كل الضرر او بعضه اذا اقتضت العدالة ذلك مع مراعاة الظروف ويسار المضرور ومالك الحيوان او مستخدمه بوجه خاص ( م 149 في فقرتها الاخيرة) ولم يبح القانون المصري الا اثبات السبب الاجنبي ، اقتداء بما جرى عليه القضاء المصري في هذا الشأن .
وفي الاعمال التمهيدية للقانون المدني المصري اعترضت لجنة القانون المدني بمجلس الشيوخ على عبارة ( حارس الحيوان ) ورات العدول عن هذا التعبير الى التعبير المألوف وهو مالك الحيوان اذ التعبير بحارس الحيوان تعبير غير محدود وقد يوقع في الخطا واللبس واقترحت ان يكون النص " مالك الحيوان او مستخدمه ... " ثم انتهت الى استعمال عبارة ( حارس الحيوان ولو لم يكن مالكا له ).
والمقصود بالحراسة السيطرة الفعلية على الحيوان وهو ما يطلق عليه بالفرنسية (gaude) لا الحراسة بالمعنى القانوني المتبادر الى الذهن.
2. وفي الفقه الاسلامي الاصل ان فعل الحيوان وما ينشأ عنه من ضرر ان يكون هدرا ، اي لا يستتبع مساءلة ذلك لانه لا ذمة له ولا ادراك .
والسند في ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه ابو هريرة :( العجماء جرحها جبار ) رواه مسلم . والجبار الهدر العجماء الدابة وفي بعض الروايات ( السائمة جبار والسائمة هي الدابة المرسلة في رعيها . والعجماء فيما ذكره بعض العلماء الدابة المنفلتة التي لا يكون معها احد حيث يكون الانفلات عادة ).
وقد اختلف الفقهاء في ضمان فعلها وعدم ضمانه وجملة القول ان الاختلاف بينهم نتيجة لاختلاف الانظار في ثبوت التقصير فمن راى ان ما حدث منها كان نتيجة تقصير ذهب الى التضمين ومن راى انه ليس نتيجة تقصير ذهب الى عدم التضمين .
( يراجع الشوكاني ، نيل الاوطار 5: 276 . والنووي علي مسلم 11: 325 والكاساني ، البدائع 7: 273).
3. وفي حالة المسئولية عن فعل الحيوان فالمسئول هو ذو اليد عليه مالكا كان او مستعيرا او مستأجرا او غاضبا فقد ذكروا انه اذا كانت البهيمة في يد الراعي فاتلفت زرعا وهي في يده ضمن هو دون المالك فالضمان لا يتعلق برقبتها بل بما ذي اليد عليها .
( يراجع جامع الفصولين 2: 86 والشرح الكبير 5: 455 والنووي شرح مسلم 1: 325 والشرقاوي على التحرير 2: 459 ).
واذا تعدد واضعوا اليد على الحيوان كراكب ورديف او راكب وسائق فالضمان عليهم متى كانوا مستوين في ذلك لان كل واحد يضمن عند انفراده فاذا كان معه غيره ضمن معه ( الكاساني 7: 280).
روى ابو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله ( العجماء جبار ) وقد فسره بقوله ( اتلاف البهيمة هدار ضمان على صاحبها ).
4. فالحيوان اذا اتلف شيئا او تسبب بخسارة وضرر لاحد الناس فليس على صاحبه شيء من الضمان مالم ينشأ ذلك عن تعد منه او تقصير مثال ذلك :
-لو ربط شخصا فرسيهما في مكان معد لذلك فاتلف فرس احدهما فرس الاخر فليس من ضمان على صاحب الحيوان المتلف ( يراجع المادة 929 من المجلة ).
- كذلك لا يترتب على صاحب الهرة ضمان فيما لو اتلفت طيرا لانسان .
- وان نطحت جاموسة انسان انسانا فقتلته فلا ضمان على صاحبها .
- واذا رفس حيوان انسان حيوانا لاخر وتلف فلا ضمان كذلك على صاحب الحيوان المتلف . وذلك ما لم ينشأ عن تعد من صاحب الحيوان او تقصير لانه اذا اتلف الحيوان شيئا وكان ذلك عن تعد من صاحبه او تقصير يكون بما اتلف الحيوان ضامنا -مثال ذلك :
- لو اطلق شخص حيوانه في مزروعات اخر يكون ضامنا بما يتلف الحيوان .
- ولو راى انسان حيوانه وهو في مزروعات اخر ولم يمنعه فيكون ضامنا بكل ما يحدثه الحيوان من الاضرار لانه يكون متعديا في الحال الاولى ومقصرا في الحال الثانية (م929 من المجلة ).
- ولو ترك انسان حيوانه مطلقا في الطريق العام وهو مما لا يطلق في الشوراع فاتلف مالا او قتل انسانا فتلزمه دية القتيل او قيمة المال المتلف .
وقد ورد في المادة (929) من المجلة ان صاحب الثور النطوح والكلب العقور يكون ضامنا بما اتلفه فيما اذا تقدم اليه احد من اهل محلته او قريته بقوله ( حافظ على حيوانك ولم يحافظ عليه ) .
ويراجع ايضا المهذب للشيرازي (2: 226).
وتبصرة الحكام مطبوعة مع فتح العلي المالك ، طبعة الحلبي سنة 958، ( 2: 177- 178) .
وقد نص في المادة(94) من المجلة ان ( جناية العجماء جبار) .
فصاحب الدابة لا يسأل عن فعلها الا اذا استطاع منعها ولم يمنعها فحينئذ يضمنه وضربت المجلة امثلة لذلك في المواد من ( 929 - 940) كما ان القانون العراقي اورد بعض التطبيقات في المواد (221- 226).
وقد رؤي الاكتفاء في المشروع بهذا النص وعدم الانسياق وراء المجلة والقانون المدني العراقي في ايراد بعض التطبيقات . ويلاحظ ان كل ما اوردته المجلة والقانون المدني العراقي من تطبيقات تندرج تحت عموم لفظ المادة التي اوردها المشروع .
ذلك ان الضمان - اذا تقرر في هذه التطبيقات التشريعية - فانما يرجع اما الى تقصير صاحب الحيوان واما الى تعديه ، وان عدم الضمان - اذا تقرر فيها - فانما يرجع الى عدم التقصير وعدم التعدي من صاحبه.
والمادة تقابل المواد ( 176) مصري و ( 177) سوري ومشروع اردني .
تتناول هذه المادة المسئولية عن انهدام البناء كلا او بعضا وما قد يترتب على ذلك من ضرر للغير .
1. اما القانون المدني المصري فقد قرر المسئولية في هذا المجال واسسها على الخطا المفروض والقى عبئها على حارس البناء دون مالكه على خلاف ما اختار التقنين الفرنسي فتظل مسئولية الحارس قائمة ما لم يثبت ان تداعي البناء لا يرجع الى اهمال في صيانته او عيب في انشأنه . اما التقنين الفرنسي فيلزم الضرور على النقيض من ذلك باقامة الدليل على اهمال الصيانة او القدم او العيب في انشاء البناء ، فاذا تم له تحصيل هذا الدليل ، اصبح مفروضا ان تداعي البناء يرجع الى احد هذه الاسباب ويكون اذن ناشئا عن خطا المالك .
وقد احتذى القانون المصري مثال بعض التقنييات الاجنبية فقرر بين احكام المسئولية عن البناء قاعدة خاصة بشأن ما يتخذ من التدابير الوقائية التي لا تنطوي على معنى التعويض . ويكفي لاعمال هذه القاعدة ان يتحقق معنى التهديد بوقوع الضرر من جراء البناء دون ان يقع فعلا ، فلمن يتهدده هذا الضرر ان يكلف المالك دون الحارس باتخاذ ما يلزم من التدابير لدرء الخطر ، فاذا لم يستجيب مالك البناء لهذا التكليف جاز للمحكمة ان تأذن لمن يتهدده الضرر باتخاذ هذه التدابير على حساب المالك ( انظر في هذا المعنى (م 98/90) من التقنين التونسي والمراضي و( م59) من تقنين الالتزامات السويسري ).
واثناء مراجعته في لجنة القانون المدني بمجلس الشيوخ رات اللجنة ان تعبر عن حارس البناء بـ( مالك البناء) فعا للبس الناشيء عن معنى الحارس المتعارف عليه ان تضاف الى لفظ المالك عبارة ( والمتحدث عنه ) حتى تنصرف تلك العبارة الى الاشخاص الذين لا يكونون ملاكا للبناء ومع ذلك يكونون مسئولين عنه بصفاتهم ثم رات ابقاء عبارة ( حارس البناء ) واضافه عبارة ( ولو لم يكن مالكا له ) بعدها منعا للبس وذلك كما حصل في المادة ( 176) مصري .
هذا وقد نص في القانون المدني العراقي في المادة(230) منه ان ( كل من يقيم في مسكن يكون مسئولا عما يحدث من ضرر بسبب ما يلقى او يسقط من هذا المسكن مالم يثبت انه اتخذ الحيطة الكفية لمنع وقوع الضرر ) وقد اثر المشروع عدم ايراد مثل هذا النص وترك واقعته العامة . وقد كان مثل هذا النص في المشروع التمهيدي للقانون المدني المصري ورات لجنة القانون المدني في مجلس الشيوخ حذفه لتظل المسئولية في نطاق ما يقضي به النص خاضعة للقواعد العامة .
( تراجع مجموعة الاعمال التحضيرية للقانون المدني المصري ج2 هامش ص 429 - 430) .
3. اما في الفقه الاسلامي فقد اورد ابن قدامة في المغني (9: 571- 576). انه اذا بنى في ملكه حائطا مائلا الى الطريق او الى ملك غيره فتلف به شيء وسقط شيء فاتلفه ضمنه لانه متعد بذلك .
وهذا مذهب الشافعي ولا اعلم فيه خلافا . وان بناه في ملكه مستويا او مائلا الى ملكه فسقط من غير استهدام ولا ميل فلا ضمان على صاحبه فيما تلف به لانه لم يتعد ببنائه ولا حصل فيه تفريط بابقائه وان مال قبل وقوعه الى ملكه ولم يتجاوزه فلا ضمان عليه لانه بمنزلة بنائه مائلا في ملكه وان مال قبل وقوعه الى هواء الطريق او الى ملك انسان او ملك مشترك بينه وبين غيره نظريا : فان لم يمكنه نقضه فلا ضمان عليه لانه لم يتعد ببنائه ولا فرط في ترك نقضه لعجزه عنه فأشبه ما لو سقط من غير ميل . فان امكنه نقضه فلم ينقضه لم يخل من حالين : احدهما - ان يطالب بنقضه - والثاني ان لا يطالب به فان لم يطالب به لم يضمن في النصوص عن احمد وهو ظاهر كلام الشافعي .. وذكر بعض اصحابنا فيه وجها آخر ان عليه الضمان وهو قول ابن ابي ليلى وابي ثور واسحاق لانه متعد بتركه مائلا فضمن ما تلف به . واما ان طولب بنقضه فلم يفعل ... قال اصحابنا يضمن وقد اوما اليه احمد وهو مذهب مالك وقال ابو حنيفة الاستحسان ان يضمن ... وفيه وجه آخر : لا ضمان عليه قال ابو حنيفة وهو القياس ... واذا اخرج الى الطريق النافذ جناحا او ساباطا فسقط او شيء منه على فاتلفه فعلى المخرج ضمانه .. وان اخرج ميزابا الى الطريق فسقط على انسان او شيء فاتلفه ضمنه وبهذا قال ابو حنيفة ..( فالذي يؤخذ من جملة ذلك ان الضرر الذي يحدثه للغير انهدام البناء كله او بعضه مضمون في حالة التعدي او التقصير وغير مضمون عند انعدام التعدي او التقصير .
( يراجع في ضمان ما تلف بسقوط البناء، السرخسي ، المبسوط 27: 9-13 والمرغيناني ، الهداية وشروحها 4: 444 والزيلعي 6: 147 والدر المختار ورد المحتار 5: 589 - 591 زكريا الانصاري ، التحرير 2: 460 وابن قدامة المغني 9/ 571- 576 وكشاف القناع 2: 369).
4. وقد رؤي في المشروع تقرير الضمان الا اذا ثبت عدم التعدي او التقصير وبعبارة اخرى اذا كان الضرر بسبب لا يمكن التحرز منه استنادا الى النص السالف البيان . كما رؤي صياغة الحكم الوارد في الفقرة الاولى على النحو الذي ورد عليه كي يتم النسق في الصياغة في الفصل كله .
5. والمسئول عن الضمان في هذه الحالة هو مالك البناء وناظر الوقف ان كان البناء وقفا وولي اليتيم والقيم على غير كامل الاهلية ان كان البناء له دون المستأجر والمستعير لعدم ولاية هذين في النقص والازالة .
( يراجع علي الخفيف ، الضمان في الفقه الاسلامي 1: 354) . وتراجع ايضا المادة (928) من المجلة وشرحها لعلي حيدر .
وهي تقابل المواد (177) مصري و( 178) سوري ومشروع اردني و( 229) عراقي .
1. تتناول هذه المادة المسئولية عن الجمادات ( غير البناء ) . ويلاحظ ان الالة والاشياء المنوه عنها في المادة تختلف عن الحيوان اذ الحيوان يتحرك بغير ارادة صاحبة او المسيطر عليه فكان ما يحدث عنه من الضرر من قبيل التسبب بالنظر الى صاحبه او صاحب السيطرة عليه- ولهذا وجب ان يكون الضرر الناشيء عن فعل الحيوان نتيجة تقصير وتعد كي يسأل عنه صاحبه . اما الالة فليس لها من حركة الا بتحريك صاحبها فكان ما يحدث عنها من الضرر من قبيل الضرر المباشر والمباشرة لا يشترط فيها التعدي .
( ويراجع علي الخفيف ، الضمان في الفقه الاسلامي 1: 241).
واستنادا الى ان ما يحدث من هذه الاشياء والالات من ضرر يضاف الى من هي تحت تصرفه فضلا عن قاعدة ( الغرم بالغنم ) ونحوها- صيغت هذه المادة ، دون الالتجاء الى فكرة الخطا المفروض التي بنى عليها القانون المدني المصري والسوري والمشروع والمسئولية في هذه الحالة .
( تراجع مجموعة الاعمال التحضيرية للقانون المدني المصري ، المادة ( 178) من القانون ج 2 ص 434- 438).
وهذا الاساس يجعل الحكم مقصورا على الاشياء التي تحتاج الى عناية خاصة والاشياء الميكانيكية .اما غيرها فسهل على المسيطرين عليها الوقاية من ضررها والا كانوا متسببين في الحاق الضرر بانفسهم .
3. والتعبير بـ ( كل من كان تحت تصرفه اشياء .. ) قصد به من له السيطرة الفعلية على الشيء وهو ما يعبر عنه بالفرنسية بكلمة ( ) سواء اكان مالكا ام غير مالك كمستأجر للالات مثلا . وقد عبر القانون المدني المصري والسوري والمشروع الاردني عن هذا المعنى بعبارة ( كل من تولى حراسة اشياء ..) قاصدا بالحراسة نفس المعنى وهو السيطرة الفعلية على الشيء واستعمل المشرع العراقي للتعبير عن نفس المعنى عبارة ( كل من كان تحت تصرفه ...) وقد اثر المشروع استعمال عبارة القانون المدني العراقي وعدم استعمال عبارة المدني المصري والسوري والمشروع الاردني توقيا لما تثيره هذه من لبس .
( تراجع مجموعة الاعمال التحضرية للقانون المصري ج2 ص 426و 433- 434).
3. ورؤي ان ينص بصراحة على استثناء مالا يمكن التحرز عنه تطبيقا للقاعدة الشرعية انه لا تكليف الا بمقدور .
4. ورؤي النص على عدم الاخلال بما يرد في ذلك من احكام خاصة قطعا ببقاء ما يكون موجودا فعلا من هذه الاحكام الخاصة واشارة الى احتمال وجود احكام خاصة مخالفة في المستقبل .
( تراجع المادتان ( 87 و 88) من المجلة وشرحهما لعلي حيدر ) .
وهي تقابل المواد ( 178) مصري و( 179) سوري ومشروع اردني و( 231) عراقي .
لكل واحد حق استعمال الطريق العام . ولكن ذلك مقيد بشرط سلامة الغير وبعبارة اخرى بشرط عدم الاضرار بالغير . فاذا اضر في استعماله الطريق العام الغير ضررا يمكن التحرز عنه كان ضامنا . فمن مر في الطريق العام او جلس فيه واضر بغيره ضمن .
وقد نص على ذلك في المجلة في المواد من 926 الى 928 وفي القانون المدني العراقي في المادتين (227و 228) وضربا لذلك امثلة منها :
- لو سقط عن ظهر الحمال حمل ( والفرض انه في الطريق العام ) واتلف مال احد يكون الحمال ضامنا ( م 926 مجلة و 227 - 2 عراقي ).
- اذا احرقت ثياب احد كان مارا في الطريق الشرارة التي طارت من دكان الحداد حين ضربه الحديد فيضمن الحداد ثياب ذلك المار (م 926 مجلة و 227- 2 عراقي ) وقد صرحت بانه اذا كان يمكن التحرز عن ذلك .
- لو وضع احد على الطريق العام الحجارة وادوات العمارة ، وعثر بها حيوان اخر وتلف يضمن ( مادة 927 مجلة و 228 - 1 عراقي ) .
- لو صب احد على الطريق العام شيئا يزلق به كالدهن وزلق به حيوان وتلف يضمن ( م 927 مجلة و 228 - 2 عراقي ).
- لكل احد حق المرور في الطريق العام مع حيوانه بناء عليه : لا يضمن المار راكبا على حيوانه في الطريق العام الضرر والخسار اللذين لا يمكن التحرز عنهما مثلا . لو انتشر من رجل الدابة غبار او طين ولوث ثياب الاخر او رفست برجلها المؤخرة ولطمت بذيلها واضرت لا يلزم الضمان ولكن يضمن الراكب الضرر والخسار الذي وقع في مصادمتهما او لطمت ادها او راسها لامكان التحرز من ذلك ( م 932 من المجلة و 224 عراقي ).
- من سيب دابة في الطريق العام يضمن الضرر الذي احدثته ( م 935 مجلة و 225 - 2 عراقي ).
وعلى ذلك فما يقوم به الانسان من افعال :
- منه ما هو حق فمن حقوقه التي خولها له الشارع ويلحق بذلك ما هو رخصة اباحها الشارع له .
ومنه ما هو امر محظور حظره الشارع عليه .
فان كان امرا محظورا كان مسئولا عما يترتب عليه من ضرر يصيب غيره ،سواء اصدر عن قصد وادراك ام عن غير قصد .
- وان كان امرا جائزا له مباشرته فترتب عليه ضرر بغيره وكان من قبيل الرخص كان كذلك مسئولا عن ذلك الضرر لان الشارع الاسلامي قد اشترط في مزاولة هذا النوع السلامة وعدم الضرر . فالسير في الطريق رخصة اباحها الشارع على الا يكون سببا في ضرر الغير لان الرخص عامة مشتركة وذلك يقتضي الحذر والحرص في مزاولتها ، حتى لا يضار انسان بسبب انتفاع غيره ، وهما في الانتفاع بها سواء ، وما جعلت رخصا الا على اساس الانتفاع بها انتفاعا مشتركا سليما من الاذى والضرر ولذا كان الضرر في هذه الحال مستوجبا للتعويض الا اذا كان حادثا من فعل لم يتجاوز فاعله فيه حد الامر المعروف المألوف الذي ليس فيه تقصير لان حدوثه عندئذ يكون قضاء قدرا لا تعويض فيه .
اما اذا لم يكن من قبيل الرخص بل كان حقا له فان عليه حينئذ ليظل حقا له ان يلتزم حدوده المرسومة له شرعا عند صدوره . واذا تجاوزها كان هذا خروجا عنه وكان فعلها اعتداء ، وكان ما يترتب عليه عندئذ من ضرر مسئولا عنه ولم يكن هذا من قبيل التعسف في استعمال الحق بل يكون خروجا عن الحق وتجاوزا له واعتداء .
والمراد بالرخصة هنا او الحق العام ما كان امرا مباحا مشتركا لا يختص به انسان بعينه كالسير في الطريق وفتح النوافذ عليه والتقاضي واجتياز القناطر وما الى ذلك .
والمراد بالحق ما خص به صاحبه فكان له وحده كالتصرف في ماله بكل انواع التصرفات قولية او فعلية والانتفاع به نحو ذلك .
وقد صيغ الحكم الفقهي على ما هو مدون في هذه المادة .
الفصل الرابع
الفعل النافع
الفرع الاول
الكسب بلا سببنظرة عامة :
1. نص في المادة (179) من القانون المدني المصري (180) سوري ومشروع اردني و(243) عراقي على ان " كل شخص ولو غير مميز يثري دون سبب مشروع على حساب شخص اخر يلتزم في حدود ما اثرى به بتعويض هذا الشخص عما لحقه من خسارة ، ويبقى هذا الالتزام قائما ولو زال الاثراء فيما بعد " وهذا ما يسمى في القانون " الاثراء على حساب الغير او " الاثراء بلا سبب " وقد قرر المشروع المصري والسوري والمشروع الاردني هذه القاعدة في النص سالف البيان ... ويشترط لتطبيقها شروط ثلاثة :
1. اثراء المدين او اغتناؤه ولا يكون ذلك الا بدخول قثيمة ما يثري به في ذمته المالية ولا يشترط في المثري توافر اهلية ما ، فيجوز ان يلتزم غير المميز بمقتضى الاثراء .
2. ان يقابل هذا الاثراء افتقار الدائن بسبب انتقال عين او قيمة اداها ( قارن المادة (140) من التقنين اللبناني وهي تضيف الى ذلك " او بسبب خدمة اداها " والاثراء في احكام هذا التقنين قد يكون مباشرا او غير مباشر ماليا او معنويا .
3. الا يكون للاثراء الحادث والافتقار المترتب عليه سبب قانوني يبررها فلا يجوز للواهب مثلا ان يرجع على الموهوب له بدعوى الاثراء بلا سبب ، لان بين العاقدين تصرفا قانونيا ، وهو عقد التبرع يبرر افتقار احدهما واثراء الاخر .
ولم يشترط القانون المصري ان يظل الاثراء قائما الى وقت رفع الدعوى بل يكون الرد واجبا ولو زال الاثراء فيما بعد وهو ما يقضي به صراحة النص ، ولا يشترط كذلك الا يكون للدائن دعوى سوى دعوى الاثراء يستطيع ان يلجا اليها لاستيفاء حقه ، بل يجوز ان يباشر هذه الدعوى ولو هيا له القانون طريقا اخر .
والقانون في النص المتقدم الزم المثري بتعويض الدائن عما افتقر به ولكن بقدر ما اثرى. فهو يلتزم برد اقل القيمتين : قيمة ما اثرى به ، وقيمة ما افتقر به الدائن فاذا تصرف المثري بعوض فيما اثرى به فليس لمن افتقر حق الرجوع على من صدر له التصرف لان هذا الاخير قد اثرى به بمقتضى سبب قانوني هو التصرف نفسه اما اذا كان التصرف على النقيض من ذلك بغير مقابل فلاصل ام ينحصر حق الرجوع في المثري ما دام من صدر له التبرع قد اثرى بسبب قانوني هو عقد التبرع . بيد ان القانون قد اثبت للمفقتر حق الرجوع على من صدر له التبرع بمقدار ما اثرى ، مقدما بذلك " درء الضرر على جلب المنفعة " ويكون للمفقتر في هذا الفرض ان يرجع على المثري او على من صدر له التبرع ، وفقا لمصلحته في ذلك فاذا كان مبلغ ان ما اصابه من خسارة 1000 دينار وبلغت قيمة الاثراء بالنسبة للمثري 800 دينار وبالنسبة لمن صدر له التبرع 900 دينار فمن صلحة المفقتر ان يرجع على من صدر له التبرع .
2. وتهم الاشارة الى ان القانون المدني العراقي اخذ بمبدا نظرية الاثراء على حساب الغير اذ نص في المادة (243) على ما ياتي :
" كل شخص ولو غير مميز يحصل على كسب دون سبب مشروع على حساب شخص اخر يلتزم في حدود ما كسبه بتعويض من لحقه ضرر بسبب هذا الكسب ويبقى هذا الالتزام قائما ولو زال كسبه فيما بعد "
3. والقانون الانجليزي لا يعترف بالاثراء بلا سبب مصدرا للالتزام الا في حدود ضيقة . واوسع ما يعترف به في ذلك هو الالتزام الناشيء عن دفع غير المستحق بشرط ان يكون المال الذي يراد استرداده مبلغا من النقود وان يكون الغلط الذي وقع فيه الدافع غلطا في الواقع لا في القانون . اما مبدا الاثراء بلا سبب ذاته فلا يعترف به القانون الانجليزي الا في تطبيقات خاصة منها .
- اذا دفعت شركة التامين مبلغ الخسارة المؤمن عليها فلها ان ترجع على المؤمن له بالتعويض الذي اخذه من الغير عن هذه الخسارة.
- اذا استولى احد الشركاء في الشيوع على اكثر من نصيبه في غلة العين المشاعة التزم برد هذه الزيادة.
وكذلك الفضولي ليس له الحق في استرداد ما انفق من المصروفات الا في حالات محدودة منها حالة انقاذ سفينة من الغرق وحالة الدائن المرتهن فيما يتحمله من النفقة لحفظ العين المرهونة.
4. والمبدا في الفقه الاسلامي محل خلاف : فراي يذهب الى ان الاثراء بلا سبب ليس مصدرا عاما للاتزام في الفقه الاسلامي الا في حالات قليلة وراي يذهب الى (وجود او امكان وجود ) نظرية عامة للاثراء بلا سبب في الشريعة الاسلامية.
( يراجع : السنهوري ، مصادر الحق 1:55-59 والهامش 1 ص 43 منه ايضا والوسيط الطبعة الثانية : ص 1252 - 1253 . وخصوصا الهامش 2 ص 1253 ) .
وقد رؤي في المشروع عدم الحسم في المبدا على نطاقه المقرر في القانون وترك الامر في هذه المرحلة لاجتهاد الفقه والقضاء مع ايراد الاحكام المسلمة في الفقه الاسلامي.
5. ولعل في تطبيق فكرة " الاضرار " الذي يقوم عليه الضمان في الفعل الضار في الفقه الاسلامي ما يسد - الى حد ما - حاجة يسدها في القانون المصري والمسؤولية التقصيرية فيه تقوم على الخطا احكام نظرية عدم جواز " الاثراء على حساب الغير " ومن شروطه حصول " افتقار " وهو لا شك " ضرر ".
6. ويتناول المشروع مبدا لاخذ مال الغير بلا سبب ( م 293 - 295 ) وقبض غير المستحق ( م 296 - 300) والفضالة ( م 301 - 308 ) وقضاء دين الغير ( م 309 و 310 ) والتقادم ( م 311).
المذكرة الايضاحية :
1. القاعدة التي تقررها هذه المادة تستند الى الحديث الشريف لا يأخذن احدكم متاع اخيه جادا ولا لاعبا الحديث الاخر :( على اليد ما اخذت حتى تؤديه ) (الشوكاني ، نيل الاوطار 6: 40و 62).
وهذه القاعدة تضع اساس قاعدة الاثراء بلا سبب ، ذلك ان الاصل ان مال الشخص لا ينتقل الى شخص اخر الا في حالتين اثنتين : اتفاق الشخصين على ذلك ، او كان القانون هو الذي قضى بانتقال المال . فاذا انتقل المال في غير هاتين الحالتين وجبت اعادته الى صاحبه وهذه هي قاعدة الاثراء بلا سبب .
وهذه القاعدة قاعدة اصلية مستقلة قائمة بذاتها متفرعة عن غيرها فهي مصدر مستقل من مصادر الالتزام . وهي تتصل اتصالا مباشرا بقواعد العدالة .
( السنهوري ، والوسيط ، الطبعة الثانية ص 1266 - 1268).
2. ويشترط لتطبيق هذه القاعدة ان يأخذ شخص مال غيره والا يكون لذلك سبب شرعي لانه بالاسباب الشرعية كالبيع والهبة والميراث يحق اخذ مال الغير ، والحكم الواجب في هذه الحالة هو ان على الاخذ رد ما اخذ . فاذا لم يمكن الرد بان هلك او استهلك فتطبق القواعد العامة . ويراجع فيما سبق ما ذكر في النظرة العامة في اول هذا الفصل .
كما تراجع المواد ( 97 و 890و 891) من المجلة وشرحها لعلي حيدر وهذه المادة تقابل المواد ( 180) مصري و( 181) سوري ومشروع اردني و( 243) عراقي .
1. تتناول هذه المادة حالة ما اذا تملك شخص مالا لاخر دون صدور تصرف يكسبه هذا الملك ، سواء اكان هذا التصرف منهما معا او منه او من الغير بمقابل او تبرعا كحالة الالتصاق مثلا .
وقد رؤي من باب الاحتياط استثناء حالة ما اذا قضى القانون بغير ذلك . وظاهر ان الكسب بالميراث لا يدخل في نطاق هذه المادة .
2. ويدخل في هذا الحكم ما نص عليه في المواد (240 و 241 و 242) من القانون المدني العراقي ونصها :
م 240 (1- اذا استعمل شخص مالا بلا اذن اصحابه لزمه اداء منافعه سواء كان المال معدا للاستغلال او غير معد له وذلك دون اخلال بأحكام المادة (1156) .
2. فمن سكن دار غيره من دون عقد لزمه اجر المثل ، ولو انقضت مدة الاجارة في الارض المزروعة قبل ادراك الزرع فللمستأجر ان يبقي الزرع في الارض الى ادراكه ويعطي اجرة المثل) .
م 241 (اذا استخدم احد صغيرا بدون اذن وليه استحق الصغير اجر مثل خدمته) .
م 242 1 . لو خرج ملك شخص من يده بلا قصد واتصل قضاء وقدرا بملك غيره اتصالا لا يقبل الفصل دون ضرر على احد المالكين تبع الاقل في القيمة الاكثر بعد دفع قيمته .
2. فلو سقط من شخص لؤلؤة التقطتها دجاجة فصاحب اللؤلؤة يأخذ الدجاجة ويعطي قيمتها) .
(تراجع المواد (27 - 29 و 53 و 902) من المجلة وشرحها لعلي حيدر) وهذه المادة تقابل (1125) عراقي .
نص في المادة (204) من مرشد الحيران على انه :
(في كل موضع لا يملك المدفوع اليه المال مقابلا بملك مال ، لا يرجع المأمور بما انفقه على الآمر الا اذا اشترط الرجوع عليه .
فمن امر غيره ان يهب عنه مبلغا لشخص معين او يقرضه مبلغا او امره بأن يحج عنه او يؤدي زكاة ماله ونحو ذلك من الواجبات الاخروية ، ففعل المأمور ذلك وانفق من ماله ما امره به ، فلا يرجع بشيء مما انفقه على الآمر الا اذا اشترط الضمان والرجوع عليه) .
1. يقرر الفقهاء المسلمون قاعدة عامة انه ( لا عبرة بالظن البين خطؤه) و"لا عبرة للتوهم" ( م 73و 74 من المجلة) ويجعلون من تطبيقات هذه القاعدة انه لو ظن ان عليه دينا فبان خلافه يرجع بما ادى ( ابن نجيم ، الاشباه والنظائر 1: 193- 194 ) وقالوا شرحا لذلك انه مما يصلح ان يكون من فروع هذه القاعدة :
- ( قاض او غيره دفع اليه سحت الاصلاح المهمة ، فاصلح ثم ندم ، يرد ما دفع اليه ابراه من الدين ليصلح مهمة عند السلطان لا يبرا وهو رشوة . المتعاشقان يدفع كل واحد منهما لصاحبه اشياء فهي رشوة لا يثبت الملك فيها ، وللدافع استردادها لان الرشوة لا تملك ).
- ( في الخلاصة : اب الصغيرة التي لا نفقة لها اذا طلب من القاضي النفقة وظن الزوج ان ذلك عليه ففرض الزوج لها النفقة لا يجب ، والفرض باطل - وفي شرح الوهبانية لابن الشحنة : من دفع شيئا ليس واجبا عليه فله استرداده الا اذا دفعه على وجه الهبة واستهلكه لقابض .
- وفي الخانية : رجل قال لرجل: لي عليك الف درهم فقال المدعي عليه ان حلفت انها لك علي اديتها اليك فحلف فحلف فأداها اليه - هل له ان يستردها منه بعد ذلك ذكر في المنتقى انه ان دفعها اليه على الشرط الذي شرط كان له ان يستردها منه .
فكل من ادى شيئا على ظن انه دين عليه ثم بان خلافه فانه يرجع على من قبضه بما ادى ان قائما وبمثله او قيمته ان كان تالفا .
وبهذا يتبين ان دفع غير المستحق في الفقه الاسلامي مصدر للالتزام في اوسع الحدود .
( البغدادي ، مجمع الضمانات ، ص 458- 459. ابن نجيم ، الاشباه والنظائر 1: 193-194. السنهوري ، مصادر الحق ، 1: 56 . على الخفيف ، الضمان في الفقه الاسلامي ، 1: 172).
2. وقد صيغ هذا الحكم في مرشد الحيران في المادة 207.
وقد رؤي في المشروع الاخذ بالحكم في الفقه الاسلامي وهو وجوب رد القابض ما اخذه بدون حق على ظاهره اي بدون تفرقه بين حسن النية وسوئها ولا بين كامل الاهلية وناقصها.
3. وقد نص في الفقرة الثانية من المادة ( 181) مصري ( 182- 2) سوري ومشروع اردني كما نص في القانون المصري في المادة (186 و 187 ) سوري ومشروع اردني على بعض التفصيلات ايضا وقد اضاف القانون العراقي في الفقرة (2) من المادة ( 233) احكاما تفصيلية اخرى وقد رؤي ترك الحكم في ذلك للقواعد العامة في الفقه الاسلامي .
تراجع مجموعة الاعمال التحضيرية للقانون المدني المصري ( جـ / 2 ص 457- 459و 461- 462).
1. الوفاء بدين تصرف قانوني فيجب ان تجتمع له الشروط الواجب توافرها في سائر التصرفات القانونية . فيشترط ان يكون بوجه خاص خلوا مما يعيب الرضا وان يصدر ممن تتوافر لديه اهلية الوفاء . فاذا شاب الرضا عيب من عيوب الرضا او تخلف شرط الاهلية فان من تسلم ما اوفى به او ادى على هذا الوجه ، ملزم بالرد وفقا للقواعد العامة .
2. وعلى ذلك فيقتضي العمل ان يكون من واجب من يدعي اداء ما لم يكن مستحقا ان يقيم الدليل على امرين :
اولهما : قيامه بوفاء تلحق به صفة التصرف القانوني ويخضع بذلك للقواعد العامة في اثبات التصرفات القانونية وعلى وجه الخصوص ما تعلق منها بنصاب الاثبات بالكتابة او البينة .
وقد قصد المشروع من عموم العبارات التي استعملت في صياغة القاعدة الخاصة بدفع غير المستحق الى مواجهة كل الحالات التي تشملها دون ان يخص صورة من صور الوفاء او ضربا من ضروب ما يحصل الوفاء به .
اما الامر الثاني : فقيامه بالوفاء بما لم يكن مستحقا في ذمته ويتيسر له ذلك :
أ: اذا اثبت عدم تحقيق سبب الدين الذي اداه اطلاقا : كما اذا ان الوارث قد اوفى بدين لم يكن مورثه ملتزما به ، او كما اذا قام احد المتعاقدين في عقد باطل بالوفاء بالتزامه ، او كما اذا قام شخص بالوفاء بتعويض عن حادث اعتقد خطأ انه يسأل عنه .
ب. او اذا اثبت ان سبب الدين لم يتحقق ، كما اذا ادى مدين دينا بموجب عقد موقوف او معلق بشرط لم يتحقق ( انظر التقنين اللبناني المادة 145- 1 والمادة 1434 من التقنين النمساوي والمادة 964 - 2 من التقنين البرازيلي والمادة 268 مدني مصري ).
ج. او اذا اثبت ان سبب الدين قد زال بعد تحققه : كما اذا نفذ احد العاقدين التزامه في عقد ابطل او فسخ بعد ذلك .
3. فاذا اقام المدعي هذا الدليل فيفرض انه اوفى خطا وان من حقه ان يسترد ما دفع وقد نص التقنين الاسباني على ذلك صراحة ، فقرر في المادة (1901) انه ( يفرض الخطا في الوفاء اذا سلم ما لم يستحق اصلا او ما سبق اداؤه ) ويضيف النص الى ذلك ( ولكن يجوز لمن يطلب اليه الرد ان يقيم الدليل على ان التسليم كان على سبيل التبرع ، او لاي سبب مشروع اخر ). والواقع ان من تسلم ما يدعي بعدم استحقاقه له ، لا يكون عليه الا اسقاط قرينة الخطا في الوفاء فاذا اثبت ان الوفاء بما لم يكن مستحقا قد تم عن بينة من الموفى ، فيفرض انه اوفى على سبيل التبرع ، الا ان يكون غير كامل الاهلية ، او ان يقوم الدليل على انه ادى ما اداه تحت سلطان اكراه : كما اذا كان قد فقد المخالصة ، واكره بذلك على الوفاء مرة اخرى .
4. ويقصد بالدين هنا الدين بمعناه العام وهو ما يعبر عنه القانون بكلمة ( الالتزام ) سواء كان التزاما بنقل ملكية شيء او بعمل شيء او بالامتناع عن عمل ما .
( تراجع المادة (72) من المجلة وشرحها لعلي حيدر ) وهي تقابل المادة ( 182) مصري و( 138) سوري ومشروع اردني و( 235) عراقي .
1. الاصل فيمن يقوم بالوفاء بدين قبل حلول اجله انه يدفع ما ليس مستحقا عليه من وجه . فاذا تم الدفع من جراء غلطه ، او من جراء ظروف لها حكم الغلط ، فلمن دفع ان يسترد ما اداه على ان يقوم بالوفاء عند حلول الاجل ، وقد اثر المشروع الاخذ بهذا الراي لسلامة منطقة ، مقتفيا في ذلك اثر القانون المصري ( والسوري والمشروع الاردني ) الذي اقتفى بدروه اثر المشروع الفرنسي الايطالي ، ولو ان بعض تقنينات اخرى اعرضت عنه.
2. وقد تضمن القانون المدني المصري ( والسوري والمشروع الاردني والعراقي ) فقرة ثانية في المادة القابلة لهذه المادة نصها :
( على انه يجوز للدائن ان يقتصر على رد ما استفاده بسبب الوفاء المعجل في حدود ما لحق المدين من ضرر . فاذا كان الالتزام الذي لم يحل اجله نقودا التزم الدائن ان يرد للمدين فائدتها بسعرها القانوني او الاتفاقي عن المدة الباقية لحلول الاجل ).
فبهذا النص يجوز للدائن ان يختار بين مقتضى الالتزام بالرد المنصوص عليه في الفقرة الاولى وبين الاجتزاء برد ما يثري به من جراء التعجيل بالوفاء دون ان يجاوز ذلك قدر ما لحق المدين من ضرر فيحق مثلا لمقاول اعتقد خطأ انه ملزم بتسليم بناء قبل الموعد المقرر بستة اشهر وتحمل بسبب ذلك نفقات اضافية ، ان يطالب الدائن اذا لم يشأ ان يرد البناء تسلمه الى ان يحل الاجل ، باقل قيمتين : قيمة النفقات التي تقدمت الاشارة اليها ، وقيمة ايراد البناء في خلال الشهور الستة فاذا كان الدين الذي عجل الوفاء به ، مبلغا من النقود ولم يرد الدائن ان يرده الى المدين على ان يؤدي اليه عند حلول الاجل ، كان للمدين ان يطالب بما يغل الدين من فائدة ، بحسب السعر المتفق عليه ، او بحسب السعر المقرر في القانون اذا لم يكن ثمة اتفاق في هذا الشأن .
وقد رؤي عدم ايراد هذا الحكم في المشروع تجنبا للربا او مخافة منه .
ويلاحظ انه في الاعمال التحضيرية للقانون المدني المصري اقترح رئيس لجنة القانون المدني بمجلس الشيوخ حذف هذه المادة لما تحدثه من اضطراب في المعاملات ولكن اغلبية اللجنة لم توافق .
( تراجع مجموعة الاعمال التحضيرية للقانون المدني المصري ، المادة ( 183) من القانون ج2، ص 451- 453).
وتراجع ايضا المادة (83) من المجلة وشرحها لعلي حيدر وهي تقابل المواد ( 184) سوري ومشروع اردني و( 235) عراقي .
1. اذا قام غير المدين بوفاء الدين معتقدا انه ملزم بأدائه فمن حقه ان يسترد ما ادى ، وفقا للقواعد الخاصة بدفع ما لا يستحق ، سواء اكان الدائن حسن النية ام سيئها . ومع ذلك فقد رؤي اختصاص الدائن بقسط من الرعاية فاسقط عنه الالتزام بالرد اذا ترتب على الزامه برد قبضه الحاق ضرر بحقه : اما من ناحية الواقع بسبب تجرده من سند الدين : او من التأمينات المخصصة للوفاء به ، واما من ناحية القانون بسبب سكوته عن مطالبة المدين الحقيقي وتقام دعواه قبله تفريعا على ذلك .
فالحق ان الموازنة بين الغير الذي ادى دينا لم يكن ملزما بادائه ، وبين الدائن حسن النية وقد تجرد من سند دينه معتقدا صحة الوفاء ، تنتهي دون شك الى ان الاخير اولى بالرعاية من الاول . ومؤدى هذه الرعاية الا يلتزم برد ما قبض .
2. على ان هذه الحماية للدائن لا تحرم من أوفى بالدين من الرجوع على المدين الحقيقي بما اداه بل وايضا بالتعويض ان كان له محل .
وهي تقابل المادة ( 184) مصري و(185) سوري ومشروع اردني .
جاء في مذكرة المشروع التمهيدي انه يلتزم من يتسلم غير المستحق برد ما يؤدى اليه دون حاجة الى التفرقة بين ما اذا كان من تسلم حسن النية او سيئها وما اذا كان ما سلم من القيميات او المثليات ، اما فيما يتعلق بثمرات الشيء الذي سلم فثمة محل للتفرقة بين ما قبض بحسن نية وما قبض بسوء نية فلا يلزم الاول بالثمرات او الفوائد الا من وقت رفع الدعوى ، لانه يمتلك الثمرات ما دام حسن النية وفقا للقواعد العامة . اما سيء النية فيلزم على نقيض ذلك برد الفوائد والارباح التي حصل عليها او كان بوسعه ان يحصل عليها من الشيء من وقت القبض او من الوقت الذي اصبح فيه سيء النية .
وهذا ايضا تطبيق للقواعد العامة لان الحائز سيء النية لا يكون له حق في الثمرات ، ويراعى في الحالة الاخيرة انه اذا كان الشيء القبوض مبلغا من النقود فيلزم من قبضه برد الفوائد محتسبة على اساس السعر المقرر في القانون حتى قبل رفع الدعوى وهذه الحالة من حالات الاستثناء النادرة التي ترد على قاعدة عدم استحقاق الفوائد القانونية الا من تاريخ رفع الدعوى .
2. والظاهر ان الفقه الاسلامي لا يفرق بين حسن النية وسوئها لذا رؤي عدم ايراد هذه التفرقة وتخويل المحكمة الحق في ان تقضي علاوة على الزام القابض برد ما اخذه بان يرد ايضا ما يكون قد جناه من مكاسب او منافع باعتباره ما اخذ به المشروع من ان المنافع اموال تضمن . وترك الامر للمحكمة فيه الضمان الكافي للطرفين معا .
3. اما بيان اليوم الذي تحسب منه الفوائد والارباح . هل هو يوم الوفاء او اليوم الذي علم فيه القابض بانه يقبض غير المستحق او يوم رفع الدعوى كما فعل المشرع المصري فلا حاجة له مع عموم النص الوارد في المشروع . وقد رؤي تفويض المحكمة بتعويض صاحب الحق لقاء تقصير القابض ، لانه لا يجوز له ان يلحق الضرر بصاحب الحق بسبب تصرفه .
تراجع المادة (22) من المجلة وشرحها لعلي حيدر .
هي تقابل المواد ( 185) مصري و( 186) سوري ومشروع اردني .
?الفرع الثالث
الفضالة
نظرة عامة :
يتناول المشروع فيما يلي مسالة الفضالة :
1. وقد عرفها القانون المدني المصري في المادة (188) منه ( وتطابقها المادة 189 من القانون السوري والمشروع الأردني) بما يأتي :
(( الفضالة هي ان يتولى شخص عن قصد القيام بشأن عاجل لحساب شخص آخر دون ان يكون ملزماً بذلك)) .
وقد جعلها القانون المدني المصري (والسوري والمشروع الأردني) تطبيقاً خاصاً هي ودفع غير المستحق- من تطبيقات مبدأ الإثراء على حساب الغير بوصفه مصدراً عاماً من مصادر الالتزام ، شانه في ذلك شأن العقد والفعل الضار .
وخلاصة القواعد الخاصة بها أن من يقوم بشأن عاجل لحساب شخص آخر قاصداً مصلحة هذا الشخص دون أن يكون ملتزماً بالقيام بهذا الشأن ولا موكلاً فيه ولا منهيا عنه يلتزم بما يأتي :
2. أن يمضي في العمل الذي بدأه إلى أن يتمكن رب العمل من مباشرته بنفسه .
3. أن يخطر رب العمل بتدخله متى استطاع ذلك .
4. أن يبذل في القيام بالعمل عناية الشخص المادي .
5. أن يقدم لرب العمل حساباً عما قام به وأن يرد إليه ما استولى عليه بسبب الفضالة .
كما يلتزم رب العمل بما يأتي :
1. تنفيذ التعهدات التي عقدها الفضولي بالنيابة عنه.
2. تعويض الفضولي عن التعهدات التي عقدها هذا باسمه شخصياً .
3. رد النفقات الضرورية والنافعة ودفع الأجر .
4. تعويض الفضولي عن الضرر الذي لحقه .
( المواد 188 وما بعدها من القانون المدني المصري و 189 وما بعدها من القانون المدني السوري والمشروع الأردني ، يراجع السنهوري ، الوسيط الطبعة الثانية ص 1384 وما بعدها) .
2. وقد اقر الفقه الإسلامي الفضالة مصدراً للالتزام بشروط . والظاهر فيه أن الأصل أن الفضولي متبرع ، صدوراً عن الأخوة الإسلامية التي تدعو إلى البر والمعروف ، إلا انه حيث لا توجد نية التبرع فإن الفضالة تصبح مصدراً للالتزام وهي تصير كذلك إذا أذن القاضي للفضولي بالقيام بشأن للغير ، أو قضت به ضرورة أو عرف ، وعندئذ تقوم روابط قانونية بين الفضولي ورب العمل تنظمها قواعد على ما سيأتي .
3. وتتناول المواد التالية شروط الفضالة (م301) وحكمها عند إقرارها (م302) والتزامات الفضولي (م 303 -306) والتزامات رب العمل (م307) والحكم عند موت الفضولي أو رب العمل ( م 308) .
المذكرة الايضاحية :
1. تتناول المادة (301) الشروط التي يجب توافرها في الفضولي كي يكون له حق الرجوع وتكييف مركز الفضولي .
2. فتعرف الفضالة بأنها القيام بشأن نافع للغير بدون امره وبعبارة اعم بدون اذن شرعي بان لم يكن وكيلا ولا وليا ولا وصيا ولا قيما على صاحب الشأن فيشترط حتى تكون هناك فضالة تخول ، فيما تخول ، الرجوع على صاحب الشأن ، ان يقوم شخص عنه بلا اذن شرعي بعمل نافع له فان كان هناك اذن شرعي ، او كان العمل غير نافع فلا توجد الفضالة بالمعنى المقصود هنا .
ويشترط لانطباق الاحكام المنصوص عليها فيما بعد ، ومنها رجوع الفضولي على رب العمل بما انفق ، الحصول قبل القيام بالعمل على اذن القاضي او ان توجب القيام به ضرورة او يقضي به عرف ، وكل ذلك يعني وجود حالة الاستعجال والاضطرار وهو ما يخول للفضولي تولي شان غيره مع الرجوع عليه لانتفاء نية التبرع ، وبهذا المعنى يكون هناك توافق في هذا الصدد بين هذه المادة والقانون المدني المصري ( والسوري والمشروع الاردني ) بنصه على انه ( الفضالة هي ان يتولى شخص عن قصد القيام بشأن عاجل لحساب شخص اخر ،دون ان يكون ملزما بذلك (م 188/ 189).
3. وقد بت المشروع في صفة الفضولي عندئذ فاسبغ عليه توافر الشروط المتقدمة صفة النائب ويترتب على ذلك تطبيق قواعد النيابة ، ان لم يكن هناك نص خاص مخالف .
4. والنص الوارد في المشروع يتفق مع الحكم في الفقه الحنفي ذلك ان الضرورة قد تستوجب الولاية دفعا للضرر ويقرها الشارع بناء على ذلك كما ان الولاية في تصرف ما قد يفرضها العرف برضا صاحب العمل الشأن عنه ، بحيث لو رجع اليه فيه قبل مباشرته لارتضاه واذن به ومن امثلة ذلك :
- طاحونة بين شريكين انفق احدهما على مرمتها بغير اذن شريكه لا يكون متبرعا لانه لم يتوصل الى الانتفاع بنصيبه الا بذلك ( اي للضرورة ).
(يراجع مجمع الضمانات ص 286. والخانية 3: 111 وابن عابدين 3: 388 طبعة الحلبي وجامع الفصولين 2: 59 وعلي الخفيف ، الضمان 1: 27-30 ).
- اذا رهن الاب مال الصبي بدين نفسه وادرك الولد والرهن قائم عند المرتهن فلو قضى الولد دين ابيه وافتك الرهن لم يكن متبرعا ويرجع بجميع ما قضى على ابيه لانه مضطر الى قضاء الدين اذ لا يمكنه الوصول الى ملكه الا بقضاء الدين كله فكان مضطرا فيه فلم يكن متبرعا بل يكون مأمورا بالقضاء من قبل الاب دلالة فكان له ان يرجع عليه بما قضى ( الكاساني 6: 135- 136).
- اذا احتاج الملك المشترك الى التعمير واحد الشريكين غائب واراد الاخر التعمير فانه يستأذن الحاكم ويصير اذن الحاكم قائما مقام اذن الغائب صاحب الحصة ، يعني ان تعمير صاحب الحصة الحاضر الملك المشترك باذن الحاكم هو في حكم اخذ الاذن من شريكه الغائب فيرجع عليه بحصته من المصرف ( م1310 من المجلة ).
اما اذا لم يأذن القاضي ( ولا الشريك ) فيكون متبرعا .
تراجع المواد ( 112 و 378 و 1310 و 1315 ) من المجلة وشرحها لعلي حيدر و ( 67و 765 و 768 و772 ) من مرشد الحيران .
- من وجد الضالة وانفق عليها بامر القاضي يكون دينا على مالكها واذا انفق بغير اذن القاضي يكون متبرعا ( الكاساني 6: 203).
( مجمع الضمانات ص 448-450 وعلي الخفيف ، الضمان 1: 27- 30 و 232- 233. والسنهوري مصادر الحق 1: الهامش 1 ص 43 و ص 57- 59).
وهي تقابل المواد (188) مصري و( 189) سوري ومشروع اردني و ( 238) عراقي .
تراجع مذكرة المادة السابقة ( 301) وهي تقابل المادة ( 190) مصري و ( 191) سوري ومشروع اردني .
1. يعتبر القانون مصدرا مباشرا لالتزامات الفضولي ، ولو انها تنشأ بمناسبة عمل ارادي .
2. ويلزم هذا النص الفضولي بالمضي في العمل الذي بداه الى ان يتمكن رب العمل من مباشرته بنفسه .
3. ولما كان لرب العمل ان يكف الفضولي عن التدخل فيما تصدى له وجب على الفضولي ان يخطره بتدخله في اول فرصة تتاح له ، ومتى تيسر لرب العمل ان يباشره بنفسه كان من حقه وواجبه ان يقوم بذلك .
وهي تقابل المادة ( 191) مصري و( 192) سوري ومشروع اردني .
1. يلاحظ ان الفضولي يلزم ، ما بقي قائما بالعمل ، بعدم الاضرار برب العمل وكل اضرار يقع منه لرب العمل يستتبع مسائلته . ومع ذلك فينبغي التسامح في تقدير هذه المسئولية اذ الفرض ان الفضولي قد قام بما تصدى له من شئون رب العمل باذن القاضي او ايجاب الضرورة او العرف لدفع ضرر يتهدد هذا الغير براية .
2. وهذا النص يختلف عن نص المادة (192-1) مصري ( 193-1) سوري ومشروع اردني ونصها :( يجب على الفضولي ان يبذل في القيام بالعمل عناية الشخص العادي ويكون مسئولا عن خطئه . ومع ذلك يجوز للقاضي ان ينقض التعويض المترتب على هذا الخطا اذا كانت الظروف تبرر ذلك .
والاختلاف بين هذا النص في المشروع ونص القانون المصري ( والسوري والمشروع الاردني ) فرع عن اختلافها في اساس المسئولية عن فعل الضار.
3. وقد نص في المادة الثالثة من المادة (192) مصري ( 193) سوري ومشروع اردني انه ( اذا تعدد الفضوليون في القيام بعمل واحد كانوا متضامنين في المسئولية ) ولم ير الاخذ بذلك في المشروع نزولا على حكم الشريعة الاسلامية التي تابي ان يسأل شخص عن فعل اخر وهو ما سار عليه المشروع في الفعل الضار .
قد يعهد الفضولي الى غيره بكل العمل او ببعضه فرؤي النص على :
1. مسئولية الفضولي عمن عهد اليه بذلك باعتبار ان عمل الاخير مضاف اليه .
2. مسئولية من عهد اليه الفضولي بالعمل قبل رب العمل مباشرة . وقد اخذ هذا الحكم عن القانون المصري ( والسوري والمشروع الاردني ) لفائدته واتساقه مع الاحكام المتقدمة .
وهي تقابل المادة ( 192) مصري و( 193) سوري ومشروع اردني .
يقوم هذا الحكم على اساس ما تقدم من ان الفضولي نائب عن رب العمل فهو كالوكيل يجب عليه ان يرد لرب العمل ما استولى عليه بسبب الفضالة وان يقدم حسابا عما قام به .
وهي تقابل المادة ( 193 ) مصري و ( 194 ) سوري ومشروع اردني .
تقدم في المادة ( 301 ) ان الفضولي في الحالات المنصوص عليها في تلك المادة يصبح نائبا عن رب العمل فيما ندب نفسه اليه من شئون رب العمل , فاذا قام الفضولي بما يجب عليه من رعاية حسن الادارة بحيث لا يضر برب العمل , كان له على رب العمل امور ثلاثة :
اولهما : التزام رب العمل بالوفاء بما تعهد به الفضولي , وينبغي التفرقة في هذا الصدد بين فرضين :
- فاذا كنت هذه التعهدات قد تولى عقدها الفضولي باسم رب العمل بان اضاف العقد اليه , التزم هذا بها مباشرة بمقتضى النيابة القانونية التي تنشأ من الفضالة وبهذا يصبح راسا دائنا ومدينا لمن تعاقد معه الفضولي .
- اما اذا تعاقد الفضولي باسمه شخصيا بان اضاف العقد الى نفسه لا الى رب العمل فلا يصبح هذا دائنا او مدينا لمن تعاقد معه الفضولي من الاغيار , انما ترجع حقوق العقد والتزاماته الى الفضولي ولكن رب العمل يلزم بتعويضه عن جميع ما عقد من التعهدات على هذا الوجه , وفقا لقواعد الكسب بلا سبب .
- وثانيهما : التزام رب العمل بان يؤدي الى الفضولي جميع ما اقتضت الظروف من نفقات ضرورية او نافعة على انه يجوز انزال النفقات المفرطة ولو كانت نافعة الى الحد المعقول , ويكون للفضولي في هذه الحالة ' ان ينتزع ما جاوز الحد على ان يعيد الشيء الى الحالة التي كان عليها من قبل ( المادة 1038 من التقنين النمساوي والمادة 422 من تقنين الالتزامات السويسري ) . والاصل ان الفضولي لا يستحق اجرا على عمله , اذ يفرض فيه انه يتبرع بخدمة يؤديها لرب العمل الا ان هذه القرينة تسقط متى كان ما قام الفضولي به من قبيل وجوه الانفاق الحقيقية بالنسبة له . ويتحقق ذلك اذا كان العمل الذي اداه يدخل في نطاق اعمال مهنته , كما هو الشأن في طبيب يقوم بعلاج مريض او مهندس يتولى ترميم عين من الاعيان , فعندئذ يصبح من حقه ان يؤجر على هذا العمل .
وثالثهما : التزام رب العمل بتعويض الفضولي تعويضا عادلا عما يلحقه من ضرر بسبب قيامه بالعمل , ويتحقق معنى العدالة في التعويض متى كان متناسبا مع ما لم يستطع اتقاءه من ضرر مع بذل المالوف من اسباب العناية .
وهي تقابل المادة ( 195 ) مصري و ( 196 ) سوري ومشروع اردني .
1. اذا مات رب العمل يظل الفضولي مرتبطا بالتزاماته هذه قبل الورثة اذ يؤول اليهم ما كان لمورثهم من حقوق في هذا الصدد من طريق الميراث .
2. واذا مات الفضولي تنقضي التزاماته ولا تنتقل الى ورثته , ومع ذلك فيلزم هؤلاء الورثة التزاما شخصيا مباشرا بما يلتزم به ورثة الوكيل .
يراجع في القانون المصري ( م 717/2) وهي تقابل المادة (194) مصري و(195) سوري ومشروع اردني.
1. هذا الحكم يردد الحكم المنصوص عليه في المواد ( 198 ) وما بعدها من مرشد الحيران وفي المادة ( 236 ) من القانون المدني العراقي .
فقد نص في مرشد الحيران على ما ياتي :
- من قام عن غيره بواجب عليه من الواجبات الدنيوية كما اذا قضى دينه بامره او انفق من مال نفسه على عيال غيره ومن تلزمه نفقتهم بامره - رجع على الامر بما اداه عنه وقام مقام الدائن الاصلي به , سواء اشترط الرجوع عليه او لم يشترطه .
- من قضى مغارم غيره بامره , او ادى عنه عوائد او رسوما مطلوبة منه بامره او كفل عنه لغريمه دينه بامره ودفعه اليه , فله الرجوع بما دفعه على الامر ولو لم يشترط الرجوع عليه .
- اذا امر احد غيره بشراء شيء له او ببناء داره من مال نفسه , ففعل المامور ذلك فله الرجوع على الامر بثمن ما اشتراه له وبما صرفه على العمارة بامره ولو لم يشترط الرجوع عليه .
- اذا امر احد غيره بان يدفع عنه مبلغا معلوم الى شخص معين : فان كان المامور بالدفع صيرفيا او شريكا للامر او خليطا له بان كان بينهما اخذ وعطاء او مواضعة على انه متى جاء رسوله او وكيله يبيع له او يقرضه ما يطلبه او كان المامور في عيال الآمر او الآمر في عيال المأمور كولده او والده او زوجته او ابن اخيه الذي في عياله او خادمه ودفع ما امر به - فله الرجوع بما دفعه على الآمر , سواء صرح في الآمر بان يدفع قضاء عنه او على ان ما يدفعه يكون دينا له عليه او يكون ضامنا له او لم يصرح بشيء من ذلك وسواء اشترط الضامن الرجوع عليه او لم يشترطه .
- اذا لم يكن المامور بالفع صيرفيا ولا شريكا للامر ولا خليطا له , ولا هو في عياله ودفع ما امر به فانما يرجع على الآمر بما دفعه ان كان قد صرح له في الآمر بان يدفع عنه او يقضي عنه او على ان يكون ما يدفعه دينا عليه او صرح بانه يكون ضامنا له ما يدفعه ويكون له في هذه الصورة حق الرجوع بما دفعه على الآمر ولو لم يشترط الرجوع عليه فان امره بالدفع امرا مطلقا او لم يصرح في امره بشيء مما ذكر فلا رجوع للماثور بشيء مما دفعه على الآمر وانما يكون له الرجوع على القابض واسترداد ما قبضه ان كان قبضه من غير ان يكون له حق على الامر فان قبضه بحق فلا رجوع للدافع عليه بشيء .
ونص في المادة ( 236 ) من القانون المدني العراقي انه ( اذا امر احد غيره بقضاء دينه رجع المامور على الآمر بما اداه عنه وقام مقام الدائن الاصلي في مطالبته به سواء اشترط عليه الرجوع ام لم يشترط .
2. وقد نص في المادة ( 202 ) من مرشد الحيران على ما ياتي :
( اذا امر احد غيره بقضاء دينه ثم ان الآمر قضى الدين بنفسه الى دائنه , والمامور قد دفعه اليه ايضا , فللمامور ان يرجع بما دفعه على القابض لا على الامر , فان اقام المامور البينه على انه ادى الدين بعد الامر قبل اداء الامر فله الرجوع بما له ان شاء على القابض وان شاء على الامر .
ونص في المادة ( 237 ) من القانون المدني العراقي ما ياتي :
( اذا امر احد غيره بقضاء دينه ثم ان الآمر قضى الدين بنفسه الى دائنه والمامور دفعه اليه ايضا فللمامور ان يرجع بما دفعه على الامر ان كان قد سبقه في قضاء الدين.
وان كان الآمر هو الذي قضى الدين فللمامور ان يرجع على القابض او على الامر .
فهناك خلاف بين هذين النصين في حالة ما اذا دفع المامور الدين قبل اداء الآمر ففي مرشد الحيران يرجع المامور بما دفع على القابض لا على الآمر وفي القانون المدني العراقي يرجع على الآمر .
وقد رؤي في المشروع ترك هذه الحالة للقواعد العامة .
1. نص في المادة ( 205 ) من مرشد الحيران انه :
( اذا قضى احد دين غيره بلا امره سقط الدين عن المديون , سواء قبل او لم يقبل ويكون الدافع متبرعا لا رجوع له على المديون بشيء مما دفعه بلا امره , ولا رجوع له على رب الدين القابض لاسترداد ما دفعه اليه .
انه اذا كان الدائن قد ابرا المديون بعد استيفاء دينه من المتبرع يكون للمتبرع في هذه الصورة الرجوع على القابض بما دفعه اليه )
ونص في المادة ( 239 ) من القانون المدني العراقي على ما ياتي :
( اذا قضى احد دين غيره بلا امره سقط الدين عن المدين قبل او لم يقبل ويعتبر الدافع متبرعا لا رجوع له على المدين بشيء مما دفعه بلا امره اذا تبين من الظروف ان للدافع مصلحة في دفع الدين او انه لم يكن عنده نية التبرع .
وقد رؤي في المشروع الاخذ بالحكم الوارد في مرشد الحيران مضافا اليه ما ورد في القانون المدني العراقي من ان الدافع قد يكون له الرجوع على المدين بما دفعه عنه مع صياغة النص على الوجه الذي يتسق مع مواد المشروع .
ولم ير في هذا المجال ايراد ما اورده القانون المدني العراقي من سقوط الدين عن المدين سواء قبل او لم يقبل , لان هذا الحكم مجاله الوفاء بالدين والمجال هنا مجال الوفاء عن الغير والكلام محصور فيما اذا كان للموفي ان يرجع بما دفع او ليس له .
2. وقد رؤي ايراد الحكم في المادة (238) من القانون المدني العراقي في هذا المشروع فقرة ثانية من هذه المادة باعتباره تطبيقا للحكم الوارد في الفقرة الاولى وللفضالة ايضا .
ينشيء المشروع في هذا النص تقادما قصيرا يمنع من سماع الدعوى مدته ثلاث سنوات ولا يبدأ سريانه الا من اليوم الذي يعلم فيه الدائن بحقه في الرجوع اي في المطالبة بالرد او التعويض ، ويقف على شخص من يلزم بذلك. وقد نص على هذا التقادم القصير الى جانب التقادم بالمدة الطويلة ويبدا سريانها من اليوم الذي ينشأ فيه الحق في الرجوع وبعبارة اخرى الالتزام .
وهذا النصر يسري على كل حالات الكسب دون سبب فيسري على دعوى استرداد ما اخذ من مال الغير وما دفع بغير حق او وفاء لدين الغير ودعوى الفضالة .
وهي تقابل المواد (244) عراقي والمواد ( 180و 187و 197) مصري و ( 191و 188و 198) سوري ومشروع اردني .
اوجز المشروع ايجازا بينا فيما يتعلق بالالتزامات التي تصدر عن نص القانون مباشرة وقد حمل على ذلك ما هو ملحوظ في ترتيب هذه الالتزامات وتنظيمها من ان كل التزام منها يتكفل النص المنشيء له بتعيين مضمونه وتحديد مداه مما يجعل مرجعها جميعا ( احكام النصوص الخاصة بها ).
1. كل التزام ، ايا كان مصدره المباشرة ، يرجع الى القانون ، باعتباره المصدر الاخير للالتزامات والحقوق جميعها ذلك ان من الالتزامات ما يكون مصدره المباشر تصرف قانوني او عمل غير مشروع او اثراء بلا سبب ويرد في مصدره الاخير الى القانون . ومنها على نقيض ذلك ، ما يكون القانون مصدره المباشر والاخير في ان واحد . ويراعى ان القانون يعتبر في هذه الصورة مصدرا وحيدا يتكفل بانشاء الالتزام راسا ويتولى تعيين مداه وتحديد مضمونه . وقد ساق التقنين اللبناني في معرض التمثيل للالتزامات التي تصدر عن نص القانون التزامات الجوار ، والالتزام بالانفاق على بعض الاصهار . وقد تقدم ان التزامات الفضولي ، فيما يتعلق بالمضي في العمل والعناية المطلوبة وتقديم الحساب - كلها ينشئها القانون راسا ، وينفرد بذلك دون سائر مصادر الالتزام .
2. وتنشا الالتزامات المقررة بنص القانون استقلالا عن ارادة ذوي الشأن فهي لا تقتضي فيهم اهلية ما ( المادة 120 من التقنين اللبناني ) . ومع هذا فقد يتطلب القانون اهلية خاصة بالنسبة لبعض هذه الالتزامات مراعيا في ذلك انها لا تترتب بمعزل عن الارادة . وقد كان المشروع التمهيدي للقانون المدني المصري ينص في الفقرة الثانية من المادة المقابلة على انه ( لا تشترط اية اهلية في هذه الالتزامات ، ما لم يوجد نص يقضي بخلاف ذلك ) ولكن حذف هذا النص في لجنة المراجعة لعدم الحاجة اليه . وقد رؤي في المشروع عدم ايراد مثل هذا النص لنفس الحكمة وهي عدم الحاجة اليه .
وهي تقابل المواد ( 198) مصري و( 199) سوري ومشروع اردني و( 245) عراقي .
?الباب الثاني
آثار الحق
الفصل الأول
أحكام عامة
نظرة عامة :
1. تقدم أن أثر العقد هو حكمه وحقوقه ، أما حكمه فينفذ من تلقاء نفسه بمجرد انعقاد العقد . وأما حقوقه فتقتضي أن يفي المدين بها مما يتطلب تدخله . فعقد البيع حكمه نقل ملكية المبيع من البائع إلى المشتري وهذا يقع من تلقاء نفسه بمجرد العقد (إلا إذا نص القانون على غير ذلك بأن نص مثلا على أن الملك في العقار لا ينتقل إلا بتسجيل العقد) ومن حقوقه دفع الثمن إلى البائع وهذا يقتضي أن يقوم المشتري بذلك وتسليم المبيع إلى المشتري وهذا يتطلب أن يقوم البائع به . وحقوق العقد هي - بتعبير القانون - التزامات .
فهذا الباب مقصور على آثار الالتزامات فيخرج منه ما يسمى في الفقه الإسلامي (حكم العقد) لأن هذا ينفذ من تلقاء نفسه كما تقدم . وعلى هذا لا يرد هنا ما يسمى في القانون (الالتزام بنقل الملكية) لأن نقل الملكية يتم بالعقد نفسه بمجرد نشوئه لأن حكم العقد الوارد على الملكية هو نقل الملكية كما ذكر في المذكرة الإيضاحية ، نظرة عامة ، في أول الفصل الأول الخاص بالتنفيذ العيني ) .
2. وليس المقصود بالالتزام هنا ما يلزم به الشخص نفسه (التزام التبرعات) فقط وإنما الالتزام بمعناه العام بصرف النظر عن مصدره . أكان عقداً ام تصرفاً انفراديا أم فعلاً ضاراً أم فعلا نافعاً أم نصاً في القانون ، وبصرف النظر عن موضوعه . أكان مبلغاً من المال أم قياماً بعمل أم امتناعاً عن عمل .
3. والأثر الجامع للالتزام هو (تنفيذه) .
والتنفيذ قد يكون تنفيذاً عينياً ، وقد يكون تنفيذاً بطريق التعويض ، كما أنه قد يكون اختياراً وقد يكون جبراً .
وجميع اموال المدين ضامنة لالتزاماته وهو ما يسمى بالضمان العام للدائنين ، وللدائن قبل ان يتخذ الاجراءات التنفيذية ان يتخذ اجراءات تحفظية الغرض منها المحافظة على أموال المدين حتى يتمكن من التنفيذ عليها .
وبين الإجراءات التحفظية والإجراءات التنفيذية مرحلة وسطى يعمد بها الدائن إلى التنفيذ ولا يقتصر على مجرد المحافظة على أموال المدين . وهذه الإجراءات التمهيدية هي الدعوى غير المباشرة ودعوى عدم نفاذ التصرف في حق الدائن ودعوى الصورية والحجر على المدين وحبس ماله .
4. وقد استهل هذا الباب بأحكام تمهيدية أفردت في سياقها نصوص للواجب ديانة (وهو ما يقابل في القانون الالتزام الطبيعي) ثم عرض بعد ذلك للالتزامات (أي الالتزامات المدنية تمييزاً لها في القانون عن الالتزامات الطبيعية) فعقد لها ثلاثة فصول .
تناول في أولها التنفيذ العيني وما يتبعه وخص الثاني بالنصوص المتعلقة بالتنفيذ بمقابل وما يتصل به من أحكام الأعذار وتقدير التعويض . ووقف ثالثها على ما يكفل حقوق الدائنين من وسائل التنفيذ ووسائل الضمان ، فيتناول هذا الفصل ثلاث دعاوى : الدعوى غير المباشرة ودعوى عدم نفاذ التصرف ، ودعوى الصورية كما تناول : الحجر على المدين وحبس ماله .
المذكرة الايضاحية :
في القانون ما يسمى ( الالتزام الطبيعي ) مقابل ( الالتزام المدني ) او ( الالتزام) ويوجد في الفقه الاسلامي ( الواجب ديانة ) مقابل ( الواجب قضاء ).
واذا اردنا ان نقابل بين القانون والفقه الاسلامي في هذا الصدد قلنا ان ( الالتزام المدني ) في القانون ، يقابله في الفقه الاسلامي ( الواجب قضاء) و( والالتزام الطبيعي ) في القانون يقابله في الفقه الاسلامي ( الواجب ديانة) مع بعض خلافات بطبيعة الحال بين طرفي المقابلة .
( الالتزام الطبيعي ) في القانون :
تناول القانون المدني المصري الالتزام الطبيعي في اربع مواد هي المواد من ( 199) الى ( 202) وكذا السوري والمشروع الاردني (م200- 202) . وتقنين الموجبات والعقود اللبناني (م2 وما بعدها ) .
وسمة الالتزام الطبيعي :
1. انه لا يجب على المدين الوفاء به جبرا عليه .
2. انما اذا اوفى به المدين اختيارا وهو على بينة من انه غير ملزم قانونا بالوفاء به كان قضاء لما يجب عليه فيكون له حكم الوفاء بالتزام في ذمته وليس تبرعا فلا يجوز له الرجوع فيه واسترداد ما دفعه .
3. وانه يصلح سببا لالتزام مدني ( تراجع نطرية السبب في القانون م 136 مصري ) . وبالسمة الاولى يختلف الالتزام الطبيعي عن الالتزام المدني الذي يجب الوفاء به قانونا فان امتنع اجبر عليه ولا يستطيع ان يسترد ما دفعه وفاء له .
وبالسمتين الثانية والثالثة يختلف الالتزام الطبيعي عن الواجب الادبي وفيها تنحصر اثار الالتزام الطبيعي اذ لا يترتب عليه اي اثر اخر .
فالالتزام الطبيعي منزله بين المنزلتين . فقد سما على مجرد الواجب الادبي ونزل عن الالتزام المدني .
والالتزام الطبيعي في النظرية التقليدية محصور في التزام مدني عاقه مانع قانوني من ان يرتب اثاره عند نشأة الالتزام كأن كان العقد قابلا للابطال لنقص الاهلية او بعد نشأة الالتزام وبعد تولد اثره كما في حالة التقادم والصلح مع المفلس حيث ينقضي الالتزام المدني ويتخلف عنه التزام طبيعي ففقد بذلك عنصر المسؤولية وبقي له عنصر المديونية اما في النظرية الحديثة فهو واجب ادبي ارتقى به القانون فاعترف له ببعض الاثار سواء كان واجبا ادبيا منذ بدايته او نشا التزاما مدنيا ثم عاقه مانع قانوني عن ان يولد كل اثاره فهو اما التزام مدني فقد عنصر المسؤولية او واجب ادبي قام به عنصر المديونية دون عنصر المسؤولية ومثال الاول الديون التي يسقط التقادم او تنقضي بتصالح المفلس مع دائنيه او يقضي ببطلانها لعدم توافر الاهلية ومثال الثاني التبرعات التي لا تستوفي فيها شروط الشكل والتزام الشخص بالانفاق على ذوي القربى ممن لا تلزمه نفقتهم قانونا والالتزام باجازة شخص على خدمة اداها .
ويرى رجال القانون ان الالتزام الطبيعي باب اخر - بالاضافة الى النظام العام والاداب العامة والى فكرة التعسف في استعمال الحق - يدخل منه الى القانون العوامل الاجتماعية والاقتصادية والادبية .
ومن ثم فالالتزام الطبيعي يقف في الحد الفاصل ما بين الاخلاق والقانون والتسليم بوجوده اعتراف من القانون ببعض الواجبات التي تميلها الاخلاق والادب .
فلو ان فقيرا انقذ مثريا من الغرق التزم المثري نحو الفقير بما ياتي :
اولا : بما تجشمه من خسارة في انقاذه وذلك بدعوى الفضالة وهذا التزام مدني .
ثانيا: باجازة الفقير على انقاذه وهذا التزام طبيعي .
ثالثا : بالاحسان الى هذا الفقير من حيث هو فقير وذلك حتى لو لم يكن هو الذي انقذه وهذا واجب ادبي .
ولما كان القانون قد اقر فكرة التزام الطبيعي نزولا على مقتضيات الاخلاق والادب فمن الطبيعي ان تقر الشرائع المدنية هذه الفكرة بل وتتوسع فيها وهذا ما كان من القانون اذ وسع في نطاق الالتزامات الطبيعية فجعلها تمتد الى كل التزام يوجبه الضمير وكادت منطقة الالتزام الطبيعي تكون هي عين منطقة الواجب الادبي .
( هذا ما نجده ايضا في الفقه الاسلامي على ما سياتي ) .
( يراجع السنهوري ، الوسيط ، ج2 البند 385 ص 721 وما بعدها) .
الواجب ديانه في الفقه الاسلامي :
وفي الفقه الاسلامي الواجب قد يكون واجبا ديانة لا قضاء وقد يكون واجبا قضاء لا ديانة وقد يكون واجبا قضاء وديانة . ومثال الواجب ديانة لا قضاء ، الدين الذي يجحده المدين ويعجز الدائن عن اثباته امام القضاء . ومثال الواجب قضاء لا ديانة الدين الذي يشهد به شهود كذبة او يستند الى وثيقة قائمة في حين ان الدائن كان قد قبضه او ابرا المدين منه . ومثال الواجب ديانة وقضاء ، الدين الذي يقر به المدين او يقوم عليه شهود صادقون وما زالت الدعوى به مسموعة .
( يراجع رد المحتار في كتاب القضاء ، 4: 315، وكتاب الحجر 5/95 وكتاب الحظر والاباحة 5/271).
فالواجب قضاء في الفقه الاسلامي يقابله في القانون الالتزام المدني والواجب ديانة في الفقه الاسلامي يقابل في القانون الالتزام الطبيعي .
ومن المنطقي ان تقر الشريعة الاسلامية ، وهي الشريعة التي تنبني وتحض على البر والاحسان بأوسع معانيهما ، فكرة ما اطلق عليه في القانون الالتزام الطبيعي ).
كما ادرك الفقهاء المسلمون قبل رجال القانون ان للدين عنصرين عنصر المديونية ( اي قيام اصل الدين ) وعنصر المطالبة وقد وقد يتوافر العنصران جميعا للدين في ذمة الشخص وقد يتوافر المطالبة دون عنصر المديونية كالدين المكفول بالنسبة الى الكفيل وكالدين المحال بالنسبة الى المحال عليه على راي من ذهب من الفقهاء الى ان الكفالة ضم ذمة في المطالبة وان الحوالة نقل المطالبة فحسب .
( يراجع عقد الكفالة والحوالة في كتب الفقه الاسلامي - مثل - الكاساني البدائع 6/2 وما بعدها ، وهذا التحليل يشبهه ما قال به رجال القانون من ان للدين عنصرين احدهما المديونبة والاخر المسؤولية فالالتزام المدني يتوافر في العنصران المديونية والمسؤولية اما الالتزام الطبيعي فيتوافر فيه المديونية دون المسؤولية ذلك ان المدين بالتزام طبيعي مدين لا في حكم الضمير فحسب بل ايضا في حكم القانون فاذا وفي الدين لم يستطع استرداده وهذا هو عنصر المديونية وقد توافر ولكن المدين لا يجبر على الوفاء اذا لم يرد ذلك عن بينة واختيار وهذا هو عنصر المسؤولية وقد انفصل عنه . وكذا الواجب قضاء . هو دين ثابت في ذمة المدين ويلزم به جبرا فتوافر فيه عنصرا المديوينة والمطالبة ( وبلغة القانون عنصرا المديونية والمسؤولية ) اما الواجب ديانة فقد توافر فيه عنصر واحد وهو عنصر المديونية دون المطالبة ( وبلغة القانون عنصر المديونية دون عنصر المسؤولية ).
والواجب ديانة اذا وفى به المدين اختيارا فالظاهر انه يعتبر موفيا لدين فلا يجوز الرجوع فيه واسترداد ما دفعه .
وفي اليمين والنذر والتزام المعروف تطبيقات لذلك :
فالنذر لا يفيد التزاما قضائيا اذا ما صح عند الجمهور خلافا للشافعية في بعض احواله وانما يترتب عليه التزام ديني . فلو نذر مكلف بعتق رقبة في ملكه وفى به وان لم يف اثم بالترك .
ولا يدخل تحت الحكم فلا يجبره القاضي لان العبد لم يثبت له حق العتق عليه لان ذلك بمنزلة ما لو حلف بالله تعالى ليعتنقه. ليس له اجباره على ان يبر بيمينه لان ذلك مجرد حق الله تعالى .
( ابن عابدين 3/95 وما بعده . وعلي الخفيف ، التصرف الانفرادي 202- 203) .
والتزام المعروف كالصدقة والهبة والحبس والجائزة والقرض على وجه الصلة وطلب البر والمكافاة وما اشبه ذلك اذا كان على وجه الحلف والتعليق قصدا الى فعل شيء او امتناع عن فعل شيء فانه لا يقضي عليه بذلك اذا تحقق الشرط وانما يلزم به ديانة سواء كان الملتزم له معينا ام غير معين وهذا هو المشهور من مذهب مالك ( علي الخفيف المرجع السابق ص 195).
والعدة على راي لا يقضى بها مطلقا على اية حال لانها تفضل واحسان وان امر بالوفاء بها ديانة وهذا هو مذهب الحنيفة والشافعية والحنابلة وجمهور الفقهاء من الصحابة والتابعين ( علي الخفيف ، المرجع السابق ص 196- 197).
والدين الذي لا تسمع الدعوى به بمرور الزمان لا تمكن المطالبة به قضاء ونتيجة لذلك لا يمكن الاجبار عليه ولكن ما الحكم اذا اوفاه المدين عالما بانه غير ملزم قضاء به هل يملك استرداد ما دفع ( الظاهر لا - ( تراجع المادة 1674 من المجلة ).
فالظاهر ان قضاء ما يجب ديانة يعتبر وفاء لدين فلا يملك المدين استرداده واذا كان المشروع قد اخذ بان الوعد ملزم ( م254) فمن المنطق ان يعترف بفكرة الالتزام الطبيعي ، وان لا يكون اقل اعتدادا بالعوامل الادبية الاخلاقية من القانون .
واذا قيل بان الوفاء بالواجب ديانة يتضمن الاقرار وهو حجة على المقر ( م 79 و 1587 و 1588 من المجلة ). فالرد على ذلك في المجال الذي نحن فيه ان ( الاقرار هو اخبار الانسان بحق عليه لاخر ) . ( م 1572 من المجلة ) والظاهر ان المقصود بالحق هنا هو الحق الواجب القضاء لا مجرد الحق الواجب ديانة ( اذ ان حكم الاقرار هو ظهور المقر به لا حدوثه بداءة ولهذا لا يكون الاقرار سببا للملك )( م 1628 من المجلة ).
واذا كان القانون المدني العراقي قد خلا من الاشارة الى ذلك ( الالتزام الطبيعي او الواجب ديانة ) فان ذلك لا يفيد ضرورة انه لا يعترف بالالتزام الطبيعي ففي المبادئ العامة وفي مبادىء الفقه الاسلامي ( وهي مصدر من مصادر القانون العراقي وفقا للمادة الاولى منه ) ما قد يستعاض به عن النص للاعتراف بالالتزام الطبيعي في هذا القانون ( يراجع السنهوري الوسيط ج2 ، البند 385 ص 722).
مكان الواجب ديانة في المشروع :
يلاحظ ان هناك فرقا بين الواجب ديانة ( او الالتزام الطبيعي ) والدين غير المستحق ففي الاول يكون هناك التزام ولكن لا يلزم المدين بالوفاء به قضاء واذا وفى به عالما بانه غير ملزم بالوفاء به قضاء اعتبر وفاء فلا يجوز الرجوع فيه واسترداد المدفوع ، وفي الثاني يكون هناك وفاء بدين موهوم لا وجود له فيجوز استرداد ما دفع ( م 296 ).
وقد كان القانون المدني المصري القديم يعالج الالتزام الطبيعي في مجال الكلام على دفع غير المستحق ( م 147/ 208 منه ) ولكن القانون الحالي وجد ان المكان الانسب للالتزام الطبيعي هو في مستهل الكلام على اثار الالتزام اذ الالتزام الطبيعي يمتاز عن غيره بوجه خاص بما يكون له من اثار ، فسمة الالتزام الطبيعي هي اجتماع امكان ترتيب الاثر القانوني وفكرة انتفاء الجزاء فالالتزام الطبيعي لا جبر في تنفيذ ولكن اذا نفذ اختيارا اعتبر وفاء للالتزام اما الالتزام المدني فيجبر المدين على الوفاء به . لذا راى المشروع المصري ان خير موضع لاحكام الالتزام الطبيعي هو المكان المخصص لاثار الالتزام.
( تراجع مجموعة الاعمال التحضرية للقانون المدني المصري ج 2 ص 495- 496).
وعلى هدى القانون المدني المصري والسوري والمشروع الاردني عالج هذا المشروع ( الواجب ديانة ) في مجال الكلام على اثار الالتزام اذ ان سمته تظهر في اثاره كالالتزام الطبيعي .
مصطلح ( الواجب ديانة ):
واذا كان القانون عبر بلفظ ( الالتزام الطبيعي ) فقد رؤي في هذه المذكرة استعمال عبارة ( الواجب ديانة) نزولا على لغة الفقهاء من ناحية ولان عبارة القانون تبدو غريبة عن الفقه الاسلامي من ناحية اخرى.
وابقينا التعبير بـ( الالتزام ) للتعبير عن الواجب قضاء لانه تعبير متردد في جنبات المشروع كله وقد جرت به اقلام الفقهاء المسلمين قديما ( مع خلاف في النطاق ) وحديثا بمعناه المقصود هنا .
نص المشروع :
قصد بالفقرة الاولى من هذه المادة بيان حكم الالتزام ( اي الواجب قضاء ) من انه يجوز تنفيذه قهرا . فللدائن بالتزام مدني ( اي بواجب قضاء ) ان يجبر مدينه على الوفاء بحقه كاملا اما عن طريق الوفاء عينا واما عن طريق الوفاء بمقابل على ما سيأتي :
ويؤخذ من هذا ان الواجب ديانة ( اي الالتزام الطبيعي ) لا يجوز تنفيذه جبرا وهو ما نصت عليه الفقرة الثانية . وبذا يتبين من الفقرتين وجه المقابلة بين الالتزام المدني ( الواجب قضاء) والواجب ديانة ( الالتزام الطبيعي ) فالاول - كما تقدم - يجوز تنفيذه جبرا اما الثاني فعلى النقيض من ذلك لا يكون تنفيذه الا اختيار .
وهي تقابل المواد (199) مصري و( 200) سوري ومشروع اردني و( 246) عراقي .
تتناول هذه المادة الاثر الرئيسي للواجب ديانة ، وهو ينحصر في جواز الوفاء به .
ويشترط لصحة هذا الوفاء ان يقوم به المدين من تلقاء نفسه دون اجبار وان يكون حاصلا عن بينة منه اي وهو يدرك انه يستجيب لمقتضى الواجب ديانة وانه غير ملزم قضاء به .
فاذا تحقق هذا الشرط كان لاداء المدين - في القانون - حكم الوفاء لا حكم التبرع ، ويتفرع على ذلك اربعة احكام هي :
1. امتناع المطالبة برد ما دفع ، فهو لم يؤد وفاء لدين غير مستحق او تبرعا يجوز الرجوع فيه وانما ادى وفاء لما هو واجب ، لا يدفعه الى ذلك نية التبرع .
2. عدم اشتراط شكل خاص للوفاء به التبرعات ( فالغالب ان القانون يشترط فيها شكلا خاصا ).
3. الاكتفاء في تنفيذ الواجب ديانة بأهلية الوفاء بوجه عام دون اشتراط اهلية التبرع .
4. اعتبار اداء المدين وفاء لا تبرعا وبوجه خاص فيما يتعلق بتطبيق احكام تصرفات المريض مرض الموت مع ملاحظة انه قد يفرض في تصرفات المريض مرض الموت انه تبرع حتى يثبت انه ليس كذلك بل معاوضة ، فيفرض في هذا الوفاء انه تبرع حتى يثبت الدائن انه وفاء لواجب ديانة.
( تراجع المذكرة الايضاحية للمادة السابقة ) وهي تقابل المواد (201) مصري و( 202) سوري ومشروع اردني .
تراجع المذكرة الايضاحية للمادة ( 313) من هذا المشروع .
الفصل الثاني
وسائل التنفيذ
الفرع الأول
التنفيذ الاختياري
أولا : الوفاء :
أ. طرفا الوفاء :
نظرة عامة
جرى المشروع على صياغة القانون المدني المصري والسوري والمشروع الأردني والقانون المدني العراقي من عزل الأحكام المتعلقة بالوفاء عن الأحكام المتعلقة بآثار الالتزام مع ما بين هذه وتلك من وثيق الصلات في نواح عدة مما جعل بعض التقنينات كالتقنين السويسري والتقنين البولوني إلى جمع هاتين الطائفتين تحت عنوان مشترك ، هو (تنفيذ الالتزامات) .
وقد حرص المشروع - اقتداء بصياغة التقنين المصري وما جرى مجراه من التقنينات العربية - على ضبط حدود بعض الأحكام ضبطاً دون شك وإعطائه نصيبه من الأهمية . فعرضت النصوص الخاصة بتعيين من يصح منه الوفاء للأحوال التي يصح فيها الوفاء من الغير .
أما الأحكام الخاصة بتعيين من يصح الوفاء له فقد أقام المشروع قرينة لصالح من يقدم مخالصة صادرة من الدائن على ثبوت صفة في استيفاء الدين كما عمد إلى بيان الأحوال التي يجوز فيها الوفاء للغير .
وقد فصل القواعد الموضوعة المتعلقة بالعرض الحقيقي والإيداع ، رغم انه أحال بشأنهما إلى أحكام قانون المرافعات. فعرض لأعذار الدائن وما يترتب عليه من آثار كما عرض لأثار الرجوع في الإيداع . وقد عني كذلك بالنص على إجراءات خاصة تستجيب لما تقتضيه طبيعة الوفاء بالأشياء التي لا تقبل الإيداع أو التي يسرع إليها التلف . على أن الفكرة الجوهرية في الإيداع بأسره تتمثل في القاعدة التي تكفلت المادة (327) من المشروع بتقريرها في العبارة الآتية :
(يقوم العرض الحقيقي بالنسبة للمدين مقام الوفاء إذا تلاه إيداع يتم وفقاً لأحكام قانون المرافعات أو تلاه أي إجراء آخر مماثل وذلك ، إذا قبله الدائن أو صدر حكم بصحته) وعلى هذا النحو يصبح الوفاء عند الالتجاء إلى الإيداع ، وعدم قبول الدائن له ، تصرفاً ينعقد بإرادة منفردة مع أنه في الأصل تعاقد لا يتم إلا بتوافق إرادتين .
هذا وقد أفردت نصوص خاصة للأحكام المتعلقة بمحل الوفاء تضمنت القاعدة الأساسية في هذا الشأن ، فأوجبت أن يكون الوفاء بعين ما يرد الالتزام عليه وأن يكون كاملاً دون تجزئة أو تعويض ، فلا يجوز إلزام الدائن بالاقتصار على استيفاء جزء من حقه ، إلا فيما استثني من الأحوال . وقد عرضت هذه النصوص للقواعد المتعلقة باحتساب الخصم عند تعدد الديون فأجملتها إجمالا وافياً ثم تناولت أخيراً إثبات الوفاء فاقتصرت بشأنه على إقرار حق المدين في الحصول على مخالصة تاركة ما عدا ذلك للأحكام المتعلقة بالإثبات بوجه عام .
?
المذكرة الايضاحية :
?1. يصح الوفاء من المدين نفسه او ممن ينوب عنه نيابة قانونية اواتفاقية ، كالوصي والوكيل. على ان اللدائن ان يستلزم الوفاء من المدين نفسه ، اذا كانت مصلحته تقتضي ذلك (م 356 من المشروع).
2. ويصح الوفاء ايضا من كل ذي مصلحة كالكفيل والمدين المتضامنين .
3. ويصح كذلك من ليست له مصلحة فيه ، كما هي الحال فيمن يقوم بقضاء الدين عن المدين تفضلا ، ولو على غير علم منه . بل وللغير ان يقوم بالوفاء رغم ممانعة المدين ، وفي هذه الحالة لا تكون له صفة الفضولي .
ويلزم الدائن بقبول الوفاء من الغير ، في هذه الاحوال جميعا ولا يمتنع هذا الالتزام الا حيث يعترض الدائن والمدين معا على الوفاء من غير ذي مصلحتة فيه . ولا يكفي في ذلك اعتراض احدهما استقلالا فاذا اعترض المدين على الوفاء ، جاز للدائن رغم ذلك ان يقبله ، واذا اعترض الدائن وحده كان للغير ان يلزمه بقبوله ما دام ان المدين لم يقم بابلاغ اعتراضه .
( تراجع المواد 196و 197 و 202 و 205 من مرشد الحيران ).
وهي تقابل المواد ( 322) سوري ومشروع اردني و( 375) عراقي و( 323) مصري .
يشترط في الموفي ، سواء كان هو المدين او غيره ان يكون مالكا لما وفى به حتى اذا استحق الشيء الموفى بالبينة واخذه صاحبه او هلك واخذ بدله فللدائن الرجوع بدينه على غريمه .
وانه اذا كان المدين صغيرا مميزا ، او كبيرا معتوها ، او محجورا عليه لسفه او غفلة ودفع الدين الذي عليه ، صح دفعه ، ما لم يلحق الوفاء ضررا بالموفي ، رعاية لمصلحة من ليسوا اهلا للتصرف .
( تراجع المادتان 219 و 221 من مرشد الحيران ).
وهي تقابل المادتان ( 376 و 377) من القانون العراقي والمادة ( 325) مصري والمادة ( 324) سوري ومشروع اردني .
تعرض هذه المادة لحالة ما اذا كان المدين مدينا لاكثر من واحد ووفى لبعضهم دون بعض.
- فاذا كان المدين محجورا للدين فقد قضت المادة (220) من مرشد الحيران بحكمها اذ نصت على ما ياتي :
( اذا كان المديون محجورا عليه بسبب ديونه ودفع من امواله المحجور عليها دينا في ذمته لاحد غرمائه فلسائر غرمائه نقض تصرفه واسترداد المبلغ الذي دفعه.
- واذا كان المدين مريضا مرض الموت فقد نصت المادة ( 378) من التقنين العراقي على انه ( لا يصح للمدين ان يوفي دين احد غرمائه في مرض موته اذا ادى هذا الوفاء الى الاضرار ببقية الدائنين.
وقد رؤي في المشروع جمع الحالتين في هذه المادة لان حكمها في الاصل واحد وهو عدم النفاذ في حق الدائنين الاخرين .
الاصل ان الدائن هو ذو الصفة في استيفاء الدين وله ان ينيب عنه وكيلا في ذلك ، ويتعين على الوكيل في مثل هذه الحالة ان يقيم الدليل على صفته وفقا للاحكام العامة في الوكالة . على ان المشروع قد جعل من التقدم بمخالصة صادرة من الدائن قرينه كافية في ثبوت صفة استيفاء الدين لمن يحمل تلك المخالصة ، ما لم تنف دلالة هذه القرينة بالاتفاق على وجوب الوفاء للدائن شخصيا . فاذا اتفق على ذلك كان للمدين ان يرفض الوفاء لمن يتقدم له بالمخالصة الصادرة من الدائن حتى يستوثق من ثبوت صفته في استيفاء الدين .
وتثبت صفة استيفاء الدين كذلك لمن ينوب عن المدين نيابة قانوينة او قضائية ولمن يخلفه .
وهي تقابل المواد ( 332) مصري و( 330) سوري ومشروع اردني و(383و384 ) عراقي .
تتناول هذه المادة حالة ما اذا كان الدائن عديم الاهلية او ناقصها لصغر او جنون او نحوه ففي هذه الحالة لا يكون الوفاء مبرئا لذمة المدين اذا حصل للدائن عديم الاهلية او ناقصها نفسه . وعلى الدائن ان يفي لوليه او وصيه او القيم عليه كي تبرأ ذمته . فاذا وفى للدائن عديم الاهلية او ناقصها لم تبرأ ذمة المدين فاذا هلك الشيء الموفى به في يد عديم الاهلية او ناقصها او ضاع من يده فللولي او الوصي او القيم على الدائن مطالبة المدين بالدين .
( تراجع المادتان 217 و 218 من مرشد الحيران ).
وهي تقابل المادتين ( 383 و 384) من القانون العراقي .
?ج. رفض الوفاء :
نظرة عامة
قد يحتاج الوفاء ، علاوة على عمل من المدين إلى عمل من الدائن وقد يرفض الدائن القيام بهذا العمل ويرغب المدين في إتمام الوفاء بالتزامه كي تبرأ ذمته - في هذه الحالة رسم القانون طريقاً للمدين كي يفي بإرادته وحدها .
والدائن قد يرفض استيفاء الدين لأنه اعتقد أن المدين لا يوفيه له كاملاً أو لا يوفيه له وفاء صحيحاً أو نحو ذلك في حين يعتقد المدين أنه يقوم بوفاء صحيح - فأمام هذا الخلاف لا يجد المدين بدأ من عرض الدين وإيداعه وقد يكون الدائن متعنتاً في رفضه لاستيفاء الدين فهنا أيضاً ، ومن باب أولى يحق للمدين أن يعرض الدين ويودعه . ويماثل رفض الدائن لاستيفاء الدين أن يقتضي الوفاء تدخل الدائن فيمتنع عن ذلك ، كما لو كان الدين واجب الوفاء في موطن المدين وأبى الدائن أن يسعى إليه في هذا الموطن . وقد يسبق الدائن الحوادث فيعلن ، قبل أن يعرض المدين الوفاء ، أنه لم يقبله إذا عرض عليه ، فعندئذ يحق للمدين أن يعرض الدين عرضاً حقيقياً ثم يودعه .
كما أن المدين قد يجد نفسه في حالة يتعذر معها أن يوفي دينه للدائن مباشرة كما في الحالات الآتية :
1. أن يجهل المدين شخصية الدائن أو موطنه كان يموت الدائن الأصلي عن ورثة انتقل إليهم الدين ولكن المدين يجهل من هم هؤلاء الورثة أو أين موطنهم وقد حل الدين ويريد المدين أن يتخلص منه بالوفاء ، فلا يعرف لمن يوفيه . عند ذلك لا يسعه إلا أن يودع الدين على ذمة صاحبه دون عرض حقيقي أو أعذار ، إذ يجهل من هو الدائن الذي يعرض عليه الدين أو أين هو .
2. أن يكون الدائن عديم الأهلية أو ناقصها ولم يكن له نائب يقبل عنه الوفاء فلا يجد المدين بدا من إيداع الدين على ذمة هذا الدائن دون أن يعرضه عليه عرضاً حقيقياً إذ ليست للدائن أهلية الاستيفاء .
3. أن يكون الدين متنازعاً عليه بين عدة أشخاص وهنا أيضاً لا يجد المدين من الحكمة أن يحمل هو التبعة في حسم هذا النزاع فيوفي الدين لمن يعتقد أنه على حق من المتنازعين ، وإلا كان مسؤولاً عما قد يقع فيه من الخطأ فلا يجد بدا من إيداع الدين على ذمة أي من المتنازعين يكون هو الدائن الحقيقي دون أن يسبق هذا الإيداع عرض للدائن ومثل ذلك أن يموت الدائن فيتنازع الدين الوارث وموصى له بالدين إذ يطعن الوارث في الوصية بالبطلان .
4. أن تكون هناك أسباب جدية تمنع المدين من عرض الدين على الدائن وهو مع ذلك يريد الوفاء به فليس أمامه إلا أن يودعه على ذمة الدائن مثال ذلك أن يريد المشتري الوفاء بالثمن للبائع ، ولكن البائع يمتنع عن القيام بما يجب للتصديق على إمضائه في عقد البيع فلا يجد المشتري بدا من إيداع الثمن على ذمة البائع بشرط إلا يقبضه إلا بعد التصديق على الإمضاء ، ثم يعمد بعد ذلك إلى رفع دعوى بثبوت البيع ومثل ذلك أيضاً أن يريد المدين الوفاء بدين لغير الدائن حق فيه ، ولا يستطيع المدين أن يحصل على مخالصة من هذا الغير ، فلا يسعه في هذه الحالة إلا أن يودع الدين .
وفي هذه الفروض المتقدمة التي يتعذر فيها على المدين الوفاء للدائن ليس على المدين إلا أن يودع الدين دون حاجة إلى عرض حقيقي فتبرأ ذمته من الدين .
ففي هذه الحالات يجوز للمدين ايداع الدين بعد عرض حقيقي او دون عرض .
وطريقة العرض الحقيقي والإيداع المشار إليها هي الطريقة المتبعة في القوانين اللاتينية أما التقنين الألماني فقد اتبع طريقة أبسط ، إذ اكتفى بمجرد أعذار الدائن .
(السنهوري، الوسيط ،3: الهامش ص 732) . والنهج الألماني المشار إليه أقل بعداً عن مسلك الفقه الإسلامي في ذلك من غيره .
في القانون المصري :
وقد رسم القانون المصري (والسوري والمشروع الأردني) طريقاً للعرض الحقيقي والإيداع فجعل هناك ثلاث مراحل :
- الأولى : مرحلة أعذار الدائن وما يترتب على هذا الأعذار من نتائج قانونية وقد انفرد بذكرها القانون المدني .
- الثانية : مرحلة عرض الدين عرضاً حقيقياً على الدائن . وقد انفرد برسم إجراءاتها قانون المرافعات .
- الثالثة : مرحلة إيداع الدين على ذمة الدائن - وقد اشترك في رسم إجراءاتها القانون المدني وقانون المرافعات .
المرحلة الأولى - مرحلة أعذار الدائن :
إذا عرض المدين الوفاء على الدائن عرضاً فعلياً صحيحاً فرفض الدائن قبول الوفاء ، فعلى المدين أن يسجل على الدائن رفضه بإعلان رسمي على يد محضر ويعتبر هذا الإعلان أعذارا للدائن برفضه للوفاء ويترتب على هذا الأعذار نتائج هامة منها :
1. تحميل الدائن تبعة هلاك الشيء أو تلفه وذلك إذا كان الهلاك أو التلف مما يحمل المدين تبعة قبل أعذار الدائن مثال ذلك المبيع ، فقبل التسليم يكون ضمانه من البائع وبعد الأعذار يصير من المشتري .
2. وقف سريان الفوائد فيما إذا كان الدين نقوداً تنتج فوائد سواء كانت اتفاقية أو قانونية .
3. جواز عرض المدين للدين على الدائن عرضاً حقيقياً وإيداعه إياه بعد ذلك على نفقة الدائن ( م 450 مرافعات و335 و339 و340 مدني ).
4. مطالبة المدين للدائن بتعويضه عن الضرر الذي أصابه من جراء امتناع الدائن دون مبرر عن استيفاء الدين كأن يكون محل الدين عيناً معينة بالذات ويمتنع الدائن دون مبرر عن تسلمها فتبقى شاغلة للمكان الذي هي فيه مدة طويلة فللمدين أن يطالب الدائن بتعويض عن ذلك .
وقد أورد القانون المدني المصري بشان هذه المرحلة المادتين (334 و 325) ونصهما :
م334 مصري (332 سوري ومشروع أردني) - (( إذا رفض الدائن دون مبرر قبول الوفاء المعروض عليه عرضاً صحيحاً أو رفض القيام بالأعمال التي لا يتم الوفاء بدونها أو أعلن أنه لن يقبل الوفاء - اعتبر انه قد تم اعذاره من الوقت الذي يسجل المدين عليه هذا الرفض بإعلان رسمي )) .
م 335 مصري (333 سوري ومشروع أردني) - (( إذا تم اعذار الدائن ، تحمل تبعة اهلاك الشيء أو تلفه ووقف سريان الفوائد ، وأصبح للمدين الحق في إيداع الشيء على نفقة الدائن ، والمطالبة بتعويض ما أصابه من ضرر)) .
المرحلة الثانية - مرحلة العرض الحقيقي :
ويلاحظ أن طريقة العرض الحقيقي والإيداع التي سار عليها التقنين المدني أو تقنين المرافعات في مصر فيما يستخلص من مجموع نصوصهما ، هي الطريقة المتبعة في القوانين اللاتينية أما التقنين الألماني (293- 304) فقد اتبع طريقة أبسط إذ اكتفى بمجرد أعذار الدائن (السنهوري ، الوسيط 3: الهامش 3 ص732) .
في الفقه الإسلامي :
لا نرى في الفقه الإسلامي مثل التنظيم المفصل المتقدم في حالة رفض الدائن قبول الوفاء حيث يلزم منه القيام بعمل ليتم الوفاء ، وقد ورد في مرشد الحيران نص عام هو نص المادة 209 ويقضي بأنه : (( إذا عرض المديون مبلغ الدين على غريمه فامتنع من قبضه فله أن يرفع الأمر إلى الحاكم ليأمره بقبضه)) .
في المشروع :
رؤي تفصيل الحكم الوارد في المادة (209) من مرشد الحيران على نسق القوانين العربية (المصري والسوري والمشروع الأردني والقانون العراقي) مع الاستمساك بعدم الخروج على القواعد المقررة في الفقه الإسلامي .
وهناك محل للتساؤل : هل يتبع هذا التنظيم حتى إذا كان يكفي في الوفاء مجرد التخلية كما هو الحال في وفاء البائع بالتزامه بتسليم المبيع فد قضت محكمة الاستئناف المختلطة في مصر بأن من أراد أن يخلي عقاراً هو ملزم بتخليته ، أن يعرض التخلية عرضاً حقيقياً (استئناف مختلط مايو سنة 1910م ز ص306) ، (السنهوري ،الوسيط ، 3: الهامش ص 732) .
المذكرة الايضاحية :
1. تتناول هذه المادة اعذار المدين الى الدائن انه (اي المدين ) قد قام بما يجب عليه للوفاء ، وانه يدعوه للقيام بما يجب عليه من ناحيته لاتمام الوفاء ويحدد له مدة لذلك ، او يسجل عليه رفضه القيام من ناحيته بالاعمال التي لا يتم الوفاء بدوها كامتناع المشتري من التصديق على امضائه لاجراء تسجيل عقد البيع او تصريحه بانه لا يقبل الوفاء .
وقد رتب المشروع على الاعذار اثارا هامة ستتناولها المواد الاتية:
2. وقد اضيف في المشروع عبارة ( حيث يجب قبوله ) وهي غير واردة في القانون المصري ولا السوري ولا المشروع الاردني ولا القانون العراقي ، ذلك انه قد يتم الوفاء - في الفقه الحنفي - بعمل من جانب المدين وحده كما هو الحال في البيع حيث يتم وفاء البائع بالتزامه بتسليم المبيع بمجرد التخلية بين المشتري وبين المبيع على وجه يتمكن من قبضه بدون مانع ، فاذا فعل البائع ذلك واستطاع اثباته برئت ذمته . الا انه في بعض حالات اخرى يجب على الدائن ان يقوم من ناحيته بعمل كي يتم الوفاء كما اذا كان محل الالتزام دفع مبلغ من النقود كالتزام المشتري بدفع الثمن لا يتم الوفاء به بمجرد بل لابد من القبض الحقيقي . وهنا يلزم الاعذار اذا رفض الدائن قبول الوفاء رغم صحته . كما قد يلجأ الى الاعذار لاثبات قيام المدين بالتزامه في الحالات التي تكفي فيها التخلية اذ قد تكون التخلية نفسها محل نزاع بين الطرفين فحسما لاسباب الخلاف يلجأ المدين الى الاعذار.
3. وقد اكتفى القانون المدني المصري والسوري والمشروع الاردني بالانذار لاتمام الاعذار دون اشتراط العرض الحقيقي والايداع . اما القانون المدني العراقي فلم يكتف كي يتم اعذار الدائن بانذاره بل اوجب الايداع بعد اقتضاء الفترة المحددة في الانذار ثم انذاره بهذا الايداع (م385) واوجب كي يقوم الايداع مقام الوفاء ان يقبله الدائن او يصدر حكم بصحته وعندئذ تترتب الاثار التي تترتب على الاعذار في القانون المدني المصري والسوري والمشروع الاردني وهي ان تكون نفقات الايداع على الدائن وان تكون تبعة الهلاك على الدائن من وقت الايداع ( السنهوري الوسيط 3: الهامش 2 ص 728 - 729 ) والهامش ( 3ص 734-735 والهامش 3ص 742 - 743).
وقد رؤي في المشروع سلوك مسلك القانون المصري والسوري والمشروع الاردني اذ ان الاعذار غير موجود في الفقه الاسلامي وانما اخذ به المشروع من باب التنظيم وتيسير الاثبات وهو في ذلك كاف وليس ما يدعو الى السير خطوة اخرى لم ترد في الفقه الاسلامي وهو الايداع كما فعل القانون المدني العراقي .
وهي تقابل المواد (334) مصري و ( 332) سوري ومشروع اردني و ( 385) عراقي .
1. يترتب على اعذار الدائن ، حيث يجب على ما سلف في المادة السابقة الاثار القانونية الاتية :
- انتقال تبعة هلاك الشيء من المدين الى الدائن حيث يحمل المدين تبعته قبل اعذار الدائن .
- تخويل المدين الحق في ايداع الشيء محل الالتزام على نفقة الدائن.
- حق المدين في المطالبة بتعويض ما اصابه من ضرر من جراء ذلك.
ومثال ذلك ان يكون محل الدين عينا معينة بالذات ، ويمتنع الدائن دون مبرر عن تسليمها فتبقى شاغلة للمكان الذي هي فيه مدة طويلة فيكون للمدين في هذه الحالة ان يطالب الدائن بتعويض عن الضرر الذي اصابه من جراء ذلك ، ويتمثل هذا التعويض عادة في اجرة هذا المكان طوال المدة التي شغل فيها العين دون مبرر ( السنهوري الوسيط ، 3 : 737 ).
وهي تقابل المواد ( 335) مصري و(333) سوري ومشروع اردني و(386) عراقي.
تراجع المواد السابقة من هذا المشروع ، وهي تقابل المواد (336) مصري و(334) سوري ومشروع اردني و(385) و (387) عراقي.
تتناول هذه المادة حكم الاشياء التي يسرع اليها التلف او يكلف ايداعها او حراستها نفقات باهظة ففي هذه الحالة اجاز المشروع للمدين استئذان المحكمة في بيع الشيء وايداع ثمنه خزانة المحكمة . وفي حالة الضرورة لا يشترط استئذان المحكمة.
وقد نص على ذلك القانون المدني العراقي بخلاف القانون المدني المصري والسوري والمشروع الاردني فلم تنص على ذلك . بهذا اخذا المشروع .
تراجع مجموعة الاعمال التحضيرية للقانون المدني المصري (ج3 ص 204 ) .
وهي تقابل المواد ( 337) مصري و(335) سوري ومشروع اردني و( 387) عراقي .
قد يلجأ المدين الى الايداع ولو لم يعذر الى الدائن : ويقع ذلك :
- اذا كان يجهل شخصية الدائن او محله كما هو الشأن في وارث مجهول .
- او كان الدائن عديم الاهلية او ناقصا وليس له نائب يستوفي الحق باسمه .
-او كان الدين متنازعا عليه بين عدة اشخاص ولو يتيسر للمدين التثبت من صاحبه .
- او كانت هناك اسباب جدية اخرى تبرر هذا الاجراء كما اذا كان المدين يطالب بالتزام مقابل لم يتيسر له استيفاؤه قبل تنفيذ التزامه فله ان يقوم بالايداع في هذه الحالة .
وهي تقابل المواد ( 336) سوري ومشروع اردني و( 388) عراقي و ( 338) مصري .
اذا قبل الدائن العرض والايداع ( او ما يقوم مقام الايداع ) او صدر حكم نهائي بصحة العرض والايداع قام العرض في هاتين الحالتين مقام الوفاء وبرئت ذمة المدين من الدين . ولا تتاخر براءة ذمة المدين الى يوم الايداع بل تبرأ ذمته من يوم العرض فالايداع شرط في انتاج العرض لاثره واذا تحقق استند هذا الاثر في يوم العرض ومتى برئت ذمة المدين برئت كذلك ذمة المدينين المتضامنين معه والشركاء في الدين والكفلاء وسقطت التأمينات العينية التي كانت تكفل الدين كالرهن مثلا .
وهي تقابل المواد (339) مصري و( 337) سوري ومشروع اردني و( 386) عراقي .
1. ينبغي التنويه بانه من الفروض ما يكون الايداع فيه مستحيلا او مجافيا للمصلحة . فاذا كان ما يجب الوفاء به عقارا ، كان للمدين ان يعين حارسا واذا كان منقولا كان له ان يستصدر اذنا بايداعه .
اما الاشياء التي يسرع اليها التلف او التي يتطلب ايداعها او القيام بحفظها نفقات لا تتناسب مع قيمتها ، فيجوز بيعها بالمزاد العلني او بالسعر الجاري بعد استئذان القضاء وبدون استئذانه عند الضرورة ويودع الثمن خزانه المحكمة .
2. ولا يعتبر العرض الحقيقي المشفوع بالايداع او باي اجراء مماثل كالحراسة ايداع الثمن لازما ، فللمدين ان يرجع في هذا العرض قبل قبول الدائن له ، او قبل الحكم بصحته ، فاذا وقع ذلك اعتبر العرض كان لم يكن ، وظلت المسؤولية عن الدين قائمة بالنسبة للمدين والملتزمين معه والكفلاء.
3. ومتى قبل العرض المشفوع بالايداع ، او باجراء مماثل او حكم بصحته اصبح لازما وامتنع الرجوع فيه ، ويكون لهذا العرض حكم الوفاء ويستند اثره الى الماضي فيعتبر انه قد تم وقت اعلان الايداع . وتعتبر ذمة المدين والملتزمين معه بالدين والكفلاء قد برئت من هذا الوقت . على ان للدائن ان يرتضي رجوع المدين في عرضه الحقيقي بعد القبول او بعد صدور الحكم بصحته وعندئذ يعتبر الوفاء كأن لم يكن دون ان يخل ذلك بحقوق الملتزمين مع المدين بالدين او الكفلاء فهولاء تبرأ ذمتهم نهائيا ولا يكون لهذا الرجوع اثر بالنسبة لهم .
يراجع السنهوري ، الوسيط ، ( 3: 745 -750).
وهي تقابل المواد (340) مصري و ( 338) سوري ومشروع اردني و( 389) عراقي .
يقصد بالمحل هنا موضوع الوفاء لا مكانه كما يقال ( محل العقد ) اما مكان الوفاء فسيأتي الكلام عليه فيما بعد.
ينبغي ان يقع الوفاء على الشيء المستحق اصلا ، سواء اكان الالتزام به التزاما بدفع من النقود او بعمل او بالامتناع عن عمل . فليس للمدين ان يستبدل بهذا الشيء شيئا اخر ولو كان اعلى منه قيمة الا ان يرتضي الدائن منه ذلك ( الوفاء بمقابل ) .
واضافت المذكرة الايضاحية لمشروع القانون المدني المصري الى تقدم ( او ان يكون ظاهرة التعنت) وقد استنتج من ذلك بعض رجال القانون ان الدائن ليس له ان يرفض استيفاء شيء اعلى قيمة ، ولا المدين ان يرفض ايفاء شيء ادنى قيمة اذا كان في الرفض تعنت ظاهرة تطبيقا للنظرية العامة في التعسف في استعمال الحق .
وفي رد المحتار على الدر (ج3 ص 276- 277) ( قوله لان التعدين جنس واحد حكما ) ولهذا كان للقاضي ان يقضي بها دينه من غير رضا المطلوب بحجر قلت وهذا موافق لما صرحوا به في الحجر ومفاده انه ليس للدائن اخذ الدراهم بدل الدنانير بلا اذن المديون ولا فعل حاكم وقد صرح في شرح تلخيص الجامع في باب اليمين في المساومة بان له الاخذ وكذا في حظر المجتبي ولعله محمول على ما اذا لم يمكنه الرفع للحاكم فاذا ظفر بمال مديونه له الاخذ ديانة بل له الاخذ من خلاف الجنس على ما نذكره قريبا.
( تراجع المادة 222 من مرشد الحيران ).
وهي تقابل المواد (339) سوري ومشروع اردني و( 390) عراقي و ( 341) مصري .
1. اذا كان الدين معين المقادير مستحق الاداء فلا يجوز ان يلزم الدائن بقبول الوفاء بجزء منه ولو كان قابلا للانقسام ، فالاصل ان الدائن يستأدي الدين كله على ان هذا الحكم لا يجري على اطلاقه بل ترد عليه استثناءات معينة .
فقد يتفق على تخويل حق الوفاء وقد يعين القاضي للمدين اجلا معينا ليتيسر له الوفاء ( نظرة الميسرة ).
وقد اباح القانون هذه التجزئة كما هو الشأن في الخلافة على دين الدائن من طريق الميراث اذ قد يقضي القانون بتجزئة الوفاء في حالة ما اذا مات الدائن وانقسم حقه على ورثته فكل وارث يستوفي جزءا من الدين هو حصته فيه والمقاصة بقدر الاقل من الدينين اللذين يلتقيان قصاصا واحتساب الحسم من مجموع الديون بنسبة مقدار كل منهما، وحق التقسيم عند تعدد الكفلاء .
وقد يتصور اعمال قاعدة عدم تجزئة الوفاء اعمالا عكسيا لمصلحة المدين فيكون له ان يصر على اداء الدين بأسره ولو قبل الدائن الاقتصار على استيفاء جزء منه .
2. اما اذا كان الدين متنازعا فيه واقر المدين بجزء منه ، فليس له ان يمتنع عن الوفاء بهذا الجزء متى طالب به الدائن به بدعوى التريث حتى يحسم النزاع في الجزء الاخر ويتيسر له قضاء حق الدائن كاملا .
3. والفقرة الاولى حكمها منصوص عليه في مرشد الحيران ( م 215) والفقرة الثانية تطبيق لحكم الفقرة الاولى وهذه المادة تقابل المواد ( 392) عراقي و ( 342) مصري و( 340) سوري ومشروع اردني .
اذا كان المدين ملزما باداء دين واحد وما يتبعه من المصروفات وكان له ان يجزء الوفاء ، وجب ان يحسم ما يؤديه من حساب المصروفات ثم من اصل الدين ما لم يتفق على خلاف ذلك والمادة تقابل ( 343) مصري و( 341) سوري ومشروع اردني و( 393) عراقي .
تعرض هذه المادة لحكم الحالة التي يكون فيها المدين الواحد مدينا لدائن واحد بديون متعددة وكانت هذه الديون جميعها من جنس واحد وكان المبلغ المدفوع لا يفي بالديون جميعا. فتقع الحاجة عندئذ الى تعيين اي من هذه الديون المتعددة تم وفاؤه بالمبلغ المدفوع .
اما اذا تزاحم دائنون متعددون على مبلغ واحد قبل ان يحصل عليه احدهم فعلا فالامر في ذلك يخضع لاحكام التوزيع بين الدائنين او قسمة الغرماء ( يراجع السنهوري الوسيط ج 3 ص 765 وخصوصا الهامش 2 فيها وفي ص 776) .
ولما كان المدين يملك ان يجبر الدائن على استيفاء الدين ما دام الوفاء صحيحا فانه اذا تعددت الديون ووفى المدين بعضا منها ملك بطبيعة الحال ان يعين ايا من هذه الديون هو المدفوع ، ذلك ان الدين الذي يعينة يملك ان يجبر الدائن على استيفائه فيملك ان يعين انه هو الدين المدفوع.
فالمدين هو الذي يعين الدين المدفوع عند الوفاء ولكن ذلك مقيد بان يكون التعيين حاصلا وقت الدفع وبالا يكون هناك مانع اتفاقي او قانوني يحول دون هذا التعيين ويقوم المانع الاتفاقي اذا كان عند الدفع كما لو اتفق الدائن والمديون ان الدين هو دين معين ، فلا يملك اي من المدين ولا الدائن بارادته المنفردة ان يعين دينا اخر .
ويقوم المانع القانوني في حالات منها انه لا يجوز للمدين ان يعين جهة الدفع دينا اكبر قيمة من المبلغ المدفوع لانه يكون في هذه الحالة قد اجبر الدائن على قبول وفاء قيمة من المبلغ المدفوع لانه يكون في هذه الحالة قد اجبر الدائن على قبول وفاء جزئي والدائن لا يجبر كما تقدم على قبول الوفاء الجزئي فان لم يوجد مانع اتفاقي او قانوني كان المدين حرا في تعيين الدين المدفوع فله ان يصرح وقت الوفاء ان الدين الذي يدفعه هو الدين المضمون برهن او كفالة دون الدين غير المضمون. والمدين في تعيين الدين المدفوع ليس مقيدا بمراعاة مصلحة الغير فليس له ان يقدم دينا يشترك فيه مدينون متضامنون او دينا غير قابل للتجزئة او دينا له كفيل فمصلحتة لا مصلحة الغير هي التي يرعاها .
وقد اثر المشروع الاخذ بصياغة القانون المدني المصري والسوري والمشروع الاردني على صياغة مرشد الحيران والقانون المدني العراقي لعمومها خصوصا ان المجلة في المادة ( 1775) قد سلكت هي ايضا مسلك العموم .
( تراجع المواد 1775 من المجلة وشرحها لعلي حيدر و 216 من مرشد الحيران ).
وهي تقابل المواد (342) سوري ومشروع اردني و( 344) مصري و ( 393) عراقي .
اذا لم يقم المدين او الدائن بالتعيين تكفل القانون بذلك . وقد اورد المشروع في هذا الشأن قرائن معقولة على نية المدين وهو وحده مرجع التعيين فنص على ان الخصم في هذه الحالة يكون من حساب الدين المستحق الاداء، فاذا توافر هذا الوصف في ديون عدة ، فمن حساب اشد هذه الديون كلفة على المدين كما اذا كان الدين ثابتا في سند تنفيذي او كان لا تسمع الدعوى به الا بمدة طويلة جدا او كان مضمونا ولو بكفالة ، فان لم تتفاوت في الشدة فمن حساب الدين يعينه الدائن وغني عن البيان ان هذه القرائن تتمشى مع المعقول وقد وردت في نصوص بعض التقنينات قرائن اخرى منها ما يجعل البداءة للدين الاقل ضمانا ومنها ما يجعلها للدين الاقدم نشوءا او استحقاقا وقد كانت هذه القرائن جميعا محلا للنقد من وجوه .
والمادة تقابل المواد(345) مصري و( 343) سوري ومشروع اردني .
الاصل في الالتزام ان يستحق اداؤه بمجرد ترتبه ، ما لم يكن مضافا الى اجل اتفاقي او قانوني او قضائي وقد يتكفل نص القانون احيانا بتعيين ميعاد الاستحقاق (كما هو الشأن في الاجرة ).
والعبارة الاخيرة من الفقرة الاولى تواجه حالة ما اذا وجد اتفاق معلق على شرط او مقرون باجل فلا يتحتم الوفاء الا بعد حلول الاجل او تحقيق الشرط.
واجيز في الفقرة الثانية للقاضي منح المدين اجلا اذا استدعت حالته ذلك ولم يلحق الدائن من هذا التأجيل ضرر جسيم .
وقد نص على قيد الضرر الجسيم لمنح مهلة محاولة للتوفيق بين مصلحة الدائن والمدين ذلك ان تأخير الوفاء الى اي اجل قد يضر بالدائن ضررا جسيما كان يكون معولا على استيفاء هذا الدين والا كان معرضا للافلاس ففي مثل هذه الحالة يجب عدم امهال المدين لان امهاله يترتب عليه اصابة صاحب الحق بضرر جسيم وتقدير ما اذا كان الضرر جسيما او غير جسيم متروك للقاضي .
وانه وان كان نص مرشد الحيران يجعل منح المهلة للدائن الا انه رؤي في المشروع منحها للقاضي وهو مأمون في استعمال هذه الرخصة .
( تراجع مجموعة الاعمال التحضيرية للقانون المدني المصري ج 3 ص 224- 227 مذكرة المادة 483 من المشروع والمناقشات حولها وهي م 346 من القانون ).
( تراجع المادة 215 من مرشد الحيران ).
وهي تقابل المواد ( 346) مصري و( 344) سوري ومشروع اردني و( 394) عراقي .
تعرض هذه المادة لحالة الدين المؤجل وتقضي بان المدين له ان يوفي قبل حلول الاجل ويجبر الدائن على قبول الوفاء . وذلك اذا كان اجل الدين متمحضا لمصلحة المدين . اما اذا كان الاجل مراعى فيه مصلحة مشروعة للدائن فليس للمدين الا الالتزام بالاجل منعا من الاضرار بالدائن .
( وتراجع المواد212 و213 من مرشد الحيران ).
وهي تقابل المادة ( 395) عراقي .
اذا كان محل الالتزام شيئا معينا بالذات تعين الوفاء به في مكان وجود هذا الشيء، وقت نشوء الالتزام ما لم يتفق على خلاف ذلك ، صراحة او ضمنا اما ما عدا ذلك من ضروب الالتزام فيسعى الدائن الى استيفائه دون ان يسعى المدين الى الوفاء به ومؤدى هذا ان يكون الوفاء في محل المدين . وقد انشأت بعض النصوص احكاما خاصة بشأن الوفاء في بعض العقود المعينة ( كالبيع والاجارة ) .
( تراجع المواد من 285- 287 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والمادة 223 من مرشد الحيران).
وهي تقابل المواد ( 396) عراقي و( 347) مصري و( 345) سوري ومشروع اردني .
تراجع المادة ( 206) من مرشد الحيران ، وهي تقابل المادة ( 397) عراقي .
تكون نفقات الوفاء كنفقات الارسال او المخالصة او الشيك او اذن البريد على المدين ما لم يتفق على خلاف ذلك .
( تراجع المواد من 288- 292 من المجلة وشرحها لعلي حيدر ).
وهي تقابل المواد (348) مصري و( 346) سوري ومشروع اردني و( 398) عراقي .
لمن يقوم بالوفاء ، سواء اكان المدين نفسه ام الغير ان يحصل من الدائن على الدليل المثبت له ، فيطلب اليه مخالصة ويسترد منه سند الدين ، فاذا كان السند قد ضاع كان له ان يطلب الى الدائن اقرارا كتابيا بذلك . فاذا لم يستجب الدائن طلب الموفي كان لهذا ان يلجأ الى العرض الحقيقي فيتيسر له بذلك الحصول على الدليل المطلوب . وان كان الوفاء جزئيا او كان سند الدين يثبت للدائن حقوقا اخرى فليس للمدين الا المطالبة بمخالصة عما ادى والتأشير على السند بالوفاء .
وهي تقابل المواد ( 349) مصري و( 347) سوري ومشروع اردني .
تبدو اهمية الوفاء الاعتياضي في اثاره التي تترتب على طبيعة التصرف المتفق عليه بين طرفيه ، فالاتفاق على العوض ينقل ملكية ما يؤدى مقابل الوفاء وعندئذ تطبق احكام البيع كما ان اداء العوض يهيىء للمدين وسيلة لاداء دينه وابراء ذمته منه ولذا تطبق احكام الوفاء وقد ياخذ الاعتياض صورة من صور تجديد الدين التي يعقبها الوفاء نصت المادة (304) من المشروع على احقية الدائن في ان يقبل وفاء لدينه شيئا اخرا والتزاما عوضا عن دينه وتطبق على هذا الاتفاق الشرائط الخاصة بالعقود فاذا كان مقابل الوفاء عينا معينة عوضا عن الدين فان احكام البيع تسري على الاتفاق ويلتزم المدين بنقل ملكية العين الى الدائن ولا يكفي مجرد الالتزام بذلك ويحل الاتفاق الجديد محل القديم والجديد هو الذي ينقضي بالوفاء عن طريق انتقال حق الملك في العوض .
ويترتب على الاعتياض اذا كان نقل الملكية بمقابل ان تسري عليه احكام البيع ( مادة 341 من المشروع ) ومن ثم فانه يشترط توافر اهلية التصرف في الموفي وتسري الاحكام المتعلقة بضمان الاستحقاق وضمان العيب في العوض ، ويتبع ذلك انقضاء الدين وما يتبعه من ضمانات ان وجدت ولا يكون للدائن الا حق الرجوع بدعوى الضمان ما لم يطلب الحكم بفسخ الاتفاق لعيب في العوض وعندئذ يعود الدين القديم الى حالة .
وقد ذكر الوفاء بمقابل في كتب الفقه في البيع او الصلح ويتميز الفقه لاسلامي مقابل الوفاء قد يكون التزاما بينها تشترط القوانين الحديثة ان يكون مقابل الوفاء عينا معينة ولذا فقد تضمنت المادة الاولى من المشروع النص على ان مقابل الوفاء قد يكون التزاما ايضا .
وينقضي الدين في جميع الاحوال كنتيجة للمقاصة التي تقع بين الدينين على ان الوفاء بمقابل يتميز عن المقاصة في ان الدين الاخر في الوفاء بمقابل هو دين حكمي بحت ( فقرة 84 من نظرية الالتزام في الشريعة الاسلامية للدكتور شفيق شحاته صفحة 110).
وقد نصت المادة ( 1548) من المجلة على انه اذا وقع الصلح عن الاقرار على مال معين عن دعوى مال معين فهو في حكم البيع ، فكما يجري فيه خيار العيب والرؤية والشرط كذلك تجري في دعوى الشفعة ان كان المصالح عنه او المصالح عليه عقارا ، ولو استحق كل المصالح عنه او بعضه يسترد هذا المقدار- من بدل الصلح كلا او بعضا .... وصورة الصلح على الوجه الوارد في النص تنطبق على صورة الوفاء الاعتياضي وتتفق مع ما جاء في القوانين الحديثة .
( يراجع شرح المجلة لعلي حيدر المادة 1548 وما بعدها جزء 4 صفحة 27) .
وهي تقابل المواد (399 و400) عراقي و( 350 و 351) مصري و ( 348 و 349) سوري ومشروع اردني .
تناولت المواد ( 343-352) من المشروع المقاصة كوسيلة لتساقط دينين بين شخصين كل منهما دائن ومدين للاخر وقد جرت تسمية ذلك اصطلاحا بالمقاصة وقد عرفها ابن جزىء في القوانين الفقهية صفحة ( 292) بانها اقتطاع دين من دين وعرفها ابن عرفة ( شرح الخرشي على سيدي خليل جزء 4 صفحة 143) ( نظرية الموجبات في الشريعة الاسلامية للدكتور محمصاني جزء -2- صفحة 554) بانها متاركة مطلوب بمماثل صنف ما عليه لماله على طالبه فيما ذكر عليهما وقد فصل فقهاء المالكية والحنفية اقوال اختلاف جنس الدينين واتفاقهما واستخلص المشروع احكام المقاصة بحيث لا تتعارض مع ما ورد من احكام في القوانين الحديثة ومع ما ورد من احكام متناثرة في ابواب متفرقة من المشروع وقد عرفت المادة ( 343) من المشروع المقاصة من تصوير الفقهاء لطبيعتها فقد صورها بعض الفقهاء على انها ابراء من الدين بمقابل ولكن السائد انها وفاء حكمي وهي في نظر علماء القوانين الحديثة وفاء دينين في نفس الوقت وان كان البعض يرى انها تنطوي على وفاء دين واحد وهو الدين السابق في التاريخ الا ان هذا لا يعني ان الدين الاخر قد تم وفاؤه فعلا بالتقاص وقد عرفت المادة ( 343) المقاصة تعريفا ينطبق على واقعها ويتفق مع النظر الصحيح في الفقه .
والمقاصة في الفقه الاسلامي اما ان تكون جبرية ( اي حكمية ) وهي بالتالي المقاصة القانونية في القوانين الحديثة او اختيارية تتم باتفاق الطرفين ، واضيف اليهما في المشروع المقاصة القضائية والتي تتم بناء على طلب احد اصحاب الشأن من المحكمة اما بطلب اصلي او بطلب عارض اثناء قيام الخصومة امامها متى توفرت شرائطها الدينين وطبقا لما ترتأيه المحكمة من ظروف النزاع وقد بينت المادة (345) شروط المقاصة الجبرية ( القانونية ) وهي ان يكون كلا الطرفين دائنا ومدينا للاخر وان يتماثل الدينان جنسا ووصفا واستحقاقا وقوة وضعفا والا يضر اجراؤها بحقوق الغير ، فاذا تخلف شرط من هذه الشروط فان المقاصة الجبرية لا تقع وانما يجوز للطرفين ان يتفقا على اجرائها مهما كان اختلاف الدينين (م 346) وتضمن المشروع في المادتين ( 348 و 349) حالتين لا تقع فيهما المقاصة رغم توفر الشروط وهما :
1. اذا كان للوديع دين على المودع فلا يجوز له الاستيلاء على الوديعة ولو كانت من جنس الدين .
2. اذا كان للمغتصب على المالك وتوفرت ظروف الحالة السابقة .اما المادة (349) فقد نصت على حالة اتلاف الدائن عينا من مال المدين وكانت من جنس الدين فانها تسقط قصاصا فان لم تكن من جنسه فلا تقع المقاصة الا باتفاق الطرفين ( الفتاوى الهندية جزء 3 صفحة 295و 296).
ومن اثار المقاصة سقوط الدين الاقل ، ومقدار ما يقابله من الدين الاكبر ، وانما تتم بناء على طلب صاحب المصلحة فيها ، تاكيدا لعدم ارتباطها بالنظام العام ، او تخويل القضاء الحكم بها من تلقاء نفسه (المادة 350) . ومتى كانت المقاصة تقع وقت تلاقي الدينين فان اثرها يترتب ما دام الدين قائما لم ينقض عليه مرور الزمان المانع من سماع الدعوى عند طلبه (المادة 351).
اما اذا ادى المدين الدين وكان له ان يطلب المقاصة فيه بحق له فلا يجوز له ان يتمسك بضماناته اضرارا بالغير اذا كان يجهل وجوده واثبت عذره في ذلك ( المادة 352).
ومصدر هذه النصوص المواد ( 224- 231) من مرشد الحيران وما جاء في رد المحتار جزء 4 صفحة 239 وما بعدها .
والمواد تقابل ( 360 - 367) سوري ومشروع اردني و( 365 و 366 و 369) مصري و ( 408 - 416) عراقي .
اتحاد الذمتين في حقيقته ليس سببا من اسباب انقضاء الالتزام بل هو مانع طبيعي يمنع المطالبة بالدين لاتحاد صفتي الدائن والمدين في شخص واحد ويختلف عن المقاصة في انها تقوم على تلاقي دينين ثم استيفاء كل منهما قصاصا اما اتحاد الذمتين فيفترض وجود دين واحد يخلف احد طرفيه الطرف الاخر فيه ولا يستطيع ان يطالب نفسه بالدين ولذا يقف نفاذه .
وكما يتم اتحاد الذمتين في الديون فانه يتحقق في الحقوق العينية اذ ينتهي الحق المجرد ( الارتفاق) اذا اجتمع العقار المخدوم بالحق في يد مالك واحد وينتهي حق الرهن الحيازي اذا اجتمع مع حق الملكية في يد مالك واحد .
وينتهي حق الانتفاع اذا اجتمع مع حق الرقبة في يد شخص واحد ، وقد نصت الفقرة الاولى من المادة ( 353) المشار اليها على تعريف اتحاد الذمتين وقد عرفته القوانين الحديثة باتحاد الذمة الا انه في حقيقته اتحاد ذمتين ( دائن ومدين) ولذا فقد عرفته المادة على هذا الاساس .
ولما كان اتحاد الذمتين يتحقق بصورة واضحة في الميراث وللميراث احكامه في الفقه الاسلامي ومن ثم فلا يمكن اطلاق النص في الفقرة الاولى دون بيان الاستثناء في الفقرة الثانية لان قواعد الفقه الاسلامي تفرض ان الدائن لا يرث الدين الذي على التركة فالديون لا تورث ولا تركة الا بعد سداد الديون فتبقى التركة منفصلة عن مال الدائن حتى تسدد دينها له ثم يرث الدائن بعد ذلك من التركة ما يبقى بعد سداد الديون ومن ثم فلا محل لاتحاد الذمتين ولذا نص المشروع على هذا الاستثناء اعمالا الاحكام الشريعة الاسلامية .
ونصت المادة ( 354) من المشروع على انه اذا زال سبب اتحاد الذمتين باثر رجعي سقط المانع وعاد الدين الى حاله ذلك لان الدين عند اتحاد الذمتين يقف نفاذه كما اسلفنا ويبقى ، فلو اوصى دائن لمدينه بالدين وصية قابلة للبطلان فابطلال الوصية يعيد الدين الى حاله ويعتبر اتحاد الذمتين كأنه لم يكن بعد ان زال سببه باثر رجعي .
ومصدر هاتين المادتين ما ذكره الفقهاء في ديون التركة واحكام الوصية .
يراجع احكام التركات للشيخ محمد ابي زهرة صفحة 17 وما بعدها ونظرية الالتزام في الشريعة الاسلامية للدكتور شفيق شحاتة ج 1 هامش 112 فقرة 89 .
وهما تقابلان المواد ( 368) سوري ومشروع اردني و( 418 و419) عراقي و ( 370) مصري .
الفرع الثاني
التنفيذ الجبري
أولا : التنفيذ العيني :
نظرة عامة :
الالتزامات التي يتناولها هذا الفصل :
تناول القانون المدني المصري (وكذا السوري والمشروع الأردني والقانون العراقي) في هذا الفصل ثلاثة أنواع من الالتزامات هي :
- الالتزام بنقل الملكية أو حق عيني آخر .
- الالتزام بعمل .
- الالتزام بالامتناع عن عمل .
(المواد (204) وما بعدها و(205) وما بعدها سوري ومشروع أردني و(247) وما بعدها عراقي) .
أما الالتزام بنقل الملكية (أو حق عيني آخر) فان ذلك أن وجد في القانون فأنه لا يوجد في الفقه الإسلامي ذلك أن التصرف بنفسه هو الذي ينقل الملكية أو الحق العيني بوصفه حكماً من أحكام التصرف فالبيع في الفقه الإسلامي ينقل بنفسه ملكية المبيع من البائع إلى المشتري فلا ينشأ عن العقد التزام بذلك بخلاف الحال في القانون فالبيع ينشئ أولا في ذمة البائع التزاما بنقل الملكية ثم يقضي القانون بأن هذا الالتزام ينفذ من تلقاء نفسه . لذا كان طبيعياً أن يعالج القانون المصري (وما اشتق منه) الالتزام بنقل الملكية وقد عالجه في المواد (204) وما بعدها على ما سلفت الإشارة .
أما في الفقه الإسلامي فلا مجال للكلام على هذا الالتزام بصدد تنفيذ الالتزام بعد معالجة ذلك في المشروع في آثار العقد (م199 وما بعدها من المشروع) حيث نص على ما يأتي :
(م199) (1. يثبت حكم العقد في المعقود عليه وبدله بمجرد انعقاده دون توقف على القبض أو أي شيء آخر ما لم ينص القانون على غير ذلك) .
2. اما حقوق العقد فيجب على كل من الطرفين الوفاء بما اوجبه العقد عليه منهما.
م (200) ( عقد المعاوضة الوارد على الأعيان إذا استوفى شرائط صحته يقتضي ثبوت الملك لكل واحد من العاقدين في بدل ملكه والتزام كل منهما بتسليم ملكه المعقود عليه للأخر ويبقى من أنواع الالتزام :
- الالتزام بالقيام بعمل .
- الالتزام بالامتناع عن عمل .
- والأول يشمل :
الالتزام بدفع مبلغ معين كالتزام المشتري بدفع الثمن للبائع .
الالتزام بتسليم عين معينة كالتزام البائع بتسليم المبيع المعين بالتعيين إلى المشتري والتزام الوديع برد الوديعة ... الخ .
الالتزام بالحفظ كالتزام الوديع بحفظ الوديعة .
القيام بعمل معين كالتزام الأجير بالقيام بالعمل المتفق عليه .
والثاني (الالتزام بالامتناع عن عمل) مثاله : أن يلتزم جار لجاره بأن لا يبني على مسافة معينة أو لا يعلو بالبناء عن ارتفاع معين وقد انتشر الآن هذا النوع من التعاقد وقد أجازه المشروع نتيجة أخذه بقاعدة أن الأصل في العقود الصحة .
التنفيذ العيني : الأصل أن للدائن المطالبة بتنفيذ الالتزام عيناً وللمدين عرض القيام بذلك ما بقي هذا التنفيذ ممكناً . ولم يستثن المشروع من هذه القاعدة إلا حالة واحدة ، استمد فكرة حكمها من القانون المدني المصري الذي استمد الحكم بدوره من التقنين الألماني وهي حالة ما إذا لم يكن التنفيذ العيني ميسوراً إلا ببذل نفقات لا تتناسب مع ما ينجم من ضرر من جراء التخلف عن الوفاء عيناً ، فأجاز للقاضي بناء على طلب المدين ، قصر حق الدائن ، استثناء ، على اقتضاء عوض (م 215-2) .
والسند الفقهي للمشروع في هذا الاستثناء قاعدة (إذا بطل الأصل يصار إلى البدل) (م 53 من المجلة) و( والمشقة تجلب التيسير) (م 17 مجلة). و(الأمر إذا ضاق اتسع) (م 18 مجلة) و(لا ضرر ولا ضرار)(م19مجلة) (والضرر يزال) (م 20مجلة) (والضرر الأشد يزال بالضرر الأخف) (م27 مجلة) (وإذا تعارض مفسدتان روعي أعظمها ضرراً بارتكاب أخفهما) (م 28مجلة) و(يختار أهون الشرين) (م 29مجلة) و(درء المفاسد أولى من جلب المنافع)(م 30مجلة) و(الضرر يدفع بقدر الإمكان)(م 31مجلة) و(الحاجة تنزل منزلة الضرورة عامة أو خاصة )(م 32مجلة) .
ويراعى أن حكم القاعدة العامة تتفاوت تفاصيله عند التطبيق باختلاف أقسام الالتزامات :
1. فإذا كان محل الالتزام القيام بعمل ولم يقم به المدين كان للدائن القيام به على نفقة المدين بترخيص من القضاء أو بدون ترخيصه في حالة الاستعجال متى كان هذا التنفيذ ممكناً . فإذا تبين أن قيام المدين بتنفيذ الالتزام بنفسه ضرورة لا معدى عنها فللدائن أن يرفض الوفاء من غير هذا المدين (م 356) وقد يقوم حكم القاضي مقام التنفيذ العيني (م357) كما هو الشأن في عقد بيع لم يصدق على إمضاء البائع فيه حيث يستوجب ذلك إجراء أوجبه القانون كالتسجيل .
2. إذا كان محل الالتزام المحافظة على الشيء أو القيام بإدارته أو بتوخي الحيطة في التنفيذ إلى حين تسليمه ، وهو التزامه بالقيام بعمل ، فمن واجب المدين أن يبذل في تنفيذ الالتزام بالمحافظة والتسليم عناية الرجل المعتاد إلا إذا نص القانون أو قضى الاتفاق بغير ذلك (م358) .
3. أما الالتزام بالامتناع عن عمل فيتم تعويضه عيناً ، متى كان ذلك ممكناً بإزالة ما جد على خلاف مقتضى التعهد على نفقة المدين (م 359) وتعرض بصدد هذا الالتزام تلك الحالة الاستثنائية التي لا يكون التنفيذ العيني فيها ميسوراً إلا ببذل نفقات فادحة ، تستتبع إرهاق المدين (م 355-2) ومثال ذلك إقامة المدين بناء عظيماً ، خلافاً لتعهده بعدم البناء فللقاضي في هذه الحالة قصر حق الدائن على التعويض ، دون الهدم إذا كان يصيب المدين من جرائه ضرر لا يتناسب مع ما يحيق بالدائن من وراء الإبقاء على البناء عملاً بالقاعدة الشرعية الضرر الأشد يزال بالضرر الأخف المادة (27) من المجلة .
ويراجع الوسيط للسنهوري ج (2) ص (800- 804) .
?المذكرة الايضاحية :
1. اذا كان تنفيذ الالتزام يدخل في حدود الامكان فمن حق الدائن ان يستأديه ومن حق المدين ان يعرض القيام به ولا يجوز العدول عن هذا التنفيذ الى طريق التعويض ( اي اخذ عوض ) الا بتراضي المتعاقدين ، ذلك ان التعويض لا ينزل من التنفيذ العيني منزلة التزام تخييري او التزام بدلي . فهو ليس موكولا للتخيير لان رخصة العدول عن الوفاء عينا الى الوفاء بمقابل غير ثابتة لاي من المتعاقدين ، سواء في ذلك الدائن او المدين ، فمن واجب الاول ان يعرض الوفاء عينا ومن واجب الثاني قبول هذا الوفاء ، وهو ليس بديلا لان المدين لا يملك اعطاء العوض النقدي ما بقي الوفاء العيني ممكنا.
2. بقي بعد ذلك تحديد فكرة امكان التنفيذ - فمتى يمكن القول بان تنفيذ الالتزام عينا يدخل في حدود الامكان ولا سيما فيما يتعلق بميعاد التنفيذ
- اذا حدد ميعاد للتنفيذ فالمفروض ان الوفاء العيني يمتنع بعد انقضاء هذا الميعاد ، الا ان يقيم ذو الشأن الدليل على عكس ذلك.
- واذا لم يحدد ميعاد للتنفيذ جاز الوفاء عينا ما دامت الظروف تسمح به دون ان يخل ذلك بداهة بحق الدائن فيما يجب له من تعويض عن التأخير ويهيىء التقنين الالماني للدائن وسيلة لقطع الشك باليقين ، في مثل هذه الحالة ، فيبيح ان يحدد للمدين ميعادا مناسبا للوفاء عينا، وان يشفع هذا التحديد بابلاغه انه لن يقبل منه وفاءه بعد انقضاء هذا الميعاد (م250 من التقنين الالماني ) وليس ثمة ما يمنع القضاء من العمل بهذا الحكم ، دون حاجة الى الاستناد الى نص تشريعي خاص .
3. وقد استثنى المشروع حالة واحدة من حكم قاعدة عدم جواز العدول الى طريق التعويض ما بقي التنفيذ العيني ممكنا فاباح للقاضي بناء على طلب المدين ان يعمد الى النقدي اذا كان يصيب المدين من وراء التعويض العيني ضرر فادح لا يتناسب مع ما يحيق بالدائن من جراء التخلف عن الوفاء عينا . مثال ذلك ان يقيم المالك بناء خلافا لما يفرضه عليه التزام او ارتفاق بعدم البناء وهو امر كثير الوقوع، فمن واجب القاضي في هذا المقام ان يوازن بين مصالح ذوي الشأن وان يتحامى تحميل المدين تضحيات جساما درءا لضرر طفيف.
وقد تقدمت القواعد الفقهية التي يستند اليها هذا الحكم الاستثنائي وهي قاعدة ( اذا بطل الاصل يصار الى البدل ) ( م 53 من المجلة والقواعد الخاصة بالضرر والمشقة).
4. والفقرة الاولى من هذه المادة مطابقة للفقرة الاولى من المادة ( 203) من القانون المصري و( 204) من القانون السوري والمشروع الاردني . اما القانون المدني العراقي فقد اورد الحكم دون النص على وجوب الاعذار . وقد رؤي في المشروع ايراد النص على اساس الاخذ بفكرة الاعذار . باعتبار الاعذار نوعا من المطالبة .
والفقرة الثانية تقابل الفقرة الثانية من المادة (203) مصري (204) سوري ومشروع اردني .
وقد رؤي ادخال تعديل يجعل الحكم اقرب الى قواعد الفقه الاسلامي ذلك ان الحكم في القانون المصري (والسوري والمشروع الاردني ) يجعل من حق المدين نفسه ان يعمد الى التعويض النقدي اذا كان يصيبه من وراء التنفيذ العيني ضرر فادح لا يتناسب مع ما يحيق بالدائن من جراء التخلف عن الوفاء عينا وفي هذه الحالة لا يسوغ للدائن ان يطالب التنفيذ العيني بل يقتصر حقه على المطالبة باداء التعويض الواجب له ودور القاضي في هذه الحالة ان يوازن بين مصالح ذوي الشأن وان يتحامى تحميل المدين تضحيات جساما درءا لضرر طفيف ( المذكرة الايضاحية لمشروع القانون المدني المصري ) اما في المشروع فقد رؤي جعل الامر من اوله الى اخره للقاضي بناء على طلب المدين اذ طلب المدين في هذه الحالة يستهدف رفع مظلمة ، وولاية رفع المظالم الى القاضي ، وعلى كل فالنتيجة العملية النهائية واحدة وهو ان القول الفصل للقاضي .
5. والمقصود بالارهاق المشار اليه في الفقرة الثانية العنت الشديد وتقديره متروك .
6. ونطاق تطبيق هذا النص هو المعاملات المدنية لا المسائل الجنائية فالنص لا يجيز للقاضي الجنائي الحكم بالغرامة دون الازالة اذا قضى بها القانون لان الازالة عندئذ تكون عقوبة جنائية .
اذا كان الالتزام الواجب تنفيذه التزاما بعمل فينبغي التفرقة بين حالة ضرورة قيام المدين بنفسه بالوفاء ، وحالة انتفاء هذه الضرورة .
ففي الحالة الاولى يتعين على المدين ان يتولى اداء ما التزم به شخصيا كما اذا كان ممثلا او مغنيا او مصورة فان امتنع عن ذلك كان للدائن ان يلجأ الى وسائل اجبار المدين التي نص عليها القانون او التعويض النقدي وقد يكون هناك شرط جزئي متفق عليه بينهما فيطالب الدائن بتنفيذه طبقا لاحكام الشرط الجزائي .
وفي الحالة الثانية يجوز للدائن ان يقتضي التنفيذ عينا من غير تدخل المدين بأن يستصدر اذنا من القاضي يخوله ان يتولى هذا التنفيذ على نفقة المدين ( كاجراء اصلاحات عاجلة يلتزم المؤجر القيام بها مثلا ) بل يجوز التجاوز عن اذن القضاء عند الاستعجال .
والنص في القانون المدني العراقي انه ( في الالتزام بعمل اذا لم يقم المدين بتنفيذ التزامه ولم يكن ضروريا ان ينفذه بنفسه جاز للدائن .... بزيادة عبارة ( ولم يكن ضروريا ان ينفذه بنفسه) وقد كانت هذه العبارة موجودة في المادة ( 215) من المشروع التمهيدي للقانون المدني المصري فرات لجنة القانون المدني بمجلس الشيوخ حذفها لان الدائن هو صاحب المصلحة فيجب ان يترك له التقدير فيما اذا كان المدين يجب عليه ان ينفذ الالتزام بنفسه ام لا .
( تراجع مجموعة الاعمال التحضيرية للقانون المدني المصري ج 2 ص 527- 528).
والمادة تقابل المواد ( 208و 209) مصري و( 209و 210) سوري ومشروع اردني و( 249 و 250) عراقي .
يقوم حكم القاضي مقام التنفيذ العيني احيانا رغم ضرورة وفاء المدين نفسه بما التزم به فاذا امتنع البائع مثلا عن التصديق على امضائه في عقد البيع فلم يتيسر التسجيل جاز للمشتري ان يستصدر حكما بصحة التعاقد ، فيكون هذا الحكم بمنزلة العقد وتنتقل ملكية العقار المبيع بمقتضاه عند تسجيله .
وكذلك اذا وعد شخص بابرام عقد وامتنع عن الوفاء بوعده جاز للمحكمة ان تحدد له ميعادا للتنفيذ ، فاذا لم يقم بالوفاء في خلال هذا الميعاد حل حكم المحكمة محل العقد المقصود ابرامه .
ففي هذين التطبيقين يقوم الحكم مقام التنفيذ العيني ويغني عنه . وهي تقابل المواد ( 210) مصري و( 211) سوري ومشروع اردني .
1. ترد هذه المادة صور الالتزام بعمل الى طائفتين جامعتين .
اولاهما: تنظيم ما يوجب على الملزم المحافظة على شيء او ادارته او توخي الحيطة في تنفيذ ما التزم الوفاء به . وبعبارة اخرى ما يتصل الالزام فيه بسلوك الملزم وعنايته .
وثانيتهما : يدخل فيه ما عدا ذلك من صور العمل كالالتزام باصلاح الة وتقتصر هذه المادة على حكم الطائفة الاولى فتحدد مدة العناية التي يتعين على المدين ان يبذلها في تنفيذ الالتزام ( والاصل في هذه العناية ان تكون مماثلة لما يبذل الشخص المعتاد فهي بهذه المثابة وسط بين المراتب، يناط بالمألوف في عناية سواد الناس بشئونهم الخاصة ).
وعلى هذا النحو يكون معيار التقدير معيارا عاما مجردا ، فليس يطلب من المدين الا التزام درجة وسطى من العناية ، ايا كان مبلغ تشدده او اعتداله او تساهله في العناية بشئون نفسه .
2. على انه قد ينص القانون ، او يقضي الاتفاق صراحة او ضمنا ببذل عناية المدين بشئونه الخاصة وقد يكون المقصود ان تكون هذه العناية اعلى من عناية الشخص العادي او لا تقل عن عناية الشخص العادي حسب النص او الاتفاق .
( تراجع مثلا م 776 و 815 من مرشد الحيران و 780 و 781 من المجلة ).
3. ومتى تقررت درجة العناية الواجب اقتضاؤها من المدين فكل تقصير في بذل هذه العناية مهما كان طفيفا يسأل عنه المدين .
4. ومهما يكن من امر فمن المسلم ان المدين يسال على وجه الدوام عما ياتي من غش او خطأ جسيم سواء اكان معيار العناية الواجبة معيارا عاما مجردا ام خاصا معينا .
وهي تقابل المادة ( 217) مصري و( 218) سوري ومشروع اردني .
5. والقانون المدني العراقي في المادة ( 251) منه لم يورد في الفقرة الاولى عبارة ( هذا ما لم ينص القانون او الاتفاق على غير ذلك ) والفقرة الثانية منها كالاتي ( ومع ذلك يكون المدين قد وفى بالالتزام اذا هو بذل في تنفيذه من العناية ما اعتاده في شئونه الخاصة متى تبين من الظروف ان المتعاقدين قصدا ذلك ).
وما لم يورده القانون المدني العراقي في الفقرة الاولى من هذه المادة وما اورده في الفقرة الثانية من المادة تقضي به القواعد العامة .
كما انه لم يورد نصا يقابل الفقرة الثانية من المادة ( 211) مصري و( 358) من هذا المشروع ونصها ( وفي كل حال يبقى المدين مسئولا عما يأتيه من غش او خطأ جسيم ).
6. وهذه المادة وان كانت اغلب تطبيقاتها ترد في العقد الا انه قد يدخل في تطبيقاتها التزام غير عقدي كالالتزام القانوني باتخاذ الحيطة الواجبة لعدم الاضرار بالغير وهو ما قد يعبر عنه بالالتزام بعدم الاضرار بالغير ، فهذا الالتزام ليس التزاما بالامتناع عن الاضرار بالغير بل هو التزام باتخاذ الحيطة الواجبة لعدم الاضرار بالغير فهو التزام بعمل وليس التزاما بامتناع عن عمل ( السنهوري ، الوسيط ج 5 البند 424 ص 779 وعلى كل فوضع النص هنا يخول تطبيقه في كل الالتزامات مهما كان مصدرها ).
1. اذا التزم الشخص بالامتناع عن عمل واخل بهذا الالتزام فقد اصبح التنفيذ العيني مستحيلا وقد لا يمكن الا التعويض النقدي عما حصل من ضرر كحالة افشاء سر المهنة ، وقد يكون التعويض العيني ممكنا من طريق ازالة ما استحدث اخلالا بالالتزام ، وفي هذه الحالة يكون للدائن ان يستصدر اذنا من القضاء بان يقوم بهذه الازالة على نفقة المدين . والفرق بين التنفيذ العيني والتعويض العيني ان الاول يكون قبل وقوع الاخلال بالالتزام والثاني بعد وقوع الاخلال بالالتزام فازالة المخالفة تكون هي التعويض العيني .
2. وتحسن الاشارة الى جواز العدول عن التعويض العيني ولو كان ممكنا والاكتفاء بالتعويض النقدي وفقا لاحكام الفقرة الثانية من المادة (355) اذا كان يصيب المدين من جراء التنفيذ على هذا الوجه ضرر فادح ولا ينجم عن الاقتصار على التعويض النقدي ضرر جسيم الدائن كأن يقيم جار بحسن نية بناء على ارض ملاصقة فللمحكمة بدلا من ان تأمر بازالة البناء ان تقتصر على تعويض صاحب الارض الملاصقة نقدا بأن ينزل هذا عن ملكية الجزء المشغول بالبناء في نظير تعويض عادل .
3. وقد كانت المادة في المشروع التمهيدي للقانون المدني المصري (م289) تنتهي بعبارة ( وفي حالة الاستعجال يكون له ان يزيل المخالفة دون ترخيص ) فرات لجنة المراجعة حذف هذه العبارة لان الحكم الذي تتضمنه قد يوقع في اضطراب يحسن تجنبه وبهذا رؤي الاخذ في المشروع .
4. ويلاحظ ان الالتزام بالامتناع عن عمل قد يكون مصدره العقد كالتزام المغني او الممثل بعدم الغناء او التمثيل في غير مسرح معين . وقد يكون مصدره القانون كالتزام الجار الا يضر جاره ضررا فاحشا وكالتزام الطبيب والمحامي بعدم افشاء سر المهنة .
5. وهو التزام بتحقيق غاية .
يراجع مجموع الاعمال التحضيرية للقانون المدني المصري ج2 534- 535 والسنهوري ، الوسيط ج 2 ص 795- 799).
وهي تقابل المواد ( 212) مصري و ( 213) سوري ومشروع اردني و ( 253) عراقي .
اذا تم التنفيذ العيني حسب المطلوب ، واصر المدين على رفض التنفيذ فعلى المحكمة ان تحدد مقدار التعويض الذي يلزمه المدين ، مراعيا في ذلك مقدار الضرر الذي اصاب الدائن والعنت الذي بدا من المدين ، عملا بالقواعد الشرعية - الضرورات تقدر بقدرها والضرر يدفع بقدر الامكان المادتان (22 و 31) من المجلة وشرحهما لعلي حيدر وتراجع المادة ( 267) من هذا المشروع .
وهي تقابل المواد ( 214) مصري و ( 215) سوري ومشروع اردني ( 254) عراقي .
المقصود من الاعذار هو تنبيه المدين الى ان الدائن غير متهاون في حقه في التنفيذ عند الاجل ، ولذلك يصح ان يكون الاعذار عن طريق كاتب العدل كما يصح ان يكون بطريق البريد المسجل ، او باية طريقة اخرى تحقق الغرض المقصود ، وقد يتفق الطرفان مقدما على ان المدين يكون معذرا بمجرد حلول اجل الالتزام ، دون حاجة الى اي اجراء اخر . وهذا الاتفاق يلزمهما وقد وضعت المادة على وجه يحقق الغرض المقصود منها دون تحديد طريق معين ، توفيرا لمصلحة الناس حسب عرفهم وتعاملهم .
تراجع المواد ( 37 و 43 و 44) من المجلة وشرحها لعلي حيدر .
وهي تقابل المواد ( 218) مصري و( 219 و 220) سوري ومشروع اردني و( 256 و 257) عراقي .
نص في هذه المادة على الا ضرورة للاعذار في حالات معينة بعضها كان في حاجة الى هذا النص وبعضها يرجع الى طبيعة الاشياء .
اما ما كان في حاجة الى النص فالحالة التي يكون فيها محل الالتزام رد شيء يعلم المدين انه مسروق او رد شيء تسلمه دون حق وهو عالم بذلك ففي هذه الحالة يكون المدين سيء النية ويكون واجبا عليه ان يرد الشيء الى الدائن ، وليس الدائن بمقتضى النص في حاجة الى الاعذار . ومن ثم يجب على المدين ان يبادر فورا الى رد الشيء للدائن ، دون اعذار ، والا كان مسئولا عن التأخر في الرد .
واما ما يرجع الى طبيعة الاشياء وورد مع ذلك به النص فثلاث حالات :
1. اذا اصبح تنفيذ الالتزام غير ممكن او غير مجد بفعل المدين فلا معنى اذن لاعذار المدين ، واذا كان استحالة التنفيذ راجعة الى غير فعل المدين فان الالتزام ينقض ولا يسأل المدين حتى عن التعويض ، ومن امثلة ذلك:
- التزام مقاول ببناء مكان في معرض لاحد العارضين وينتهي المعرض قبل ان ينفذ المقاول التزامه .
- التزام محام برفع استئناف عن حكم وانتهى ميعاد الاستئناف قبل ان يرفعه .
- ان يكون الالتزام بالامتناع عن عمل ويخل المدين بالتزامه ويأتي العمل الممنوع.
2. اذا كان محل الالتزام تعويضا ترتب على عمل غير مشروع ، ذلك ان العمل غير المشروع واخلال بالتزام الشخص ان يتخذ الحيطة الواجبة لعدم الاضرار بالغير ومتى اخل الشخص بهذا الالتزام فاضر بالغير، لم يعد التنفيذ العيني للالتزام ممكنا فلا جدوى اذن من الاعذار - فهذه الحالة في الواقع ليست الا تطبيقا من تطبيقات الحالة السابقة .
3. اذا صرح المدين كتابة انه لا يريد القيام بالتزامه . فبعد هذا التصريح الثابت بالكتابة لا جدوى في اعذاره فهو قد رد سلفا انه لا يريد القيام بالتزامه ولا يكفي التصريح به امام شهود فالقانون قد اشترط الكتابة . على ان الظاهر ان الكتابة هنا للاثبات لو اقر المدين انه صرح بعدم ارادته القيام بالتزامه او نكل عن اليمين التي وجهت اليه لكن ذلك كافيا في اثبات التصريح المطلوب للاعذار.
(السنهوري ، الوسيط ، ج2 البند 466 ص 834- 839).
وهي توافق المادة ( 221) سوري ومشروع اردني وتقابل المواد ( 220) مصري ( 258) عراقي .
في الفقه الاسلامي :
1. القاعدة في الفقه الاسلامي ان الملتزم ملزم بالوفاء بالتزامه عينا فان لم يفعل اجبره القاضي على ذلك فان امتنع كان امتناعه معصية يستحق عليها التعزير الى ان يمتثل ونفذ على ماله بالطرق المشروعة في التنفيذ على المدين بوفاء دينه. واذا ظهر اعساره فنظرة الى ميسرة .
2. والزام المدين بمال على وجه التعويض عما احدثه بامتناعه من ضرر لم يتمثل في فقد مال ، لا تبيحه القواعد الفقهية والاصول الشرعية التي تقضي بان اخذ المال لا يكون الا تبرعا او في مقابلة مال اخذ او اتلف والا كان اكلا له بالباطل لان اساس التعويض في نظر الفقهاء . هو مقابلة المال بالمال .الا ما روي عن ابي يوسف انه يجوز التعزيز للسلطان باخذ المال وهو رواية ضعيفة كما ذكر في رد المحتار ج 3 ص 178.
3. واذا تمثل الاضرار في فقد مال بان هلك او استهلك فالواجب في المثليات المثل وفي القيميات القيمة .
4. والمنافع لا تضمن عند الحنيفة لانها ليست بمال عندهم ولكنها تضمن عند الشافعية والحنابلة لانها مال متقوم في نظرهم يتحقق فيه التعدي المستوجب للتضمين وذلك بالتعدي على مصادرها او بالحيولة بينها وبين صاحبها وهو ما اخذ به المشروع (م 54).
5. وليس على المدين تعويض مقابل اجل يعطاه للوفاء او جزاء تأخير الوفاء وان ترتب على ذلك ضرر بالدائن .
6. والتعويض لا يستحق نظير ما فات الدائن من ربح وما اصابه من خسارة الا اذا نشات هذه الخسارة عن هلاك الشيء والتعويض حينئذ كما تقدم هو المثل في المثليات والقيمة في القيميات .
( يراجع في ذلك : علي الخفيف ، الضمان 1: 17- 18 و 20و 21 و 55 - 57 و 61 وما بعدها وشفيق شحاته ، النظرية العامة للالتزامات ، الشريعة الاسلامية ص 90- 96).
7. وتطبيقا لذلك :
اذا كان الالتزام موضوعه قدرا من النقود او اشياء اخرى مثلية : فان التنفيذ العيني يكون ممكنا في ذاته . اما في النقود فظاهر واما في المثليات فلانها تقوم مقام بعضها فان لم يف المدين اجبره القاضي على ذلك ويبيع ماله ان كان له مال والا فنظرة الى ميسرة ، والدائن لا يستحق تعويضا مقابل التأخير في الوفاء لانه يكون ربا.
اذا كان الالتزام موضوعه تسليم عين: فان كانت قائمة اجبر الملتزم على تسليمها وان هلكت او استهلكت وكانت يده يد ضمان وجب عليه المثل ان كانت العين مثلية والقيمة ان كان قيمية . وان كانت يده يد امانة سقط عنه التزامه بالتسليم ولا يلزم بشيء .
اذا كان الالتزام بعمل شيء : وجب عليه القيام به عينا فان لم يقم به اجبره القاضي واذا كان مصدر الالتزام بذلك هو العقد انقضى العقد ولا يستحق تعويض الا اذا هلك الشيء وحينئذ يجب المثل او القيمة على ما تقدم .
في القانون :
ظاهر من نص القانون ان التعويض ان لم يقدر في العقد او بنص في القانون فالقاضي هو الذي يقدره ويشمل التعويض ما لحق الدائن من خسارة وما فاته من كسب بشرط ان يكون هذا نتيجة طبيعية لعدم الوفاء بالالتزام او للتأخر في الوفاء به . ويعتبر الضرر نتيجة طبيعية اذا لم يكن في استطاعة الدائن ان يتوخاه ببذل جهد معقول ومع كل ففي الالتزام الذي مصدره العقد لا يلتزم المدين الذي لم يرتكب غشا او خطأ جسيما الا بتعويض الضرر الذي كان يمكنه توقعه عادة وقت التعاقد .
وقد بينت المذكرة الايضاحية للقانون المدني المصري ذلك ويتلخص ما جاء بها في هذا المجال فيما يلي :
1. اذا لم يكن التعويض مقدار في العقد ( التعويض الاتفاقي او الشرط الجزائي ) او مقدرا بنص القانون ( كالفوائد في القانون والدية والارش في الشريعة الاسلامية ) تولى القاضي تقديره . ويناط هذا التقدير بعنصرين قوامهما ما لحق الدائن من خسارة وما فاته من كسب . ويشترط لاستحقاق التعويض ان يكون الضرر نتيجة طبيعية لعدم الوفاء بالالتزام او للتاخر فيه ، سواء اكان اساسه فوات هذا الكسب ام تحقق تلك الخسارة ، وقد عني المشروع باستعمال العبارة التي تدل على المقصود فاستعمل عبارة ( النتيجة الطبيعية ) واثرها على اية عبارة اخرى كعبارة ( النتيجة الحالة المباشرة ) التي استعملتها تقنينات اخرى كما عني بتحديد دلالة هذه العبارة تحديدا وافيا فنص على انها تنصرف الى ( الضرر الذي لم يكن في استطاعة الدائن ان يتوقاه ) ومؤدى هذا ان نصيب المدين من تبعة الضرر ينحصر فيما لا يكون للدائن قبل بتوقيه ، وهذا هو المقصود بالنتيجة الطبيعية لتخلف المدين عن الوفاء بالالتزام . وقد اريد بعبارة ( ويعتبر الضرر نتيجة طبيعية اذا لم يكن في استطاعة الدائن ...) وضع معيار يسترشد به القاضي في تقدير ما يعتبر نتيجة طبيعية لعدم الوفاء دون تقييده بهذا المعيار اذ لا مانع من ان يتخذ معيارا اخر اذا راى ذلك .
2. ويكون للمسؤولية التعاقدية ، في حالتي الغش والخطأ الجسيم ، حكم المسئولية عن الفعل الضار. اما في غير هاتين الحالتين فلا يسأل المدين عن النتيجة الطبيعية للتخلف عن الوفاء بمجردها ، بل يشترط ان تكون النتيجة مما يمكن توقعه عادة وقت التعاقد . فاذا لم يتحقق في النتيجة هذا الشرط . خرجت بذلك من نطاق المسئولة التعاقدية وسقط وجوب التعويض عنها . ويراعى في هذا الصدد ان توقع المتعاقدين للضرر الواجب تعويضه يجب الا يقتصر على مصدر هذا الضرر او سببه ، بل ينبغي ان يتناول فوق ذلك مقداره او مداه .
في المشروع :
رؤي الاخذ بحكم الفقه الاسلامي وصياغته على الوجه المتقدم مع اثبات النصوص القانونية وبناء على ذلك اكتفى في التعويض عن الضرر الادبي بما جاء في المادة (267) من المشروع الواردة في الفعل الضار وهي تقابل المواد ( 221) مصري و( 222) سوري ومشروع اردني و( 169) و( 207) عراقي .
1. تتناول هذه المادة حكم الاتفاق مقدما على مقدار التعويض عن الضرر ولا يدخل فيها حكم التعويض عن الضرر بعد وقوعه اذ لا يخشى في حالة تقدير الطرفين للضرر بعد وقوعه ما يخشى في حالة تقديره قبل وقوعه من غلط او شبه اكراه وهو ما يدعوالى بيان حكم التقدير مقدما .
2. ويفترض في هذا الحكم ان يستحق التعويض فان لم يكن التعويض مستحقا فلا يكون هناك محل لحكم هذه المادة .
2. واذا استحق التعويض وكان ما قدره به الطرفان مساويا للضرر كان بها اما ان كان ازيد او اقل فان القاضي ينقصه , او يزيده بناء على طلب احد الطرفين اذ الحكم الفقهي ان يكون التعوض مساويا للضرر الحاصل .
3. ( يراجع علي الخفيف , الضمان 1 : 56 - 57 )
4. ويختلف الحكم المقرر في هذه المادة عن احكام القانون المصري ( والسوري والمشروع الاردني والعراقي ) من اكثر من ناحية كما يتبين من مقابلة النصوص بعضها ببعض ومن ابرزها انه في المشروع يجوز للقاضي تعديل تقدير التعويض بالزيادة وبالنقص اما في القانون فيجوز بالنقص ولا يجوز بالزيادة الا اذا اقام الدائن الدليل على ان المدين قد ارتكب غشا او خطا جسيما او قصد اشتراط الاعفاء من المسؤلية حيث لا يجوز ذلك.
وظاهر ان الحكم في المشروع ابسط واعدل .
وهذه المادة تقابل المواد ( 223 - 225 ) مصري و ( 224 - 226 ) سوري ومشروع اردني و ( 170 ) عراقي .
?الفرع الثالث
الوسائل المشروعة لحماية التنفيذ
نظرة عامة :
أموال المدين هي الضمان العام للدائنين بمعنى أنهم ينفذون بحقوقهم عليه ، لا يتقدم فيه احد منهم على غيره بل يتساوى كل الدائنين فيه بخلاف التأمين الخاص ، كالرهن ، حيث يتقدم الدائن على غيره بالنسبة إلى العين التي يقع عليها هذا التأمين وحده . كما لا يتتبع أحد الدائنين العاديين عيناً خرجت من الضمان العام للمدين فإذا باع مدين عيناً فإن هذه العين تخرج من الضمان العام لهذا المدين ولا يملك دائنوه تتبعها في يد المشتري ، فالضمان العام إذن لا يكفل للدائن حق التقدم ولا حق التتبع .
في القانون المدني :
للدائن بالنسبة لهذا الضمان العام أو بالنسبة لأموال مدينه أن يتخذ هذه الأموال طرقاً تحفظية وطرقاً تنفيذية وطرقاً هي وسط بين التحفظية والتنفيذية ، إنما هي جميعاً تترتب على الضمان العام وتقوم على أساسه والغرض منها تأكيده وتقويته .
أما الطرق التنفيذية فتكون عادة بالحجز على منقولات المدين أو عقاره أو على ماله لدى الغير وقد تكفل بها قانون المرافعات .
وأما الطرق التحفظية فهي نوعان :
1. طرق يتخذها الدائن بالنسبة إلى حقه الذي يريد التنفيذ به أي يتخذها في ماله كقطع التقادم بالنسبة إلى حقه وقيد الرهن الضامن لحقه أو تجديد هذا القيد .
2. وطرق يتخذها بالنسبة إلى أموال المدين حتى يحافظ عليها من الضياع مثل أن يضع الأختام عليها عند موت المدين أو إفلاسه أو ان يحرر محضر جرد بها أو أن يتدخل في إجراءات قسمة المال الشائع المملوك لمدينه أو أن يتدخل خصماً ثالثاً في الدعاوى التي ترفع من مدينه أو عليه حتى يرقب سير الدعوى ويمنع تواطؤ المدين مع الخصم اضراراً بحقوقه .
وأما الطرق الوسطى بين التنفيذية والتحفظية فمردها أن جميع أموال المدين ضامنة لالتزاماته ، فهذا الضمان العام يخول للدائن أن يرقب أموال المدين ، ما دخل منها في ذمة المدين وما خرج ، حتى يأمن على ضمانه من أن ينقصه غش المدين أو تقصيره ، وهذه الطرق من مباحث القانون المدني لا من مباحث قانون المرافعات لأنها تتفرع مباشرة عن مبدأ الضمان العام للدائنين كما سبق القول .
وقد عدد التقنين المدني المصري منها خمسة : دعاوى ثلاثا وطريقين اخرين استحدثهما هذا التقنين.
أما الدعاوى الثلاث فهي : الدعوى غير المباشرة ، والدعوى البوليصة (أو دعوى عدم نفاذ التصرف المدين في حق الدائن) ودعوى الصورية .
- فالدعوى غير المباشرة يدفع فيها الدائن عن نفسه نتائج تهاون المدين أو غشه أو سكت هذا عن المطالبة بحقوقه لدى الغير ، فيباشر الدائن بنفسه حقوق مدينه نيابة عنه بالدعوى غير المباشرة وبذلك يحافظ على ضمانه العام تمهيداً للتنفيذ بحقه بعد ذلك .
- والدعوى البوليصية (أو دعوى عدم نفاذ التصرف) يدفع فيها الدائن عن نفسه نتائج غش المدين إذا عمد هذا إلى التصرف في ماله إضراراً بحق الدائن فيطعن الدائن في هذا التصرف ليجعله غير نافذ في حقه ، فيعود المال إلى الضمان العام تمهيداً للتنفيذ عليه .
- ودعوى الصورية يدفع فيها الدائن عن نفسه نتائج غش المدين أيضاً إذا عمد هذا إلى التظاهر بالتصرف في ماله ليخرجه من الضمان العام بتصرف صوري ، فيطعن الدائن في هذا التصرف بالصورية حتى يكشف عن حقيقته ويستبقي بذلك مال المدين في ضمانه العام تمهيداً للتنفيذ عليه بحقه .
فالدائن في هذه الدعاوى الثلاث أما ان يبقي في ضمانه العام ما كاد يخرج بالدعوى غير المباشرة وأما أن يعيد ما خرج بالدعوى البوليصية وأما أن يستبقي ما لم يخرج إلا ظاهراً بدعوى الصورية ، ونرى من ذلك أن هذه الدعاوى الثلاث تتركز كلها في فكرة الضمان العام للدائنين .
وهناك طريق رابع استحدث فيه التقنين المدني المصري تجديداً هو حق الدائن في حبس مال المدين . وهذا أيضاً إجراء ما بين التحفظي والتنفيذي ، فهو أقوى من التحفظي لان الدائن إنما يتخذه تمهيداً للتنفيذ بحقه ، وهو أضعف من التنفيذي لان الدائن لا يستطيع الوقف عند حبس مال المدين ليستوفي حقه بل عليه بعد ذلك أن يتخذ إجراءات التنفيذ على المال المحبوس .
ويلاحظ أن هذه الطرق الأربعة - الدعوى غير المباشرة والدعوى البوليصية ودعوى الصورية والحق في الحبس في القانون المدني كلها اجراءات فردية يتخذها كل دائن بمفرده ولحسابه الشخصي . ثم هي اجراءات ليس من شانها ان تغل يد المدين عن ماله ، فلا يزال المدين يستطيع التصرف فيه ، ومباشرة جميع حقوقه عليه.
والطريق الخامس هو أيضا إجراء فردي ، يتخذه أي دائن بمفرده ولكنه إجراء من شانه أن يغل يد المدين عن ماله وذلك هو إعلان إعسار المدين فقد تكفل التقنين المدني المصري الحالي - على خلاف التقنين المصري القديم وأكثر التقنينات اللاتينية بتنظيم إجراءات هذا الإعسار ، حتى يستطيع الدائن من وراء ذلك أن يستوفي حقه من أموال مدينة دون أن يخشى غش المدين أو تهاونه ، فإجراءات إعسار هي أيضاً تقوم على فكرة الضمان العام للدائنين ، وهي إجراءات أقوى من الإجراءات التحفظية إذ هي تغل يد المدين عن التصرف في ماله ، وأضعف من الإجراءات التنفيذية إذ لا تكفي وحدها للوفاء بحق الدائن ، بل لا بد للدائن من اتخاذ إجراءات تنفيذية لاستيفاء هذا الحق من أموال المدين الذين أعلن إعساره .
(يراجع في القانون المدني المصري المواد 234 وما بعدها وشرحها في السنهوري ، الوسيط ج2 ص933 وما بعدها- ومن القانون المدني السوري والمشروع الأردني المواد 235 وما بعدها ومن القانون المدني العراقي المواد 260 وما بعدها) .
في الفقه الإسلامي :
1. فكرة أن أموال المدين جميعها ضامنة للدين بالمعنى الذي سلف موجودة في الفقه الإسلامي بحيث أن الدائن يستطيع التنفيذ على أي مال من أموال المدين استيفاء لحقه . وليس لدائن أن يتتبع عيناً خرجت من ذمة المدين أو أن يتقدم على دائن آخر بالنسبة لعين معينة إلا إذا كان له تامين خاص يعطيه حق التتبع أو حق التقدم كالرهن مثلاً .
2. والدعوى غير المباشرة تقوم على فكرة وكالة الدائن عن المدين وكالة تستند إلى نص الشارع وليس فيها ضرر بالدائن ، بل بالعكس فيها مصلحة له . ولهذه الدعوى مستندها في الفقه المالكي ففيه إذا لم يكن للمدين (المحجور للدين) بينة على حقه في ذمة الغير إلا شاهد واحد ، أن يحلف مع شاهده اليمين المكملة للحجة ، جاز للغرماء أن يحلفوا مع الشاهد فيكونوا بذلك قد استعملوا حق مدينهم في الحلف على النحو الذي نراه في استعمال الدائن لحق المدين في القانون المدني المصري (والسوري والمشروع الأردني) .
( يراجع الخرشي ، 5:267 والسنهوري ، مصادر الحق 5:138 الهامش 2 ).
3. ودعوى الصورية نلحظها في الفقه الإسلامي بين المتعاقدين وقواعد الفقه الإسلامي لا تأباها بالنسبة لغيرهما .
4. والدعوى البوليصية أو دعوى عدم نفاذ التصرف موجودة في الفقه المالكي فالمدين الذي أحاط الدين بماله حتى قبل الحجر عليه ليس له التصرف بغير عوض لما في ذلك من الأضرار بدائنيه وكذا لا يجوز تصرفه في ماله بغير عوض فيما لا يلزمه مما لا تجري العادة بفعله من هبة وصدقة وما أشبه ذلك كإقرار بدين لمدينهم عليه ويجوز بيعه وشراؤه ، وإذا قام الدائنون على المدين يطالبونه بديونهم دون أن يكون الحجر عليه (وهو ما يسمى بالتفليس العام) فليس له أن يتصرف بغير عوض ولا بعوض وللدائنين أن يقتسموا ماله بالمحاصة .
(ابن رشد، بداية المجتهد 2: 236- 237 والدردير، الشرح الكبير، والدسوقي عليه ج3: 261 وما بعدها وخصوصاً 273 ، وبنظر السنهوري مصادر الحق 5: 193) .
5. والحجر على المدين في الفقه المالكي يقابل في القانون تنظيم إعسار المدين فحجر المدين في الفقه المالكي والشافعي والحنبلي تنظيم جماعي يحمي حقوق الدائنين ويحقق المساواة الفعلية بينهم ويستجيب لدواعي الشفقة بالمدين فيكفل له نفقته هو ومن يعول وهو لا يكون إلا بحكم ، بخلاف الحال بالنسبة لتصرفات المدين الذي أحاط الدين بماله أو الذي فلس تفليساً عاماً حيث يجوز الطعن فيها قبل الحكم عليه بالحجر .
(ابن رشد والدردير والدسوقي عليه، المراجع المبينة فيما تقدم والسنهوري مصادر الحق 5: 172 وما بعدها) .
6. والحق في الحبس موجود في الفقه الإسلامي فللبائع حبس المبيع حتى يستوفي الثمن من المشتري (م 238 من المجلة) وللأجير الذي لعمله أثر أن يحبس المستأجر فيه لاستيفاء الأجرة (م482 من المجلة) .
ولكن يلاحظ الصبغة الجماعية لبعض هذه الوسائل في الفقه الإسلامي فالمدين المحجور للإفلاس مثلاً إجراءات التنفيذ على ماله إجراءات جماعية تحقق المساواة الفعلية ما بين الدائنين يقسم ماله بين الغرماء بطريق المحاصة ودعوى عدم نفاذ تصرف المدين في حق الدائنين يفيد منها كل الدائنين.
في المشروع :
نص المشروع على مبدأ الضمان العام للدائنين وأنهم متساوون فيه إلا إذا كان لأحدهم تأمين خاص (م 365) .
وصاغ أحكام الدعوى غير المباشرة وبين أساسها (م 366 و 367) وكذا الحال بالنسبة للدعوى الصورية (م 368 و369) .
أما فيما يتعلق بدعوى عدم نفاذ تصرف المدين وبالحجر فقد أخذ المشروع أساسا بأحكام المذهب المالكي معدلاً في بعض المواضيع بأحكام المذهب الشافعي والحنبلي ، الدعوى الأولى في الفقه الإسلامي تقابل في القانون الدعوى البوليصية .
ويدخل تحتها حالتان : حالة مجرد إحاطة الدين بالمدين وحالة التفليس العام أي قيام الدائنين على المدين يطلبون حقوقهم دون أن يطلبوا حجره . وفي الحالتين لا يحتاج الأمر إلى حكم القاضي (م 370 و374) أما الحجر (أو التفليس الخاص) ويكون بحكم من القاضي فيقابل في القانون الحجر على المدين المفلس (م 375) وما بعدها (يراجع السنهوري ، مصادر الحق 5: 133) .
وقد ظهرت في المشروع الصبغة الجماعية لهذه الإجراءات كما هي في الفقه الإسلامي (م 367 و373 و383 من المشروع) .
أما الحق في الحبس فقد تناوله المشروع في المواد من (387 و392) .
المذكرة الايضاحية :
1. من المبادئ الاصلية في القانون المدني والفقه الاسلامي ان اموال المدين تعتبر ضمانا عاما لدائنيه جميعا بمنى ان للدائن ان يستوفي حقه من اي مال من اموال المدين مع ملاحظة تقدم من له حق التقدم قانونا على ان مجرد تقرير المبدأ في ذاته لا يكفي لتحقيق نفعه , في الواقع من الامر , ذلك ان هذا النفع معقود بالتماس الوسائل العملية التي تحقق هذا الضمان وقضاء الحقوق المتعلقة به وقد شرع القانون اجراءات تحفظية واجراءات تنفيذية وكفل استعمالها للدائنين تحقيقا لهذا الغرض بيد ان هذه الاجراءات تدخل بشقيها في نظام قواعد المرافعات .
2. اما ما يعني لقانون المدني بابرازه من فكرة الضمان هذه فهو ما يتفرع عليها من تساوي الدائنين عن استخلاص حقوقهم من مال المدين , ما لم يكن لاحدهم حق التقديم وفقا لاحكام القانون ( كالرهن مثلا ) فهم , فيما خلا هذا الحق بمنزلة سواء لا تمييز بينهم في ذلك بسبب تاريخ نشوء حقوقهم او تاريخ استحقاق الوفاء بها هما يكن مصدر هذه الحقوق وغني عن البيان ان تلك المساواة تظل اقرب الى المعاني النظرية ما لم تشفع بنظام يتناول تنظيم حالة المدين المعسر ( اي الذي احاط الدين بماله كما سياتي بيان ذلك ) .
وهي تقابل المواد ( 234 ) مصري و ( 235 ) سوري ومشروع اردني و ( 260 ) عراقي .
1. تتناول هذه المادة بيان الشروط الواجب توافرها لاستعمال الدعوى غير المباشرة .
2. فمن ناحية الدائن لا يشترط الا تحقق وجود الدين دون حلول اجل الوفاء به , ذلك ان الدعوى غير المباشرة تعتبر في صلة الدائن بمدينه اجراء تحفظيا يجوز اتخاذه بمقتضى دين مضاف الى اجل او معلق على شرط . اما في صلة المدين بالغير الذي يستعمل الحق في مواجهته فتتكيف هذه الدعوى وفقا لطبيعة هذا الحق وتكون بذلك اجراء تحفظيا او اجراء تنفيذيا , على حسب الاحوال , فاذا حصل الدائن على قيد رهن رسمي باسم مدينه كانت الدعوى من قبيل الاجراءات التحفظية ويكفي للحصول على هذا القيد ان يكون الدين المضمون بذلك الرهن موجودا دون ان يكون مستحق الاداء . اما اذا طالب الدائن على نقيض ذلك باسم المدين بدين واجب له فتعتبر الدعوى من قبيل الاجراءات التنفيذية ويشترط لاستعمالها ان يكون هذا الدين مستحق الاداء .
3. وينبغي ان يكون الحق الذي يستعمله الدائن باسم المدين داخلا في الضمان العام لدائنيه . فاذا كان الحق متصلا بشخص المدين على وجه التخصيص والافراد ( كالحق في اقتضاء تعويض عن ضرر ادبي ) او كان غير قابل للحجز ( كدين النفقة ) فاستعمال الدائن له لا يجديه فتيلا .
4. ومن ناحية المدين الذي يستعمل الحق باسمه يشترط بالنسبة اليه شرطان :
اولهمـــا - ان يقيم الدائن الدليل على احجام هذا المدين عن استعمال حقه من شانه ان لا تكفي حقوقه للوفاء بديونه , وهذا وجه مصلحة الدائن في الالتجاء الى الدعوى .
وثانيهمــا - ان يقيم الدائن الدليل على احجام المدين , وقد يرجع ذلك اما الى سوء نية هذا المدين واما الى مجرد اهماله . فمتى توافر للدائن هذا الدليل كان له ان يخرج مدينه عن موقف الاحجام ويتولى الامر بنفسه وهو في هذا الوضع لا يلزم الا موقفا سلبيا في الرقابة والاشراف ولوانه يشترك في الخصومة .
5. ونص في المادة المقابلة من القانون المدني المصري ( وكذا السوري والمشروع الاردني والقانون العراقي ) على انه ( لا يشترط اعذار المدين لاستعمال حقه ولكن يجب ادخاله خصما في الدعوى ) وقد رؤي في المشروع الاقتصار على وجوب ادخاله في الدعوى دون التصريح بعدم اشتراط اعذاره لعدم الحاجة الى ذلك ولسبق اقتراح حذف مبدأ الاعذار .
6. وهذا الحكم له مستنده في الفقه المالكي في قول الخرشي ( 5: 267 ) ( المفلس اذا كان له حق على شخص فجحده فيه , وشهد له به شاهد واحد ونكل المفلس ان يحلف مع شاهده اليمين المكملة للحجة , فان الغرماء ينزلون منزلة المفلس , ويحلفون مع الشاهد على ذلك الحق , كما ان المفلس يحلف ان ما شهد به الشاهد حق ، لا على قدر حصته من ذلك الدين لحلول كل منهم محل المفلس. فان حلفوا كلهم تقاسموا ذلك الحق وان نكلوا كلهم فلا شيء لهم منه , ومن حلف اخذ حصته فقط اي بما نابه في الحصاص من ذلك الدين لا جميع حصته ومن نكل فلا شيء له ) .
( ويراجع السنهوري , مصادر الحق 5: 138 الهامش 2 ) وهذه المادة تقابل المواد ( 235 ) مصري و ( 236 ) سوري ومشروع اردني و ( 261 ) عراقي .
لا تقتصر هذه المادة على بيان حكم الدعوى غير المباشرة بل تجاوز ذلك الى تعليل هذا الحكم فاذا كان من اثر هذه الدعوى ادخال ما تسفر عن تحصيله في اموال المدين والحاقه بالضمان العام لدائنيه فعلة ذلك ان الدائن لا يتولاها الا بوصفه نائبا عن هذا المدين ونيابته هذه نيابة قانونية تثبت له بنص القانون .
ويلاحظ ان نيابة الدائن عن المدين مقصورة على استعمال الحق دون التصرف فيه وبناء على ذلك لا يجوز للدائن في هذه الحالة باعتباره نائبا عن المدين ان يتصالح على الحق الذي يستعمله باسم المدين لان الصلح ينطوي على التصرف .
( تراجع مجموعة الاعمال التحضيرية للقانون المدني المصري 2 : 611 ) .
وهذه المادة تقابل المواد ( 236 مصري و ( 237 ) سوري ومشروع اردني و ( 262 ) عراقي .
1. ليست الصورية سببا من اسباب البطلان , فالاصل ان يعتد بالعقد المستتر , دون الظاهر وهذا ما يطابق ارادة المتعاقدين و ومع ذلك فقد يجهل دائنو المتعاقدين بطريق الصورية وكذلك خلفهما الخاص , حقيقة الموقف , اعتمادا على العقد الظاهر وفي هذه الحالة يكون لاولئك وهؤلاء , تفريعا على حسن نيتهم , وان يتمسكوا بهذا العقد , اذا اقتضت مصلحتهم ذلك , فلدائن المشتري مثلا في بيع ظاهر , ولمن آل اليه المبيع من هذا المشتري ان يتمسكا بهذا البيع , وعلى نقيض ذلك يكون لدائن البائع او لخلف اخر من خلفائه , مصلحة في التمسك بورقة الضد , ولكل منهما ان يفعل ذلك .
2. ويناط الحكم عند تنازع المصالح المتعارضة على هذا الوجه , بفكرة استقرار المعاملات فاذا تمسك دائن البائع في العقد الظاهر بورقة الضد وتمسك دائن المشتري بهذا العقد , كانت الافضلية للاخير لاعتبارات تتعلق بتامين ذلك الاستقرار .
3. اما فيما يتعلق بالمتعاقدين انفسهم , ومن يخلفهم من الورثة فوجه الحكم بين ، فليس للعقد الظاهر اثر بالنسبة اليهم , ذلك ان نية المتعاقدين تنصرف الى التقيد بالعقد المستتر , فهو الجدير وحده بالاعتبار دون غيره , ومن التطبيقات العملية التي يمكن ان تساق في هذا الشأن , افراغ التعاقد في شكل عقد اخر , كالهبة في صورة البيع ففي مثل هذا الفرض يصح العقد فيه بوصفه هبة لا بيعا . متى اجتمعت له شروط الصحة بهذا الوصف , فيما عدا ما قد ينص عليه ( القانون ) كاستثناء القانون المدني المصري لشرط الشكل :
( م455 و 456 ) سوري ومشروع اردني .
وقد رؤي الاخذ في المشروع بهذين النصين عدم مخالفتهما لقواعد الفقه الاسلامي .
( يراجع الكاساني في بيع التلجئة 5 : 176 - 178 ) .
وهاتان المادتان تقابلان المواد ( 244 و 245 ) مصري و ( 245 و 246 ) سوري ومشروع اردني و ( 147 و 148 ) عراقي .
?1. في الفقه المالكي المدين الذي احاط الدين بماله تتقيد تصرفاته حتى قبل الحجر فلا تسري في حق دائنيه تصرفاته الضارة بهم التي صدرت منه قبل ان يحجر عليه الحاكم على التفصيل الاتي , وفي هذا شبه واضح بالدعوى البوليصية في الفقه الغربي ( السنهوري مصادر الحق 5: 181 و 183 ) .
2. ويجب لذلك توافر الشرطين الاتيين :
أ . ان يكون المدين قد احاط الدين بماله : واحاطة الدين بمال المدين هي ان تكون ديونه الحالة منها والمؤجلة ازيد من ماله او مساوية له . الا ان المنقول ان تتقيد تصرفات المدين انما يكون اذا زادت الديون على ماله لا ان نقصت او ساوت ولكن المستظهر ان المساواة تكفي لتقييد تصرفات المدين لان العلة اتلاف مال الغير وهي متحققة في الزائد والمساوي .
ويستوي ان يكون صاحب الدين متعددا او منفردا كما يستوي ان يكون دينه حالا او مؤجلا خلافا لما ذكره بعض المالكية من ان الدائن اذا كان دينه مؤجلا ليس له منع المدين من التبرعات المذكورة , وفي كلام بعضهم ما يفيد ترجيح ذلك , والاصل في المدين الملاءة , فاذا ادعاها لم تتقيد تصرفاته الا بعد الكشف عن حاله لمعرفة ما اذا كان الدين محيطا بماله , فاذا تبين ان الدين محيط بماله تقيدت تصرفاته من وقت احاطة الدين بالمال .
( الخرشي والعدوي عليه 5: 263 والدردير الشرح الكبير والدسوقي عليه 3: 262 - 264 ) .
ب . ان يكون المدين عالما وقت التصرف بان الدين محيط بماله : فاذا كان يعتقد ان الدين غير محيط بماله , بل لو كان لا يدري هل يفي ماله بما عليه من الديون , نفذت تصرفاته , حتى لو كان الدين فعلا محيطا بماله وهو لا يعلم ذلك. فالشرط اذن ان يعلم يقينا ان الدين محيط بماله فلو كان المدين يتصرف تصرفا مالوفا لا سرف فيه ولا محاباة . وهو يعتقد ان تصرفه جائز وفي بعض النصوص ان من وهب او تصدق وعليه دين لقوم الا انه قائم الوجه لا يخاف عليه الفلس ان افعاله جائزة .
0 الحطاب 5: 35 ) .
3. اذا توافر هذان الشرطان منع المدين من التصرف بغير عوض تصرفا لا يلزمه ولم تجر العادة به فليس له ان يهب ماله , لان الهبة تضر بالدائنين فلا تنفذ في حقهم ولكن يجوز له التصرف تبرعا بما يلزمه كنفقته على من تجب له عليه في النفقة , وبما جرت العادة بفعله كالاضحية والنفقة في العيد والصدقة اليسيرة , ويجوز بيعه وشراءه بشرط عدم المحاباة لان المحاباة تبرع وهو ضار بحقوق الدائنين , ولا تجوز حمالته ( كفالته ) ولا اقراضه , فكلاهما من عقود التبرع. ولا يجوز له ان يوفي دينا لم يحل اجله , ولا ان يوفي دينا حل اجله بكل ماعنده من مال , ولكن له ان يوفي دينا حالا ببعض ما عنده من المال , ولا يجوز اقراره لمتهم عليه كابنه واخيه وزوجته وصديقه , بخلاف غير المتهم عليه فيعتبر اقراره له .
ويجوز ان يرهن بعض ما بيده لبعض غرمائه , في معاملة سابقة او لاحقة لاحاطة الدين بماله , اذا اصاب وجه الرهن بان لا يرهن كثيرا في قليل .
4. واذا فعل المدين ما لا يجوز له فللدائنين ابطاله .
( الدردير , الشرح الكبير , والدسوقي عليه 3: 362 - 364 والخرشي 5: 263 - 264 وابن رشد بداية المجتهد 2: 236 - 237 ) .
وانه وان كان لفظ بعض الفقهاء ان للدائن في هذه الحالة رد التصرف وابطاله ( الدسوقي 3: 261 - 262 ) الا انه رؤي في المشروع ان المتفق , مع احكام التفليس العام واحكام الحجر , مع انهما اشد من مجرد احاطة الدين بالمدين , ومع حكمة النص , هو عدم نفاذ التصرف في حق الدائنين. ولهذا اخذ بذلك , وهذه المادة تقابل المواد ( 237 و 238 ) مصري و ( 238 و 239 ) سوري ومشروع اردني و ( 263 و 264 ) عراقي .
تتناول هذه المادة الحالة الثانية وهي حالة التفليس العام وتتحقق كما تقدم- بقيام الغرماء على المدين دون ان يطلبوا من الحاكم الحجر عليه فيسجنونه او يقومون عليه فيستتر منهم فلا يجدونه فيحولون بينه وبين ماله ويمنعونه من البيع والتعامل .
في هذه الحالة تكون تصرفات المدين المفلس اكثر تقيدا الى حد اشد مما هي في الحالة السابقة عندما يحيط الدين بمال المدين دون ان يقوم عليه الغرماء وتسمى هذه الحالة حالة التفليس العام .
وتقرب حالة التفليس العام كثيرا من حالة التفليس الخاص التي سيرد الكلام عليها يما بعد من ناحية السبب الذي ينشئها ومن ناحية الاثار التي تترتب عليها .
فمن ناحية السبب : التفليس العام سببه قيام ذي دين حل اجله او كان حالا اصالة على المدين , وليس للمدين من المال ما يفي بهذا الدين الحال .
ولكن يختلف التفليس العام عن التفليس الخاص في ان الغرماء في التفليس العام لا يرفعون امر المدين المفلس الى الحاكم للحجر عليه كما تقدم .
واما من ناحية الاثار فالاثار التي تترتب على التفليس العام تقرب كثيرا من الاثار التي تترتب على التفليس الخاص وهي اشد بكثير من الاثار التي تترتب على مجرد احاطة الدين بمال المدين دون قيام الغرماء عليه .
فالمديون في حالة التفليس العام لا يجوز له ان يتبرع بماله ولا يجوز له التصرف معاوضة ولو بغير محاباة , ولا يجوز له ان يوفي دينا حل اجله او لم يحل ولا يجوز له ان يرهن ماله . ولا يعتبر اقراره الا في المجلس الواحد او المجلس القريب . ولا يجوز له التزوج من ماله الموجود ولو بواحدة يحول الغرماء بينه وبين ماله , ويمنعونه من التصرف فيه على الوجه المتقدم ولهم ان يبيعوه هذا المال وان يتحاصوا في ثمنه .
فلا يكاد يختلف التفليس العام عن التفليس الخاص من ناحية ما يترتب عليه من الاثار , الا في حلول الدين المؤجل. فهو لا يحل في التفليس العام ويحل في التفليس الخاص. ومن ثم تختلط حالة التفليس العام بحالة التفليس الخاص في كثير كتب الفقه المالكي فتجمع هذه الكتب بين الحالتين وتتكلم فيهما كأنهما حالة واحدة .
وقد تختلط حالة التفليس العام بحالة احاطة الدين بمال المدين على ان بعض كتب الفقه المالكي تميز بين هذه الحالات الثلاث تمييزا واضحا كما في الشرح الصغير للدردير وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير للدردير .
( الخرشي 5: 263 - 264 والدردير , الشرح الصغير وحاشية الصاوي عليه 2: 116 - 117 والدردير , الشرح الكبير , والدسوقي عليه 3: 264 ) .
وهذه المادة تقابل المواد ( 237 و 238 ) مصري و ( 238 و 239 ) سوري ومشروع اردني و ( 263 و 264 ) عراقي .
اريد بهذا النص تيسير الاثبات على الدائن - هو من اشق ما يصادفه في هذه الدعوى فاكتفي من الدائن باثبات مقدار ما في ذمة المدين من ديون فمتى اقام هذا الدليل كان على المدين ان يثبت ان له مالا يزيد على قيمة ديونه .
( تراجع مجموعة الاعمال التحضيرية للقانون المدني المصري ج 2 ص 632 الى 633 ) .
وهي تقابل المواد ( 239 ) مصري و ( 240 ) سوري ومشروع اردني و ( 265 ) عراقي .
هذه المادة اخذت عن القانون المدني المصري ( والسوري والمشروع الاردني والعراقي ) .
وهي موافقة لحكم المذهب المالكي اذ ان الحكم فيه ان الدائن رد التصرف او ابطاله مفاد ذلك انه يسري في حق كل الدائنين .
وقد كان هذا الحكم مثار خلاف كبير في مشروع القانون المدني المصري اذ انقسمت الاراء الى قسمين : قسم يرى قصر الافادة من هذه الدعوى على الدائن الذي رفع الدعوى وذلك لتشجيع الدائنين على مباشرة دعوى عدم نفاذ التصرف , نزولا على قاعدة نسبية الاحكام وانعدام النيابة بين الدائنين , وقسم يرى تعميم الافادة بحيث تشمل كل الدائنين نزولا على الاساس القانوني لهذه الدعوى وهو بقاء الاموال المتصرف فيها الضمان العام للدائنين فلا يكون هناك معنى لان يختص بفائدتها دائن دون اخر لان في ذلك اعطاء حق امتياز لاحد الدائنين ( من جراء رفع الدعوى ) بغير نص او حكم , اما قاعدة نسبية الاحكام فهي بيد المشرع وهو يخرج عليها كلما اقتضت المصلحة ذلك .
وقد اخذ بالرأي الثاني وهو تعميم الافادة من الدعوى حيث يفيد منها كل الدائنين . وهو ما اخذ به المشروع ويتفق مع المذهب المالكي .
( تراجع مجموعة الاعمال التحضيرية للقانون المدني المصري ج 2 ص 620 - 624 ) وهي تقابل المواد ( 240 ) مصري و ( 241 ) سوري ومشروع اردني و ( 266 ) عراقي .
الحكم في الفقه المالكي انه يجوز للدائن رد التصرف حيث علم اي ولو بعد طول زمان ( الدسوقي3 : 262 ) ولكن رؤي استقرارا للمعاملات تحديد وقت لا تسمع بعده الدعوى , وتمشيا مع مدد عدم سماع الدعوى في المشروع كله رؤي تحديد هذا الوقت بانقضاء ثلاث سنوات من اليوم الذي يعلم فيه الدائن بسبب عدم نفاذ التصرف وفي جميع الاحوال بعد انقضاء خمس عشرة سنة من الوقت الذي صدر فيه التصرف المطعون فيه , وهذا التحديد اخذ به القانون المدني المصري والسوري والمشروع الاردني وكذلك العراقي .
ولكن هذه المدة في القانون المصري والسوري والمشروع الاردني مدة سقوط بالتقادم اما في القانون المدني العراقي وهذا المشروع فهي مدة عدم سماع الدعوى كما هو مقرر في الفقه الاسلامي .
وهذه المادة تقابل المواد ( 269 ) عراقي و ( 243 ) مصري و ( 244 ) سوري ومشروع اردني .
?4. الحجر على المدين المفلس :
نظرة عامة
في القانون :
نظم القانون المدني المصري (والسوري والمشروع الأردني) حالة المدين المعسر تنظيماً راعى فيه ان الإعسار حالة واقعة ينبغي أن يعترف القانون بها وأن يعالج ما ينشأ عنها من صعوبات . فجعل الإعسار من مسقطات الأجل وأسس عليه جواز الطعن في تصرفات المدين عن طريق الدعوى البوليصية وجواز استعمال ما للمدين من الحقوق والدعاوى بمقتضى الدعوى غير المباشرة . كما راعى أن حالة الإعسار تستتبع بحكم الواقع سقوط بعض الحقوق وتقييد البعض الآخر فاشترط لإعلان إعسار المدين زيادة ديونه المستحقة الأداء على حقوقه وقد راعى جانب المدين إذ جعل للقاضي أن يبقي على أجل الديون المؤجلة وأن يمد فيه بل جعل له أن ينظر المدين إلى ميسرة بالنسبة إلى الديون المستحقة الأداء وبهذا تتاح له تصفية ديونه وديا في اكثر الظروف ملاءمة . كما اباح له ان يتصرف في امواله دون ان يخشى الدائنين في شيء متى حصل على موافقة أغلبية خاصة من بينهم ، على بيع كل هذه الأموال أو بعضها للوفاء بديونه من ثمنها ولم يشترط اجماع الدائنين على هذه الموافقة وأباح له كذلك ان يتصرف في ماله ولو بغير رضاء هؤلاء الدائنين على أن يكون ذلك بثمن المثل وأن يودع الثمن خزانة المحكمة لوفاء بحقوقهم .
كما بسط له في أسباب الحماية ولا سيما ما كان منها إنساني الصبغة فخوله حق الحصول على نفقة تقتطع من إيراده إذا كان هذا الإيراد محجوزاً كما راعى جانب الدائنين إذا كفل لهم نظام الإعسار عدم تقدم احدهم بغير حق بأن رتب على مجرد تسجيل صحيفة دعوى إعلان الإعسار عدم نفاذ أي اختصاص يقع بعد ذلك على عقارات المدين في حق الدائنين السابقة ديونهم على هذا التسجيل ، كما يسر عليهم أعمال أحكام الدعوى البوليصية إذ ينتج عنه أن كل تصرف قانوني يصدر من المدين المعسر ويكون من ورائه انتقاص حقوقه أو زيادة التزاماته وكل وفاء يقع منه لا ينفذ في حق الدائنين دون حاجة إلى تحميلهم عبء إقامة الدليل على الغش ، كما قرر القانون ، حماية للدائنين من تصرفات المدين الضارة أو المدخولة توقيع عقوبة التهديد على المدين إذا ارتكب أعمالا من أعمال الغش البين إضرارا بدائنيه . ووضع على عاتق المحكمة في كل حال قبل ان تعلن إعسار المدين أن تراعي في تقديرها جميع الظروف التي أحاطت به سواء أكانت تلك الظروف عامة أم خاصة فتنظر إلى موارده المستقبلية ومقدرته الشخصية ومسؤوليته عن الأسباب التي أدت إلى إعساره ومصالح دائنيه المشروعة وكل ظرف آخر من شأنه أن يؤثر في حالته المالية .
(تراجع المذكرة الإيضاحية لمشروع القانون المدني المصري ، مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني المصري ج 2 ص 658- 661) .
في الفقه الإسلامي :
وقد نظم الفقه الإسلامي (المالكي على وجه الخصوص) إعسار المدين أي إحاطة الدين بمال المدين تنظيماً جماعياً يحمي به حقوق الدائنين ويحقق بواسطته المساواة الفعلية فيما بينهم ، ويستجيب فيه لدواعي الشفقة بالمدين فيكفل له نفقته هو ومن يعول .
وقد بارى الفقه الاسلامي في ذلك احدث النظام الغربية التي اخذ بها القانون المدني المصري ( والسوري والمشروع الاردني ).
وعند المالكية للمدين الذي أحاط الدين بماله ثلاثة أحوال :
الحالة الأولى - قبل التفليس : وتتحقق بمجرد أن يستغرق الدين مال المدين فيمنع المدين من التصرف بغير عوض لما في ذلك من الأضرار بدائنيه وكذلك لا يجوز له أن يتصرف بماله بغير عوض فيما لا يلزمه مما لا تجري العادة بفعله من هبة وصدقة وما أشبه ذلك كإقرار بدين لمن يتهم عليه ويجوز بيعه وشراؤه .
الحالة الثانية - حالة التفليس العام : وتتحقق بقيام الغرماء على المدين دون أن يطلبوا من الحاكم الحجر عليه فيسجنونه أو يقومون عليه فيستتر منهم فلا يجدونه فيحولون بينه وبين ماله ويمنعونه لا من التبرعات فحسب بل أيضا من التصرفات بعوض ، ولهم أن يقسموا ماله بينهم بالمحاصة .
الحالة الثالثة - حالة التفليس الخاص : وتتحقق بالحجر على المدين وذلك برفع الغرماء أمر المدين إلى المحاكم للحجر عليه فيحكم بحجره .
والفلس هو إحاطة الدين بمال المدين .
(يراجع : ابن رشد ، بداية المجتهد، 2: 236- 237 الدردير الشرح الكبير والدسوقي عليه 3: 261 وما بعدها وخصوصاً 263 والسنهوري مصادر الحق 5: 182) . ويلاحظ أن أبا حنيفة لا يرى الحجر على المدين لأن في الحجر إهدار لأدميته ولا بيع أموال عليه ولكن يحبس حتى يبيع ماله لقضاء دينه أما الصاحبان فيريان جواز الحجر على المدين المفلس بطلب غرمائه كما يجيزان بيع ماله عليه . والفتوى على قولهما وبه أخذت المجلة (المادة 959) .
مقارنة بين القانون والفقه الإسلامي :
وفيما يلي مقارنة سريعة بين نظام الإعسار في القانون المدني المصري ونظام الحجر في الفقه الإسلامي .
1. في القانون المدني المصري إذا زادت ديون المدين الحالة على ماله جاز لدائنيه أن يطلبوا من المحكمة إعلان إعساره . وللمحكمة أن تقضي بإعلان إعسار المدين بحكم وتسجل صحيفة دعوى الإعسار في قلم كتاب المحكمة ويؤشر بالحكم على هامش هذا التسجيل . ويجوز للمدين نفسه أن يتقدم إلى المحكمة طالباً إعلان اعساره فتجيبه المحكمة الى طلبه.
وهذا هو عين ما في الفقه الإسلامي . فالمدين يحجر عليه بحكم الحاكم إذا زادت ديونه الحالة على ماله ويكون الحجر بناء على طلب دائنيه. وقد يكون بناء على طلب المدين نفسه في مذهب الشافعي .
ويحسن الاشهاد على الحكم وإعلانه للناس لتتجنب معاملة المدين المحجور وهناك خلاف في مذهب مالك : فقول يجيز الحجر على المدين ليس فحسب إذا كان دينه الحال أكثر من ماله بل أيضاً إذا حلت بعض ديونه وكان مجموع ديونه الحال منها والمؤجل يزيد على ماله .
وهذا الخلاف في مذهب مالك وارد في مشروع القانون المدني المصري إذ كانت المادة 334 من المشروع التمهيدي للقانون المدني المصري قد وردت بوجهين عن طريق الخيرة .
أحدهما نصه : يجوز أن يشهر إعسار كل مدين غير تاجر تزيد ديونه على أمواله متى توقف عن وفاء ديونه المستحقة الأداء .
والآخر نصه : يجوز أن يشهر إعسار كل مدين غير تاجر إذا كانت أمواله لا تكفي لوفاء ديونه المستحقة الأداء .
وقد اثرت لجنة المراجعة النص الثاني على الاول وهو الذي تضمنه القانون.
2. إذا أعلن إعسار المدين بحكم ، غلت يد المدين عن التصرف في ماله وكل تصرف يصدر منه بعد تسجيل صحيفة دعوى الإعسار يكون غير سار في حق الدائنين دون حاجة إلى إثبات إعسار المدين إذا هو ثابت بالحكم ، ودون حاجة إلى إثبات تواطؤ المدين مع من تصرف له في ماله . ويكون المدين معرضاً - لعقوبة التبديد إذا هو ارتكب عملاً من الأعمال التي سبق بيانها عند الكلام في الإعسار في التقنين المدني المصري ويستطيع المدين إذا كان الدائنون قد أوقعوا الحجز على إيراداته فبقي دون مورد يعيش منه أن يطلب تقرير نفقة يتقاضاها من إيراداته المحجوزة .
وهذه أحكام الفقه الإسلامي - فإذا حجر على المدين بحكم الحاكم لم تسر تصرفاته القولية وإقراراته في المال المحجور عليه في حق غرمائه ، ويحبس إن كان عنده مال وأخفاه أو كان ظاهر الغنى وأدعى عدم المقدرة على وفاء ما عليه ويطلق المجهول الحال من الحبس إن طال حبسه بحيث يغلب على الظن أنه لو كان عنده مال لما صبر على الحبس ويترك للمدين المحجور قوته والنفقة الواجبة عليه لمن تلزمه نفقته .
3. وفي القانون المدني المصري يحقق نظام الإعسار المساواة بين الدائنين فيتحاصون في أموال المدين ، وتحل الديون المؤجلة ولا يجوز لدائن أن يأخذ حق اختصاص على عقار المدين وإلا كان الاختصاص غير نافذ في حق الدائنين الآخرين ولكن المساواة التي تتحقق هي المساواة القانونية لا المساواة الفعلية ، فليست هناك إجراءات جماعية يتخذها الدائنون في التنفيذ على أموال المدين ، بل كل منهم يتخذ إجراءات فردية للتنفيذ بحقه ، فإذا حصل عليه لم يشاركه فيه سائر الدائنين .
وأحكام الفقه الإسلامي تحقق ذلك أيضاً : المساواة بين الدائنين فيقسم ما يحصل من مال المفلس بين الغرماء يتحاصون فيه وتحل الديون المؤجلة. ولا يقدم دائن على دائن إلا بمسوغ شرعي ، بل إن الفقه الإسلامي لا يكتفي بالمساواة القانونية بين الغرماء ، بل يحقق لهم المساواة الفعلية بينهم . وذلك عن طريق إجراءات جماعية التنفيذ على أموال المدين . فإذا ظهر بعد قسمة أموال المدين على الغرماء غريم آخر رجع على الغرماء وشاركهم فيما أخذوه على قدر دينه .
(السنهوري، مصادر الحق 5: 172 -174) .
في المشروع :
أخذ المشروع بنظام الحجر كما هو مقرر في المذهب المالكي إلا في مواضع معينة أخذ فيها بأحكام المذهب الشافعي والحنبلي .
كما أضاف إلى ذلك أحكاماً تنظيمية استمدها من القانون المدني المصري (والسوري والمشروع الأردني) .
المذكرة الايضاحية :
انقلبت حالة احاطة الدين بالمدين وفقا لاحكام المشروع من مجرد امر واقع يكتنفه التجهيل الى نظام قانوني واضح المعالم بين الحدود . فهي لا تقوم طبقا لهذه الاحكام الا بمقتضى حكم قضائي متى ثبت ان اموال المدين لا تكفي لوفاء ديونه الحالة . وعلى هذا النحو لا يشترط مجرد نقص حقوق المدين عن ديونه بل يشترط ايضا ان تكون هذه الحقوق اقل من الديون المستحقة الاداء ، اي اقل من جزء معين من مجموع الديون .
فاذا توافرت هذه الحالة جاز الحكم بحجر المدين اذا توافرت الشروط المنصوص عليها في المواد التالية.
( تراجع المواد 959 - 999 من المجلة وشرحهما لعلي حيدر ).
وهي تقابل المواد (249) مصري و(250) سوري ومشروع اردني و(270) عراقي.
اجيز الحجر بناء على طالب الدائنين ولم يشترط طلبهم جميعا بل اكتفى بطلب بعضهم ولو كان واحدا كما هو الحكم في المذهب المالكي .
كما اجيز الحجر بناء على طلب المدين نفسه اخذا من الفقه الشافعي وقد تضمن هذا الحكم القانون المدني المصري والسوري والمشروع الاردني - لان مصلحته قد تكون في ذلك وقد جاء في المذكرة الايضاحية للمادة ( 254 ) من القانون في ذلك ( ولكن قد يطلب المدين نفسه اشهار اعساره ليفيد مما يوفره له نظام الاعسار من مزايا كنظرة الميسرة في اداء الديون الحالة , ومن اجل الديون غير المستحقة الاداء - والحصول على نفقة تقتطع من ايراده ) ( مجموعة الاعمال التحضيرية للقانون المدني المصري ج 2 ص 673 ) .
( تراجع المادة 1000 من المجلة وشرحها لعلي حيدر ) .
وهي تقابل المواد ( 250 ) مصري و ( 251 ) سوري ومشروع اردني و ( 271 /1 ) عراقي .
هذا الحكم نص عليه القانون المدني المصري والسوري والمشروع الاردني ورؤي اخذه عنه تمكينا للمحكمة من اعمال تقديرها للظروف التي تحيط بالمدين وقد تكون ظروفا عامة يلتمس للمدين فيها العذر الطارئ الذي قد يكون على وشك الزوال .
وقد نص في المادة ( 999 ) من المجلة على حجر المدين ( اذا خاف غرماؤه ضياع ماله بالتجارة او ان يخيفه او يجعله باسم غيره ) ونص على ذلك ايضا القانون المدني العراقي في المادة ( 270 ) منه واضاف اليه ( وكان خوفهم مبنيا على اسباب معقولة ) وطبيعي ان الذي يقدر ما اذا كانت الاسباب معقولة ام غير معقولة هو القاضي . فرؤي من الاولى اعطاء المحكمة سلطة في هذا الشأن تتسع لهذا ولغيره والفرض ان القاضي انما يستعمل هذه السلطة لمصلحة الطرفين معا
( تراجع المادة 999 من المجلة وشرحها لعلي حيدر ) .
وهي تقابل المواد ( 251 ) مصري و ( 252 ) سوري ومشروع اردني و ( 270 ) عراقي .
رؤي النص على تسجيل الاستدعاء لانه اجراء تستلزمه حماية مصالح الغير ومتى صدر حكم الحجر تولى كتاب المحكمة تسجيله من تلقاء نفسه في يوم النطق به بالذات , ويحصل التسجيل بطريق القيد في سجل عام يعد في المحكمة لهذا الغرض ويؤشر في هامش السجل بكل حكم صادر بتأييد الحكم الاول او بالغائه وبهذا يتم اعلان الحجر ويكون لكل ذي شأن ان يعلم به بالرجوع الى هذا السجل في المحكمة التي يقع بدائرتها محل المدين , واذا كان تغيير محل المدين مما يدخل في حدود الاحتمال , فقد شرعت المادة ( 379 ) من المشروع اجراءات خاصة تكفل تسجيل الحكم في المحكمة التي يقع في دائرتها محله الجديد فأوجبت على المدين , عند تغيير محله , ان يخطر بذلك كاتب المحكمة التي يقع في دائرتها محله القديم , وبمجرد علم الكاتب بهذا التغيير من طريق الاخطار , او من اي طريق اخر ( كتنبيه احد الدائنين او احد ذوي الشان مثلا ) يتعين عليه ان ان يرسل على نفقة المدين صورة من حكم الحجر الى المحكمة التي يقع في دائرتها المحل الجديد لتقوم بقيدها في سجلاتها .
والفقهاء المسلمون يرون ان يشهد القاضي على الحجر خوفا من الجحود.
( يراجع علي حيدر على المادة ( 998 من المجلة ) فرؤي احلال التسجيل محل الاشهاد حماية للغير الذي يتعامل معه المدين المحجور ففي المهذب ( 1: 321 ) ( والمستحب ان يشهد على الحجر ليعلم الناس حاله فلا يعاملوه الا على بصيرة ).
( تراجع المادة 58 من المجلة وشرحها لعلي حيدر ) .
وهي تقابل المواد ( 253 ) مصري و( 253 ) سوري ومشروع اردني و ( 271 ) عراقي .
تشتمل اجراءات الحجر على مرحلتين : اولاهما - مرحلة صدور الحكم بالحجر والثانية مرحلة تسجيل هذا الحكم .
أ . اما حكم الحجر فيصدر من محكمة المدين مدعى عليه او مدعيا ، فقد يكون المدين مدعى عليه ، اذا طلب احد دائنيه الحجر عليه ، كما هي الحال في اغلب الفروض ، ولكن قد يطلب المدين نفسه حجره ليفيد مما يوفره له نظام الحجر من مزايا . وتكون الاحكام الصادرة في دعاوى الحجر قابلة للطعن سواء اكانت صادرة بقبول الطلب ام صادرة برفضه حسب ما ذكر في اصول المحاكمات .
ب. ومتى صدر حكم الحجر تولى كاتب المحكمة تسجيله من تلقاء نفسه في يوم النطق به الذات . ويحصل التسجيل بطريق القيد في سجل عام يعد في المحكمة لهذا الغرض ويؤشر في هامش السجل بكل حكم صادر بتأييد الحكم الاول او بالغائه وبهذا يتم اعلان الحجر ، ويكون لكل ذي شأن ان يعلم به بالرجوع الى هذا السجل في المحكمة التي يقع بدائرتها محل المدين واذا كان تغير محل المدين مما يدخل في حدود الاحتمال ، فقد شرعت المادة اجراءات خاصة تكفل تسجيل الحكم في المحكمة التي يقع في دائرتها محله الجديد ، وقد اوجبت على المدين ، عند تغيير محله ان يخطر بذلك كاتب المحكمة التي يقع في دائرتها محله القديم ، وبمجرد علم الكاتب بهذا التغيير من طريق الاخطار ، او من اي طريق اخر (كتنبيه احد الدائنين او احد ذوي الشأن مثلا) يتعين عليه ان يرسل على نفقة المدين صورة من حكم الحجر الى المحكمة التي يقع في دائرتها المحل الجديد لتقوم بقيدها في سجلاتها . وكل ذلك يقصد به توفير المصلحة لذوي الشأن .
(تراجع المادة (58) من المجلة وشرحها لعلي حيدر) .
وهي تقابل المواد (254) مصري و(254) سوري ومشروع اردني .
تحل الديون المؤجلة بالتفليس الخاص وهذا هو الفرق الاساسي بين التفليس الخاص والحالتين الاخريين وهما حالة مجرد احاطة الدين بالمدين وحالة التفليس العام اذ في هاتين الحالتين لا تحل الديون المؤجلة .
على انه حتى في حالة التفليس الخاص اذا كان مشترطا عدم حلول الدين بالتفليس عما بالشرط ولم يحل الدين . واما الديون المؤجلة التي للمفلس ولم تحل فانها لا تحل بفلسه .
(المدونة الكبرى ، 13 : 85 - 86 والخرشي 5 : 266 - 267 والحطاب 5 : 39) .
وهذا مذهب المالكية وقول عند الشافعية لان الحجر يوجب تعلق الدين بالمال فيسقط الاجل كالموت لكن القول الاظهر عند الشافعية والمذهب المشهور الاصح عند الحنابلة انها لا تحل بل تبقى على آجالها لان الاجل حق المحجور فلا يفوت عليه (زكريا الانصاري على البهجة 3 : 106 - 110) .
وبحلول الديون المؤجلة اخذ القانون المصري والسوري والمشروع الاردني ولكنه اضاف الى هذا الحكم فقرة ثانية نصها : (ومع ذلك يجوز للقاضي ان يحكم بناء على طلب المدين ، وفي مواجهة ذوي الشأن من دائنيه بابقاء الاجل او مده بالنسبة الى الديون المؤجلة ، كما يجوز له ان يمنح المدين اجلا بالنسبة الى الديون الحالة اذا رأى ان هذا الاجراء تبرره الظروف ، وانه خير وسيلة تكفل مصالح المدين والدائنين جميعا) .
فأجاز القانون المصري و(السوري والمشروع الاردني) للمدين ان يطلب من القاضي في مواجهة دائنيه ، ابقاء هذا الاجل او مده ، او انظاره في الوفاء بالديون المستحقة الاداء ، وللقاضي ان يجيب المدين الى طلبه هذا اذا تبين ان في الظروف ما يبرره (كما اذا كان المدين عاثر الجد مثلا) وان ذلك اكفل برعاية مصالح المدين والدائنين جميعا (كما اذا كان الاجل الممنوح يتيح للمدين فرصة تصفية امواله في افضل الاحوال) . والمفروض في هذا كله ان الابقاء على الاجل لا يضر بالدائنين فلا يكون من بينهم مثلا من يوشك ان يتقدم على الباقين من طريق التنفيذ فورا على اموال المدين .
(تراجع المذكرة الايضاحية لمشروع القانون المدني المصري مجموعة الاعمال التحضيرية ج 2 ص 676) وقد رؤي في المشروع عدم الاخذ بهذا الحكم والتزام احكام الفقه المالكي .
وهي تقابل المواد (273) عراقي و (255) مصري و (255) سوري ومشروع اردني .
1. متى حجر على المدين لم يعد المدين يستطيع ان يتصرف في ماله لا تبرعا ولا معاوضة وكل تصرف يصدر منه بعد الحجر يكون غير نافذ في حق الدائنين كما هو الحكم في المذهب الحنفي والمالكي وقول في المذهب الشافعي (المهذب 1 : 321) ولا يجوز للمدين المحجور ان يرتب في ذمته دينا كأن يقترض بل انه لا يجوز له من وقت الحجر ان يفي احد غرمائه دون الاخرين واذا فعل كل لسائر الغرماء استرداد المبلغ الذي دفعه لهذا الغريم والمحاصة فيه معه كما لا يجوز للمدين المحجور من وقت الحجر ان يقر بدين عليه . ولا يعتبر اقراره ساريا في حق الدائنين ، ولكن اذا قامت بينة على وجود دين في ذمته قبل الحجر ثبت هذا الدين ولو اقيمت البينة بعد الحجر .
2. وقد رؤي الاخذ بالمذهب الشافعي والحنبلي في ان يمتد منعه من التصرف الى ماله الموجود والذي يوجد بعد دون حاجة الى حجر جديد حرصا على مصلحة الدائنين لوصولهم الى حقهم - بخلاف الحنفية والمالكية الذي يرون ان الحجر لا يتناول الا المال الموجود وقت الحجر اما الذي يجد فيحتاج الى حجر جديد .
3. ويفيد من الحجر الدائنون الذين طلبوا الحجر والذين لم يطلبوه .
4. كما ان اقراره بدين لا ينفذ في حق الدائنين لانه متهم فيه وهو مذهب الحنابلة وقول عند الشافعية .
5. وقد رؤي جعل اثر الحكم بالحجر مستندا الى وقت تسجيل الاستدعاء حماية للدائنين من تصرفات مدينهم الضارة بهم . ولا ضير على الغير في ذلك اذ في التسجيل ما يكفي لتنبيههم الى دعوى الحجر فاقدامهم على التعامل مع المدين بعد ذلك يتحملون هم وحدهم نتيجته .
6. هذا وقد نص القانون المدني المصري (والسوري والمشروع الاردني) على انه :
1. يجوز للمدين ان يتصرف في ماله ولو بغير رضا الدائنين على ان يكون ذلك بثمن المثل وان يقوم المشتري بايداع الثمن خزانة المحكمة حتى يوزع وفقا لاجراءات التوزيع .
2. واذا كان الثمن الذي بيع به المال اقل من ثمن المثل كان التصرف غير سار في حق الدائنين ، الا اذا اودع المشتري فوق الثمن الذي اشترى به ما نقص من ثمن المثل .
(م 258 مصري وسوري ومشروع اردني) .
ونص القانون المدني العراقي على انه .
(يجوز للمدين المحجور ، بموافقة اغلبية من الدائنين تمثل ثلاثة ارباع الديون ان يبيع كل ماله او بعضه ، على ان يخصص الثمن لوفاء ديونه ، فاذا لم يتفق الجميع على طريقة توزيع هذا الثمن تعين ايداعه صندوق المحكمة حتى يوزع وفقا للاجراءات المقررة) (م 276) .
وانه (يجوز للمدين باذن من المحكمة ان يتصرف في ماله بغير رضاء الدائنين . على ان يكون ذلك بثمن المثل ، وان يقوم المشتري بايداع الثمن صندوق المحكمة ليستوفي الدائنون منه حقوقهم) (م277) .
وقد رؤي عدم مجاراة القانون المدني (المصري او العراقي) في ذلك والتزام حكم الفقه الاسلامي وفيه تحقيق لبساطة الاحكام التي من شأنها الاقلال من المنازعات والاجراءات وما يتبعها من مصروفات وضياع زمان .
(تراجع المادة 1002 المجلة وشرحها لعلي حيدر) .
وهي تقابل المواد (270 و 274) عراقي و (257) مصري وسوري ومشروع اردني .
اجاز المشروع تقرير نفقة للمدين من ماله ويكون هذا من ايراده بطبيعة الحال اذا حجر على ايراده وكان ايراده يكفي للمدين ان يطلب الى رئيس المحكمة تقرير نفقة له ويقدم طلب النفقة في صورة عريضة ، ويكون التظلم من الامر الصادر على هذه العريضة بطريق المعارضة امام المحكمة . وترفع هذه المعارضة في خلال ثلاثة ايام تبدأ من تاريخ صدور الامر ، ان كان المدين هو المتظلم وتبدأ من تاريخ اعلان هذا الامر ان كانت الظلامة صادرة من الدائنين .
(تراجع المادة 1000 من المجلة وشرحها لعلي حيدر) .
وهي تقابل المواد (259) مصري وسوري ومشروع اردني و(272) عراقي .
1. نص القانون المدني العراقي والمصري والسوري والمشروع الاردني على ان اجراءات التنفيذ تبقى اجراءات فردية يتولاها كل دائن لحسابه الخاص دون ان تكون هناك اجراءات جماعية يتولاها مصف او سنديك لحساب جميع الدائنين . فيجوز لكل دائن بعد الحكم بالحجر ، ان يتخذ باسمه خاصة ما يلزم من الاجراءات لاستخلاص حقه . فينفذ على اي مال من اموال المدين بالطرق المقررة على ان ما يحصل من التنفيذ يتقاسمه الدائنون جميعا قسمة غرماء ، لان الحجز قد تقرر لمصلحة جميع الدائنين كما تقدم ، فمن تقدم منهم لاخذ حصته اخذها . ومن تخلف لم يأخذ شيئا . على ان يتقدم فيما عسى ان يستجد من التنفيذات او على ان يقوم هو بنفسه بالتنفيذ على اموال اخرى للمدين .
وهذا الذي ذهب اليه القانون المدني يخالف الفقه الاسلامي ، فأحكام الفقه الاسلامي تقضي بجعل تصفية اموال المدين تصفية جماعية فاذا ظهر غريم متأخر خاص بقيمة الغرماء فيما اخذوا .
ففي الهندية (4 : 63) (ولو حجر القاضي على رجل لقوم لهم ديون مختلفة فقضى المحجور دين بعضهم شارك الباقون فيما قبض ، يسلم له حصته ويدفع ما زاد على حصته الى غيره من الغرماء) .
(يراجع السنهوري ، مصادر الحق 5 : 178 ويراجع ايضا المذكرة الايضاحية للقانون المدني المصري للمادة (256) من القانون في مجموعة الاعمال التحضيرية للقانون المدني المصري ج 2 ص 678 - 680) والمقصود بالمحاصة اقتسام الحصص فأخذ كل واحد حصته وحصة منه يحصه اذا صار ذلك حصته والحصة النصيب (اللسان) .
وقد نص المالكية على ان القسمة اما ان تكون بنسبة الديون بأن ينسب كل دين لمجموع الديون او بنسبة مال المفلس لجملة الديون (الخرشي 5 : 271) .
2. كما رؤي ان تتضمن هذه المادة النص على ان يترك للمدين المحجور ما يلزم لنفقته ونفقة من تلزمه نفقته فيترك له ما يحتاج اليه في صناعته او حرفته وكذا ما يلزمه من الثياب والاثاث وبطبيعة الحال يكون هذا اذا لم يكن له كسب اما ان كان له كسب فان نفقته تجعل في كسبه لانه لا فائدة في اخراج ماله في نفقته وهو يكتسب ما ينفق (الشيرازي ، المهذب 1 : 322) .
ويترتب على الحجر اعمال جزاء جنائي قصد به الى قمع صور معينة من الغش البين مما يرتكب المدين اضرارا بدائنيه ، فقد نصت هذه المادة على توقيع عقوبة الاحتيال على المدين الذي يحجر في الحالات الآتية :
اولا : اذا رفعت عليه دعوى بدين فتعمد التفليس غشا بعقد بعض التصرفات المدخولة مثلا ، متى انتهت الدعوى بصدور حكم عليه بأداء ذلك الدين سواء اصدر هذا الحكم قبل الحجر ام صدر بعد ذلك .
ثانيا : اذا لم يرع الامانة في مسكله قبل دائنيه بعد الحجر كأن اخفى بعض امواله ليحول دون التنفيذ عليها (من طريق التصرف غشا ، او من طريق الاختلاس) او ادعى التزامه بديون صورية او ديون مبالغ في قيمتها (من طريق التواطؤ من اصحاب هذه الديون) , وبهذا الوضع تكون قد اجتمعت في دعوى عدم نفاذ التصرف بفضل تطبيقها العملي مشخصات الدعاوى المدنية والدعاوى الجنائية على حد سواء .
ثالثا : اذا غير المدين محله بطريق الغش ، دون ان يوجه الاخطار اللازم الى قلم الكتاب وفقا لاحكام المادة (379) ولم يعلم قلم كتاب المحكمة التي نقل الى دائرتها محله الجديد بهذا التغيير ففي هذه الحالة قد يمتنع العلم بحالة الحجر على من يتصرف له المدين من الاغيار حسني النية وبذلك يكون التصرف الصادر بمأمن من طعن الدائنين ، وفقا لما تقضي به المادة (381) بيد انه هذا التصرف يضر بهؤلاء الدائنين ويستتبع بهذه المثابة توقيع عقوبة الاحتيال على المدين .
وقد كانت الحالة الثالثة موجودة في المشروع التمهيدي للقانون المدني المصري ثم حذفت لانه رؤي انه يحسن عند البدء بادخال نظام الاعسار في التشريع المصري عدم التوسع في العقوبات .
وقد رؤي في المشروع ابقاء هذه الحالة الثالثة لبروزها في العمل . وفي الخطاب (5 : 37) (ويبيع الامام ما ظهر له من ماله فيوزعه بين غرمائه بالحصص ويحبسه فيما بقي ان تبين لدده واتهم) وكذا ص 38 و 47 - 48 من الجزء نفسه .
وهي تقابل المواد (260) سوري ومشروع اردني ومصري .
تنتهي حالة الحجر القانونية بحكم المحكمة :
اولا : متى زال السبب الذي حجر من اجله بقسمة ماله بين الغرماء او لما هو مبين في الفقرتين ( ب و ج )لانتفاء الاعسار بالمعنى الفني الدقيق لان ديون المدين لم تعد اكثر من حقوقه ، اما بسبب زيادة الحقوق كما اذا آل اليه مال من طريق الارث او الهبة او الوصية . واما بسبب نقص الديون كما اذا انقضى جزء منها بطريق الوفاء او الابراء او لانه قد تحقق على الاقل ان ماله من الحقوق اصبح يكفي للوفاء بما حل من هذه الديون ، دون ان يكون للحجر اثر في حلوله .
وثانيا : اذا انقضت ثلاث سنوات من تاريخ صدور الحكم بالحجر . وقد نهج المشروع نهج القانون المدني العراقي بجعل هذه الصورة ايضا ينتهي فيها الحجر بحكم من المحكمة بخلاف الحال في القانون المدني المصري والسوري والمشروع الاردني اذ جعل حالة الاعسار تنتهي في هذه الحالة بحكم القانون مع جعل المدة خمس سنوات ووجهة النظر هذه ان عسرة المدين تظل قائمة في هذه الحالة بيد انها تصبح امرا واقعا لا حالة تنظمها احكام القانون ذلك ان اموال المدين سواء اصفيت ام لم تصف في خلال السنوات الخمس وهي المدة المخصصة للتصفية فيه تبقى على حالها من القصور عن الوفاء بديونه وقد آثر المشروع ان ينتهي الحجر بحكم كما يبدأ بحكم حسما للامور .
وفي الفقه الاسلامي اذا قسم مال المحجور بين الغرماء زال الحجر لان المعنى الذي لاجله حجر عليه هو حفظ المال على الغرماء وقد نفذ المال فيزول الحجر كالمجنون اذا افاق . وفي قول آخر لا يزول الحجر الا بحكم الحاكم لانه حجر ثبت بحكم فلا يزول الا بحكم ، كالحجر على السفيه (زكريا الانصاري على البهجة ، 3 : 106 - 110 والشيرازي ، المهذب 1 : 327 . والحطاب 5 : 42) والظاهر - مما اطلعنا عليه من الكتب - ان الحجر يزول في حالة واحدة هي قسمة المال بين الغرماء .
2. ويتبع بالنسبة الى الحكم بانتهاء الحجر نفس الاجراءات الخاصة بحكم توقيع الحجر فهو يصدر من المحكمة المختصة التي يقع في دائرتها آخر محل (موطن) للمدين - ولا يتحتم صدوره من المحكمة التي اصدرت حكم اعلان الحجر - بناء على طلب كل ذي شأن (المدين او الدائن او خلف آل اليه مال من المدين) ويقبل الطعن فيه بالطرق نفسها ولكن في المواعيد العادية لان المدد القصيرة لا يلجأ اليها الا حيث تقتضي ذلك ضرورة الاستعجال عند اعلان الحجر ، ويسجل هذا الحكم في اليوم الذي يصدر فيه في هامش تسجيل حكم الحجر وبهذا تتم العلانية الواجبة له بالنسبة لذوي الشأن كافة (م 378) .
وهي تقابل المواد (278) عراقي و (261 و 262) سوري ومشروع اردني .
تنتهي حالة الحجر بحكم من القضاء وفقا للمادة (384) من المشروع . ويترتب على ذلك بوجه عام ارتفاع القيود التي كانت على المدين . ولا ما جاز لعذر بطل بزواله ، واذا زال المانع عاد الممنوع ، تراجع المادتان (23 و 24) من المجلة وشرحهما لعلي حيدر والنظرة العامة التي وردت في صدر الموضوع ، وهما تقابلان المواد (263 و 264) مصري وسوري ومشروع اردني و (271 و 279) عراقي .
1. تناول المشروع في هذه المادة القاعدة العامة .
وقد صور المشروع حق الحبس تصويرا يكشف عن حقيقته فجعل منه مجرد دفع من الدفوع . ثم انه استعاض عن بيان احوال الحبس على سبيل الحصر بايراد قاعدة عامة فتحامى بذلك ما ينطوي عليه البيان على سبيل الحصر من اسراف في الحرج والتضييق .
2. ويفترض الحبس ان دائنا تقوم به في الوقت ذاته صفة المدين قبل مدينه فهو من هذا الوجه لا يعدو ان يكون توسعا في فكرة المقاصة وليس يمتنع ان تتسع هذه الفكرة حتى تتمثل عند التطبيق في صورة حجز يوقعه المدين تحت يد نفسه . والجوهري في نظام الحبس باسره هو وجوب توافر الارتباط بين دينين فللمتعاقد في العقود التبادلية ان يحتبس ما يلزم بادائه حتى يفي المتعاقد الاخر بالتزامه باعتبار توافر الارتباط بين الالتزامين على نحو لا يحتاج الى بيان . وهذا هو الدفع بعدم التنفيذ ، وهو في جملته ليس الا تطبيقا خاصا من تطبيقات حق الحبس . وفي الزيلعي (3 : 306) ومنها (اللقطة) من ربها حتى يأخذ النفقة اي اذا جاء صاحبها وطلبها منعه اياها حتى يوفي النفقة التي انفق عليها لان هذا دين وجب بسبب هذا الحال لاحيائه فكان له تعلق بهذا المال فاشبه جعل الآبق .
3. ويلاحظ انه يجب ان يكون الالتزام المحبوس او الذي يقف المدين تنفيذه حتى يستوفي الالتزام المقابل ، التزاما يتأخر تنفيذه عن تنفيذ الالتزام المقابل . والالتزامات المتقابلة في العقود المختلفة مرتبة ففي البيع مثلا يبدأ المشتري بدفع الثمن ثم يسلم البائع العين المبيعة فالذي يقف تنفيذه من الالتزامات هو التزام البائع بتسليم المبيع فيحبسه حتى يستوفي الثمن وليس العكس (الكاساني 5 : 249) وفي الاجارة لا تستحق الاجرة الا اذا تمكن المستأجر من استيفاء المنفعة فلا يجوز للمؤجر حبس العين الى حين استيفاء الاجرة الا اذا كانت الاجرة معجلة . فاذا كان الالتزامان المتقابلان واجبي التنفيذ في وقت واحد لم يبق الا ان يودع كل من المتعاقدين التزامه في يد عدل . ويسلم العدل كلا منهما حقه في نفس الوقت الذي يسلم فيه الحق للمتعاقد الاخر .
(يراجع الشرح الكبير لابن قدامه الحنبلي 4 : 113) .
4. ولهذا الحكم تطبيقاته في العقود وفي غير العقود بل وفي الملكية .
- ففي دائرة العقود يرد في البيع والاجارة والوكالة وحتى الزواج .
- ففي البيع اذا كان الثمن حالا فان للبائع حق حبس المبيع لاستيفاء جميع الثمن .
ولا يسقط حق البائع باعطاء المشتري له رهنا او كفيلا ولا بابرائه من بعض الثمن بل له حبسه الى استيفاء الثمن بتمامه . اما اذا لم يكن الثمن حالا ، بأن كل مؤجلا عند البيع او رضي البائع بتأجيله بعد البيع فلا حق للبائع في حبس المبيع بل يلزم بتسليمه الى المشتري ولا يطالبه بالثمن الا عند حلول الاجل .
واذا كان البيع مقايضة او صرفا قبض الثمن والمبيع في وقت واحد فالظاهر ان للمشتري حبس الثمن اذا امتنع البائع عن تسلم المبيع .
واذا استحق المبيع حتى قبل قبضه من المشتري ، كان للمشتري ان يحبس الثمن بل ان له حق الفسخ واسترداد الثمن اذا كان قد دفعه للبائع .
- وفي الاجارة اذا اشترط تعجيل الاجرة في الاجارة المنجرة كانت واجبة الاداء بمجرد العقد وقبل ان يسلم المؤجر العين المؤجرة وللمؤجر ان يحبس العين المؤجرة ويمتنع عن تسليمها للمستأجر حتى يستوفي الاجرة وهذا عدا حقه في فسخ الاجارة .
واذا مات المؤجر فانقضى عقد الايجار وكان المستأجر قد عجل الاجرة لمدة لم يستوف المنفعة فيها ، فله حبس العين المأجورة الى حين استرداد ما عجله .
والاجير الخاص له اشتراط تعجيل الاجر قبل ان يسلم نفسه للعمل فيجوز في هذه الحالة للاجير ان يمتنع عن العمل - اي ان يحبس نفسه او عمله الى ان يستوفي اجره المشروط تعجيله (الكاساني 4 : 205 - 206) .
والاجير المشترك ان كان لعمله اثر في العين كالخياط جاز له حبس العين وعدم تسليمها للمستأجر حتى يستوفي اجرته ان كانت الاجرة حالة فان تلفت عنده فلا ضمان عليه ولا اجر له . وان كانت مؤجلة فليس له حبسها فان تلفت فعليه قيمتها اما ان لم يكن لعمله اثر في العين كالحمال فليس له حبس العين فان حبسها وتلفت ضمن قيمتها وصاحبها بالخيار ان شاء ضمنه قيمتها محمولة وعليه له الاجر وان شاء ضمنها غير محمولة ولا اجر عليه .
(الكاساني 4 : 204 والزيلعي 5 : 111) .
هذا عند الحنفية وقد خففوا من حدة هذا التمييز المادي فقالوا انه ليس المراد بالاثر عينا مملوكة للعامل كالنشاء والغراء وغيرهما بل مجرد ما يعاين ويرى وعلى هذا فغاسل الثوب لتحسينه وكاسر الفستق والحطب لهم حبس العين حتى يستوفوا الاجرة .
(سليم باز على المادة 482 من المجلة) .
اما المالكية فلا يقولون بوجوب ان يكون لعمل الاجير اثر في العين ففي المدونة (قلت ارأيت الخياطين والقصارين والجزارين والصواغين واهل الصناعات اذا عملوا للناس بالاجرة الهم ان يحبسوا ما عملوا حتى يعطوا اجرهم قال وكذلك في التفليس هم احق بما في ايديهم وكذلك الموت هو احق بما في ايديهم اذا مات . الذي استعمل عندهم وعليه دين . قلت أرأيت ان استأجرت حمالا يحمل لي الطعام او متاعا او عرضا من العروض الى موضع من المواضع بأجر معلوم على نفسه او على دابته او على ابله او على سفينته ، فحمل ذلك حتى اذا بلغ الموضع الذي اشترطت عليه منعني متاعي او طعامي حتى يقبض حقه قال : قال ذلك له ، وان فلس رب المتاع كان هذا الحمال او الكري احق بما في يديه من الغرماء حتى يستوفي حقه (مالك المدونة 2 ص 414 تحت عنوان : القضاء في الاجارة) .
وفي الوكالة اذا دفع الوكيل بالشراء ثمن المبيع من مال نفسه للبائع فله الرجوع به على موكله ، وله حبس المبيع عن الموكل لاستيفاء الثمن وان لم يكن دفعه للبائع (على الخلاف من زفر) : والكاساني 6 : 37 والزيلعي ، تبين الحقائق 3 : 306 والمادة 1491 من المجلة) .
- وفي الزواج للزوجة قبل الدخول ان تمنع الزوج من الدخول بها حتى يعطيها ما اشترطت تعجيله من المهر ويثبت لها هذا الحق حتى لو كانت قد انتقلت الى بيت زوجها ، ذلك ان الزواج عقد معاوضة فيقتضي المساواة من الجانبين ، والمرأة عينت حق الزوج فيجب ان يعين للزوجة حقها وانما يتعين بالتسليم (الكاساني 2 : 288) ولا يمنع حبس المرأة نفسها عن زوجها حتى تستوفي المهر من وجوب النفقة لها على زوجها حتى في مدة الحبس (الزيلعي 3 : 50 - 52) .
- اما في الرهن فالقاعدة ان كل ما يحتاج اليه لمصلحة الرهن بنفسه وتبقيته فعلى الراهن لانه ملكه وكل ما كان لحفظه فعلى المرتهن لان حبسه له فاذا انفق المرتهن على الرهن بقضاء القاضي نفقة واجبة على الراهن (على الخلاف بين ما اذا كان الراهن غائبا او حاضرا) وقضى الدين فليس للمرتهن ان يحبس الرهن حتى يستوفي النفقة (الهندية 55 : 455) وابن عابدين على الدر 5 : 314) .
وفي غير العقود يرد في الاباق واللقطة والغصب كما يرد في الملكية ففي الاباق اذا جاء الرجل بالآبق الى صاحبه فله ان يمسكه بالجعل لانه اذا جاء به فقد استحق الجعل على مالكه فكان له حق حبسه بالجعل كما يحبس المبيع لاستيفاء الثمن (الكاساني 6 : 203 والزيلعي 3 : 308 - 309) .
وفي اللقطة اذا انفق الملتقط عليها بأمر القاضي فله ان يحبسها بالنفقة كما يحبس المبيع بالثمن (الكاساني 6 : 203 . والزيلعي 3 : 306) . وفي الغصب اذا بنى الغاصب على الارض المغصوبة ، بناء او غرس غرسا ، وكان القلع او الهدم مضرا بالارض فلصاحب الارض ان يعطي قيمة البناء او الغراس مستحق القلع ويتملكه جبرا على الغاصب ، وللغاصب حبس الارض حتى يستوفي حقه . ولو غيب الغاصب المغصوب وضمن قيمته فان ظهر بعد ذلك واخذه المالك فللغاصب حبسه حتى يسترد القيمة التي دفعها (الزيلعي 5 : 230) .
وفي الملكية : اذا انهدم بعض الملك المشترك الذي لا يقبل القسمة واراد احد الشريكين بناءه وامتنع الاخر يجبر على العمارة فان لم يعمر يأذن القاضي للشريك بالعمارة ثم يمنع الاخر من الانتفاع به حتى يؤدي ما يخص حصته من المصاريف وان عمر الشريك بدون اذن القاضي فهو متطوع لا يرجع على الاخر بشيء (م 768 من مرشد الحيران) .
- واذا انهدم السفل او احتاج الى ترميم فعلى صاحبه بناؤه او ترميمه فان امتنع وعمر صاحب العلو باذنه او باذن القاضي فله الرجوع عليه بما انفقه على العمارة بالقدر المعروف واصحاب العلو ان يمنع صاحب السفل من الانتفاع حتى يوفيه حقه (م 1315 من المجلة) .
- اذا انهدم حائط مشترك بين جارين وكان عليه حمولة لهما كقصر او رؤوس جذوع وعمر احدهما عند امتناع الاخر فله منع شريكه من وضع حمولته على ذلك الحائط حتى يؤديه نصف مصرفه (م 1316 من المجلة) .
(يراجع السنهوري مصادر الحق 1 : 32 - 33 و 64 - 65) .
وهي تقابل المواد (282) عراقي و (246/1) مصري و (247/1) سوري ومشروع اردني .
تناول المشروع في هذه المادة تطبيق في الحبس في المعاوضات المالية بوجه عام ثم في البيع والاجارة ويلاحظ ان القانون المدني العراقي اجاز في المادة (280) منه للعامل ان يحبس الشيء الذي يعمل فيه الى ان يستوفي الاجر المستحق سواء كان لعمله اثر في العين ام لا وهذا يخالف المذهب الحنفي الذي يقصر حق العامل على الحبس ليستوفي الاجرة اذا كان لعمله اثر في العين (يراجع علي حيدر على المجلة م 482 - 483) يوافق المذهب المالكي على ما سلف (تراجع المدونة الكبرى ج 2 ص 414) وقد رؤي في المشروع الاخذ بالمذهب المالكي في التسوية بين من كان لعمله اثر في العين ومن لم يكن كالحمال مثلا (تراجع مذكرة المادة 387 من المشروع والمواد 278 و 279 و 482 و 483 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والمواد 454 و 583 و 584 و 631 و 632 من مرشد الحيران) .
وهي تقابل المادة (280) عراقي .
1. تناول المشروع في هذه المادة احد تطبيقات حق الحبس وهو ما يعرض عند انفاق الحائز مصروفات على الشيء الذي يكون في يده فمثل هذا الحائز ملزم برد الشيء الى مالكه ولكن من حقه في الوقت نفسه ان يستأدي ما يكون له الحق في استرداده من مصروفات انفقها على هذا الشيء ، فثمة التزامان مرتبطان على وجه التبادل او القصاص يتفرع على ارتباطهما هذا اثبات حق صاحب اليد في ان يحبس الشيء حتى يستوفي ما هو مستحق له ولو كان قد احرز هذا الشيء بالغصب ، ففي ابن عابدين على الدر (5 : 183 - 184) .
ولو دفع بذي قيمة كقرظ وعفص الجلد اخذه المالك ورد ما زاد الدبغ بأن يقوم مدبوغا وذكيا غير مدبوغ وبرد ما فضل بينهما ، وللغاصب حبسه حتى يأخذ حقه فان هلك في يده سقط عن المالك قيمة الزيادة .
2. ويختلف هذا الحكم في المشروع عنه في القانون المدني اذ القانون يشترط ان يكون الالتزام بالرد ناشئا عن عمل مشروع حتى يكون للحائز حق الحبس اما في الفقه الحنفي فلا يشترط هذا الشرط .
3. كما ان القانون قيد المصروفات بأن تكون ضرورية او نافعة وقد رؤي في المشروع ان يكون القيد هو اذن القاضي او كونها ضرورية كما هو في الفقه الاسلامي فان لم تكن كذلك لم يكن للمنفق الرجوع بها ولا الحبس من اجلها .
- فالنفقة على الآبق ان كانت باذن القاضي يرجع بها على صاحبه والا فلا لانه يكون متطوعا ( الكاساني 6 : 203 ، والزيلعي ، 3 : 308 - 309 ).
- والنفقة على اللقطة . ان كانت بامر القاضي تكون دينا على مالكها وان اتفق بغير اذنه يكون متطوعا فينبغي ان يرفع الامر الى القاضي في ذلك ( الكاسلني 6 : 203 ، والزيلعي 3 : 306) .
- وكذلك في الرهن وان كان لا يجوز للمرتهن الحبس للنفقة بعد اداء الرهن على ما تقدم (الكاساني 6 : 152) .
4. وقد زيد في النص ( ما لم يتفق او يقض القانون بغير ذلك ) اذ قد لا يكون له الحق في الحبس لاتفاقهما على ذلك او اذا انفق المرتهن على العين المرهونة نفقة هي على الراهن ثم استوفى الدين ليس له الحبس .
(تراجع مذكرة المادة 387 وقد اشير فيها في هذا الصدد الى الهندية 5 : 455 وابن عابدين على الدر 5 : 314) .
5. كما رؤي عدم التفصيل بالنص على ما نص عليه القانون العراقي من انشاء المباني وغرس الاشجار في ارض الغير وترك هذه التفاصيل لاحكامها في مواضعها اكتفاء بالقاعدة العامة المتقدمة .
وهي تقبل المواد (281) عراقي و (246) مصري و (247) سوري ومشروع اردني .
1. تناول المشروع في هذه المادة واجب الحابس في المحافظة على الشيء ، فاذا كان هذا الشيء عرضة للهلاك او التلف كان لمحتبسه ان يحصل على اذن من المحكمة ببيعه وحينئذ ينتقل الحق في الحبس الى ثمنه .
2. وقد وضع القانون المدني المصري والسوري والمشروع الاردني معيارا لهذه المحافظة (احكام رهن الحيازة) ولكن المشروع اقتداء بالقانون العراقي آثر ترك النص على هذا المعيار لما هو مقرر في الفقه الاسلامي .
3. كما الزم الحابس ان يقدم للمالك حسابا عن غلة الشيء المحبوس اذ ليس له ان ينتفع به .
(يراجع في اللقطة : الكاساني 6 : 203 - والزيلعي 3 : 306) .
وهي تقابل المواد (283) عراقي و (247) مصري و (248) سوري ومشروع اردني .
يثبت هذا النص للحابس للشيء استعمالا لحقه في الحبس حق تقدم على سائر الغرماء في اقتضاء حقه الذي حبس الشيء لاجله من الشيء المحبوس او ثمنه .
ويفترض في هذه الحالة ان يكون هناك حق حبس وان يستعمله صاحب الحق بحبس الشيء والحكم في هذه الحالة ان يتقدم الدائن الحابس بقية الدائنين في اقتضاء حقه المحبوس لاجله من الشيء المحبوس او ثمنه وهذا الحكم مقرر في المذهب الحنفي .
ففي الدر : (اشترى شيئا وقبضه ومات مفلسا قبل نقد الثمن فالبائع اسوة للغرماء وعند الشافعي رضي الله عنه هو احق به كما لو لم يقبضه المشتري فان البائع احق به اتفاقا ولنا قوله عليه الصلاة والسلام اذا مات المشتري مفلسا فوجد البائع متاعه بعينه فهو اسوة للغرماء شرح مجمع العيني) .
وقال ابن عابدين شرحا لذلك :
- قوله ومات مفلسا- اي ليس له مال يفي بما عليه من الديون سواء فلسه القاضي او لا .
- قوله فالبائع اسوة للغرماء - اي يقتسمونه ولا يكون البائع احق به . درر .
- قوله فان البائع احق به - الظاهر ان المراد انه احق بحبسه عنده حتى يستوفي الثمن من مال الميت او يبيعه القاضي ويدفع له الثمن فان وفى بجميع دين البائع فيها وان زاد دفع الزائد لباقي الغرماء وان نقص فهو اسوة للغرماء فيما بقي له وانما كان احق به من باقي الغرماء لانه كان له حق حبس المبيع الى قبض الثمن في حياة المشتري فكذا بعد موته وهذا نظير ما سيذكره المصنف في الاجارات من انه لو ما المؤجر وعليه ديون فالمستأجر احق بالدار من غرمائه اي اذا كانت الدار بيده وكان قد دفع الاجرة وانفسخ عقد الاجارة بموت المؤجر فله حبس الدار وهو احق بثمنها بخلاف ما اذا عجل الاجرة ولم يقبض الدار حتى مات المؤجر فانه يكون اسوة لسائر الغرماء ولا يكون له حبس الدار كما في جامع الفصولين وكذا ما سيأتي في البيع الفاسد لو مات بعد فسخه فالمشتري احق به من سائر الغرماء فله حبسه حتى يأخذ ماله هكذا ينبغي حل هذا المحل وبه ظهر جواب حادثة الفتوى سئلت عنها وهي : ما لو مات البائع مفلسا بعد قبض الثمن وقبل تسليم المبيع للمشتري يكون المشتري احق به لانه ليس للبائع حق حبسه في حياته بل للمشتري جبره على تسليمه ما دامت عينه باقية فيكون له اخذه بعد موت البائع ايضا اذ لا حق للغرماء فيه بوجه لانه امانة عند البائع وان كان مضمونا بالثمن لو هلك عنده ومثله الرهن فان الراهن احق به من غرماء المرتهن .
(ابن عابدين 4 : 61 - 62) .
وقد خالف هذا الحكم القانون المدني المصري والسوري والمشروع الاردني والقانون العراقي اذ قضت هذه التقنينات بأن مجرد ثبوت الحق للدائن في حبس الشيء لا يعطيه حق امتياز عليه . وقد رؤي في المشروع التزام حكم الفقه الاسلامي .
(يراجع السنهوري مصادر الحق 1 : 32 - 33 و 64 - 65 و 6 : 252 - 263) .
وهي تقابل المواد (283) عراقي و (248) سوري ومشروع اردني .
1. ليس الحبس على وجه الاجمال ، الا حيازة الشيء حيازة فعلية ، ولذلك كان طبيعيا ان ينقضي بفقد الحيازة فالبائع اذا سلم المبيع قبل قبض الثمن ، فقد اسقط حبسه فليس له بعد ذلك ان يسترد المبيع . ولكن ينبغي ان يكون هذا الفقد اراديا : فاذا خرج الشيء من يد محتبسه خفية او انتزع منه رغم معارضته ظل حقه في الحبس قائما وكان له ان يسترده .
وفي الاشباه والنظائر (ص 376) : (المرتهن اذا اعار الرهن من الراهن لم يبطل حقه في الحبس فله رده بخلاف البائع اذا اعار المبيع او اودعه من المشتري سقط حقه فلا يملك رده) .
(تراجع المادتان 748 و 749 من المجلة) .
ولذلك رؤي اضافة عبارة (ما لم ينص القانون على غير ذلك) في آخر الفقرة الاولى .
2. على ان حق الاسترداد هذا وان كان جزءا يكفل حماية الحق في الحبس الا ان من واجب المحتبس ان يستعمله في خلال ثلاثين يوما من وقت علمه بخروج الشيء من يده (قارن حق المستأجر في استرداد المنقولات التي تخرج من حيازته في خلال ثلاثين يوما) .
- كما رؤي ان من المصلحة وضع حد زمني ينقضي حق الحبس في خلاله ولو لم يعلم الحابس بخروج الشيء من يده لوضع حد للمنازعات وقد رؤي تحديد الاجل بسنة اسوة بالقانون المدني المصري والسوري والمشروع الاردني والقانون العراقي .
(تراجع المواد 24 و 58 و 97 و 281 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والمادة (459) من مرشد الحيران) .
وهي تقابل المواد (248) مصري و (249) سوري ومشروع اردني و (284) عراقي .
?الفصل الثالث
التصرفات المشروطة بالتعليق والأجل
الفرع الأول
الشرط
نظرة عامة :
الشرط أمر مستقبل محتمل وجوده رتب على وجوده وجود التزام أو زواله ، وهو شرط واقف إن كان المرتب على وجوده وجود الالتزام وشرط فاسخ إن كان المرتب على وجوده زوال الالتزام هذا التنويع اصطلاح قانوني ليس معروفاً في الفقه الإسلامي والأجل أمر مستقبل محقق الوجود وهو الأجل الواقف إذا رتب على حدوثه نفاذ الالتزام وهو الأجل الفاسخ إذا كان الالتزام قائماً نافذاً ورتب زواله على حدوثه .
والالتزام يكون معلقاً على شرط إذا كان وجوده أو زواله مترتباً على أمر مستقبل غير محقق الوقوع وعليه فلا يكون للالتزام وجود إذا علق على شرط غير ممكن الحدوث ، ومثله إذا كان الشرط مخالفاً للآداب أو للنظام العام وذلك في حالة ما إذا كان الشرط واقفاً - أما إذا كان الشرط فاسخاً فان مخالفته للآداب أو للنظام العام تجعله بمنزلة الشرط الذي لا يمكن وقوعه ومن ثم يعتبر أنه غير قائم وغير موجود على الرغم من تحققه وعندئذ لا يترتب عليه زوال الالتزام كما لا يترتب عليه وجود الالتزام في هذه الحالة إذا ما كان واقفاً لهذا الاعتبار نفسه .
ويلاحظ أن الشرط الفاسخ عند مخالفته للآداب أو للنظام العام هو الذي يعد غير قائم وغير موجود عند حدوثه ومن ثم بقي الالتزام قائماً غير متأثر بوجوده .
وإذا علق وجود الالتزام ونشأته على إرادة الملتزم وحدها له أن يريد وكان له إلا يريد وذلك ما يذهب بقيامه الالتزام ووجوده وترتب أثره وهو الإلزام عليه فان الالتزام إذا كان من جانب واحد أي بإرادة الملتزم المنفردة فإنها عند هذا التعليق تعد غير موجودة فعلاً ، وبذلك لا يكون للالتزام وجود لأنه إنما يقوم على البت والقطع ، والتعليق على المشيئة والإرادة رفع للبت وإعدام له . والالتزام لا يكون إلا بما يدل على البت والقطع من جانب الملتزم فكان تعليق الالتزام على إرادة الملتزم ومشيئته مبطلاً له . وإذا كان الالتزام من جانبين وقائماً على إرادتين متبادلتين كان الالتزام أحدهما باعتباره مديناً بالنسبة إلى الطرف الآخر غير قائم إذا لم يكن له إرادة فيه عند التلفظ بعبارته وإذا لم يكن له إرادة عند التزامه المعلق على إرادته لم يكن له التزام إذ لا التزام بغير إرادة بتة من الملتزم ولا يفيد أن من المحتمل أن يريده فيما بعد لان إرادته في هذه الحال لا تصلح سبباً ملزماً ما دام أن له إلا يريد دون تعقيب عليه كما لا تصلح لذلك أن يكون التزام الطرف الآخر مقابلاً بما يكافئه ، وعن هذا يبطل الالتزام إذا علق على إرادة المدين وحده على انه إذا صدر من المدين فيما بعد ذلك ما يكشف عن إرادته في إبرام هذا الالتزام كان ذلك إرادة جديدة لها أثرها الشرعي بناء على هذا الأساس ذلك ما تقضي به الأصول والقواعد الفقهية الشرعية .
وإذا كان الالتزام قائما معلقاً بقاؤه وقيامه على شرط فاسخ فان تحقق هذا الشرط يزيل هذا الالتزام وينفسخ بقوة القانون دون حاجة إلى حكم أو إعلان ولا يكون الملتزم عندئذ في حاجة إلى حكم بفسخه ولا يلجأ في ذلك إلى القضاء إلا عند النزاع فيلجأ إليه لتقرير انفساخه ولذا لا يجوز لطرفيه أن ينزلا عن الفسخ إذ يعتبر الالتزام مفسوخاً من تلقاء نفسه .
وإذا كان الدائن قد استوفى الدين من المدين ثم تحقق الشرط الفاسخ وزال التزام المدين تبعاً له فعليه ان يرد ما أخذ إلى المدين وإذا استحال الرد لسبب هو مسؤول عنه كان عليه أن يعوض المدين عما أصابه من الضرر أما إذا كانت الاستحالة لسبب أجبر عليه ليس مسؤولاً عنه فلا محل لإلزامه عندئذ بالتعويض لأنه لم يكن منه ما أضر بالمدين حتى يلزم بتعويضه والتزام الدائن برد ما أخذ من المدين إليه مبني على أساس دفع غير المستحق .
ويرى بعض رجال التشريع أن للشرط الفاسخ أثراً رجعياً فيزول الالتزام بناء على ثبوته من وقت نشوء الالتزام .
أما فقهاء الشريعة الإسلامية فقد ذهبوا إلى انه ليس للشرط أثر رجعي ويرون باتفاق بينهم أن المشروط لا يتحقق قبل شرطه وإلا لم يكن شرطاً له لان الشرط ما يلزم من عدم وجوده عدم المشروط ولا يلزم من وجوده الوجود ولو جعل الشرط أثر رجعي لكان المشروط وجود قبل شرطه وهذا مرفوض باتفاق وقد جاء في المجلة (المعلق بالشرط يجب ثبوته عند ثبوت الشرط) (م 82) وجاء فيها (الكفالة إذ علقت بشرط فلا يطالب الكفيل ما لم يتحقق الشرط) (م 636) .
وعلى هذا الأئمة الأربعة من فقهاء الإسلام ، وهم أبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد بن حنبل .
(تراجع المراجع المشار إليها في النظرة العامة للأجل) .
المذكرة الايضاحية :
تضمنت المواد (393 - 401) تعريف الشرط واحكامه بوصفه احد الاوصاف المعدلة لاثار الالتزام وقد تضمنت المادة (393) تعريفا للشرط جميع مزايا التعريفات الفقهية وتعريفات القوانين الحديثة وقد عرفته المادة (315) من المرشد بأنه (التزام مستقبل في امر مستقبل بصيغة مخصوصة) وفي هامش ص (80) من المرشد نقلا عن تعريفات السيد هو ما يتوقف عليه وجود الشيء ويكون خارجا عن ماهيته ولا يكون مؤثرا في وجوده وقيل الشرط ما يتوقف وجود الحكم عليه . وفي الشرع هو ما يضاف الحكم اليه وجودا عند وجوده لا وجوبا . وقد تضمن النص المقترح عناصر التفرقة بين الشرط الذي يعلق عليه وجود الالتزام وبين الشرط الذي يترتب على تحققه زوال الالتزام . وقد عرفت المادة (394) الالتزام المنجز وهو ما تم بصيغة مطلقة دون ان يكون مقيدا بشرط او بصيغة مضافة الى زمن مستقبل ويؤتي هذا الالتزام اثره في الحال وهو نص مصدره المادة (316) من المرشد التي تنص على ان (العقد المنجز هو ما كان بصيغة مطلقة غير معلقة بشرط ولا مضافة الى وقت مستقبل وهذا يقع حكمه في الحال) .
اما الالتزام المعلق فهو ما كان مقيدا بشرط غير قائم او بواقعة مستقبلة ويتراخى اثره حتى يتحقق الشرط . وقد نصت المادة (82) من المجلة على ان المعلق بالشرط يجب ثبوته عند ثبوت الشرط وجاء في شرح هذه المادة ج 1 ص 72 انه يشترط في صحة التعليق ان يكون الشرط معدوما على خطر الوجود اي ان يكون معدوما ممكنا حصوله فلو علق شيء موجود يعتبر تعليقه تنجيزا اي ان المعلق يثبت في الحال .
وقد اورد صاحب المرشد هذا الحكم في نص المادة (318) من المرشد ، وتضمن نص المادة (396) احكام الشرط المعلق فقضت بأنه يشترط لصحة التعليق ان يكون مدلول فعل الشرط معدوما على خطر الوجود لا متحققا ولا مستحيلا ، ذلك لان تعليق الالتزام على شرط مستحيل او مخالف للاداب او النظام العام يجعله باطلا اذا كان الشرط يتوقف عليه وجود الالتزام فاذا كان الشرط يترتب عليه زوال الالتزام فانه يكون لغوا ولا يعتبر وقد تضمنت المادة (397) من المشروع هذا الحكم وجاء في شرح المجلة ج 1 ص 72 على المادة (82) (اذا كان التعليق على شيء مستحيل الوقوع فهو باطل ... ويشترط في التعليق ان يكون في الامور والخصوصيات التي يجوز التعليق فيها شرعا والا فلو علقت بعض الامور التي لا يجوز التعليق فيها على شرط فالتعليق فاسد اي ان الشيء المعلق لا يثبت ولو ثبت الشرط) ومؤدى ما تقدم انه من موجبات التعليق ان يكون مدلول فعل الشرط معدوما على خطر الوجود لا يستطاع البت بما سيكون من امره ، فمتى كان مستحيلا وهو ما يمتنع تحققه بحكم الواقع او كان غير مشروع بسبب مخالفته للقانون او النظام العام او الآداب انتفت حقيقة التعليق فاذا كان الشرط موثقا فالالتزام باطل واذا كان فاسخا يسقط اثر التعليق ويعتبر الشرط لغوا .
وقد نصت المادة (398) من المشروع المقترح على ان الالتزام المعلق على شرط غير مناف للعقد لا ينفذ الا اذا تحقق الشرط وهو نص يتفق مع نص المادة (82) من المجلة والذي يقضي بأن المعلق بالشرط يجب ثبوته عند ثبوت الشرط ويترتب على اعتبار الالتزام المعلق غير مؤكد الوجود انه لا يجوز للدائن ان يتخذ بمقتضاه اي اجراء من اجراءات التنفيذ فاذا تحقق الشرط فقد تأكد وجوب الالتزام .
على ان المادة (399) تضمنت حكم الشرط المقيد فنصت على زوال الالتزام اذا تحقق ويلتزم الدائن برد ما اخذه فاذا تعذر عليه ذلك بسبب يرجع اليه كان ملزما بالضمان ذلك لان الالتزام المعلق على شرط مقيد وان كان يثبت للدائن حقا متميزا الا انه يقبل الزوال فاذا تحقق الشرط زال حق الدائن والتزم برد ما اداه المدين فان استحال عليه ذلك بسببه التزم بالضمان .
ويلاحظ ان المشروع قد تجاوز النص الذي جرت عليه القوانين الحديثة وهو اسناد اثر الشرط الى الماضي لمخالفته للمبادىء العامة في الفقه الاسلامي ولتعارضه مع القاعدة العامة والتي تنص على ان المعلق يثبت عند ثبوت الشرط لا قبله ولذلك تطبيقات عديدة تضمنتها كتب الفقه واتفقت فيها جميع المذاهب .
وقد رؤي في المشروع عدم استعمال الشرط الواقف والشرط الفاسخ وهو تعبير لا وجود له في الفقه الاسلامي ، ولا في التشاريع الاردنية وهو مأخوذ من الفقه اللاتيني والجرماني ، كما جاء في مشروحات القانون المصري التمهيدي .
(يراجع بالاضافة الى شرح مواد المجلة المشار اليها اعلاه المغني ج 4 ص 66 وما بعدها والمهذب ج 1 ص 258 وما بعدها ونهاية المحتاج ج 7 ص 11 ورد المحتار ج 2 ص 687 و ج 4 ص 59 وما بعدها والهداية ج 3 ص 116 و 128 والبدائع ج 5 ص 126 وما بعدها وحاشية الدسوقي ج 3 ص 91 وما بعدها والشرح الكبير للدردير ج 2 ص 375 ومرشد الحيران المواد 315 - 322) .
وهذه المواد تقابل المواد من (265 - 270) سوري ومشروع اردني و (365 - 370) مصري و (285 - 290) عراقي .
?الفرع الثاني
الأجل
نظرة عامة :
من طبيعة الأجل الذي يترتب نفاذ الالتزام أو انقضاؤه على حلوله أن يكون وقتاً مستقبلاً محقق الوقوع وهو في العادة موعد معين يضرب لنفاذ الالتزام أو لانقضائه ومن ذلك كان جزءاً معيناً من الزمن وقد يكون فعلاً كالتأجيل إلى قدوم الحاج أو إلى الحصاد وعند ذلك لا يراد منه إلا زمنه ، والتأجيل قد ينص عليه في العقد وقد لا ينص عليه في العقد ولكنه يلتحق به بعد ذلك باتفاق المتعاقدين على ذلك وفي هذه الحال ينشأ الالتزام منجزاً ثم يصير مؤجلاً بهذا الاتفاق وإذا كان الأجل محقق الوقوع فليس من اللازم ان يكون موعد حلوله معلوماً وذلك كما في التأجيل إلى الموت وهذا ما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة وهذه الحال هو ما يسمى الأجل فيها لدى رجال القانون بالأجل غير المعين وهي تسمية اصطلاحية لهم ، والأجل كما يضرب لنفاذ الالتزام دفعة واحدة قد يضرب لنفاذه على فترات معينة متوالية - والأجل قد يضرب لنفاذه التزام وقد يضرب موعدا لانقضائه وهو في الحال الأولى يسمى أجلا واقفاً وفي الحال الثانية يسمى أجلا فاسخاً - وهذا اصطلاح في التسمية خاص برجال التشريع الوضعي وأمثلة الأجل الفاسخ عديدة ومنها الأجل يضرب لانقضاء الرهن وذلك بتسليم العين المرهونة الى الراهن او لانقضاء الإعارة وذلك بتسليم العارية إلى المعير .
والأمر الكثير وقوعه ان يكون مصدر الأجل اتفاق المتعاقدين وقد يكون ذلك صريحاً كما إذا نص في العقد على التأجيل وقد يكون ضمنياً كما في تأجيل المهر من غير نص على ذلك بناء على جريان العرف بذلك .
وكذلك كل معاملة خاصة جرى العرف على ان تكون في غالب أحوالها مؤجلة إلا إذا نص على عدم التأجيل وقد يكون مصدره القانون كما في تأجيل الدية بالنسبة إلى القاتل خطأ على ثلاث سنوات يؤدي منها ثلثها في كل سنة - وقد يكون مصدره القضاء كما في تأجيل القاضي النفقة المتجمدة عن مدة ماضية عندما يرى ان حالة المدين تستوجب الرأفة به لإعساره فيؤجل أداءها إلى الوقت المناسب له إمهاله واشتراط تحقق الوقوع في الاجل لا يقصد منه الا ان يكون هو الامر المعتاد المالوف بين الناس لا الأمر الحتم المقطوع به ولذا لا يضر ان يكون عدم وقوعه جائزاً ومحتملاً في نفسه وذلك بدليل صحة التأجيل إلى الميسرة في كثير من المسائل وهي أمر قد لا يحدث ولا يقع وقد ورد بها الكتاب العزيز إذ جاء في سورة البقرة (وان كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة) .
ويلزم في الأجل نتيجة لوجود تحقق القطع بحدوثه ان يكون معلوماً فإذا كان مجهولاً كان باطلاً وافسد الالتزام لما يترتب على ذلك من الغرر والنزاع وليس المراد بالعلم كماله بل يكفي ان يكون علماً مانعاً من الغرر الفاحش والنزاع وذلك بان يكون علماً تعارف الناس الرضا به والمعاملة على أساسه كما في التأجيل إلى زمن قدوم الحاج أو إلى زمن الحصاد ونحو ذلك . ولذا لم يكن مما يبطل الأجل ويجعله مجهولاً جهالة يترتب عليها فساد المعاملة إلا يعلم وقت حلوله إذا ما كان محقق الوقوع كما في التأجيل إلى الموت وذلك لتعارف الناس ذلك .
وانظر ما جاء في حاشية الدسوقي على الشرح الكبير ج3 ص279 طبعة الحلبي خاصا بتأجيل المدين غير المفلس بواسطة الحاكم بناء على طلبه وليس بمنع القاضي شرعاً من ان يمهل المدين ويؤجله بناء على طلبه إذا ما كان التأجيل منصوصا عليه في الالتزام وانتهى الأجل ولم يوف المدين أو كان غير منصوص عليه ولكن تبين ان عدم القدرة على الوفاء عندئذ نتيجة طبيعة الالتزام إذ ان هذه الحال لا تعدو ان تكون مثيلة لما نص على التأجيل فيه إلى وقت الميسرة ومن سلطان القاضي في مثل هذه الأحوال تحديد الوقت الذي يجب فيه الوفاء وذلك كثير في المذاهب وبخاصة مذهب مالك .
المذكرة الايضاحية :
الاجل موعد معين يضرب لنفاذ التزام او انقضائه وهو امر مستقبل محقق الوقوع ، وتحقق الوقوع هو الفارق الجوهري بين الشرط والاجل وقد تضمن النص المقترح عناصر التفرقة بين الاجل الواقف وهو ما يتوقف عليه نفاذ الالتزام والاجل الفاسخ وهو ما يضاف اليه زواله ويلاحظ ان الاضافة الى الاجل وصف يلحق الالتزام . وقد نصت المادة (320) من المرشد على ان العقد المضاف هو ما كان مضافا الى وقت مستقبل والمضاف ينعقد سببا في الحال لكن يتأخر وقوع حكمه الى حلول الوقت المضاف اليه ونصت المادة (156) من المجلة على ان التأجيل هو تعليق الدين وتأخيره الى وقت معين ونصت المادة (157) على ان التقسيط تأجيل اداء الدين منصرفا الى اجال معينة والنص المقترح يتفق مع تعريف الاجل في الفقه وفي القوانين الوضعية . اما المادة (403) من المشروع فقد تضمنت حكما يقوم على ان المتعاقدين قد يحددان اجل الوفاء عند المقدرة او الميسرة ولم يترك الامر دون وضع ضوابط لهذا التحديد ، ولذا نص على ان يعين القاضي الاجل المناسب على ان يراعي ظروف المدين وموارده الحالة والمستقبلة وما ينبغي عليه من واجب الحرص على الوفاء بالتزامه .
اما المادة (404) فقد نصت على احكام سقوط حق المدين في الاجل ومعسرته على الاحوال التي اتفقت فيها القوانين الحديثة ، فضلا عن عدم تناقضها مع الاحكام الفقهية الاسلامية ، فحلول اجل الدين بالنسبة للمدين الذي يقضى بافلاسه مستمد من احكام الفقه المالكي وان كان ذلك على خلاف رأي الحنفية والشافعية الا انه يتفق مع المصلحة العامة والعدالة : اما الفقرتان التاليتان فتنفقان مع احكام ضمان الديون الواردة في بابي الرهن التأميني والرهن الحيازي . التي تضمنها المشروع .
وقد تضمنت المادة (406) من المشروع النص على سقوط الاجل بموت المدين لا الدائن اذا كان الدين موثقا بضمان عيني ومصدر النص في جزئه الاول المادة (214) من المرشد التي تقضي بأن الدين المؤجل لا يحل بموت الدائن ويحل بموت المدين وتتفق مع رأي الحنفية والشافعية ، ويرى المالكية ان الاجل يسقط بموت المدين الا اذا اتفق الطرفان على عدم سقوطه بالميراث (حاشية الدسوقي على الشرح الكبير ج 3 ص 265 و 266) اما الحنابلة فيرون انه يسقط بالموت الا اذا وثق الوارث برهن او كفيل ، وقد نص المشروع على عدم سقوط الدين اذا كان موثقا توثيقا عينيا ويتفق هذا النص مع المادة (295) من القانون العراقي . وتوضيحا لما ذكر يتبين ما يلي :
ذكر المشروع لسقوط الاجل اسبابا ثلاثة - والمراد بالاجل هنا الاجل الواقف بدليل عدم تحقق تلك الاسباب بالنسبة للاجل الفاسخ - ولان لسقوطه اسبابا اخرى يتعرض لها في مواضعها .
السبب الاول - الحكم بافلاس المدين او اعساره وفقا لنصوص القانون . ولم ير فقهاء الشريعة ان افلاس المدين او اعساره بعد اعلانهما مسقطان للاجل بل يبقى الاجل قائما مستتبعا اثره على الرغم من افلاس المدين او ثبوت اعساره ولكن المالكية ذهبوا الى ان الحكم بافلاس المدين مسقط للاجل وخالفهم في ذلك الحنفية على القول بالحجر للدين عندهم كما خالفهم الشافعية والحنابلة ، والمسألة مسألة اجتهادية لا نص فيها فيما نعلم - واذا كانت صالحة لان يكون الحكم فيها على مقتضى المصلحة التي تتمثل في استقرار المعاملات والمحافظة على الحقوق وصيانتها والبعد عن الغرر لان الادانة مع التأجيل انما تعتمد في الغالب على ثقة الدائن بالمدين وملائته الظاهرة فاذا تغيرت حاله من ملاءه الى عسر اصاب الدائن ضرر غير متوقع فكان له الحق في التوقي منه وذلك باعطائه الحق في مطالبة المدين بالوفاء في الحال .
السبب الثاني : اذا اضعف المدين بفعله الى حد كبير ما اعطى الدائن من تأمين خاص كرهن مثلا وذلك بأن تصبح قيمته اقل من قيمة الدين فان لم يصل الاضعاف الى هذا الحد بأن ظل التأمين كافيا لضمان الدين لم يكن ذلك مبررا لسقوط الاجل كما ان اقدام المدين على اضعاف الضمان العام للدائنين - وذلك بأن يتصرف في ماله بما يصل به الى حد الاعسار لا يعد مبررا لسقوط الاجل بناء على ذلك وان امكن سقوطه بناء على ما حدث من اعسار اذا اعلن هذا الافلاس ومثله في الحكم ان يكون التأمين نتيجة للاشتراط في عقد المدين او لاحقا له غير انه في هذه الحال الاخيرة لا يلحق الدائن فيها غرر بسبب الاضعاف لانه ارتضى التعاقد بلا تأمين في الابتداء ولم يكن التأجيل بسبب التأمين فاذا كان التأمين لاحقا للعقد لم يتغير حال الدائن عما كان عليه وقت التعاقد على الدين وهي حال كانت لديه مرضية بخلاف ما اذا كان مصدر التأمين هو العقد .
وهذا ما لم يؤثر الدائن ان يطالب بتكملة التأمين ضمانا لتوفر ثقته والا بقي الاجل اذا استجاب المدين الى طلب الدائن فأكمل التأمين .
واذا كان اضعاف التأمين يرجع الى سبب لا دخل لارادة المدين فيه فان الاجل كذلك يسقط بسبب ذلك فقد يكون اقدام المدين على الادانة مع التأجيل مرده الى اطمئنانه الى الحال القائمة عند ذلك فاذا تغيرت كان له ان يحافظ على حقه اما بطلب الوفاء بناء على سقوط الاجل واما بطلب زيادة التأمين الى الكفاية كما يكون للدائن الحق في مطالبة المدين بتقديم تأمين خاص اليه ولو لم يكن الدين مؤجلا اذا خشي افلاسه او اعساره واستند في ذلك الى سبب معقول والا الزمه بالوفاء دون امهال ، والى ذلك ذهب الفقهاء لان ذلك من حق الدائن ما دام الدين شاغلا لذمة المدين واذا كان له هذا الحق في هذه الحال فأولى ان يكون له اذا ما كان بالدين تأمين سابق وضعف بغير ان يكون للمدين يد في اضعافه . او كان له يد في ذلك وقد نص فقهاء الشريعة على انه لا يجوز للدائن الراهن ان يتصرف في الرهن او يضعفه لان ذلك يعد اعتداء منه على مال تعلق به حق المرتهن ، وتعلق هذا الحق به يستوجب تضمينه والزامه بقيمة ما نتج عن اعتدائه بسبب تصرفه او فعله ودفعها الى المرتهن لتحل محل ما نقص من الرهن وسواء في ذلك ان تكون نتيجة الاعتداء تلف بعض الرهن او نقص قيمته دون تلف درء منه وذلك ما ذهب اليه الحنفية وغيرهم وهو يؤيد ما جاء في المادة خاصا بالسبب الثاني ذلك لان نتيجة الزام الرهن شرعا بتضمينه قيمة ما اتلف او نقص اجباره على القيام بذلك فاذا لم يستجب كان للدائن التنفيذ عليه حالا وذلك مستوجب لسقوط الاجل ولا فرق في هذا الحكم بين ان تكون قيمة التأمين معادلة للدين او اكثر منه او اقل منه لان حق الدائن متعلق بالرهن جميعه لا بما يعادل الدين منه وهذا الحكم يجعل السبب الثاني من اسباب سقوط الاجل متفقا مع الشريعة في حالة ما اذا اضعف المدين التأمين بفعله ، قل هذا الاضعاف او كثر وسواء كان التأمين بالعقد او لاحقا له مشروطا ام غير مشروط - واما اذا كان ضعف التأمين لا دخل فيه لارادة المدين فان تضمين المدين بقيمة النقص لا موجب له لعدم تعديه ولكن ذلك لا يمنعه شرعا وقد ضعف تأمينه ان يطالب باكماله او سقوط الاجل اذا خشي افلاس مدينه او اعساره واستند في ذلك الى اسباب معقولة كما هو الحكم بالنسبة للدائن اذا خشي ذلك ولم يكن بالدين تأمين وعلى هذه يكون ما جاء في السبب الثاني متفقا مع الشريعة وهذه احكام اجتهادية تساير المصلحة في استقرار المعاملات المالية وبعدها عن الغرر والنزاع وملاءمتها للاعراف .
السبب الثالث - اذا لم يف المدين بتقديم التأمين الذي تضمنه عقد المداينة وذلك لاخلاله بالتزامه وفساد العقد وما تضمنه لعدم توفر ما اشترط فيه من التأمين وهذا متفق مع ما ذهب اليه الفقهاء اذ الشريعة توجب على المدين الزامه في هذه الحال بتقديم التأمين فاذا لم يستجب بطل عقد المداينة وبطل تبعا لذلك ما تضمنه .
ويلاحظ ان المشروع اقتصر على الاسباب الثلاثة التي ذكرت ولم ير سقوط الاجل بموت المدين الا اذا كان موثقا .
ولكن الفقهاء الشرعيين لهم في ذلك ثلاثة مذاهب :
الاول - ما ذهب اليه الحنفية والشافعية من ان الاجل يسقط بموت المدين .
الثاني - ما ذهب اليه المالكية من ان الاجل يسقط بموت المدين الا اذا كان قد اشترط على الدائن عدم سقوط بالموت (الدسوقي على الشرح الكبير للدردير 265 و 266 طبعة الحلبي) .
الثالث - ما ذهب اليه الحنابلة من ان الاجل يسقط بالموت الا اذا وثقه الوارث برهن او كفيل .
وفي الاخذ بمذهب الحنفية والشافعية مجافاة وبعد عن تحقيق العدالة من ناحية ان الاجل له وزنه واثره في قيمة الدين ومن ناحية ان المال الحال اكثر قيمة مما يساويه اذا كان مؤجلا وفي اسقاط الاجل عن الدين زيادة له تعد ضارة بالورثة على ما في الاخذ بذلك المذهب من اضرار بالورثة ونقض لما تم من معاملة ولم يشرع الموت لاسقاط الحقوق ولا شك ان الاجل حق .
وفي الاخذ بمذهب المالكية اضرار بالورثة من ناحية انهم قد يرون من مصلحتهم ان يلتزموا بالدين مؤجلا حتى لا يرهقوا بالاداء الذي قد يؤدي بهم الى بيع التركة وفي الاخذ بمذهب الحنابلة اضرار بالدائن الذي لم يرتض الا ذمة الوراث ولذا فانه من المصلحة والارفق والاقرب الى مراعاة كل من الدائن والورثة الاخذ برأي مستمد من المذهب المالكي والمذهب الحنبلي وهو ان الاجل لا يسقط بالموت الا اذا كان هناك اشتراط من المدين بعدم سقوطه بالموت سواء اكان اشتراطا صريحا او بالعرف وفي رأي ان العرف الان جار على عدم سقوط الاجل بالموت فذلك ما جرت به المعاملات منذ ظهر ذلك في التشريع المصري واعتاده الناس والفوه والمشروط عرفا كالمشروط شرطا فاذا لم يكن اشتراط سقط الاجل بالموت الا اذا وثق الورثة الدين برهن او كفيل وذلك رأي الحنابلة وفي هذا التوثيق مراعاة لمصلحة كل من الدائن والورثة بعد وفاة المدين . ومما ينبغي ملاحظته التمييز بين حالة سقوط الاجل وحالة حلول الاجل فسقوط الاجل يكون عند قيامه قبل حلوله اما حلول الاجل فانه يكون بانتهائه وتمامه ويحل الاجل بأمور منها انتهاء مدته وهذا امر واضح كما يحل كذلك بالتنازل عنه ممن له مصلحة فيه سواء اكان المدين او الدائن فقد يضرب الاجل لمصلحة المدين وحده كما هو الشأن في عارية الاستعمال او لمصلحة الدائن وحده كما هو الحال في الوديعة او لمصلحتها معا كما في الاقالة من الاجارة فاذا كان الاجل لمصلحتهما فلا ، فليس لاحدهما التنازل عنه بانفراده وعليه لا يجوز انتهاء الايجارة الا باتفاق المؤجر والمستأجر ويجوز للمستعير ان يرد العارية قبل انتهاء مدتها ويجوز للمودع ان يسترد العارية قبل انقضاء الاجل في الوديعة .
واذا كان الاجل صحيحا وحل بانقضائه او بسقوطه او بالنزول عنه على الوضع الذي بيناه فيما مضى اصبح الحق المؤجل نافذا دون ان يكون لذلك اثر رجعي فلا يعتبر الحق نافذا الا من وقت حلول الاجل - وفي الاجل الفاسد ينقضي الحق بحلوله من تلقاء نفسه على انه يجوز للطرفين مد الاجل مرة او اكثر باتفاق جديد بينهما ويكون انقضاء الحق بحلول الاجل في هذه الحال دون اثر رجعي فينقضي الحق من وقت حلول الاجل لا من وقت الاتفاق .
(ويراجع بالاضافة الى المرجع المشار اليها اعلاه المواد من 212 - 215 من مرشد الحيران) .
وهذه المواد تقابل المواد (من 271 - 274) سوري ومشروع اردني ومصري و (291 - 297) عراقي .
الفصل الرابع
تعدد المحل
نظرة عامة :
هذا الموضوع يقتضي أن يكون التخيير بين محلين أو أكثر يتوفر في كل محل منها ما يجب توافره من شروط في محل الالتزام ويكون الواجب أداء واحد منها لكي تبرأ ذمة المدين براءة تامة - فإذا كان التخيير فيه بين شيئين فقط ولم تتوافر في أحدهما شروط المحل في الالتزام كان الثاني هو المحل للالتزام فقط وكان الالتزام بسيطاً غير تخييري- والعبرة بتوفر الشروط في جميع المحال في وقت نشوء الالتزام فإذا لم تتوفر في احدهما في ذلك الوقت لم يصلح محلاً ولو توفرت فيه بعد ذلك . ومن الواضح في الالتزام التخييري أن أحد الأشياء هو الواجب أداؤه ولذا لا يتوجه الطلب إلا إلى واحد منها فقط لا إلى جميعها والالتزام التخييري ليس التزاماً بشيء غير معين كما في التزام البائع بان يبيع للمشتري إردبا من هذا القمح وإنما هو التزام بأداء شيء معين من بين أشياء معينة يختار منها ويقضي المشروع بان الخيار للمدين في اختيار محل الأداء ما لم ينص القانون أو يتفق المتعاقدان على أن يكون الخيار لغيره دائناً أو غيره - ومصدر هذا الخيار غالباً الاتفاق وقد يكون مصدره القانون .
ولا يختلف الفقهان الشرعي والوضعي في بيان معنى الالتزام التخييري وإن اختلفا في تسميته فان الفقه الإسلامي يسميه بخيار التعيين وهي تسمية تدل على أنه خاص بحالات الالتزام بل تتسع لان يكون خياراً بين شيئين أو أكثر مطلوب أحدها على وجه الاستحسان أو الأولوية فيتحقق المطلوب بأدائه في حين انه لا يجب الأداء في أي منها عند ذلك لان الطلب فيها كلها طلب استحسان وتفضل لا طلب إلزام وذلك مثل ان تطلب من صديق لك أن يعيرك أحد كتابين معينين على أن يكون التعيين له .
ويلاحظ أن تعيين محل الأداء في الحالين حال ثبوت الخيار للمدين أو للدائن يستند إلى وقت التعيين فيعتبر محل الالتزام واحداً منذ البداية والالتزام بسيطاً ذا محل واحد هو الذي وقع الاختيار عليه .
وإذا كان الخيار للمدين فاختار ولم يتصل علم الدائن باختياره فما الحكم
في المسائل الفقهية المماثلة أن الاختيار تام وملزم فلا يجوز له العدول عن اختياره إلى اختيار محل آخر وليس للدائن ان يحتج علمه بذلك قياساً على القبول يكون من أحد العاقدين عند التعاقد بالكتابة إذ لا يلزم في نفاذ القبول اتصال علم الموجب به ، ولكن لاستقرار المعاملات والمصلحة التي تبعد عن النزاع يمكن أن يقال أن الاختيار لا يتم ولا يلزم إلا إذا اتصل علم الطرف الآخر به حتى يكون على بينة من أمره وبما له من حق مطالب به بنى تصرفه عليه كما يستظهره فضيلة الشيخ على الخفيف وهو يشبه إلى حد بعيد ما ذهب إليه أبو يوسف من اشتراط علم الطرف الآخر في العقد الذي اشترط فيه الخيار بما تم فيه من فسخ من له الخيار وإذا ما اتصل علم الطرف الآخر باختيار احد المحلات لزمه ذلك أما قبل هذا فلمن وقع منه الاختيار العدول عن اختياره إلى اختيار محل آخر .
وإذا مضى بعد العقد زمن يرى فيه أحد العاقدين أن صاحبه أعنته بعدم اختياره فيه أو كان العقد قد تضمن مدة ليتم فيها الخيار فمضت دون أن يحدث كان للدائن إذا كان الخيار للمدين أن يطلب من القاضي تعيين أجل للاختيار ، فإذا مضى الأجل دون حدوث الاختيار تولى القاضي بنفسه تعيين محل الالتزام ، وفي حكم امتناع المدين عن الاختيار عدم اتفاق المدينين عند تعددهم على اختيار محل معين وإذا كان الخيار للدائن فامتنع من الاختيار أو كان الدائن متعدداً فلم يحدث اتفاق على اختيار محل معين عين القاضي أجلا أن طلب ذلك المدين فإذا انقضى الأجل دون اختيار انتقل الخيار إلى المدين - وإذا توفي من له الخيار من العاقدين انتقل خياره إلى وارثه ، والالتزام التخييري على هذا الوضع لا يتنافى مع المبادئ الفقهية العامة غير أنه يبدو أنه خاص بالعقود اللازمة إذ هي التي تتضمن الالتزام الحتم أما ما لا يتضمن التزاما من العقود فلا يتسنى له معه ثبوت التزام تخييري مع مراعاة وصف الالتزام وان أمكن أن يكون فيها اختيار من أحد العاقدين عند تعدد محلها ، فالوكالة إذا ما تعدد محلها كأن تكون في بيع هذا البيت أو هذا البيت مثلاً بناء على اختيار الوكيل يكون للوكيل أن يختار أحد المحلين وكذلك إذا تعدد المحل في العارية كأن تقع الإعارة على منزل معين من هذه المنازل يختار المستعير أحدهما فإنه يكون للمستعير اختيار أحد هذه المنازل - وقد يدعم ذلك ما في هذه العقود غير اللازمة من ترتب أثرها عليها قطعاً ما دامت قائمة لم تفسخ ومن آثار ذلك ثبوت المطالبة وثبوت الالتزام الاختياري بمراعاة هذا المعنى ، وكذلك يلاحظ أن الالتزام الاختياري كما يكون في العقود الناشئة بالإرادتين يكون في العقود الناشئة بإرادة واحدة كما في الطلاق حين يطلق الزوج إحدى زوجتيه هذه أو هذه فان عليه اختيار أحداهما وكما في الإبراء إذا ابرأ الدائن أحد مدينيه فلاناً أو فلاناً كان له أن يختار أحدهما غير أن أحكام هذه المسائل جميعها تختلف باختلاف موضوعاتها ومحالها فالواجب حينئذ مراعاة ذلك في كل مسالة نظراً إلى ما هو مقرر في محله أو في موضوعه . فخيار التعيين وهو ضرب من الالتزام الاختياري يرجع إلى أحكامه التفصيلية في باب البيع عند من يقوم به الفقهاء وهم الحنفية والمالكية . وإذا كان الالتزام قد اشتمل على أشياء عينية متعددة وبتسليم عين منها ثم استحال تنفيذ ذلك التسليم فيها جميعها بأي سبب من الأسباب وكانت هذه الاستحالة بسبب اعتداء المدين ولو فيما يتعلق بعين من هذه الأعيان فإنه حينئذ يكون ملزماً بأن يدفع للدائن قيمة اخر عين استحال تنفيذ تسليمها (تبلغها) مثلاً .
وهذه الحال إنما تتمثل في خيار التعيين في العقود التي يكون محلها قيام أحد العاقدين بتسليم عين إلى العاقد الآخر كعقد البيع مثلاً ، ولم يذهب إلى جواز خيار التعيين إلا الحنفية والمالكية استثناء من قاعدة تعيين محل العقد ، فذكروه في عقد البيع وصورته أن يبيع شخص لأخر عدة أشياء مختلفة الثمن على أن يكون للمشتري اختيار واحد منها في مدة معينة . وله أحكام عديدة مختلف فيها بين الحنفية والمالكية . القائلين به ، من ناحية مدته واشتراط الخيار منه وعدم اشتراطه إلى غير ذلك من الأمور التي تتعلق بتلف أحد الأشياء التي شملها العقد أو تلفها جميعها وبحدوث ذلك قبل التسليم أو بعده وبأن يكون التلف بفعل المدين المطالب بالتسليم أو بفعل صاحبه الدائن وبحدوثه في جميع الأشياء التي شملها العقد . وفي الالتزام البدلي مثل أن يقرض شخص آخر مبلغاً من النقود على أن يكون له حق الوفاء عند حلول الأجل بأداء بدل آخر عنه دار أو ارض معينة فيكون مبلغ النقود هو محل الالتزام الأصلي والدار أو الأرض هي البديل .
ويجب أن يتوافر في المحل الأصلي جميع الشروط الواجب توافرها في محل الالتزام وإلا كان الالتزام باطلاً أما البديل فان توافرت فيه الشروط أمكن أن يقوم مقام الأصيل وإلا سقط هو وبقي الالتزام قائماً بمحله الأصلي وعن ذلك لا يكون البديل محلا للمطالبة من الدائن ولكنه يقوم مقام المحل الأصلي إذا ما أراد المدين أن تبرأ ذمته بأدائه كما تبرأ أيضا بأداء البديل إذا شاء في أي وقت دون تقييد بتعذر أداء المحل الأصلي وعلى ذلك يكون للمدين أن يختار الوفاء بأحد الأمرين الأصيل أو البديل وليس لهلاك البديل أثر في بقاء الدين أو سقوطه غير انه إذا هلك استقل المحل الأصلي وحده بالوفاء فإذا هلك سقط الالتزام ومصدر خيار المدين غالباً هو الاتفاق وعلى الجملة يلاحظ أن الشريعة الإسلامية لا تعرف هذه المعاملة إذ لم ير رجال الفقه الإسلامي عرفًا جرى بها ولكنها مع ذلك لا تتنافى ولا تتعارض مع القواعد الشرعية والأصول العامة إذا لم تؤد إلى معاملة ممنوعة شرعاً .
المذكرة الايضاحية :
تناولت المواد ( 407- 411) تعدد الالتزام بنوعيه التخييري والبدلي فمحل الالتزام التخييري اشياء متعددة ولكن تبرأ ذمة المدين اذا ادى واحدا منها واذا كان الخيار مطلقا فهو للمدين الا اذا اتفق الطرفان او نص القانون على غير ذلك اما الالتزام البدلي فمحله واحد وانما تبرأ ذمة المدين اذا ادى بدله وينقضي بذلك التزامه ويلاحظ ان الفقه الاسلامي قد عالج الالتزام ذا المحل المتعدد احدهما واجب الاداء في خيار التعيين وهو يختلف عن الالتزام باشياء متعددة كلها واجبة الاداء وخيار التعيين في الفقه الاسلامي لا يجوز ان يقع على اكثر من اشياء ثلاثة ويلزم فيه ذكر مدة التعيين على خلاف في الراي ، فقد جاء في كتاب المبسوط للسرخسي ج 13 ص 57 انه اذا زاد العدد على ثلاثة فالعقد فاسد .... وجه الاستحسان .... ان كل نوع يشتمل على اوصاف ثلاثة جيد ووسط ورديء .... وجاء في البدائع ج 5 ص 157 وما بعدها وكذا اذا قال بعتك هذه الاثواب الاربعة بكذا وذكر خيار التعيين او سكت عنه او قال بعتك احد هذين الثوبين او احد هذه الاثواب الثلاثة بكذا وسكت عن الخيار فالبيع فاسد لان المبيع مجهول ولو ذكر الخيار بان قال على انك بالخيار تأخذ ايهما شئت بثمن كذا وترد الباقي فالقياس ان يفسد البيع وفي الاستحسان لا يفسد وجه القياس ان البيع مجهول لانه باع احدهما غير عين وهو غير معلوم فكان البيع مجهولا فيمنع صحة البيع كما لو باع احد الاثواب الاربعة وذكر الخيار وجه الاستحسان الاستدلال بخيار الشرط والجامع بينهما مساس الحاجة الى دفع العين وكل واحد من الخيارين طريق الى دفع العين وورود الشرع هناك يكون ورودا ههنا والحاجة تندفع بالتحري في ثلاثة لاقتصار الاشياء على الجيد والوسط والرديء فيبقى الحكم في الزيادة مردودا الى اصل القياس ولان الناس تعاملوا هذا البيع لحاجتهم الى ذلك .... وفي ص 157 من نفس المرجع وقوله المعقود عليه مجهول قلنا هذا ممنوع فانه اذا شرط الخيار بان قال على ان تأخذ ايهما شئت انعقد المبيع موجبا للملك عند اختياره لا للحال والمعقود عليه عند اختيار معلوم مع ان هذه جهالة لا تفضي الى المنازعة لانه فوض الامر الى اختيار المشتري يأخذ ايهما شاء فلا تقع المنازعة ... وفي بيان المدة في هذا الخيار اختلف المشايخ فيه لاختلاف الفاظ محمد في هذه المسالة في الكتب فذكر في الجامع الصغير على ان يأخذ المشتري ايهما شاء وهو فيه بالخيار ثلاثة ايام وذكر في الاصل على ان يأخذ ايهما شاء ولم يذكر الخيار فقال بعضهم لا يجوز هذا البيع الا بذكر مدة خيار الشرط وهو ثلاثة ايام فما دونها عند ابي حنيفة ، وعندهما الثلاث وما زاد عليهما بعد ان يكون معلوما وهو قول السرخسي والطحاوي وقال بعضهم يصح من غير ذكر وجه قول الاولين ان المبيع لو كان ثوبا واحدا معينا وشرط فيه الخيار كان بيان المدة شرط الصحة بالاجماع فكذا اذا كان واحدا غير معين والجامع بينهما ان ترك التوقيت تجهيل لمدة الخيار وانه مفسد للبيع لان للمشتري ان يردهما جميعا والثابت بخيار التعيين رد احدهما وهذا حكم خيار الشرط فلا بد من ذكر مدة معلومة وجه قول الاخرين ان توقيت الخيار في العين انما كان شرطا لان الخيار فيه يمنع ثبوت الحكم للحاجة الى دفع الغبن بواسطة التأجيل . فكان في معنى الاستثناء فلا بد من التوقيت ليصح استثناء ذلك في الوقت عند ثبوت حكم البيع فيه ... وفي اخر ص 127 من نفس المرجع ( وخيار التعيين يورث بالاجماع ).
وقد تضمن المشروع المقترح الاحكام العامة التي لا تتعارض مع تطوير المعاملات التي تنقضي اولا بتعدد محل الالتزام وتحديد المدة دون تقيدها بفترة معينة وانما تركت لاتفاق المتعاقدين فاذا لم يتفقا جاز لصاحب المصلحة ان يلجأ الى المحكمة لتحديدها او اختيار محل الالتزام حسما للنزاع بين الطرفين وعالجت المادة ( 410) من المشروع حالة هلاك احد الشيئين محل التخيير فاذا كان الخيار للمدين كان له ان يلزم الدائن بالشيء الاخر وان هلك محل الاختيار بطل العقد فان كان المدين مسؤولا ولو بالنسبة لاحد الاشياء كان عليه ان يدفع قيمة ما هلك منها على ان الحكم محل نظر في الفقه الاسلامي وقد اخذ المشروع بما اتفقت عليه التقنيات الحديثة جميعها وهذه تتفق بدورها مع المبادئ العامة للقانون .
اما بالنسبة للالتزام البدلي فقد نصت المادة المقترحة على ان الالتزام يكون بدليا اذا كان محله شيئا واحدا ولكن تبرا ذمة المدين اذا ادى بدلا منه شيئا اخر على ان تحدد طبيعة الالتزام ومحله بالاجل لا البدل . ويفترق الالتزام البدلي عن التخييري في ان الاول ينحصر في الالزام بأمر واحد يعين عند الاتفاق مع اعطاء المدين حق الوفاء ببدله وبذلك تبرأ ذمته وقد يكون مصدر الالتزام البدلي عقدا من العقود او نصا من نصوص القانون وتتعلق احكام الالتزام البدلي بمحله الاصلي دون البدل اما قاعدة اذا بطل الاصل يصار الى البدل ( م 53 من المجلة ) فمؤداها انه يجب ايفاء الاصل وهو الذي تتعلق به الاحكام وانما يجوز ايفاء البدل باتفاق الطرفين ولا يجوز الوفاء بالبدل ما دام الاصل قائما لان ايفاء الاصل هو الاداء اما ايفاء الشيء بالبدل فهو ايفاء بالخلف عن الاصل والرجوع الى الخلف مع وجود الاصل غير جائز ، ومثاله المال المغصوب اذا كان موجودا فان على الغاصب وجوب رده عينا والا انتقل حق مالكه الى البدل ومؤدى ذلك ان محل الالتزام هو الاصل وهو ما تترتب عليه احكامه . وبالاضافة الى المرجع المشار اليها اعلاه .
( تراجع المواد 53 و 316- 319 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والمواد 410- 413 من مرشد الحيران والبدائع ج/ 5 من ص 126- 158).
ومواد المشروع تقابل المواد ( 275- 278) سوري ومصري ومشروع اردني والمواد ( 298- 302) عراقي .
تناول الفصل الثالث من الباب الثالث تعدد طرفي الالتزام فبدأ بالتضامن بين الدائنين ثم الدين المشترك بوصفه صورة من صور تضامن الدائنين في الفقه الاسلامي . وقد عرف الفقه الاسلامي نظام الدائنين المتضامنين والمدينين المتضامنين الى جانب الدين المشترك ويقوم التضامن بين الدائنين في شركة المفاوضة سواء اكانت شركة اموال او شركة اعمال او شركة وجوه متى كان الدين ناشئا عن مباشرة اعمالها التجارية فيعتبر الشركاء دائنين متضامنين بالثمن اذا باع احدهم مالا للشركة . ويقوم التضامن بين الدائنين في شركة العنان اذا كانت شركة اعمال فالشركاء دائنون بالاجر المستحق ولكل منهم ان يطالب المدين بكل الدين واذا ادى المدين كل الدين الى احد الدائنين المتضامنين برئت ذمته نحو الجميع فيرجع الدائنون على شريكهم الذي قبض الدين كل منهم بقدر حصته فيه . ويقوم التضامن في شركة المعاوضة على فكرة الوكالة فكل شريك وكيل عن الاخر في القبض والتقاضي وفي جميع حقوق العقد اما في شركة العنان فيقوم التضامن على فكرة تضامنهم كمدينين بالتزامهم بالعمل فيكونون دائنين متضامنين في حقهم في الاجر .
وقد عالج المشروع في القسم الاول من هذا الفصل احكام التضامن بين الدائنين ثم عقب بالدين المشترك لانه اكثر ظهورا في الفقه الاسلامي .
ومن المقرر ان مصدر التضامن كتصرف يتم بعقد او ارادة منفردة ذلك لان التضامن بنوعيه لا يفترض وقد نصت المادة ( 412) من المشروع على انه يتم بالاتفاق او بنص القانون اما عن تحديد الصلة بين الدائنين بشان وفاء الدين بوصفه الاثر المباشر لقيام التضامن وصلة الدائنين بالمدين فقد نصت المادة ( 413) على ان تبرأ ذمة المدين اذا ادى الدين الى احد الدائنين المتضامنين الا اذا انذره احدهم بعدم الوفاء له كما نصت المادة ( 414) على انه اذا برئت ذمة المدين قبل احد الدائنين المتضامنين بسبب غير الوفاء فلا تبرا ذمته قبل الباقين الا بقدر حصة ذلك الدائن ، فللدائنين المتضامنين مجتمعين او منفردين مطالبة المدين بالوفاء ولا يجوز عند مطالبة احدهم ان يعترض ضده باوجه الاعتراض الخاصة بدائن اخر بل يعترض باوجه الاعتراض الخاصة به او بالاعتراضات المشتركة بين الدائنين جميعا فقد يلحق رابطة بعض الدائنين بالمدين وصف يختلف عن الوصف الذي يتعلق برابطة الاخرين كان يكون الدين معلقا على شرط بالنسبة لفريق منهم ومضافا الى اجل بالنسبة للباقين وعندئذ يتعين على كل دائن مراعاة هذا الوصف عند المطالبة .
وقد نصت المادة ( 416) من المشروع على ان كل ما يؤدى من المدين لاحد الدائنين المتضامنين يعتبر من حقهم جميعا ويقسم بينهم بالتساوي الا اذا كان هناك اتفاق او نص في القانون يقضي بغير ذلك فالدين وحده لا يقبل التجزئة في صلة الدائنين بالمدين وكل ما يؤديه لاحدهم من هذا الدين يصبح من حقهم جميعا بنسبة سهامهم واذا لم يكن هناك اتفاق او نص في القانون على طريقة انقسام المبلغ المسدد قسم الدين بالتساوي .
ومصدر الاحكام السابقة فضلا عن اتفاقها مع الاحكام الواردة في هذا الباب من التقنينات القائمة هو المواد 169 و 171و 173 و189 من المرشد والمواد 1091 و 1112 من المجلة والبدائع ج 6 ص 41- 51- 73و 74 و 76 والفتاوى الهندية ج 2 باب شركة المفاوضة والمبسوط ج 11 ص 174 - 177 و ج 3 ص 174 - 180 في الشركات والدين المشترك على ما سيبين .
والدين المشترك صورة من صورة التضامن بين الدائنين يعرفها الفقه الاسلامي وقد تضمنها القانون العراقي نقلا عن احكام المجلة وقد استكمل المشروع مواد التضامن بين الدائنين بايراد المواد السالف الاشارة اليها حتى يستوعب النقص في بعض الاحكام التي وردت في باب المشترك في كل من مرشد الحيران والمجلة .
وتناولت المادة ( 417) من هذا المشروع مصدر الدين المشترك فنصت على ان يكون الدين مشتركا اذا اتحد سببه او لانه كان دينا ال بالارث الى عدة ورثة او مالا مستهلكا مشتركا او بدل قرض مستقرض من مال مشترك وتبين من النص ان الدين المشترك له مصدر واحد والا فان الدين ينقسم ويرجع الاشترك في الدين الى طبيعة الاشياء فقد يكون المال الذي نشا عند الدين مالا شائعا او الى اتفاق المتعاقدين اذا تعدد الدائنون واتفقوا مع المدين على ان يكون الدين مشتركا بينهم وذلك بان يجعلوا الصفقة واحدة فهناك صورتان لمصدر الدين وهما سبق الاشتراك في المال الذي نشأ عنه ووحدة الصفقة .
وقد ينشأ الدين مشتركا منذ البداية ومثاله ان يؤول دين للتركة الى عدة ورثة وقد يكون المال الشائع موجودا من البداية ومثل ذلك ان يرث ورثة متعددون عينا من اعيان التركة على الشيوع ويبيع الورثة العين صفقه واحدة فالدين بالثمن الذي نشأ عن هذا المال الشائع يكون دينا مشتركا بين الورثة المتعددين واذا اتلف شخص عينا مشتركة بين مالكيها فالضمان لهم وهو دين مشترك بينهم وكذلك اذا اقرض الملاك المتعددون شخصا مالا شائعا بينهم فالقرض دين مشترك .
وقد يرجع الاشتراك في الدين الى الاتفاق كما اذا باع شخصان مالا مشتركا بينهما لمشتر واحد صفقة واحدة بثمن واحد من غير تعيين ثمن حصة كل منهما وهذا لا يمنع من الاتفاق بينهما على تحديد حصة كل منهما في الثمن .
ومما سبق يتضح ان مصدر الدين المشترك قد يكون وضعا قانونيا وهو سبق الاشتراك في الدين ( القانون ) وقد يكون وحدة الصفقة وهذا وضع اتفاقي اي ان مصدر الدين المشترك هو القانون او الاتفاق وقد سبق النص في التضامن بين الدائنين انه لا يتم الا بنص في القانون او بالاتفاق . اما اثار الاشتراك في الدين فقد نظمته المواد ( 417-425) وقد تضمنت اثار الاشتراك في الدين بالنسبة لعلاقة الدائنين بالمدين وبالنسبة لعلاقة الدائنين بعضهم ببعض .
بالنسبة لعلاقة الدائنين بالمدين نصت المادة ( 418) على ان لكل دائن في دين مشترك ان يطلب حصته من المدين على ان يكون ما قبضه مشتركا بين جميع الشركاء لكل منهم بقدر نصيبه فيه وقد نصت المادة ( 173) من المرشد على انه اذا كان الدين المطلوب من المدين مشتركا بين اثنين او اكثر فلكل واحد من الشركاء ان يطلب حصته منه ولا يختص القابض بما قبضه بل يكون مشتركا بين الشركاء لكل واحد منهم حق فيه بقدر حصته ... وجاء في الهامش ان النص يستفاد حكم اوله من كتاب التنوير فصل المطالبة بالدين ، وحكم اخره من الفتاوى الهندية ج 2 ص 290 كما نصت المادة ( 1100) من المجلة على انه وان كان الدين مشتركا فكل واحد من الدائنين له طلب حصته من المدين وفي غيبة احد الدائنين ... ونصت المادة ( 1101) منها على ان ما يقبضه كل واحد من الدائنين من الدين المشترك يكون مشتركا بينهما وللشريك الاخر اخذ حصته منه ولا يسوغ للقابض ان يختص به وحده .
وتختلف الصورة عن التضامن بين الدائنين اذ انه في التضامن بين الدائنين يجوز لاي منهم ان يطالب بكل الدين كما يجوز لهم مجتمعين ان يطالبوا به ايضا ولهم الرجوع على الدائن الذي قبض الدين بحصصهم فيه . ويترتب على ان الدائن في الدين المشترك لا يرجع على المدين الا بحصته ان كثيرا من حالات انقضاء الالتزام في تضامن الدائنين بسبب غير الوفاء كالمقاصة والتجديد واتحاد الذمة والابراء والتقادم لا توجد في الدين المشترك اذ ان الدائن لا يستوفي الا حصته .
والدائن في علاقة الدائنين بعضهم ببعض في الدين المشترك اذا قبض حصته في الدين كان للاخرين ان يشاركوه فيما قبض كل بنسبة حصته في الدين على ان يتبعوا المدين بما بقي منه او ان يتركوا له ما قبضه على ان يتبع كل منهم المدين بحصته في الدين .
فاذا اختار الشريك متابعة المدين فليس له ان يرجع على شريكه في الدين بنصيبه فيما قبض الا اذا هلك نصيبه فله ان يرجع عليه بنسبة حصته فيما قبض ( م 419) من المشروع وقد نصت المادة ( 174) من المرشد على انه اذا قبض احد الشريكين شيئا من الدين المشترك فالشريك الاخر بالخيار ان شاء شاركه فيما قبضه عينا واخذ منه ما اصاب حصته ويتبعان المدين بما بقي لكل منهما في ذمته وان شاء سلم للقابض ما قبض واتبع المدين بحصته فاذا اختار متابعة المدين فلا يرجع على القابض بشيء الا اذا هلك نصيبه بان مات المدين مفلسا ففي هذه الصورة يرجع على القابض بحصته فيما قبضه وياخذه منه مثل المقبوض لا عينه وجاء في الهامش ان حكم هذه المادة يستفاد من شرح التنوير ج 4 ص 662 و 663 ومن حاشية ابي السعود على ملا مسكين ج 3 ص 184 ومن الفتاوى الهندية ج2 ص 336 وما بعدها .
وفي الصورة السابقة يتمثل التضامن الذي يقوم عليه الدين المشترك في الفقه الاسلامي وقد تفادى ما شاب نظام التضامن بين الدائنين من عيوب .
وقد تضمنت المواد (421 و 422 و 423 و 424) بعض صور تصرف احد الدائنين في حصته بالبيع او الشراء او الهبة او المصالحة وتجري جميعها طبقا للقواعد العامة في الدين المشترك .
اما المادة ( 425) فقد نصت على انه لا يجوز لاحد الشركاء في دين مشترك تأجيله وحده دون موافقة الباقين على هذا التاجيل وهو نص مستمد من المادتين (178 و189) من المرشد والمادة ( 1112) من المجلة وقد نصت المادة ( 187) من المرشد على انه اذا كان الدين المشترك موروثا فلا يجوز لاحد الشركين ان يؤجل حصة شريكه بلا اذن وله ان يؤجل حصته ونصت المادة ( 189) على انه اذا كان الدين المشترك واجبا بعقد قرض فلا يجوز للشريك الذي باشر العقد ولا للشريك الاخر ان يؤجله وان اجله احدهما فلا يلزم تأجيله ولكل منهما اقتضاؤه حالا والنص الاول من الفتاوى الهندية ج 4 ص 216 والثاني من التنوير ج 4ص 234 كما جاء في هامش المرشد اما المادة ( 1112) من المجلة فقد نصت على انه ليس لاحد الدائنين ان يؤجل الدين المشترك بلا اذن الاخر . وفي الشرح المجلة تعقيبا على هذا النص ج 3 ص 79 انه يستفاد من اطلاق عدم التأجيل عدم جواز تأجيل كل الدين المشترك لانه تصرف في حق الغير بلا اذن وليس له تأجيل بعض الدين المشترك اي حصته لانه لو جاز هذا التاجيل للزم تقسيم الدين قبل القبض مع كونه غير جائز لان القسمة تمييز ولا يتصور التمييز في الشيء الثابت في الذمة وكل شريك من الشركين في القسمة يملك شريكه الاخر حصه مقابل الحصة التي تملكها من شريكه مع انه لا يجوز تمليك الدين لغير المدين لذلك كان هذا التمليك نقل وصف من محله الى محل اخر وانتقال الاوصاف محال ولان الدين ليس الا وصفا شرعيا يظهر اثره عند المطالبة وقد قلنا ان هذا التأجيل يؤدي الى قسمة حصة الدين قبل القبض وذلك لانه لو جاز التاجيل لكان نصيب كل واحد من الشريكين مخالفا لحصة الاخر في الوصف والحكم ورغم ان الراي السابق للامام ابي حنيفة وهو يخالف راي الصاحبين فهما يجيزان تأجيل الدائن حصته وقد قصر صاحب المرشد هذا التأجيل على المال الموروث دون مبرر كما طرح المشروع هذا الحكم وارتأى ادارج حكم عامه هو عدم جواز التاجيل بغير اتفاق طالما كان مصدر التضامن هو نص القانون او الاتفاق بين الطرفين . بالاضافة الى المراجع المشار اليها يراجع شرح المجلة لعلي حيدر في المواد 1091- 1095 و 1103 - 1105 و 1106 و 1109 ورد المحتار ج 4 ص 481 وما بعدها والمغني ج 5 ص 85 وما بعدها .
وهذه المواد تقابل المواد ( 279- 383) مصري وسوري ومشروع اردني و ( 303- 319) من القانون العراقي .
1. يعرض الفقه الاسلامي نظام تضامن المدينين فيما يقوم بين الشركاء في شركة المفاوضة ولو نشأ الدين عن غير اعمال التجارة وفي شركة العنان اذا كانت شركة اعمال فيكون الشركاء متضامنين في التزامهم بالعمل وهم مدينون ايضا بالتضامن بمقابل التضمينات التي تستحق في حالة هلاك الشيء المسلم لهم ولو كان الهلاك منسوبا لخطا احدهم دون الاخرين وهناك تضامن اتفاقي بين المدينين فاذا نشا الالتزام عن مصدر واحد وكان محله واحدا وتعدد المدينون وكفل بعضهم بعضا كانوا جميعا مدينين متضامنين والتضامن بين المدينين سواء اكان اتفاقيا او قانونيا في شركتي المفاوضة والعنان يقدم على فكرة الكفالة المتبادلة بين المدينين ومن ثم فان احكام الكفالة هي التي تسري ويجوز للدائن ان يرجع على اي مدين بكل الدين بصفته اصيلا عن نفسه وكفيلا للمدينين الاخرين ويجوز لاي مدين ان يؤدي للدائن الدين كله بصفته اصيلا وكفيلا وله ان يرجع على الاخرين ككفيل اذا كانت الكفالة بأمرهم وله ان يرجع على كل منهم بحصته وله ان يرجع على اي منهم بحصته وبنصيبه في حصص الاخرين ثم يرجعان معا بالباقي على سائر المدينين وان كان التزام المدينين المتضامين عند تعددهم يختلف سببا عند تعدد الكفلاء الا اننا نعرضه كصور من صور الالتزام التضامني في الفقه الاسلامي وقد صيغت النصوص مستلهمة كلتا الصورتين . ففي كتاب الكفالة من كتاب البدائع جزء 6 صفحة 11 وصفحة 14 و 15 احكام عامة تتفق الى حد بعيد مع احكام التضامن ولا تكاد تختلف فيها الا في مواضيع قليلة والكفالة لغة ضم والتزام المطالبة بما على الاصيل شرعا لا تمليك صفحة 2 جزء 6 ( البدائع ) وفي صفحة ( 11 ) اما الكفيل بالمال فانما يخرج من الكفالة باحد امرين احدهما اداء المال الى المطالب او ما هو في معنى الاداء سواء كان الاداء من الكفيل او من الاصيل لان حق المطالبة للتوسل الى الاداء فاذا وجد فقد حصل المقصود فينتهي حكم العقد وكذا اذا وهب المطالب المال من الكفيل او من الاصيل لان الهبة بمنزلة الاداء ... وكذا اذا تصدق به على الكفيل او الاصيل لان الصدقة تمليك كالهبة فكان هو واداء المال سواء كالهبة ، والثاني : الابراء ( وما هو في معناه) فاذا ابرا المطالب الكفيل او الاصيل خرج عن الكفالة غير انه اذا برا الكفيل لا يبرأ الاصيل واذا ابرا الاصيل يبرأ الكفيل لان الدين على الاصيل لا على الكفيل انما عليه حق المطالبة فكان ابراء الاصيل ومتى ملكه برىء فيبرا الكفيل .... ولو أبرا الكفيل المكفول عنه مما ضمنه ضرورة .... وفي اخر الصفحة 13 واول صفحة 14 ( ولو مات المطالب فورثة الكفيل يرجع على الاصيل ولو ورثه الاصيل يبرأ الكفيل لان الارث من اسباب الملك فيملكه الاصيل ومتى ملك برىء فيبرا الكفيل ... ولو ابرا الكفيل المكفول عنه مما ضمنه بأمره قبل ادائه او وهبه منه جاز حتى لو اداه الكفيل بعد ذلك لا يرجع عليه لان سبب وجوب الحق له على الاصيل وهو العقد باذنه موجود والابراء من الحق بعد وجود سبب للوجوب جائز كالابراء عن الاجرة قبل مضي مدة الاجارة .... ولو قال الطالب للكفيل برئت الي من المال يرجع على الاصيل بالاجماع ... ولو كفل رجلان لرجل عن رجل بأمره بالف درهم حتى يثبت للطالب ولاية مطالبة كل واحد منهما بخمسمائة فادى احدهما شيئا من مال الكفالة فاراد ان يرجع على صاحبه فهذا لا يخلو اما ان كفل كل واحد منهما عن صاحبه بما عليه وقت العقد او بعده او كفل واحد منهما عن صاحبه اصلا بما عليه دون الاخر او لم يكفل واحد منهما عن صاحبه اصلا فان لم يكفل واحد منهما عن صاحبه اصلا لا يرجع على صاحبه بشيء مما ادى لانه ادى عن نفسه لا عن صاحبه اصلا لانه لم يكفل عنه ولكنه يرجع على الاصيل لانه كفيل عنه بامره وان كفل واحد منهما عن صاحبه بما عليه ولم يكفل عنه صاحبه بما عليه ، فالقول قول الكفيل فيما ادى انه من كفالة صاحبه اليه او من كفالة نفسه لانه لزمه المطالبة بالمال من وجهين احدهما من جهة كفالة نفسه عن الاصيل والثاني من جهة الكفالة عن صاحبه وليس احد الوجهين اولى من الاخر فكان له ولاية الاداء عن ايهما شاء فاذا قال اديته عن كفالة صاحبي يصدق ويرجع عليه لانه كفل عنه بأمره سواء ادى المال الى الطالب ثم قال ذلك او قال ابتداء اني اؤدي عن كفالة صاحبي وكذا اذا قال اديته عن كفالة الاصيل فقبل منه ويرجع عليه لانه كفل عنه بأمره سواء قال ذلك بعد اداء المال الى الطالب او عنده ابتداء ، وان كفل كل واحد منهما عن صاحبه بما عليه فما ادى كل واحد منهما يكون عن نفسه الى خمسمائة ولا يقبل قوله فيه انه ادى عن شريكه لا عن نفسه بل يكون عن نفسه الى هذا لقدر فلا يرجع على شريكه .... وفي صفحة 15( وعن محمد فيمن كفل بخمسة دنانير فصالح الطالب الكفيل على ثلاثة ولم يقل اصالحك على ان تبرئني فالصلح واقع عن الاصيل والكفيل جميعا وبرئا معا ويرجع الكفيل على الاصيل بثلاثة دنانير وان قال اصالحك بدينارين لانه في الفصل الاول ايقاع الصلح على ثلاثة دنانير تصرف في نفس الحق باسقاط بعضه فكان الصلح واقعا عنها جميعا فيبرآن جميعا ويرجع الكفيل على الاصيل بثلاثة دنانير لانه ملك هذا القدر بالاداء فيرجع عليه واما في الفصل الثاني فاضاف الصلح الى ثلاثة مقرونا بشرط الابراء المضاف الى الكفيل ابراء للكفيل عن المطالبة بدينارين وابراء الكفيل لا يوجب ابراء الاصيل فيبقى الديناران على الاصيل )...).
والصور المشار اليها انفا من تضامن الكفلاء او الكفيل مع المدين مع ما سبقت الاشارة اليه من تضامن الشركاء في شركة المفاوضة او شركة العنان تقطع بظهور التضامن بين المدينين في الفقه الاسلامي وقد صاغ المشروع مسترشدا بما ورد في التقنينات الحديثة في الحدود التي تتفق فيها مع احكام الفقه وباظهار بعض الجوانب التي تقتضيها المعاملات التي استجدت بين الناس .
وقد تضمنت المادة ( 426) النص على ان التضامن بين المدينين لا يكون الا بنص في القانون او بالاتفاق اي انه لا يفترض شأنه شان التضامن بين الدائنين ونصت المادة (427) على انه اذا اوفى احد المدينين الدين بتمامه برىء الاخرون وهو نص مستمد من المادة ( 190) من المرشد التي تنص على انه اذا كان على عدة اشخاص دين وكان كل منهم كفيلا بجميعه عن اصحابه فللعزيم ان يطالب به من شاء منهم ومطالبته لاحدهم لا تمنعه من مطالبة الاخرين ، فان دفع احد منهم الدين بتمامه بريء الاخرون ، وللدافع الرجوع على اصحابه بما دفعه زائدا على ما هو واجب عليه ان كانت الكفالة بأمرهم وفي رد المحتار ج 4 ص 286 ( طبعة بولاق) باب كفالة الرجلين ( بان اشتريا منه عبدا بمائة وكفل كل عن صاحبه بأمره جاز ولم يرجع على شريكه الا بما ادى زائدا على النصف لرجحانه من جهة الاصالة على النيابة وان كفلا عن رجل بشيء بالتعاقب بان كان على رجل دين فكفل عنه رجلان كل واحد منهما بجمعيه منفردا ثم كفل كل من الكفيلين عن صاحبه بأمره بالجميع ، وبهذه القيود خالفت الاولى مما ادى احدهما رجع بنصفه على شريكه لكون الكل كفالة هنا او يرجع ان شاء بالكل على الاصيل لكونه كفل بالكل بامره ).
2. وقد نصت المادة ( 428) من المشروع على انه للدائن ان يطالب كل المدينين او بعضهم بدينه على ان يراعي كل ما يتصل بعلاقته بكل منهم من وصف قد يؤثر في دينه ولكل مدين ان يعترض بالاعتراضات الخاصة به كالاكراه او الغلط ، والمشتركة بين الدائنين جميعهم كبطلان الالتزام اصلا او انقضائه ولا شان له بالدفوع الخاصة باي من المدينين الاخرين اما المادة ( 429) فقد نصت على ان اتفاق الدائن مع احد المدينين المتضامنين على تجديد الدين يترتب عليه براءة ذمة الباقين ما لم يقبل هؤلاء ارتباطهم بالتعهد الجديد ، وتجديد الدين يستتبع انقضاء الدين القديم بالنسبة للدائن الذي اتفق على التجديد فحسب . اما الدائنون الاخرون فان الدين القديم يظل قائما بالنسبة لهم ولكل منهم ان يطالب بهذا الدين بعد خصم حصة من اتفق على التجديد كما ان المدين الذي تتم بينه وبين احد الدائنين مقاصة عن حصته او ابراء او صلحا او اتحاد ذمتين فان هذا الاجراء لا يمس الا حصة هذا المدين ( المادة 430 من المشروع ومصدرها ما ورد في التعقيب اخذا مما جاء في البدائع جزء 6 صفحة 11 و 14 و 15) على ما سلف بيانه ، على ان ابراء احد المدينينلا يستتبع ابراء الباقين الا اذا وافق الدائن على ذلك وله ان يرجع على باقي المدينين بكل الدين اذا احتفظ لنفسه بهذا الحق ما لم يصرح بانه ابرأ ذمتهم من حصة من صدر الابراء لصالحه ولا يجوز له بأي حال ان يرجع على من ابرئ من المتضامنين الا بقدر حصته وبنصيبه في حصة المعسر من باقي المدينين الا اذا تحمل عنه الدائن الذي ابراه مسؤولية هذا الاعسار فان باقي المدينين لهم ان يرجعوا على الدائن بما يقابل هذه الحصة ( 432 و 433 من المشروع ) على الا يحول ذلك بينهم وبين الرجوع على المعسر عند يساره تطبيقا لقاعدة عدم سقوط الحق عن المدين .
3. واما نصوص المواد (434) من المشروع وما بعدها فقد استبعدت فيها فكرة النيابة التبادلية بالنسبة لبعض الحالات التي يترتب على الاخذ بها الى مركز الدائنين او المدينين المتضامنين فعدم سماع الدعوى لمرور الزمان بالنسبة لاحد المدينين المتضامنين او انقطاع مرور الزمان او وقف سريانه لا ينصرف الى الباقين ولا يجيز لغيره التمسك بالوقف او الانقطاع ويسري الحكم نفسه على المطالبة القضائية والاقرار واليمين والصلح والحكم بالزام اي من المدينين المتضامنين وعلى عكس ما تقدم يؤخذ بفكرة النيابة التبادلية كلما كان في اعمالها توفير منفعة للمتضامنين ومن ذلك انقطاع مرور الزمان بالنسبة لاحد المدينين المتضامنين فانه يفيد الباقين .
ولا تسمع الدعوى بمرور الزمان بالنسبة لاحد المدينين المتضامنين دون ان تكون المدة انقضت بالنسبة للباقين وفي هذه الحالة يظل امر التزام هؤلاء بالدين قائما ولا يفيدون من مرور الزمان بالنسبة للمدين الاخر ولكن اذا قام احدهم بالوفاء بكل الدين فله حق الرجوع على الباقين حتى ذلك الذي انقضى التزامه بمرور الزمان لان الرجوع يقوم على اساس الدعوى الشخصية لا دعوى الحلول ويتضح من ذلك ان من ينقضي الدين بالنسبة له بسبب مرور الزمان المانع من سماع الدعوى لا تبرا ذمته نهائيا قبل المدين المتضامن معه وان كانت قد برئت قبل الدائن .
4. وفي المادة ( 435) من المشروع تحديد دعوى مسؤولية كل مدين متضامن عن فعله فاذا وقع من احدهم خطأ جسيم والاخر خطأ يسير كانت تبعة فعل اولهما اشد من الاخر ولا يترتب على اعذار احد المدينين المتضامنين او مطالبته امام القضاء اثر بالنسبة للباقين بل تكون التبعة على من تلقى الاعذار وحده ويسأل دون غيره عن التضمينات فاذا ترتبت منفعة لاي من المدينين المتضامنين نتيجة للاعذار الموجه من احدهم الى الدائن افاد منه الباقون ، وفي الصلح ( مادة 426 من المشروع ) اذا تصالح الدائن مع احد المدينين المتضامنين نفذ في حق الباقين بقدر ما يعود عليهم من نفع ( الابراء من الدين ) اما اذا كان من شأنه ان يرتب التزاما او ان يزيد في التزامهم فلا اثر له في حقهم ما لم يقبلوه .
وقد تضمن نص المادة ( 437) من المشروع ايضا تطبيقا اخر لفكرة النيابة التبادلية بشان الاقرار واليمين فاذا اقر احد المدينين المتضامنين بالدين فلا يضار الباقون باقراره لان حجة الاقرار حجة على المقر طبقا للقاعدة العامة ، اما اليمين فقد يوجهها الدائن الى احد المدينين المتضامنين وقد توجه من احد المدينين المتضامنين الى الدائن فاذا نكل المدين المتضامن فلا يضار باقي المدينين واذا حلف افادوا منه اذا انصرفت اليمين الى المديونية دون التضامن واذا حلف الدائن عند توجيه اليمين اليه من احد المدينين المتضامنين فلا يضار من حلف اليمين باقي المدينين واذا نكل افاد منه الباقون .
وتنطبق ذات القاعدة في حالة صدور الحكم على احد المدينين المتضامنين فلا اثر على الباقين اما اذا صدر لصالحه فان الباقين يفيدون منه ما لم يكن مبنيا على سبب خاص بالمدين الذي صدر لصالحه ( مادة 348) من المشروع.
5. وتناولت المادتان ( 439و 440) من المشروع علاقة المدينين المتضامنين فيما بينهم ذلك ان القاعدة العامة ان الدين ينقسم بين المدينين بالنسبة المتفق عليها او المحددة بمقتضى نص القانون ولكن اذا ثبت ان احد المدينين هو وحده صاحب المصلحة في الدين فهو الذي يتحمل به كله في صلته بالباقين فاذا ثبت بالدليل ان احد المدينين المتضامنين هو المدين الاصلي وان الباقين ليسوا سوى كفلاء في حدود صلتهم ببعضهم البعض فان المدين هو الذي يتحمل الدين كله واذا ادى المدين فليس له حق الرجوع على الباقين واذا قام بالوفاء مدين اخر كان له ان يرجع على المدين صاحب المصلحة بما اداه عنه .
واساس حق الرجوع اما ان يقوم على دعوى شخصية اساسها ما يكون بين المدينين من علاقات سابقة كالوكالة والفضالة والابراء او دعوى الحلول وليس للمدين ان يطالب احدا من المدينين المتضامنين باكثر من حصته في الدين ، ويراعي ايضا ان حصة المعسر من المدينين اذا اداها مدين اخر فان ذلك لا يحول بينه وبين الرجوع عليه عند يساره تطبيقا لقاعدة عدم سقوط الحقوق ونظرة الميسرة في الفقه الاسلامي .
وبالاضافة الى المراجع المشار اليها اعلاه تراجع البدائع ج 2 ص 11 و ج6 ص 2 و 10و 44 و 73- 76 والمبسوط 11ص 154- 177 و ج 20 ص 29و 34 و 38.
وهذا المواد تقابل المواد ( 279 و 284 و 299) مصري وسوري ومشروع اردني والمواد ( 320- 335) من القانون العراقي .
تعرضت المواد ( 441 و 443) لحالات واثار عدم قابلية الالتزام للتجزئة . وقد تناولت المادة الاولى الصور التي تتحقق فيها عدم تجزئة الالتزام واولها ان يكون المحل غير قابل للتجزئة بطبيعته كبيع حيوان فهو بطبيعته لا يحتمل التجزئة او ان يكون نقل الحق لا يقبل بطبيعته هذه التجزئة كالارتفاق ، وثانيها ان ينصرف قصد المتعاقدين صراحة او ضمنا الى عدم تجزئة الاداء كان يكون المحل ارضا خصصت بمساحتها لمشروع معين يحتاجه المشتري ولا تصلح بالتجزئة او التبغيض ، اما المادة ( 442) من المشروع فهي تواجه حالة تعدد الدائنين في التزام لا يقبل التجزئة او تعدد ورثة الدائن في هذا الالتزام ويتضح منها انه يجوز لكل دائن او وارث ان يطلب الوفاء بكل الدين فاذا اعترض احد الدائنين كان على المدين ان يؤديه اليهم مجتمعين او يقوم بايداعه الجهة المختصة اذا تعذر عليه الوفاء للدائنين مجتمعين وذلك كصورة من صور تنفيذ الالتزام واذا استوفى احد الدائنين الدين بكامله كان لكل من الباقين حق الرجوع عليه بقدر حصته ولكل وارث ان يستأدي الدين بكامله طبقا لاحكام الشريعة الاسلامية بوصفة ممثلا للورثة .
اما المادة ( 443) من المشروع فقد واجهت حالة تعدد المدينين في التزام لا يقبل التجزئة فيلتزم كل مدين بالوفاء بكل الدين للدائن كما هو الشان في التضامن وينقسم الدين فيما بين المدينين انفسهم ولمن اوفى الدين ان يرجع على الباقين بقدر حصة كل منهم فيه ولمدين اذا طولب امام القضاء بالدين كله ان يختصم الباقين لكي يحصل على حكم بالزامهم جميعا او بحقه في الرجوع عليهم اذا كان الدائن قد اختاره ليساره .
وهذه المواد تقابل المواد ( 300- 302) مصري وسوري ومشروع اردني والمواد ( 336- 338) عراقي .
تناولت المواد ( 444- 447) من هذا المشروع الابراء كسبب من اسباب انقضاء الالتزام بغير وفاء ومن المقرر في الفقه الاسلامي ان الابراء اما ان يكون ابراء استيفاء او ابراء اسقاط ويدخل النوع الاول في الوفاء بمقابل اما الثاني وهو ابراء الاسقاط فيدخل في اسباب الانقضاء وهو موضوع المواد المشار اليها .
تناولت المادتان ( 444 و 445 ) الابراء كتعبير عن ارادة الدائن يؤتي اثره بمجرد صدروه ولا يتوقف على قبول المدين وانما يرتد برده قبل القبول وقد نصت المادة (444) على انه اذا ابرا الدائن مدينه مختارا من حق له عليه سقط الحق وانقضى الالتزام كما نصت المادة ( 445) على ان الابراء لا يتوقف على قبول المدين الا انه يرتد برده وان مات قبل القبول فلا يؤخذ الدين من تركته ومصدر النص المادة ( 234) من المرشد التي تنص على انه من ابرا شخصا من حق عليه يصح الابراء عنه سقط عن المبرأ ذلك الحق والمادة ( 239) التي تنص على انه لا يتوقف الابراء على قبول المدين لكن اذا رده قبل القبول ارتد وان مات قبل القبول فلا يؤخذ الدين من تركته وتضمنت المادة (1562) من المجلة انه اذا ابرا احد اخر من حق سقط كما تضمنت المادة ( 1568) ان الابراء لا يتوقف على القبول ولكن يرتد بالرد .
وقد ذهب الحنيفة مذهبا وسطا بين الحنابلة والقول المختار من مذهب الشافعية وبين المالكية واعتبروا الابراء اسقاطا مبدئبا فلا يتوقف على قبول المدين ولكنهم اضافوا ان في الابراء ايضا معنى التمليك واوجبوا ان يرتد بالرد اي لا يتم عند رفضه من جانب المدين ( الفتاوي البزازية ج 3 ص 210- بهامش الهندية) وقد ذكر الحنيفة عدة استثناءات لهذه القاعدة منها ، لا يسوغ رد الابراء من المدين بعد قبوله ، وفي الحوالة اذا ابرأ المحال له المحال عليه ورد هذا ذلك فلا يكون الابراء مردودا ، وفي الكفالة لا يقبل الابراء من قبل الكفيل بعد ابرائه من قبل الدائن ، وتعليلهم ان الكفالة عقد غير لازم من جانب الدائن فيحق لهذا ان ينفرد بفسخه لانه وضع لمصلحته وحده واذا وقع الابراء بطلب المدين فلا يجوز له رد لابراء لانه قبله مقدما ( الفتاوي الهندية ج 4 ص 390 - رد المحتار ج 4 ص 717 الزيلعي ج 4 ص 198 ) وقد اخذ المشروع براي الحنفية في المادتين المشار اليهما لتوسطه بين الاراء المختلفة .
والابراء نوع من التبرع ولذا فقد نصت المادة ( 447) المقترحة على تطبيق احكام التبرع الموضوعية كالاهلية فينبغي ان يكون المبرىء اهلا للتبرع ومن ثم فلا يصح ابراء المجنون والمعتوه ولا ابراء الصغير مطلقا ( م 1541 من المجلة ) والمادة ( 235) من المرشد ، وليس للمريض مرض الموت حرية الابراء فاذا كانت ديونه تستغرق امواله فلا يصح ابراؤه واذا لم تستغرق ديونه جميع امواله فان ابراءه من دين احد ورثته لا يصح الا باجازة الباقين وابراؤه من دين الاجنبي لا يصح الا من ثلث التركة ( م 1570 و 1571 من المجلة ).
واثر الابراء انقضاء الدين كما نصت على ذلك المادة (444) من هذا المشروع وهي تطبيق للقواعد العامة في انقضاء الحقوق .
وينقضي الحق بالابراء ، دون توقف على مراعاة شكل خاص ، ولو كان متعلقا بالتزام يشترط فيه شكل فرضه القانون او الاتفاق ، كما لو ابرأه من دينه الموثق بالرهن على العقار مثلا ، لان مراعاة الشكل الخاص بالقانون او الاتفاق انما تسري على الالتزام بالدين دون انقضائه . ولانه بمقتضى المادة ( 1562) من المجلة سقط الحق بالابراء ، والمطلق يجري على اطلاقه المادة (64) من المجلة . وشرحها لعلي حيدر وتراجع نظرية الالتزام في الشريعة للدكتور شفيق شحاتة ص 113 بند 94.
وهذه المواد تقابل المواد ( 369- 370) سوري ومشروع اردني و( 317 - 372) مصري و( 420- 422) عراقي .
تناولت هذه المادة استحالة التنفيذ كسبب الانقضاء الحق متى اثبت المدين ان الوفاء به قد اصبح مستحيلا لسبب اجنبي لا يد له فيه وهو حكم تقتضيه طبيعة الاشياء . ويتضح من النص انه يتعين ان يثبت ان التنفيذ قد اصبح مستحيلا وان هذه الاستحالة ترجع الى سبب لا يد للمدين فيه . ويجب اولا ان ينشأ الحق ممكنا لان الاستحالة لا ترد على شيء ليس موجودا واذا كان تنفيذ منذ البداية مستحيلا فانه لا ينشأ اصلا ويكون العقد الذي رتبه باطلا لانعدام محله ويجب ان تكون الاستحالة فعلية او قانونية . ومن المقرر ان التعهد بنقل حقي عيني اذا وقع على عين ثم هلكت العين فان التنفيذ يصبح مستحيلا وكذلك اذا وقع العقد على منفعة وهلكت ( المادتان 254 و 255 من المرشد ) وهما تطبيق للاثار المترتبة على انقضاء الحق وللقاعدة التي تضمنها المشروع ، ويتحول الحق الى العوض .
بالاضافة للمادتين المشار اليهما من مرشد الحيران ، ( تراجع المواد 293 - 297و 591 - 611 من المجلة وشرحها لعلي حيدر ).
وهذه المادة تقابل المواد (371) سوري ومشروع اردني و( 373) مصري و ( 425) عراقي .
تناولت المواد من ( 449- 464) من المشروع الاحكام الخاصة بمرور الزمان المانع من سماع الدعوى بالنسبة لبعض الحقوق وهو الباب المقابل لانقضاء الحق بالتقادم في القوانين الحديثة . ومن المقرر ان الشريعة الاسلامية تقوم على قاعدة ارسى اصولها الحديث الشريف ( لا يبطل حق امرىء مسلم وان قدم ) وقد نصت المادة ( 1674) من المجلة على ان الحق لا يسقط بتقادم الزمان وهو نص مستمد من الحديث الشريف السالف الاشارة اليه ومن كتاب الاشباه لابن نجيم ص 88 واخذت بها جميع المذاهب الفقهية الا ان المذهبين المالكي والحنفي وان كانا قد اقرا عدم سقوط الحق بالتقادم الا انهما اقرا من جهة اخرى عدم سماع الدعوى بالدين بعد مضي مدة معلومة .
وفي المذهب المالكي اذا سكت صاحب الدين بدون عذر مانع مدة من الزمن قدرها البعض بعشرين سنة والبعض الاخر بثلاثين سنة ثم طالب الدائن المدين بعد ذلك وادعى هذا انه دفع الدين فانه يصدق بدون بينة ولا تسمع دعوى المدعى .
وعلة ذلك ان اثبات الدفع بعد هذه المدة قد لا يكون ميسورا بسبب نسيان الشهود او وفاتهم كما ان تخلف الدائن عن المطالبة بدون عذر يتضمن اقرارا بعدم احقيته في المطالبة ، اما الحنفية فقد اقاموا رايهم على الاستحسان لان ترك الدعوى مع التمكن يدل على عدم الحق ظاهرا وقد قدر بعض فقهاء الحنفية مدة مرور الزمان المانع من سماع الدعوى بثلاث وثلاثين سنة وقدره اخرون ست وثلاثين الا ان الخلفاء العثمانيين رأوا ان هذه المدة طويلة وانها لا تتفق مع تطور المعاملات وحاجات الناس ولذا امروا بان تكون مدة مرور الزمان المانعة من سماع الدعوى خمس عشرة سنة مع بعض الاستثناءات التي تضمنها نصوص المجلة .
وقد استند الحنفية في اجتهادهم الى ان طاعة ولي الامر فيما لا يصادم الشرع واجبه والى ان ولاية القضاء مستمدة منه وانها تحتمل التخصيص بالزمان والمكان طبقا لقاعدة القضاء يجوز تخصيصه بالزمان والمكان مع استثناء بعض الخصوصات ( م 1801 من المجلة ) ومؤدى ما تقدم ان كلا المذهبين المالكي والحنفي قد اقر مبدأ عدم سماع الدعوى بمرور الزمان وبنيا ذلك على الاستحسان والضرورات العملية وعدم الحق ظاهرا بعد مضي الزمان وقرينة الايفاء المستنتجة من السكوت على الحق وبقطع الحيل والتزوير ونسيان الشهود او موتهم او غيابهم .
وقد سار المشروع على هدي ما ورد في المذهبين المالكي والحنفي فاقر مبدأ ( الحق لا يسقط بمرور الزمان ) ومبدأ ( عدم سماع الدعوى بمرور الزمان ) على تفاوت بين المدد بالنسبة لكل حق بما يتفق مع طبيعته وتقتضيه المصلحة .
ومما تقدم يتضح ان الغاية من تحديد المدد المانعة من سماع الدعوى بالنسبة لكل حق هي الحيلولة بين القضاء وبين التعرض للحق ايا ما كان سببه بعد مضي المدة المحددة .
وقد نصت المادة ( 449) من المشروع المقترح على ان الحق لا ينقضي بمرور الزمان ولكن لا تسمع الدعوى به ايا ما كان سببه على المنكر بانقضاء خمس عشرة سنة مع مراعاة الاحكام الخاصة ببعض الحقوق والاستثناءات المنصوص عليها في المواد التالية ومصدر النص المادتان ( 1660و 1674) من المجلة والشق الاول من المادة ( 256) والمادة (259) من المرشد وقد نص صدر المادة ( 1674) من المجلة على ان الحق لا يسقط بالتقادم ونصت المادة ( 1660) على الا تسمع دعوى الدين والوديعة والملك والعقار والميراث وما لا يعود من الدعاوى الى العامة ولا الى اصل الوقف من العقارات الموقوفة كدعوى المقاطعة او التصرف بالاجارتين والتولية المشروطة والغلة بعد ان تركت خمس عشرة سنة ونصت المادة (256) من المرشد على ان الدعوى الدين ايا كان سببه لا تسمع على منكر الدين بعد تركها من غير عذر شرعي خمس عشرة سنة فان تركها المدعي بعذر ..... فانها تسمع ما لم تمض هذه المدة ونصت المادة ( 259) على انه ( كما لا تسمع الدعوى الدين ممن ترك المطالبة به من غير عذر خمس عشرة سنة فكذلك لا تسمع من ورثته بعد موته .
( يراجع شرح المجلة على المادة 1674ج 4 ص 669) وقد ساير القانون العراقي هذه النصوص في المادة ( 440) التي تنص على ان الحق لا يسقط بمرور الزمان والمادة ( 429) التي تنص على ان الدعوى بالالتزام ايا كان سببه لا تسمع على المنكر بعد تركها من غير عذر شرعي خمس عشرة سنة مع مراعاة ما وردت فيه احكام خاصة . وقد تضمن المشروع نصا واحدا جمع ما في المواد المشار اليها والمواد الواردة في المشروع الاول والقانون السوري والمصري من خصائص .
اما المواد ( 450) وما بعدها فقد اوردت انواع الحقوق والمدد التي يمتنع بعدها الاستماع الى الدعوى مراعي في ذلك طبيعة الحق ، وما اقتضته المصلحة على ان الدعوى لا تسمع بالنسبة للحقوق المشار اليها بعد المدة المقررة حتى ولو ظل الدائنون يقومون ببعض الاعمال للمدين اذ ان العبرة في احتساب المدة هي الحق في ذاته وتاريخ استحقاقه فاذا حرر به سند كانت المدة المقررة خمس عشرة سنة قياسا على مدة عدم سماع الدعوى الخاصة بالحقوق الثابتة في اسناد مكتوبة .
ويبدا احتساب مدة مرور الزمان المانع من سماع الدعوى من اليوم الذي يصبح فيه الحق مستحق الاداء او من وقت تحقق الشرط اذا كان معلقا على شرط او من وقت ثبوت الاستحقاق في دعوى ضمان الاستحقاق ( م454) من المشروع ومصدر النص المادة ( 1667) من المجلة والمادة ( 258) من المرشد وتتفقان مع المواد ( 377) من المشروع الاردني والقانون السوري والمادة ( 434) من القانون العراقي . وقد نصت المادة ( 258) من المرشد على ان يعتبر ابتداء المدة المقررة لعدم سماع دعوى الدين المؤجل من تاريخ حلول الاجل لا من تاريخ عقد الدين ... وفي شرح المجلة ج 4 ص 273 على المادة ( 1667) ( يعتبر مرور الزمن من تاريخ وجود صلاحية الادعاء في المدعى به وصلاحية اخذه ، فمرور الزمن في دعوى الدين المؤجل انما يعتبر من حلول الاجل .
وتحتسب مدة مرور الزمن بالنسبة لكل من السلف والخلف معا بحيث تضم مدة كل منهما الى الاخرى ولا تسمع الدعوى اذا بلغ مجموع المدتين المدة المقررة لعدم سماع الدعوى (م 455) من المشروع ومصدر النص المادة ( 1670) من المجلة وقد نصت على ان لا تسمع الدعوى اذا تركها المورث مدة وتركها الوارث مدة وبلغ مجموع المدتين حد مرور الزمن وهي المادة ( 432) من القانون العراقي ايضا وليس لها مقابل في المشروع الاردني او القانون السوري او المصري .
اما المادة ( 456) من المشروع فقد تضمنت طريقة حساب المدة بالايام على الا يحسب اليوم الاول منها وتكمل بانقضاء اخر يوم على الا يكون عطلة رسمية فاذا كان عطلة رسمية امتد الى اليوم التالي مباشرة لاستكمال المدة .
ونصت المواد ( 457) وما بعدها على وقف المدة وانقطاعها فتوقف كلما طرا عذر شرعي كالقصر وفقدان الاهلية ، ومن الاعذار قيام مانع ادبي كعلاقة الزوجية او العلاقة بين الاصول والفروع وهي العلاقات التي تحول بين اصحاب الحق وبين المطالبة به على الا تحسب المدة التي تمضي اثناء قيام العذر في المدة المقررة لسماع الدعوى وتحسب من تاريخ زوال العذر . فاذا ترك بعض الورثة الدعوى بحق مورثهم المدة المقررة لسماعها بغير عذر شرعي وكان لبعضهم عذر كالقصر مثلا فان الدعوى لا تسمع الا بقدر انصبة من ثبت له العذر او المانع ( م 458 من المشروع ) وهي تتفق مع المادة ( 261) من المرشد والمادة ( 1672) من المجلة والمادة ( 436) من القانون العراقي .
فاذا اقر المدين بالدين صراحة او دلالة فان اقراره يقطع المدة المقررة لعدم سماع الدعوى وتبدأ مدة جديدة من تاريخ اقراره ( م 459 من المشروع ) كما تنقطع المدة بالمطالبة القضائية او باي اجراء قضائي يقوم به الدائن للتمسك بحقه اثناء سريانها وهو نص مستمد من المادة ( 1666) من المجلة والمواد ( 158و159 و 260) من المرشد التي تنص على ان تعتبر المطالبة في مجلس القضاء لا في غيره .... وفي الفقرة الاخيرة من المادة (1666) من المجلة ( واما ما لم يكن في حضور الحاكم من الادعاء والمطالبة فلا يدفع مرور الزمان ...) الا انه يراعي ان النص المقترح قطع في ان اللجوء الى المحكمة يقطع مرور الزمان مهما طال الامد الذي يستغرقه النزاع امامها وذلك على نقيض ما جاء في شرح المجلة لعلي حيدر ج 273 فقد جاء بها ما يلي ( وبتعبير اخر ان الاستدعاء الذي يقدمه المدعي للمحكمة بطلب الحكم له على خصمه بحقه وطلب جلب خصمه للمحكمة لا يقوم مقام الدعوى ولا يكفي لقطع مرور الزمن ) وهو قول يتناقض مع المبادىء العامة للاصول الحقوقية .
ولا خلاف في ان مرور الزمان المانع من سماع الدعوى بالنسبة للحق في ذاته يسقط الحق في المطالبة بتوابعه حتى ولو تكتمل المدة بالنسبة لها كمصروفات الدين او التسجيل ( م 462 من المشروع ) واذا صدر حكم القضاء بالدين او الحق وكان الحكم نهائيا لا يقبل الطعن فان الحق لا يسقط ابدا اذ تنتفي بالحكم كل منازعة فيه ولا يجوز بالتالي الدفع بعدم سماع الدعوى لان الدعوى قد استقرت بالحكم فيها ولا سبيل لاعادة طرحها طبقا لما يقضي به احكام الاعتراض على الاحكام القضائية او اعادة طرح الدعاوى في قانون اصول المحاكمات السوري ( م 461 من المشروع ) والنص يتفق مع المادة ( 381) من المشروع الاردني والقانون السوري والمادة ( 385) من القانون المصري والمادة ( 439) من القانون العراقي .
اما المادة ( 463) من المشروع فقد نصت على عدم جواز الاتفاق على عدم سماع الدعوى بعد مدة تختلف عن المدة المحددة في القانون وانما يجوز لمن يملك التصرف في حقه ان يتنازل عن الدفع بعد ثبوت حقه فيه ولا يسري تنازله في حق الدائنين الاخرين اذا صدر اضرارا بهم ومن المقرر ان هذا التنازل قد يكون صريحا او ضمينا ( دلالة ) ويستخلص من دلائل وظروف الدعوى وقد يحمل عدم ابداء الدفع في بداية الخصومة على انه تنازل ضمني ، على ان مرور الزمان هو مجرد وسيلة لانهاء حق المطالبة . لذلك فانه لا يجوز للمحكمة ان تقضي به من تلقاء نفسها بل لا بد من ان يبديه صاحب الشأن فيه كالمدين او الحائز بالنسبة للدائن في الرهن التاميني ويجوز له ان يبديه في اي مرحلة من مراحل الدعوى ما لم يقم الدليل على التنازل عنه اثناء الخصومة صراحة او دلالة .
ولم ير الاخذ بفكرة يمين الاستيثاق ، لمن يتمسك بعدم سماع الدعوى مطلقا او في بعض انواع الدعاوى كما فعل القانون العراقي في الفقرة الثالثة من المادة ( 431) والفقرة الثانية من المادة ( 375) سوري ، والفقرة الثانية من المادة ( 374) من المشروع الاردني ، لان تحليف اليمين يقتضي سماع الدعوى والسير فيها وهو يهدم فكرة التقادم ويتضارب معها ومع نصوص مواد المشروع كما انه لم ير النص على اعتبار المانع لان الادبي من الموانع ، ان كل ما يعتبر من الموانع الادبية مثل منع الزوج لزوجته او منع الاب لابنه او نحو ذلك يعتبر من الاعذار الشرعية ، يراجع شرح المادة ( 1663) من المجلة لعلي حيدر.
ان المشروع في المادتين 53 و 54 منه عرف المال بما يشمل الحق المالي واعتبر كل شيء يمكن حيازته ماديا او معنويا والانتفاع به انتفاعا مشروعا محلا للحقوق المالية ومنها البيع ولذلك وضعت المادة 465 على هذا الاساس .
( تراجع المادة 105 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والمادة الاولى من التقنين الحنفي مع مذكرتها الايضاحية ) وهي تقابل المادة 385 من المشروع الاردني و 386 من القانون السوري و 506 عراقي .
وضع الحكم في هذه المادة على اساس المذهب الحنفي ( تراجع المواد 200 202 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والمادة 367 - من مرشد الحيران ) وهي تقابل المواد 386 مشروع اردني و 387 سوري و 514 عراقي . والمادة التاسعة من التقنين الحنفي مع مذكرتها الايضاحية .
اخذ حكم هذه المادة من الفقه الحنفي . ( تراجع المواد 200و 203 من المجلة وشرحهما لعلي حيدر و 367 من مرشد الحيران ) وهي تقابل المواد 386 مشروع اردني و 387 سوري .
لمعرفة اصل الحكم تراجع المواد 76و 77 و324 و325 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والمادة 375 من مرشد الحيران . وهي تقابل المواد 387 مشروع اردني و 388 سوري و 518 عراقي .
لمعرفة مصدر هذه الاحكام تراجع المواد 298و 299 و 305 و 309 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والمادتان 80 و 81 تقنين مالكي ورد المحتار ج/ 4ص / 50 وما بعدها والفقرتان 57 و 59 من العقود المسماة للاستاذ الزرقا وهي تقابل المواد 388 مشروع اردني و 389 سوري و 524 و 525 عراقي .
اعتمد في هذه الاحكام على المذهب المالكي وتراجع المواد 82 و85 و 86 من التقنين المالكي مع مذكراتها الايضاحية والمادة 306 من المجلة وشرحها لعلي حيدر وهي تقابل المواد 389 مشروع اردني و 390 سوري و 525 عراقي .
اعتمد في هذه المادة على ما اجازه فريق من فقهاء الحنابلة بناء على ما ذكره الاستاذ الزرقا في حاشية الفقرة 70 من العقود المسماة وهي تقابل المادة 390 و 391 سوري ومشروع اردني و 527 و 528 عراقي .
اخذ هذا الحكم من المذهب الحنفي وتراجع المواد 237 و 239 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والمادة 9 من التقنين الحنفي مع مذكرتها الايضاحية والمواد 414- 416 من مرشد الحيران . وتقابل المواد 390 و 391 سوري ومشروع اردني و 526 عراقي .
هذا الحكم مأخوذ من الفقه الحنفي وتراجع المواد 188 و 189 و 192 و 193 من التقنين الحنفي مع مذكراتها الايضاحية ويراجع رد المحتار ج /4 ص / 152 وما بعدها والمادة 123 من المجلة وشرحها لعلي حيدر وهي تقابل المادة 530 عراقي .
اخذ هذا الحكم من المذهب الحنفي ، ويراجع في شأنه المواد 240 - 243 من المجلة وشرحها لعلي حيدر و 417 - 419 من مرشد الحيران ورد المحتار ج/ 4 ص 26 .
اخذ حكم هذه المادة من المذهب الحنفي وتراجع المادتان 46 و 47 من التقنين الحنفي مع مذكرتهما الايضاحية والمواد من 255 - 257 من المجلة وشرحها لعلي حيدر , وهي تقابل المادة 529 عراقي .
اخذ حكم هاتين المادتين من المذهب الحنفي واعتمد على ما ورد في المواد 245 و 250 و 251 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والمواد 420 و 421 و 423 من مرشد الحيران .
هذا الحكم مأخوذ من المذهب الحنفي لان حكم العقد نقل الملكية بمجرد تمامه كما هو مبين في بدائع الصنائع ج /5 ص 233 وان على كل من المتابعين ان يقوم بتنفيذ التزماته عملا بحكم العقد والمادة 83 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والمادتين 426 و 427 من مرشد الحيران ، وهي تقابل المادة 395 مشروع اردني و 396 سوري و 531 عراقي .
هذا الحكم ماخوذ من المذهب الحنفي وتراجع المواد 217 و 218 من المجلة وشرحها لعلي حيدر و 403 و 404 من مرشد الحيران , وهي تقابل المادة 396 مشروع اردني و 397 سوري و 531 عراقي .
هذا الحكم يعرف من مراجعة المواد ( 187 و 188 من المجلة وشرحهما لعلي حيدر و 454 و 455 من مرشد الحيران , وهي تقابل المواد 397 مشروع اردني و 398 سوري و 534 عراقي .
هذا الحكم ماخوذ من المذهب الحنفي ويراجع رد المحتار ج /4 ص /44 وما بعدها والمادة 263 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والمادة 34 من التقنين الحنفي مع مذكرتها الايضاحية والمادتين 434 و 435 من مرشد الحيران وهي تقابل المواد 395 مشروع اردني و 396 سوري و 538 عراقي .
هذا الحكم ماخوذ من المذهب الحنفي وتراجع بشانه المادة 204 من المجلة وشرحها لعلي حيدر وهي تقابل المواد 398 مشروع اردني و 399 سوري .
هذا الحكم ماخوذ من المذهب الحنفي وتراجع بشانه المواد 230 و 235 من المجلة وشرحهما لعلي حيدر 469 من مرشد الحيران وهي تقابل المادة 399 مشروع اردني و 400 سوري و 537 عراقي .
حكم هذه المادة ماخوذ من الفقه الحنفي تراجع المادة 264 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والمادة 441 من مرشد الحيران .
حكم هذه المادة ماخوذ من الفقه الحنفي وقد رؤي التفصيل في انواع المبيع وفق القواعد والاحكام المبينة في كتب المذهب وقد شملتها المواد من 223 - 229 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والمواد 448 - 453 من مرشد الحيران ويراجع في ذلك ايضا رد المحتار ج /4 ص / 29 وما بعدها وهذه المادة تقابل المواد 400 و 401 من مشروع القانون الاردني و 401 و 402 سوري و 543 - 546 عرقي .
وضع هذا الحكم رعاية لمصلحة المتخاصمين وعملا بقاعدة تخصيص القضاء ويراجع في ذلك المادة ( 58 ) من المجلة وشرحها لعلي حيدر , وهي تقابل المادة 401 من المشروع الاردني و 402 سوري و 456 عراقي .
اخذ حكم هذه المادة من المذهب الحنفي ويراجع في ذلك المادة 34 من التقنين الحنفي ومذكرتها الايضاحية ورد المحتار ج /4 ص 42 و 43 والمواد 262 و 263 و 265 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والمواد 434 - 438 و 440 - 442 من مرشد الحيران والبند 119 من شرح العقود المسماة للاستاذ الزرقا وهي تقابل المواد 402 من المشروع الاردني و 403 سوري و 536 و 538 عراقي .
اخذ حكم هذه المادة من المذهب الحنفي ويراجع في ذلك رد المحتار ج /4 ص / 42 والمواد 276 و 277 من المجلة وشرحهما لعلي حيدر و 441 و 442 منم مرشد الحيران وهي تقابل المواد 402 من المشروع الاردني و 403 سوري و 539 عراقي .
روعي في هذه الواد تحقيق مصلحة المتعاقدين حسب ما يتعارفون في معاملاتهم او شروطهم وهي مستقاة من احكام المواد 19 و 58 و 82 و 83 و 262 من المجلة وشرحها لعلي حيدر ومن المصالح المرسلة وهي تقابل المواد 402 من المشروع الاردني و 403 سوري .
استقي حكم هذه المادة من المذهب الحنفي ويراجع في ذلك المواد 83 و 285 و 287 و 293 من المجلة وشرحها لعلي حيدر و 444 و 446 من مرشد الحيران وهي تقابل المواد 403 مشروع اردني و 404 سوري و 541 عراقي .
اخذ حكم هذه المادة من المذهب الحنفي ويراجع في ذلك رد المحتار ج/ 4 ص/ 46 والمادة 37 و 38 من التقنين الحنفي ومذكرتهما الايضاحية والمواد 293 من المجلة وشرحها لعلي حيدر و 460 من مرشد الحيران والبند 135 من العقود المسماة للاستاذ الزرقا وهي تقابل المادة 404 مشروع اردني و 405 سوري و 547 عراقي .
مصدر حكم هذه المادة يعرف من مراجعة المادة 293 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والمادة 37 من التقنين الحنفي ومذكرتها الايضاحية والمادة 460 من مرشد الحيران والبند 108 من العقود المسماة للاستاذ الزرقا .
اخذ حكم هذه المادة من الفقه الحنفي ويراجع في ذلك الفقرة الثالثة من المادة 37 من التقنين الحنفي والمادة 38 منه مع مذكرتهما الايضاحية والمادة 462 من مرشد الحيران والمادة 293 من المجلة وشرحها لعلي حيدر .
مرجع هذا الحكم يفهم من المادة 491 من مرشد الحيران والمادتين 70 و 72 من التقنين المالكي مع مذكرتهما الايضاحية وشرح المادة 616 من المجلة لعلي حيدر ويراجع باب الاستحقاق من رد المحتار ج/4 ص/ 191 , والبندين 142 و 150 من العقود المسماة للاستاذ الزرقا وهي تقابل المادة 406 مشروع اردني و 407 سوري و 549 عراقي .
اخذ حكم هذه المادة من المذهب الحنفي ويراجع في ذلك المادة 55 من التقنين الحنفي مع مذكرتها الايضاحية ورد المحتار ج/4 ص/ 191 والمادة 504 من مرشد الحيران وهي تقابل المادة 407 مشروع اردني و 408 سوري و 550 عراقي .
مصدر حكم هذه المادة يعرف من مراجعة المواد 52 تقنين حنفي مع مذكرتها الايضاحية و 491 مرشد الحيران و 19 و 924 و 1453 من المجلة وشرحها لعلي حيدر وشرح المادة 403 للاتاسي وهي تقابل المادة 410 من المشروع الاردني و 411 سوري و550 عراقي .
مصدر حكم هذه المادة يفهم من مراجعة المواد 492 و 494 من مرشد الحيران وشرح المادة 403 من المجلة للاتاسي وهي تقابل المادة 412 مشروع اردني و 413 سوري و 556 و 557 عراقي .
اخذ حكم هذه المادة من المذهب الحنفي ويراجع في ذلك رد المحتار ج/4 ص/ 194-195 والمادة 53 من التقنين الحنفي مع مذكرتها الايضاحية والمادة 496 من مرشد الحيران وشرح المادة 403 من المجلة للاتاسي وهي تقابل المادة 408 مشروع اردني و 409 سوري و551 عراقي .
رؤي في هذه المادة بيان حكم المصالحة التي تقع بين المشتري والمستحق قبل القضاء او بعده وقد يفهم حكما من شرح الاتاسي للمادة 403 من المجلة والبند 172 من العقود المسماة للاستاذ الزرقا وهي تقابل المواد 408 و 409 من المشروع الاردني و 409 و 410 سوري .
مصدر حكم هذه المادة يعرف من مراجعة المواد 505 و 506 من مرشد الحيران و 590 و 747 من المجلة وشرحهما لعلي حيدر والمادة 72 من التقنين المالكي مع مذكرتها الايضاحية وهي تقابل المادة 411 مشروع اردني و 412 سوري و555 عراقي .
مصدر حكم هذه المادة يعرف من مراجعة رد المحتار ج/4 ص/194 والمادة 511 من مرشد الحيران.
وهي تقابل المواد 411 مشروع اردني و 412 سوري و 547 عراقي .
مصدر هذا الحكم يفهم من مراجعة المادتين 50 و 52 من المجلة وشرحهما لعلي حيدر وشرح المادة 403 للاتاسي . وهي تقابل المادة 411 مشروع اردني و 412 سوري .
مصدر هذا الحكم يعرف من مراجعة المادتين 336 من المجلة وشرحها لعلي حيدر و 525 من مرشد الحيران وهي تقابل المواد 414 و 415 مشروع اردني و 415 و 416 سوري .
مصدر هذا الحكم يعرف من مراجعة باب خيار العيب من رد المحتار /ج/4 ص/ 71 وما بعدها والمواد 337 - 340 من المجلة . وشرحها لعلي حيدر والاتاسي و 526 - 529 من مرشد الحيران والمادتين 69 و 70 من التقنين الحنفي مع مذكرتهما الايضاحية و 89 من التقنين المالكي مع مذكرتها الايضاحية والبند 128 من الفقه الاسلامي في ثوبه الجديد ج/4 والعقود المسماة للاستاذ الزرقا . وهي تقابل المواد 416 مشروع اردني و 417 سوري و 558 عراقي .
مصدر حكم هذه المادة يتبين من مراجعة المواد 342 - 345 من المجلة وشرحها لعلي حيدر و 530 و 531 من مرشد الحيران وبداية المجتهد ج/2 ص/ 153- 154 والمادة 95 من التقنين المالكي مع مذكرتها الايضاحية والبند 213 من العقود المسماة للاستاذ الزرقا وهي تقابل المواد 420 و 421 مشروع اردني و 421 و 422 سوري و 559 عراقي .
مصدر هذا الحكم من الفقه الحنفي كما يتبين من مراجعة المادتين 344 من المجلة وشرحها لعلي حيدر و 541 من مرشد الحيران والمادة 87 من التقنين الحنفي مع مذكرتها الايضاحية . وهي تقابل المادة 566 عراقي .
اخذ هذا الحكم من المذهب الحنفي ويراجع في ذلك ما جاء في الدر المختار ورد المحتار ج/4 ص/ 83 والمادة 543 من مرشد الحيران . وهي تقابل المادة 418 مشروع اردني و 419 سوري و 564 عراقي .
مرجع هذه المادة هو الفقه المالكي كما يظهر من مراجعة الدر المختار ورد المحتار ج/4 ص/94 والمواد 345 - 348 من المجلة وشرحها لعلي حيدر و 537 - 539 من مرشد الحيران وهي تقابل المادة 562 من القانون العراقي .
مصدر هذا الحكم يتبين من مراجعة المادتين 349 - 350 من المجلة وشرحهما لعلي حيدر والمادة 540 من مرشد الحيران والمادة 86 من التقنين الحنفي مع مذكرتها الايضاحية وهي تقابل المادة 563 عراقي .
مصدر هذا الحكم ما ورد في المود 351 من المجلة وشرحها لعلي حيدر و 532 - 534 من مرشد الحيران والبند 129 ج/4 من الفقه بثوبه الجديد للاستاذ الزرقا والمادة 95 من التقنين الحنفي مع مذكرتها الايضاحية , وهي تقابل المادة 561 من القانون العراقي .
مرجع هذا الحكم يتبين من الفقرة ( 13 ) من الفصل السادس في بيان خيار العيب ج/1ص/ 283 ( من المجلة وشرح علي حيدر ) والمادة 76 من التقنين الحنبلي مع مذكرتها وشرح الاتاسي للمادة 358 من المجلة والبند 134 من الفقه الاسلامي.
في ثوبه الجديد للاستاذ الزرقا .
اختلف الفقهاء في وجوب رد المبيع بعد العلم بالعيب فورا او على التراضي ومع ان المالكية والشافعية شرطا ان يكون الرد بعد العلم بالعيب على الفور الا اذا كان هناك عذر يمنع من الرد فان كلا من الحنفية والحنابلة لا يشترطان الفورية وجاء في مذهب الحنابلة انه يصح الرد بالعيب على التراخي لانه شرع لدفع ضرر محقق فلم يبطل بالتاخير الا اذا كان مقترنا بما يدل على الرضا , راجع الصفحة 199-200 ج/2 من كتاب الفقه على المذاهب الاربعة . وعملا بالمادة 58 من المجلة ورعاية للمصالح . وبما انه يلزم مراعاة الشرط بقدر الامكان عملا بالمادة 83 من المجلة فقد وضعت هذه المادة . وهي تقابل المادة 570 عراقي .
اخذ حكم هذه المادة من الفقه الحنفي ويراجع في ذلك المواد 262 من المجلة وشرحها لعلي حيدر و 481 من مرشد الحيران و 33 تقنين حنفي مع مذكرتها الايضاحية. وهي تقابل المادة 571 و 424 مشروع اردني و 425 سوري .
مصدر حكم هذه المادة يعرف من مراجعة المواد 278 و 280 و 284 من المجلة وشرحها لعلي حيدر و 454 و 455 من مرشد الحيران والمادة 35 تقنين حنفي مع مذكرتها الايضاحية , وهي تقابل المواد 424 و 426 مشروع اردني و 427 سوري و 579 عراقي .
يعرف مصدر هذا الحكم من مراجعة المواد 276 و 277 من المجلة وشرحهما لعلي حيدر و 441 و 442 من مرشد الحيران وهي تقابل المواد 427 مشروع اردني و 428 سوري و 578 عراقي .
اخذ حكم هذه المادة من المذهب الحنفي كما يتبين من مراجعة المادتين 285 و 286 من المجلة وشرحهما لعلي حيدر والمادة 445 من مرشد الحيران وهي تقابل المادة 430 مشروع اردني و 431 سوري و 586 عراقي .
لوحظ في وضع هذا الحكم القياس على ما ورد في المادتين 285 و 286 من المجلة كما لوحظ ما ورد في شرح المادة 238 من المجلة لعلي حيدر وما ورد في المادتين 485 و 487 من مرشد الحيران وما ورد ايضا في المواد 43 و 44 و 83 من المجلة . وهي تقابل المادة 573 عراقي .
يعرف مصدر هذا الحكم من مراجعة المادتين 298 و 299 من المجلة وشرحهما لعلي حيدر .
يعرف مصدر هذا الحكم من مراجعة المادة 486 من مرشد الحيران والمادتين 636 و 638 من المجلة وشرحهما لعلي حيدر والمادة 53 من التقنين الحنفي مع مذكرتها الايضاحية . والمادة 99 تقنين شافعي مع مذكرتها الايضاحية والبند 98 من الفقه بثوبه الجديد ج/4 للاستاذ الزرقا وهي تقابل المادة 424 من المشروع الاردني و 425 سوري و 576 عراقي .
اخذ هذا الحكم من الفقه الحنفي كما يعلم من مراجعة الصفحة 49 ج/4 من رد المحتار والمواد 83 و 313 و 314 من المجلة وشرحهما لعلي حيدر والاتاسي - والمادة 425 من مرشد الحيران , وهي تقابل المواد 428 مشروع اردني و 429 سوري و 582 عراقي .
اخذ هذا الحكم من المذهب الحنفي كما يتبين من مراجعة المواد 295 - 297 من المجلة وشرحها لعلي حيدر و 463 - 465 من مرشد الحيران , والمادة 36 من التقنين الحنفي مع مذكرتها الايضاحية والبند 96 من الفقه بثوبه الجديد ج/4 للاستاذ الزرقا . وهي تقابل المادة 580 عراقي .
اخذ هذا الحكم من المادة من المذهب الحنفي كما يتبين من مراجعة المواد 288 و 289 و 292 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والمواد 466- 468 من مرشد الحيران والمادة 31 من التقنين الحنفي مع مذكرتها الايضاحية , وهي تقابل المواد 429 و 430 و 431 مشروع اردني و 430 و 432 سوري و 587 عراقي .
اخذ حكم هذه المادة من الفقه الحنفي كما يتبين من مراجعة المادتين 123 من المجلة وشرحها لعلي حيدر و 550 من مرشد الحيران والمادة 202 من التقنين الحنفي مع مذكرتها الايضاحية .
يتبن حكم هذه المادة من مراجعة المواد 386 من المجلة وشرحها لعلي حيدر و 554 من مرشد الحيران و 207 و 208 من التقنين الحنفي مع مذكرتهما الايضاحية والمادتين 109 و 116 من التقنين المالكي مع مذكرتهما الايضاحية .
يتبين مصدر هذا الحكم من مراجعة المادتين 111 و113 من التقنين المالكي مع مذكرتهما الايضاحية .
مصدر هذا الحكم يعرف من مراجعة المادتين 209 تقنين حنفي و 148 تقنين حنبلي مع مذكرتهما الايضاحية وكتاب الفقه الاسلامي في ثوبه الجديد للاستاذ الزرقا .
الحكم الفقهي انه يبطل الاجل بموت المسلم اليه ( البائع ) لا بموت رب السلم ( المشتري ) وفي هذه الحالة يؤخذ المسلم فيه من التركة حالا لبطلان الاجل بموت االمديون , كما يعلم من الدر المختار ورد المحتار ج/4ص/ 206 والمادة 560 من مرشد الحيران والمادة 212 من التقنين الحنفي مع مذكرتها الايضاحية , وبما ان الاجل وان كان حق المديون الا انه لوحظ في ابطاله اعطاء صاحب الدين الحق في استيفاء دينه , لذلك لجأ المشروع الى اعطاء المشتري الحق بالخيار بين ان يفسخ العقد ويسترد الثمن من التركة كما هو مبين في الحكم الفقهي وبين ان ينتظر حلول الاجل وفي هذه الحالة لا تكون التركة قد تضررت من التاجيل ولذلك فان الحكم يكون مراعى فيه جانب المصلحة والتيسير واذا اختار التاجيل له الحق ان يحجز من التركة ما يفي بحقه حتى لا يتعرض للضرر , ولا ضرر ولا ضرار والضرر يزال كما هو موضح في المادتين 19 و 20 من المجلة وشرحهما لعلي حيدر .
يتبين مصدر هذا الحكم مما يلي :
1. حكم الغبن المجرد عن الخلابة ( الخداع ) والاكراه كما في بيع المسترسل وبيع الركبان لمن يتلقاهم في المذهب الحنبلي والمالكي حيث يجيزان للمغبون فسخ العقد وكما في المذهب الحنفي ايضا عن الغبن المجرد بالنسبة لمال اليتيم والوقف وبيت المال اذا وقع عليهم غبن فاحش في اموالهم بيعا او شراء على سبيل الاستثناء في هذه الثلاثة من عدم جواز الفسخ بالغبن المجرد للحاجة الى الحماية في هذه الجوانب الثلاثة . وهذه الثلاثة ليست واردة باية قرآن او حديث نبوي على سبيل الحصر , بل هي استثناءات اجتهادية بمقتضى المصلحة الاستحسانية منعا لاستغلال الجانب الضعيف او المطموع فيه .
فيمكن ان يلحق بها حالات مماثلة في العملة كما هنا ( ينظر في هذا المدخل الفقهي العام للزرقا حكم الغبن المجرد في بحث عيوب الرضا ج/1 الفقرة 189 - 190 ) .
2. ان حق المحكمة في تعديل الثمن والشروط المجحفة في هذه الحال بدلا من البدء بالفسخ هو اخذ بالادنى في اقامة العدالة مع احترام ارادة المشتري , في اعطائه حق الفسخ في النهاية ان لم يوافقه التعديل وهذا مقبول فقها فان نقل حق الفسخ من طرف الى اخر في العقد بصورة تصان فيها حقوق الطرفين قد اخذ به الفقهاء في خيار العيب اذا حدث لدى المشتري عيب جديد حيث قرروا نقل الخيار من المشتري الى البائع كيلا يتضرر البائع برد المبيع اليه معيبا بعيب جديد فيخير البائع بين فسخ العقد واسترداد المبيع عيبا بالعيب الحادث وبين ترك المبيع للمشتري واعطائه نقصان العيب القديم حفظا لحقوق الطرفين واحتراما لارادتيهما .
( ينظر في هذا باب خيار العيب في كتاب البيع من كتب الفقه الحنفي وفي المجلة وشروحها م/ 345 و 348 ) .
3. حق القاضي في تحديد سعر البيع في حالة الاحتكار ثم البيع على المحتكر جبرا اذا امتنع ويمكن القياس عليها في حالات المحترفين لشراء المحاصيل المستقبلة من الزراع المحتاجين لان هؤلاء المحترفين محتكرون لهذا العمل وهم يؤلفون في كل بلد عصبة محتكرة لهذا النوع من التجارة بشراء المحاصيل المستقبلة من الزراع المحتاجين .
اخذت احكام المخارجة من المذهب الحنفي كما يتبين من مراجعة فصل التخارج من الجزء الرابع من الدر المختار ورد المحتار الصفحة 481 - 483 والصفحتين 40 -41 من شرح علي حيدر بعد المادة 1551 من المجلة ج/4 بعنوان ملحق في حق صلح بعض الورثة مع البعض الآخر في اموال التركة , وهذه المواد تقابل المواد من 440 - 443 من المشروع الاردني و 441- 444 سوري .
اخذ حكم هذه المادة من الفقه الحنفي كما يتبين من مراجعة الدر المختار ورد المحتار في باب اقرار المريض ج/4ص / 461 والمواد 393 و 1595 من المجلة وشرحهما لعلي حيدر والاتاسي والبند 297 من العقود المسماة للاستاذ الزرقا .
هي تقابل المادة 444 مشروع اردني و 445 سوري .
ان احكام المواد الاربعة المشار اليها اعلاه مستقاة من الفقه الحنفي كما يتبين من مراجعة الدر المختار ورد المحتار ج/5 ص/435 والمواد 53 و 393 و 395 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والاتاسي والمواد 358 - 361 من مرش الحيران , وهي تقابل المواد 444 و 445 مشروع اردني و 445 و 446 سوري .
سبق في المواد 108 وما بعدها من هذا المشروع بيان حكم النيابة في التعاقد سواء كنت تلك النيابة اتفاقية او قانونية وبين حينئذ المستند الفقهي لتلك الاحكام وفي هاتين المادتين اريد النص على ان من يكون نائبا عن غيره سواء كانت نيابة قانونية او باتفاق او امر من السلطة المختصة فليس له ان يشتري بنفسه او باسم مستعار ولو بطريق المزاد ما طلب منه النيابة فيه والاشراف عليه رعاية للمصلحة وحفظا للامانة على ان تراعى في ذلك احكام قانون الاحوال الشخصية كما انه صرح في المادة الثانية بنفس الحكم بالنسبة للوسطاء او الخبراء وفي هذا كله صيانه للحقوق ورعاية للامانة , ويراجع في شان ذلك المواد 34 و35 و 58 و 96 من المجلة وشرحها لعلي حيدر وتقابل المواد 446 - 448 مشروع اردني و 447 - 449 سوري و 588 - 592 عراقي .
ان هاتين المادتين تتعلقان ببيع ملك الغير ويعتبر العقد في هذه الحالة موقوفا على اجازة المالك كما سبق بيانه في المادة 180 من من المشروع . وقد اوضحت المادتان مصير العقد في حالات الاجازة بكل صورها ولبيان مصدر هذه الاحكام تراجع المواد 111 و 303 و 304 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والمادتين 394 و 397 من مرشد الحيران والمادتين 149 و 150 من التقنين الحنفي ومذكرتهما الايضاحية والمادة 13 من التقنين الحنبلي ومذكرتها الايضاحية .
ان تعريف المقايضة واحكامها مأخوذة من المذهب الحنفي كما يتبين من الرجوع للمواد 120 و 122 و 379 من المجلة وشرحها لعلي حيدر . وبما ان كلا من البدلين في المقايضة يعتبر له حكم المبيع فتعتبر فيهما شرائط المبيع واحكامه وبما ان نفقات البيع العادي تقسم بين المشتري والبائع فيما يتعلق بالثمن يلزم المشتري وما يتعلق بالمبيع يلزم البائع بمقتضى المادتين 288 و 289 من المجلة وشرحهما لعلي حيدر . لذلك ذكر في المشروع ان مصروفات العقد تقسم مناصفة بين الطرفين تحقيقا لما ورد المادتين المشار اليهما الا اذا اتفق الطرفان على غير ذلك . وبما ان الحاجة قد تقضي باضافة بعض النقود الى احدى السلعتين لتعادل التبادل فان ذلك لا يخرج المقايضة عن طبيعتها قياسا على ما ورد في المادة 1127 من المجلة وشرحهما لعلي حيدر ويراجع في ذلك ايضا البندان 312 و 313 من العقود المسماة للاستاذ الزرقا .
وهي تقابل المواد 449 - 452 مشروع اردني و 450 - 453 سوري و 597 - 600 عراقي .
يعرف مصدر هذه المادة من الرجوع الى كتاب الهبة في الدر المختار ورد المحتار ج/4 ص/508 ومباحث الهبة من كتاب الفقه على المذاهب الاربعة ص/289 وما بعدها والمواد 631 و 833 من المجلة وشرحهما لعلي حيدر و77 من مرشد الحيران وهي تقابل المادة 453 مشروع اردني و454 سوري و601 عراقي .
يعرف مصدر هذه المادة من الرجوع الى كتاب مبسوط السرخسي ج/12 ص/48 والى المواد 837 و851 من المجلة وشرحهما لعلي حيدر و84 مرشد الحيران وهي تقابل المادة 454 مشروع اردني و455 سوري و603 و604 و605 عراقي.
مصدر هذه المادة يعرف من الرجوع الى المادتين 857 من المجلة وشرحها لعلي حيدر و78 مرشد الحيران وكتاب الفقه على المذاهب الاربعة ( مذهب الحنفية والمالكية ) ج/3 ص/ 290 وما بعدها . وهي تقابل المواد 458 مشروع اردني و459 سوري و609 عراقي.
يعرف حكم هذه المادة من المادتين 847 و848 من المجلة وشرحهما لعلي حيدر ومن كتاب الفقه على المذاهب الاربعة ج/3 ص/290 وما بعدها. وهي تقابل المادة 607 عراقي.
يعرف مصدر هذا الحكم من الرجوع الى المواد 186 و187 و855 من المجلة وشرحها لعلي حيدر ، وهي تقابل المواد 467 و468 مشروع اردني و468 و469 سوري و620 و621 عراقي.
مرجع هذا الحكم المادة 855 من المجلة وشرحها لعلي حيدر ، وهي تقابل المواد 465 و466 مشروع اردني و466 و467 سوري و618 و619 عراقي.
مرجع هذا الحكم ما ورد في المادتين 837 و856 من المجلة وشرحهما لعلي حيدر ، وهي تقابل المواد 457 و459 مشروع اردني و458 و460 سوري.
بما ان الهبة لا تتم الا بالقبض ( المادة 837 من المجلة ) وبما ان وفاة احد طرفي العقد قبل القبض يمنع من التمام ويجعل العقد باطلا كما ذكر في الدر المختار ورد المحتار ج/4 ص/516 وبما ان افلاس الواهب قبل القبض يجعل للدائنين حقا في اموال المدين لذلك وضعت المادة على هذا الاساس ، يراجع في ذلك المواد 57 و837 و838 و841 و849 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والمادتان 82 و83 من مرشد الحيران والصفحة 80 من كتاب الدراسة المقارنة بين الشريعة الاسلامية والقانون المدني للمستشار السيد عبد السلام ادم . وهي تقابل المواد 460 و464 مشروع اردني و461 و465 سوري.
?ان حكم هذه المادة ماخوذ من المذهب الحنفي كما يتبين من مراجعة المواد 877 - 880 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والمادة 85 من مرشد الحيران.
?ان عقد الهبة بعد اتمام اركانه وشروطه يصبح عقدا صحيحا غير ان نفاذه يتوقف على القبض وما في معنى القبض مما يشترط قانونا القيام به لاتمامه وهذا يستلزم بقاء عقد الهبة صحيحا غير ان للمصلحة اعتبر غير نافذ المفعول عملا بالمادة 58 من المجلة وشرحها لعي حيدر وهذا اعدل في الحكم واقرب الى مقاصد الشرع وهي تقابل المواد 455 و456 مشروع اردني و456 و457 سوري و602 و603 عراقي.
بما ان الهبة تمليك المال او الحق حال حياة المالك ، وبما انها تنعقد بالايجاب والقبول ، كما مر في المادة (558) من هذا المشروع فان الواهب يكون قد التزم للموهوب له بتسليم الموهوب كما ذكر في الصفحة 351 من الجزء الثاني لعلي حيدر في شرح المادة 837 من المجلة ، لذلك وضعت المادة على هذا الاساس . ويراجع في شانها الدر المختار في اوائل كتاب الهبة ج/4/508 .
وهي تقابل المادة 460 من المشروع الاردني و461 من القانون المصري والمادة 613 من القانون العراقي .
هذه المواد تتعلق باحكام استحقاق الموهوب في يد الموهوب له اذا كانت الهبة بعوض او بغير عوض . وفي استحقاق الموهوب بعد هلاكه عند الموهوب له او الزيادة فيه وعدم ضمان الواهب العيب الخفي اذا لم تكن الهبة بعوض . وقد استفيدت احكامها مما ورد في شرح الدر المختار ورد المحتار ج/4/517 وما بعدها والمادة 861 من المجلة وشرحها لعلي حيدر مع الاستناد لقاعدة لا ضرر ولا ضرار . والمادة 19 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والى المصالح المرسلة والى مبسوط السرخسي ج/12/53 .
?تتضمن هذه المواد التزامات الموهوب له فيما اذا كانت الهبة بعوض وفي هذه الحالة يلتزم الموهوب له اداء ما اشترطه الواهب عليه من عوض ، وهذا مبدا يقتضيه العقد وينسجم مع صحته واذا كان وفاء دين فانما يلتزم الموهوب له بالدين القائم حين الهبة واذا كان على الموهوب حق وفاء لدين في ذمة الواهب فانه يلتزم بوفاء هذا الدين وبما ان عقد الهبة في اصله عقد تبرع فان النفقات التي يتطلبها هذا العقد بالنسبة لتسليم الموهوب ونقله تعود على الموهوب له ، كل هذا الا اذا وقع اتفاق على غير ذلك ، وهذه الاحكام مرجعها ما ذكره الحنفية والشافعية والحنابلة بخصوص العوض وما قررته القاعدة الشرعية ( الغرم بالغنم ) المادة 87 من المجلة وقاعدة لا ضرر ولا ضرار . المادة 19 من المجلة ويراجع في ذلك شرح المادتين المذكورتين لعلي حيدر ومذهب الشافعية والحنابلة في الجزء الثالث من كتاب الفقه على المذاهب الاربعة في مبحث الهبة في مقابل عوض ص/311 وما بعدها.
وهي تقابل المواد 464 - 466 مشروع اردني و465 - 467 سوري و617-619 عراقي.
هذه المادة تستند اساسا الى الفقه الحنفي حيث يجيز للواهب ان يرجع في هبته قبل ان يقبض الموهوب ، بدون رضا الموهوب له ، واما بعد القبض فانه يحق له ان يرجع بقبول الموهوب له ، واذا كانت هناك امور موجبة للفسخ ولم يقبل الموهوب له فسخها فللواهب ان يراجع القضاء ليفصل في ذلك الا اذا كان يوجد مانع من الرجوع وعلى هذا الاساس وضعت المادة المذكورة ويراجع في شانها المواد 20 و861 و862 من المجلة وشرحها لعلي حيدر. وهي تقابل المواد 467 مشروع اردني و468 سوري و620 عراقي.
ان عقد الهبة من عقود التبرع يقصد فيها توفير الاحسان والنفع للمحتاجين من بني الانسان سواء كانوا من اقارب الواهب ام لا ، وقد جعل للحاكم حق فسخ الهبة في حال توفر بعض الاسباب الموجبة للفسخ كما في حالة الاستحقاق او بعض احوال الزيادة والمقصود من ذلك اتنما هو رفع الضرر او ازالته ولهذا فان هذه المادة وضعت لتحقيق هذه الاهداف وهي تتفق مع الغرض المقصود من الهبة وتنجم ممع القواعد العامة للفقه الاسلامي ، تراجعالمواد 19 و 20 و 851 من المجلة وشرحها لعلي حيدر ، وهي تقابل المواد 468 مشروع اردني و469 سوري و621 عراقي.?
?ان المعروف فقها ان القتل بغير حق يوجب المنع من الارث كما هو واضح في الدر المختار ورد المحتار ج/5 ص/488 وما بعدها والمعروف فقها انه لا فرق بين القصد والعمد ، الا ان القانون الوضعي فرق بينهما وبما ان ابن قدامة في المغني عند الكلام عن موانع الارث ذكر القتل بغير حق وهو يشمل القتل القصد او العمد بالمعنى القانوني بما ان الهدف من الهبة هو البر والاحسان وبما ان قتل الموهوب له الواهب بغير حق عمدا او قصدا يخل بهذا الهدف ويغير من طبيعته فقد رؤي ان يعطى للورثة حق طلب ابطال الهبة في تلك الحالة ووضعت المادة على هذا الاساس .
يراجع المغني ج/7 ص /162 ، وهي تقابل المادة 622 عراقي.
ان هذه المادة اخذ حكمها من الفقه الحنفي مع بعض تعديلات استند فيها الى شرح نيل الاوطار للشوكاني وذلك في حالة تخصيص بعض الاقارب من ذوي الرحم المحرم بلا مبرر اما اذا كان هنالك مبرر للمفاضلة كعجز احد الورثة او حاجته فلا مانع كما هو موضح في الشوكاني ج/6 ص/110-112 ويراجع في ذلك ايضا المواد 866 - 847 من المجلة مع شرحها لعلي حيدر ، وهي تقابل المواد 469 مشروع اردني و470 سوري و623 عراقي.
اعتمد في هذا الحكم على ما ورد في شرح المادة 861 من المجلة ص/405 ج/2 لعلي حيدر . وهي تقابل المواد 470 مشروع اردني و471 سوري و624 عراقي.
?اعتمد في هذا الحكم على ما ورد في المادة 865 من المجلة وشرحها لعلي حيدر وهي تقابل المواد 471 مشروع اردني و472 سوري و625 عراقي.
اعتمد في هذا التعريف على المادتين 1329 و1330 من المجلة وشرحهما لعلي حيدر والاتاسي والمادة 747 من مرشد الحيران مع ملاحظة عدم الاخذ بشركة المفاوضة كما هو مذهب الامام الشافعي والحنابلة ايضا ، كما يتبين من ص/206 ج/3 من كتاب الام للشافعي ومن الصفحة 63-76 من ج/3 من كتاب الفقه علي المذاهب الاربعة وص/57 ج/6 من بدائع الصنائع والفقرة 1239 من الجزء الثامن من كتاب المحلي وما تضمنته المادة 1331 من المجلة من ان وقوع شركة المفاوضة نادر . وقول الاستاذ علي حيدر في شرحها بان شركة المفاوضة في زماننا كالمعدوم ، والصفحة 145 من المختصر النافع في فقه الامامية ولان كلا من الحنابلة والظاهرية والجعافرة انكروا شركة المفاوضة كما ذكره الدكتور عبد العزيز الخياط في كتاب الشركات ج/2ص9-11 ، وهي تقابل المواد 472 مشروع اردني و473 سوري و626 عراقي.
سبق ان اوضحنا في النظرة العامة الواردة قبل المادة (50) من هذا المشروع راي الاسلام في الاشخاص الحكميين بصورة مبسطة وان الشركات تعتبر في مقدمة الاشخاص الحكميين ويمكن بالاضافة الى ذلك مراجعة المواد 37 و43 و44 و58 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والاتاسي واحكام الوقف في الصفحة 419 من رد المحتار ج/3 وقياسا على وجود ذمة مستقلة لبيت المال والوقف والتركة وجريا مع العرف والصفحة 211 من كتاب الشركات القسم الاول للدكتور عبد العزيز الخياط وما استنتجه من تعبير القرافي للشخص الحي في ص/235 من كتاب انوار البروق ج/2 ومن تهذيب الفروق لمحمد بن حسين المالكي ص/237 ج/3 ، وهي تقابل المواد 473 مشروع اردني و474 سوري و627 عراقي.
مصدر هذا الحكم ما ورد في المادة 58 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والاتاسي وما ورد في شرح المادة 1330 من المجلة وشرحها لعلي حيدر من انه من اللائق ان ينظم سند بعقد الشركة يذكر فيه راس المال وتقسيم الربح وطريقة العمل وتاريخ العقد وما جاء في ص/155 من ج/11 من كتاب المبسوط للسرخسي تعليقا على قوله تعالى ( يا ايها الذين امنوا اذا تداينتم بدين الى اجل مسمى فاكتبوه ).
ان المقصود بالكتاب التوثق والاحتياط ، فينبغي ان يكتب على اوثق الوجوه ويتحرز فيه من طعن كل طاعن ، وهذه المادة تقابل المادة 474 مشروع اردني و475 سوري و628 عراقي.
يعرف مصدر هذا الحكم من الرجوع الى المواد 1338 -1341 و1351 و1363 و 1365 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والاتاسي وبدائع الصنائع ص/59 - 60 ج/6 ونهاية المحتاج ص/7 و8 ج/5 والمغنى ص/124 -127 ج/5 ومذهب الملكية ص 81-83 ج/3 من كتاب الفقه على المذاهب الاربعة وص/106 - 148 من كتاب الشركات القسم الاول للدكتور الشيخ عبد العزيز الخياط.
?يعرف مصدر هذا الحكم من الرجوع الى المواد 1349 و1367 و 1368 و1370 و 1371 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والاتاسي ورد المحتار ص/342 ج/3 وبدائع الصنائع ص/62 ج/6 وتحفة الفقهاء ص/4 ج/3 والمغنى ص/140 وما بعدها ج/5 وكتاب الشركات القسم الاول للدكتور الخياط ص/153 - 163 .
ولان المقصود من حق المنفعة هنا هو حقوق الارتفاق ( السكني وامثالها ) وهذه لها حكم العقار فيسري عليها حكم البيع عند الاستحقاق والهلاك.
اما حق الانتفاع بالمال اذا كان هو حصة الشريك بالشركة فيسري عليها حكم الايجار ، وهي تقابل المواد 511 مصري و478 مشروع اردني و479 سوري و631 عراقي.
?مصدر احكام هذه المواد يعرف من مراجعة المواد 83 و87 و1336 و1337 و1369 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والاتاسي وكتاب بدائع الصنائع ج/6 ص/59 والمادة 748 من مرشد الحيران.
وهي تقابل المواد 479 - 482 مشروع اردني و480 - 483 سوري و632 -635 عراقي و 512 -515 مصري.
?مصدر هذا الحكم يعرف من مراجعة المادتين 1333 و1350 من المجلة وشرحهما لعلي حيدر والاتاسي والمادة 763 من مرشد الحيران والمغنى ج/5 ص 18 و129 ورد المحتار ج/3 ص/377 والزيلعي ج/2 ص/350 والمدخل الفقهي العام للاستاذ الزرقا ج/1 ص /245 وكتاب الشركات للدكتور الخياط ص/247 - 250 ج/1 ، وهي تقابل المواد 487 مشروع اردني و488 سوري و640 عراقي.
?مصدر حكم هذه المادة يعرف من مراجعة المواد 1375 و1382 و 1465 و1521 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والاتاسي والمادتين 925 و970 من مرشد الحيران ومن رد المحتار ج/3 ص/347ونهاية المحتاج ج/5 ص/9 وهي تقابل المواد 483 - 485 مشروع اردني و484 -486 سوري و636 - 638 عراقي .
?يعرف مصدر هذا الحكم من الرجوع الى ما قرره الفقهاء من جواز تعيين اجر المثل للوصي او المتولي على الوقف لقاء عمله خصوصا بعد اعتبار الشخصية المعنوية للشركة فيقاس عليه المدير للشركة وايضا ما ورد في المادتين 43 و44 من المجلة وشرحهما لعلي حيدر وما ذكره الدكتور الخياط في كتاب الشركات ج/1 ص/263 .
يعرف مصدر حكم هذه المادة من الرجوع الى المواد 1465 و1466 و1521 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والاتاسي ، وهي تقابل المواد 483 و484 مشروع اردني و484 و485 سوري و636 و637 عراقي .
?مصدر حكم هذا المادة يعرف من الرجوع الى المادة 1523 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والاتاسي وبدائع الصنائع ج/6 ص/ 77 وهي تقابل المواد 483 مشروع اردني و484 سوري و636 عراقي.
مصدر حكم هذه المادة يعرف من الرجوع الى المادتين 1350 و 1375 من المجلة وشرحهما لعلي حيدر والاتاسي ورد المحتار ص/347 ج/3 . وهي تقابل المواد 486 مشروع اردني و 487 سوري و 639 عراقي .
مصدر حكم هذه المادة يعرف من الرجوع الى المادة 1350 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والاتاسي وبدائع الصنائع ص/68 ج/3 ورد المحتار ص/354 و 355 ج/3 والمغنى ص/46 ج/5 . وهي تقابل المواد 488 مشروع اردني و 489 سوري و 641 عراقي .
مصدر حكم هذه المادة يعرف من الرجوع الى المواد 922 و 924 و 1350 و 1355 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والاتاسي والمواد 750 - 753 من مرشد الحيران . وهي تقابل المواد 489 مشروع اردني و 490 سوري و 642 عراقي .
مصدر حكم هذه المادة يعرف من الرجوع الى المواد 87 و 1335 و 1369 و 1377 و 1384 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والاتاسي . وهي تقابل المواد 490 و 491 مشروع اردني و 491 و 492 سوري و 643 عراقي .
مصدر حكم هذه المادة يعرف من الرجوع الى المواد 58 و 1357 و 1376 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والاتاسي وهي تقابل المواد 492 مشروع اردني و 493 سوري و 645 عراقي .
مصدر حكم هذه المادة يعرف من الرجوع الى المواد 1352 - 1354 من المجلة وشرحها لعلي حيدر . وهي تقابل المواد 493 - 497 مشروع اردني و 494 - 498 سوري و 646 عراقي .
الاصل في عقد الشركة ان يبين لها مدة تنتهي عنده وتعيين هذه المدة يكون بالاتفاق بين الشركاء فاذا فرض ان الشركاء قد اتفقوا قبل نهاية المدة على زيادة المدة كان ذلك استمرارا للشركة وزيادة في الاجل المحدد منهما سابقا واما اذا كان مد اجل الشركة بعد انقضاء المدة المتفق عليها فيكون هذا اتفاقا جديدا خاضعا لاحكامه على ان لا يلحق الاخرين من ذلك ضرر كالدائنين ، والمسلمون عند شروطهم والمعروف عرفا كالمشروط شرطا ، ويلزم مراعاة الشرط بقدر الامكان ، ولا ضرر ولا ضرار كما هو واضح من المواد 19 و 43 و 83 من المجلة وشرحها لعلي حيدر ولذلك وضعت هذه المادة لتغطية احكام الحالتين المشار اليهما وهو ما لا بد منه ، وهذه المادة تقابل المواد 493 مشروع اردني و 647 عراقي و 494 سوري و 526 مصري .
ان عقد الشركة من العقود التي يتم الاتفاق فيها بين المتعاقدين على الشروط والكيفية التي يرى الشركاء فيها مصلحة لهم فاذا اتفقوا حين العقد على ان تستمر الشركة في حال انسحاب احدهم او افلاسه او الحجر عليه او في اية حالة اخرى كان ذلك شرطا واتفاقا يجب لتنفيذه اذا لم يكن هناك مانع شرعي عملا باحكام المادة 83 من المجلة وشرحها لعلي حيدر واذا لم يشترطوا هذا الشرط كان للشركاء حق الاستمرار بالشركة واذا مات احدهم او فقد اهليته فللورثة او لمن يمثل فاقد الاهلية ان يقوم مقامه عملا بالقواعد العامة وما جاء في رد المحتار ج/3 ص/542 والمغني لابن قدامه ج/5 ص/134 وكتاب الشركات للدكتور الخياط ج/1 ص/348 - 349 . وعلى هذا الاساس وضعت هذه المادة . وهي تقابل المواد 495 مشروع اردني و 496 سوري و 648 عراقي و 528 مصري .
ان الاصل في العقود تحقيق المصلحة وعدم الضرر او الاضرار بالاخرين واذا وقع ضرر فينبغي تمكين المتضرر من طلب ازالته ورفعه عنه ، وتوفير مصلحة الناس واستقرارهم في المعاملات مما يجب تأمينه في التشريعات والقوانين كما يتبين ذلك من المواد 19 و 20 و 58 من المجلة وشرحها لعلي حيدر لذلك وضعت المادتان المشار اليهما تحقيقا لما ذكر وهما تقابلان المواد 497 و 498 مشروع اردني و 498 و 499 سوري و 530 و 531 مصري و 649 و 650 عراقي .
مصدر احكام هاتين المادتين يتبين من مراجعة المواد 1114 و 1120 و 1122 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والاتاسي وما ذكره الدكتور الخياط في كتابه الشركات القسم الاول ص/365 وما بعدها . وهي تقابل المواد من 499 - 502 مشروع اردني و 500 - 503 سوري و 651 - 653 عراقي .
مصدر احكام هاتين المادتين يتبين من مراجعة المواد من 1127 - 1151 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والاتاسي وما ذكره الدكتور الخياط في كتابه الشركات صفحة 374 القسم الاول . وهي تقابل المواد 502 و 504 مشروع اردني و 503 و 505 سوري و 654 و 656 عراقي .
ان الشركة من انواعها شركة الملك وهي اشتراك اثنين او اكثر بسبب من اسباب الملك كالاشتراء والوصية والتوارث كما ذكر في المادة 1060 من المجلة وشرحها لعلي حيدر وبما ان حقوق الدائنين مقدمة على حقوق المساهمين في الشركة لانها حق للغير ، والتركة حين قسمتها انما تقسم على الورثة بعد اخراج ما استحق للاخرين من وصية او دين عملا بالاية الكريمة (من بعد وصية توصون بها او دين) ومن العدالة والانصاف ان تقاس الشركة الناشئة من غير الارث على الشركة التي نشأت بسب الارث رعاية لحقوق الدائنين ولذلك وضعت المادة على هذا الاساس مع ملاحظة ان يتحمل كل من الشركاء من الخسارة النسبة المتفق عليها كما ينال من الربح عملا بقاعدة (الغرم بالغنم) ويراجع في ذلك المادتان 87 و 1152 من المجلة وشرحهما لعلي حيدر والاتاسي وكتاب الشركات للدكتور الخياط ج/1 ص/375 ، وهي تقابل المواد 503 مشروع اردني و 504 سوري و 655 عراقي .
مصدر حكم هذه المادة يرجع فيه الى المادة 1385 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والاتاسي ورد المحتار ص/347 ج/3 وتحفة الفقهاء ص/9 ج/3 وبدائع الصنائع ص/57 ج/6 والفقه على المذاهب الاربعة ص/68 ج/3 ، وهي تقابل المادة 676 عراقي .
مصدر حكم هذه المادة يتبين من الرجوع الى المواد 1386 و 1388 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والاتاسي ورد المحتار ج/3 ص/348 وتحفة الفقهاء ج/3 ص/10 وبدائع الصنائع ج/6 ص/76 والمغني ج/5 ص/113 و 114 ، وهي تقابل المادة 677 عراقي .
مصدر حكم هذه المادة هو المذهب الحنفي والمذهب الحنبلي كما يتضح من مراجعة المادة 1389 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والاتاسي وبدائع الصنائع ج/6 ص/76 والمغني ج/5 ص/114 . وهي تقابل المادة 678 عراقي .
مصدر حكم هذه المادة هو المذهب الحنفي والمذهب الحنبلي كما يتضح من مراجعة المادتين 1390 و 1391 من المجلة وشرحهما لعلي حيدر والاتاسي وتحفة الفقهاء ج/3 ص/11 والمغنى ج/5 ص/114 ، وهي تقابل المادة 679 عراقي .
مصدر حكم هذه المادة هو المذهب الحنفي والمذهب الحنبلي كما يتضح من مراجعة المادة 1392 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والاتاسي وتحفة الفقهاء ج/3 ص/11 وبدائع الصنائع ج/6 ص/76 والمغني ج/5 ص/115 . وهي تقابل المادة 680 عراقي .
مصدر حكم هذه المادة هو المذهب الحنفي كما يتبين من مراجعة المادة 1393 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والاتاسي وتحفة الفقهاء ج/3 ص/11 - وبدائع الصنائع ج/6 ص/76 وهي تقابل المادة 681 عراقي .
مصدر حكم هذه المادة هو المذهب الحنفي والمذهب الحنبلي كما يتبين من مراجعة المواد 1394 - 1397 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والاتاسي ورد المحتار ج/3 ص/349/ وبدائع الصنائع ج/6 ص/64 و 65 وتحفة الفقهاء ج/3 ص/9 والمغنى ج/5 ص/113 وهي تقابل المادة 682 عراقي .
مصدر حكم هذه المادة هو المذهب الحنفي والمذهب الحنبلي كما يتبين من مراجعة المادتين 83 و 1397 من المجلة وشرحهما لعلي حيدر والاتاسي والمغنى ج/5 ص/115 و 116 ، وهي تقابل المادة 683 عراقي .
مصدر احكام هاتين المادتين المذهبان الحنفي والحنبلي كما يتبين من مراجعة المواد 83 و 1332 و 1399 - 1403 من المجلة وشرحها لعلي حيدر ورد المحتار ج/3 ص/348 وبدائع الصنائع ج/6 ص/65 وتحفة الفقهاء ج/3 ص/8 والمغنى ج/5 ص122 ومذهب الحنابلة من كتاب الفقه على المذاهب الاربعة ص/75 ج/3 وهما تقابلان المواد 657 - 659 من القانون العراقي .
اعتمد في احكام المضاربة على المذهب الحنفي كما يتبين من مراجعة المواد 19 و 924 و 1404-1430 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والاتاسي ورد المحتار ج/4 ص /483 - 490 وبدائع الصنائع ج/6 ص/79 -115 وتحفة الفقهاء ج/3 ص/17 وما بعدها وهي تقابل المواد من 660-675 من القانون العراقي .
اعتمد في احكام القرض على المذهب الحنفي وبعض الاراء في المذاهب الاخرى ، كما يتبين من مراجعة المواد 796 - 809 من مرشد الحيران و231 - 239 من التقنين الحنفي مع مذكرتها الايضاحية وفصل القرض من رد المحتار ج/4 ص/171 وما بعدها ومباحث القرض من كتاب الفقه على المذاهب الاربعة ج/2 ص/338 - 345 وكتاب القرض من المحلي ج/87 ص/462 - 479 ، وهذه المواد تقابل المواد من 505 - 511 مشروع اردني ومن 506 - 512 سوري و 684 - 693 عراقي .
مصدر احكام هذا العقد هو المذهب الحنفي كما يتبين من مراجعة المواد 51 و 972 و 978 و 1539 - 1558 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والاتاسي ومرشد الحيران من المادة 1026- 1049 . وكتاب الصلح في بدائع الصنائع ج/6 ص/39 - 56 ورد المحتار ج/4 ص/472 - 478 . وهذه المواد تقابل المواد 516 - 524 مشروع اردني و 517 - 525 سوري و 698 الى 721 عراقي .
مصدر حكم هذه المادة المذهب الحنفي والمذهب الحنبلي كما يتبين من مراجعة المادة 405 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والمادة 577 مرشد الحيران ورد المحتار ج/5 ص/2و3 والصفحة 98 من كتاب الفقه على المذاهب الاربعة ج/3 . وهي تقابل المواد 525 مشروع اردني و526 سوري و722 عراقي و558 مصري.
مصدر حكم هاتين المادتين المذهب الحنفي كما يتبين من مراجعة المواد 444 و 446 و 447 من المجلة وشرحها لعلي حيدر . والمادة 579 من مرشد الحيران وهما تقابلان المواد 526 و 527 مشروع اردني و 527 و 528 سوري و 723 الى 725 عراقي .
مصدر حكم هاتين المادتين هو المذهب الحنفي كما يتبين من مراجعة المواد 420 و 451 و 457 من المجلة وشرحها لعلي حيدر و 580 من مرشد الحيران .
مصدر حكم هذه المواد هو المذهب الحنفي كما يتضح من مراجعة المواد 450 و 462 - 466 و 470 من المجلة وشرحها لعلي حيدر و 580 و 588 من مرشد الحيران . وهي تقابل المواد 528 و 529 مشروع اردني و 529 و 530 سوري و 736 الى 738 عراقي .
هذه المواد تتعلق بكيفية دفع الاجرة اما معجلة او مؤجلة او مقسطة وبما ان المعول عليه في مثل هذه الحالة ما يتفق عليه المتعاقدان او ما يقضي به العرف ، وان بدء مدة العقد يسري من التاريخ المتفق عليه والا فمن تاريخ العقد كما موضح في المواد 43 و 64 و 83 و 469 و 470 و 473 و 475 و 477 و 485 و 486 من المجلة وشرحها لعلي حيدر و 581 - 586 من مرشد الحيران . وهي تقابل المواد 529 مشروع اردني و 530 سوري و 739 عراقي .
مصدر حكم هذه المادة يعرف من الرجوع الى المادة 494 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والاتاسي وهي تقابل المادة 530 مشروع اردني و 531 سوري و 741 عراقي .
ان تعيين مدة الاجارة امر لا بد منه في المذهب الحنفي بمقتضى المادة 451 من المجلة علي ان هذه المدة قد تكون طويلة بحيث تؤثر على اصحاب الحقوق وقد روي عن الامام الشافعي في مدة الاجارة اقوال احدها انا تصح الاجارة لثلاثين سنة والزيادة عنها ليست صحيحة كما هو مبسوط في الصفحة 429 من الجزء الاول بشرح المادة 452 من المجلة لعلي حيدر وبعض الحنفية يرون عدم جواز الاجارة لمدة طويلة لا يعيشها المتعاقدان عادة كما ذكره علي حيدر في شرح المادة 484 من المجلة . وقد وضعت المادة على هذا الاساس وروعي في الاحكام الباقية منها توفير المصلحة وتحقيق هدف المتعاقدين والعبرة في العقود للمقاصد والمعاني لا للالفاظ والمباني عملا بالمادة (3) من المجلة وشرحها لعلي حيدر ، وهي تقابل المواد 526 مشروع اردني و 527 سوري و 740 عراقي .
مصدر هاتين المادتين يعرف من الرجوع الى المادتين 440 و 484 من المجلة وشرحهما لعلي حيدر وما جاء في رد المحتار ج/5 ص/4-6 وهي تقابل المواد 526 و 599 مشروع اردني و 527 و 600 سوري .
مصدر حكم هذه المادة يعرف من الرجوع الى المواد 21 و 480 و 526 من المجلة وشرحها لعلي حيدر .
مصدر حكم هاتين المادتين يعرف من الرجوع الى المواد 2 و 3 و 19 و 420 و 582 و 583 من المجلة وشرحها لعلي حيدر و 577 من مرشد الحيران ورد المحتار ج/5 ص/2 و 3 .
مصدر حكم هاتين المادتين يعرف من مراجعة المواد 472 و 582 و 583 من المجلة وشرحها لعلي حيدر و 583 و 642 من مرشد الحيران . وهما تقابلان المواد 531 مشروع اردني و 532 سوري و 742 و 743 عراقي .
مصدر حكم هذه المادة يعرف من الرجوع الى المادتين 503 و 504 من المجلة وشرحهما لعلي حيدر وهي تقابل المواد 746 و 747 عراقي .
ان الاجارة هي بيع المنفعة المعلومة كما صرح في المادتين 405 و 420 من المجلة وشرحهما لعلي حيدر والمادة 577 من مرشد الحيران وما ورد في المراجع الفقهية المتعددة مثل رد المحتار ج/5 ص/2 و 3 وبداية المجتهد ج/2 . ولذلك يسري على تسليم العين المؤجرة وتوابعها ما يسري على تسليم المبيع من آثار ما لم يتفق الطرفان على خلاف ذلك عملا بالمادة 83 من المجلة وشرحها لعلي حيدر . وقد وضعت هذه المادة على الاساس المذكور .
مصدر حكم هذه المادة يعرف من الرجوع للمادتين 58 و 529 من المجلة وشرحهما لعلي حيدر والمادة 628 من مرشد الحيران وما ذكر في المذهب الحنبلي من جواز الفسخ في هذه الحالة كما يتبين من الرجوع للصفحتين 164 و 165 من كتاب الفقه على المذاهب الاربعة ج/3 والصفحة 26 و 27 من المغنى ج/5 وقياسا على احكام المادة 1313 من المجلة ، وهي تقابل المواد 534 و 535 مشروع اردني و 835 و 836 سوري و 750 عراقي .
مصدر حكم هذه المادة هو المذهب الحنفي كما يتبين من الرجوع الى المادة 530 من المجلة وشرحها لعلي حيدر ورد المحتار ج/5 ص/47 وما بعدها وهي تقابل المواد 534 من المشروع الاردني و 535 سوري و 763 عراقي .
مصدر حكم هذه المادة هو المذهب الحنفي كما يتبين من الرجوع الى المادتين 533 و 602 وشرحهما لعلي حيدر ، وهي تقابل المواد 548 مشروع اردني و 549 سوري .
ان هذه المواد تتعلق بالتزامات المستأجر وفي الحالات التي يجب فيها عليه الضمان او الحالات التي للمستأجر فيها ان يطالب الفسخ او انقاص الاجرة او تلزمه زيادة الاجرة فيما اذا سكت بعد طلب المؤجر زيادة معينة عند انتهاء المده وفي حالة ما اذا بيع المأجور بدون اذن المستأجر فان البيع وان كان نافذا بين البائع والمشتري فانه لا يؤثر ذلك على حق المستأجر وبما ان الغش والخداع ممنوع شرعا ويجب ان تتنزه عنه العقود فان كل اتفاق يقضي بالاعفاء من الضمان او العيب في حالة اخفاء المؤجر العيب عن غش لا يعتبر لان الشرط المقبول هو الذي لا يتعارض مع حكم الشرع وان هذه الاحكام يعرف مصدرها من الرجوع الى المواد 83 و 438 و 513 - 517 و 584 و 585 و 590 وشرحها لعلي حيدر والاتاسي والمواد 646 - 652 و 659 و 663 من مرشد الحيران ، وهي تقابل المواد 538 - 545 مشروع اردني و 539 - 546 سوري و 753 - 759 عراقي .
هذه المواد تتعلق بالتزامات المستأجر وفي وجوب محافظته على المأجور محافظة الشخص العادي وفي الحالات التي يضمن فيها فيما اذا تجاوز الحق المعطى له بمقتضى عقد الاجارة وان المأجور يعتبر امانة في يده لا يضمن ما يصيبه الا في حالة التعدي او التقصير وحكم ما يحدثه المستأجر من بناء او غراس على المأجور وتتبين الاحكام المشار اليها من الرجوع الى المواد 87 و 426 و 443 و 478 و 514 و 517 و 518 و 522 و 524 و 525 و 527 و 530 - 532 و 591 - 595 و 600 - 606 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والاتاسي . ورد المحتار ج/5 ص/47 وما بعدها والمواد 646 و 648 و 651 و 654 - 658 و 676 و 677 من مرشد الحيران ومذهب المالكية المبين في كتاب الفقه على المذاهب الاربعة ج/3 ص/160 .
وهذه المواد تقابل المواد 532 و 536 و 541 و 543 و 546 و 547 و 549 - 552 و 556 - 558 من المشروع الاردني و 532 و 537 و 542 و 544 و 547 و 548 و 550 الى 553 و 557 - 559 سوري والمواد 755 و 757 و 758 ومن المواد 760 - 764 عراقي .
ان هذه المواد تتعلق باحكام اعارة المأجور وتأجيره من قبل المستأجر وبيان الحالات التي يجوز له فيها ذلك والحالات التي لا يجوز له فيها ومصدر تلك الاحكام يتبين من الرجوع للمواد 426-428 و 443 و 528 و 549 و 552 و 586 و 587 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والاتاسي والمواد 639 - 644 من مرشد الحيران وما ذكر في المغنى ج/6 ص/53 من رواية اخرى في مذهب الامام احمد انه لا يجوز للمستأجر ان يؤجر المأجور لان النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ربح ما لم يضمن والمنافع لم تدخل في ضمانه ، وهذه المواد تقابل المواد 559 - 563 مشروع اردني و 560 - 564 سوري و 775-778 عراقي .
ان هذه المواد تتعلق بانتهاء عقد الاجارة والحالات التي يجوز للمؤجر او لاحد العاقدين فسخ العقد فيها وقد اختير في هذا القانون عدم انتهاء العقد او فسخه بوفاة احد العاقدين اعتمادا على مذاهب الائمة الثلاثة مالك والشافعي واحمد وخالف المشروع في هذا مذهب ابي حنيفة وقد اعتمد في ذلك على ما ذكره ابن رشد في بداية المجتهد ج/2 ص/192 وما ذكر في مباحث الاجارة من كتاب الفقه على المذاهب الاربعة ص/160 - 166 ج/3 .
وكما ان المشروع اعتمد على مذهب ابي حنيفة في جواز فسخ عقد الاجارة للضرر الطارىء كما ذكره ابن رشد ج/2 ص/191 من بداية المجتهد ويمكن معرفة باقي الاحكام من الرجوع الى المواد 438 و 440 و 443 و 592 و 596 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والاتاسي و 667 من مرشد الحيران ، وهي تقابل المواد 564 الى 567 مشروع اردني . والمواد 565 - 568 سوري و 783 - 785 عراقي .
مصدر حكم هذه المادة المذهب الحنفي كما يتبين من الرجوع الى المادتين 454 و 524 من المجلة وشرحهما لعلي حيدر والمادة 668 من مرشد الحيران وما ورد في رد المحتار في باب ما يجوز من الاجارة ج/5 ص/18 ، وهي تقابل المادة 794 عراقي .
مصدر احكام المواد المشار اليها اعلاه هو الفقه الحنفي كما يتبين من مراجعة الدر المختار ورد المحتار ج/5 ص/18 و 19 والمواد 408 و 523 من المجلة وشرحهما لعلي حيدر و 669 - 671 من مرشد الحيران . وهي تقابل المواد 795 - 797 من القانون العراقي .
مصدر حكم هذه المادة يعرف من الرجوع الى الدر المختار ورد المحتار ج/5 ص/18 والمادة 454 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والمادة 672 مرشد الحيران . وهي تقابل المادتين 576 و 577 مشروع اردني و 577 و 578 سوري و 798 عراقي .
مصدر حكم هاتين المادتين يعرف من الرجوع الى الدر المختار ورد المحتار ج/5 ص/18 والمادتين 525 و 526 من المجلة وشرحهما لعلي حيدر والمادتين 673 و 678 من مرشد الحيران ، وهما تقابلان المادتين 578 و 583 مشروع اردني و 579 و 584 سوري و 799 و 803 عراقي .
مصدر حكم هذه المادة هو المذهب الحنفي ويتبين من الرجوع الى المواد 19 و 426 و 603 من المجلة وشرحها لعلي حيدر و 654 من مرشد الحيران . وهي تقابل المواد 579 و 584 مشروع اردني و 580 و 585 سوري و 804 عراقي .
مصدر حكم هذه المادة يعرف من الرجوع الى المادتين 529 و 530 من المجلة وشرحهما لعلي حيدر . وهي تقابل المادة 580 مشروع اردني و 581 سوري .
ان هذه المواد تتعلق ببيان حكم ما اذا تعذر على المستأجر الاستفادة من الارض كما اذا انقطع الماء عنها واستحال ريها او حالت قوة قاهرة دون زراعتها او هلك الزرع قبل حصاده بسبب لا علاقة للمستأجر فيه ، وظاهر من هذه الاحوال انه طرأت ظروف لا يستطيع المستأجر دفعها وقد منعته من الوصول الى المنفعة المتعاقد عليها . وبما ان الضرر يدفع بقدر الامكان بمقتضى المادة (31) من المجلة وبما ان الغرم بالغنم ولم يتمكن المستأجر هنا من الوصول الى المنفعة فيحق له طلب الفسخ على ما وضح بالمادتين المذكورتين اولا وقد تضمنت المادة الثالثة ان المستأجر اذا نال ضمانا من اية جهة عما اصابه من ضرر فلا يحق له فسخ العقد او اسقاط شيء من الاجرة لانه لم يلحقه ضرر حتى يدفع او يزال وعلى هذا الاساس وضعت المواد الثلاث المشار اليها .
تراجع المادتان 674 و 675 من مرشد الحيران . وهذه المواد تقابل المواد 581 و 582 مشروع اردني 582 و 583 سوري و 800 - 801 عراقي .
ان هذه المواد تتعلق ببيان عقد المزارعة وشروط صحته وانه لا يجوز الاتفاق على ان يكون لاحد المتعاقدين مقدارا معين ولا اشتراط اخراج البذر او الضريبة من اصل المحصول وانه اذا لم تحدد مدة معينة للمزارعة انصرف العقد الى دورة زراعية واحدة واذا تم عقد المزارعة كان المحصول شائعا ويقتسمه المتعاقدان حسب اتفاقهما . ويتبين احكام المواد المذكورة من مراجعة كتاب المزارعة في الدر المختار ورد المحتار ج/5 ص/174 والمواد 83 و 1431 و 1434 - 1438 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والمواد 712 - 717 من مرشد الحيران ، وهي تقابل المواد 585 و 587 و 590 مشروع اردني و 586 و 588 و 591 سوري و 805 - 807 عراقي .
هذه المادة تتعلق ببيان حكم ما اذا استحقت ارض المزارعة بعد زرعها والاحوال التي يكون عليها طرفا العقد من حسن النية او سوءها ويمكن معرفة تفاصيل الاحكام المذكورة فيها من المواد 31 و 91 و 96 و 1438 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والمادتين 729 و 730 من مرشد الحيران .
ان المزارعة لها شبهان ، شبه بعقد الاجارة وشبه بالشركة ومع ان المشروع رجح جانب الشركة فيها الا انه يبقي لها بعض الاحكام تستقيها من الاجارة ولذلك فان الحكم الوارد في المادة المشار اليها يؤخذ من باب المزارعة ومن حكم اجارة الارض وعليه فان المادة المذكورة يمكن معرفة حكمها من الرجوع الى المواد 529 و 530 و 1436 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والمادة 672 من مرشد الحيران ، وهي تقابل المواد 588 مشروع اردني و 589 سوري و 809 عراقي .
ان هاتين المادتين تتعلقان بالالتزامات المترتبة على المزارع من صيانة الزرع والمحافظة عليه ونفقات مجاري الري وما ماثلها الى ان يحين اوان حصاد الزرع واما مؤونة الزرع بعد ادراكه والنفقات اللازمة فهي عائدة على المتعاقدين كل بقدر حصته وان على المزارع ان يبذل في الزراعة وفي المحافظة على الارض وتأدية واجباته ما يبذله الشخص العادي فاذا تهاون في ذلك كان مقصرا وحينئذ يضمن الضرر ويفهم احكام هاتين المادتين من الرجوع الى كتاب المزارعة في رد المحتار ج/5 ص/174 وما بعدها ومباحث المزارعة من كتاب الفقه على المذاهب الاربعة ج/3 ص/8 وما بعدها والمادة 721 من مرشد الحيران ، وهما تقابلان المادة 589 مشروع اردني و 590 سوري و 809 عراقي .
بما ان المزارع في المزارعة له شبه في المستأجر فليس له ان يؤجر الارض او يكل زراعتها لغيره الا برضى صاحب الارض فان فعل فلصاحب الارض فسخ المزارعة وقد فصلت الاحكام المتعلقة بذلك في هذه المادة ويمكن الرجوع الى شرح المادة 587 من المجلة لعلي حيدر والى ما جاء في الدر المختار ورد المحتار في كتاب المزارعة ج/5 ص/174 وما بعدها . وهي تقابل المواد 591 مشروع اردني و 592 سوري و 810 عراقي .
هذه المواد تتعلق ببيان حكم انتهاء عقد المزارعة سواء كان بانتهاء مدتها او بأي سبب اخر وبيان حكم ما اذا مات صاحب الارض او مات المزارع وموقف ورثة اي منهما من العقد ونتيجة المحصول والمستحق لكل من الطرفين او ورثتهما ويمكن معرفة تفاصيل هذه الاحكام من الرجوع للمواد 526 و 1439 و 1440 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والمواد 725 - 727 من مرشد الحيران ورد المحتار ج/5 ص/178 - 179 ، وهي تقابل المواد 592 و 593 مشروع اردني و 593 و 594 سوري و 812 - 815 عراقي .
مصدر حكم هاتين المادتين هو المذهب الحنفي كما يتبين من الرجوع الى كتاب المساقاة في رد المحتار ج/5 ص/181 ومن مذهب الحنفية من مباحث المساقاة في كتاب الفقه على المذاهب الاربعة ج/3 ص/25 والمواد 1441 و 1444 و 1446 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والمادة 731 من مرشد الحيران ، وهما تقابلان المادة 816 عراقي .
مصدر حكم هاتين المادتين يعرف من الرجوع الى رد المحتار ج/5 ص/181 وما بعدها والمواد 1442 و 1445 - 1447 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والمواد 733 و 734 من مرشد الحيران وكتاب المساقاة من نهاية المحتاج ج/5ص/258 . وهما تقابلان المواد 817 و 818 عراقي .
مصدر حكم هذه المادة يعرف من الرجوع الى رد المحتار ج/5 ص/185 وبدائع الصنائع ج/6 ص/187 وكتاب الفقه على المذاهب الاربعة ج/3 مذهب الحنفية ص/26 والمادة 743 من مرشد الحيران ونهاية المحتاج ج/5 ص/258 . وهي تقابل المادة 819 عراقي .
خولف رأي الفقهاء من بعض الوجوه في هذه المادة حيث كانوا يوجبون اجر مثل المساقي الثاني على الاول ويجعلون الثمر كله لصاحب الشجر دون مقابل ، ومستند العدول عن هذا الى التفصيل الذي اقر في هذه المادة هو انه من غير المعهود فقها ان يضمن الانسان شيئا وتكون ثمرته لغيره فاذا كان المساقي الاول ظالما بالتسليم الى المساقي الثاني فان القاعدة ان المظلوم ليس له ان يظلم غيره والمساقي الاول ليس اسوا حالا من الغاصب وقد نصوا على ان الغاصب لو زاد في المغصوب زيادة لا تقبل الفصل كان المغصوب منه بالخيار اما ان يأخذه في الزيادة ويؤدي قيمتها للغاصب او ان يطرحه على الغاصب ويضمنه قيمته قبل الزيادة كما نصوا في غاصب الغاصب انه اذا اختار المالك تضمين الغاصب فعندئذ يملك الغاصب المغصوب فيحق له تضمين غاصبه الثاني ولذا اختير الحكم المفضل في هذه المادة لانه اعدل واضمن لجميع الحقوق واجدى من غيره مع حفظ حق صاحب الشجرة في ضمان الضرر ان لحق بالمحل ضرر مع تبدل المساقي ومع ملاحظة ان رأي الفقهاء المعدول عنه هو مجرد اجتهاد في الوجه الاعدل وليس مستندا الى آية او حديث .
وتراجع ايضا المادة 736 من مرشد الحيران ورد المحتار ج/5 ص/181 .
مصدر حكم هذه المادة يعرف من الرجوع الى المواد 31 و 91 و 96 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والمادة 737 من مرشد الحيران وكتاب المساقاة من نهاية المحتاج ج/5 ص/260 .
مصدر حكم هذه المادة يعرف من الرجوع الى المادة 738 من مرشد الحيران ورد المحتار ج/5 ص/185 ونهاية المحتاج ج/5 ص/260 وهي تقابل المادة 820 عراقي.
ان هاتين المادتين تتعلقان ببيان الاحكام فيما اذا انقضت مدة المساقاة او توفي صاحب الشجر او المساقي فاذا انقضت المدة انتهى العقد وقد تضمنت المادة 744 بيان الحالة التي للمساقي فيها الخيار والحالة التي لصاحب الشجر فيها الخيار وقد بينت المادة 745 ان صاحب الشجر اذا توفي لا تنفسخ المساقاة وليس لورثته منع المساقي من متابعة عمله . اما اذا توفي المساقي فلورثته الا اذا كان مشروطا على المساقي ان يعمل بنفسه فان المساقاة تنفسخ بوفاته ويمكن معرفة الاحكام المفصلة في المادتين . من الرجوع الى المادة 1448 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والمواد 735 و 740 - 742 من مرشد الحيران مع ملاحظة انه اخذ في موضوع وفاة احد الطرفين في المساقاة تارة بمبدأ عدم الانفساخ كما عليه المذهب الشافعي وتارة بمبدأ الانفساخ كما عليه المذهب الحنفي حسب مادة المجلة المشار اليها وذلك اذا كانت المساقاة مشروطا فيها على المساقي ان يعمل بنفسه واعطي الحق بفسخ المساقاة حينما تقتضي ذلك المصلحة اخذا بمبدأ الفسخ للاعذار في العقود المستمرة كالمساقاة والاجارة ، لان المساقاة اذا كانت لمدة طويلة واعباؤها كثيرة فقد يلحق الورثة من استمرار العقد ضرر فاعطوا حق الفسخ فيما بعد انقضاء الموسم الذي حصلت فيه الوفاة منعا للضرر وليتمكنوا من تصفية علاقاتهم بالتركة .
ان المساقاة اعطيت حكم المزارعة في كثير من الحالات وقد صرح في كتاب رد المحتار بانها كالمزارعة حكما وخلافا فيما عدا اشياء معينة ولذلك فان المساقاة في الاحكام التي لا نص فيها تسري عليها احكام المزارعة كما يتبين من مراجعة رد المحتار ج/5ص/181 وبدائع الصنائع ج/6ص/188 .
?ان المادة 747 بينت جواز المغارسة على الوجه الموضح فيها في حال بيان مدة معينة في العقد وهي في الحقيقة نوع من المساقاة وقد ذكر حكمها في باب المساقاة من كتاب رد المحتار ولذلك تسري احكام المساقاة على المغارسة فيما لا نص عليه ولا يتعارض مع طبيعتها كما بين في المادة 748 ويمكن معرفة تلك الاحكام من الرجوع الى رد المحتار ج/5 ص/183 والمواد 31 و 83 و 91 و 96 من المجلة وشرحها لعلي حيدر وهما تقابلان المواد 824 - 833 من القانون العراقي .
مصدر حكم هذه المادة يعرف من الرجوع الى رد المحتار ج/3 ص/396 وما بعدها والمادة 681 من مرشد الحيران والمادتين 158 و 271 من كتاب قانون العدل والانصاف ونهاية المحتاج ج/5 ص/389 وهي تقابل المادتين 594/1 مشروع اردني و 595/1 سوري .
مصدر حكم هذه المادة يعرف من الرجوع الى رد المحتار ج/3 ص/429 والمادة 195 من كتاب قانون العدل والانصاف للقضاء على مشاكل الاوقاف ، وهي تقابل المادتين 596 مشروع اردني و 597 سوري .
مصدر حكم هذه المادة يعرف من الرجوع الى رد المحتار ج/3 ص/399 و 400 والمادتين 271 و 272 من كتاب قانون العدل والانصاف والمادتين 681 و 682 من مرشد الحيران ، وهي تقابل المواد 594/2 و 595 مشروع اردني و 595/2 و 596 سوري .
ان المواد المشار اليها اعلاه تتعلق باحكام اجارة الوقف وضرورة التقيد بمراعاة شرط الواقف فيها ان وجد اولا يتنافى مع المصلحة والا لجأ المتولي الى القاضي ليتحقق مصلحة الوقف ويأذنه بما تقتضيه تلك المصلحة واذا لم يحدد الواقف مدة بين المشروع ان الاراضي تؤجر لمدة ثلاث سنين على الاكثر والعقارات الاخرى لمدة سنة الا اذا اقتضت المصلحة غير ذلك وانه على اي حال يجب ان تكون الاجرة هي اجرة المثل وانه اذا طرأ على موقع عقار الوقف تحسن في ذاته وادى ذلك الى زيادة الاجرة زيادة فاحشة يخير المستأجر بين الفسخ او قبول اجر المثل الجديد كما بين المشروع حالة البناء او الغرس في العين الموقوفة بأذن المتولي او بغير اذنه وان المشروع راعى المصلحة في اخذ رأي وزارة الاوقاف فيما تقتضيه مصلحة الوقف عند لزوم اذن القاضي في التصرف وانه في غير الاحكام المبينة في ايجار الوقف تسري احكام عقد الايجار عليها ويتبين تفاصيل هذه الاحكام من الرجوع الى المادة 58 من المجلة وشرحها لعلي حيدر ومن فصل احكام اجارة الوقف في رد المحتار ج/3 ص/391 و 392 و 396 - 400 والمواد 683 - 695 من مرشد الحيران والمواد من 181 و 211 و 273 - 285 من كتاب قانون العدل والانصاف .
وهذه المواد تقابل المواد 596 - 600 مشروع اردني و 597 - 601 سوري .
مصدر احكام هذه المواد يعرف من الرجوع الى بدائع الصنائع ج/ 6ص / 214و 215 ورد المحتار ج / 4ص/502 وما بعدها وكتاب الفقه على المذاهب الاربعة ج/3ص/270 وما بعدها والمواد 808 و 810 و 811 من المجلة وشرحهما لعلي حيدر والاتاسي والمادتين 773 و 774 من مرشد الحيران. وهي تقابل المواد 601 مشروع اردني و 602 سوري و 847 عراقي .
مصدر حكم هاتين المادتين يعرف من الرجوع الى بدائع الصنائع ج/ 6ص/216 وما بعدها ورد المحتار ج/4ص/ 502 وكتاب الفقه على المذاهب الاربعة ج/3ص /277 و 283 والمادتين 806 و 813 من المجلة وشرحهما لعلي حيدر والاتاسي والمادة 785 من مرشد الحيران , وهما تقابلان المادة 857 من القانون العراقي .
مصدر حكم هذه المادة يعرف من الرجوع الى المادة 809 من المجلة وشرحها لعلي حيدر ورد المحتار ج/4ص/ 506 .
مصدر حكم هذه المادة يعرف من الرجوع الى المادة 822 من المجلة وشرحها لعلي حيدر .
بما ان المستعير يملك منفعة العارية بدون مقابل فليس للمستعير ان يطلب منه اجرة بعد الاستعمال كما هو صريح المادة 812 من المجلة وشرحها لعلي حيدر ، وهي تقابل المواد 602 مشروع اردني و 603 سوري و 848 عراقي .
هذه المادة تتعلق ببيان حكم استحقاق العارية وحال ضمان المعير ومسؤوليته عن اي ضرر يلحق بالمستعير وباقي الاحكام المبينة فيها وقد ذكرت الاحكام استنادا الى المواد 19 و 83 و 813 و 814 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والاتاسي حسب ما تقتضيه العدالة والمصالح المرسلة . وهي تقابل المواد 603 مشروع اردني و 604 سوري و 850 عراقي .
ان هذه المادة تضمنت حكم رجوع المعير قبل حلول الاجل . وفي حالة لحوق المستعير ضررا بسبب ذلك فليزم على المعير تعويضه عن ضرره عملا بقاعدة لا ضرر ولا ضرار كما انه اذا رجع المعير في حالة يجعل المستعير في حرج فحينئذ تنقلب الاعارة الى اجارة وللمستعير حق استبقائها الى ان يزول الحرج لقاء اجر المثل عن المدة التي تلي الرجوع كما يتبين من المواد 19 و 831 و832 من المجلة وشرحها لعلي حيدر و 788 من مرشد الحيران ومذهب الحنابلة المبين في الصفحة 279 من كتاب الفقه على المذاهب الاربعة ج/3 .
ان المواد المشار اليها اعلاه توضح احكام التزامات المستعير الناتجة عن ان العين المستعارة امانة في يده فيجب عليه صيانتها وحفظها فاذا قصر او خالف مقتضى العقد كان ضامنا وانه لا يجوز له ان يستعملها استعمالا مخالفا للمشروط او المعتاد والا كان ضامنا كما لا يجوز له ان يرهنها او يؤجرها او يتصرف فيها تصرفا يرتب لاحد حقا في منفعتها او عينها وهذا لا يمنعه من ان يودع العارية لدى شخص امين قادر واذا هلكت عند المودع بلا تعد ولا تقصير فلا ضمان عليه ويمكن معرفة تفاصيل هذه الاحكام على الوجه الواردة في المواد المشار اليها من الرجوع الى بدائع الصنائع ج/6ص/215 و 216 وكتاب الفقه على المذاهب الاربعة ج/3ص/283 وما بعدها والمغنى ج/ 5ص/ 316 وما بعدها والمواد 815 و 818 و 821 و823 و 824 و827 و830 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والاتاسي والمواد 776 - 778 - 784 و790 -793 من مرشد الحيران . وهذه المواد تقابل المواد 604- 606 مشروع اردني و 605 - 607 سوري و 851 - 859 عراقي .
ان المواد المشار اليها اعلاه تتعلق ببيان الاحكام عند انتهاء الاعارة سواء كان ذلك برجوع المعير او المستعير او موت احدهما او انتهاء الاجل المتفق عليه او استيفاء المنفعة التي وقعت الاعارة من اجلها وكيفية تسليم المستعير العارية او ورثته في حال موته والتفاصيل المتعلقة بذلك ويمكن معرفة هذا كله من الرجوع الى بدائع الصنائع ج/6ص/216- 218 والمواد 814 و 825- 829 من المجلة وشرحها لعي حيدر والاتاسي و 785 و 786 و 795 من مرشد الحيران ، وهي تقابل المواد 607 الى 610 مشروع اردني و 608- 611 سوري و 860- 863 عراقي .
1. نظرة عامة :
اتسع ميدان العمل والصناعة واتجه الناس الى رفع شان العامل والاعراض عن تسمية الواحد من اصحاب المهن بالاجير ، وجرى العرف بينهم على اصطلاح عقد المقاولة عوضا عن عقد الاستصناع الذي كان الفقهاء يستعملونه كما ورد في بدائع الصنائع ، والفصل الرابع من الباب السابع في بيان الاستصناع من الهبة .
وعوضا عن استئجار الاجير كما ورد في المجلة وغيرها من المراجع الفقهية واصبح مفهوم عقد المقاولة شاملا بصورة تستتبع الاخذ بهذا الاصطلاح الجديد تقريرا للواقع وتمشيا مع العرف فيما لا يناقض اية قرانية او سنة نبوية مع اخضاع هذا العقد للاحكام الخاصة بالاستصناع والاجير المشترك على اساس مماثلتها بما استجد من الحوادث وقد غلب استعمال الاجر على الثمن باعتبار ان الاستصناع بيع شرط فيه العمل ، وقد رؤي ان يوضع عوضا عن كلمة ( الاجر ) كلمة ( البدل) لتشمل الثمن والاجرة وقد رؤي استبعاد الاحكام التصلة بالتزام المرافق العامة لانه تغلب على عقودها الصبغة الادارية وتختلف احكامها بالنسبة لطبيعة كل عقد .
ب. ان المواد الثلاثة المشار اليها اعلاه ، تضمنت بيان عقد المقاولة وما يجب ان يشتمل عليه من توضيحات واوصاف ومدة وانواع العقد . وقد اعتمد في احكامها على ما ورد في كتاب الاستصناع اول الجزء الخامس من بدائع الصنائع وعلى ما جاء في الصفحة 106 ج/ 6 من المغني والمواد 388 و 390 و 421 و 422 و 463 و 562 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والاتاسي والمواد 569 و 571 و600 و604 6016 من مرشد الحيران ، وهي تقابل المواد 611و 612 مشروع اردني و612 و 613 سوري و 684 و 865 عراقي .
ان المواد المشار اليها اعلاه تبين التزامات المقاول وما يجب عليه القيام به بمقتضى العقد ما لم يقض الاتفاق او العرف بغير ذلك وانه ملزم بضمان ما تولد عن فعله وصنعه من ضرر او خسارة سواء كان هذا بتعديه او بتقصيره ام لا ، ويستثنى من ذلك ما اذا وقع الضرر بسبب حادث لا يمكن التحرز عنه كما بينت المواد الحالات التي يجوز للمقاول حبس العين التي تعلقت بها المقاولة والحالات التي لا يجوز له حبسها فيما وما يترتب على كل من الحالات المشار اليها . وبينت ايضا احكام ما اذا كان عقد المقاولة قائما على اقامة بناء يضع المهندس تصميه على ان ينفذه المقاول تحت اشرافه وانهما في تلك الحالة يكونان متضامنين في التعويض لصاحب العمل في خلال المدة المشار اليها فيما واما اذا اقتصر عمل المهندس على وضع التصميم دون الاشراف على التنفيذ فانه يكون مسؤولا فقط عن عيوب التصميم لان الخراج بالضمان والغرم بالغنم كما هو مبين فقها وشرعا وانه لا يجوز وضع شرط في العقد يقصد به اعفاء المقاول او المهندس من الضمان او الحد منه لان ذلك يتنافى مع المصلحة ومع حق الاخرين واحتاط المشروع فبين انه لا تسمع دعوى الضمان بعد انقضاء سنة على حصول التهدم او اكتشاف العيب اخذ بمبدا المنع من سماع الدعوى وتخصيص القضاء وتتضح الاحكام التفصيلية المشار اليها في المواد المذكورة من الرجوع الى بدائع الصنائع ج/4ص/ 2101 وما بعدها والمغنى ج/6 ص /33 و36 وما بعدها ورد المحتار ج/5 ص/ 10و 11 وتحفة الفقهاء ج /2 ص /484 والمواد 43 و 58 و83 و85 و 87 و 88 و 392 و 403 و 483 و 482 و 483 و 574 و 608 و609 و611 و891 و1387 و1398 و1660 و 1801 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والاتاسي والمواد 630- 632 من مرشد الحيران ، وهي تقابل المواد 612 - 619 مشروع اردني و 613 - 620 سوري و 866- 872 عراقي .
ان هذه المواد تتعلق بالتزامات صاحب العمل وانه يجب عليه ان يتسلم . ما تم من العمل متى انجزه المقاول ووضعه تحت تصرفه فاذا امتنع بغير سبب مشروع وتلف في يد المقاول او تعيب بدون تقصير فلا ضمان عليه وان على صاحب العمل ان يبادر الى دفع الاجرة عند تسلم المعقود عليه الا اذا نص الاتفاق او جرى العرف على غير ذلك وبيان ما اذا كان عقد المقاولة على اساس الوحدة وبمقتضى تصميم معين ثم تبين ان تنفيذ التصميم يقتضي زيادة جسيمة في النفقات جاز له ان يتحلل من العقد على حسب الاحكام المبينة في المادة المتعلقة ثم بيان ما اذا كانت الزيادة محسوسة وضرورية لتنفيذ التصميم ولم تكن جسيمة وبيان الحكم المتعلق بذلك وما اذا حدث في التصميم تعديل او اضافة برضى صاحب العمل وما يترتب على ذلك من احكام واذا وقع عقد المقاولة بموجب تصميم متفق عليه لقاء بدل اجمالي فليس للمقاول ان يطالب باية زيادة يتطلبها تنفيذ ذلك التصميم واذا لم يعين في العقد اجر على العمل استحق المقاول اجر المثل مع قيمة المواد التي تطلبها العمل وانه اذا طرا ما يحول دون اتمام التنفيذ وفقا للتصميم استحق اجر مثل ما قام به من عمل دون الباقي . وتتبين الاحكام التفصيلية للمواد المشار اليها من الرجوع الى المواد 225 و226 و 439 و 466 و468 و 469 و 473 و563 و 564 و 580 و 582 و 610 و 768 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والاتاسي ، والمواد 617 و 619 و 624 و 625 و 629 و 582 و 583 من مرشد الحيران ، وهي تقابل المواد 620 - 625 مشروع اردني و 621- 626 سوري و 873 و 881 عراقي .
ان هاتين المادتين تتعلقان بحكم المقاول الثاني وذلك ان المقاول اذا تفق مع شخص اخر على ان يقوم له بعمل معين فان شرط في العقد ان يقوم به بنفسه او كانت طبيعة العمل تقتضي ذلك فليس للمقاول ان يكل تنفيذ العمل كله او بعضه الى شخص اخر والا جاز له ذلك وانه لا يجوز للمقاول الثاني ان يطالب صاحب العمل بشيء مما يستحقه المقاول الاول الا اذا احاله على رب العمل ويتبين حكم ذلك كله من الرجوع الى كتاب بدائع الصنائع ج/4ص /208 ورد المحتار ج/5ص /11 و12 والى المواد 571 - 573 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والاتاسي والمواد و621 و 626 و 627 من مرشد الحيران ، وهاتان المادتان تقابلان المادتين 626 و 627 مشروع اردني و 627 و 628 سوري و 882 و 883 عراقي.
ان المواد المذكورة تتعلق بانقضاء عقد المقاولة وبيان ان العقد ينتهي بانجاز العمل المتفق عليه او بفسخه رضاء او قضاء وانه اذا حدث عذر يحول دون تنفيذه جاز لاحد العاقدين طلب الفسخ وانه اذا اصبح المقاول عاجزا عن اتمام العمل لسبب قاهر فانه يستحق قيمة ما تم من الاعمال وان للمتضرر من الفسخ ان يطالب الاخر بالتعويض حسب ما يقتضيه العرف وانه اذا اتفق المقاول على ان يعمل بنفسه او كانت شخصيته محل اعتبار في التعاقد فان العقد ينفسخ بموته والا جاز لصاحب العمل ان يطلب فسخ العقد اذا لم تتوفر في الورثة الضمانات الكافية لاتمام العمل وان للورثة على اي حال قيمة ما تم من الاعمال والنفقات حسب ما يقتضيه العقد والعرف ويمكن معرفة الاحكام التفصيلية لما اشتملت عليه المواد المشار اليها من الرجوع الى رد المحتار ج/5 ص /47 وبداية المجتهد ج/2ص/192 ونهاية المحتاج ج/5 ص/317 والمغنى ج/6ص/50 والمواد 443 و 571 و581 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والاتاسي والمادتين 615 و 617 من مرشد الحيران ، وهي تقابل المواد 628- 632 مشروع اردني و 629 - 633 سوري و 844 - 890 عراقي .
ان هذه المواد المشار اليها اعلاه تتعلق بعقد العمل وحكم ما كان يعرف في المجلة وكتب الفقهاء بالاجير الخاص والاجير المشترك والذي اصبح يعرف بعقد العمل وبيان ما يشترط في ذلك العقد من شروط روعي فيها ما ذكره الفقهاء من احكام مماثلة وقد راى المشروع حرصا على مصلحة العامل ان لا تتجاوز مدته خمس سنوات حتى لا يكون في العقد استغلال لضعف العامل او ظروفه من قبل صاحب العمل رعاية للمصالح المرسلة وما تضمنته المادة 58 من المجلة وشرحها لعلي حيدر وانه اذا لم تكن المدة محددة في العقد جاز لكل من الطرفين ان يفسخه بشرط اعلان الطرف الاخر به حتى لا يصيب ايا منهما ضرر من جراء ذلك التصرف مراعيا في ذلك المواعيد التي تحددها القوانين الخاصة واذا عين في العقد بدء المدة اتبع ما نص عليه في العقد والا فمن تاريخ العقد الا اذا قضت ظروف العقد او العرف بغير ذلك واذا كان عقد العمل قد جرى لمدة معينة فانه ينتهي من تلقاء نفسه بانتهاء المدة فاذا استمر الطرفان في تنفيذه بعد ذلك اعتبر هذا تجديدا للعقد لمدة غير معينة واذا كان العمل محل العقد قابلا بطبيعته للتجدد فان العقد يتجدد للمدة التي تلزم العقد حينئذ ، وان اجر العامل هو ما يتقاضاه بمقتضى العقد سواء كان مالا ام منفعة فاذا لم يقدر في العقد كان للعامل اجر مثله حسب ما يقضي به العرف واذا لم يوجد عرف تولت المحكمة تقديره وفقا لمقتضيات العدالة وقد بينت مواد المشروع انه يدخل في اجراء العامل جميع العمولات والنسب المئوية والمنح التي جرى العرف فيها على منحها ، وان باقي الاحكام تخضع للعرف اذا لم يكن فيها اتفاق معين في العقد ويمكن معرفة تلك الاحكام المفصلة في المواد المشار اليها من الرجوع الى رد المحتار ج/5ص/33 وبداية المجتهد ج/2ص/188 و 189 ونهاية المحتاج ج/5ص/266و 305 والمغني ج/6ص/11 و68 والمواد 43 و 58 و 421 - 425و 450 و 455 و 463 الى 465 و 465 و 485 و 486 و494 و 562 و563 و565 و 566 و 569 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والمواد 580و 600- 602 و 608 و 610 من مرشد الحيران ، وهي تقابل المواد 639 - 649 مشروع اردني و 640 - 650 سوري و 900 الى 908 عراقي .
ان هذه المواد تتعلق بالتزامات العامل ومؤداها ان العامل يجب ان يقوم بحفظ الامانة التي استأمنه عليها صاحب العمل فيحرص على صيانة وحفظ كل ما تحت يده كما يحتفظ باسرار صاحب العمل حتى لا يلحقه من ذلك ضرر يؤثر عليه كما انه لا يجوز ان يشتغل وقت العمل المطلوب منه بشيء اخر ولا ان يعمل مدة العقد لدى غير صاحب العمل واذا كان العامل يقوم بعمل يسمح له بالاطلاع على اسرار العمل ومعرفة عملاء المنشاة جاز للطرفين ان يتفقا على شروط تؤمن مصلحة الطرفين على انه لا يجوز في مثل هذه الحالة ان يتضمن الاتفاق تضمين العامل مبلغا كبيرا يقصد اجباره على البقاء والا كانت موافقته مشوبة بعيب الاكراه ولذلك يعتبر الشرط غير صحيح عملا بمذاهب الفقهاء الثلاثة المالكية والشافعية والحنابلة . وقد روعي في صياغة واحكام تلك المواد احترام ما يتفق عليه المتعاقدان والتشجيع على بذل الجهد للابتكار والاختراع والاكتشاف مع مراعاة حق صاحب العمل وعدم استغلاله من قبل العامل ايضا. وقد استند في تلك الاحكام الى بدائع الصنائع ج/4ص/206 و 209 و 211 ورد المحتار ج/ 5ص/24 و 35 و 40 و 44 ونهاية المحتاج ج/5ص/310 وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير ج/ 4ص/23و 24والمغنى ج/6ص/108 وبداية المجتهد ج/2ص/ 194 والمحلى ج /9 الفقرة 1325 والمواد 422و 571 و574 و608 - 610 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والاتاسي والمادتين 603 و 629 من مرشد الحيران . كما اعتمد على تامين المصلحة العامة عملا بقاعدة الاستحسان والمصالح المرسلة . وهي تقابل المواد 650 - 654 مشروع اردني و 651-655 سوري و 909 - 912 عراقي .
بما ان العامل في مثل هذه الحالة يعتبر له حكم الاجير الخاص في الفقه والشريعة فانما يجب عليه ان يعد نفسه للعمل ويتهيأ لمباشرته وحينئذ فانه يستحق الاجرة المتفق عليها سواء اسند اليه صاحب العمل عملا او لا وقد وضعت المادة 821 على هذا الاساس وذلك بالاستناد الى المادة 435 من المجلة وشرحها لعلي حيدر وهي تقابل المواد 655 و 657 مشروع اردني و 656 و 658 سوري و 914 عراقي .
ان عقد العمل يقوم على اتفاق الطرفين على شروطه مراعين في ذلك العرف الجاري في مثل ذلك العمل وبما ان المعروف عرفا كالمشروط شرطا فقد وضعت المادة 822 مبينة ما يلزم صاحب العمل من توفير كل اسباب الامن والسلامة وان تكون الالات والاجهزة صالحة وان يعطى العامل في نهاية خدمته شهادة بنوع عمله وتاريخ مباشرته وانتهائه ومقدار اجره ونحو ذلك حتى يتمكن العامل من ان يقوم بعمله بامانة واطمئنان دون ان يتعرض لاي ضرر قد يصيبه , وبما ان الضرر يجب دفعه بقدر الامكان فقد تضمنت المادة الاحكام المشار اليها كما يتبين من مراجعة المواد 19 و 20 و 31 و 43 و 58 و 83 من المجلة وشرحها لعلي حيدر , وهي تقابل المادة 913 من القانون العراقي .
مصدر حكم هاتين المادتين يعرف من الرجوع الى المواد 564 و 576 من المجلة وشرحها لعلي حيدر و 609 من مرشد الحيران .
هاتان المادتان تبينان حكم ما اذا انقضت المدة المعينة للعمل وفسخ العقد صاحب العمل قبل انقضاء المدة في حالة وجود عذر او حالة عدم وجود عذر , ومصدرهما ما ورد في المواد 480 و 526 من المجلة وشرحهما لعلي حيدر و 606 و 614 من مرشد الحيران ورد المحتار ج/5 ص/ 21و 22 ، وهما تقابلان المواد 660 و 661 مشروع اردني و661 و 662 سوري و 917 و 918 عراقي .
وضعت هذه المادة بالاستناد الى المادة 58 من المجلة وشرحها لعلي حيدر .
مصدر حكم هذه المادة يعرف من الرجوع الى المواد 452 و 455 و 462 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والاتاسي و 580 و 588 من مرشد الحيران والمغنى ج/6 ص/9 , وهي تقابل المواد 659 مشروع اردني و 660 سوري و 915 و 917 عراقي .
مصدر حكم هاتين المادتين يعرف من الرجوع الى المواد 443 و 581 من المجلة وشرحهما لعلي حيدر و 615 و 617 من مرشد الحيران وبداية المجتهد ج/2 ص/191 ورد المحتار ج/5 ص/47 وتحفة الفقهاء ج/2 ص/491 وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير ج/4 ص/42 ونهاية المحتاج ج/5 ص/315 والمغنى ج/6 ص/42 , وهما تقابلان المواد 660 و 662 مشروع اردني و 661 و 663 سوري و 922 و 923 عراقي .
مصدر حكم هذه المادة يعرف من الرجوع الى المواد 48 و 1660 من المجلة وشرحهما لعلي حيدر وعملا بقاعدة تخصيص القضاء , وهي تقابل المواد 663 مشروع اردني 664 سوري و 925 عراقي .
ان عقد العمل هو في الحقيقة جزء من عقد الاجارة حسب عرف الفقهاء ولذلك فانه يخضح لحكم الاجارة فيما عدا الاحكام المبينة في هذا القانون كما ان العمال الخاضعين للقانون الخاص فانما يطبق عليهم احكام هذا القانون حينما لا تتعارض نصوصه مع القانون الخاص لان احكام القانون الخاص هي المعمول عليها حين التعارض . وهي تقابل االمواد 640 مشروع اردني و 641 سوري و 901 عراقي .
مصدر حكم هذه المادة يعرف من الرجوع الى المواد 1449 و 1459 من المجلة وشرحهما لعلي حيدر و 915 من مرشد الحيران وبدائع الصنائع ج/6 ص/19 والمغنى ج/5 ص/202 وكتاب الفقه على المذاهب الاربعة ج/3 , وهي تقابل المواد 664 مشروع اردني و 665 سوري و 927 عراقي .
مصدر حكم هذه المادة يعرف من الرجوع الى المادة 1457 - 1459 من المجلة وشرحها لعلي حيدر و 916 و 921 من مرشد الحيران والمغنى ج/5 ص/202 وبدائع الصنائع ج/6 ص/20 وبداية المجتهد ج/2 ص/252 وكتاب الفقه على المذاهب الاربعة ج/3 ص/225 , وهي تقابل المادة 930 عراقي .
مصدر حكم هذه المادة يعرف من الرجوع الى المادة 1456 من المجلة وشرحها لعلي حيدر و 919 من مرشد الحيران والمغنى ج/5 ص/11 وبدائع الصنائع ج/6 ص/20 .
ان هذه المواد قسمت الوكالة الى قسمين عامة وخاصة وبينت حكم كل منهما ويتبين معرفة الاحكام الواردة فيها من الرجوع الى المواد 1453 و 1479 من المجلة وشرحهما لعلي حيدر و 920 و 922 و 923 و 935 من مرشد الحيران وبداية المجتهد ج/2 ص/253 وكتاب الفقه على المذاهب الاربعة ج/3 ص/242 وما بعدها , ورد المحتار ج/4 ص/399 الى 400 . وهي تقابل المواد 666 و 667 مشروع اردني و 667 سوري و 928 و 931 و 932 عراقي .
مصدر حكم هذه المادة يعرف من الرجوع الى بدائع الصنائع ج/6 ص/24 وبداية المجتهد ج/2 ص/ 253 والمادة 1521 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والمادة 970 من مرشد الحيران , وهي تقابل المواد 669مشروع اردني و 669 سوري و 933 عراقي .
ان الوكالة عقد يشبه الوديعة والامانة في بعض صورها واحكامها ولذلك فقد اعتمد في احكام تلك المادة على المواد 780 - 782 من المجلة وشرحها لعلي حيدر و 815 من مرشد الحيران ، وهي تقابل المادة 669 مشروع اردني و 670 سوري و 934 عراقي .
مصدر حكم هذه المادة يعرف من الرجوع الى المواد 1465 من المجلة وشرحها لعلي حيدر و 925 من مرشد الحيران والمغنى ج/5 ص/ 214 وكتاب الفقه على المذاهب الاربعة ج/3 ص/272 ورد المحتار ج/4 ص/409 , وهي تقابل المواد 672 مشروع اردني و 673 سوري و 938 عراقي .
مصدر حكم هذه المادة يعرف من الرجوع الى المواد 1466 من المجلة وشرحها لعلي حيدر و 924 من مرشد الحيران والمغنى ج/5 ص/ 216 وكتاب الفقه على المذاهب الاربعة ج/ 3 ص/ 275 , وهي تقابل المواد 673 مشروع اردني و 674 سوري و 929 عراقي .
مرجع حكم هاتين المادتين يعرف من الرجوع الى المواد 1460 و 1461 من المجلة وشرحهما لعلي حيدر و 927 و 928 من مرشد الحيران .
حكم هذه المادة يعرف من الرجوع الى المادة 1463 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والمادة 942 من مرشد الحيران .
حكم هذه المادة يعرف من الرجوع الى المادتين 1519 و 1520 من المجلة وشرحهما لعلي حيدر والمادة 958 من مرشد الحيران .
مصدر حكم هذه المادة يعرف من الرجوع الى المادة 1482 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والمادة 936 من مرشد الحيران .
حكم هاتين المادتين يتبين من الرجوع الى المواد 1485 و 1488 من المجلة وشرحهما لعلي حيدر و 939 و 940 من مرشد الحيران .
حكم هذه المادة يعرف من الرجوع الى المواد 1491 من المجلة وشرحها لعلي حيدر و937 من مرشد الحيران , وهي تقابل المواد 675 مشروع اردني و 676 سوري و 941 عراقي .
حكم هذه المادة يعرف من الرجوع الى المواد 1494 و 1495 من المجلة وشرحهما لعلي حيدر و 943 من مرشد الحيران .
حكم هذه المادة يعرف من الرجوع الى المواد 1496 و 1497 من المجلة وشرحهما لعلي حيدر و 945 و 946 من مرشد الحيران , وهي تقابل المواد 671 مشروع اردني و 672 سوري و 937 عراقي .
حكم هذه المادة يعرف من الرجوع الى المواد 1498 و 1500 من المجلة وشرحهما لعلي حيدر و 947 من مرشد الحيران .
حكم هذه المادة يعرف من الرجوع الى المواد 1502 - 1504 من المجلة وشرحها لعلي حيدر و 951 - 953 من مرشد الحيران .
بما ان الوكيل نائب عن الموكل وقائم مقامه في الامور الموكل بها فعليه ان يطلعه من حين لاخر على ما يقوم به من عمل في تنفيذ الوكالة كما تقتضي بذلك المادة 1449 من المجلة وشرحها لعلي حيدر ، وهي تقابل المواد 670 مشروع اردني و 671 سوري و 936 عراقي .
?حكم هذه المادة يعرف من الرجوع للمادتين 83 و 1467 من المجلة وشرحهما لعلي حيدر والمادة 926 من مرشد الحيران , وهي تقابل المواد 674 مشروع اردني و 675 سوري و 940 عراقي .
?ان حكم هاتين المادتين متفرع عن كون الوكيل مفوضا عن الموكل وامينا له ولذلك فعلى الموكل ان يتحمل جميع ما ترتب في ذمة الوكيل من حقوق او اضرار الا اذا كان ذلك ناشئا عن تقصيره او خطئه كما هو مقتضى المادتين 1491 و 1492 من المجلة وشرحهما لعلي حيدر وقياسا على ما ورد في المادة 786 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والمادة 937 من مرشد الحيران ، وهما تقابلان المواد 941 عراقي و 675 و 676 مشروع اردني و 676 و 677 سوري .
حكم هذه المادة يعرف من الرجوع الى المواد 1506 و1508و 1509 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والمادة 920 من مرشد الحيران . وهي تقابل المادة 928 عراقي .
حكم هذه المادة يعرف من الرجوع الى المواد 1479 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والمادة 935 من مرشد الحيران , وهي تقابل المواد 668 و 678 مشروع اردني و 669 و 679 سوري و 940 - 945 عراقي .
ان هذه المواد تتعلق بانتهاء الوكالة . وعزل الوكيل واقالته نفسه ومتى يضمن كل من الموكل والوكيل للاخر مقابل ضرره وبيان الحالات التي يختلف الحكم فيها حينما يتعلق بها حق الغير والحالات التي لا يختلف فيها الحكم وان احكام تلك المواد مستقاة من المواد 19 و 20 و 31 و1571 و 1518 و 1521 - 1530 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والاتاسي والمواد 966 و 970-974 من مرشد الحيران ورد المحتار ج/4 ص/ 416-419 وتقريرات الرافعي على رد المحتار ج/2 ص/220 وبدائع الصنائع ج/9 ص/37 والمغنى ج/5 ص210 و 218 و219 و242 والمحلى ج/9 فقرة 1365 و1366 وبداية المجتهد ج/2 ص/253 وهي تقابل المواد 679-682 مشروع اردني و 680- 683 سوري و 946-949 عراقي .
مصدر احكام هذه المواد يعرف من الرجوع الى المواد 763 و 764 و773 و 775 و777 و787 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والاتاسي والمواد 810- 812 و 817 و 818 من مرشد الحيران وبدائع الصنائع ج/6 ص/207 و 211 ورد المحتار ج/4 ص/ 493 وما بعدها والمغنى ج/5 ص/ 354 وما بعدها . ونيل الاوطار ج/6 ص/37-41 وتحفة الفقهاء ج/3 ص/ 239 , وهي تقابل المواد 683 و 684 مشروع اردني و 684 و 685 سوري و 950 و 951 عراقي .
هذه المواد تتعلق بالتزامات المودع لديه وبيان الحالات التي يضمن فيها والحالات التي لا يضمن وبيان الاحكام المتعلقة فيما اذا كان المودع او المودع لديه متعددين او واحدا وبيان ما اذا غاب المودع غيبة منقطعة او مات وبيان ما اذا مات المودع لديه ايضا والاحكام التفصيلية المتعلقة بذلك وكلها مستقاة وماخوذة من المواد 779 -787 و 790-798 و 801 و802 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والاتاسي والمواد 815 و 817 و818 و820 و821 و828 و831-836 من مرشد الحيران وبدائع الصنائع ج/6 ص/207 - 217 والمغنى ج/5 ص/354 وما بعدها وتحفة الفقهاء ج/3 ص/239- 243 وبداية المجتهد ج/2 ص/261 ونيل الاوطار ج/6 ص / 38- 41 . وهي تقابل المواد 684 - 688 مشروع اردني و 685 - 689 سوري و 952 - 965 عراقي .
حكم هاتين المادتين يعرف من الرجوع الى المواد 777 و786 من المجلة وشرحهما لعلي حيدر و814 و829 من مرشد الحيران ، وهما تقابلان المواد 689 و690 مشروع اردني و690 و691 سوري و966 و968 عراقي.
ان الحكم الفقهي عند الحنيفة ان المودع لديه لا يحق له ان ينفق على الوديعة بلا اذن المودع او الحاكم فاذا فعل ذلك متبرعا كما يظهر من المادة 786 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والاتاسي و 830 من مرشد الحيران غير ان هذا الحكم في حالات الضرورة والحالات الاستثنائية لا يكون مقبولا لذلك رؤي الاخذ باحدى الروايتين بمذهب الامام احمد بن حنبل حيث صرح في الشرح الكبير على متن المقنع بانه اذا لم يقدر على مراجعة الحاكم فانفق على الوديعة بقصد الرجوع على صاحبها واشهد على الرجوع رجع بما انفق لانه مأذون فيه عرفا ولا تفريط منه واما ان فعل مع امكانه استئذان الحاكم من غير اذنه ففيه روايتان ايضا احداهما انه يرجع لانه ماذون فيه عرفا ، وان انفق من غير اشهاد مع العجز عن استئذان الحاكم او مع امكانه ففي الرجوع ايضا وجهان ، كما يتضح من الضفحة 292 من الجزء السابع من المغنى ، وبما ان الاخذ برواية جواز الرجوع بالقدر المتعارف في الحالات الضرورية او المستعجلة اوفق للمصلحة واكثر عدالة ، فقد بينت المادة 885 على هذا الاساس.
حكم هذه المادة يتبين من الرجوع الى المادة 794 من المجلة وشرحها لعلي حيدر ، وهي تقابل المواد 690 مشروع اردني و691 سوري و961 والفقرة الثانية من المادة 967 عراقي .
?حكم هذه المادة يعرف من الرجوع الى المادة 837 من مرشد الحيران ، وهي تقابل المادة 967/1 عراقي .
حكم هذه المادة يعرف من الرجوع الى المادة 802 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والاتاسي والمادة 836 من مرشد الحيران وتكملة رد المحتار ج/2 صفحة /261 ، وهي تقابل المواد 688 مشروع اردني و689 سوري و970 عراقي.
حكم هذه المادة يعرف من الرجوع الى المادة 793 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والاتاسي والمراجع الفقهية في القرض ، وهي تقابل المواد 691 مشروع اردني و692 سوري و971 عراقي.
مصدر حكم هاتين المادتين عرف الناس الذي يقوم مقام الشرط عملا بالمادة 43 من المجلة وشرحها لعلي حيدر ومراعاة مصلحة الناس وحمايتها كما تقضي بذلك المادة 58 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والمادتان 773و 777 من المجلة وشرحهما لعلي حيدر وراى الامام الحسن البصري المشار اليه في الصفحة 38 ج/6 من نيل الاوطار وما ورد في مباحث الوديعة من كتاب الفقه على المذاهب الاربعة ج/3 ص/253 وما بعدها ، وهي تقابل المواد 692و 693 مشروع اردني و 693 و 694 سوري و 972 و 973 عراقي .
مصدر احكام هاتين المادتين يعرف من الرجوع الى المواد 774 و777 و800 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والاتاسي و 831 و 833 من مرشد الحيران وبدائع الصنائع ج/6ص / 210.
صيغت هذه المادة بصورة تتفق مع المبدأ المقرر في المادة 752 من المجلة بصدد وضع الرهن تحت يد عدل وما ورد في شرحها لعلي حيدر من انه لا يحق للعدل ان يتصرف في الرهن اذا لم يكن مسلطا على البيع او الايجار وما ورد في الصفحة 390- 393 من المغني ج/ 4 من ان للعدل بيع الرهن ونمائه اذا اشترط له ذلك ويكون ما يقبضه امانة ، وهي تقابل المواد 694 و 700 مشروع اردني و 695 و 701 سوري .
مرجع هذه المادة ما جاء في شرح المادة 752 من المجلة وشرحها لعلي حيدر من انه يجوز ان يكون العدل متعددا وما ذهب اليه ابو يوسف ومحمد من انه اذا رضي احدهما بامساك الاخر جاز وما ورد في الصفحة 273 من نهاية المحتاج ج/4 من انه : وضعا الرهن عند اثنين ونصا على اجتماعهما على حفظه او الانفراط فذاك وان اطلقا فليس لاحدهما الانفراد في الاصح .
بما ان الضرر يزال ولا ضرر ولا ضرار في الاسلام وبما ان تصرف ولي الامر يستهدف مصلحة الرعية عملا بالمواد 19 و 20 و 58 من المجلة وشرحها لعلي حيدر وبالقياس على ما جاء في شرح المادة 761 لعلي حيدر من المجلة فقد وضعت هذه المادة واستنبط حكمها مما ذكر . وهي تقابل المواد 695- 697 مشروع اردني و 696 - 698 سوري .
بما ان للقضاء ولاية عامة على اموال الوقف وبما ان مقتضى هذه الولاية المحافظة على الحقوق ودفع الضرر بقدر الامكان وتولي شؤون الوقف وادارته حتى لا تتعرض مصلحته او مصلحة المستحقين لاي ضرر كما هو موضح في القواعد العامة للوقف في رد المحتار وغيره وفي المواد 209 و 211 و 212 من قانون العدل والانصاف والمواد 19و 20 و 58 من المجلة وشرحها لعلي حيدر لذلك فقد وضعت المادة واستنبطت احكامها مما ذكر اعلاه ، وهي تقابل المادة 696 مشروع اردني و 697 سوري .
بما ان الحراسة هي من قبيل وضع المال تحت يد العدل كما تقدم بالمادة 894 وبما ان هذا الحق عائد لذوي الشان اصحاب العلاقة فاذا لم يتفقوا على ذلك انتقل هذا الحق الى المحكمة حسب ولايتها العامة بمقتضى المواد 58 و 1785 و 1786 من المجلة وشرحها لعلي حيدر .
وضعت احكام هاتين المادتين استنادا الى المادة 83 من المجلة وشرحها لعلي حيدر وقياسا على احكام المادة 754 من المجلة وشرحها لعلي حيدر من انه ليس للعدل اعطاء ما وضع تحت يده الى احد الطرفين ولا لاجنبي الا لامينه ، بلا ضرورة فان فعل كان ضامنا ضمان الغصب وعلى ما جاء في الصفحة 324 ج/ 5 من رد المحتار من انه لو دفعه الى احدهما ضمن قيمته وتجعل عنده او عند غيره باتفاقهما او بحكم القاضي وما ورد في الصفحة 272 ج/4 من نهاية المحتاج من انه اذا اتلف المرهون اخذ منه البدل ووضع عند اخر لتعديه ، وهما تقابلان المواد 698 و 699 مشروع اردني و 699 و700 سوري .
ان هذه المواد تتعلق بالتزامات الحارس وبيان صلاحياته وما يستحقه ومتى تنتهي الحراسة وبيان ما يترتب على ذلك . وقد وضعت احكام تلك المواد قياسا على ما ذكر في المواضيع المشابهة كما تبين من مراجعة المواد 21 و 22 و 31 و 755 و 780-782 و 786 و 1467 و 1522 و 1524 و 1526 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والاتاسي والمواد 815 و 829 و 836 و972 و 988 و 998 من مرشد الحيران والمواد 180 و 218 و 226 و 228 و 248 و 252 و 255 من قانون العدل والانصاف ورد المحتار ج/ 3 ص /328 وج/5 ص 323 و 324 ، وهي تقابل المواد 699 - 703 مشروع اردني و 700 - 704 سوري .
وضعت احكام هذه المواد بالاستناد الى الاحكام الفقهية المبينة في بدائع الصنائع ج/ 6ص/206 وتحفة الفقهاء ج/ 3ص/ 500-504 ونهاية المحتاج ج/8 ص/164-173 والمغنى ج/11ص/ 127 -159 والمحلى ج/7 فقرة من 970- 972 والمختصر النافع في فقه الامامية ص/ 164 وتفسير القرطبي ج/ 3ص/ 52-60و ج/8ص/ 337- 340 والمادتين 58 و 97 من المجلة وشرحهما لعلي حيدر والاتاسي . وقاعدة تخصيص القضاء ، وهي تقابل المواد 704 و 705 مشروع اردني و 705 و 706 سوري و 975 و 976 عراقي .
ان هذه المواد بنيت اساسا على الزام الوفاء بالوعد قضاءا اعتمادا على ما ذهب اليه الامام ابن شبرمة الذي يقول ان الوعد كله لازم ويقضي به على الوعد ويجبر وعلى ما ورد في الاحاديث الصحيحة من ضرورة الوفاء بالوعد وعلى ما ذكره المالكية من الوفاء بالوعد في بعض الصور كما ورد في المحلى ج/8 فقرة 1125 وما تضمنته المبادىء والقواعد المقررة في المواد 58 و83 و 84 و 924 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والاتاسي والمواد 15و 17 و 19 و 20 و 23 و 214 و 262 و 306 من مرشد الحيران وهي تقابل المواد 706 -711 مشروع اردني و 707-712 سوري و 977-982 عراقي .
اصبح عقد التامين من العقود المتعارف عليها بين الناس والتي يترتب عليهم اللجوء اليه احيانا رعاية لمصالحهم او بمقتضى قوانين خاصة تلزمهم بذلك وقد اختلف الفقهاء المعاصرون في جوازه غير اننا اذا لاحظنا ما جاء في المادة الاولى من الاصول التشريعية التي بنيت عليها احكام المعاملات في مشروع التقنين المالكي والتي نصها ( الاصل في عقود المعاملات وانوعها وكيفياتها هو ما جرى به عرف الناس وتراضوا عليه الا ان يتعارفوا او يتراضوا على ما يخالف حكم الشرع من تحليل حرام او تحريم حلال فلا يعمل به ولا يترتب عليه اثاره) وما جاء في المادة الثانية منه ونصها ( الاصل في العقود والشروط الاباحة حتى يدل الدليل الشرعي على الحظر ) وما في مذكريتهما الايضاحية ، واذا لاحظنا ان مثل هذه العقود ينطوي على نوع من التعاون بين المستأمنين في مواجهة الاخطار التي قد تحيق باحدهم بغية التعويض عليه مما يؤدون من اقساط ، وان العرف الجاري بصددها لا يخالف كتابا ولا سنة نبوية فلا نرى مانعا شرعيا منه لذلك .
فقد رؤي الاخذ بجواز التامين وتنظيم الاعراف السائدة بهذا الشان ضمن نطاق ما تدعو اليه الحاجة ولا يتعارض مع كتاب او سنة او نظام عام تبعا لما قرره الفقهاء من جواز ضمان اخطار الطريق على الوجه المبين في شرح المادة 685 من المجلة لعلي حيدر وما جاء في كتاب الكفالة من رد المحتار ج/4ص/ 267و 283 واستئناسا بعقد الموالاة الذي اجازه فقهاء الحنفية وبضمان حارس السوق الذي اجازه المالكية ، واما ما ذكره ابن عابدين في رد المحتار في باب المستأمن ج/3ص/249 و 250 من استظهار عدم جواز اخذ المال في حال هلاك الشيء المؤمن عليه فانه راي شخصي له مبني على استظهاره ولا يستند الى تاييد شرعي ملزم ومع هذا فانه اجاز اخذ المال في بعض الصور كما ان الرافعي في تقريره على رد المحتار ج/2ص /58 عقب عليه بما يدل على عدم موافقته على جميع ما ذكره ابن عابدين وايضا فان ما ذكره بعض الفقهاء المعاصرين من اسباب تفضي الى عدم الجواز لوحظت عند وضع الصيغة .
واحيطت بقيود تغطي تلك الاسباب ، وهذه المادة تقابل المواد 712 من المشروع الاردني و 713 سوري و 983 عراقي .
بما ان المشروع قبل فكرة عقد التامين كما وضح في المادة (920) وبما ان دين الدولة الرسمي هو الاسلام عملا بالمادة الثانية من الدستور الاردني وبما ان المادة 305 من مرشد الحيران تشترط في العقد ان يكون مقصودا شرعا فقد وضعت هذه المادة على هذا الاساس ، وهي تقابل المواد 714 مشروع اردني و 715 سوري و 984 عراقي .
استلهم حكم هذه المادة من المواد 19 و 22 و 58 من المجلة وشرحها لعلي حيدر .
يستلهم حكم هذه المادة من المادة 59 من المجلة وشرحها لعلي حيدر لان ولاية هذا القانون عامة فاذا لم يوجد نص فيه فان القوانين الخاصة تنظم الاحكام الاخرى بما تستمد من ولايتها ، وهي تقابل المواد 713 مشروع اردني و714 سوري و 1007 عراقي .
ان القصد من هذه المادة تجنب الغرر في العقد واتباع العرف السائد بين الناس ورعاية مصالحهم ومقاصدهم وفي تلك الحالات يبطل الشرط ويبقى العقد كما هو مقتضى المواد 30 و 37 و 58 و 187 - 189 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والمادة 322 من مرشد الحيران واخذا بالمبادىء المستنتجة من الصفحة 197 من بدائع الصنائع ج/4 من ان منح حق الفسخ للاعذار كان امتناعا من التزام الضرر .
وما جاء في الصفحة 63 من رد المحتار ج/4 من ان كل وصف لا غرر فيه فاشتراطه جائز لا ما فيه غرر . وعلى هذا الاساس وضعت المادة المذكورة ، وهي تقابل المواد 715 مشروع اردني و 716 سوري و 985 عراقي .
ان حكم الفقرة الاولى من المادة يتفق مع المادة 186 من المجلة وشرحها لعلي حيدر باعتباره يتضمن شرطا يقتضيه العقد وينسجم مع احكام المادة 496 من مرشد الحيران واما الفقرة الثانية فتستند الى ان اقتصار الاقرار على واقعه مادية لا يعدو ان يكون من قبيل الشهادة التي يجوز كتمانها واما اداء المؤمن له مبلغا عن التعويض اقل مما يثبت له فيه حق الرجوع على المؤمن فليس من شأنه ان يلحق اي ضرر بالمؤمن وهذا يأتلف مع حكم المادة 506 من مرشد الحيران ولذلك فان المادة وضعت على هذا الاساس ، وهي تقابل المادة 1005 من القانون العراقي .
( بني حق الحلول في صدر الفقرة الاولى على ان قيام المؤمن باداء التعويض او شيء منه وان كان في الحقيقة ايفاء بدين مترتب للمؤمن له في ذمة الغير غير انه من المستحسن الخروج عن القياس في هذه الحالة بان يخول المؤمن حق القيام مقام المؤمن له الدائن ، وان يرجع على هذا الغير باعتبار ان التعويض نشا في ذمة المؤمن عن سبب واحد هو الضرر المضمون عليه في العقد وذلك جريا مع ما ورد في شرح علي حيدر للمادة 1640 من المجلة من انه ( اذا اثبت الدائن دينه في ذمة المتوفى واقر مدين المتوفى بانه مدين للمتوفى يامره القاضي بان يؤدي الدين في لدائن المتوفى واما الاستثناء المنصوص عليه عجز هذه الفقرة فمرده الى ان التامين يشمل عادة كل خطا يصدر عن اولئك المقربين للمؤمن له . كما وان المنع من الحلول في الفقرة الثانية يرجع الى ان المبلغ الذي يترتب على المؤمن اداؤه في العقود مدى الحياة ليس له صفة التعويض والى ان المؤمن يتقاضى مقابله من المؤمن له وعلى هذا لا يكون للمؤمن حق في شيء يرجع به على الغير ليسوغ له الحلول محل لمؤمن له بالمطالبة به والا نكون قد منحاه اخذ مال الغير بدون سبب شرعي خلافا للقاعدة المقررة في المادة 97 من المجلة . وهي تقابل المواد 730 -736 مشروع اردني و 731 و 737 سوري و 998 و 1001 عراقي .
ان المادتين تتعلقان بالتزامات المؤمن له الاولى ، تتضمن التزامه بان يدفع المبالغ المتفق عليها في الاجل المحدد بالعقد وان يقدم البيانات الصحيحة التي يتطلبها العقد وان يخطر المؤمن بما يطرا عليه في اثناء مدة العقد . والثانية ، فيما اذا كتم بسوء نية امرا وقدم بيانا غير صحيح يؤثر على العقد . وان الاحكام التي تضمنتها المادتان المذكورتان قد استقيت من حكم المواد 37 و 1644 و 250 و 310 و 357 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والمواد 211 و 262 و 300 و 301 من مرشد الحيران والمادة 189 من مشروع التقنين الحنفي والمادة 109 من مشروع التقنين الشافعي والمادتين 30 و 71 من مشروع التقنين الحنبلي والمادتين 63 و 90 من مشروع التقنين المالكي . وما ورد في الصفحة 80 و 237 من المغني ج/4 والفقرة 263 من المدخل الفقهي للاستناد الزرقا . وهما تقابلان المواد 729 مشروع اردني و 730 سوري و 986 و 987 عراقي .
ان هذه المواد تتعلق بالتزامات المؤمن وقد استنبطت احكامها مما ورد في المواد 3 و 58 و 83 و 97 و 375 و 1660 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والمواد 256 و 262 و 314 من مرشد الحيران . وذلك ان الزام المؤمن بدفع التعويض او المبلغ المتفق عليه هو من احكام العقد واما تعليق نفاذ اثر العقد على مطالبة المتضرر فانما يقصد منه تحقق موجب الضمان واذا لم يتحقق هذا الموجب كان رجوع المستفيد على المؤمن غير مستند الى سبب شرعي . واما عدم دفع مبلغ التامين لغير المتضرر فهو ناشيء عن ان عقد التامين من المسؤولية المدينة ويراد منه في الحقيقة جعل بدل التامين تعويضا عن الفعل الضار فهو لذلك معقود بقصد تجنيب المؤمن له تحمل نتائج الاضرار بالغير ، واما موضوع منع سماع الدعوى على الوجه المشروع في المادة المشار اليها فهو مرتبط بمبدأ تخصيص القضاء ومنع سماع الدعوى مدة محددة مراعاة للمصلحة التي اقتضتها ظروف العقد ، وهي تقابل المواد 716 و 717 مشروع اردني و 717 و718 سوري و 988 - 991 و 1004 و 1006 من القانون العراقي .
ان هذه المواد حددت المسؤولية عن اضرار الحريق على الوجه المفصل فيها وبينت ما اذا كان التأمين لدى اكثر من مؤمن واحد والحكم المترتب عليه ما اذا كان التأمين على منقولات المؤمن له جملة وبيان الحكم فيما اذا كان الشيء المؤمن عليه مثقلا برهن او تأمين او غير ذلك وقد استند في بيان هذه الاحكام الى عرف الناس وتعاملهم ورفع الضرر عنهم ، كما استند بالاحكام التي قبلت في المادتين 1345 و 1348 من هذا المشروع كما يتضح من مراجعة المواد 20 و 21و31 و 32 و43 و 44 و47 و 48 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والاتاسي والمواد 37 و90 و 93 و 343 و 742 و 923 و 924 من مرشد الحيران ، ونهاية المحتاج ج/4 ص/287 - 294 . وهي تقابل المواد 731 - 736 مشروع اردني و 732 - 737 سوري و 999 - 1003 عراقي .
نظرة عامة :
ان القصد من التامين على الحياة هو تامين مدى حياة المؤمن له او اي شخص اخر يجري العقد لمصلحته وهو المستفيد ولذلك لا يتوهم ان المقصود من العقد هو ضمان الحياة للمؤمن له لان ذلك لا يدخل في قدرة البشر ولا استطاعتهم والغاية من التامين هو الادخار والتامين من العجز والشيخوخة والاصابات التي قد تفضي الى الموت ولذلك لا يكون هذا العقد متضاربا مع مشيئة الله سبحانه وتعالى ولا مع العقيدة ويكون من العقود المباحة التي يتعارف عليها الناس ولم يرد نص يمنع جوازها وهو يشبه الى حد ما عقدي العمري والرقبي وقد قبلهما كثير من الفقهاء ووردت بهما احاديث نبوية وقد عدل العلماء فيهما عن القياس على الشروط المفسدة او المبطلة للعقد . راجع نيل الاوطار ، ج/6 ص/117 - 120 ورد المحتار ج/4 ص/250 ونهاية المحتاج ج/5 ص/410 والمغنى ج/6 ص /304 - 313 والمحلى ج/10 فقرة 1650 وكتاب القوانين الفقهية لابن جزى ص /357.
المذكرة الايضاحية :
ان هذه المواد تتعلق باحكام التأمين مدى الحياة والتزامات المؤمن واحكام انتحار المؤمن له وما اذا اشترط دفع مبلغ التأمين الى اشخاص معينين في العقد او من يعينون فيما بعد وان المبالغ المتفق عليها عند وفاة المؤمن له لا تدخل في تركته وليس للدائنين حق فيها الا في حالة ما اذا كان ما دفعه من الاقساط اكثر مما تتحمله اوضاعه المالية فلهم حينئذ حق استرداد ما دفعه دفعا للضرر عنهم وان الاحكام المبسوطة في تلك المواد استنبطت بالقياس على احكام لحوادث مشابهة كما يعرف من الرجوع الى المواد 43و 58و 97 و 99 و 188 و 368 و 443 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والاتاسي والمواد 17 و 262 من مرشد الحيران وبدائع الصنائع ج/4ص/197 - 198 ونهاية المحتاج ج/3ص 402 ، وهي تقابل المواد 719 - 730 مشروع اردني و 720 - 731 سوري و 992- 998 عراقي .
مصدر احكام هذه المواد يعرف من الرجوع الى المواد 612و 621و 628 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والاتاسي والمواد 839 و 841 من مرشد الحيران ورد المحتار ج/4ص/ 251 وبدائع الصنائع ج/ 2ص/ 312 ونهاية المحتاج ج/ 4ص/ 434 والمغنى ج/ 5ص / 78 ، وهي تقابل المواد 737 و 740و 742 و 747 مشروع اردني و 738 و 741 و 743 و748 سوري و 1008 و 1009 عراقي .
حكم هذه المادة يعرف من الرجوع الى الصفحة 616 ج/ 1 من شرح علي حيدر للمادة 612 من المجلة ومن المواد 617 و 623 و624 و625 وشرحها لعلي حيدر والاتاسي والمادة 846 من مرشد الحيران ورد المحتار ج/ 4ص/ 264 ، وهي تقابل المواد 1009 عراقي 743 مشروع اردني و 744 سوري .
حكم هذه المادة يعرف من الرجوع الى المواد 630 و631 من المجلة وشرحهما لعلي حيدر والاتاسي و 842 و 844 و 847 و 852 من مرشد الحيران ورد المحتار ج/4ص/ 251 و 263 وبدائع الصنائع ج / 6ص /6 و 7 ، وهي تقابل المواد 741 مشروع اردني و 742 سوري و 1012 عراقي .
حكم هذه المادة يعرف من الرجوع الى رد المحتار ج/ 4 ص/251 والمغنى ج/ 5ص/ 75
حكم هذه المادة يعرف من الرجوع الى المادة 855 من مرشد الحيران ورد المحتار ج / 4ص/ 270
حكم هذه المادة يعرف من الرجوع الى المادة 843 من مرشد الحيران ورد المحتار ج/ 4ص/252 وبدائع الصنائع ج /2ص/7 ونهاية المحتاج ج/ 4ص/436 والمغنى ج/ 5ص/ 79 .
حكم هذه المادة يعرف من الرجوع الى المادتين 648 و 649 من المجلة وشرحهما لعلي حيدر والاتاسي والمدخل الفقهي العام للاستاذ الزرقا ج/ 1 الفقرة 573 .
حكم هذه المادة يعرف من الرجوع الى المادة 640 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والاتاسي وبدائع الصنائع ج/ 2ص/ 11 ، وهي تقابل المواد 743 مشروع اردني و 744 سوري و 1010 عراقي .
جاء في الدر المختار ج/4ص/271 انه اذا كفل بامر المكفول عنه رجع عليه بما اداه وفي الصفحة 284 من نفس الجزء ايضا ان من قام عن غيره بواجب بامره رجع بما دفع وهذان النصان يقتضيان ان للكفيل ان يرجع بما دفعه عن المكفول عنه فيشمل المصروفات التي يتحملها ما لم يصرح في الاتفاق بينهما على غير ذلك وقد وضعت هذه المادة على هذا الاساس . وهي تقابل المواد 746 مشروع اردني و 747 سوري و 1015 عراقي .
ان احكام هذه المواد تعرف من الرجوع الى المواد 58 و 613 و 651 و 663 و 664 و 666 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والاتاسي والمواد 848 و 850 و 851 من مرشد الحيران ورد المحتار ج/ 4ص / 256- 258 وبدائع الصنائع ج/ 2ص/ 4 و 5 والمغني ج/ 5 ص/ 95 وما بعدها والمدخل الفقهي العام ج/1 الفقرة /213 للاستناد الزرقا وان احكامها مأخوذة من الفقه الاسلامي كما يتبين من المراجع المشار اليها ، غير ان فكرة الغرامة التهديدية والتعهد بدفع مبلغ معين على سبيل الشرط الجزائي انما ذكرت استنادا للمادة 58 من المجلة ورعاية للمصلحة ومع هذا اعطي الحق للمحكمة بالاعفاء في الحالتين اذا كان هناك ما يبرر ذلك ، هي تقابل المواد 1017- 1019 عراقي .
مصدر احكام هاتين المادتين يتبين من الرجوع الى المواد 638 و639 و 671 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والاتاسي والمادة 875 من مرشد الحيران وهما تقابلان المادة 1020/2 من القانون العراقي .
حكم هذه المادة يعرف من الرجوع الى المواد 634 -637 و 639 و 643 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والاتاسي ورد المحتار ج/4ص / 251 وبدائع الصنائع ج/6ص/10 ونهاية المحتاج ج/4ص /445 . وهي تقابل المواد 745 مشروع اردني 746 سوري و 1020 عراقي .
حكم هذه المادة يعرف من الرجوع الى المواد 626 و 644 و 645 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والاتاسي والمادة 856 من مرشد الحيران وبدائع الصنائع ج/ 6ص /14 ونهاية المحتاج ج/4 ص/458 والمغني ج/5ص /81 و83 وبداية المجتهد ج/ 2 ص 248 والمدخل الفقهي العام ج/1 الفقرة / 213 للاستناد الزرقا وهي تقابل المادتين 753 و 762 مشروع اردني و 754 و 763 سوري و 1021 عراقي .
حكم هذه المادة يتبين من الرجوع الى المادة 650 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والاتاسي والمغنى ج/5ص / 76 .
مصدر احكام هاتين المادتين يعرف من الرجوع الى المواد 652 - 655 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والاتاسي و 859 - 861 من مرشد الحيران ورد المحتار ج/4 ص/ 273 وما بعدها وبدائع الصنائع ج/6 ص/3.
ان موضوع هذه المادة هو بيان حكم ما اذا كان الدين موثقا بتامين عيني قبل الكفالة كما لو كان مرهونا ولم يكن الكفيل متضامنا فلا يجوز التنفيذ على اموال الكفيل قبل التنفيذ على الاموال الموثقة للدين وذلك لان الكفالة هي ضم ذمة الكفيل الى ذمة الاصيل ، والاصيل نفسة عند وجود الرهن لا يصح الرجوع على امواله الاخرى قبل التنفيذ في الرهن ، والمرتهن احق من غيره باستيفاء الدين من الرهن ، وتعريف الكفالة يتضمن التزام الكفيل بالمطالبة التي لزمت في حق الاصيل ولهذه فان حكمها يتفق مع الحكم الفقهي كما يتبين من مراجعة المادتين 612 و 729 من المجلة وشرحهما لعلي حيدر والاتاسي ، وهي تقابل المادة 1023 من القانون العراقي .
ان هذه المادة قد اخذ حكمها من مذهب الامام مالك حيث جاء في احكام الكفالة من كتاب الفقه على المذاهب الاربعة ج/3 ص/239 عند ذكر مذهب المالكية ان المضمون اذا كان موسرا حاضرا فليس لصاحب الدين مطالبة الضامن وهذا بعمومه يشمل الكفيل بالنسبة للاصيل كما يشمل كفيل الكفيل بالنسبة للكفيل . وكذلك ما جاء في بداية المجتهد ج/2/ ص/248 من ان مالكا في احد قوليه ( ليس للدائن ان ياخذ الكفيل مع وجود المتكفل عنه ) وقد وضعت المادة على هذا الاساس وحكمها مخالف لمقتضى ما سار عليه المشروع في المادة 967 والتي بني حكمها على مذهب الحنفية والحنابلة والشافعية وهو حكم المجلة كما هو موضح في المذكرة الايضاحية لتلك المادة وهي تقابل المواد 762 مشروع اردني و 763 سوري و 1039 عراقي .
حكم هذه المادة يعرف من الرجوع الى المواد 760 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والاتاسي و 865 و 866 و 867 من مرشد الحيران ورد المحتار ج/ 4ص/ 275 والمغني ج/5ص/ 81 ونهاية المحتاج ج/ 4ص / 458.
مصدر احكام هاتين المادتين يعرف من الرجوع الى المواد 627 و 657 من المجلة وشرحهما لعلي حيدر و 857 و 858 من مرشد الحيران ورد المحتار ج/4 ص251 و286 وبدائع الصنائع ج/2 ص/10 ونهاية المحتاج ج/4 ص/459 والمغني ج/5 ص/58. وهما تقابلان المواد 757 و761 مشروع اردني و758 و762 سوري و1024 و1032 عراقي.
روعي في وضع حكم هذه المادة المصلحة العامة حى لا يلزم واحد دون الاخر من الكفلاء عند تعددهم بناء على نص قانوني او حكم محكمة وهذا ما يقتضيه احد وجهين في مذهب الامام الشافعي كما يعرف من الرجوع الى نهاية المحتاج ج/4 ص/459 وهي تقابل المواد 761 مشروع اردني و761 سوري و1030 عراقي .
حكم هذه المادة يعرف من الرجوع الى المادة 659 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والاتاسي والمادة 870 من مرشد الحيران ، وهي تقابل المواد 748 مشروع اردني و 749 سوري و 1029 عراقي .
حكم هذه المادة يعرف من الرجوع الى نهاية المحتاج ج/4 ص/ 458 والمذهب المالكي في كتاب الفقه على المذاهب الاربعة ج/3 ص/239 ، وهي تقابل المواد 749 و 751 مشروع اردني و 1027 و 1028 عراقي و 750 و 752 سوري .
حكم هذه المادة يعرف من الرجوع الى المواد 641 و 657 من المجلة وشرحهما لعلي حيدر والاتاسي و 862 و 863 من مرشد الحيران ورد المحتار ج/4 ص/272 و 284 وبدائع الصنائع ج/ 6ص/13 و 15 ونهاية المحتاج ج/4 ص /459 -461 والمغني ج/5 ص/89 وهي تقابل المواد 742 و 764 و 765 مشروع اردني و 743 و 765 و 766 سوري و 1033 و 1037 عراقي .
ان احكام هاتين المادتين مستنبطة استنباطا من بعض النصوص الفقهية والمبادىء الاسلامية العامة حيث ان من المقرر في الاسلام في اصول الفقه ( ان ما لا يتم الواجب المطلق الا به فهو واجب ) . وبما ان الكفيل بالاذن اذا اوفى الدين فله حق الرجوع على المدين وحتى يتمكن من القيام بهذا الواجب فعلى الدائن ان يسلم الكفيل جميع المستندات اللازمة لاستعمال حقه في الرجوع واذا كان الدين موثقا بتوثيق عيني اخر يجب على الدئن ان يتخلى عنه للكفيل ان كان منقولا او نقل حقوقه اليه ان كان عقارا وهذا ما تقتضيه العدالة والمصلحة واذا استحق الدين ولم يطالب الدائن المدين به فيجوز للكفيل ان ينذر الدائن باتخاذ الاجراءات والا خرج من الكفالة حتى لا يقع في الضرر فيما اذا اصاب المدين اعسار طارىء او اي سبب اخر يحول دون استيفاء الحق منه لان الضرار يزال ولا ضرر ولا ضرار كما يتبين من المواد 19 و20 و58 من المجلة وشرحها لعلي حيدر و 875 من مرشد الحيران ورد المحتار ج/4ص / 271 و 284 ، وهما تقابلان المواد 750 و 752 - 756 و 758 و 759 مشروع اردني و 751 و 753 - 757 و 759 و 760 سوري و 1025 - 1027 و 1026 عراقي .
حكم هذه المادة يعرف من الرجوع الى المواد 657 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والاتاسي و 863 و 864 من مرشد الحيران ورد المحتار ج/4 ص/ 272 و 275 وبدائع الصنائع ج/6 ص/15 ونهاية المحتاج ج/2 ص/462 والمغني ج/5 ص/ 89 ، وهي تقابل المواد 745 مشروع اردني و 746 سوري و 1033 و1034 عراقي .
ان الاحكام الواردة في هذه المادة روعي فيها المصلحة وما ورد في الصفحة 90 من كتاب المغني ج/5 من ان للضامن اي الكفيل مطالبة المكفول عنه بتخليصه تبرئة لذمته حتى ولو لم يطالب الكفيل لان له المطالبة بتخليص ذمته على احد الوجهين عند الحنابلة كما هو مبين في الصفحة المذكورة وقياسا على احكام المادة 1637 من المجلة وشرحها لعلي حيدر ومذهب الحنفية المدون في الصفحة 241 من كتاب الفقه على المذاهب الاربعة ج/3 وقد خولف فيها ما ذكره فقهاء الحنفية في رد المحتار ج/ 4ص / 271 و 272 كما خولفت الفقرة 584 من المدخل الفقهي العام للاستاذ الزرقا . وهي تقابل المواد 763 مشروع اردني و 764 سوري و 1036 عراقي .
حكم هذه المادة يعرف من الرجوع الى المادتين 656 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والاتاسي و 869 من مرشد الحيران و ورد المحتار ج/4 ص/ 284 ونهاية المحتاج ج4 ص/ 460 والمغنى ج/5 ص/90 مع بعض التعديل الذي روعيت فيه المصلحة .
يرجع الى ماذكر من اسباب في المذكرة الايضاحية للمادة 960 من هذا المشروع ، وهي تقابل المواد 765 مشروع اردني و 766 سوري و 1038 عراقي .
حكم هذه المادة يعرف من الرجوع الى المادة 646 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والاتاسي والمادة 190 من مرشد الحيران , وهي تقابل المواد 766 مشروع اردني و 767 سوري و 1035 عراقي .
ان هذه المواد بينت الاحكام التي تنتهي فيها الكفالة على الوجه المبين فيها وقد حرص المشروع ان يحدد في الكفالة المؤقتة الالتزامات المترتبة على الكفيل في تلك المدة وانه يبقى مسؤولا عنه 8ا هو ما تقتضيه العدالة كما بين المشروع باقي الاحكام الموضحة ويتبين حكمها جميعا من الرجوع الى المواد 624 و659 و660 و 662 و667 و 669 و 671 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والاتاسي والمواد 870 - 875 من مرشد الحيران ورد المحتار ج/4 ص/273 و275 ونهاية المحتاج ج/4 ص/459 والمغني ج/5 ص/ 83 و 89 , وهي تقابل المواد 747 و 748 مشروع اردني و 748 و 749 سوري و 1040 - 1047 عراقي .
تناولت المواد من 993 - 1017 من المشروع احكام الحوالة كصورة من صور الخلفية في انتقال الالتزام وقد عرف الفقه الاسلامي الحوالة وعالجها علاجا واقعيا كما عالج سائر المعاملات بين الناس ومن اهم مميزاته التفريق بين الحوالة المطلقة والحوالة المقيدة وهو تمييز ينفرد به الفقه الاسلامي ويستوعب الى حد بعيد نوعي الحوالة في الفقه الحديث وهما حوالة الدين وحوالة الحق .
وقد عرفت المادة 993 من المشروع الحوالة بانها نقل الدين والمطالبة من ذمة المحيل الى ذمة المحال عليه ويتبين من التعريف ان المحيل هو المدين وقد يكون دائنا في الحوالة المقيدة وهو طرف في العقد اذا باشره بنفسه او اجازه والمحال هو الدائن وهو ايضا طرف في العقد والمحال عليه هو الذي يلتزم بالدين وهو دائما طرف في العقد اما المحال به فهو الدين نفسه .
وتعريف الحوالة مستمد من القول المصح عند الحنفية ويتميز بان الحوالة لا تنقل المطالبة وحدها بل تنقل الدين معها بحيث يبرأ منه المحيل ولكنها براءة مشروطة بعدم التوى اي تعذر تحصيل الدين بسبب لا دخل للمحال فيه كافلاس المحال عليه كما سيجيء وللتعريف ذكر في كتب المذاهب الاخرى كما جاء نقلا في النموذج الثالث للموسوعة الفقهية ( الكويت ) في هامش بند 13 ص 34 نقلا عن حاشية الباجوري على ابن القاسم انها نقل الحق من ذمة المحيل الى ذمة الحال عليه ، وفي البحر الزخار 5/ 67 نقل حق من ذمة الى ذمة وقال ابن الحاجب نقل الدين الى ذمة تبرأ بها الاولى وقال ابن عرفه طرح الدين عن ذمة بمثله في اخرى .
وقد ارتاى المشروع الاخذ بتعريف الحنفية الوارد في المجلة والمرشد لشموله كما اسلفنا .
وتستند مشروعية الحوالة الى السنة والاجماع والعقل اما السنة فقد روى عن ابي هريرة ان النبي ( صلعم ) قال ( مطل الغني ظلم واذا اتبع احدكم على مليء فليتبع) وقد انعقد الاجماع على جوازها كما ان العقل يقرها قياسا على الكفالة كطريق لتيسير استيفاء الدين .
ومصدر التعريف المذكور يعرف بالرجوع الى المواد 876 من مرشد الحيران و 673 من المجلة وشرحها لعلي حيدر ، ورد المحتار على الدر المختار ج/ 4ص/ 288 ، وهي تقابل المواد 315 مصري وسوري ومشروع اردني و 339 عراقي .
تناولت هذه المادة اثار الحوالة وانها من العقود اللازمة التي لا يمكن فسخها او ابطالها من جانب واحد ما لم يشرط له الخيار كما هو مبين في رد المحتار ج/ 4ص/ 58 والموسوعة الفقهية الكويتية ن/ 3 بند / 191 ص / 125 استنادا الى ما قاله ابن نجيم في الاشباه من ان الحواله لازمة الا فيها استثني ، وهي تقابل المادة 357 عراقي .
هذه المادة تتعلق بتقسيم الحوالة الى قسمين مطلقة وهي التي لم تقيد بشيء ومقيدة وهي التي تقيد بدين للمحيل على المحال عليه او بعين له عنده امانة او مضمونة وقد تكون مقيدة بدين خاص او بعين هي امانه كالعارية والوديعة والعين الموهوبة اذا اتفق على ردها او قضى القاضي بها او المأجور بعد انقضاء مدة الايجار وقد تكون مقيدة بعين مضمونة كالمغصوب وبدل الصلح عن عدم العمد والبيع بيعا فاسدا والمقبوض على سوم الشراء ويجب ان تكون العين مضمونة بنفسها وقد تكون الحوالة مطلقة حالة وهي الحوالة التي يطالب فيها بدين حال على المحيل لان الدين يتحول بالصفة التي كان عليها للمحيل وقد تكون مؤجلة وهي التي اشترط فيها اجل معين اذا كانت بدين مؤجل على المحيل او على المحال عليه وكما يتبين حكم ذلك من الرجوع الى المواد 678 و 679 من المجلة وشرحهما لعلي حيدر و 877-879 من مرشد الحيران ، وهي تقابل المادة 339 عراقي .
تناولت هاتان المادتان شروط صحة الحوالة وهي التراضي بين اطرافها وبيان ان يكون المحيل مدينا للمحال ولا يشترط ان يكون المحال عليه مدينا للمحيل الخ . ومصدر الفقرة الاولى من المادة 996 ما ورد في المادة 882 من مرشد الحيران ومصدر الفقرة الثانية ما ورد في المادة 683 من المجلة وشرحها لعلي حيدر . وقد اشترط صاحب البدائع ج/ 6ص/ 16 ان تقع الحوالة برضا المحيل لانها ابراء فيه معنى التمليك فيفسدها الاكراه كسائر التمليكات وورد في الموسوعة الفقهية الكويتية البند 77 و 78 ص/ 64 ان المالكية والشافعية والحنانلة والظاهرية اتفقوا على اشتراط رضا المحيل ، كما ان الزيدية والامامية صرحوا بلزوم رضا المحيل وان الحنيفة يوجبون رضا المحال للسبب المذكور في شرط رضا المحيل وان المالكية والشافعية والامامية والزيدية والاباحية متفقون على لزوم رضا المحال لانعقاد الحوالة ، اما الحنابلة والظاهرية فلا يوجبونه الا على احتمال ضعيف للحنابلة كما يتبين من البندين / 80 و 81 من الموسوعة المشار اليها . وان رضا المحال عليه ضروري ولو خارج مجلس العقد اذا تمت الحوالة بين الطرفين الاخرين وعندئذ يكون رضاه شرطا لنفاذ العقد باتفاق ائمة المذهب الحنيفة ، والمشهور في المذهب اشتراط رضا المحال عليه سواء كان مدينا ام لا وسواء تساوي الدينان ام لا لان الناس يتفاوتون في تقاضي ديونهم رفقا وعنفا ويسرا وعسرا فلا يلزم من ذلك بما لا يلتزمه كما هو موضح في فتح القدير ج/5ص / 444 وفي البند / 83 من الموسوعة وفي المواد 686 من المجلة وشرحها لعلي حيدر ايضا و 883 من مرشد الحيران ، وهما تقابلان المواد 316 مصري وسوري ومشروع اردني والمواد 340- 342 عراقي .
حكم هذه المادة يعرف من الرجوع الى المواد 378 - 380 من قانون العدل والانصاف والمادة 888 من مرشد الحيران ، ورد المحتار ج/4 ص / 290 و 291 .
وهي تقابل المادة 344 عراقي .
مصدر حكم هذه المادة يعرف من الرجوع الى المادة 685 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والمادتين 881 و 889 من مرشد الحيران ورد المحتار ج/ 4ص/ 296 وهي تقابل المادة 345 عراقي .
تناولت المادة 1000 من المشروع شروط انعقاد الحوالة فضلا عن الشروط العامة في العقود والواردة في النظرية العامة واول هذه الشروط ان تكون منجزة غير معلقة الا على شرط ملائم او متعارف وثانيها الا يكون الاداء فيها مؤجلا الى اجل مجهول وثالثها الا تكون مؤقتة بموعد ورابعها ان يكون المال المحال به دينا معلوما يصح الاعتياض عنه وخامسها ان يكون المال المحال عليه في الحوالة المقيدة دينا او عينا مما يصح الاعتياض عنه وان يكون كلا المالين المحال به والمال الذي في ذمة المحال عليه متساويين جنسا وقدرا وصفة وسادسها ان تكون ارفاقا محضا .
فالحنيفة يشترطون عدم وجود شرط غير جائز من مبطل كالتعليق والتاقيت او مفسد كالتأجيل الى اجل مجهول جهالة فاحشة ففي جامع الفصولين ج/2 ص/ ان تعليق التمليكات والتقييدات لا يجوز فالتمليك كبيع وهبة واجارة واما التقييد فكعزل الوكيل وحجر المأذون . وهذا النص ينطبق على الحوالة لما فيها من معنى المعاوضة والتقييد ايضا اذ كل من المحال والمحال عليه يلتزم بها التزامات جديدة . كما هو مبين في الفقرة 117 من الموسوعة الفقهية وفي الفقرة 118 منها ( اما التأقيت والتأجيل الى الاجل المجهول جهالة فاحشة فلان التأقيت ينافي طبيعة الحوالة فلو قبل الحوالة قابل لمدة سنة واحدة مثلا فلا حوالة اصلا . ولان التأجيل بالاجل المجهول جهالة فاحشة يفضي الى النزاع وفي هامش ص/ 81 تعليقا على ذلك ) بخلاف التأجيل بالاجل المعلوم كغاية شهر كذا او المجهول جهالة محتملة كموسم حصاد القمح هذا العام فانه تأجيل باجل متعارف ولا غرر فيه اصلا او لا غرر يذكر ويراجع تفصيل شروط صحة الحوالة الموسوعة ص / 81 - 84 .
اما المال المحال به فيشترط ان يكون دينا لازما قياسا على الكفالة ( عند الحنيفة ) بجامع ان كلا من الكفالة والحوالة عقد التزام بما على المدين ، والاصل ان كل دين تصح به الكفالة تصح به الحوالة (م 688 من المجلة ) ويشترط الشافعية صحة الاعتياض عن المال المحال به ورأوا انها تغني عن شرط اللزوم فما لا يصح الاعتياض عنه لا تصح الحوالة به برغم لزومه ويوافقهم المالكية واكثر الحنابلة والزيدية والظاهرية ( المغنى لابن قدامة 5/55) واشترط الحنفية ايضا ان يكون المال المحال به معلوما وذلك لما في الجهالة من الغرر المفسد لكل معاوضة والحوالة لا تخلو من معنى المعاوضة فلا تصح الحوالة بمجهول ولان المجهول يمتنع الاعتياض عنه لما فيه من الغرر كما يتعذر استيفاؤه وايفاؤه وما اشترطه الحنفية من العلم بالمال المحال به يقيد اشترطه في المال المحال عليه كذلك ( ف 164 من الموسوعة الفقهية ).
وقد اشترط فيه الحنفية تساوي المالين المحال به والمحال عليه جنسا وقدرا وصفة والمراد بالصفة ما يشمل الجودة والرداءة والحلول والتأجيل وقدر الاجل لا صفة التوثيق برهن او ضمان بل تسقط هذه الضمانات عن المدينين بمجرد الحوالة لانه بمثابة القبض . والحكمة في هذا الشرط ان الحوالة سواء كانت معاوضة او ليست كذلك عقد ارفاق يقصد به الايفاء والاستيفاء فلو اذن بالتفاوت ثبت فيها التغابن وهو امر لا يتفق وموضوعها .
وتتبين الاحكام المشار اليها ايضا من الرجوع الى المواد 688 و 689 من المجلة وشرحهما لعلي حيدر و 885 و 888 و 896 من مرشد الحيران .
ان النتيجة التي تترتب على انتفاء احد شرائط انعقاد الحوالة هو بطلانها وهو حكم متفق عليه بين جميع الفقهاء وامر مسلم به في القواعد العامة للعقد . كما انه يستوي في النتيجة تخلف جميع الشرائط او احدها ومتى تقرر البطلان ، فانه يستتبع نقص ما تم تنفيذه من العقد قبل تقرير البطلان . ثم رد ما يستلزم هذا النقض طبقا للاحكام العامة ويمكن الاستفادة من الرجوع الى المواد 694 و 695 و 698 من المجلة وشرحها لعلي حيدر .
مصدر احكام هاتين المادتين يعرف من الرجوع الى المادة 690 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والمادتين 890 و 896 من مرشد الحيران ورد المحتار ج/4ص/ 291 و 292 و 295 وهما تقابلان المادتين 346 و 347 عراقي .
بني حكم هاتين المادتين على المصلحة ، المبنية على راي بعض الفقهاء الاسلاميين ، خلافا لراي الجمهور ، ومقتضى الاولى منهما ان الضمانات السابقة كالرهن تبقى ، اما الكفالة ، سواء كانت عينية او شخصية ، فان الكفيل لا يبقى ملتزما قبل الدائن الا اذا رضي بالحوالة , ومقتضى المادة الثانية منهما ان للمحال عليه ان يتمسك قبل المحال له بكافة الدفوع المتعلقة بالدين على الوجه المبين فيها ، وهي لا تتعارض مع حكم فقهي او نص شرعي .
وهما تقابلان المواد 318و 320 مصري وسوري ومشروع اردني و 348 و 349 عراقي .
هذه المواد تتعلق ببيان احكام ما بين المحيل والمحال عليه ان تلك الاحكام تعرف بالرجوع الى المواد 691 و 692 و 698 من المجلة وشرحها لعلي حيدر و 892 و 893 من مرشد الحيران والمواد 16 و17 و18 و19 من الملحق الثالث في صياغة احكام الحوالة في مواد مقننة ص / 256 من الموسوعة الفقهية وهي تقابل المواد 359 - 361 عراقي .
بما ان الحوالة تعطي المحال له حق مطالبة المحال عليه ويبرا المحيل من الدين ومن المطالبة ، وبما ان تمكين المحال له من الوصول الى حقه واجب ، وبما ان هذا الواجب لا يمكن التوصل اليه الا اذا تسلم من المحيل سند الحق المحال به وكل ما يلزم من بيانات او وسائل اخرى ، وبما ان ما لا يتم الواجب الا به فهو واجب كما قرر في علم اصول الفقه فقد وضع حكم هذه المادة استنادا الى هذا الاصل الشرعي وانظر ( المادة 980) من هذا المشروع مع مذكرتها الايضاحية .
بما ان الاصل سريان العقد من تاريخ وقوعه ما لم يتفق على خلاف ذلك وبما ان الاصل اضافة الحادث الى اقرب اوقاته بمقتضى المادة 11 من المجلة وشرحها لعلي حيدر وبما ان الاصل في الصفات العارضة العدم بمقتضى المادة 9 من المجلة وشرحها لعلي حيدر ، فقد وضعت هذه المادة على اساس ما ذكر لتوضح انه اذا وقع الضمان فانما ينصرف الى يسار المحال عليه وقت الحوالة ، وهي تقابل المادة 369 عراقي و 309 سوري ومشروع اردني .
حكم هذه المادة يعرف من الرجوع الى المادة 692 من المجلة وشرحها لعلي حيدر و 906 من مرشد الحيران ويؤيد ما ذكر ما جاء في المادة 20 من الملحق الثالث في صياغة احكام الحوالة في مواد مقننة ص/ 256 من الموسوعة الكويتية .
حكم هذه المادة يعرف من الرجوع الى المواد 693 و 694 من المجلة وشرحهما لعلي حيدر و 900 و 901 من مرشد الحيران ، وهي تقابل المادة 353 عراقي .
يعرف حكم هذه المادة من الرجوع الى رد المحتار ج/4ص/ 292 عند قوله ( ولا يرجع المحتال على المحيل الا الخ ) وهي متفقة مع المادة 22 من الملحق الثالث في صياغة احكام الحوالة في مواد مقننة ص/ 256 من الموسوعة الكويتية . وهي تقابل المادة 357 عراقي .
ان هاتين المادتين وضعتا في المشروع استنادا الى القواعد العامة التي تقتضي تأمين العدالة وحفظ الحقوق وهي مبادىء لا تقرها مع الشريعة الاسلامية وليستا مخالفتين لنص شرعي او حكم فقهي صريح ، وهما تقابلان المواد 313 و 314 مصري وسوري ومشروع اردني و 373و 374 عراقي .
وضعت هذه المادة استنادا الى ما هو مبين في رد المحتار ج/4ص/ 294 والمادة 910 من مرشد الحيران . وهي متفقة مع المادة 21 من الملحق الثالث في صياغة احكام الحوالة ص/ 256 من الموسوعة الفقهية الكويتية وهي تقابل المادة 350 عراقي .
حق الملكية هو الحق العيني الكامل ، تتصل به وتتفرع عنه حقوق عينية اخرى تناولها هذا الباب مستمدة من الفقه الاسلامي عدا ما تناولته القوانين القائمة والسارية فعلا في المملكة الاردنية الهاشمية فقد روعي ان تكون المبادئ التي تناولها هذا المشروع متفقة مع القواعد والاحكام المطبقة والا تتنافر هذه الاحكام من جهة اخرى مع المبادىء التي قام عليها المشروع .
ومن هذه القوانين الاراضي والمراعي وتسوية المياه وملكية الطبقات والشقق وغيرها من القوانين .
وقد عني المشروع بالاحاطة بمدى هذا الحق ووسائل حمايته وما يدور حوله من قيود او حقوق مجردة تحد من اطلاقه ووسائل انهاء هذه القيود ، وقسمت القيود الى قيود قانونية ، وهي التي تتضمنها تشريعات خاصة تصدر رعاية للمصالح العامة وقيود فرضها الجوار كالحدود المشتركة والحائط المشترك والمطلات المجاورة والمنحرفة او قيود ترجع الى الانتفاع بالمياه كالشرب والمجرى والمسيل لمياه الصرف الاتية من الاراضي المجاورة او العالية او من المياه الطبيعية كالامطار والينابيع والابار وعالج المشروع ما ينجم عن هذه القيود .
وقيود اتفاقية ( مصدرها العقد ) كشرط عدم التصرف وقد بين المشروع متى يصح هذا الشرط وما يترتب عليه من احكام ثم انتقل المشروع الى بيان انواع خاصة من الملكية كالملكية الشائعة وملكية الطبقات والشقق وملكية الاسرة ، كما تناول هذا الباب احكام انقضاء الشيوع بالقسمة .
وقد تناول الفقهاء تعريف حق الملكية دون ان تتضمن هذه التعريفات نطاق الحق ومداه وعناصره كلها حتى يصبح التعريف سندا للتطبيق على كل ما تشمله الملكية من احكام. وقد روعي في النص المقترح ان يكون شاملا لمدى الحق وعناصره بحيث يستوعب ما عسى ان ينجم عنه من حقوق وواجبات وان يشمل ما ورد في النصوص الواردة بمجلة الاحكام وبمرشد الحيران وقد نصت المادة 11 من مرشد الحيران على ان الملك التام من شأنه ان يتصرف به المالك تصرفا مطلقا فيما يملكه عينا ومنفعة واستغلالا فينتفع بالعين المملوكة وبعلتها وثمارها ونتائجها ويتصرف في عينها بجميع التصرفات الجائزة . وجمع النص عناصر حق الملكية في الفقه الاسلامي وهي الانتفاع بالعين المملوكة والانتفاع بالغلة والنتاج وهذا هو الاستغلال والتصرف في العين .
ونصت المادة ( 96) من مجملة الاحكام العدلية على انه لا يجوز لاحد ان يتصرف في ملك الغير بلا اذنه كما نصت المادة 1192 /1 منها على ان يتصرف كل في ملكه كيف شاء لكن اذا تعلق حق الغير به يمنع المالك من تصرفه على وجه الاستقلال ( وقد روعي في النص ايضا ان يتضمن ما اشار اليه صاحب فتح القدير في الجزء الخامس ص/ 456 من ان الملك قدره يثبتها الشرع ابتداء على التصرف مع تحديد هذه القدرة بانها سلطة المالك في ان يتصرف فيما يملكه عينا ومنفعة واستغلالا، حتى يكون النص متمشيا مع ما تناوله الفقهاء من تحديد نطاق الملكية ومداها ، ولما كان حق الملكية حقا مطلقا في اساسه وقد اشار صاحب مرشد الحيران في المادة -11- الى ذلك ولما كانت هناك قيود على هذا الحق تناولتها المواد 57 من المرشد والفقرة التالية من المادة 1192/2 من مجلة الاحكام وفي المواد الخاصة بالقيود العديدة على حق الملكية ، الا انه روعي في النص المقترح وحتى لا يتعارض اعتبار الملكية حقا مطلقا مع ايراد القيود العديدة على هذا الحق ، ان يشير الى ان يكون حق المالك في التصرف محددا بالتصرفات الجائزة تفاديا لما عسى ان يثار من اعتراضات على اطلاق الحق او تقييده .
وهي تقابل المواد 768 سوري و 767 مشروع اردني و 802 مصري و 1048 عراقي .
هذه المادة اعتمد في حكمها على ما ورد في المادة 1194 من المجلة وشرحها لعلي حيدر وقد وضع الاستثناء الاخير في مادة المشروع مسايرة للتطور لان الحكومة او احدى المؤسسات قد ترى من الضروري مد اسلاك للهاتف او الكهرباء تعلو بعض الاملاك او ان ترى البحث في باطن ارض مملوكة للغير عن كنوز او مناجم ومن ثم فانه يجوز بمقتضى القانون او الاتفاق الحد من نطاق الملكية ويكون مقصورا على سطح الارض دون ما فوقها الى ارتفاع معين وما تحتها الى عمق محدود وفقا للضرورات التي تقتضيها المصلحة العامة ، وهي تقابل المواد 768 مشروع اردني و 769 سوري و 803 مصري و 1049 عراقي .
يتفق النص مع المادة (11) من الدستور الاردني وقد جاء فيها :
( لا يستملك ملك احد الا للمنفعة العامة وفي مقابل تعويض عادل حسبما يعين في القانون ) . وهو يتفق تماما مع احكام الفقه الاسلامي ، فقد نصت المادة (97) من مجلة الاحكام العدلية ( على انه لا يجوز لاحد ان يأخذ مال احد بلا سبب شرعي ) ونصت المادة 1216 ( على انه لدى الحاجة يؤخذ ملك كائن من كان بالقيمة بامر السلطان ويلحق بالطريق لكن لا يؤخذ من يده ما لم يؤد له الثمن ) ونصت المادة 162 من المرشد على ما يلي ( لا ينزع ملك احد من يده بغير حق شرعي ) ونصت المادة 165 منه ( على انه اذا اقتضت المصلحة العامة اخذ ملك لتوسيع طريق العامة يؤخذ بقيمته لكن لا يؤخذ من يد صاحبه ما لم يؤد له ثمنه مقدرا بمعرفة من يوثق بعدالته من اهل الخبرة ) . وقد اشير في الهامش الى ان مصدر النص في حاشية ابي السعود على ملا مسكين من الوقف ص/ 519 وقد جاء بها (انه اذا ضاق المسجد على الناس وبجانبه ارض لرجل تؤخذ بالقيمة كرها لانه لما ضاق المسجد الحرام اخذ الصاحبه ارضين بكره وزادوا في المسجد زيلعي وهذا من الاكراه الجائز) . وانظر المادة 1216 من المجلة وشرحها لعلي حيدر ص/ 245 ج/ 3 وهي تقابل المواد 770 مشروع اردني و 771 سوري و 1050 عراقي .
يعرف حكم هذه المادة من الرجوع الى المواد 1192 و 1200 و 1209 من المجلة مع شرحها لعلي حيدر والمواد من 57 - 63 من مرشد الحيران مع اضافة قيد تطلبته المصلحة وهو التزام القوانين المتعلقة بها كما اذا صدرت الحكومة قانونا لنزع الملكية للمنفعة العامة وقوانين حماية الآثار والمقدسات وقوانين تنظيم المياه والينابيع والحقوق المترتبة عليها . وهي تقابل المواد 772 مشروع اردني و 773 سوري و 1051 عراقي .
بما انه يشترط في صحة الوقف والوصية ان يكون كل من الواقف والموصي مالكا لعين الموقوف او الموصى بها وبما ان الارض الاميرية رقبتها مملوكة لولي الامر ولواضح اليد حق التصرف فيها فقط . فلا يجوز له وقفه ولا الوصية به الا اذا طلب من الحكومة تغيير صفة الارض من اميرية الى ملك ، ووافقت على ذلك ، كما يتبين من مراجعة كتاب الوقف ج3ص/357 والجزء الخامس من صفحة 414 - 417 من رد المحتار والمادة 3 من قانون العدل والانصاف والمادة 86 من مرشد الحيران ، وهي تقابل المواد 773 مشروع اردني و 774 سوري .
يعرف مصدر حكم هذه المادة من الرجوع الى المادة 58 من مرشد الحيران والمادة 1192 من المجلة وشرحها لعلي حيدر ، وهي تقابل المادة 1051 عراقي .
يعرف مصدر حكم هذه المادة من الرجوع الى المادة 59 من مرشد الحيران والمادة 1199 من المجلة وشرحها لعلي حيدر .
يعرف مصدر حكم هذه المادة من الرجوع الى المادة 61 من مرشد الحيران والمادة 1201 من المجلة وشرحها لعلي حيدر .
يعرف مصدر حكم المادة من الرجوع الى المادة (63) من مرشد الحيران والمادة 1207 من المجلة وشرحها لعلي حيدر .
مصدر حكم هذه المادة يعرف من الرجوع الى المواد (60) من مرشد الحيران و 1202 من المجلة وشرحها لعلي حيدر ، وهي تقابل المواد 774 مشروع اردني و 776 سوري و 807 مصري و 1051 عراقي .
تضمنت هاتان المادتان حكم الشروط التي يتضمنها العقد او الوصية ويكون من شأنها فرض قيود على حقوق المتصرف اليه في ملكيته وقد وضع هذا النص حدودا لاباحة ما كان مشروعا من هذه الشروط وقصد به حماية مصلحة مشروعة للمتصرف كما اذا اشترط الانتفاع بالعين طول حياته او للمتصرف اليه كما اذا كان سيء التصرف واراد المتصرف ان يحميه من سوء تصرفه او للغير كما اذا كان الانتفاع مشروطا لمصلحته . على ان تكون الشروط المشار اليها مقترنة بمدة محددة اذ لا يجوز تأييد هذه الشروط ولا جعلها لمدة طويلة تتجاوز الغرض منها ، ونصت المادة 1029 على ان كل شرط لا تتوفر فيه الاحكام السابقة يقع باطلا .
وترجع احكام كلا النصين الى ما جاء في البداية والنهاية لابن رشد الجزء (2) اخر الصفحة (133) والمغني لابن قدامه الجزء (4) الصفحة (49 - 55) وصفحة (285/286) وقد جاء في البداية (ان يشترط عليه شرطا يقع في مدة الملك وهذا ينقسم الى ثلاثة اقسام اما ان يشترط في البيع منفعة لنفسه واما ان يشترط على المشتري منعا من تصرف عام او خاص واما ان يشترط ايقاع معنى في المبيع .
وهذا ايضا ينقسم الى قسمين احدهما ان يكون معنى من معاني البر والثاني ان يكون معنى ليس فيه البر شيء ، فاما اذا اشترط لنفسه منفعة يسيرة لا تعود بمنع المتصرف في اصل المبيع مثل ان يبيع الدار ويشترط سكناها مدة يسيرة فذلك جائز لحديث جابر واما ان يشترط منعا من تصرف خاص او عام فذلك لا يجوز لانه من الثنيا مثل ان يبيع الامة على ان لا يبيعها واما ان يشترط معنى من معاني الرفان كان قد اشترط تعجيله جاز وان تأخر لم يجز لعظم الغرر فيه وان اشترط معنى ليس من معاني البر فان ذلك لا يجوز ...) وقد وضعت المادتان على اساس النصوص الفقهية المشار اليها ، وهما تقابلان المواد 776 و 777 مشروع اردني و777 و 778 سوري و 823 و 824 مصري .
بينت هذه المادة الملكية الشائعة وقد استمدت احكامها من المادتين 745 , 746 من مرشد الحيران والمواد 1060 و 1062 و 1063 , 1073 من المجلة وشرحها لعلي حيدر ، ويتضح من عبارة المادة ان الحصة التي يملكها الشريك في الشيوع تكون شائعة في كل المال لا تتركز في جانب منه بالذات ، وهذا ما يميز الملكية الشائعة عن الملكية المفرزة اذ يملك الشركاء على الشيوع حصة في كل المال وقد يكون مصدر الشيوع العقد او الوصية او الميراث وفي حالة الميراث فان الورثة شركاء بحسب حصصهم الارثية وفيما عدا ذلك تحدد الحصص عند بدء الشيوع فاذا لم يكن هنا تحديد احتسبت الحصص متساوية اذا لم يقم دليل على غير ذلك . وهي تقابل المواد 778 من المشروع الاردني و 780 سوري و 825 مصري و 1061 عراقي .
الملكية الشائعة كالملكية المفرزة تتضمن عناصرها الثلاثة وهي الاستعمال والاستغلال والتصرف . الا ان الاستعمال والاستغلال يتقيدان بحقوق الشركاء الاخرين ، فالمالك في الشيوع له ان يستعمل حقه وان يستغله بحيث لا يلحق الضرر بحقوق سائر الشركاء اما حقه في التصرف فهو كحق المالك ملكية مفرزة على ان يقع تصرفه على حصته الشائعة فيستطيع ان يبيع هذه الحصة وان يهبها او يرهنها اما اذا وقع التصرف على جزء مفرز من المال الشائع كما اذا باع مالك الحصة الشائعة جزء مفرزا او رهنها فيكون البيع او الرهن صحيحا اذا وقعت الحصة عند القسمة في نصيب المالك الذي صدر منه التصرف ، فاذا لم يقع في نصيبه كان التصرف من غير مالك واخذ حكمه .
ويتبين مصدر حكم هذه المادة من الرجوع الى المواد 12 و 749 من مرشد الحيران و 1071 من المجلة وشرحها لعلي حيدر ، وهي تقابل المواد 779 مشروع اردني و 781 سوري و 826 مصري و 1061 و 1062 عراقي .
المراد بالخلط كما جاء في رد المحتار خلط النصيبين بحيث لا يتميز احدهما عن الاخر اما الاختلاط فصفة للمال تثبت من فعل الشريكين وحكمه عدم اجازته البيع بغير اذن الشريك في صورة الخلط . والاختلاط هو تعذر تسليم النصيب الشائع الا مختلطا بنصيب الشريك الاخر ولذا يتوقف البيع او التصرف على اذنه .
ومصدر حكم هذه المادة يعرف من الرجوع الى المواد 12 و 749 من مرشد الحيران و 214 و 215 و 1071 من المجلة وشرحها لعلي حيدر ورد المحتار ج/3ص/332 ، وهي تقابل المواد 779 مشروع اردني و 781 سوري و 826 مصري و 1061 عراقي .
تناولت هذه المادة حكم ادارة المال الشائع وجعلتها من حق الشركاء مجتمعين الا اذا اتفقوا على غير ذلك وهذا الحكم هو من مقتضى العقد ولا خلاف فيه ، لكن لما كان من غير الميسور ان يتفقوا في كل ما تتطلبه الادارة فاذا تولى احدهم ذلك وعلم الاخرون دون اعتراض يعتبر ذلك بمثابة اذن منهم لان السكوت في معرض الحاجة بيان كما تقرر في اصول الفقه ولذلك وضعت المادة على هذا الاساس وقد يستأنس لذلك بما ورد في المادة 761 من مرشد الحيران والمادة 1084 من المجلة وشرحها لعلي حيدر ، وهي تقابل المواد 780 مشروع اردني و 782 سوري و 827 مصري و 1064 عراقي .
ان هاتين المادتين وضعتا قواعد لادارة المال الشائع وجعلتها خاضعة لرأي الاغلبية طبقا لانصبتهم ، فاذا لم تتفق الاغلبية لجاز لها ان تختار من بينها او من غيرها مديرا وللاغلبية ان تقيد المدير قواعد تضعها وتسري هذه القواعد على الجميع كما تسري على خلفاء الشركاء سواء اكان الخلف عاما ام خاصا ، كما يجوز لاحد الشركاء ان يطلب من المحكمة ان تتخذ ما يلزم لحفظ المال وان تعين مديرا من بين الشركاء او من غيرهم لحفظه . وقد يبين في المادة الثانية معالجة الحالة التي اشير فيها اليها وتمس الحاجة لمعالجتها حسب العرف وتأمينا لتحقيق الغرض المقصود من الشركة ويمكن الاستئناس والاعتماد في ذلك على ما هو متعارف بين التجار واصحاب المصالح المتعلقة ، والمعروف عرفا كالمشروط شرطا ، ويلزم مراعاة الشرط بقدر الامكان ، كما هو مقتضى المادتين 43 و 83 من احكام المجلة وشرحهما لعلي حيدر وقد وضعت المادتان المشار اليهما على هذا الاساس وهما تقابلان المواد 781 و 782 مشروع اردني و 783 و 784 سوري و 828 و 829 مصري و 1064 و 1065 عراقي .
حفظ المال الشائع من حق كل شريك وله ان يتخذ من الوسائل ما يلزم لذلك كالترميم والصيانة ورفع دعاوي الحيازة وهو في ذلك فضولي يتصرف في حدود قواعد الفضالة ، اذا لم يوافق باقي الشركاء على تصرفه ومصدر النص يعرف من الرجوع الى المواد 764 - 770 من مرشد الحيران والمواد 1309 - 1313 من المجلة وشرحها لعلي حيدر ، وهي تقابل المواد 783 مشروع اردني و 785 سوري و 820 مصري و 1066 عراقي .
نصت هذه المادة على نفقات المال الشائع وادارته وسائر التكاليف الناتجة عن قيام حالة الشيوع كما قضت بان يتحملها جميع الشركاء كل بقدر حصته . وقد استمد النص من المادتين 764 و 765 من مرشد الحيران وتنص اولاهما على انه اذا احتاج الملك المشترك على مرمة او عمارة يعمره اصحابه بالاشتراك على قدر حصصهم ونصت الثانية على انه اذا عمر احد الشريكين الملك المشترك باذن شريكه يكون له الرجوع عليه بقدر ما يصيب حصته من المصاريف . وقد اشار صاحب المرشد في الهامش الى ان النص يستفاد من رد المحتار اول كتاب الشركة ص 332 الجزء الثالث وما بعدها .
ونصت المادة 1152 من المجلة وشرحها لعلي حيدر على انه اذا كانت التكاليف الاميرية لاجل محافظة النفوس تقسم على عدد الرؤوس واذا كانت للمحافظة على الاملاك تقسم على مقدار الملك لان الغرم بالغنم ونصت المادة - 1308 من المجلة وشرحها لعلي حيدر ، على انه اذا احتاج الملك المشترك للتعمير والترميم فيعمره اصحابه بالاشتراك بنسبة حصصهم .
وهي تقابل المواد 783 مشروع اردني و785 سوري و 831 مصري و 1067 عراقي .
تناولت هذه المادة تعريف القسمة كاجراء تعيين وافراز الانصبة الشائعة وشروطها عدم فوات منفعة المال المقسوم بالقسمة او تبدله ، فاذا فاتت منفعته او تغير حاله فهو غير قابل للقسمة ، لان القسمة افراز للملك والمنفعة الثابتة للشركاء قبل القسمة ولان حكمها تعيين حصة كل شريك ملكا وانتفاعا على حدة.
وتتم القسمة اما بالتراضي بين الشركاء او بحكم القاضي بناء على طلب احد الشركاء . ومصدر الحكم يعرف من الرجوع الى المواد 1114 و1117-1122 من المجلة وشرحها لعلي حيدر.
نصت هذه المادة على ان يكون المقسوم عينا لا دينا لان قسمة الدين لا تجوز وان تكون العين مملوكة للشركاء عند اجراء القسمة فلو ظهر مستحق للمال المقسوم بعد القسمة بطلت القسمة واذا ظهر مستحق لجزء شائع من المقسوم كنصفه او ثلثه بطلت القسمة ويتعين اعادة التقسيم واذا ظهر مستحق لمجموع حصته بطلت القسمة وتكون الحصة الباقية مشتركة بين اصحابها ، واذا تبين ان العين المقسومة وقف فان القسمة لا تصح ، الا اذا كانت العين مشتركة بين ملك ووقف فيجوز القسمة بينهما ، ومصدر الحكم يعرف من الرجوع الى المادتين 1123 و 1125 من المجلة وشرحهما لعلي حيدر .
حكم هذه المادة يعرف من الرجوع الى المادتين 1122 و 1129 من المجلة وشرحهما لعلي حيدر على ان تراعى احكام القوانين الخاصة في التفصيلات لتحقيق ذلك . وهي تقابل المواد 788 - 791 مشروع اردني و 790 - 793 سوري و 836 - 839 مصري و 1072 - 1074 عراقي .
نصت هذه المادة على شرط لزوم ونفاذ قسمة التراضي وهو رضا كل من المتقاسمين فاذا تغيب احدهم ولم يكن له نائب وقسم الحاضرون المال المشترك وافرزوا حصة الغائب فلا تصح قسمة الرضا ولا تكون لازمة الا اذا اجازها الغائب بعد ذلك فاذا كان بين المتقاسمين قاصرا او مجنون او معتوه قام وليه او وصيه مقامه وتجري القسمة بحضور الولي او الوصي ولا تلزم بغير حضوره .
اما اذا اجازها ولي الصغير او وصيه او القاضي او الصغير بعد البلوغ او ورثة الصغير بعد وفاته فان القسمة تكون لازمة .
ومصدر الحكم يعرف من الرجوع الى المادة 1128 من المجلة وشرحها لعلي حيدر ، وهي تقابل المواد 792 مشروع اردني و 794 سوري و840 مصري و 1072 عراقي .
هذه المادة تشير الى شرط صحة القسمة قضاء وهو طلب احد الشركاء على الشيوع ، ومن ثم فلا تصح القسمة من القاضي جبرا الا اذا تقدم احد اصحاب الحصص بطلب ، وتتم القسمة قضاء حتى اذا امتنع او تغيب احد الشركاء على الشيوع متى روعيت الاجراءات الواجبة . ومصدر حكمها يعرف من الرجوع الى المادتين 1129 و 1130 من المجلة وشرحهما لعلي حيدر ، وهي تقابل المواد 788 مشروع اردني و 790 سوري و 1072 عراقي و 836 مصري .
تضع المادة المذكورة قيدا على المال المشترك موضوع القسمة وهو ان يكون قابلا لها بحيث لا تفوت المنفعة المقصودة منه بالقسمة ، والمنفعة المقصودة هي المنفعة القائمة قبل القسمة اي ان كل مال مشترك ينتفع به جميع الشركاء بعد القسمة كانتفاعهم بحصصهم قبل القسمة . ومصدر حكمها يتبين من الرجوع الى المادة 1131 من المجلة وشرحها لعلي حيدر ، وهي تقابل المواد 790 سوري و 788 مشروع اردني و 1072 عراقي و 836 مصري .
القسمة قضاء لا تجري في العين اذا كان تبعيضها يضر بالعين او يهدر المنفعة المقصودة منها لان الاجبار على القسمة شرع لتحقيق المنفعة ، فاذا تعذر تحقيق المنفعة وتعذر بالتالي على الشريكين الاستمرار في الانتفاع بالعين جاز لايهما بيع نصيبه للاخر او ان يطلب من المحكمة بيعها على ان يقتصر اجراء البيع (المزايدة) على الشركاء فقط اذا هم طلبوا ذلك . (وتراجع القواعد لابن رجب صفحة 151 وما بعدها) والمادة 1141 من المجلة وشرحها لعلي حيدر ويتبين منهما مصدر هذا الحكم ، وهي تقابل المواد 793 مشروع اردني و 795 سوري و 841 مصري و 1073 عراقي .
لما كان دائنو الشركاء يعنيهم امر القسمة ، فقد يغبن فيها الشريك المدين لذلك خولهم القانون حق الاعتراض عليها وذلك بانذار يوجه الى الشركاء اذا كانت قسمة رضائية او بالتدخل امام المحكمة اذا كانت قسمة قضائية وعلى الشركاء ادخال جميع الدائنين في دعوى القسمة والا كانت غير نافذة في حقهم ، اما اذا تمت القسمة دون تدخل من الدائنين او كانت عقدا فليس للدائن ان يطعن عليها الا في حالة الغش اذا كانت قضائية او بطريق الطعن عليها بدعوى ابطال التصرف اذا كانت رضائية : وقد تضمنت المادة 1161 من المجلة هذا الحكم .
وذلك لحماية الدائنين الذين لا يعلمون بتقسيم التركة بعد وفاة المورث . ولا خلاف في ان الدين مقدم على الارث فاذا كان محيطا فلا تركة واذا لم يكن محيطا منع الورثة من التصرف في التركة او قسمتها حتى يؤدى الدين ومن ثم فان القسمة تفسخ اذا ظهر دين على الميت بعد القسمة الا اذا ادى الورثة الدين او ابراهم الدائنون منه او كان للمين مال اخر غير المقسوم وسدد منه الدين وقد جاء في شرح المجلة لعلي حيدر على المادة الانفة الذكر (1161) ان تعبير الدين ليس احترازيا لان تقسيم التركة يفسخ لاسباب ثلاثة وهي ظهور دين على التركة او موصى له او وارث اخر .
وعلى هذا الاساس وضعت المادتان المشار اليهما ، وهما تقابلان المواد 794 مشروع اردني و 796 سوري و 842 مصري و 1071 عراقي .
حكم هذه المادة يعرف من الرجوع الى المادة 1162 من المجلة وشرحها لعلي حيدر ، وهي تقابل المواد 795 مشروع اردني و 797 سوري و 843 مصري و1074 عراقي .
يحدد النص مدى انتهائية القسمة ، اذ ليس للشريك المتقاسم او ورثته الرجوع عن القسمة متى تمت صحيحة على الوجه السالف الذكر اما القسمة غير الصحيحة كقسمة الارض الموقوفة فيجوز الرجوع عنها . كما اشارت المادة الى انه يجوز فسخ القسمة واقالتها برضاء جميع الشركاء وذلك على ان يعود المال المشترك الى حالته السابقة سواء اكان التقسيم رضاء او قضاء ولانه يوجد في القسمة معنى المبادلة لذلك جاز الفسخ والاقالة ومصدر حكم هذه المادة يعرف من الرجوع الى المادتين 1157 و 1159 من المجلة وشرحهما لعلي حيدر .
?في شرح المواد 1153 و 1154 و 1155 من المجلة لعلي حيدر والجزء -3- الصفحة 165 وما بعدها ، انه تجرى في القسمة ستة انواع من الخيارات هي : خيار الشرط - وخيار الرؤية - وخيار العيب - وخيار الغبن - وخيار الاستحقاق وخيار اجازة عقد الفضولي : ويكون خيار الشرط وخيار الرؤية وخيار العيب في تقسيم الاجناس المختلفة وفي القيميات المادة 1154 ولا يكون في قسمة المثليات المتحدة الجنس خيار الشرط وخيار الرؤية ولكن يجري فيها خيار العيب لان خيار الشرط وخيار الرؤية يجريان في المعاوضات . ولما كانت قسمة الافراز هي الغالبة في المثليات لذلك يكون كل شريك قد اخذ عين حصته ومن ثم فلا يجري عليها الخياران المذكوران .
هذه المادة عالجت حكم من لحقه غبن فاحش في القسمة الرضائية اعتمادا على المواد 165 و 1127 و 1160 من المجلة وشرحها لعلي حيدر ، وهي تقابل المواد 797 مشروع اردني و 799 سوري و 845 مصري و 1077 عراقي .
لوحظ في وضع هذه المادة قاعدة تخصيص القضاء والمنع من سماع الدعوى رعاية للمصلحة كما هو مقتضى المادة 1160 من المجلة وشرحها لعلي حيدر ، وهي تقابل المواد 797 مشروع اردني و 799 سوري و 845 مصري و 1077 عراقي .
يشترط في القسمة ان يكون المقسوم كله مملوكا للشركاء حين القسمة فاذا لم يكن ملكا بل كان وقفا بطلت القسمة ، واذا ظهر مستحق لكل المقسوم او لجزء شائع منه بطلت كذلك الا انه اجيز للشركاء في الجزء الباقي ان يعيدوا القسمة فيما بقي من المال المقسوم وذلك حتى لا يضار مستحق الحصة الشائعة او الشركاء بعد الاستحقاق ويمكن معرفة الحكم المشار اليه من الرجوع الى المادة 1125 من المجلة وشرحها لعلي حيدر .
القاعدة ان كل عقد يصح فيه التوكيل يتوقف عقد الفضولي فيه على الاجازة ، والقسمة من العقود التي يصح فيها التوكيل . وحق الاجازة في قسمة الفضولي للشركاء في الملك او وكلائهم او ورثتهم بعد وفاتهم او وصيهم او للوصي بعد البلوغ فاذا اجاز هؤلاء قسمة الفضولي كانت نافذة ولا تنفذ بالاجازة بعد انفساخها لان حق الاجازة يسقط بالفسخ ومؤدى النص ايضا ان الاجازة قد تكون قولا اي صراحة وقد تكون فعلا اي دلالة ويمكن معرفة الحكم المشار اليه من الرجوع الى المادة 1126 من المجلة وشرحها لعلي حيدر .
قسمة المهايأة هي قسمة انتفاع لا قسمة ملكية وقد تكون زمنية اي ان يتفق الشركاء على ان يتناوبوا الانتفاع بجميع المال المشترك كل منهم لمدة تتناسب مع حصته او مكانته فيتفق الشركاء على ان يختص كل منهم بمنفعة جزء مفرز يوازي حصته الشائعة ويختلف الامر بالنسبة لجنس المال المقسوم ومدى قابليته للانتفاع به زمانا او مكانا .
ويمكن معرفة حكم هذه المادة من الرجوع الى المادتين 1174 و 1176 من المجلة وشرحهما لعلي حيدر ، وهي تقابل المواد 798 و 799 مشروع اردني و 800 و 801 سوري و 846 و 847 مصري و 1078 عراقي .
لما كانت قسمة المهايأة الزمانية مقيدة بالزمان فانه يتعين تحديد المدة ذلك لان المهايأة في حكم الاجارة وتخضع لاحكامها ، لان كل شريك يعد مؤجرا للشريك الاخر او مستأجرا منه . ولذا رؤي ان تتضمن الفقرة الثانية تحديد مدة الانتفاع بصفة عامة ، وتحديدها عند عدم الاتفاق عليها واحقية اي من الشركاء في اعلان عدم رغبته في تجديدها .
واشار النص ايضا الى قيود مدة الانتفاع سواء اكان تحديد المدة وجوبيا في المهايأة زمانا او جوازيا في المهايأة مكانا وذلك حسما لما قد ينشأ من خلاف حول مدد الانتفاع ، ويمكن معرفة حكم هذه المادة من الرجوع الى المواد 1178 - 1180 من المجلة وشرحها لعلي حيدر ، وهي تقابل المواد 798 مشروع اردني و 800 سوري و 846 مصري و 1078 عراقي .
ان المهايأة الزمانية تأخذ حكم الاجارة كما هو مصرح به في المادة 1178 من المجلة وان المهايأة المكانية تلحق بالايجار كما هو مصرح به في شرح المادة 1179 من المجلة لعلي حيدر وقد وضعت المادة على هذا الاساس ، وهي تقابل المواد 800 مشروع اردني و 802 سوري و 848 مصري و 1079 عراقي .
الاصل في القسمة ان يتفق اصحاب الحصص على ان يستقل كل منهم بجزء معين من الملك المشترك مقابل حصته الشائعة وانه في بعض الاحيان يجوز ان تكون القسمة قسمة منافع وهي المهايأة وبما انه اذا اقيمت دعوى القسمة بين الشركاء قد يتطلب امر فصلها زمانا طويلا وبما انه لا ضرر ولا ضرار فقد تضمنت مادة المشروع جواز اللجوز الى المهايأة رضاء او قضاء في حالة ما اذا كان يخشى ان يصيب احد الشركاء ضرر من طول الزمن لفصل قسمة التملك ، وعلى هذا الاساس وضعت هذه المادة ، وهي تقابل المواد 801 مشروع اردني و 803 سوري و 849 مصري و 1080 عراقي .
حكم هذه المادة يعرف من الرجوع الى المادتين 1182 و 1183 من المجلة وشرحهما لعلي حيدر .
اعتمد في حكم هذه المادة على المادة 1191 من المجلة وعلى ما جاء في شرحها لعلي حيدر .
?الشيوع الاجباري شيوع دائم لا يجوز طلب القسمة فيه ويبرر الشيوع الدائم ان الغرض الذي اعد له المال الشائع يقتضي ان يبقى هذا المال دائما في الشيوع ودليل ذلك ما اشارت اليه المجلة من امثلة ككتاب لا يمكن تجزئته او طريق شائع يعبره ملاك متجاورون الى الطريق العام اذ يتطلب الغرض من انشائه ان يبقى دائما على الشيوع ولا يصح طلب القسمة فيه وكالحائط المشترك والاجزاء المشتركة في ملكية الطبقات والشقق طبقا لما يبين من احكامها ويمكن الرجوع الى المواد 1142 - 1146 من المجلة وشرحها لعلي حيدر لمعرفة تفصيلات ذلك . وهي تقابل المواد 802 مشروع اردني و805 سوري و850 مصري و1081 عراقي.
ان نظام ملكية الاسرة في اساسه يستند الى حكم الفقه الاسلامي ذلك ان الشركة هي عقد بين المتشاركين في الاصل والربح وشراكة الملك تشمل الاشتراك بين المتشاركين بارث او بيع او غيرهما مكا هو موضح في اول كتاب الشركة من الجزء الثالث من رد المحتار ص 332 و333 وايضا فان هذا النوع من الملكية يمكن تخريجه على قاعدة الاستصحاب المبينة في المادة (10) من المجلة وعلى ما هو مبين في المادتين 1683 و1777 من المجلة وشرحهما لعلي حيدر وبما ان للورثة ان يستمروا شركاء بقدر انصبائهم في الارث فيما ورثوه عن مورثهم كما هو مبين في الفقه الاسلامي ، وبما ان هذا المشروع تضمن ايضا جواز الاتفاق على انه اذا مات احد الشركاء استمرت الشركة مع ورثته كما ذكر في المادة 603 وعلى هذا الاساس فقد وضعت احكام هذه المادة من النص على ضرورة الاتفاق كتابة على انشاء تلك الملكية رعاية للمصلحة . ويمكن الرجوع لكتاب الدكتور وحيد شوار في حق الملكية ج/1 هامش ص 635 ، وهي تقابل المواد 803 مشروع اردني و 806 سوري و851 مصري.
نصت المادة على تحديد مدة خمس عشرة سنة لبقاء ملكية الاسرة حتى تتميز عن الشيوع العادي فاذا اتفق اعضاء الاسرة على مدة تزيد على ذلك انقضت الى هذا الحد ولكن لا يوجد ما يمنع من تجديد المدة بعد انقضائها على انه يجوز لكل شريك ان يطلب من المحكمة الاذن له في اخراج نصيبه من هذه الملكية قبل انتهاء الاجل المتفق عليه اذا كان هناك مبررقوي لذلك كما اذا اقتضت ظروفه الخاصة ان ينقل عمله الى مقر اخر او احتاج الى مال او وقع بينه وبين اعضاء الاسرة خلاف تتعذر تسويته واذا لم يحدد لملكية الاسرة اجل فلكل شريك ان يخرج نصيبه منها بعد ستة اشهر من يوم اعلان الشركاء برغبته في الخروج منها . وان الاحكام المبينة في هذه المادة تنسجم انسجاما تاما مع الحقوق الطبيعية لكل وارث او شريك غير انها عينت المدة بخمس عشرة سنة رعاية للمصلحة ولذلك فان احكامها تنسجم مع الفقه الاسلامي ولا تتعارض معه وهي تقابل المواد 804 مشروع اردني و 807 سوري و 852 مصري .
في تحديد النظام الذي تخضع له ملكية الاسرة امران يتصل اولهما بالتصرف وثانيهما بالادارة . فلا يجوز في ملكية الاسرة المطالبة بالقسمة ولا يجوز فيها للشريك التصرف في نصيبه لاجنبي عن الاسرة الا بموافقة الشركاء جميعا ولكن يجوز ان يتصرف في نصيبه لاحد الشركاء كما يجوز لدائن احد الشركاء ان ينفذ على نصيبه وان يبيعه جبرا لاجنبي فاذا تملك اجنبي حصة احد الشركاء سواء اكان ذلك في بيع جبري او بيع اختياري برضاء الشريك وموافقة سائر الشركاء فلا يشترك هذا الاجنبي مع ذلك في ملكية الاسرة الا باتفاق بينه وبين باقي الشركاء ، حتى تبقى الملكية مقصورة على افراد الاسرة بقدر الامكان .
كما تمتاز ملكية الاسرة في ادارتها بان يعين اغلبية الشركاء على اساس قيمة الحصص مديرا من بينهم ولهذا المدير سلطة اوسع من سلطة المدير في المال الشائع التي سبق تحديدها فهو يقوم باعمال الادارة المعتادة وغير المعتادة فله ان يدخل على ملكية الاسرة من التغييرات في الغرض الذي اعدت له ملكية الاسرة ما يحسن به طرق الانتفاع الا اذا سلب المدير هذه السلطة باتفاق خاص . ولكل شريك ان يطلب من المحكمة عزل المدير اذا وجد سبب قوي يبرر ذلك كما يجوز للاغلبية التي عينت المدير عزله .
وهاتان المادتان تقابلان المواد 805 و 806 مشروع اردني و 808 و 809 سوري و 853 و 854 مصري .
فيما عدا ما اشير اليه في المادة السابقة من خواص ملكية الاسرة تخضع هذه الملكية للقواعد الملكية الشائعة ولقواعد الوكالة فيما يتعلق باعمال المدير والتزامه . وهي تقابل المواد 807 مشروع اردني و 810 سوري و 855 مصري .
مصدر نصوص هذه المواد في ملكية الطبقات والشقق وتنظيم احكام السفل والعلو اساسا الشريعة الاسلامية كما هو مبين في المراجع الفقهية والمواد 1192 و 1193 و 1309 و 1311 و 1313 و 1315 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والمواد من 64-68 و 70 من مرشد الحيران .
وملكية الطبقات تشتمل على ملكية مفرزة هي الطبقات والشقق المختلفة والتي يحتويها المنزل والتي يملكها مفرزة ملاك متعددون وعلى ملكية شائعة شيوعا اجباريا هي اجزاء البناء المعدة للاستعمال المشترك بين الجميع كالاساسات والجدران الرئيسية وهي غير الجدران الخاصة بكل طبقة وغير الحوائط الفاصلة بين شقتين وهذه تكون ملكيتها مشتركة بين اصحاب هاتين الشقتين وغيرهما .
والمداخل والاقنية والاسطح والسلالم والمصاعد والممرات والدهاليز وقواعد الارضيات وكل انواع الانابيب الا ما كان منها داخل الطبقة او الشقة هذا عدا الارض التي اقيم عليها البناء فهي ملك مشترك للجميع وكل هذا ما لم يوجد في سندات الملك ما يخالفه . ويجري على هذه الاجزاء المشتركة حكم الشيوع الاجباري فلا تقبل القسمة ويكون نصيب كل مالك بنسبة قيمة الجزء المفرز الذي يملكه في الدار وليس لاي مالك ان يتصرف في نصيبه مستقلا عن الجزء المفرز الذي يملكه لما بينهما من علاقة التبعية .
وكما يجوز في الشيوع الاجباري لكل مالك ان يستعمل الاجزاء المشتركة فيما خصصت له على الا يحول ذلك دون استعمال الملاك الاخرين لها ولا يجوز لاحد ان يحدث تعديلا في هذه الاجزاء دون موافقة الجميع الا اذا توفرت شروط اربعة وهي :
1. ان يكون ذلك على نفقة الشريك الذي يستقل باحداث التعديل.
2. ان يكون التعديل من شأنه تسهيل استعمال الاجزاء المشتركة .
3. والا يغير هذا التعديل من تخصيص هذه الاجزاء .
4. والا يحدث ضررا بالملاك الاخرين .
وقد جعل المشروع التكاليف التي تنفق على الاجزاء المشتركة على عاتق جميع الشركاء كل بنسبة قيمة الجزء الذي له في الدار ما لم تنص سندات الملك او نظام ادارة البناء على غير ذلك ويلزم الشريك بنصيبه في التكاليف حتى اذا تخلى عن نصيبه في الاجزاء المشتركة خلافا للقاعدة العامة التي تقضي بجواز التخلص من الالتزام اذا قام على حق عيني تخلى صاحبه عنه ولكن التخلص من الالتزام يتم اذا تخلى الشريك عن نصيبه المفرز ونصيبه الشائع معا .
وقد نظمت مواد المشروع القيود والحقوق التي ترد على ملكية الطبقة او الشقة ، ذلك لان ملكية الطبقات والشقق لا تشتمل على ملكية مفرزة وملكية شائعة فحسب بل تشتمل ايضا على قيود قانونية او حقوق ارتفاق ترد على الملكية في السفل وفي العلو ، اما صاحب السفل فعليه ان يقوم بكل الاعمال والترميمات اللازمة لمنع سقوط العلو وهذا التزام ايجابي يستطيع التخلص منه بالتخلي عن ملكية السفل كما هي القاعدة فاذا امتنع عن القيام بالاعمال اللازمة ولم يتخل عن ملكية السفل جاز للمحكمة المختصة ان تأمر ببيع السفل كما يجوز لها ان تأمر باجراء الترميمات العاجلة . وقد الزم المشروع صاحب السفل اذا انهدم سفله ان يعيد بناءه والا يبيع السفل ويجوز لصاحب العلو ان يعيد بناء السفل على نفقة صاحبه وله ان يمنع صاحب السفل من سكناه والانتفاع به حتى يوفيه حقه وله ان يؤجره باذن القاضي لياخذ حقه من الاجرة . اما صاحب العلو فلا يجوز له ان يزيد في ارتفاع البناء بحيث يضر بالسفل ولا ان يأتي باي عمل من شانه ان يزيد في عبء السفل وتلك المواد تقابل المواد من 808- 813 مشروع اردني وما ورد في القانون الاردني رقم 25 لسنة 1968 الخاص بملكية الطوابق والشقق والمواد 811-816 سوري و 1082 -1092 عراقي و 856 - 816 مصري كما تقابل نصوص ملكية الطوابق في القوانين الخاصة ( السوري والعراقي والمصري ).
اجاز المشروع لملاك الطبقات ان يكونوا اتحاد فيما بينهم سواء بعد ملكيتهم للطبقات او قبل ذلك والغرض من الاتحاد هو ادارة البناء على خير وجه ولذا فقد الزمهم القانون بوضع نظام الادارة البناء يوافقون عليه جميعا ويسري على خلفائهم من بعدهم بما في ذلك الخلف الخاص فاذا لم يوضع نظام كانت ادارة البناء من حق الاتحاد حسبما يبين في احكام القانون الخاص ، وهي تقابل المواد 814-821 مشروع اردني و 817 - 824 سوري و 862 - 869 مصري .
تناول المشروع اسباب كسب الملكية دون تعداد او حصر وانما قسمت الى اسباب تكتسب بها الملكية ابتداء اي دون ان يكون لها مالك سابق تنتقل منه وذلك بالاحراز ( الاستيلاء ) واسباب تكتسب بها الملكية انتقالا من مالك سابق وقد يكون ذلك سبب الوفاة كالميراث والوصية او بين الاحياء كالعقد والشفعة والالتصاق والحيازة . ولم يشر المشروع الى الهبة اكتفاء بذكرها في العقود المسماه . وقد فرقت المواد التالية بين المنقول والعقار وهي تعرض في المنقول للقاعدة الاساسية في حراز المباحات وتقتضي بان كل من احرز منقولا لا مالك له بنية تملكه ملكه . وقد نصت المادة 1249 من المجلة على ان من يحرز شيئا مباحا يملكه مستقلا ، ونصت المادة 1250 على ان يقتضي ان يكون الاحراز مقرونا بالقصد ، ونصت المواد 1251و1252و 1253 من المجلة على امثلة الاحراز المباحات ، وقد اورد النص قاعدة عامة في احراز المباحات في المنقول وهي ان كل من احرز منقولا لا مالك له بنية تملكه ملكه .
اذ يشترط ان يكون المنقول غير مملوك لاحد وان يكون ذلك مقرونا بالقصد اي بنية تملكه . وان تفصيل تلك الاحكام تعرف من الرجوع الى المواد المشار اليها اعلاه والمادة 1248 من المجلة وشرحها لعلي حيدر ، والمادتان تقابلان المواد 825 و 826 مشروع اردني و 828 ، 829 سوري و 871 مصري و 1098و 1099 عراقي .
1. الاحراز او الاستيلاء لا يكون الا على شيء لا مالك له لان الاستيلاء على شيء مملوك للغير يعد غصبا ( شرح المجلة عن رد المحتار الجزء -3- الصفحة 274) وجاء في الشرح المذكور ان ملكية هذا النوع من احراز المباحات تسمى بالمكية اصالة ( اي ابتداء) بمعنى ان صفة الملكية لذلك المال قد ثبتت بالاحراز اي الاستيلاء ( شرح المجلة الدر المختار اول كتاب الصيد ) وتملك الشيء المباح بالاحراز اما لان الشيء لم يكن له ملك من قبل كالحيوانات المتوحشة الطليقة وكالسمك في البحر والطير في الهواء واما لانه قد اصبح طليقا بعد ان كان مملوكا كان يتخلى مالكه عنه بقصد النزول عن ملكيته . ولا بد ان يتوفر في احراز المنقول بقصد تملكه العنصر المادي عن ملكيته . و لابد ان يتوفر في احراز المنقول بقصد النزول عن ملكيته . ولا بد ان يتوفر في احراز المنقول بقصد المادي وهو الاحراز والعنصر المعنوي وهو قصد التملك .
2. اما الكنوز والمعادن المدفونة في الارض فقد اخذت احكامها من المرشد وهي مملوكة للحكومة اذا وجدت في ارض مملوكة لها فاذا وجدت في ارض مملوكة لشخص كانت له وعليه الخمس للحكومة . ويعرف احكام هذه المادة من الرجوع الى باب الركائز في الجزء الثاني من رد المحتار ج/2ص/43-48 والمادة 148من مرشد الحيران ، وهي تقابل المواد 827 مشروع اردني و 830 سوري و 872 مصري و 1101 عراقي .
ان الصيد مباح برا وبحرا ويجوز اتخاذه حرفة كما هو موضح في المادة 150 من مرشد الحيران والمواد 1292 -1307 من المجلة وشرحها لعلي حيدر .
غير انه رؤي ان تفصيل احكام صيد البر والبحر واللقطة والاشياء الاثرية تنظيمها قوانين خاصة تضعها الدولة مراعية في ذلك ما يحقق المصالح العامة للجميع وقد وضعت المادة على هذا الاساس ، وهي تقابل المواد 828 مشروع اردني و 831 سوري و 873 مصري و 1102 و 1103 و 1104 عراقي .
الاراضي الموات هي الاراضي غير المملوكة لاحد اساسا وقد نص على ان تكون ملكا للدوله خضوعا لاذن ولي الامر فيها وقد اشار شرح المجلة استنادا الى الهندية والخانية - والطوري - وابي السعود- ورد المحتار - الى انه يجب ان تتوفر شروط سبعة لاعتبار الارض مواتا وهي ان تكون غير مملوكة لاحد والا تكون موقوفة او ارضا اميرية او مرعى او محتطبا او مقبرة لقرية او قصبة وان تكون بعيدة عن العمران وهو راي ابي يوسف عند الامام محمد فمحور الحكم هو انقطاع الارتفاق اي عدم انتفاع الاهالي منها سواء كانت قريبة من العمران او بعيدة عنه وقد رجح الزيلعي وشمس الائمة راي الامام ابي يوسف واختارت المجلة راية .
من احيى او عمر ارضا من الاراضي الموات بنفسه او بواسطة وكيله وبأذن من الدولة ( السلطة المختصة ) يكون مالكا لها ويجب عليه ان يؤدي ما تفرضه الدولة من مال او ضرائب على هذا النوع من التملك ، ويشترط في الاحياء عند الامام ابي حنيفة اذن السلطان ( السلطة او الدولة ) استناد الى الحديث الشريف ( ليس للمرء الا ما طابت به نفس امامه ) اما عند الامامين فلا يشترط اذن السلطان في احياء الارض الموات ويستندان الى الحديث الشريف ( من احيى ارضا ليست لاحد فهو احق بها ) . وقد اختارت المجلة قول الامام الاعظم وسارت القوانين الحديثة على هذا النهج ( راجع ايضا نهج الافكار تكملة فتح القدير على الهداية الجزء 10 الصفحة 68 وما بعدها كتاب ( احياء الموات ) .
فاذا اذنت السلطة المختصة لاحد باحياء الارض على ان ينتفع بها فقط دون ان يتملكها فالقيد صحيح وللمنتفع ان يتصرف في الحدود التي اذن له بها دون يتملك رقبة تلك الارض التي احياها لانه يجب ان يحصل على اذن السلطة بالتملك طبقا للفقرة الاولى فان لم تاذن السلطة فلا ملكية للمحيي ( شرح المجلة الجزء 3 صفحة 297 و 298 ).
ومما سبق يتضح ان احياء الموات يتم بصورتين .
اولهما : ان يتملك الارض باذن من الحكومة .
والثانية : ان ينتفع بالارض دون تملكها وفي هذه الحالة تصبح الارض ارضا اميرية والفرق بينهما ان الارض المملوكة توقف وترهن وتوهب وتجرى فيها الشفعة وتورث اما الاراضي الاميرية فلا توقف ولا ترهن ولا توهب ولا تجرى فيها الشفعة ولا تورث.
وجاء في شرح المادة 1273 من المجلة ( انه اذا احيى احد مقدارا من قطعة ارض موات باذن السلطة المختصة وترك باقيها الواقع في ناحية وطرف منها يكون مالكا لما احياه فقط ولا يملك باقيها ) . عند محمد والهندية المرجع الاول من الموات لان الملك يثبت بالاحياء والاعمار . اما اذا بقي في وسط الاراضي التي احياها جزء خال فيكون ذلك الجزء ملكا لمن اذن له بالاحياء اذ ان بقاء ذلك الجزء في وسط الارض دون طريق من شأنه ان يحول بين الغير وبين احيائه .
ومن صور التحجير احاطة الارض بالاحجار او الشوك او جذوع الاشجار او تنقية الحشائش منها او احراق الاشواك التي فيها او حفر بئر ولا تعتبر هذه احياء للارض ولكن تعتبر تحجيرا ويكسب التحجير حق تملك الارض اذا انقضت ثلاث سنين على احياء الارض وقيد الاحياء بالحصول على اذن السلطة المختصة حتى لا يتعارض النص مع المادة 1081 من هذا المشروع .
فاذا اثبت من يطلب تملك الارض بالاحياء انه قام باحيائها خلال ثلاث سنين من التحجير كانت له اولوية الحصول على اذن الدولة بالتملك بالاحياء ودون ان يكون ذلك ملزما لها .
واوجبت المادة 1084 من هذا المشروع الحصول على اذن السلطة المختصة بحفر البئر ومن ثم فان حفر بئر تامة دون اذن السلطة لا يعتبر احياء بل تحجيرا وكذلك اذا تم الحفر دون خروج الماء . وملكيته للبئر تستوجب ملكيته لحريمها ومقداره اربعون ذراعا من جميع جهاته ( المادة 1281) من المجلة ولا يملك ما البئر ولا يجوز له منع الاخرين من الانتفاع بمائها ( راجع شرح المجلة الجزء 3 الصفحة 303 ). والحفر التام اذا كان باذن فهو احياء اما اذا كان الحفر بغير اذن حتى ولو كان تاما فانه يعتبر تحجيرا ( الكفاية ) وشرح المادة 1279 من المجلة الصفحة 302 الجزء 3) .
ويراجع ايضا المادة 147 من مرشد الحيران والمواد من 1270- 1281 من المجلة وشرحها لعلي حيدر ، وهي تقابل المواد من 829 - 832 مشروع اردني و 832 - 835 سوري و 1105 عراقي و 874 مصري .
اذا غصب احد مال غيره او اتلفه او الحق بمال غيره ضررا فانه يجب عليه ضمان ما اتلفه وتعويض الضرر وعندئذ يملك المعوض له ذلك العوض ويملك الغاصب او المتلف المال الذي غصبه او اتلفه ويثبت هذا الملك للمعتدي مستندا الى وقت تعديه وضمانه على ان يملك الغاصب او المتلف للمال المغصوب او المتلف للمال بالضمان مشروط بان يكون المحل قابلا لثبوت الملك ابتداء .
وقد اضيف التملك بالضمان كسبب من اسباب الملكية في الشريعة الاسلامية وهو سبب خلت منه القوانين الحديثة وقد رؤي اضافته لاسباب كسب الملكية استكمالا للاحكام المستمدة من الشريعة . يرجع الضمان الشيخ علي الخفيف الجزء 1 الصفحة 213 وما بعدها وكتاب المدخل الفقهي العام للاستاذ مصطفى الزرقا الجزء 1 الصفحة 231 ) وتراجع ايضا المواد 899 و900 و 902 و 906 و 912- 914 و 917-920 من المجلة وشرحها لعلي حيدر .
1. نصت المادة المقترحة على ان تطبق احكام الشريعة الاسلامية في جميع مسائل الميراث ومنها انتقال ملكية التركة الى الورثة ومن ثم فانه يتعين تطبيق القاعدة الشرعية التي تقضي بالا تركة الا بعد سداد الدين وهي قاعدة تفصل بما بين شخصية المورث وشخصية الوارث ، وتطبيق هذه القاعدة يقتضي بدوره وضع نظام لتصفية التركات وهو نظام يتفق مع القاعدة الشرعية المشار اليها وينتهي بها الى الوضع الصحيح بالنسبة للتركة ومستحقيها ولذا فانه يتعين البحث ابتداء في تعيين ( وصي التركة ) سواء اكان هذا الوصي قد عينه المورث او عينه القاضي وقد اختار المشروع تسميته بوصي التركة دون اسم ( المصفي ) توحيدا للصفة ومسايرة لما جرت عليه تسمية ( وصى التركة ) الذي يعينه المورث وحتى لا يختلط باسم المصفي في المسائل التجارية ثم تناول المشروع جرد التركة ما لها وما عليها وتسوية الديون بعد حصرها وتسليم اموال التركة الى الورثة بعد حصرها خالية من الديون وتصفية التركة بتعيين ( وصى التركة ) امر جوازي لذوي الشان وللقاضي ولكل ذي شان ان يطلب هذه التصفية وللقاضي ان يجيب هذا الطلب وله ان يرفضه اذا راى ان التركة ليست في حاجة الى تصفية منظمة اما لانعدام الديون او لتفاهتها او لتفاهة التركة نفسها او لعدم وجود موجب اخر .
2. فاذا تقررت التصفية فانها تكون تصفية جماعية ومؤدى ذلك ان ( وصي التركة) وحده هو الذي يمثل التركة فلا يجوز للدائنين اتخاذ اي اجراء الا في مواجهته ولا يجوز للوارث ان يتصرف في مال التركة قبل تصفيتها ويمتنع اتخاذ اي اجراءات فردية حتى تتم التصفية وبهذا تتحقق المساواة بين الدائنين وتنتقل اموال التركة الى الورثة خالية من الديون ويتحقق ايضا مبدأ ( الا تركة الا بعد سداد الديون ) على وجه عملي ويستطيع الورثة ان يتصرفوا في هذه الاموال للغير دون ان يخشى الغير ظهور دائن للتركة ينازعه ويستقر بذلك التعامل في الاموال المورثة .
3. ويقوم ( وصي التركة ) باستلام اموالها وادارتها مؤقتا ويحصر ما فيها من اعيان وما لها وما عليها من ديون كما يقوم بتحقيق كل ما ينشأ من منازعات بشان حصر التركة فاذا تم الجرد وفصل في المنازعات التي قامت بشأنه اصبح وصي التركة على بينة من الامر . فاذا كانت التركة موسرة اوفى الديون جميعها واذا كانت معسرة اعطى كلا من الدائنين بنسبة حصته . واذا كانت الديون مؤجلة جاز للورثة ان يطلبوا من القاضي ان يحكم بحلول الدين المؤجل وتحديد المبلغ الذي يستحقه الدائن وذلك حتى لا تتأخر تصفية التركة الى اجال قد تكون بعيدة لحلول الدين وتتراخى بذلك التصفية .
4. واذا لم يجمع الورثة على طلب حلول الدين تولى القاضي توزيع الديون المؤجلة وتوزيع اموال التركة بحيث يكون النصيب الذي يختص به كل وارث في مجموع ما دفع له من ديون واموال معادلا لصافي حصته في الارث.
ومتى تم سداد الديون طبقا للاجراءات المشار اليها اصبح من حق الوارث ان يقدم وثيقة شرعية الى القاضي يثبت ورثته للمورث ومقدار نصيبه فيعطيه ما ال اليه من اموال التركة وتعتبر شهادة الارث سندا للوارث في انتقال المال الموروث اليه ، كما يعتبر المال قد انتقل الى الوارث من وقت موت المورث ويستطيع وصي التركة بعد سداد جميع التزامات التركة من ديون او وصايا وتكاليف ان يسلم المال شائعا الى الورثة او مفرزا اذا ارادوا وبعدئذ يمكن اجراء قسمة ودية او قضائية .
والغرض من الاجراءات المشار اليها حماية مصلحة الورثة فكثيرا ما يختلفون على التصفية او يهملون فيها ويترتب على ذلك ضرر كبير ، وحماية مصلحة من يتعامل مع الورثة ومصلحة دائني التركة فضلا عن ان هذه الاجراءات من شأنها ان تمهد للوارث افراز حصته اذا اراد.
5. وقد اشار النص السابق الى ان تطبيق احكام الشريعة الاسلامية فيما يتعلق بالميراث امر واجب فهي التي تعين الورثة وتقسمهم الى ذلك فروض وعصبات وذوي ارحام وتجري احكام الحجب والعول والرد وما الى ذلك من احكام الميرات وتحدد نصيب كل وارث وتبين كيف تنتقل ملكية هذا النصيب من المورث الى الوارث ولذا فقد وجب تطبيق قاعدة الا تركة الا بعد سداد الدين الامر الذي يستوجب وضع نظام لاستخلاص صافي التركة من الديون والوصايا وغيرها حتى تخلص بدورها محلا صالحا لتطبيق احكام الميراث كما اسلفنا. وان هذه المادة وضعت استنادا الى احكام الشريعة الاسلامية في الميراث والى المادة 94 من مرشد الحيران ، وهي تقابل المواد 833 مشروع اردني و 836 سوري و 875 مصري و 1106 و 1107 عراقي .
ان هذه المواد تتعلق بكيفية تعيين وصي للتركة وصلاحية هذا الوصي وطريق عزلة وتنحيته المعروف فقها انه اذا سبق للمورث قبل وفاته ان عين وصيا فان هذا الوصي مقدم على القاضي نفسه .
واذا لم يعين المورث وصيا لتركته طبقا لاحكام الشريعة الاسلامية جاز لكل ذي شان من وراث او موصي له او دائن ان يطلب من المحكمة المختصة تعيينه وللمحكمة ان تعين هذا الوصي اذا رات موجبا لذلك فاذا رؤي وجوب تعيينه واجمع الورثة على شخص عينته المحكمة . فاذا لم يجمع الورثة على احد تولى القاضي اختياره من بينهم او من غيرهم بعد سماع اقوالهم .
ووصي التركة له شبه بالوكيل في بعض الاحكام ولذلك له ان يرفض هذه المهمة وله ان يتنحى عنها ، وكما ان القاضي هو الذي يعين وصي التركة فهو الذي يملك عزلة بناء على طلب احد ذوي الشان او دون طلب سواء اكان وصي التركة معينا باجماع الورثة او من قبل المحكمة اما الوصي المختار فانما يعزل اذا ثبتت خيانته او وجد مبرر لذلك . واذا عزل الوصي لاي سبب فللقاضي تعيين غيره باجماع الورثة او باختياره هو ولوصي التركة ان يطلب من القاضي تحديد اجر عادل لقيامه بمهمته حسب العرف وتقوم المحكمة بقيد امر التعيين في سجل خاص في اليوم الذي يصدر فيه هذا الامر كما يقيد في هذا السجل كل ما يصدر في شأن وصي التركة من عزل او تنحي ويقيد الامر الصادر بتعيين وصي التركة اثره لانه وسيلة اعلان ان التركة خضعت لاجراءات التصفية .
ومهمة وصي التركة هي ان يتسلم اموال التركة ويتولى تصفيتها برقابة القاضي وتتحمل التركة نفقات التصفية ولهذه النفقات امتياز المصروفات القضائية ويمكن معرفة الاحكام الشرعية المتعلقة بذلك من الرجوع الى باب الوصي في رد المحتار على الدر المختار ج/5ص/447-457 ومن تكملة رد المحتار ج/1ص/32 وما بعدها . ومن المادة 974 من المجلة وشرحها لعلي حيدر ، وهي تقابل المواد من 834-838 مشروع اردني و 837- 841 سوري و 876 - 880 مصري و 1107 عراقي .
يتخذ القاضي قبل التصفية جميع ما يلزم من الاحتياطات المستعجلة للمحافظة على التركة عند الاقتضاء كان يامر بايداع النقود والاوراق المالية والاشياء ذات القيمة خزينة المحكمة كما يقوم وصي التركة بالانفاق على تجهيز الميت وعلى مأتمه ان ادركه قبل الدفن او ان يصرف لمن تولى الانفاق كل ما انفقه على تجهيز الميت وعلى مأتمه ان تراخى تعيينه الى ما بعد ذلك وله ان يصرف الى الوارث المحتاج نفقة مؤقتة بالقدر المقبول حتى تنتهي التصفية وذلك بعد ان يستصدر امرا من القاضي وتحسم هذه النفقة من نصيب الوارث ويمكن معرفة الاحكام الشرعية المتعلقة بذلك من الرجوع الى الصفحة 449 و 450 ج/ 5 من رد المحتار والى ما ورد في كتاب الاحوال الشخصية في الاهلية والوصية والتركات للدكتور مصطفى السباعي والدكتور عبد الرحمن العابوني ص/411 ، وهما تقابلان المواد 839 و840 مشروع اردني و 842 و 843 سوري و 881 و 882 مصري .
بمجرد صدور الامر بتعيين وصي التركة وقيده يمتنع على الدائنين ان يتخذوا اي اجراء على التركة ولا يجوز لهم الاستمرار في اي اجراء اتخذوه الا في مواجهة وصي التركة اذ يتعين عليهم اعلانه كما تقف جميع الاجراءات التي اتخذت ضد المورث حتى تتم تسوية جميع ديون التركة اذا طلب احد ذوي الشأن ذلك .
وكذلك ليس لاحد من الورثة ان يتصرف في مال التركة قبل ان تسلم اليه حجة ببيان نصيبه في صافيها وذلك لتاكيد مبدأ الا تركه الا بعد سداد الدين وحتى يصبح هذا المبدا عمليا ، وكما يمتنع على الوارث المتصرف كذلك يمتنع عليه طلب استيفاء ما للتركة من ديون وان يجعل دينا عليه قصاصا بدين للتركة . وذلك لان وصي التركة هو صاحب الصفة في قبض حقوق التركة حتى يتمكن من تسوية ديونها وانه وان كان بمقتضى المادة 1642 من المجلة يصح ان يكون احد الورثة خصما في الدعوى التي تقام على الميت اوله الا انه في حالة ما اذا كان هناك مبررات لطلب تصفية التركة كما انه اذا كان عليها ديون واقتضت المصلحة تعيين وصي يكون نائبا عن الكبار والصغار من الورثة فان المصلحة تقضي بان لا يحق للدائنين ان يستمروا في اي اجراء يتعلق بالتركة الا في مواجهة ذلك الوصي حرصا على تحقيق القاعدة الشرعية ان لا ارث الا بعد وفاء الدين ولذلك وضعت المادتان على هذا الاساس رعاية للمصلحة ، وهما تقابلان المواد 841 و 842 مشروع اردني و 844 و 845 سوري و 883 و 884 مصري .
1. تقتضي التصفية من وصي التركة ان يتخذ اجراءات المحافظة على اموال التركة كقيد رهن او تجديد قيد او ايقاع حجز تحفظي او قطع تقادم ويقوم باعمال الادارة كقبض الغلة وجني المحصول وبيعه والايجار لمدد قصيرة وتجديد الايجار كما يستوفي ما للتركة من ديون كما تقدم ، وينوب عن التركة في الدعاوى التي ترفع منها او عليها وتكون مسؤوليته في كل ما سبق مسؤولية الوكيل الماجور حتى ولو لم يكن ماجورا . كما يظل عمله تحت رقابة القاضي الذي له ان يطالبه بتقديم حساب عن ادارته في مواعيد يحددها له .
2. وعلى وصي التركة ان يوجه تكليفا لدائني التركة ومدينيها يدعوهم فيه الى تقديم بيان بما لهم من حقوق وما عليهم من ديون .
3. مواد المشروع تبسط اجراءات جرد التركة واولها التكليف الذي يوجهه وصي التركة الى دائنيها ومدينيها لتقديم بيان بما لهم من حقوق وما عليهم من ديون خلال شهر من تاريخ التكليف والاعلان عن هذا التكليف في احدى الصحف اليومية ولصقه على لوحة المحكمة الكائن في دائرتها اخر موطن للمورث والمحكمة التي تقع في دائرتها اعيان التركة .
وثانيها قيام وصي التركة باعداد بيان بما للتركة وما عليها خلال ثلاثة اشهر واخطار ذوي الشان بايداع هذا البيان في قلم كتاب المحكمة التي صدر منها قرار تعيينه وذلك بكتاب مضمون ، كما اجاز النص لوصي التركة ان يطلب من القاضي مد هذا الميعاد متى ثبت ان هناك ما يبرر ذلك .
4. كما اجازت النصوص لوصي التركة ان يستعين بخبير في تقدير اموال التركة وان يثبت ما تكشف عنه اوراق المورث وما يصل الى عمله عنها وان يسأل الورثة عنها وعليهم ان يدلوا بمعلوماتهم عن التركة - كما نصت المادة 1100 على توقيع عقوبة اساءة الامانة على كل من استولى غشا على شيء من اموال التركة حتى ولو كان وارثا . فمن كان في يده مال من اموال التركة ولم يبلغ عنه بنية تملكه عد مرتكبا لجريمة اساءة الامانة حتى ولو كان وارثا وليس له ان يحتج بانه يملك بالميراث ما استولى عليه وليس هناك ما يمنع من توقيع عقوبات اخرى كعقوبة السرقة متى توفرت اركان الجريمة .
5. ومتى تم اعداد البيان المشار اليه انفا فقد تعين على وصي التركة ان يودعه الى قلم كتاب المحكمة التي صدر منها قرار تعيينه وان يخطر ذوي الشان بهذا الايداع بكتاب مضمون واجاز له النص ان يطلب من القاضي مد الميعاد المشار اليه في النص وهو ثلاثة اشهر متى ثبت ما يبرر ذلك . واجاز نص المادة 1101 من المشروع رفع الدعوى من المعترض على صحة البيانات المقدمة خلال ثلاثين يوما من تاريخ ايداعها . وان ما تضمنته هذه المواد يرجع في اغلبية الى وسائل تنظيمية تتعلق ببيان الاجراءات التي يتخذها وصي التركة حتى يتمكن من تصفيتها وتحقيق ما لها وما عليها من ديون وبيان ان من استولى بطريق الغش على شيء من اموال التركة سواء اكان وارثا ام غير وارث يعتبر مسيئا للامانة وكل هذه الامور ينتظمها المصالح المرسلة والتي هي مرجع من المراجع الشرعية ويعتمد عليها ، وهي تقابل المواد من 843 - 848 مشروع اردني و 846 - 851 سوري و 885 - 890 مصري .
بعد انقضاء الميعاد المحدد للمنازعة في بيان وصي التركة فان كانت التركة معسرة او محتملة الاعسار اوقف تسوية الديون حتى يتم الفصل النهائي في جميع المنازعات ثم يقوم بتسوية الديون كل بنسبة حقه اما اذا كانت التركة محققة اليسار فلا مجال لتأخير سداد الديون التي لم يقم بشأنها نزاع ويستأذن وصي التركة القاضي في وفائها وتسوى الديون التي نزع فيها بعد الفصل نهائيا في النزاع .
ويدفع وصي التركة ما على التركة من ديون مما لها من حقوق في ذمة الغير بعد قبضها ومما تشتمل عليه من نقود ومنقولات بعد بيعها فان لم يكف ذلك كله بدأ ببيع العقارات وتباع المنقولات والعقارات طبقا لاحكام البيوع الجبرية المنصوص عليها في قانون الاجراء الا اذا اتفق الورثة على غير ذلك وللورثة والدائنين ان يدخلوا في المزاد .
ومصدر المادتين 1105 و 1106 ما جاء بمرشد الحيران في المادتين 209 و 212 وقد استندتا الى ما جاء في الجزء 4 ص/24 وقد نصت المادة 209 على انه اذا عرض المدين مبلغ الدين على غريمه فامتنع من قبضه فله ان يرفع الامر الى الحاكم ليأمره بقبضه ونصت الثانية على انه اذا كان الدين مؤجلا فللمدين ان يدفعه قبل حلول الاجل ويجبر الدائن على القبول . ومن المقرر انه بعد تمام جرد التركة تسوى ما عليها من ديون مؤجلة وذلك تيسيرا لتصفية التركة دون انتظار مواعيد حلول هذه الديون وقد نص المشروع على احقية الورثة في اللجوء الى القاضي ليحكم بحلول الدين المؤجل وتعيين المبلغ الذي يستحقه الدائن كما اجاز لكل وارث بعد توزيع الديون ان يدفع القدر الذي اختص به قبل حلول الاجل .
من المحتمل ان احد الدائنين الذين ليس لهم تأمين خاص على عين من اعيان التركة لم يعلم بالتكليف الذي وجهه وصي التركة للدائنين ولهذا لم يثبت دينه في البيان المقدم حتى تمت التصفية واستولى كل وارث على نصيبه في التركة خالصا من الديون وقد اجاز المشروع له الرجوع على اموال التركة ما بقيت في ايدي الورثة ، فاذا كان الوراث قد تصرف للغير في مال التركة فقد وجبت حماية هذا الغير متى كان حسن النية وليس للدائن الا ان يرجع على الوراث في حدود ما اخذه مقابلا لاموال التركة . وان هذه الاحكام المبينة في تسوية ديون التركة وعدم اللجوء الى بيع العقارات الا بعد استنفاذ النقود والمنقولات وباقي التفصيلات الموضحة فيها تتفق مع الاحكام الشرعية والقواعد الفقهية بالاضافة الى مادتي مرشد الحيران ، وبعد تسوية جميع الديون يلجأ الوصي الى تنفيذ الوصايا المتحققة على التركة وفقا للوجه الشرعي كما يتبين من الجزء الخامس من رد المحتار صفحة 482-485 ، وهي تقابل المواد من 849 - 856 مشروع اردني و 852 - 859 سوري و 891 - 897 مصري .
بعد سداد الديون والوصايا والتكاليف يكون ما بقي من التركة ملكا خالصا للورثة يسلمه وصي التركة لهم كل بحسب نصيبه في الارث وتعتبر هذه الاموال مملوكة للورثة من وقت موت المورث لا من وقت التسليم ولكي يكون لدى الوارث سند بملكيته للاموال الموروثة نص المشروع على ان تصدر المحكمة حجة بحصر الورثة وبيان نصيب كل منهم في ارثه الشرعي وحقه الانتقالي .
ويستطيع الوارث منذ تسلمه الحجة المشار اليها ان يتصرف فيما آل اليه من مال التركة . ويسلم وصي التركة اموالها للورثة شائعة فيما بينهم ولكن يجوز لكل وارث ان يطلب من وصي التركة تسليم نصيبه مفرزا الا اذا كان مجبرا على البقاء في الشيوع باتفاق مع الورثة كما في ملكية الاسرة او بنص في القانون كما في الشيوع الاجباري او وفقا لتقدير القاضي اذا كانت القسمة العاجلة من شأنها ان تؤدي الى نقص محسوس في قيمة المال .
واذا لم يوجد ما يمنع من اجابة الوارث الى طلب تسليم نصيبه مفرزا تولى وصي التركة تسليم حصته مفرزة بالاتفاق مع جميع الورثة فاذا لم يتفقوا جميعا اقاموا دعوى القسمة وتكون نفقاتها على التركة وتسري على هذه الدعوى احكام دعاوى القسمة .
واذا وقع عند الافراز دين للتركة في نصيب احد الورثة فان باقي الورثة لا يضمنون له الاعسار الطارىء على المدين بعد القسمة ما لم يتفق الورثة على غير ذلك .
وقد يرى المورث قسمة تركته بوصية قبل وفاته وحينئذ يجب ان تتم الوصية في شكلها الشرعي والقانوني وان تراعى بها القواعد المتعلقة بتحديد القدر الذي تجوز فيه الوصية ، واذا تمت قسمة المورث بطريق الوصية فانه يجوز له الرجوع فيها ويكون الرجوع كالانشاء ، ويجب في قسمة المورث الاحتياط لامرين اولهما : امواله ، وثانيهما ورثته .
أ . فيما يتعلق بالاموال : اذا لم تدخل في القسمة اموال تركها المورث عند وفاته ، بقيت هذه الاموال شائعة بين الورثة وان كان المورث قد تصرف قبل موته في اموال سبق ان دخلت في القسمة فان القسمة تبطل ويجب اجراء قسمة جديدة .
ب. وفيما بتعلق بالورثة اذا زادوا وقت الموت عما كانوا عليه وقت الوصية فان القسمة تصبح باطلة واذا نقصوا بوفاة احدهم قبل وفاة المورث فأن الحصة المفرزة التي وقعت في نصيب من مات تؤول شائعة لبقية الورثة بنسبة حصص كل منهم في الميراث وان حجب احد منهم بوارث وجد بعد القسمة وتغيرت الانصبة
بهذا الحجب بطلت القسمة .
وقسمة المورث تسري عليها احكام القسمة عدا احكام الغبن واذا قسمت ديون التركة على الورثة في قسمة المورث وجبت موافقة الدائنين على ذلك فاذا لم يتفقوا جاز لاحد الورثة ان يطلب القسمة وتسوية الديون وعندئذ يجوز للمحكمة ان ترتب لكل دائن تأمينا على اموال التركة او اي عقار او منقول منها مع مراعاة القسمة التي اوصى بها المورث بقدر الامكان والاعتبارات التي بنيت عليها وان الاحكام المشار اليها المتعلقة بتسليم اموال التركة الى الورثة حسب انصبائهم بعد تنفيذ التزامات التركة هو موافق للحكم الشرعي وللوارث وله في هذه الحالة ان يطلب من وصي التركة ان يسلمه نصيبه مفرزا الا اذا وجد ما يمنع من ذلك واذا كان طلب القسمة مقبولا فيجب ان تقترن القسمة بموافقة جميع الورثة والا تولت المحكمة قسمتها ، وقد اوضح المشروع انه اذا كان بين اموال التركة ما يعتبر وحدة اقتصادية ولم يتفق الورثة على استمرار العمل فيها وجب تخصيصه بكامله لمن يطلب من الورثة بثمن المثل وانه اذا اختص احد الورثة بدين فلا يضمن الورثة المدين اذا هو اعسر بعد ذلك لانه بمقتضى المادة 1123 من المجلة اذا كان للمتوفي ديون واقتسمتها الورثة فلا يصح ، ومهما حصله احد الورثة يشاركه فيه الوارث الاخر ولذلك بين اخيرا انه اذا لم يوافق الدائنون على قسمة ديون التركة جاز لاي وارث ان يطلب من المحكمة اجراء القسمة وتسوية الديون ، وكل هذه الاحكام المفصلة تستقى من الاحكام الشرعية المبينة في مراجعها في تصفية التركة وقسمتها ومن المصالح المرسلة وهي تقابل المواد من 857 - 871 مشروع اردني و 860 - 874 سوري و 899 - 913 مصري .
يجوز لدائن التركة التي لم تصف ان ينفذ على اي مال فيها سواء بقي في ايدي الورثة او انتقل الى الغير اذا قام بتوقيع الحجز لقاء دينه قبل التسجيل التصرف فيها او الحق العيني بالذي رتب عليها وذلك لانه ثبت لهؤلاء الدائنين الحق بسبب تسجيلهم لديونهم بالحجز قبل تسجيل التصرف وهو متفق مع الحكم الشرعي والقانوني واما المادة 1124 فقد قصد بها النص على مراعاة احكام قانون الايتام ونظامه لانها من القوانين الخاصة ، وهي تقابل المادة 872 مشروع اردني و 875 سوري و 914 مصري .
نصت المادة (1125) في فقرتها الاولى على تعريف للوصية مستمد من تعريف المادة 86 من مرشد الحيران التي تضمنت ان الوصية تمليك مضاف الى ما بعد الموت بطريق التبرع ، وقد اخضع المشروع الوصية كسبب من اسباب كسب الملكية لاحكام الشريعة الاسلامية والنصوص التشريعية المستمدة منها المادة (1126) فهي التي تحدد الاحكام الموضوعية للوصية كالاحكام المتعلقة بالقدر الذي يجوز الايصاء به وهل تجوز الوصية لوارث وهل تتم بالايجاب وحده واحكام الرجوع في الوصية وكيفية انتقال المال الموصى به الى الموصى له وغير ذلك .
اما المادة (1127) فهي تتعرض لشكل الوصية وهو الشكل المطلوب لسماع الدعوى بالوصية او بالرجوع عنها عند الانكار فلو اقرت الورثة بالوصية او وجهت اليهم . اليمين فنكلوا سمعت الدعوى وقضي بالوصية وعلى ذلك لا تكون الوصية تصرفا شكليا والكتابة المطلوبة على مختلف صورها ليست الا لجواز سماع الدعوى لا لانعقاد الوصية فهي وحدها الدليل على اثبات الوصية .
واعطى النص في المادة (1128) حكم الوصية لكل عمل قانوني يصدر في مرض الموت كالبيع والهبة والاقرار والابراء وغيرها من التصرفات وما دام يقصد بها التبرع وقصد التبرع مفروض متى اثبت الورثة ان التصرف قد صدر في مرض الموت ولهم ان يثبوا ذلك بجميع طرق الاثبات ولا يحتج عليهم بتاريخ التصرف الا اذا كان ثابتا ثبوتا رسميا ولكن يجوز لكل ذي شأن ان يثبت ان التصرف رغم صدروه في مرض الموت كان بمقابل فان اثبت ذلك كان القدر المحابى به هو الذي يأخذ حكم الوصية في بيع المريض .
كما انه قد يلجأ المورث الى الوصايا المستترة في شكل اخر كالبيع او الهبة ويحتفظ في هذا التصرف بحيازة العين وبحقه في الانتفاع بها وذلك باشتراط عدم جواز التصرف في العين مع حق المنفعة له او عن طريق الايجار مدى الحياة او بأي طريق اخر وقد وضع النص حدودا لكل تصرف يعتبر وصية منعا لتضارب الاحكام كما اجاز اثبات العكس لكل ذي مصلحة في تركة المورث .
ونصت الفقرة الاولى من المادة 1130 على وجوب تسجيل الوصية في دائرة التسجيل حتى يمكن الاحتجاج بها في مواجهة الورثة والغير .
وتسجيل الوصية كتسجيل البيع له اثر رجعي في العلاقة ما بين الموصى له والورثة وتنتقل به ملكية الموصى به الى الموصى له ويستند انتقالها الى موت الموصي لا الى وقت التسجيل اما بالنسبة الى الغير فتسجيل الوصية لا ينقل ملكية الموصى به الا من وقت التسجيل . وان احكام الوصية تخضع للاحكام الشرعية المبينة في اول كتاب الوصايا ج/5 ص/414 وما بعدها من رد المحتار وص/330 ج/7 من كتاب البدائع وغيرهما من المراجع الفقهية ، كما ان تصرفات المريض مرض الموت تخضع للاحكام الشرعية المبينة في المواد 1595 - 1605 من المجلة وشرحها لعلي حيدر ، وهي تقابل المواد من 873 - 875 مشروع اردني و 876 - 878 سوري و 915 - 917 مصري و 1108 - 1112 عراقي .
الالتصاق كسبب من اسباب الملكية هو اندماج او اتحاد مشيئين متميزين احدهما عن الاخر وقد تناولت النصوص الالتصاق بالعقار وبالمنقول كما تناولت الالتصاق اذا وقع بفعل الطبيعة او بفعل الانسان وقد تعرضت المواد للالتصاق كسبب من اسباب كسب الملكية اذا وقع بفعل الطبيعة واستمد المشروع حكم المادة 1131 من المادة 1240 من المجلة وشرحها لعلي حيدر ، كما تناولت المادة 1132 ملكية الاراضي التي تتحول الى ارض منخفضة عنها قضاء وذلك بعد التحقق من معرفتها وتضمنت الا تسمع المطالبة بها اذا انقضت سنة على وقوع الحادث وذلك حثا لمالكها على المطالية بها وحتى لا يبقى حق المطالبة معلقا مدة طويلة فيلحق الضرر ببعض ذوي العلاقة وهذا مبني على قاعدة تخصيص القضاء او المنع من سماع الدعوى فترة معينة للمصلحة بمقتضى المادة 1660 من المجلة وشرحها لعلي حيدر . وقد جاء في (القاعدة السابعة والسبعون من كتاب القواعد في الفقه الاسلامي لابن رجب : ومن اتصل ملكه بملك غيره متميزا عنه وهو تابع له ولم يمكن فصله منه بدون ضرر يلحقه ، وفي ابقائه على الشركة ضرر ، ولم يفصله مالكه فلمالك الاصل ان يتملكه بالقيمة من مالكه ويجبر المالك على القبول ، وان كان يمكن فصله بدون ضرر يلحق مالك الاصل فالمشهور انه ليس له تملكه قهرا لزوال ضرره بالفصل) وذلك على تفصيل اورده في الصفحة 154 وما بعدها ، وقد بينت المادة 902 من المجلة وشرحها لعلي حيدر ان الاقل يتبع الاكثر قيمة كما اعتمده المشروع ، وهما تقابلان المواد 876 و877 مشروع اردني و879 و880 سوري و1113 عراقي و918 مصري.
?ان المواد الثلاثة الاولى تضمنت حكم الجزر الكبيرة والصغيرة التي تتكون بصورة طبيعية في مجرى الانهر او مجاري المياه او الجزء الكبيرة والصغيرة التي تتكون داخل البحيرات وكذلك طمي البحيرات والبحر وكذلك الاراضي التي ينكشف عنها البحر او البحيرات او الغدران او المستنقعات التي لا مالك لها واعتبرت كل ذلك ملكا للدولة وبما انه جاء في المادة 1234 من المجلة ان الماء والكلاء والنار مباحة والناس فيها شركاء وقد ورد في شرح تلك المادة لعلي حيدر ان هذا الحكم يستند الى الحديث الشريف (المسلمون شركاء في ثلاثة) وان الاقتصار على تلك الاشياء لا يقصد منه الحصر كما ان ذكر المسلمين في الحديث ليس للاحتراز من غير المسلمين لان غيرهم في المعاملات مثلهم كما جاء في شرح المشارق لابن الملك وجاء في المادة 1235 من المجلة ان المياه الجارية تحت الارض ليست بملك لاحد وفي المادة 1237 من المجلة ايضا : وان البحار والبحيرات الكبيرة مباحة وفي المادة 1238 من المجلة ان الانهار العامة غير المملوكة مباحة ايضا للجميع ويتبين من هذه المواد وشرحها لعلي حيدر ان القصد من اباحتها ان الانتفاع بها لا يكون خاصا باشخاص دون اخرين بل هي مباحة للجميع وبما ان الدولة هي التي لها حق الاشراف والادارة لشؤون العامة والنظر في مصالحهم بمقتضى ولايتها فقد تضمنت المواد الثلاثة المشار اليها اولا ان تلك البحيرات والطمي والاراضي التي تتكشف عن ما هو عائد للدولة يكون ملكا لها وهو منسجم مع مواد المجلة الآنفة الذكر ومع الاحكام الشرعية الفقهية ، واما المادة 1136 من هذا المشروع فقد بينت ان النهر اذا اتخذ مجرى جديدا كان لاصحاب الاراضي المجاورة للمجرى القديم حق اخذ المجرى الجديد ببدل المثل وان ثمنه يوزع على اصحاب الارض التي يشغلها المجرى الجديد وهذا عدل في الحكم ويتفق مع المادتين 87 و 88 من المجلة وشرحهما لعلي حيدر وعلى هذه الاسس وضعت المواد المشار اليها اعلاه ، وهي تقابل المواد 878 - 881 مشروع اردني و 881 - 884 سوري و 1114 - 1116 عراقي و 919 - 921 مصري .
تضمنت المادة 1137 ان مالك الارض يملك كل بناء او غرس او منشآت عليها وانه اقامها على نفقته ما لم يقم دليل على عكس ذلك وهذا مبني على قاعدة الاستصحاب المادة الخامسة من المجلة وهي (الاصل بقاء ما كان على ما كان) والمادة 77 من المجلة ايضا . واذا قام الدليل على ان صاحب الارض هو غير صاحب المنشآت او الغراس فقد تضمنت المواد التالية التفصيلات المبينة فيها مستندة في ذلك الى المواد 890 و 891 و 899 و 906 و 907 من المجلة وشرحها لعلي حيدر وما جاء في كتاب فتح العلي المالك ج/2 ص /168 وفي القوانين الفقهية لابن جزي ص/317 وفي القواعد الفقهية لابن رجب ص/154 و 155 واما ما ورد في المادة 1145 من هذا المشروع من اتصال المنقولين لمالكين مختلفين فمع ان المحكمة عليها ان تسترشد بالعرف وقواعد العدالة ومراعاة الضرر الذي وقع وحالة الطرفين وحسن النية او سوءها فان ما ورد في المادة 902 من المجلة وشرحها لعلي حيدر وما ورد في القاعدة 77 لابن رجب يمكن الاستعانة بهما والاسترشاد باحكامهما لشمولهما للمنقول ، وهذه المواد تقابل المواد من 882 - 890 مشروع اردني و 885 - 893 سوري و 922 - 930 مصري و 1117 - 1125 عراقي .
تنص المادة 1146 على ان الملكية في العقار والمنقول على السواء تنتقل بالعقد وان كانت الملكية في العقار لا تنتقل الا بالتسجيل الا ان ذلك لا يمنع من انتقالها بالعقد طبقا للرأي الراجح ولكن اثره يتراخى الى وقت التسجيل اما الملكية في المنقول فتنتقل بالعقد الا انه يجب التمييز بين الشيء المعين بالذات والشيء الذي لم يعين الا بنوعه ، ففي الشيء المعين بالذات يتم تنفيذ الالتزام بنقل الملكية الناشىء من العقد بمجرد نشوء هذا الالتزام وقد نصت المادة 1147 على الا تنتقل ملكية المنقول غير المعين بنوعه الا بافرازه ولو قبل التسليم ، ذلك لانه بالافراز يصبح المبيع شيئا معينا بالذات ومن ثم تنتقل ملكيته بالعقد دون حاجة للتسليم .
كما نصت المادة 1148 على الا تنتقل الملكية ولا الحقوق العينية في المواد العقارية الا بالتسجيل ومتى تم التسجيل تعتبر الملكية منتقلة من وقت العقد لا من وقت التسجيل لان سبب نقل الملكية هو العقد وقد ترك تنظيم احكام التسجيل الى القوانين الخاصة به في الاردن .
اما المادة 1149 فقد نصت على ان التعهد بنقل ملكية عقار يقتصر على الالتزام بالتعويض اذا اخل احد الطرفين بتعهده سواء اكان التعويض مشترطا في العقد ام لم يشترط . وان حكم هذه المواد يستند الى المواد 72 - 76 من مرشد الحيران والمبادىء التي اخذت من المادة 58 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والتي بني عليها جواز تقييد بعض التصرفات في العقود بالتسجيل او غيره اذا اقتضت المصلحة ذلك وهذا ما يتفق مع الفقرة الاولى من المادة 199 من هذا المشروع وهي تقابل المواد 891 - 895 مشروع اردني و 894 - 906 سوري و 933 - 934 مصري و 1126 و 1127 عراقي .
عرفت المادة 1150 الشفعة بانها حق تملك العقار المبيع او بعضه ولو جبرا على المشتري بما قام عليه من المؤن والنفقات ، ومصدر النص ما ورد في المادة 95 من مرشد الحيران والمادة 950 من المجلة وشرحها لعلي حيدر ، وقد جاء في نتائج الافتكار تكملة فتح القدير الجزء - 9 - الصفحة 369 ان الشفعة هي تملك البقعة جبرا على المشتري بما قام عليه .
وهي تقابل المواد 896 مشروع اردني و 1128 عراقي و 935 مصري .
الشفعة واجبة للخليط في نفس المبيع ثم للخليط في حق المبيع ثمن للجار وقد قضى النبي (صلعم) بالشفعة بين الشركاء في الارضين والدور وقال : (الجار احق بشفعة جاره) ينتظر بها وان كان غائبا اذا كان طريقهما واحدا) نيل الاوطار ج/6 ص/84 - 86 وقد تضمنت المادة 1008 من المجلة وشرحها لعلي حيدر ان اسباب الشفعة ثلاثة : هي ، ان يكون مشاركا في نفس المبيع كاشتراك شخصين في عقار واحد والثاني ان يكون خليطا في حق المبيع كاشتراكهما في حق الشرب والطريق الخاص ، والثالث ان يكون جارا ملاصقا . وايدت ذلك المواد 96 - 101 من مرشد الحيران وقد سار المشروع على هدي الاحكام الواردة في الشريعة الاسلامية كما سارت النصوص الواردة في القوانين الحديثة على هديها ايضا ، وهي تقابل المواد 897 مشروع اردني و 1129 عراقي و 936 مصري .
مصدر الترتيب الوارد في هذه المادة هو ما جاء في قول الرسول عليه الصلاة والسلام (الشريك احق من الخليط والخليط احق من الشفيع) . فالشريك في نفس المبيع والخليط في حقوق المبيع والشفيع هنا هو الجار . وجاء في نتائج الافكار تكملة فتح القدير ج/9 ص/376 ان الاتصال بالشركة اقوى لانه في كل جزء وبعده الاتصال في الحقوق لانه شركة في مرافق الملك والترجيح يتحقق بقوة السبب ولان ضرر القسمة ان لم يصلح علة صلح مرجحا .
وفي شرح المجلة على المادة 1009 الجزء 2 الصفحة 678 انه اذا اجتمعت اسباب الشفعة روعي الترتيب وقدم الاقوى وعلى ذلك فحق الشفعة اولا - للمشارك في المبيع . ثانيا - للخليط في حق المبيع - ثالثا - للجار الملاصق .. وقد وضع النص متفقا مع الاحكام السابقة ومع المادة 1010 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والمادة 113 من مرشد الحيران وهي تقابل المواد 898 مشروع اردني و 1131 عراقي و 937 مصري .
اذا اجتمع الشفعاء من درجة واحدة فالشفعة بينهم على عدد رؤوسهم بالتساوي ولا عبرة باختلاف الحصص وقال الشافعي : انها على مقادير الانصبة لان الشفعة من مرافق الملك الا ان الحنفية يرون انهم يستوون في سبب الاستحقاق ولو انفرد واحد منهم استحق كل الشفعة ولو اسقط بعضهم حقه فهي للباقين في الكل على عددهم (تكملة فتح القدير ج/9 ص/337 وشرح المجلة للمادة 1013 لعلي حيدر كما انه يقدم الاخص على الاعم عند اجتماع الخلطاء فقد جاء في شرح المجلة لعلي حيدر على المادة 1014 انه يقدم في الشفعة الاخص بالضرر على الاعم فاذا اجتمع صنفان من الخلطاء اي اذا اثبت حق الشفعة لعدة خلطاء وكانوا صنفين احدهما اعم بالضرر والثاني اخص قدم الاخص على الاعم ويرجح لان للاخص قوة في التاثير والقوة وان كانت دليلا فقد قدم انها باعثة على الترجيح لانه اخص بالضرر ويؤيد ذلك ايضا المادة 104 من مرشد الحيران ، وهي تقابل المواد 898 مشروع اردني و1131 عراقي و 937 مصري .
مصدر حكم هذه المادة يعرف من الرجوع الى المادة 1021 من المجلة وشرحها لعلي حيدر على انه من الواضح ان الشفيع الذين يصيبه ضرر في حالة البيع الثاني في حل دائما من اثبات التحايل او الغش اذا كان الغرض من البيع الثاني هو رفع الثمن او التأثير على حق الشفيع ، وهي تقابل المواد 899 مشروع اردني و 1137 عراقي و 938 مصري .
1. تناولت المواد من 1155 - 1161 ثبوت الشفعة وشروطها وقد نصت المادة 1155 على انه تثبت بعد البيع الرسمي مع وجود السبب الموجب لها ونصت الفقرة الثانية على ان الهبة بشرط العوض تعتبر في حكم البيع ومؤدى ذلك انها تثبت عند المعاوضة المالية اما لو خرج المبيع من ملك المالك بدون مقابل او عوض مالي سواء اخرج بلا عوض ( الهبة) ام بعوض غير مالي كجعله اجارة او مقابل صلح عن دم عمد فلا تثبت الشفعة لانه لو تثبت الشفعة فيه للزم ان ياخذه الشفيع اما بقيمته او مجانا ولا يمكن الاخذ بالقيمة لان المالك لذلك العقار لم يملكه بقيمته حتى يستطيع الشفيع اخذه بالقيمة او اخذه مجانا لانه تبرع ولم يشرع الاجبار على التبرع ( شرح المجلة لعلي حيدر على المادة 1021) كما ان الهبة الصحيحة بشرط العوض بعد التقايض في حكم البيع بالنسبة لثبوت الشفعة لان الهبة بشرط العوض وان كانت هبة ابتداء فهي بيع انتهاء ( الهداية شرح المجلة على المادة 1022 لعلي حيدر ) والهبة المقصودة هي الهبة الصحيحة لا الفاسدة وان كانت بشرط العوض ونصت المادة 1156 على شرطي المشفوع وهما ان يكون ملكا وان يكون عقارا او منقولا في نطاق الاحكام التي يقضي بها القانون وقد تضمنت القوانين الحديثة نصا يبيح للمالك على الشيوع في المنقول الذي لا يقبل القسمة حق استرداد الحصة المبيعة ولما كان هذا الحق هو بذاته حق الشفعة في المنقول حسبما ورد في مذهبي الامام مالك والامام احمد فقد نص في المادة 1157 على شرطي المشفوع به وهما ان يكون ملكا للشفيع وان يكون عقارا وذلك طبقا لما اشير اليه في المادة السابقة ، اما المادة 1158 فقد نصت على ان الشفعة متى ثبتت فلا تبطل بموت البائع او المشتري او الشفيع وقد نص في المادة 139 من المرشد على ان الشفعة لا تبطل بموت المشتري اخذا بالمذهب الخنفي الا انه رؤي الاخذ بمذهبي الامام مالك والامام الشافعي وقد ذهبا الى ان حق الشفعة يورث لانه حق متعلق بالمال ويفضي الى تملكه ، اما ما يقوله الحنيفة من ان حق الشفعة ارادة ومشيئة فالارادة هنا تتعلق بشيء له وجود سابق اذ ان الشفيع لا يستطيع المطالبة باخذ اي عقار بالشفعة بل يأخذ عقارا معينا بالذات لانه اولى به من مشتريه فاذا مات الشفيع قبل ان يطلب لم تتغير حال العقار المبيع فيكون الوارث احق به من مشتريه لقيامه مقام المورث ، جاء في بداية المجتهد -2- ص/228/ ( فمن ذلك اختلافهم في ميراث حق الشفعة فذهب الكوفيون الى انه لا يورث كما انه لا يباع وذهب مالك والشافعي واهل الحجاز الى انها تورث قياسا على الاموال ). وجاء في المذهب من كتب الفقه للشافعي الجزء -1- الصفحة -383- وان مات الشفيع قبل العقد والاخذ انتقل حقه من الشفعة الى ورثته لانه قبض ما استحقه بعقد البيع فانتقل الى المورث كقبض المشتري في البيع ولانه خيار ثابت لدفع الضرر عن المال فورث كالرد بالعيب .
وتناولت المادة 1159 الاحوال التي لا تجوز فيها الشفعة فنصت الفقرة الاولى على الا شفعة في الوقت ولا له ذلك لان الوقت حبس للعين مع التصرف بالمنفعة على وجه من وجوه البر وسبب حظر الشفعة فيه اوله هو فقدان الشرط الاول من شروطها ونصت الفقرة الثانية على انه لا شفعة فيما ملك بهبة لا عوض فيها او صدقة او ارث او وصية ولا شفعة ايضا في البناء والشجر المبيع بغير الارض القائم عليها او في البناء والشجر القائمين على ارض محتكرة او في الاراضي الاميرية اذ ان حق بقاء البناء فيها ليس بدائم فاذا امتنع صاحب البناء عن دفع اجر المثل او البدل للعين للارض الاميرية رفعت ابنيته . ونصت الفقرة الاخيرة على ان لا شفعة فيما تجري قسمته من العقارات سواء كان التقسيم رضاء ام وقع قضاء لان القسمة فيها معنى الافراز والشفعة مشروعة في المبادلة ولا تكون مشروعة في القسمة لانها مبادلة من جهة ، افراز من جهة اخرى ، فلو اقتسمت دار مملوكة مشتركة بين المتشاركين بالرضاء او بالقضاء فلا يكون الجار الملاصق او الخليط في حق المبيع شفيعا كما يتبين من شرح المجلة لعلي حيدر على المادة 1027 ونصت المادة 1160 على ان الشفعة لا تقبل التجزئة فليس للشفيع ان يأخذ العقار جبرا على المشتري الا اذا تعدد المشترون واتحد البائع فللشفيع ان ياخذ نصيب بعضهم ويترك الباقي ، ومرجع النص المادة 135 من مرشد الحيران وما جاء في شرح المادة 1041 من المجلة لعلي حيدر من ان الشفعة لا تقبل التجزئة والتبغيض لان المشتري على هذا التقدير يتضرر من تفرق الصفقة ضررا فادحا وكما يتضرر من خروج ملكه من يده فانه يتضرر بالشركة فيه ولكن اذا تعدد المشترون كان للشفيع اخذ حصة احدهم بالشفعة لان الشفيع يقوم مقام المشتري وليس من ضرر في تفرق الصفقة على هذا المشتري والمشترين الاخرين .
ونصت المادة 1161 على حالات التي لا تسمع فيها دعوى الشفعة واولها اذا تم البيع بالمزاد العلني وفقا لاجراءات رسمها القانون اذ يستطيع طالب الشفعة ان يدخل في المزاد لشراء العين دون ان يتخذ اجراءات الشفعة ويدخل في البيوع التي تتم وفقا للاجراءات التي رسمها القانون ( البيوع الادارية والقضائية ).
اما الفقرة الثانية فقد حظرت الاخذ بالشفعة اذا تم البيع بين الاصول والفروع او بين الزوجين او بين الاقارب لغاية الدرجة الرابعة او بين الاصهار لغاية الدرجة الثانية وذلك لاستبعاد الاجنبي على اعتبار ان الصفقة عائلية ورؤي الوقوف بالنسبة للاصهار حتى الدرجة الثانية توخيا للتضييق ، ويمكن معرفة تلك الاحكام المبينة ايضا من الرجوع الى المواد 1017- 1024من المجلة وشرحها لعلي حيدر والمواد 105-109و 111 و113 و 114 من مرشد الحيران . والرد المحتار ج/ 5 ص/ 138 ، وهي تقابل المواد 900 و 901 مشروع اردني و 1133 - 1135 عراقي و 939 مصري .
إن المشرع قبل فكرة عدم التقيد بطلب المواثبة والإشهاد والتقرير المشار إليها في المادة 1028 من المجلة وشرحها لعلي حيدر ، عملاً برواية عن الإمام أحمد بأن الشفعة تثبت على التراخي وما ذهب إليه الإمام مالك والشافعي ، كما ذكر في المغني لابن قدامه ج/5 ص/477 - 478 وإبقاء ما ذهبت إليه المادة 1034 من المجلة وشرحها لعلي حيدر بشأن المدة التي تقام فيها الدعوى بدون عذر ، وقبول فكرة المنع من سماع الدعوى بعد ستة أشهر عملاً بقاعدة تخصيص القضاء وللمصلحة التي هدفت إليها المادة 1660 من المجلة وشرحها لعلي حيدر .
وبما أن بيع العقار لا بد من تسجيله حتى تترتب عليه نتائجه وآثاره فيكون ذلك في حكم التسليم بالنسبة للمشتري وبما أنه إذا سلم العقار المشفوع للمشتري كان المشتري هو الخصم وحينئذ لا يلزم حضور البائع كما جاء في الصفحة 716 من ج/2 شرح على حيدر على المادة 1031 ، فقد وضعت المادة 1163على هذا الأساس ، وأن الملك المشفوع يثبت للشفيع بقضاء المحكمة أو بتسليمه بالتراضي استناداً للمادتين 1036 من المجلة وشرحها لعلي حيدر و125 من مرشد الحيران ، فقد وضعت المادة 1164 بناء على ما ذكر ، وهي تقابل المواد من 902- 906 مشروع أردني و1138- 1141 عراقي و940 - 943 مصري .?
الشفعة في جميع الأحكام كالبيع فإذا تملك الشفيع العقار المشفوع به كان ذلك بمنزلة الشراء ابتداء إذ أن الأخذ بالشفعة شراء من المشتري إذا تم الأخذ بعد القبض وإن كان قبله فشراء من البائع ولذلك فالأحكام التي تثبت بالشراء ابتداء للبائع أو المشتري كالرد بخيار الرؤية وخيار العيب والرجوع بالثمن عند الاستحقاق وحبس المبيع لاستيفاء الثمن تثبن للشفيع والمشتري ولا يثبت للشفيع خيار الشرط وإن كان مشروطاً في العقد لعدم ثبوت اشتراط منه ولا الأجل في الثمن وإن اشترطه المشتري وإذا ظهر مستحق للعقار المشفوع به بعد أخذه بالشفعة فللشفيع ان يسترد ثمن المبيع من البائع أو المشتري لأنه تبين ان ثمن المبيع أخذا من الشفيع بغير حق وعلى (شرح المجلة لعلي حيدر على المادة 1037 والمواد من 126 إلى 128 من مرشد الحيران) وعلى هذا وضعت المادة 1165 .
وأما المادة (1166) فقد عالجت حكم زيادة المشتري في العقار المشفوع أو بنائه أو غرسه قبل دعوى الشفعة وفي هذه الحالة فالشفيع بالخيار بين أن يتملك العقار بثمنه مع قيمة ما أحدث من الأبنية أو الأشجار وبين أن يترك الشفعة ، وأما إذا كانت الزيادة أو البناء بعد الدعوى فللشفيع ان يترك الشفعة ، أو أن يطلب الإزالة أو الإبقاء مع دفع قيمة الزيادة أو ما أحدث مقلوعاً ، وذلك لأنه وقع الاختيار على رأي الإمام أبي حنيفة ومحمد في هذه الحالة وهو المشار إليه في الصفحة 737 في شرح المادة 1044 من المجلة لعلي حيدر خلافاً لما جاء في المادة 130 من مرشد الحيران وأما المادة 1167 فقد بني حكمها على ما ورد في القاعدة 53 لابن رجب صفحة 86 من أن الشفيع إذا طلب بالشفعة لا يصح تصرف المشتري لان حقه تقرر وثبت ... الخ .
والى ما ورد في المادة 129 من مرشد الحيران ، وهذه المواد تقابل المواد 907 إلى 909 مشروع أردني و 1142- 1144 عراقي و 945- 947 مصري .
إن حق الأولوية في الأراضي الأميرية مرتب على الوجه الوارد في المادة 1168 وقد قصد أن يتلو الخليط ، المحتاج من أهل القرية ، عملاً بالمادة 45 من قانون الأراضي الأردني وتحقيقاً لمصلحة هذا الفريق من المستحقين وأما المادة 1169 فقد قصد بها كما قصد في الشفعة ان لا تثبت إلا بعد الفراغ الرسمي رعاية للمصلحة ومنعاً من التلاعب وأما المادة 1170 فقد وضعت لان أحكام الأولوية قريبة من أحكام الشفعة ومشابهة لها ، وهذه المواد تقابل المواد 911- 915 مشروع أردني .
الحيازة كسبب من أسباب كسب الملكية وضع مادي يسيطر به الشخص بنفسه أو بواسطة غيره سيطرة فعلية على شيء يجوز التعامل فيه أو يستعمل بالفعل حقاً من الحقوق وترد الحيازة على الأشياء المادية والحقوق المعنوية على السواء وتكسب بأعمال يقوم بها هذا الوضع المادي وتنتقل بالاتفاق مصحوباً بالتسليم وتزول بزوال السيطرة الفعلية ، وقد اتخذ المشروع من الحيازة وسيلة لإثبات حق الملكية وخلص إلى ذلك بقرينتين متواليتين وجعل في الأولى الحيازة المادية قرينة على الحيازة القانونية في الثانية الحيازة القانونية قرينة على الملكية وتصلح الحيازة من حيث اثارها قرينة على الملكية كما سلف وتكسب الملكية بمرور الزمان على ما سيبين .
فإذا اقترنت بحسن النية واستندت إلى سبب صحيح فإنها تكسب العقار بمرور الزمان القصير ، وملكية المنقول في الحال ، ويملك الحائز في كل الفروض وثمار العين إذا اقترنت حيازته بحسن النية ، وكما تجوز حيازة الحقوق العينية كحق الانتفاع وحق الارتفاق وحقوق الرهن المختلفة تجوز كذلك حيازة الحقوق الشخصية .
ويجب الا تكون الحيازة مجرد رخصة أو إباحة أو من أعمال التسامح فمن كان يمر بأرض جاره وقد رخص له الجار في ذلك لا على أن حق ارتفاق لا يعتبر حائزاً لحق المرور من فتح مطلاً على أرض فضله لجاره فترك الجار المطل على سبيل التسامح لا يعتبر حائزاً لحق المطل وكما تصح الحيازة فإنها تجوز بواسطة الغير كالوالي أو الوصي أو القيم ، وقد نصت المادة 1226 من المجلة على ان للمبيع حق الرجوع عن إباحته والضرر لا يلزم بالإذن والرضاء ذلك لان الإباحة عمل من أعمال التبرع والتبرعات غير لازمة وقد عرفت الإباحة في المادة 836 من المجلة بأنها الإذن الشخصي بأن يتناول شيئاً بلا عوض وجاء في شرحها لعلي حيدر أن المقصود من الإباحة الترخيص لاخر بالانتفاع بماله بلا عوض وأن الضرر لا يلزم بالإذن والرضا أي إذا تحمل أحد ضرراً بإذنه فلا يجبر على تحمل الضرر دائماً .
ويؤيد ذلك ما جاء في المادة 50 من مرشد الحيران ، وهي تقابل المواد 931 و932 مشروع أردني و907 و908 سوري و 949 مصري و 1098 و1145 عراقي .
تضمن النص الشروط الواجب توفرها في الحيازة وهي الظهور والوضوح والهدوء ذلك لان الحيازة بإكراه والحيازة الخفية والحيازة الغامضة (كحيازة الوارث) كل هذا لا يعتبر حيازة صحيحة ، ولا تكون الحيازة صحيحة إلا من الوقت الذي تزول فيه هذه العيوب ومن البين انه إذا توفرت للحيازة شروطها فانه ينبغي توفر عنصرين الأول مادي وهو السيطرة المادية على الشيء ومعنوي وهو نية استعمال حق من الحقوق وبالإضافة إلى ما ذكر فان وقوع الحيازة بالإكراه يعتبر مشوباً بعيوب الرضا كما سبق بيانه وتفصيله في المادة 135 وما بعدها في هذا المشروع ، وهي تقابل المواد 931 مشروع أردني و907 سوري و949 مصري و 1146 عراقي .
1. سبق في المادة 1172 بيان للشروط الواجب توفرها في وضع اليد التمسك بالحيازة وهي الاستمرار والظهور والهدوء فلا يجوز أن يكون وضع اليد متقطعاً أو خفياً أو غامضاً أو محل منازعة من آخر على أنه يجوز لمن يتمسك بانقضاء مدة حيازته (مرور الزمان) أن يضم إلى وضع يده مدة من سبقه .
2. وتنتقل الحيازة بالاتفاق ما بين السلف والخلف مصحوباً بانتقال السيطرة الفعلية على الشيء أو الحق إلى الخلف وقد يكون انتقال الحيازة معنوياً فلا يتم تسليم مادي كما إذا استمر السلف حائزاً ولكن لحساب الخلف (البائع يستأجر المبيع) أو إذا استمر الخلف حائزاً ولكن لحساب نفسه (المستأجر يشتري العين) .
3. والخلف قد يكون عاماً كالوارث تنتقل إليه حيازة مورثه بالصفات التي اقترنت بها على أنه إذا كان الوارث حسن النية والمورث سيء النية جاز للوارث التمسك بحسن نيته على أن يضم مدة حيازة مورثه ، وقد يكون من تنتقل إليه الحيازة خلفاً خاصاً كمشتر من الحائز تنتقل إليه حيازة المبيع ، وللمشتري في هذه الحالة أن يضم مدة حيازته مدة حيازة البائع ويتم ضمن المدد على أساس حسن النية أو سوئها طبقاً لظروف الحال فإذا كان البائع سيء النية والمشتري حسن النية فان الضم يتم على أساس أسوأ الفرضين أي على أساس سوء النية فلا يجوز للمشتري أن يتمسك بمرور الزمان القصير وإنما له أن يتمسك بمرور الزمان الطويل .
4. وقد نصت المادة 153 من مرشد الحيران على أنه لواضع اليد على العقار أن يضم إلى وضع يده مدة وضع يد من انتقل منه العقار إليه سواء كان انتقاله بشراء أو هبة أو وصية أو ارث أو غير ذلك فان جمعت المدتان وبلغت المدة المحدودة لمنع سماع الدعوى فلا تسمع على واضع اليد دعوى الملك المطلق ولا دعوى الإرث ولا الوقف طبقاً لما سيبين من الأحكام الواردة في نصوص (مرور الزمان) .
5. وإذا ثبتت الحيازة بشروطها كانت قرينة على الملكية ويفترض أن الحائز مالك حتى يقوم الدليل على غير ذلك مع أن الحيازة في ذاتها قد تكون محل شك في ثبوتها لذلك يقتضى الأمر إيجاد قرينة هي الحيازة المادية التي توافرت شروطها من هدوء واستمرار وظهور ووضوح ومن أثبت أن له الحيازة المادية وبالشروط المذكورة فقد تمت له بذلك قرينة على الحيازة القانونية وعلى من ينازعه أن يثبت أنه الحائز وأن الحيازة المادية كانت لحسابه مثلاً أو غير مقترنة بالعنصر المعنوي (عنصر القصد) كما يلاحظ أن الحيازة تكون قرينة على الملكية إذا لم تكن هناك علاقة قانونية بين مدعى الملكية والحائز فالمستأجر لا يستطيع أن يتخذ من الحيازة المادية قبل المؤجر قرينة على الحيازة القانونية ومنها قرينة على الملكية وإنما يحدد عقد الإيجار العلاقة بين الطرفين .
6. يفترض في الحائز حسن النية أي اعتقاده انه يملك الشيء الذي يحوزه ويجهل أنه يعتدى بحيازته على حق الغير وهذا الافتراض يقبل إثبات العكس وعلى من يدعي سوء نية الحائز أن يثبت ذلك ، وإذا أريد إثبات سوء نية الحائز فقد وجب أقامة الدليل على أنه يعلم بأنه لم يملك الحق الذي يحوزه أو أنه كان يجهل ذلك ثم علم فزال حسن نيته .
على أن حسن النية يزول من وقت إعلان الحائز في عريضة الدعوى بأنه لا يملك الشيء الذي يحوزه كما يعد سيء النية من اغتصب الحيازة من غيره بالإكراه حتى ولو كان يعتقد بحسن نية أنه يملك الحق الذي اغتصب حيازته .
وهذه المواد تقابل من المواد 933 -940 مشروع أردني و909 و911 و914 سوري و 952 و955 و960 و 963 و966 مصري و 1147 - 1149 عراقي .
تزول الحيازة إذا فقد الحائز عنصريها المادي والمعنوي معاً ويتحقق ذلك في فرضين الأول بالتخلي عن الحيازة لخلف خاص وتنتقل الحيازة بعنصريها المادي وهو السيطرة على الشيء والمعنوي وهو قصد استعمال الحق إلى الخلف حيث يبدأ بحيازة جديدة والثاني بالنزول عن العنصرين المادي والمعنوي فإذا كان الشيء عقاراً زالت الحيازة دون الملكية وإن كان منقولاً زالت الحيازة والملكية معاً .
وقد يفقد الحائز السيطرة المادية على الشيء أو الحق الذي يستعمله فيفقد حيازته حتى ولو استبقى العنصر المعنوي وهو قصد استعمال الشيء أو الحق ، فان قصد استعمال الحق لا يجديه إذا فقد السيطرة الفعلية على الشيء أو الحق ويفقد الحائز السيطرة المادية على الحق إذا اغتصب منه الغير الشيء محل الحق عقاراً كان منقولاً أو سرقة منه أو ضاع إذا كان منقولاً والاستثناء من القاعدة التي تقضي بزوال الحيازة بفقد عنصرها المادي هو ما أوردته الفقرة الأولى من المادة 1179 والتي تقضي بأنه لا تنقضي الحيازة إذا حال دون مباشرة السيطرة الفعلية على الشيء أو الحق مانع وقتي ، أي مانع طبيعي أو قوة قاهرة إلا ان هذا المانع إذا استمر سنة كاملة وكان ناشئاً من حيازة جديدة وقعت رغم إرادة الحائز أو دون علمه فلا تسمع الدعوى بها وتحسب المدة من الوقت الذي بدأت فيه الحيازة إذا كانت ظاهرة أو من وقت العلم بها إذا كانت خفية .
وان هذه الأحكام تنسجم مع ما ورد في المادة 1663 من المجلة من ان مرور الزمن الذي يمنع من سماع الدعوى هو مرور الزمن الواقع بلا عذر ولذلك فإذا وجد مانع جوهري من إقامة الدعوى تحسب مدة السنة من وقت القدرة على إقامتها ، وقد رؤى إعطاء الحائز حق ان يطلب منع المدعى عليه من إنشاء أبنية أو غراس في العقار المتنازع فيه على الوجه الوارد في المادة 1180 من هذا المشروع وذلك اتقاء لوقوع الضرر مع الاحتياط لعدم الأضرار بالغير وذلك ما يتفق مع المواد 18 و19 و20 و31 و33 من المجلة وشرحها لعلي حيدر ، وهي تقابل المواد 915 ، 916 سوري و956 و957 و962 مصري و1151 و1152 عراقي .
مرور الزمان المكسب من اهم الادلة على الملكية والحقوق العينية الأخرى وبه يستقر التعامل ويأمن من يتعامل مع حائز العين انه يتعامل مع شخص يستطيع ان يثبت أنه المالك ويكفي في إثبات ذلك أن يكون الحائز للعين قد ظل حائزاً لها المدة الواجبة لعدم سماع الدعوى عليه بالملكية أو بالحق العيني ، وفضلاً عن أن مرور الزمان المكسب يقوم دليلاً عملياً على الملكية فان له وظيفة اجتماعية أخرى إذ يصبح الوضع الفعلي مطابقاً للوضع القانوني ويصبح من يحوز العين مدة معينة هو المالك لها وتنقلب الحيازة وهي وضع واقعي إلى ملكية وهي وضع قانوني مشروع وبذلك يطمئن الناس إلى التعامل مع حائز العين .
ومن النص يتضح أن الحقوق العينية وعلى رأسها الملكية في العقار والمنقول على السواء هي التي تملك بمرور الزمان الطويل أما الحقوق الشخصية فلا يجوز تملكها بمرور الزمان كما أن الحق العيني القابل للتملك هو القابل للتعامل حتى يمكن بالتالي كسبه بمرور الزمان المكسب ، كما يجب أيضاً أن يكون حقاً من الحقوق التي تقبل الخضوع للحيازة بعنصريها المادي والمعنوي .
وكما تكتسب الملكية في العقار والمنقول بمرور الزمان المكسب كذلك يكتسب به كل حق عيني آخر فتكسب الملكية الشائعة في العقار والمنقول وملكية الرقبة وحق الانتفاع وحق الاستعمال وحق السكنى فيها والارتفاق الظاهر .
وقد حدد المشروع مدة مرور الزمان المكسب للملكية بخمس عشرة سنة أخذاً من مرشد الحيران المادة (151) ومن مجلة الأحكام المادة 1660 ورد المحتار الجزء (4) الصفحة 342 وما بعدها وبانقضاء هذه المدة فان دعوى الملك بغير الإرث أو دعوى الحق العيني لا تسمع مع أحد إلا إذا اثبت قيام عذر شرعي حال بينه وبين رفع الدعوى .
ويتناول النص التملك بالحيازة بمرور الزمن القصير ومدته سبع سنوات لا تسمع بعدها دعوى المالك بغير الإرث على الحائز ، والصورة المألوفة في تطبيق النص هي أن يتصرف غير المالك في عقاره باعتباره مالكاً ويكون المتصرف إليه حسن النية أي يعتقد أن المتصرف مالكاً للعقار فإذا حاز المتصرف إليه العقار فانه لا يحتاج في تملكه إياه إلى مرور الزمن الطويل أي خمس عشرة سنة بل يكفي في تملكه مرور الزمن القصير ومدته سبع سنوات ويختلف الحائز هنا عن الحائز في مرور الزمن الطويل فحيازته هنا تستند إلى حسن النية أي اعتقاده بأنه تلقى الملك من مالك حقيقي كما تستند إلى سبب صحيح ، وهدف القانون هو حماية من تلقى الملكية من غير مالك بسبب صحيح وهو حسن النية وهو جدير بالحماية فضلاً عن انه لا تتأتى مساواته بالحائز بسوء نية في مرور الزمان الطويل ، ويتبين من النص ان الحيازة التي ينفرد بها مرور الزمن القصير تقوم على سبع سنوات واقتصارها على العقار دون المنقول وضرورة قيام السبب الصحيح مع اقترانه بحسن النية ، ولا يخضع لمرور الزمن القصير إلا عقار معين بالذات أو حق عيني على عقار كحق الانتفاع بالعقار وحق الارتفاق الظاهر وحق رهن الحيازة العقاري ، أما المجموع من المال (التركة أو المتجر) ولو كان قلة من العقارات فلا يخضع لمرور الزمن القصير كما لا يخضع لمرور الزمن الطويل فمن اشترى من الوارث الظاهر نصيباً في الميراث أي جزءاً من مجموع التركة وهو حسن النية يعتقد ان البائع هو الوارث الحقيقي فلا يملك ما اشتراه بمرور الزمن القصير إذ لا يحول ذلك دون دعوى يرفعها الوارث الحقيقي ، والسبب الصحيح هو السبب القانوني الذي يؤكد انتقال الملكية ومن ثم فهو كل تصرف ناقل للملكية كالبيع والوصية إذا صدر من المالك ولذا سمي صحيحاً فإذا صدر من غير مالك فأنه لا ينقل الملكية إلى الحائز ولذا شرع مرور الزمن القصير لحماية الحائز حسن النية الذي صدر له التصرف ومضت على حيازته سبع سنوات ، ويعتبر سبباً صحيحاً عقد البيع ، والمقايضة والهبة والوصية بعقار معين ورسو مزاد العقار المحجوز والوفاء بمقابل .
ولا يعتبر الميراث في عقار معين سبباً صحيحاً فهو وإن كان ينقل الملكية إلا أنه واقعة مادية هي موت المورث وليس تصرفاً قانونياً فلا يعتبر سبباً صحيحاً ويد الوارث إنما هي استمرار ليد المورث فإذا كان المورث يحوز عقاراً بسبب صحيح وحسن نية انتقلت حيازة العقار على هذا النحو إلى الوارث ويتم الوارث حيازة مورثه ويضم إلى مدة حيازته مدة حيازة سلفه ، كما لا يعتبر عقد الإيجار وعقد العارية ولا عقد الحراسة وعقد الوديعة سبباً صحيحاً لأنها وإن كانت تصرفات قانونية إلا أنها لا تنقل الملكية وكذلك القسمة الاختيارية والصلح والحكم الملكية فكل منها كاشف للحق وليس بناقل للملكية . (يراجع الوسيط ج/9ص/1077 وما بعدها) .
ويتناول المشروع قاعدة عدم سماع دعوى الإرث أو دعوى أصل الوقت بصفة عامة وقد استثنى الوقف الخيري في الفقرة التالية على من وضع يده على عقار متصرفاً فيه تصرف المالك مدة ست وثلاثين سنة دون أن ينازعه أحد ودون أن ينقطع مرور الزمن الطويل وقد استثنيت في الفقرة التالية من قاعدة التملك بمرور الزمن الطويل الأموال والعقارات المملوكة للدولة أو الهيئات العامة التابعة لها وكذلك أموال الأوقاف الخيرية والعقارات المتروكة أو المحمية كما استثنيت من كسب أي حق عيني عليها وذلك حماية لها فضلاً عن أن تملك الحق أو الشيء بمرور الزمان يستوجب أن يكون قابلاً للتعامل فيه وقابلاً للحيازة والملك العام لا يصح التعامل فيه لأنه مخصص لمنفعة عامة وتخصيصه هنا يتنافى مع جواز تملكه بمرور الزمن ومالا يجوز التعامل فيه لا يجوز التصرف فيه بالتالي ومن ثم فلا يجوز تملكه بمرور الزمن وتوجد استثناءات على هذه القاعدة فهناك أشياء غير قابلة للتصرف ومع ذلك يجوز تملكها بمرور الزمن كالوقف الذري فهو غير قابل للتصرف فيه ولكن لا تسمع دعوى الملكية إذا انقضت مدة مرور الزمن على وضع اليد عليه مع التصرف فيه تصرف المالك ودون منازع وانقطاع .
وقد وضع النص حداً لاعتداء أي على الشيء أو الحق العام وحرم تملكه بمرور الزمن مهما طالت مدته ، ليس هذا فحسب وإنما أطلق النص لكي يشمل الأموال الخاصة المملوكة للدولة أو الهيئات العامة التابعة لها حتى في مأمن من تملكها بمرور الزمن .
كما تضمن النص تحريم الأوقاف الخيرية بمرور الزمن وذلك حرصاً على الأوقاف الخاصة بالمقدسات وغيرها من دور العبادة مما تتعرض له من اعتداء كما حرم النص كسب أي حق عيني عليها كحق ارتفاق أو انتفاع أو رهن وقد رؤى إلا يشمل النص بعدم جواز تملك الأوقاف الخيرية بمرور الزمن (الأوقاف الأهلية) ذلك لأنها وإن كانت ستصبح خيرية مجالاً إلا أنها طالما كانت لها صفة الوقف فقد تعين تطبيق الرأي الراجح في احتساب مدة مرور الزمان الطويل المانع من سماع دعوى الملك بالنسبة للأموال والعقارات الموقوفة ، كما يتبين من الرجوع للمواد 1661 -1663 من المجلة وشرحها لعلي حيدر ، وهذه المواد تقابل 941 -943 و949 و950 من المشروع الأردني و917 - 919 و925 و926 سوري و968- 970 مصري و 1158 عراقي .
تنص المادة 1184 على قواعد احتساب مدة مرور الزمان عند الاحتجاج بها من واضع اليد الحالي فله أن يضم إلى مدة وضع يده مدة سلفه إذا انتقل منه العقار بشراء أو هبة أو وصية أو ارث أو غير ذلك فإذا اكتملت المدة فلا تسمع عليه دعوى الملك المطلق ولا دعوى الإرث أو الوقف الذري إذا اثبت بوضع اليد فعلاً على العقار وانه يحوزه بنفسه أو بواسطة سلفه في زمن سابق وتنص الفقرة الثانية على ان لواضع اليد إذا اثبت مدة وضع اليد السابقة سواء بنفسه أو بواسطة من سبقه وكان يحوز العين حالاً فذلك دليل على ان الحيازة بقيت مستمرة في الفترة ما بين الزمنين ما لم يقم دليل ينفي ذلك ، وعلى من يدعيه أن يثبت أن الحيازة لم تستمر وأن يدر الحائز أو سلفه قد رفعت أو أنه تخلى عن العين أو أن يثبت أن وضع اليد وإن كان قد استمر في الفترة ما بين الزمنين إلا أن اليد شابتها عيوب الحيازة ومن ثم فلا محل لاعتبار المدة مستمرة وعلى من يدعي اكتمال المدة اللازمة لمنع سماع دعوى الملك أن يثبت أنه يضع يده على العين حالاً وأن يده عليها ظاهرة هادئة غير غامضة ومستمرة وذلك بجميع وسائل الإثبات لأنه يثبت وقائع مادية .
وقد نصت المادة 153 من مرشد الحيران على أن لواضع اليد على العقار أن يضم إلى مدة وضع يده مدة وضع يد من انتقل منه العقار إليه سواء أكان انتقاله بشراء أو هبة أو وصية أو ارث أو غير ذلك فإن جمعت المدتان وبلغت المدة المحدودة لمنع سماع الدعوى فلا تسمع على واضع اليد دعوى الملك المطلق ولا دعوى الإرث ولا الوقف .
ونصت المادة 1670 من المجلة على أنه إذا ترك المورث الدعوى مدة وتركها الوارث أيضاً مدة وبلغ مجموع المدتين حد مرور الزمن فلا تسمع ، كما جاء في المادة 1671 منها وشرحها لعلي حيدر أن البائع والمشتري والواهب والموهوب له كمالورث وأنه إذا ضمت مدة تصرف الوارث والمورث والبائع والمشتري والواهب والموهوب له وبلغ مجموع المدتين حد مرور الزمن فلا يجوز إقامة الدعوى عليهم من آخر ، ومؤدى ما نصت عليه المادة 1185 أن العبرة بسند واضع اليد على العقار فإذا كان من سندات التمليك كان له أن يتمسك بالملكية بمرور الزمان المانع من سماع دعوى الملك عليه من الآخرين فإذا لم يكن من سندات التمليك كعقد الإيجار والعارية والحراسة والوكالة وغيرها التي لا تنقل الملكية فليس له أن يتمسك بمرور الزمان المكسب للملكية وليس له بالتالي أن يغير من صفة وضع يده وسنده لأنه لا يكون حسن النية وليس سند صحيح يؤكد ملكيته وقد نصت المادة 155 من مرشد الحيران على أن من كان واضعاً يده على عقار بطريق الإجارة أو الإعارة وهو مقر بالإجارة أو العارية فليس له أن يتمسك بمرور خمس عشرة سنة على وضع يده في منع سماع دعوى المؤجر أو المعير ، فإن كان منكراً للإجارة أو العارية جميع تلك المدة والمدعي حاضر وهو تارك للدعوى عليه مع التمكن منها ووجود المقتضى لها فلا تسمع دعواه بعد ذلك كما أن المادة 1673 من المجلة على أنه ليس لمن كان مقراً بكونه مستأجراً في عقار أن يملكه بمرور الزمان أكثر من خمس عشرة سنة ، وهما تقابلان المواد 944 و945 مشروع أردني و920 و921 سوري و1159 و1160 عراقي و971 ، 972 مصري .
تتناول المادة 1186 حالة وقف مرور الزمان المانع من سماع دعوى الملك متى حال بين صاحب الحق والمطالبة بحقه عذر شرعي وهو أن يتسع للنصين الواردين في مرشد الحيران والمجلة فقد نصت المادة 157 من المرشد على أنه إذا تركت الدعوى لعذر من الأعذار الشرعية في المدة المحددة كأن كان المدعى غائباً أو قاصراً أو مجنوناً ولا ولي لهما ولا وصي فلا مانع من سماع دعوى الملك أو الإرث أو الوقف ما لم يحضر الغائب ويبلغ الصبي ويفيق المجنون ويترك الدعوى بعد حضوره أو بلوغه أو إفاقته مدة تساوي المدة المحددة .
ونصت المادة 1663 من المجلة على أن المعتبر في هذا الباب يعني مرور الزمان المانع لاستماع الدعوى ليس هو إلا مرور الزمان الواقع بلا عذر ، أما الزمان الذي مر بعذر شرعي ككون المدعي صغيراً أو مجنوناً أو معتوهاً سواء كان له وصي أو لم يكن أو كونه في ديار بعيدة مدة سفره أو كون خصمه من المتغلبة فلا يعتبر ... والأمثلة التي وردت في المادتين المشار إليهما لم ترد على سبيل الحصر ، وقد أشار النص المقترح إلى أنه متى ثبت قيام عذر شرعي يوقف مرور الزمان المانع من سماع الدعوى سواء أكان هذا العذر مادياً أو أدبياً فانه يقف ، وهو نص عام يشمل الكثير من الأسباب وذلك تحقيقاً للهدف العام في الشريعة الإسلامية وهو حماية الحقوق عامة مع وضع ضوابط مرور الزمان المانع من سماع الدعوى وحالات وقفه وقد اتسع النص حتى شمل الدوافع الشرعية والدوافع المادية جميعاً كما شمل جميع الأحوال التي يتعذر فيها على صاحب الحق ان يطالب بحقه من قصر وجنون وحجر وقيام حرب وانقطاع مواصلات وغيبة منقطعة وجهل بالحق وقوة قاهرة وغير ذلك ومما يؤيد وجهة النظر التي تضمنها النص ما أخذت به الشريعة الإسلامية عندما قررت عدم جواز سماع الدعوى على المنكر بعد تركها من غير عذر شرعي ذلك لان مرور الزمان والعذر الشرعي أمران متلازمان وما العذر إلا قيام المانع الذي يتعذر معه على صاحب الحق ان يطالب بحقه ، على انه يتعين ضبط حدود الأعذار التي تقوم مانعا من سماع الدعوى وقد وردت أمثلتها في الشريعة والقوانين الحديثة ومنها نقص الأهلية والحجر والعلاقة ما بين الأصيل والنائب والعلاقة ما بين الزوجين والعلاقة ما بين الأصول والفروع والغيبة الاضطرارية والأسر والعلاقة ما بين الزوجين وحالات القوة القاهرة كقيام حرب أو نشوب فتنة أو إعلان الأحكام العرفية أو انقطاع المواصلات ، ويعالج نص المادة 1187 حالة انقطاع مرور الزمان برفع اليد وقد تضمن النص ان مرور الزمان لا ينقطع إذا أعاد صاحب اليد يده على العقار أو رفع دعواه بإعادة وضع يده خلال سنة وذلك حتى تتحقق جدية وضع اليد واستقرار الحقوق .
أما المادة 1188 فهي تنص على سريان أحكام مرور الزمان المانع من سماع دعوى الحق الشخصي أو الالتزام على مرور الزمان المانع من سماع دعوى الملك بالقدر الذي يتفق مع طبيعة مرور الزمان المانع من سماع دعوى الملك ومنها انقطاع مرور الزمان بالمطالبة أمام القضاء وبإقرار الحائز بحق المالك يضاف إلى ذلك ما يتصل بطبيعة مرور الزمان المانع من سماع دعوى الملك كتخلي الحائز عن الحيازة أو فقده إياها سواء أكان هذا التخلي اختيارا أو بغير إرادته ، ولو انقطع مرور الزمان ثم استرد الحائز حيازته بدأت مدة جديدة لمنع سماع دعوى الملك من تاريخ استرداد الحيازة إلا إذا كان انقطاع المدة بغير إرادة الحائز وأقام الدعوى بإعادة يده في المدة المحددة فان مدة مرور الزمان تظل سارية ولا تنقطع .
ولا بد ان تتم المطالبة التي تقطع مرور الزمان امام القضاء اذ لا عبرة بالمطالبة التي تتم خارج مجلس القضاء وقد نصت المادة 159 من مرشد الحيران على ان المطالبة في أثناء المدة المحدودة في غير مجلس القضاء لا تعتبر ولو تكررت مراراً وفي المادة 1666 من المجلة (وأما ما لم يكن في حضور الحاكم من الادعاء والمطالبة فلا يرفع مرور الزمان) .
وهذه المواد تقابل المواد 946- 948 مشروع أردني و 922- 924 سوري و973- 975 مصري و 1161- 1162 عراقي .
تعالج المادتان قاعدة ملكية المنقول بحيازته وهي وإن كانت لم ترد صريحة في الفقه الإسلامي إلا أن الصياغة الفقهية في بحث نظرية الفساد في العقد في المذهب الحنفي قد تلافت ذلك في قاعدة انتقال الملك بالقبض في العقد الفاسد بغية استقرار التعامل وإن كانت القاعدة في الفقه الإسلامي تشمل المنقول والعقار ولا تشترط حسن النية إلا أن النص المقترح وقد استهدى بالنصوص الواردة في القوانين الحديثة لم يبتعد كثيراً عن إقرار القواعد التي جرى عليها التعامل مع مراعاة الأحكام التي تناولها الفقه الحنفي في القاعدة المشار إليها .
وقد نصت المادة -437- من مرشد الحيران على أن المبيع إذا كان منقولاً فتسليمه يكون بمناولته من يد البائع أو وكيله كما يكون بالتخلية والإذن بالقبض ، ونصت المادة 431 من المرشد على أن البيع إذا وقع فاسداً فلا يملك المشتري المبيع إلا إذا قبضه برضا بائعه وإذا تعذر رده ضمنه بمثله لو مثلياً وإلا بقيمته يوم قبضته ونصت الفقرة الأخيرة من المادة 312 من المرشد على أن العقد الفاسد لا يفيد الملك في المعقود عليه إلا بقبضه برضا صاحبه وفي بدائع الصنائع ج/5 ص/300 وما بعدها وفي فتح القدير ج/6 صفحة 404 و459 أن الفاسد يفيد الملك عند اتصال القبض به إذا كان القبض بإذن المالك فيملكه ويصير مضموناً عليه بالمثل إذا كان مثلياً وكذا إذا قبضه في مجلس العقد بغير إذنه على الصحيح وفي الصفحة 466 (فان باعه المشتري نفذ بيعه لأنه ملكه فملك التصرف فيه وسقط حق الاسترداد وتعلق حق الغير بالثاني ... فإن باع المشتري المقبوض بالشراء الفاسد نفذ بيعه لأنه ملكه بالقبض وكل من ملك بالقبض شيئاً يملك التصرف فيه سواء أكان تصرفاً لا يحتمل النقض أو يحتمله) .
ومؤدى ما سلف أن المشتري من المالك يملك بالقبض أي بالحيازة ويشترط النص المقترح أن يكون الشيء منقولاً أو سنداً لحامله وهو منقول معنوي بأخذ حكم المنقول المادي وأن تكون هناك حيازة متوافرة الشروط وأن تكون مقترنة بحسن النية مستندة إلى سبب صحيح ، واستثناء من النص المشار إليه ، إذا كان المنقول أو السند لحامله مفقوداً أو مسروقاً أو مغصوباً فان الحائز له لا يملكه بل يبقى حق المالك في الاسترداد قائماً ثلاث سنوات من وقت الضياع أو السرقة أو الغصب وتسري على الرد أحكام الغصب .
وقد رؤى ، رعاية للمصلحة في استقرار المعاملات ، أن الحائز إذا اشترى بحسن نية ، في مزاد علني أو ممن يتجر في مثله أو في سوق ، وتبين أن المشتري مغصوب أو مسروق مثلاً ، فان له ان يطلب ممن يسترد ذلك الشيء أن يعجل له الثمن الذي دفعه ، وهذا لا يمنع ذلك الشخص أن يرجع على الغاصب أو السارق بما دفع فعلاً بما تقتضيه المواد 19 و33 و53 و58 و91 من المجلة وشرحها لعلي حيدر ، وهاتان المادتان تقابلان المواد 951 و952 مشروع أردني و927 و928 سوري و1163 و1164 عراقي و976 و977 مصري .
إذا توفرت الحيازة وحسن النية لدى حائز الثمار فانه يتملكها ، وثمار الشيء هي كل ما ينتجه من نتاج دوري متجدد لا يمس أصل الشيء بل يبقى الأصل على حاله دون نقصان ويجب التفرقة بين الثمار والمنتجات ، فالثمار دورية متجددة أمام المنتجات فليست دورية ولا متجددة فضلاً عن أنها تمس أصل الشيء وتنتقص منه كالمعادن التي تخرج من المناجم والأحجار التي تنتزع من المحاجر والأشجار التي تخرج من الغايات إلا إذا أعدت للإنتاج الدوري المتجدد ، والثمار أما طبيعة وهي التي ليست من عمل الإنسان أو صناعية مستحدثة وهي من عمل الإنسان أو مدنية وهي الريع الدوري المتجدد الذي يقبضه مستثمر الشيء من الغير كأجور المساكن والأراضي الزراعية ، ويتملك الحائز الثمار بمجرد قبضه لها ويكون سبب الملكية هو الحيازة المقترنة بحسن النية ، وهي حيازة تقع على ذات الشيء الذي أنتج الثمار ثم على نفسها بقبضها ، وتختلف قاعدة تملك الحائز حسن النية للثمار عن قاعدة تملك المنقول بالحيازة في نطاق التطبيق وشروط التطبيق ، ففي تملك المنقول بالحيازة يشترط القانون توفر السبب الصحيح مستقلاً عن شرط النية أما في تملك الحائز للثمار فلا يشترط وجود السبب الصحيح أصلاً إلى جانب الكثير من الفروق بين تملك المنقول أو الثمار بالحيازة .
أما المادة 1192 فهي تتناول مسئولية الحائز السيء النية ونصت على أنه يكون مسؤولا عن جميع الثمار التي يقبضها أو التي قصر في قبضها من وقت أن يصبح سيء النية وقد يكون سيء النية منذ البداية وحسن النية في أول الأمر ثم أصبح سيء النية بعد ذلك أو منذ أن رفع عليه المالك الدعوى بالاسترداد حتى لو ظل حسن النية بعد رفع الدعوى ، ويكون رد الثمار عيناً إذا كانت موجودة تحت يد الحائز أو يرد قيمتها وقت قبضها إذا كان قد استهلكها كما يلتزم أيضاً برد قيمة الثمار التي قصر في قبضها أي الثمار التي كان يجنيها المالك لو أن العين كانت في حيازته ، وإذا كان على الحائز سيء النية أن يرد للمالك الثمار التي قبضها أو قصر في قبضها فإن المالك من جهة أخرى يلتزم بأن يرد للحائز المصروفات التي أنفقها في إنتاج هذه الثمار كأجر العمل وثمن البذار ونفقات الأعمال التي قام بها الحائز للحصول على هذه الثمار ومصروفات الصيانة فالحائز يرد الثمار التي قبضها أو قصر في قبضها بعد حسم المصروفات والتكاليف ، وإلا أثرى المالك على حسابه ، ويسترد المالك الثمار من الحائز سيء النية أما مع العين التي أنتجت الثمار أو مستقلة عنها ويكون ذلك عادة برفع دعوى استحقاق للعين أو الثمار أو لكيلهما وذلك وفقاً للإجراءات المتبعة .
وصورة رد الثمار في الفقه الإسلامي بالنسبة للحائز سيء النية تتناولها أحكام رد زوائد المغصوب وقد نصت المادة -903- من المجلة على أن زوائد المغصوب لصاحبه وإذا استهلكها الغاصب يضمنها ، أما بالنسبة للاسترداد النفقات التي أداها الحائز لإنتاج الثمار فقد نصت الفقرة الثانية على حق الحائز في استرداد ما أنفقه في إنتاج الثمار التي يلتزم ردها إلى المالك المسترد وقد جاء في شرح المجلة لعلي حيدر على المادة -907- بالنسبة لرد المغصوب وباعتبار الغصب صورة من صور سوء النية - ان يعطي صاحب الأرضقيمة بذار الغاصب مبذورا في ارض الغير ويتملك الزرع وعلى هذا إذا أدرك الزرع كانت حاصلاته له وقد أفتى في البهجة بهذا الرأي خلافاً لقول أبي يوسف .
وعلى هذا الأساس وضعت المادتان المشار إليهما ، وهما تقابلان المواد 953 و154 مشروع أردني و929 و930 سوري و1165 و1166 عراقي و978 و979 مصري .
جاء في ايضاح المادة 1192 من هذا المشروع انه على المالك ، النفقات التي اداها الحائز في انتاج الثمار المستردة وقد اعطت المادة 1193 للحائز حق استرداد النفقات الضرورية اللازمة لحفظ العين من الهلاك او التلف كمصروفات حفظ الحوائط من الانهيار او تقوية اساسات العقار اما النافعة فهي النفقات التي تزيد من قيمته كاصلاح الارض لجعلها اكثر خصوبة او احداث تحسينات في المنزل من شانها ان ترفع قيمته ، وقد اوجب النص تطبيق احكام المواد الواردة في المشروع بشان الباني حسن النية في ارض الغير ومن ثم فانه يجوز للحائز ان يطالب المالك بما يقابل ما زاد في قيمة الارض بسبب البناء او الغرس ما لم تكن قيمة الابنية او الغراس اكثر من قيمة الارض فعندئذ يكون من حق الحائز تملك الارض مقابل دفع قيمتها .
اما النفقات الكمالية وهي التي تؤدي الى تحميل الشيء فان المالك لا يلتزم بشيء منها وللحائز ان ينتزع ما اقامه منها بشرط ان يعيد الشيء الى حالته الاولى دون ضرر وللمالك ان يستبقيها لقاء دفع قيمتها مستحقة القلع اما اذا كان المالك يسترد الشيء من خلف حائز سابق فقد اجاز المشروع لهذا الخلف ان يطالب المسترد او السلف بهذه النفقات اذا كان قد اداها لسلفه من قبل . وسند الشريعة الاسامية في استرداد النفقات هو ما روي عن رافع بن خديخ ان الرسول الله صلى الله عليه وسلم قال من زرع في ارض قوم بغير اذنهم فله نفقته وليس له من الزرع شيء).
يراجع بداية المجتهد الجزء-2- الصفحة 270- والقواعد لابن رجب صفحة -157- وما بعدها . ومقتضى المادة 898 من المجلة انه ( اذا غير الغاصب بعض اوصاف المغصوب بزيادة شيء من ماله فالمغصوب منه مخير ان شاء اعطى قيمة الزيادة واسترد المغصوب عينا وان شاء ضمنه قيمته مثلا لو كان المغصوب ثوبا وصبغه الغاصب فالمغصوب منه مخير ان شاء ضمن الغاصب قيمة الثوب وان شاء اعطى قيمة الصبغ واسترد المغصوب وبمقتضى المادة 910 من المجلة ، فان غاصب الغاصب حكمه حكم الغاصب . وتقابل الغصب صورة سوء النية في النص المقترح . وهما تقابلان المواد 955 - 957 مشروع اردني و 931 - 933 سوري و 980 - 982 مصري و 1167 عراقي .
يتناول نص المادة 1195 المقترح مسؤولية الحائز اذا كان يعتقد ان الشيء مملوك له فانه ينتفع به كالمالك فاذا نقصت قيمة الشيء بسبب الانتفاع به فانه لا يكون مسؤولا واذا جنى ثماره فانه يملكها بالقبض ولا يكون مسؤولا عن ردها كما ان لا يكون مسؤولا عما يصيب الشيء من هلاك او تلف الا بقدر ما عاد عليه من هذا الهلاك او التلف كتأمين او تضمين اما نص المادة 1196 المقترح فيعالج مسؤولية الحائز سيء النية في حالة هلاك الشيء او تلفه ولو وقع ذلك بسبب لا يد له فيه ذلك لان الحائز متى كان سيء النية وهلك الشيء في يده حتى ولو وقع ذلك بسبب اجنبي فان الحيازة مع سوء النية تعتبر خطا كافيا لجعله مسؤولا عن هلاك الشيء فيرد للمالك قيمة الشيء وذلك دون اخلال بحق المالك في استيرداد الشيء حتى ولو كان تالفا مع تضمين الحائز ما نقص من قيمته وقد جاء في المادة 891 من المجلة وشرحها لعلي حيدر (كما انه يلزم ان يكون الغاصب ضامنا اذا استهلك المال المغصوب كذلك اذا تلف او ضاع بتعدية او بدون تعديه فان كان من القيميات يلزم الغاصب قيمته في زمان الغصب ومكانه وان كان من المثليات يلزمه اعطاء مثله على تفصيل موضح بالشرح ) ويراجع المهذب ج/1ص/370 وبداية المجتهد لابن رشد ج/2ص/ 266 والقواعد لابن رجب ص/155 وما بعدها وذلك في تطبيقات القاعدة السابعة والسبعين .
وهذه المواد تقابل المواد 958 و959 مشروع اردني و 934 و 935 سوري و 983 و 984 و مصري و 1168 عراقي .
روعيت في تعيين الحقوق التي تتفرع عن حق الملكية الاحكام الخاصة بالاراضي والسارية فعلا في المملكة الاردنية الهاشمية ، وقد اشار القرار رقم 11 لسنة 1935 الصادر عن الديوان الخاص بتفسير القوانين بشان تفسير نص المادة الثالثة من قانون تحويل الاراضي من نوع الميري الى ملك رقم 41 لسنة 1953 الى ان المادة الاولى من قانون الاراضي تنص على ان الاراضي في المملكة تقسم الى خمسة اقسام : الاول الاراضي المملوكة - الثاني الاراضي الاميرية الثالث - الاراضي الموقوفة - الرابع الاراضي المتروكة . الخامس الاراضي الموات وقسمت المادة الرابعة الاراضي الموقوفة الى قسمين :
1. اوقاف صحيحة وهي التي كانت في الاصل من الارضي المملوكة واوقفت وفقا للشرع .
2. اوقاف غير صحيحة وهي الاراضي المفرزة من الاراضي الاميرية التي اوقفت باذن سلطاني وبناء على التقسيم المشار اليه فقد تعين تحديد الحقوق المتفرعة من كل نوع من الاراضي التي حدد تقسميها قانون الاراضي ، وتعالج النصوص الواردة في الحقوق المتفرعة عن حق الملكية .
اولا: حق الانتفاع - وحق الاستعمال والسكن - والسطحية بالنسبة للاراضي المملوكة للافراد . ثانيا: حق التصرف بالنسبة للاراضي الاميرية . ثالثا : الحكر والاجارتين وخلو الانتفاع بالنسبة للاراضي الموقوفة . اما ما يتعلق بالارضي الموات او الاراضي المتروكة فقد تناولتها النصوص الواردة في اسباب كسب الملكية .
وبالنسبة لحق التصرف في الاراضي الاميرية وهي الاراضي المملوكة بصفة عامة للدولة والتي الت اليها ممن لا وارث له وغيرها من الاراضي التي تكتسب هذه الصفة بمقتضى القوانين المتعلقة بالاراضي . فقد تضمن المشروع نصوصا سبق ان وردت في قوانين التصرف في الاموال غير المنقولة لان مكانها الصحيح هو حق الملكية من قانون المعاملات المدنية وفي باب الحقوق المتفرعة عن حق الملكية واضيفت الى النصوص المذكورة المواد التي تتفق مع المباىء القانونية العامة . وقد نصت المادة (1198 ) من المشروع على جواز باباحة الحق من الدولة في الاراضي الاميرية لمن يرغب بالشروط التي يتطلبها القانون على ان يكون السند مسجلا ونصت المادتان 1199 و1200 على مدى حق التصرف وحقوق صاحب الحق على الارض الاميرية وقد روعيت احكام المادة (6) من قانون التصرف بالاموال غير المنقولة رقم (49) لسنة 1953 ونصت المادة 1201 على ان يرد على حق التصرف من القيود القانونية والاتفاقية ما يرد على حق الملكية وهي قيود كثيرة وردت في باب الملكية ونصت المادة 1202 على تطبيق احكام الشيوع في الملكية على الشيوع في حق التصرف الا ما تعارض مع طبيعة حق التصرف او مع نص خاص صدر بشان هذا الحق .
اما المادة 1203 فقد نصت على ان حق التصرف في الاراضي الاميرية لا يوصى به ولا يوقف وذلك لان رقبة الارض ليست مملوكة للمتصرف وذلك شرط في كل من الوصية والوقف ، الا اذا تملك صاحب الحق الارض موضوع الحق من الدولة بسند مسجل ملكية تامة بمقتضى احكام قانون التصرف بالاموال غير المنقولة المشار اليه . وقد نصت المادة (1204) على ان فراغ الارض يجب ان يتم بسند مسجل في دائرة تسجيل الاراضي وذلك وفقا لاحكام نظام التصرف في الاراضي الاميرية ، وهي تقابل المواد 1169و 1172 و1173 و1181 و 1203 من القانون العراقي .
مصدر المادة 1205 هو المادة - 3 - من رمشد الحيران وتنص على ان الانتفاع الجائز هو حق المنتفع في استعمال العين واستغلالها ما دامت قائمة على حالها وان لم تكن رقبتها مملوكة ، وكما ان التعريف على هذه الصورة يشمل اي حق للشخص في الانتفاع بملك الغير واستغلاله لذا رؤي تمييز حق الانتفاع في التعريف بانه حق عيني الامر الذي يتفق مع ما جاء في الفقرة الاولى من المادة 920 من المشروع الاردني والفقرة الاولى من المادة 936 من القانون السوري والمادة 32 من قانون الملكية العقارية اللبناني وقد شمل النص خصائص حق الانتفاع واهمها انه حق عيني لتمييزه عن حق المستأجر فالمستأجر دائن للمؤجر بالانتفاع بالعين المؤجرة ويلتزم المؤجر بتمكينه من ذلك فيتوسط المؤجر بين المستأجر والعين المؤجرة اما المنتفع فله حق عيني مباشر على العين المنتفع بها ولا يتوسط بينهما مالك العين ويتميز حق الانتفاع عن حق الملكية في انه حق عيني ينتقص من حق الملكية فحق الملكية يشتمل على عناصر ثلاث هي -حق الاستعمال - وحق الاستغلال- وحق التصرف.
ولما كان حق الانتفاع يشتمل على حق الاستعمال وحق الاستغلال فانه يجرد حق الملكية من هذين العنصرين وتبقى الملكية مقصورة على حق التصرف وهي ملكية غير كاملة وتسمى ملكية الرقبة وبذلك يجتمع على المال حقان عينيان حق الرقبة للمالك وحق الانتفاع للمنتفع ومؤدى ذلك ان يقع حق الانتفاع على شيء غير قابل للاستهلاك لان الشيء بذاته يعود الى مالكه عند انتهاء حق الانتفاع فوجب ان يكون باقيا بعد الانتفاع به فاذا كان حق الانتفاع واقعا على عين قابلة بطبيعتها للاستهلاك فان حق المالك يتعلق ببديلها عند انتهاء حق الانتفاع كما سيأتي :
وتنص المادة 1206 على الاسباب التي يكتسب بها حق الانتفاع وهي ذات اسباب كسب الملكية بعد استبعاد الاسباب التي لا تتفق مع طبيعة حق الانتفاع كالاستيلاء فهو لا يرد على حق الانتفاع وكذلك الميراث اذ ان حق الانتفاع لا يورث لانه ينتهي بموت المنتفع كما ان طبيعة حق الانتفاع لا تتفق مع احكام الالتصاق ومن ثم يبقى من اسباب كسب الملكية العقد والوصية ومرور الزمان . وحق الانتفاع كحق الملكية يمكن كسبه ابتداء ويمكن كسبه انتقالا فيكسب ابتداء بالوصية وانتقالا بالعقد ويكسب ابتداء وانتقالا بالعقد ومرور الزمان ويكسب حق الانتفاع ابتداء بالوصية عندما يوصي المالك ملكية كاملة للعين بحق الانتفاع بها ، وكما ينشيء العقد حق الانتفاع فانه ينقله احيانا الى منتفع اخر ببيع او مقايضة او هبة ويكون العقد عندئذ ناقلا لحق الانتقاع ، اما مرور الزمان فانه تاره ينشىء حق الانتفاع وتاره ينقله ففي الحالة الاولى قد ينشىء شخص على عقار غير مملوك له حق انتفاع لشخص اخر ثم يباشر الاخير حق الانتفاع مدة مرور الزمان المانعة من سماع الدعوى بالنسبة لمرور الزمان القصير متى كان حسن النية وقد يؤجر المنتفع العين المنتفع بها ثم يغير المستأجر صفة حيازته الى حيازة بنية تملك حق الانتفاع ومن ثم فانه يتملكه بمرور الزمان الطويل المانع من سماع الدعوى .
وقد اخذ الحكم اولا - من المادة - 15- من مرشد الحيران والتي تنص على انه ( قد تملك المنفعة بعوض وبغير عوض ) والمادة -18- من المرشد ايضا التي تنص على انه ( يجوز ان يوصي بمنفعة العين لشخص معين مع بقاء رقبتها لورثة الموصي كما تجوز الوصية بالرقبة لشخص وبمنفعتها لشخص اجنبي لتبقى المنفعة على ملك الورثة ) وجاء في الهامش ان حكم صدر المادة يستفاد من اول الباب السابع في الوصية بالسكن من الهندية ص/125 و 126 ويستفاد الاستثناء الوارد في اخر المادة من الدر ورد المحتار ج/4 صفحة 40و 41 كما اضيف الى النص كمصدر لكسب حق الانتفاع مرور الزمان ، وقد سبق بيان صور مرور الزمان المكسب لحق الانتفاع من قبل . وهما تقابلان المواد 920 و 921 مشروع اردني و 936 و 937 سوري و 985 مصري و 1249و 1250 عراقي .
ان حقوق المنتفع والتزاماته ترد عادة في السند الذي انشأ حق الانتفاع فترد في العقد اذا كسب حق الانتفاع بعقد او في الوصية اذا كسب حق الانتفاع بوصية اما اذا كسب حق الانتفاع بمرور الزمان فان اعمال الحيازة التي ادت الى مرور الزمان هي التي تحدد مدى الحق الذي اكتسب بهذا السبب ، ومن المقرر ان اثار حق الانتفاع التي تثبت للمنتفع تتمثل في حقوق تثبت للمنتفع والتزاماته تترتب في ذمته اما الحقوق فترجع الى ما للمنتفع من حق عيني هو حق الانتفاع واما الالتزامات فقد تنشأ من سند الحق او من احكام القانون ، واهمها ان رقبة العين في يد المنتفع ومن ثم فان القانون يوجب عليه المحافظة عليها والعناية بها حتى ترد الى صاحبها .
ولما كان للمنتفع حق استعمال الشيء واستغلاله فان ذلك يعطيه سلطة ادارية وبالتصرف في حق الانتفاع دون الرقبة وبالتالي حق الحصول على ثماره بنسبة مدة انتقاعه كما تنص على ذلك المادة 1208 من هذا المشروع . وقد نصت المادة 19 من مرشد الحيران على انه يجب ان تراعي شروط عقد التبرع المترتب عليه حق الانتفاع بالنظر لحقوق المنتفع وما عليه من الواجبات كما نصت المادة 13 من المرشد على نطاق حق الانتفاع في الاستعمال والاستغلال ونصت المادة 14 من المرشد على الحق في ملكية منافع الاعيان عقارا كانت او منقولا .
وهما تقابلان المواد 922 و 923 مشروع اردني و 944 سوري 1251 و 1252 عراقي و 986 و 987 مصري .
يتناول نص المادة 1209 سلطات المنتفع في الانتفاع بالشيء وذلك حتى يتمكن من الانتفاع على الوجه الثابت في المواد السابقة فله ان يقوم بالنسبة للشيء باعمال الادارة اللازمة للانتفاع وله ان يقوم باعمال التصرف بالنسبة لهذا الحق دون حق الرقبة التي لا يملكها ومصدر الفقرة الاولى من النص هو المادة 29 من مرشد الحيران وتنص بانه لمالك المنفعة دون العين بعقد تبرع او اجارة ان يتصرف في العين المنتفع بها التصرف المعتاد متى كان عقد المنفعة مطلقا غير مقيد بقيد ، فان كان العقد مقيدا بقيد فللمنتفع ان يستوفيه بعينه او مثله او ما دونه واذا لاحظ مالك الرقبة ان المنتفع تجاوز صلاحياته فلمالك الرقبة الاعتراض على اي استعمال غير مشروع او لا يتفق مع طبيعة الشيء وله ان يطلب الى المحكمة انهاء حق الانتفاع ورد الشيء اليه وذلك مع المحافظة على حقوق الغير.
واما المادة 1210 فقد بينت ان المنتفع ملزم بالنفقات التي تقتضيها حفظ العين واعمال الصيانة ، وهذا الحكم مستند الى المادة (31) من مرشد الحيران .
واما اذا كانت تلك النفقات غير عادية ، ولا تقتضيها اعمال الصيانة او حفظ العين ، فانها تكون على المالك ، دون جبر عليه ، وكل هذا ما لم يوجد اتفاق يقضي بغير ما ذكر ، وحكم الفقرة الثانية يستند الى مفهوم المخالفة في المادة 31 المشار اليها والى المادتين 83 و87 من المجلة وشرحهما لعلي حيدر ، وهما تقابلان المواد 922 و 923 مشروع اردني و 948 و 949 سوري و 1254 و1255 عراقي و 988 و 989 مصري .
تحدد نصوص المواد 1211 و 1212 و 1213 من المشروع التزامات المنتفع ومسئوليته في حفظ الشيء ، ومصدر الفقرة الاولى من المادة 1211 هو المادة 28 من المرشد وتنص على انه يجب على صاحب المنفعة ان يعنى بحفظ العين المنتفع بها صيانة لها واما الفقرة الثانية فمصدرها المادة 31 من مرشد الحيران ايضا وتنص على انه اذا تلفت العين المنتفع بها او هلكت بدون تعدي المنتفع او تقصيره في المحافظة عليها فلا ضمان عليه واما المادة 1212 فمصدرها المادة 34 من مرشد الحيران وهي تنص على انه اذا كانت المنفعة مقدرة بمدة معلومة وامسك المنتفع العيد بعد انقضاء تلك المدة ولم يردها لمالكها مع امكان ردها فهلكت بعد انقضاء تلك المدة فعليه ضمان قيمتها ولو لم يستعملها بعد انقضاء المدة وان لم يطلبها المالك .
وفي تحديد مدى مسؤولية المنتفع عن حفظ الشيء تفرض الفقرة الاولى من المادة 1211 على المنتفع القيام ببذل عناية الشخص المعتاد وذلك سواء حصل على حق الانتفاع معاوضة او تبرعا ومن ثم فانه يسأل عن خطا الانحراف عن السلوك المألوف وعلى مالك الرقبة ان يثبت قيام هذا الخطا ، ويعتبر خطا او انحرافا عن السلوك المألوف تأخر المنتفع في رد الشيء الى مالكه بعد انتهاء مدة الانتفاع وهلاك الشيء في يده ولو كان ذلك بسبب لا يد له فيه ومن ثم يكون مسؤولا عن الضمان حتى ولو لم يطلب المالك رد الشيء بعد انتهاء المدة وقد اشار صاحب المرشد في هامش الصفحة (9) الى ان حكم النص يستفاد من اواخر الباب السابع في استرداد العارية من الهندية ص 352 واما المادة 1213 فهي تحدد الاحوال التي يتعين على المنتفع اخطار المالك بها والا كان مسؤولا عن الضرر الذي يلحق به وهي تتضمن صورا من الاعمال التي يجب على المنتفع القيام بها والا عد تقصيره انحرافا عن سلوك الرجل المعتاد في المحافظة على الشيء ، فمن اعمال الحفظ التي يجب على المنتفع القيام بها ان يبادر الى اخطار مالك الرقبة بكل ما تتعرض له العين من اضرار ومنها انتزاع الغير الحيازة من المنتفع او تعريضه له بحق يدعيه على الشيء كحق ملكية او حق ارتفاق او تعريض الشيء لخطر خفي كسطو اللصوص او وقوع تدمير بفعل اغارة جوية او هلاك الشيء لسبب لا يرجع الى المنتفع او احتياج الشيء لاصلاحات جسيمة مما ينبغي ان يتحملها المالك او اتخاذ اجراء ضد تصرف اداري وقد اوجب النص ضرورة قيام المنتفع باخطار المالك والا كان مسؤولا عن ضمان الضرر الذي يلحق المالك . وذلك حتى يمنع الاضرار بالغير ، وهو واجب ويمكن تخريج حكم هذه المادة على قاعدة ، لا ضرر ولا ضرار الواردة في المادة 19 من المجلة وشرحها لعلي حيدر ، وهي تقابل المواد 923 مشروع اردني و 948 سوري و 1254 عراقي و 990 و 991 مصري .
مصدر المادة بفقرتها هو الماتان 22 و23 من مرشد الحيران ، وتتناول المادة احكام الانتفاع للاشياء القابلة للاستهلاك ذلك لان الانتفاع يقع عادة على شيء غير قابل للاستهلاك لانها تعود بذاتها عند انتهاء حق الانتفاع الى مالكها فوجب ان تكون باقية بعد الانتفاع بها ، الا انه يحدث ان يوصي شخص لاخر بحق الانتفاع بجزء من تركته وفيه اشياء قابلة للاستهلاك ولا يستطيع المنتفع ان يباشر حقه عليها الا باستهلاكها او قد تكون الاشياء التي ترتب عليها حق الانتفاع قابلة بطبيعتها للاستهلاك لذلك اوجب النص على المنتفع رد مثلها او قيمتها عند انتهاء حق الانتفاع وهو يضمن قيمتها اذا هلكت ولو سبب لا يد له فيه قبل انتفاعه بها فاذا مات قبل ردها الى صاحبها ضمنت تركته مثلها او قيمتها .
وهي تقابل المادة 1256 عراقي و 992 مصري .
عددت المادة 1215 من هذا المشروع الاحكام الخاصة بانتهاء حق الانتفاع واولها انقضاء الاجل المحدد للحق ذلك لان سند انشاء الحق اما ان يحدد له اجلا او لا يحدد ففي الحالة الاولى ينتهي الحق بانتهاء الاجل الذي حدده سند انشأئه وفي الثانية ينتهي بموت المنتفع وثانيها هلاك الشيء المنتفع به اذ ينعدم بذلك محل الحق ، والهلاك قد يكون ماديا كما اذا احترقت العين او انهدمت وقد يكون قانونيا كما اذا نزعت ملكية الشيء للمنفعة العامة ، كما ينتهي الحق بتنازل المنتفع وهو ككل حق يجوز لصاحبه التنازل عنه وبذلك تنتهي الاثار المترتبة عليه في نطاق النصوص الواردة في هذا القانون من حيث اثر التنازل بالنسبة لصاحب حق الرقبة وبالنسبة للغير من دائني المنتفع ، وقد يقع التنازل اما بارادة المنتفع المنفردة او بالاتفاق بينه وبين مالك الرقبة وفي الحالة الاولى قد يكون التنازل صريحا او ضمنيا ويسري تنازل المنتفع دون حاجة الى قبول مالك فان الملكية كاملة تعود لمالكها على انه اذا تم التنازل عن حق الانتفاع المقرر على عقار فان هذا النزول لا يحتج به الغير الا اذا تم تسجيله وفقا للقانون فاذا كان هذا الغير دائنا او مرتهنا لحق الانتفاع وكان قد سجل الرهن قبل تسجيل التنازل فان الرهن يبقى قائما رغم هذا التنازل وللدائنين ان يعترضوا على التنازل اذا كان قد تم اضرارا بهم .
وينتهي الحق ايضا بقضاء المحكمة اذا اثبت صاحب حق الرقبة ان المنتفع قد اساء استعمال العين او استثمارها الى درجة تعرض الرقبة للخطر او انه استعمل العين في غير ما اعدت له او لا يتفق مع طبيعتها وللمحكمة عندئذ ان تحكم بانتهاء حق الانتفاع ورد العين الى مالك الرقبة فاذا كان الحق مثقلا بحق رهن جاز لصاحب هذا الحق الحجز على الانتفاع فحسب لا على حق الرقبة .
اما انتهاء حق الانتفاع باتحاد صفتي المالك والمنتفع فانه يتم بانتقال ملكية الرقبة الى المنتفع او بانتقال حق الانتفاع الى مالك الرقبة وبذلك تخلص الملكية كاملة لاحدهما على ان حق الانتفاع لا ينتهي باتحاد صفة المالك والمنتفع اذا كانت لمالك الرقبة مصلحة في بقائه كما اذا كان حق الانتفاع مرهونا فان الرهن يبقى ولا يتعدى الى الرقبة اما اذا كانت الرقبة مرهونة فالافضل ان حق الانتفاع اذا عادت الرقبة انتقل الرهن اليه ولذلك تضمنت المادة ان حق الانتفاع لا يعد منتهيا اذا كانت للمالك مصلحة في بقائه .
ونصت الفقرة الاخيرة على ان الحق ينتهي بموت المنتفع ذلك لان حق الانتفاع لا يورث وقد استقر راي الحنفية على عدم توارث ملكية المنفعة وان كانوا يستثنون منها المرور والشرب ( البدائع الجزء -7- صفحة 353 و 354 ) وذلك على خلاف الشافعية والحنابلة لان المنافع تورث عندهم باعتبارها اموالا وقد نصت المادة 35 مرشد الحيران على انه ينتهي حق الانتفاع بموت المنتفع وبانقضاء المدة المعينة ان كانت له مدة وبهلاك العين المنتفع بها وقد تضمنت المادة 1216 من هذا المشروع حالة ما اذا انتهى حق الانتفاع وكانت الارض المنتفع بها مشغولة بزرع لصاحب الحق وهو نص ماخوذ من المادة 36 من مرشد الحيران والتي تنص على انه اذا انقضت المدة المعينة للانتفاع او مات المنتفع في اثنائها وكانت الارض مشغولة بزرع والزرع ادراكه وحصاده باجر المثل الا اذا كان المنتفع مستأجرا فانه يترك الزرع لورثته في الصورة الثانية بالمسمى الى حين ادراكه وحصاده .
يضاف الى ما تقدم ان نص المادة 1217 تضمن حكما يقضي بانتقال حق المنتفع عند الاقتضاء الى الضمان اذا انقضى حقه بهلاك العين وقد يكون هذا الضمان تأمينا او تعويضا عن حادث وقع بخطا المالك .
واذا لم يكن الهلاك راجعا الى خطا المالك واعادة الشيء الى اصله رجع للمنتفع حق الانتفاع اذا لم يكن الهلاك بسببه الا اذا اتفق على غير ذلك ، عملا بالمادة 34 من المجلة وشرحها لعلي حيدر .
واما المادة 2118 فقد تناولت حكم تنازل المنتفع وانه لا يؤثر على حقوق غيره سواء كان المالك او غيره ، لان التنازل من قبيل الاقرار وهو حجة قاصرة على المقر كما هو مقرر شرعا .
واما المادة 1219 فقد تضمنت حكم عدم سماع الدعوى بحق الانتفاع اذا انقضت على عدم استعماله مدة خمس عشرة سنة ذلك ان حق الانتفاع مثله مثل جميع الحقوق العينية كما يجوز كسبه بمرور الزمان او بالحيازة بشروطها فان المنتفع يفقد حقه ايضا بعدم الاستعمال مدة مرور الزمان الطويل ولا تسمع دعواه به اذا انقضت المدة المشار اليها دون المطالبة به ويعود الحق الى صاحب الرقبة . وهذه المواد تقابل المواد 925 - 930 مشروع اردني و 954 - 959 سوري و 1253 و 1257 - 1260 عراقي و 993 - 995 مصري .
تناولت المواد المشار اليها تنظيم حق الاستعمال وحق السكنى ومصدرهما المواد 16 و24 و 27 من مرشد الحيران وما جاء في الدر المختار ورد المحتار ج/3/ص/380 و 381 وحق الاستعمال حق عيني يتقرر للشخص على شيء معين مملوك لغيره ويعطيه الحق في استعماله هو واسرته لانفسهم خاصة في نطاق ما ينص عليه سند انشاء الحق وهو بهذه الصورة يعتبر فرعا من حق الانتفاع ذلك لان حق الانتفاع يشمل حق الاستعمال وحق الاستغلال والمقصود بالاسرة كل من يعولهم صاحب الحق من زوجة واولاد واقارب وحق السكني فرع من حق الاستعمال فهو مقصور على نوع معين من الاستعمال وهو السكنى ومحلها دار يسكنها صاحب الحق واسرته ومحل الانتفاع والاستعمال يقع على المنقول والعقار اما السكنى فلا تقع الا على عقار ولذا نصت المادة 1222 من المشروع على ان يلتزم صاحب السكنى باجراء عمارة الدار اذا احتاجت لها على ان يكون ما يبينه ملكا له ولورثته من بعده فاذا امتنع عن اجراء العمارة جاز للقاضي ان يؤجر الدار الى اخر على ان يقوم بتعميرها بالاجرة على ان ترد الدار لصاحب حق السكنى بعد انتهاء مدة الايجار ومصدر هذا الحكم هو المادة 27 من مرشد الحيران ، وتقرر المادة 1223 من المشروع حكما خاصا بحق الاستعمال وحق السكنى فنصت على عدم جواز النزول عنهما للغير الا اذا نص صراحة على جواز النزول في سند انشاء كل من الحقين او قامت ضرورة قصوى تبرر هذا التنازل ذلك لان الاصل ان كلا من حق الاستعمال وحق السكنى مقصور على صاحب الحق واسرته بقدر حاجتهم الشخصية ومن ثم فلا يجوز لصاحب الحق ان ينزل عنه للغير ، وقياسا على عدم جواز التنازل فانه لا يجوز ان يؤجره ايضا والا كان تنازله او تأجيره باطلا ، ومن المسلم به انه اذا اوصي لشخص بحق سكنى منزل فالراي انه لا يملك ايجاره ولا اسكان غيره في نصيبه بعوض حتى ولو كان هذا العوض اجرا لدار يسكنها كما هو مقتضى المادة 24 من مرشد . كل ذلك اذا لم يكن هنالك شرط صريح في سند انشاء الحق يجيز التنازل او ضرورة تبيحه كعدم وجود المنتفع في البلد التي تقع الدار محل الحق بها .
وفيما عدا ما سلف تنطبق الاحكام الواردة في حق الانتفاع على حق الاستعمال وحق السكنى فيما لا تتعارض مع طبيعة هذين الحقين ، ومن ذلك اسباب كسب الحقين اذ يتفقان مع حق الانتفاع في العقد والوصية ومرور الزمان دون الشفعة لان الشفعة تقتضي بيع المشفوع فيه والحقان لا يجوز بيعهما .
وهذين المواد تقابل المواد 1261 - 1265 عراقي و 996 - 998 مصري .
المواد المشار اليها تنظم حق السطحية او حق القرار وقد درجت القوانين الحديثة على اطلاق اسم حق القرار على ذات الحق المشابه لاحكام وشروط حق السطحية .
وقد نصت المادة 1019 من هذا المشروع على الحق في تملك السطح دون العلو ودون السفل وذلك لاطلاق حق الدولة في البحث في باطن الارض عن معادن او كنوز او مد اسلاك في الهواء للمرافق التي تحتاج اليها .
وقد نظمت هذه المواد حقوق الافراد في الاتفاق على انشاء حق عيني على سطح الارض المملوكة وبذلك تنفصل ملكية الرقبة عن حق انشاء مباني او منشات او زرع اغراس على الارض لمدة طويلة تصلح لاستثمار هذه المباني او المنشآت وقد عرفت المادة 1225 هذا الحق . ونظمت المادة 1226 وسائل كسبه وانتقاله وحصرتها في الاتفاق ومرور الزمان بالنسبة للاولى والميراث والوصية بالنسبة للثانية .
اما المادة 1227 فقد اجازت التفرغ عن الحق واجراء رهنه رهنا تأمينيا كما اجازت تقرير الحقوق المجردة عليه على الا تتعارض مع طبيعة حق السطحية ، وحددت المادة 1228 الحد الاقصى لمدة حق السطحية وهو خمسون سنة رعاية للمصلحة على انه في حالة عدم الاتفاق على مدة اجاز النص لكل من صاحب الرقبة وصاحب حق السطحية انهاء العقد على ان يتم انهاء الحق بعد التنبيه ، وصرحت المادة 1229 بان صاحب حق المساطحة يملك ما احدثه في الارض من مبان وغيرها وله ان يتصرف فيها مع حق المساطحة ، وهو ما يتفق مع النصوص الشرعية التي سيشار اليها عند المادة 1231.
وقد تضمنت المادة 1230 احكام انتهاء حق السطحية ونصت على ان ينتهي بانتهاء المدة المتفق عليها او باتحاد صفتي صاحب الرقبة وصاحب الحق في شخص واحد او اذا تخلف صاحب الحق عن سداد الاجر المتفق عليه مدة سنتين الا اذا نص الاتفاق على غير ذلك.
واما المادة (1231) من المشروع فقد تضمنت ان حق المساطحة لا ينتهي بزوال البناء او الغراس قبل انتهاء المدة ، وهو ما يقتضيه ما ورد في رد المحتار ج/3ص/391 وهذا وان كان واردا في خصوص الاحكام ، الا ان ما انشىء بحق القرار يأخذ حكم الاحكام في ذلك ، ويؤيده ما ورد في الصفحة 566 من مجموعة الاعمال التحضيرية ج/6 من القانون المدني المصري .
واما المادة 1232 فقد تضمنت الاحالة على المادة 701 من هذا المشروع في تطبيق الاحكام على المباني والمنشأت عند انتهاء حق المساطحة حسب التفصيل الموضح فيها ، والمبنية على ما ورد في المادة 531 من المجلة وشرحها لعلي حيدر ، وهو اعدل حكما ، ويتضمن رفع الضرر عن الطرفين بقدر الامكان . وهذه المواد تقابل المواد 994- 997 مشروع اردني وسوري و 1266- 1270 عراقي .
مصادر مواد الوقف في المشروع هو قانون العدل والانصاف وكتاب احكام الاوقاف للخصاف وكتاب الدر المختار جزء 3 ص 357 وما بعدها وجزء 4 صفحة 105 بالنسبة لبطلان بيع الوقف وكتاب البدائع جزء 6 صفحة 218 وكتاب المهذب جزء 1 صفحة 440 واحكام الوقف لزهدي يكن واحكام الاوقاف للاستاذ مصطفى الزرقا .
وقد تناولت المادة 1233 من هذا المشروع تعريف الوقف فنصت على انه حبس عين المال المملوك عن التصرف وتخصيص منافعه للبر اخذا بما جاء في المادة 1 من قانون العدل والانصاف والتي تنص على ان الوقف هو حبس العين عن تمليكها لاحد من العباد والتصدق بالمنفعة على الفقراء ولو في الجملة او على من وجوه البر وهي مقتبسة من كتاب رد المحتار جزء -3- صفحة 357 وقد عرفت الوقف على انه حبس العين على حكم ملك الواقف والتصدق بالمنفعة ولو في الجملة ... واضاف والقول على حكم ملك الواقف قدر لفظ (حكم) تبعا للاسعاف والشرنبلالية ليكون تعريفا للوقف اللازم المتفق عليه اما غير اللازم فانه باق على ملك الواقف حقيقة ولذا قال القهستاني وشرعا عنده حبس العين ومنع الرقبة المملوكة بالقول عن تصرف الغير حالة كونها مقتصرة على ملك الواقف ...
ثم قال ويشكل بالمسجد فانه حبس على ملك الله تعالى بالاجماع وجاء في المهذب ان الوقف قربة مندوب اليها لما روي عن عبد الله بن عمر ان عمر بن الخطاب جاء الى النبي عليه الصلاة والسلام وكان قد ملك مائة سهم من خيبر فقال قد اصبت مالا لم اصب مثله وقد اردت ان اتقرب الى الله تعالى فقال له احبس الاصل وسبل الثمرة . وقد عرف الصاحبان الوقف بانه حبس العين على حكم ملك الله تعالى والتصدق بالمنفعة ( رد المحتار جزء -3- صفحة 358) وجاء في كتاب احكام الاوقاف للخصاف صفحة 19 ان سبل الارض الموقوفة ان تخرج عن ملك واقفها ولا تكون على ملكه وتكون مؤبدة على وجه الدهر .
وقد اختار المشروع تعريفا عاما يمنع من التصرف في العين الموقوفة ، ولزوم تخصيص منافعه للبر ولو في المستقبل .
كما تناولت المادة 1234 تقسيم الوقف من حيث الجهة الموقوف عليها الى اوقاف خيرية وهي التي تخصص منفعتها لجهة من جهات البر ابتداء دون ان يكون للواقف او ذريته حق فيها كالاوقاف المخصصة للمساجد والمدارس والمستشفيات اوقاف ذرية وهي التي تخصص منفعتها للواقف او شخص او اشخاص معينين وذرياتهم على ان تؤول الى جهة من جهات البر عند انقراض الموقوف عليهم .
واوقاف مشتركة وهي التي تخصص منفعتها الى جهة من جهات البر والذرية معا .
ونصت المادة 1235 على انه في جميع الاحوال يجب ان ينتهي الوقف الى جهة بر لا تنقطع ، وذلك تحقيقا للغرض من الوقف وهو ان تخصص منافعه الى جهات البر التي لا تنقطع ونصت المادة (1236) على ان يكون للوقف شخصية حكمية ذلك لان الوقف يقوم على استقلال ملكية الوقف عن الواقف وعن المستحقين لمنفعته كما نصت الفقرة الثانية على ان يكون للوقف ذمة مالية متميزة تسأل عن ديونه التي انفقت على مصارفه طبقا لشروط الواقف وما تقتضيه ادارته ( يراجع الفقه الاسلامي في ثوبه الجديد للاستاذ مصطفى الزرقا جزء -3- صفحة -311- واحكام الوقف لزهدي يكن صفحة 45).
وهذه المواد تقابل 54 و 998 -1003 من المشروع الاردني والقانون السوري .
حكم هذه المادة يعرف من الرجوع الى المواد 120-128 من قانون العدل والانصاف وما ورد في رد المحتار ج/3ص/388 وما بعدها ، وقد وضح في الفقرة الثالثة من هذه المادة انه يجب لاتمام الوقف ان يسجل لدى المحكمة المختصة باشهاد رسمي منعا للتزوير والتلاعب وفقا لما تقتضيه المصلحة العامة عملا بالمادة 58 من المجلة وشرحها لعلي حيدر ، وبعد اتمام ذلك يصبح الوقف لازما لا يجوز الرجوع عنه غير انه رؤي النص على ضرورة التسجيل في دائرة الاراضي اذا كان الموقوف عقارا بعد اتمام الوقف ولزومه رعاية لحكم القانون الخاص وهي تقابل المادة 1000 من المشروع الاردني والقانون السوري .
بما ان الوقف من عقود التبرعات يشترط لصحته ان يكون الواقف اهلا للتبرع وعليه فاذا ظهر ان الواقف فاقد الاهلية يرفض سماع اقراره بالوقف لعدم صحته شرعا عملا بالمادة 24 من قانون العدل والانصاف واذا اقترن الوقف بشرط مخالف للحكم الشرعي فان الوقف صحيح والشرط غير معتبر بمقتضى المادة 100 من قانون العدل والانصاف وما ذكر في رد المحتار ج/ 3ص/ 499.
ان هذه المواد تتعلق بشروط الواقفين وقد بينت المادة 1239 انه لا يجوز التغيير في وقف المسجد ولا فيما وقف عليه لان الوقف يحمل صفة اللزوم على المفتي به والمعتمد شرعا كما يتبين من رد المحتار ج/3ص/357 وما بعدها، واما المادة 1240 فتستند في حكمها الى المادتين 99 و100 من قانون العدل والانصاف والى ما في رد المحتار ج/3ص/499 و 536 ، واما المادة 1241 فتستند في حكمها الى المادة 101 من قانون العدل والانصاف والى ما ورد في رد المحتار ج/3 ص/ 431 وما بعدها .
حكم هذه المادة يعرف من الرجوع الى رد المحتار ج/3 صفحة 367 الى 369 و 373-376 والى نص المادة 21 من قانون العدل والانصاف ، وهي تقابل المادة 1003 سوري ومشروع اردني .
حكم هذه المادة يعرف من الرجوع الى رد المحتار ج/3ص / 367 والى نصوص المواد 3 و 129 - 143 من قانون العدل والانصاف ، وهي تقابل المادتين 998 و 1003 مشروع اردني وسوري .
حكم هذه المادة يعرف من الرجوع الى رد المحتار ج/ 3ص/ 432 وما بعدها والى المادتين 101 و 102 من قانون العدل والانصاف .
حكم هذه المادة يعرف من الرجوع الى رد المحتار ج/ 3 صفحة 367 -368 والى المواد من 63 - 78 من قانون العدل والانصاف .
نصت المادة 1246 على ان يكون للوقف نائب يمثله امام الجهات المختلفة ويتولى ادارته والاشراف على موارده ومصارفه طبقا لشروط واحكام القانون.
اما المادة 1247 فقد تضمنت انه مع مراعاة شروط الواقف تتولى الوزارة الاشراف على الوقف الخيري في اطار الحدود التي عينها الواقف ، وهذا يعني ان الوزارة لا تستطيع حرمان المتولي المشروط له من حق التولية الشرعية ، ولكن اذا لم يوجد متول فان الوزارة تشرف على الوقف لتطبيق شروطه حسب الحكم الشرعي ويعتمد في كل ذلك على ما ورد في المواد 144 وما بعدها من قانون العدل والانصاف في الفصل الاول والفصل الرابع للباب الثالث .
حرص المشروع في المادة المذكورة ان يوضح الفرق بين ما اذا كان المتولي هو الواقف او المنصوب من قبله وفي هذه الحالة ليس للمحكمة ان تعزله الا اذا ثبتت خيانته او اضراره في مصلحة الوقف واما اذا كان عاجزا عن ادارة الوقف وحده فلها ان تضم اليه غيره لتوفير مصلحة الوقف واما اذا كان المتولي منصوب المحكمة فلها ان تعزله اذا رات مصلحة الوقف تستدعي ذلك ، ومستند هذه الاحكام ما جاء في رد المحتار ج/3ص/384- 387 والمواد 247 و 256 من قانون العدل والانصاف ، ولا بد من الاشارة هنا الى انه كان في المشروع الذي كان قيد النظر لدى اللجنة مادتان تتعلقان بانهاء الوقف الذري وهما مأخوذتان من القوانين الخاصة في لبنان وسوريا ومصر وقد هدفت الى الغاء وتصفية الاوقاف الذرية ، لكننا نحن في الاردن لا يمكن قبول هذه الفكرة لدينا لان كلا من القدس الشريف ومدينة الخليل كثير من عماراتهما وارضيهما اوقاف ذرية او خيرية وجميع الاوقاف هناك تقريبا نامية عامرة والغاءها يؤدي الى انتقال الملكية بطريق او باخر لايدي معادية ويعرض الوضع العربي في المنطقة الى خطر جسيم خصوصا والصهيونية ومن يدعمها تحبذ فكرة انهاء الاوقاف حتى يتسنى لها وضع يدها على تلك العقارات الموقوفة ، هذا فضلا عن ان فكرة انهاء الوقف تستند الى اراء ضعيفة فقها وتتنافى مع تأييد الوقف ولهذا جرى حذف تلك المادتين من المشروع .
لوحظ في صياغة المادة 1249 من المشروع مراعاة تطور الزمن بالحاجة الى القيام بمشروع صناعي او زراعي غير العمارة او الغراس ولكنها رات تقييد ذلك بان لا يضر بمصلحة الوقف رعاية للحكم الشرعي الذي يقضي بترجيح مصلحة الوقف في كل حال ، ويمكن الاعتماد في ذلك على المادة 700 من مرشد الحيران والمادة 331 من قانون العدل والانصاف ورد المحتار ج/ 3ص/ 391 وما بعدها والصيغة موافقة لما ورد في المادة 1256 من المشروع التمهيدي المصري مجموعة الاعمال التحضيرية ج/6ص/568 ، وهي تقابل المادة 1004 من المشروع الاردني .
حكم هذه المادة يعرف من الرجوع الى المادتين 332 من قانون العدل والانصاف و 687 من مرشد الحيران وبالنسبة للتسجيل يرجع الى ما ذكر في المذكرة الايضاحية للمادة 1237 من هذا المشروع وهي تقابل المادة 1006 مشروع اردني و 1000 مصري .
الاصل في اجارة الوقف ان يراعى شرط الواقف في مدته فلو اهمل الواقف يفتى بالدور بسنة وفي الارض بثلاث سنتين ، الا اذا قضت مصلحة الوقف بغير ذلك ، وقد بحث الفقهاء في حكم الاجارة الطويلة فمنهم من افتى بابطالها حرصا على مصلحة الوقف لئلا يترتب على بقائه مدة تحت يد المستأجر ابطال الوقف وانكاره ومنهم من ارى جوازه لمدة طويلة عند الضرورة كما هو مبين في ص/ 397 و 398 من رد المحتار ج/ 3 ، وبما ان الحكر لا يجوز الا عندما تتحقق الضرورة وبما ان المشروع قد احتاط فالزم بتسجيل الحكر في دائرة التسجيل حتى يمنع دعوى التزوير وابطال الوقف فقد رؤي من المصلحة تحديد المدة بخمسين سنة جمعا بين مصلحة الوقف ومصلحة صاحب المشروع الذي يريد اقامته على ارض الوقف حينما تقضي الضرورة بذلك عملا باحكام المادة 58 من المجلة وشرحها لعلي حيدر ، وهي تقابل المادة 1005 مشروع اردني و 999 مصري.
حكم هذه المادة يعرف من الرجوع الى المادتين 341 من قانون العدل والانصاف و 705 من مرشد الحيران ، وهي تقابل المادة 1008 من المشروع الاردني و1001 مصري .
?حكم هذه المادة يعرف من الرجوع الى المادتين 333 من قانون العدل والانصاف و 701 من مرشد الحيران ، وهي تقابل المادة 1007 مشروع اردني و 1002 مصري .
بمقتضى المادة 473 من المجلة وشرحها لعلي حيدر يعتبر ويراعى كل ما اشترطه العاقدان في تعجيل الاجرة وتأجيلها وبما ان الحكر هو اجارة خاصة وبما ان مصلحة الوقف في ان يستوفي الاجرة سنويا في مثل هذه الحالة فقد وضعت المادة على هذا الاساس الا اذا تضمن العقد شرطا اخر ، وهي تقابل المادة 1009 مشروع اردني و 1003 مصري .
حكم هاتين المادتين يعرف من الرجوع الى رد المحتار ج/3ص/ 398 والى المواد 703 من مرشد الحيران و 337 و 339 من قانون العدل والانصاف ، وهي تقابل المواد 1010 و 1011 مشروع اردني و 1004 و 1005 مصري .
ان هاتين المادتين تتعلقان بتنفيذ ما يتفق عليه بين طرفي العقد سواء بالنسبة لتاريخ التقدير الجديد او بالنسبة لم يلزم المحتكر من اعداد الارض المحكرة لتحقيق الغرض الذي جرى التحكير من اجله وبما ان المعروف بين التجار كالمشروط بينهم والمعروف عرفا كالمشروط شرطا وبما انه يلزم مراعاة الشرط بقدر الامكان عملا بالمواد 43 و44 و 83 من المجلة وشرحها لعلي حيدر فقد وضعت المادتان على هذا الاساس تحقيقا لما ذكر ، وهما تقابلان المواد 1012 و 1013 مشروع اردني و 1006 و 1008 مصري .
بما انه يلاحظ فيما يتعلق بالوقف مصلحة الوقف اولا فاذا تعرضت للزوال او الاهمال جاز لمن يتولى شؤون الوقف ان يتخذ من الاجراء ما تقتضيه مصلحة الوقف كما هو مبين شرعا في كتب الفقه وبما ان امتناع المحتكر عن دفع الاجرة السنوية مدة ثلاث سنوات متتالية يعرض مصلحة الوقف للضرر كما ان اهمال المحتكر بعدم قيامه بما يجب عليه من التعمير قد يعرضها للضرر فقد اجازت المادة 1250 لمتولي الوقف طلب فسخ العقد في الحالتين المذكورتين وقد يستلهم في ذلك حكم المادة 338 من قانون العدل والانصاف .
وبما انه يجوز ان يكون للمحتكر عذر حال دون تمكنه من القيام بالتزامه فقد رؤي ان يتم الفسخ بحكم المحكمة حتى تؤمن العدالة وتقدر الظروف كاملة .
واما المادة 1260 فقد بينت الحالات التي ينتهي فيها الحكر - الحالة الاولى حلول الاجل المحدد في العقد وهذا امر طبيعي لانه بانتهاء المدة انتهى العقد واما الحالة الثانية وهي ما اذا مات المحتكر قبل ان يبني او يغرس فقد اعتمد المشروع في المادة 1252 انفساخ العقد في تلك الحالة بناء على المادة 705 من مرشد الحيران و 341 من قانون العدل والانصاف الا انه رؤي للمصلحة ان يستمر هذا العقد اذا طلب الورثة ذلك ووافق المتولي وكانه اصبح عقدا جديدا واما الحالة الثالثة وهي انتهاء عقد الحكر عند الاستبدال او نزع الملكية فقد بينت المادة 332 من قانون العدل والانصاف انه انما يجوز التحكير اذا لم يمكن استبدال الموقوف وبما ان وقوع الاستبدال فوت مسوغات الحكر فقد اعتبر العقد منتهيا في تلك الحالة كما انه ينتهي عند نزع الملكية للمصلحة العامة ، لان ذلك في حكم الاستبدال ، وهما تقابلان المواد 1014 و 1015 من المشروع الاردني و 1008 و 1009 مصري .
اعتمد في المادة 1261 - على ما جاء في رد المحتار ج/3ص / 391 والفقرة الثانية من المادة (337) من قانون العدل والانصاف والمادة 703 من مرشد الحيران وقد جعلت للمحكر الحق في ازالة البناء او الغراس او استبقاءهما مقابل دفع اقل قيمتيهما مستحقي الازالة او البقاء الا اذا اتفق المحكر والمحتكر على غير ذلك وللمحكمة ان تقرر الطريقة التي يتم بها وفاء المقابل كأن تمهل المحتكر مدة معينة او تحدد اجالا للدفع وذلك كله في حالة عجز المحتكر عن الوفاء عند انتهاء اجل الحكر او عند استبقاء البناء او الغراس لدفع الضرر عنه .
وهي تقابل المادة 1016 مشروع اردني و 1010 مصري .
وضعت هذه المادة استنادا الى الاحكام الشرعية من ان ما يبنى او يغرس على الارض الموقوفة يجوز وقفه والا بقي ملكا للمحتكر فاذا وقفه اخذ حكم الوقف في مدة التقادم والا كانت المدة خمس عشرة سنة كما يعرف من الرجوع الى المادتين 1660 و1661 من المجلة وشرحهما لعلي حيدر . وهي تقابل المادة 1017 مشروع اردني و 1011 مصري.
وضعت هذه المادة حتى يبقى للحكر طبيعته وتطبق احكام الملكية المتعلقة بالشيوع والقسمة حيثما تتعارض مع طبيعة الحكر . وهي تقابل المادة 1018 مشروع اردني .
ان حكم عقد الاجارتين قريب من حكم الحكر غير انه في الاجارتين تستوفى اجرة معجلة لاصلاح البناء القائم على العقار الموقوف وتعميره وليست حقا للمستحقين يتصرفون به . واما الاجرة المؤجلة السنوية فهي التي يمكن ان تعود للمستحقين بعد استكمال العمارة لانه يبدا من غلة الوقف بعمارته لم يشترطه الواقف كما هو مصرح به في ص/ 376 و 377 من رد المحتار ج/ 3 وكما هو مبين في كتاب احكام الوقف لزهدي يكن ص/166 ومجموعة الاعمال التحضيرية للقانون المدني المصري ج/6ص/ 617 ، وهي تقابل المواد 1019 مشروع اردني و 1004 سوري 1013 مصري .
عقد خلو الانتفاع يتميز ايضا بوقوعه على ارض موقوفة مقابل قدر من المال يدفع للواقف او نائبه للاستعانة به على تعمير الوقف واجر ثابت لا يقل عن اجر المثل ومدته غير محددة وللوقف فسخ العقد في أي وقت بعد التنبيه في المواعيد المنصوص عليها في عقد الايجار بالنسبة للعقود غير المحددة المدة ولصاحب الخلو حق القرار في خلوه وله الفراغ عنه باذن من الواقف او نائبه الا انه لا يباع ويورث اذا استمر صاحبه في سداد اجر المثل ويلتزم صاحب الخلو بجعل العين موضوع الحق صالحة دائما للاستغلال .
وكأثر لاعتبار عقد الخلو غير محدد المدة فانه يحق للواقف فسخ العقد بعد التنبيه رسميا على صاحب الخلو في الميعاد القانوني طبقا للقواعد خاصة بعقد الايجار على ان يدفع له ما انفق على منشأت الوقف بعد حسم ما افاده منها في فترة استغلاله لها ، وتضمن المشروع النص على سريان الاحكام المتعلقة بايجار العقارات الموقوفة فيما لا يتعارض مع الاحكام السالف الاشارة اليها . وقد اعتمد في موضوع الخلو على ما ورد في المادتين 360 ، 361 من قانون العدل والانصاف وعلى ما ورد في الصفحة من 15-18 من رد المحتار ج/4 وعلى ما ورد في الصفحة 192 وما بعدها من كتاب احكام الوقف لزهدي يكن . وهي تقابل المادة 1014 من القانون المصري .
الحق المجرد تكليف او ارتفاق مفروض على عقار لمنفعة عقار مملوك لاخر وهو تعريف يستند اساسا الى ما ورد في المادة 37 من مرشد الحيران والتي عرفت الارتفاق بانه حق مقرر على عقار لمنفعة عقار لشخص اخر .
ولما كان الارتفاق هو الحق العيني المجرد من ملكية الرقبة . لذلك فقد اختار المشروع هذه التسمية لاتفاقها مع تسميتها في الفقه الاسلامي وحتى لا تختلط من جهة اخرى بالمعنى الاخر للارتفاقات وهو التدابير العامة .
وفي المواد التالية شروط انشاء الحق المجرد والاحكام الخاصة بكل نوع من الانواع المعروفة في الفقه الاسلامي ، وان كان المالكية يرون امكان انشاء حقوق اخرى بالارتفاق ، كما تناولت المواد التالية ايضا اثار الحقوق المجردة واحكام انقضائها ، وهي تقابل المواد 960 مشروع اردني وسوري و 1271 عراقي و 1015 مصري .
تكسب الحقوق المجردة بذات الاسباب التي تكسب بها الملكية الا ما تعارض منها مع طبيعة الحقوق المجردة فيستبعد الاستيلاء والالتصاق مثلا لاستحالتهما في الحقوق المجردة وقد عدد النص الاسباب التي تكسب بها هذه الحقوق طبقا لما وردت في مرشد الحيران والمجلة وهي تطابق الى حد بعيد ما ورد في التقنينات الحديثة بعد تعديل صياغتها لكي تتفق معها .
وقد تكسب الحقوق المجردة بالاذن وذلك بسماح مالك العقار الخادم لمالك عقار اخر باستعمال حق من الحقوق المجردة (شرب - مجرى - مسيل - مرور) ويكون ذلك موقوتا ببقاء الاذن اذ يجوز لصاحبه الرجوع فيه لصدوره على وجه التبرع .
كما يكسب الحق المجرد بالتصرف القانوني اي بالعقد كأن يشتري صاحب العقار المنتفع الحق من صاحب العقار النافع او بالوصية كأن يوصي مالك عقار لمالك عقار اخر بحق له على عقاره يثبت له بعد موته وتطبق عليه احكام الوصية .
اما القدم فان الحق ينشأ فيه عن سبب مجهول كأذن او غيره ثم عفا السبب وبقي اثره معروفا دون معرفة بدئه ولذا يتعين اقراره لقدمه والقديم يبقى على حاله وظاهره ان كان لسبب صحيح ما لم يظهر انه غير مشروع فيتعين رفع ضرره لان الضرر يزال ولو كان قديما .
ومصدر النص هو المواد 47 و 48 و 49 و 51 و 52 من المرشد والمادتين 1224 و 1225 من المجلة وقد نصت المادة 47 من المرشد على ان حق الشرب يورث ويوصى به ويباع تبعا للارض ونصت المادة 48 على ان القديم يبقى على قدمه في حق المرور والمجرى والمسيل ما لم يكن غير مشروع من اصله فان كان كذلك فلا اعتبار له ويزال ان كان فيه ضرر بين . فان كان لدار مسيل قذر في الطريق العام وكان مضرا بالعامة يرفع ضرره ولو كان قديما ولا يعتبر قدمه ونصت المادة 49 على انه اذا كان لاحد حق المرور في ارض شخص اخر فليس لصاحبها ان يمنعه من المرور منها .. ونصت المادة 51 على ان من كان له مجرى ماء بحق قديم في ملك اخر فليس لصاحبه منعه .
ونصت المادة 52 اذا كان لدار مسيل مطر على دار الجار من القديم فليس للجار منعه كما نصت المادة 1224 من المجلة على ان يعتبر القدم في حق المرور وحق المجرى وحق المسيل اي تترك على وجهها القديم .. لان القديم يترك على قدمه ولا يتغير الا ان يقوم الدليل على خلافه اما القديم المخالف للشرع فلا اعتبار له ويزال اذا كان فيه ضرر فاحش والمادة 1225 التي تضمنت انه ليس لصاحب العرصة ان يمنع من له الحق من المرور والعبور ويلاحظ ان النص المقترح قد اشترط في كسب الحقوق المجردة بالقدم ان تكون ظاهرة حتى لا يشوب الحيازة فيها عيب الخفاء .
وهي تقابل المواد 961 و 962 مشروع اردني وسوري و 1016 مصري و 1272 عراقي .
سبق ان اشرنا الى ان كسب الحق المجرد (شرب - مجرى - مسيل - مرور) بالاذن يظل موقوتا ببقاء الاذن وحياة الاذن ومن ثم فانه يجوز لصاحبه الرجوع فيه لصدوره على وجه التبرع . ولا مقابل لهذا النص في القوانين الحديثة ومصدره المادة - 50 - من مرشد الحيران وتنص على انه للمبيح ان يرجع عن اباحته ولا يلزم بالاذن والرضا فان لم يكن لاحد حق المرور في عرصة اخر ومر فيها مدة باذن صاحبها فلا يترتب على مروره حق له بل لصاحب العرصة ان يمنعه من المرور متى شاء ونصت المادة 1226 من المجلة على ان للمبيح ان يرجع عن اباحته والضرر لا يكون لازما بالاذن والرضا ... ومؤدى النصين واحد وقد وضعت المادة على هذا الاساس .
تعتبر القيود المفروضة من قبل الدولة على بناء العقارات كالحد من ارتفاعها ارتفاعا معينا او قصر البناء على مساحة معينة حقوقا مجردة لصالح العقارات المجاورة ولاصحاب هذه العقارات المجاورة ان يتمسكوا بحقوقهم اذا ما خولفت هذه القيود وذلك بازالة الضرر الناجم عن مخالفتها عينا فاذا ثبت تعذر الازالة جاز له ان يطالب بالتضمين متى ثبت موجبه .
والقاعدة التي قررتها المادة 1192 من المجلة ان لكل ان يتصرف في ملكه كيف شاء لكن اذا تعلق حق الغير به فيمنع وفي الفقرة الرابعة من شرح المجلة لعلي حيدر على المادة تعليق على النص جاء به لكن اذا تعلق حق الغير في ملكه اي حق شخص غير المالك فيمنع المالك من تصرفه على وجه الاستقلال اي ليس للمالك ان يتصرف تصرفا مضرا بالاخر ما لم يرض به وتطبيقا للقاعدة العامة فان الضرر يزال بمقتضى المادة 20 من المجلة وشرحها لعلي حيدر فاذا تعذرت ازالته فقد وجب الضمان متى تحققت شروطه ويؤيد ذلك ما ورد في المادتين 57 و 58 من مرشد الحيران ، وهي تقابل المادتين 1018 مصري و 1274 عراقي .
تناولت المادة 1275 الحق المجرد الظاهر بتخصيص من المالك الاصلي اذا كان مالكا لعقارين منفصلين ثم اقام بينهما علامة ظاهرة فأنشأ بينهما علاقة تبعية من شأنها ان تدل على وجود الحق لو ان العقارين كانا مملوكين لملاك مختلفين فاذا انتقل العقاران الى ايدي ملاك مختلفين دون تغيير في حالتهما عد الحق قائما بين العقارين لهما وعليهما ويدخل ذلك في الاتفاق الضمني لكسب الحق وشروطه وجود عقارين منفصلين لمالك واحد وقيام حق ظاهر بينهما يقطع بخدمة احد العقارين للاخر فاذا ملك العقارين بعد ذلك مالكان مختلفان دون ان تتغير حالتهما عد الحق مرتبا لاحدهما على الاخر الا اذا اتفق على غير ذلك .
وهذا الحق يبنى على اساس قاعدة الاستصحاب في الفقه الاسلامي وقد نصت المادة (5) من المجلة على ان الاصل بقاء ما كان على ما كان ونصت المادة السادسة على ان القديم يترك على قدمه ونصت المادة العاشرة على ان ما ثبت بزمان يحكم ببقائه ما لم يوجد دليل على خلافه ، ونصت المادة 1683 منها على تحكيم الحال أي جعل الحال الحاضر حكما هو من قبيل الاستصحاب وهو الحكم ببقاء امر محقق غير مظنون عدمه أي ابقاء ما كان على ما كان .
وتطبيقا لما تقدم تضمنت المادة 1232 من المجلة ان حق المسيل في دار ليس لصاحب الدار او لمشتريها اذا باعها منع جريه بل يبقى كالسابق .
ونصت المادة 1224 من المجلة على ان يعتبر القدم في حق المرور والمجرى والمسيل أي تترك هذه الاشياء وتبقى على وجهها القديم . ونصت المادة 1777 منها على انه اذا اختلف في طريق الماء الذي يجري الى دار احد بأنه حادث او قديم وادعى صاحب الدار ان المسيل حادث وطلب رفعه وليس لكلا الطرفين بينة فان كان الماء يجري في وقت الخصومة او كان يجري قبل ذلك بقي على حاله ... ونصت المادة 49 من المجلة ايضا على ان من ملك شيئا ملك ما هو من ضروراته فاذا اشترى احد دارا ملك الطريق اليها .. ونصت المادة 51 من المرشد على انه من كان له مجرى او ماء جار بحق قديم في ملك شخص آخر فليس لصاحبه منعه ونصت المادة 52 على انه اذا كان لدار مسيل مطر على دار الجار من القديم فليس للجار منعه .
وقد وضعت المادة على هذا الاساس ، وهي تقابل المواد 1273 عراقي و 1017 مصري .
احكام هذه المواد تعرف من الرجوع الى المواد 69 - 71 - و 771 و 772 من مرشد الحيران والمواد 1210 و 1211 و 1316 - 1318 من المجلة وشرحها لعلي حيدر وما جاء في رد المحتار ج/3ص/354 و 355 ، وهي تقابل المواد 974 و 975 مشروع اردني وسوري و 814 - 818 مصري و 1087 - 1092 عراقي .
تضمنت المواد 1281 وما بعدها ما يتصل بالطريق العام والطريق الخاص فنصت المادة 1281 على حق كل مالك على طريق عام ان يفتح بابا طبقا لما تقضي به القوانين المتعلقة بذلك وقد صيغ النص طبقا لما ورد في المادة 1218 من المجلة مع تقييده بما قد يصدر من قوانين لتنظيم المباني القائمة على طريق عام ، ولما كان الطريق العام هو حق للعامة وتنوب عنهم السلطة المختصة في الاشراف عليه وضمان وجوده لذا نصت المادة 1282 على ان ترفع من الطريق العام الاشياء الضارة بالمرور ولو كانت قديمة عملا بالمادة 1214 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والمادة 48 من مرشد الحيران ورد المحتار ج/5 صفحة 380 ونصت الفقرة الثانية على ان يتبع في شأنها ما تقضي به القوانين والانظمة الخاصة بالطرق العامة ايضا .
ولما كان من المعروف ان تقسيم الاراضي والدور قد ينتج عنه بعض زوائد الطرق وهي القطع المجاورة لبعض الاملاك ولا تدخل في الطريق لذلك اجاز نص المادة 1283 للسلطة المختصة ان تبيع هذه الزوائد لمن يريد ان يلحقها بملكه القائم على الطريق بشرط عدم الاضرار بالمارة او بالملاك المجاورين تطبيقا لقاعدة لا ضرر ولا ضرار .
ومصدر النص هو المادة 1217 من المجلة التي ترتبط بدورها بالمادة 58 منها والتي تنص على ان التصرف على الرعية منوط بالمصلحة ويلاحظ ان النص مقصور على زوائد الطريق العام اما زوائد الطريق الخاص فهي مملوكة لاصحابها وتسري عليها الاحكام الخاصة بها .
وقد نصت المادة 1284 على ان الطريق الخاص كالملك المشترك لمن لهم في حق المرور فيه وليس لاحدهم ان يحدث فيه شيئا بغير اذن من الباقين ومصدر النص هو المادة 1220 من المجلة وجاء في شرحها لعلي حيدر انه كان الاولى ان يقال ملك مشترك دون اداة التشبيه (الشر نبلالي) الا ان التعريف ادق لان الغرض من النص تقييد حق مجرد على عين لمنفعة العقارات المجاورة .
وقد نصت المادة 1285 على انه لا يسوغ لمن لهم حق المرور في الطريق الخاص الاتفاق على بيعه او قسمته او سد مدخله ، وهو نص مصدره ايضا الجزء الاخير من المادة 1223 من المجلة وجاء في شرحها لعلي حيدر انه لا يسوغ لاصحاب الطريق الخاص ان يبيعوه بالاتفاق او يقتسموه بينهم او يلحقوه بدورهم او يحفروا فيه بئرا او يسدوا مدخله ، (التنقيح والانقروى في الحيطان) واذا كان على الطريق دار واحدة فقط فليس لصاحب الدار ايضا ان يسد مدخل الطريق (القاعدية في القسمة والكفوى) واذا باع من له حق المرور داره الواقعة على الطريق الخاص فيكون حقه وحصته في الطريق الخاص قد بيعت تبعا ، وقد نصت المادة 216 من المجلة على انه يصح بيع حق المرور وحق الشرب وحق المسيل تبعا للارض والماء تبعا لقنواته . وجاء في رد المحتار ص17/جزء - 4 - قال ابو حنيفة في سكة غير نافذة ليس لاصحابها ان يبيعوها ولو اجتمعوا على ذلك ولا ان يقسموها لان الطريق الاعظم اذا كثر الناس فيه كان لهم ان يدخلوا هذه السكة حتى يخف هذا الزحام قال الناطفي وقال شداد في دور بين خمسة باع احدهم نصيبه من الطريق فالبيع جائز وليس للمشتري المرور فيه الا ان يشتري دار البائع واذا ارادوا ان ينصبوا على رأس سكتهم دربا ويسدوا رأس السكة فليس لهم ذلك لانها وان كانت ملكا لهم ظاهرا لكن للعامة فيها نوع حق وقد تضمنت المادة 1286 من هذا المشروع النص على احقية المارة في الدخول الى الطريق الخاص عند الضرورة وانه لا يجوز لغير الشركاء فتح باب عليه وذلك استنادا للمادتين 1219 و 1223 من المجلة وشرحها لعلي حيدر .
واستبعد النص كلمة (الزحام) الواردة في نص المجلة وعبارة رد المحتار لاحتمال الحاجة الى الدخول الى الطريق الخاص في غير حالات الزحام كالظروف التي تضطر العامة الى الدخول بسبب غارة جوية مثلا .
اما المادة 1278 من المشروع فقد نصت على احقية صاحب الحق المجرد على الطريق الخاص اذا ما قام بسد بابه المفتوح عليه في عدم سقوط حقه ويجوز له ولخلفه من بعده ان يعيد فتحه استنادا للمادة 1222 من المجلة وشرحها لعلي حيدر .
ونصت المادة 1288 من المشروع على توزيع اعباء نفقات التعمير على الشركاء فيه وذلك بنسبة ما يعود على كل من فائدة . ولان من يسكن في اول الطريق لا يفيد منه كما يفيد المقيم في اخره وذلك استنادا للمادتين 1328 و 87 من المجلة وشرحهما لعلي حيدر ، وهذه المواد تقابل المواد 1093 - 1097 عراقي .
تعرضت هذه المواد لحق المرور من الوجهة العامة فنصت المادة 1289 على احقية المارة في المرور في ارض مملوكة لاخر اذا ثبت لهم هذا الحق الا اذا كان المرور نتيجة اباحة او تسامح من صاحب الارض فان له الرجوع عن اباحته لان الاباحة تبرع والتبرعات غير لازمة وذلك طبقا لنص المادة 1273 من هذا المشروع والتي تنص على انه لمن اذن في استخدام حق مجرد على عقار مملوك له ان يرجع في اذنه متى شاء .
ونصت المادة 1290 على حق صاحب العقار الذي لا يتصل بالطريق العام او ان وصوله اليه لا يتم الا بنفقة باهظة او مشقة كبيرة في المرور في الارض المجاورة وذلك بالقدر اللازم لاستعمال ملكه . وهو القدر المألوف عرفا على ان يدفع مقابل استعمال هذا الحق ، ويتم هذا اتفاقا او قضاء وذلك بشرط ان يباشر حقه في موضع تتحقق فيه فائدة المرور وتقل اضراره بالنسبة للمالك والعقار الخادم ، واما اذا كان المنع عن الطريق بسبب تجزئة العقار بناء على عقد او وصية فان الممر يجب ان يكون في اجزاء هذا العقار كما نصت عليه المادة 1291 من هذا المشروع . وقد اعتمد في احكام هذه المواد على المواد 1165 - 1167 و 1225 و 1226 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والمادتين 49 و 50 من مرشد الحيران ، وهي تقابل المواد 977 - 979 مشروع اردني وسوري و 812 مصري .
تناولت المواد 1292 - 1297 حق الشرب كحق مجرد وقد عرفته المادة 1292 بانه نوبة الانتفاع بالماء سقيا للارض او الغرس ، وهو تعريف اوردته المجلة في المادة 1262 ومرشد الحيران في المادة 38 مع تعديل الفاظه ، حتى يتفق مع نطاق الحقوق العينية فقد جاء في رد المحتار ج/5 ص/281 انه نوبة الانتفاع بالماء سقيا للزراعة والدواب ولما كنا بصدد تقنين الحقوق المجردة لذلك استبعد لفظ الدواب لخروجه عن سياق التقنين وبعده عن مناط الحق العيني من جهة اخرى .
ومصدر المواد التالية هو ذات المصادر المشار اليها في المادة 1292 . وقد جاء في رد المحتار ج/5ص/282 ان لكل سقي ارضه من بحر او نهر عظيم كدجلة والفرات ونحوهما لان الملك بالاحراز والا احراز لان قهر الماء يمنع قهر غيره ولكل شق نهر لسقي ارضه منها .... ان لم يضر بالعامة , لان الانتفاع بالمباح انما يجوز اذا لم يضر باحد وقد نصت المادة 1265 من المجلة على ان لكل ان يسقي اراضيه من الانهر غير المملوكة وله ان يشق جدولا ومجرى لسقي اراضيه ... لكن يشترط عدم المضرة بالاخرين ، وفي النص المقترح تقييد لاستعمال الحق المشار اليه وهو ان يكون الانتفاع طبقا لما تقضي به القوانين والانظمة الخاصة .
وقد نصت المادة 1294 على حق كل من انشأ جدولا او مجرى ماء في الانتفاع به وليس لاحد غيره حق الانتفاع به الا باذنه عملا بالمادة 42 من مرشد الحيران كما نصت المادة 1295 على انه لا يجوز لاحد الشركاء في النهر او الجدول المشترك ان يشق منه جدولا اخر الا باذن باقي الشركاء وقد نصت الفقرة الثانية من المادة 40 من مرشد الحيران على انه ليس لاحد من غير الشركاء ان يسقي ارضه منها الا باذن اصحابها وليس لاحد من الشركاء ان يشق فيها بربخا او ينصب عليها آلة بخارية بلا رضا بقية الشركاء كما نصت المادة 1267 من المجلة على ان حق الشرب في الانهار المملوكة أي المجاري المملوكة هو لاصحابها وجاء في المادة 1269 من المجلة انه ليس لاحد الشركاء في النهر المشترك ان يشق منه جدولا بلا اذن الاخرين .
فعليه لا يسوغ لاحد ان يسقي اراضيه من نهر مخصوص بجماعة او جدول او قناة او بئر بلا اذنهم وقد صيغ النص المقترح في المشروع على ضوء ما جاء في رد المحتار جزء - 5 - صفحة 281 - 286 والمواد المشار اليها في مرشد الحيران والمجلة .
اما المادة 1296 من المشروع فمصدرها المادة 1323 من المجلة وشرحها لعلي حيدر . وقد تضمنت المادة 1297 حكما هاما بشأن انتقال حق الشرب بالميراث او الوصية بالانتفاع به الا ان الحق لا يباع ولا يوهب ولا يؤجر وهو مستمد من رد المحتار جزء - 4 - صفحة 118 حيث قال : ولا يباع الشرب ولا يوهب ولا يؤجر ولا يتصدق به لانه ليس بمال متقوم في ظاهر الرواية .. ونصت المادة 47 من المرشد على ان حق الشرب يورث ويوصى بالانتفاع به ولا يباع الا تبعا للارض .. ولا يوهب ولا يؤجر وقد صيغ النص المقترح متفقا مع ذكر وهي تقابل المواد 1055 - 1057 من القانون العراقي والمادة 812 مصري .
تناولت المواد من 1298 - 1301 حق المجرى وهو من الحقوق المجردة وقد عرفته المادة 1298 بانه حق صاحب الارض في جريان ماء الري في ارض غيره لتصل من موردها البعيد الى ارضه ، وليس لاحد من ملاك الاراضي التي تجري فيها هذه المياه منعه ، وقد يتم جريان الماء بواسطة مسقاة او قناة او جدول او اية طريقة آلية حديثة ، وقد اجاز النص لاصحاب الاراضي البعيدة ان يكون لهم هذا الحق على اصحاب الاراضي التي تقع بين مورد المياه وبينهم فاذا ثبت لاحد حق المجرى في ملك اخر وتحقق ضرره بسبب جريان المياه واتلاف الاراضي المجاورة فان المادة 1299 من هذا المشروع تجعل للمضرور الخيار بين طلب الزام صاحب المجرى بالاصلاح والتعمير او ان يقوم هو بتعميره واصلاحه على نفقة صاحب المجرى درءا للضرر عن نفسه . وله في هذه الحالة اذا لم يذعن صاحب المجرى بدفع النفقات ان يلجأ الى القضاء مطالبا بحقه .
كما الزم نص المادة 1300 مالك الارض الزراعية المجاورة لمجرى ماء ان يسمح باقامة المنشآت الفنية اللازمة لحق المجرى كالقنوات والمضخات والانابيب ومآخذ الماء واجهزة دفع الماء ورفعه وضبطه وذلك لقاء اجر سنوي معجل ولصاحب الارض ان ينتفع منها على ان يتحمل من نفقات اقامتها ومقابل الانتفاع بها قدرا يتناسب مع ما يعود عليه من فائدة تطبيقا لقاعدة الغرم بالغنم .
ونصت المادة 1301 على تضمين صاحب الارض الزراعية اذا اصابها ضرر بسبب هذه المنشآت وان يحصل على هذا الضمان ممن تعود عليهم هذه المنشآت (بالفائدة وهو نص يختلف عن نص المادة 1299 لان الاولى خاصة بنفقات التعمير والاصلاح للمجرى اما الثانية فخاصة بتضمين الاضرار الناجمة عن المنشآت الفنية المشار اليها في نص المادة 1300 من هذا المشروع .
وقد اعتمد في مواد المشروع المشار اليها على المواد 43 و 45 و 53 من مرشد الحيران كما استرشد بما ورد في الصفحة 651 من الجزء الاول من شرح القانون المدني (الحقوق العينية) للدكتور وحيد سوار ، وهي تقابل المواد 980 - 983 مشروع اردني وسوري و 1058 عراقي .
عالجت المواد 1302 - 1308 من هذا المشروع حق المسيل وهو الحق المقابل لحق المجرى من الحقوق المجردة ، فالاول يهدف الى استبعاد المياه الزائدة او غير الصالحة او المياه الطبيعية عن الارض اما الثاني فيهدف الى جلب المياه الصالحة لري الارض وقد عرفت المادة 1302 حق المسيل بانه حق اسالة المياه الطبيعية او تصريف المياه غير الصالحة او الزائدة عن الحاجة بمرورها في ارض الغير وقد تناول الاستبعاد ثلاثة انواع من المياه وهي المياه الطبيعية والمياه الزائدة عن حاجة الري والمياه غير الصالحة وقد تناولت المادة 1303 المياه الطبيعية كمياه الامطار ونصت على ان تتلقى الاراضي المنخفضة المياه السائلة سيلا طبيعيا من الاراضي العالية دون ان يكون ليد الانسان دخل في اسالتها ولا يجوز لمالك الاراضي المنخفضة ان يقيم سدا لمنعها كما لا يجوز لمالك الاراضي العالية ان يقوم بعمل يزيد من عبء الارض المنخفضة . كما الزمت المادة 1304 مالك الارض الزراعية بدفع اجر مناسب لملاك الاراضي التي تمر باراضيهم المياه الزائدة او غير الصالحة . واجازت المادة 1305 لملاك الاراضي التي تجري فيها مياه المسيل الانتفاع بالمنشآت الخاصة بتصريف المياه على ان يتحمل كل منهم اقامة المنشآت وتعديلها وصيانتها بنسبة ما يعود عليه من فائدة .
اما المادة 1306 فقد حظرت اجراء مسيل ضار في ملك الغير او في الطريق العام او الخاص واوجبت ازالته حتى ولو كان قديما تطبيقا لقاعدة الضرر يزال ولو كان قديما . وفي المادتين 1307 و 1308 تقييد لحق المسيل في اسالة المياه في ملك الغير او في الطريق العام او الخاص بغير اذن ، مع مراعاة القوانين والانظمة الخاصة . وقد اعتمد في المواد المشار اليها على المواد 48 و 54 - 56 من مرشد الحيران و 1224 و 1231 من المجلة وشرحهما لعلي حيدر وقد استرشد بما في صفحة 653 من الجزء الاول لشرح القانون المدني للحقوق العينية للدكتور وحيد سوار ، وهي تقابل المواد 963 و 980 و 981 و 985 و 986 مشروع اردني وسوري .
لما كان لصاحب العقار المنتفع حق عيني على العقار النافع او الخادم يخوله استعمال حقه على وجه لا يضر بالعقار فان الحق المجرد يتحدد وقت انشائه ويخضع تحديده لما جاء في سند انشائه وللعرف السائد في الجهة التي يقع بها العقار وفي التطبيقات العديدة التي اوردتها شروح المجلة على نصوص الحقوق المجردة من شرب او مجرى او مسيل او مرور او جوار ما يتفق مع هذا المعنى فضلا عما نصت عليه المادة 45 من المجلة ان التعيين بالعرف كالتعيين بالنص كما نصت المادة 19 من مرشد الحيران في باب ملك المنفعة على انه يجب ان تراعى شروط عقد التبرع المترتب عليه حق الانتفاع بالنظر لحقوق المنتفع ولما يجب عليه من الواجبات ، وعلى هذا الاساس وضعت المادة 1309 من المشروع وهي تقابل المواد 987 مشروع اردني وسوري و 1019 مصري و 1275 عراقي .
لمالك العقار المنتفع حق عيني اي سلطة على العقار الخادم تخوله مباشرة حقه في الحدود المشروعة والمتفق عليها طبقا لسند انشاء الحق على الا يتعدى حدود هذا الاتفاق الا باتفاق جديد . وعليه ان يعني بالعين محل الحق صيانة لها وقدنصت المادة 28 من مرشد الحيران بشان ملك المنفعة على انه يجب على صاحب المنفعة ان يعتني بحفظ العين المنتفع بها صيانة لها وقد قيس النص المقترح على النص المشار اليه في باب الانتفاع ، وعلى المادة 29 من المرشد ايضا بشأن مباشرة حق الانتفاع واستيفائه بعينه او مثله او دونه . وهي تقابل المواد 989 مشروع اردني وسوري و 1020 مصري و 1276 عراقي .
من البديهي ان النفقات اللازمة لمباشرة اي حق مجرد وصيانته تكون على عاتق المستفيد منه اي صاحب العقار المنتفع فاذا كانت الاعمال نافعة لكلا الطرفين كصيانة الارض اللازمة لحق المرور فان نفقات الصيانة تكون شركة بينهما بنسبة ما يعود على كل منهما من نفع ، وقد نصت المادة 31 من مرشد الحيران على ان المصاريف اللازمة لمؤونة العين المنتفع بها وحفظها تلزم صاحب المنفعة وقد اضيف الى النص المقترح انه اذا كانت الاعمال نافعة للعقارين كانت النفقات على الطرفين بنسبة ما يعود على كل من نفع عملا بالمادة 87 من المجلة وشرحها لعلي حيدر وعلى هذا الاساس وضعت المادة 1311 .
وهي تقابل المواد 990 مشروع اردني وسوري و 1022 مصري و 1277 عراقي .
تتضمن المادة 1312 التزام صاحب العقار الخادم بالا يأتي بعمل من شأنه التأثير على استعمال الحق المجرد والانتقاص منه او جعله اكثر مشقة او ان يغير من الوضع القائم او ينقل استعمال الحق الى موضع اخر دون اتفاق مع صاحب العقار المنتفع . ومع ذلك فانه يجوز تعديل الحق اذا كان من شأن الوضع الاول للحق ان يزيد في اعباء العقار الخادم او ان يمنع من اجراء الاصلاحات المفيدة له فمن حق مالك العقار المشار اليه حينئذ ان يطلب نقل الحق الى موضع اخر يعادل الاول ، وذلك استنادا الى مقتضى المادة 29 من مرشد الحيران .
وفي حالة تجزئة العقاب المنتفع فان الحق يظل ثابتا لكل جزء منه وفي هذه الحالة يشترط ان لا يكون زيادة في العبء على العقار الخادم واذا كان الحق لا يفيد الا اجزاء معينة دون اجزاء اخرى فلصاحب العقار الخادم ان يطلب انهاءه عن باقيها واذا جزيء العقار الخادم بقي الحق على كل جزء منه فاذا لم يستعمل على بعض هذه الاجزاء فانه يجوز لصاحب كل جزء ان يطلب اسقاط الحق عما يخصه .
وقد وضعت المادتان 1313 و 1314 لبيان ما ذكر ويمكن تخريجهما على المبادىء الشرعية التالية : الاصل بقاء ما كان على ما كان ، وما جاز لعذر بطل بزواله ، واذا زال المانع عاد الممنوع ، بمقتضى المواد 5 و 23 و 24 من المجلة وشرحها لعلي حيدر .
وهي تقابل المواد 977 و 979 و 992 مشروع اردني وسوري و 1023 - 1025 مصري و 1278 - 1280 عراقي .
تناولت المواد 1315 - 1321 انتهاء الحقوق المجردة بعد ان استعرضت المواد السابقة عليها الاحكام العامة لها ثم الحقوق التي وردت في المجلة والمرشد ولا يعني ذلك ان الحقوق المجردة مقصورة على ما ورد في هذا المشروع فهناك حقوق يستطيع اصحاب الشان انشاءها بالاتفاق في نطاق الاحكام العامة المشار اليها .
وينقضي الحق المجرد بانتهاء الاجل المحدد له وزوال محله بهلاك العقار الخادم او العقار المنتفع قياسا على ما جاء في المادة 35 مرشد الحيران وباجتماع العقارين في يد مالك واحد على ان يعود الحق اذا زال سبب انقضائه زوالا يرجع الى الماضي كفسخ البيع وينقضي الحق ايضا اذا تعذر استعماله بسبب تغيير وضع العقارين الخادم والمنتفع ومثل ذلك العقار الذي تقرر عليه حق المرور لمنفعة عقار اخر ثم تغير وضعه واصبح لا يتصل بالطريق العام فاذا عاد الى حالته عاد الحق الا اذا كان قد مضى على عدم استعماله مدة مرور الزمان المانع فانه يتعين تطبيق احكام مرور الزمان ، وينتهي الحق بابطال صاحبه لاستخدامه ، واجازته لصاحب العقار الخادم العدول عن تخصيصه ، وهو نص يتفق مع المادة 1227 من المجلة وتتضمن بانه اذا كان لدار حق المرور في ممر معين في عرصة اخر فاحدث صاحب العرصة بناء على هذا الممر باذن صاحب حق المرور فقد سقط حق مروره وليس له فيما بعد المخاصمة مع صاحب العرصة ... وجاء في شرح المجلة لعلي حيدر على هذه المادة ج/3 صفحة / 257 ان الحق المجرد يبطل بالابطال ( الانقروي في الحيطان والقاعدية في الشرب) . واورد الشرح تطبيقات هذه القاعدة في ص /258.
كما انه ينتهي الحق ايضا اذا زال الغرض منه للعقار المنتفع او اصبحت فائدته محدودة كما اذا نشا للعقار المنتفع مسيل اخر للمرور وقد اجاز النص لصاحب العقار الخادم ان يطلب انهاء الحق تحريرا لعقاره من هذا العبء .
وتضمن المشروع انقطاع مرور الزمان اذا انتفع احد الشركاء على الشيوع بالحق وذلك لمصلحة الباقين كما تضمن النص على عدم سماع الدعوى اذا انقضى على عدم استعمال الحق المجرد مدة خمس عشرة سنة فاذا كان الحق موقوفا كانت المدة ستا وثلاثين سنة . وذلك استنادا الى المادة 1662 من المجلة وشرحها لعلي حيدر ، وهذه المواد تقابل المواد 1026 -1029 مصري و 1281 - 1284 عراقي والمادة 993 من المشروع الاردني والقانون السوري .
نظرة عامة :
استحدث المشروع في الكتاب الرابع تسميته ( بكتاب التامينات العينية ) اذ ينتظم احكام تامينات الدين بصورها المعروفة في الفقه الحديث وفي الفقه الاسلامي ومن المسلم به ان الرهن من عقود التوثيقات وهو تامين لدين الدائن لانه يعطيه الحق في استيفاء دينه مقدما على سائر الدائنين العاديينومن يليهم مرتبة.
ونظرا لاهمية الرهن التاميني في الحياة العملية فقد رؤي تقديمه على سائر الحقوق العينية الواردة في هذا الكتاب ذلك لان توثيق الدين ةتامينه من شانه ان ينمي الثقة بين الدائن ومدينه وقد اشار الى ذلك الزيلعي في كتاب تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق جزء 6 صفحة 63 فقال " ان الحاجة الى الوثيقة ماسة من الجانبين فان المستدين قلما يجد من يدينه بلا رهن والدائن يامن بالرهن من التوى بالجحود او باسراف المدين في ماله بحيث لم يبق منه شيء او بمحاصصة غيره من الغرماء فكان فيه نفع لهما ( هامش صفحة 13 من الحقوق العينية التبعية جزء/2 للدكتور سوار).
ولا تعارض بين طبيعة الرهن التاميني او الرسمي وبين ما يهدف اليه الفقه الاسلامي من تامين الدين وضمان الوفاء به ، ويرى بعض الفقهاء المحدثين ان الرهن في الفقه الاسلامي هو اقرب الى التصرف الائتماني منه الى الرهن الحيازي كما نظمه القانون الوضعي ويدعم هذا الراي ان العين المرهونة اذا هلكت في يد المرتهن دون تقصير منه فانها تهلك بالاقل من قيمتها وقت القبض ومن الدين ومعنى ذلك ان العين تهلك على الدائن كما لو كانت ملكا له وذلك في حدود ما يكون له من دين على المدين كما ان للدائن المرتهن ان يبيع العين المرهونة على ان يكون تصرفه موقوفا على اجازة الرهن ، شانه في ذلك شان الراهن ( بدائع الصنائع ج/6 صفحة / 153 ) وان كان الراي على خلاف في الفقه الا انه يؤكد مدى اهمية الرهن كضمان للوفاء بالدين الامر الذي يتلب بالتالي توثيقه تاكيدا لاهمية الائتمان في المعاملات.
وقد صدر القانون الاردني رقم 46 لسنة 1953 بتنظيم تامين الديون على الاموال غير المنقولة فنص في المادة الخامسة على انه عندما يطلب وضع عقار تامينا لدين فانه يجب ان تقدم وثيقة مصدقة من مرجع مختص تتضمن شروطا عديدة راها القانون ضرورية لتوثيق الحق . ونص في المادة السادسة على ان تتولى دوائر تسجيل الاراضي تنظيم سندات الادانة المتعلقة بمعاملات التامين والتصديق عليها ولذلك فقد تضمنت المواد المقترحة في باب الرهن التاميني تنظيما لتامين الديون على العقارات وطريقة الوفاء بها تحقيقا لمبدا زيادة الثقة في المعاملات بين الناس.
ويطلق الرهن عادة على العقد وعلى الحق العيني الذي ينشئه هذا العقد وقد يكون الراهن هو المدين وقد يكون غيره . وتسجيل العقد واسباغ ثوب الرسمية عليه لا بد منه على خلاف الرهن الحيازي الذي يتم بحيازة المرهون . اما حق الرهن فهو سلطة للدائن على العقار المرهون يستوفي بها دينه مقدما على اي دائن اخر او من مالك جديد انتقلت اليه ملكية العقار المرهون.
ومصدر هذا الباب هو باب الرهن في كتاب البدائع ج/6 ص/135 وما بعدها وباب الرهن في كتاب رد المحتار لابن عابدين ج/5 ص/307 وما بعدها. وكتاب الرهون في كتاب بداية المجتهد لابن رشد ج/2 ص/228 وما بعدها . وكتاب الرهن في المهذب ج/1 ص/355 وما بعدها والمواد ، 701 - 761 من المجلة وشرحها لعلي حيدر ومرشد الحيران في كتاب الرهن المواد 975 - 1025.
المذكرة الايضاحية :
حكم هذه المادة يعرف من الرجوع الى المادتين 701 من المجلة وشرحها لعلي حيدر و 975 من مرشد الحيران وما ذكر في البدائع ج/6ص/ 153 ، وهي تقابل المواد 1047 و 1063 مشروع اردني و 1055 و 1071 سوري و 1030 مصري و 1285 عراقي .
?
تسجيل عقد الرهن التأميني ركن فيه ولا يقوم بغيره والاصل ان المستفيد من الرهن هو المدين الراهن ولذا فقد اشار النص الى الزامه نفقات العقد من كتابه ونفقات تسجيل وغير ذلك الا اذا اتفق مع المرتهن على غير ما ذكر كما يفهم من رد المحتار ج/5 ص/313 و 314 وهي تقابل المواد 1069 مشروع اردني و 1077 سوري و 1286 عراقي و 1031 مصري .
نصت المادة 1324 على ان يكون الراهن سواء اكان المدين ام كان كفيلا عينيا يقدم رهنا لمصلحة المدين - مالكا للعقار المرهون ، اهلا للتصرف فيه لان الرهن من عقود التصرفات فاذا كان الراهن غير مالك فقد نصت 1325 على عدم جوازه الا اذا اجازه المالك الحقيقي وذلك بسند موثق شأنه شان وثيقة الرهن التاميني اذا كان صادرا من المالك الحقيقي وبذلك يكون رهن ملك الغير باطلا بطلانا نسبيا موقوفا على اجازة المالك وذلك حتى يتسق مع النص على بيع ملك الغير والذي جعله المشروع موقوفا ايضا على اجازة المالك الحقيقي لوحدة العلة بين النصين.
اما المادتان 1326 و 1327 فمصدرهما ما ورد في الدر المختار ورد المحتار ص 319 ج/ 5 وما بعدها وشرح المجلة لعلي حيدر على نص المادة 708 ونص المادتين 984 و 985 من مرشد الحيران وما جاء في الصفحة 71 و 72 من كتاب الاحوال الشخصية للدكتور مصطفى السباعي والدكتور عبد الرحمن الصابوني مع الاشارة الى انه اختير قول ابي يوسف في انه ليس للاب ولا للجد ان يرهن مال ولده الصغير بدين لاجنبي على الاب او الجد وقد جاء في شرح المجلة على المادة 708 عند الكلام على رهن الولي والوصي وارتهانهما صفحة 75 ان حق التصرف في مال الصغير يرجع الى الاشخاص المذكورين في المادة 974 من المجلة فالاب يمكنه رهن مال الصبي لاجل دين الصبي وعند عدم وجود الاب تعود هذه الصلاحية على وجه الترتيب في المادة المذكورة الى الوصي المختار والجد الصحيح للاب ويتولى طرفي العقد . وكما انه يجوز للاب ان يرهن عند نفسه مال ولده الصغير مقابل الدين الذي له بذمة الصغير يمكنه ان يرهن مال احد صغيريه عند الاخر ايضا ... كذلك يمكن للاب ان يرهن ماله لاجل ولده مقابل الدين الذي بذمته للصغير والوصي لا يمكنه ذلك ... وجاء في رد المحتار ج/5ص/319 للاب رهن ماله عند ولده الصغير بدين له اي للصغير عليه ويحبسه لاجله بخلاف الوصي فانه لا يملك ذلك.
وكلا النصين قيد على حق رهن ملك الغير المنصوص عليه في المادة 1325 من هذا المشروع .
اما المادة 1238 فقد نصت على وجوب وجود العقار المرهون وهنا تأمينيا عند اجراء الرهن ومن ثم فانه لا يجوز رهن المال المستقبل . ومصدر الحكم هو المادة 709 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والمادة 976 من المرشد . وقد نصت المادة 709 من المجلة على انه يشترط ان يكون المرهون صالحا للبيع فيجب ان يكون موجودا وقت العقد متقوما مقدور التسليم ونصت المادة 976 من المرشد على انه يشترط ان يكون المرهون مالا موجودا متقوما مقدور التسليم . وجاء في البدائع ج/6ص/135 ان المرهون يجب ان يكون محلا قابلا للبيع موجودا وقت العقد مالا مطلقا متقوما مملوكا معلوما مقدور التسليم فلا يجوز رهن ما ليس بموجود عند العقد ولا رهن ما يحتمل الوجود والعدم .
وكلا النصين ينصرفان الى الرهن الحيازي والرهن التأميني وعدم وجود العقار عند اجراء الرهن يتعارض مع وجوب تعيين العقار المرهون تعيينا دقيقا وفقا لما تقضي به قاعدة التخصيص . وعلى هذا الاساس وضعت المواد المشار اليها . وهي تقابل المواد 1071 و 1072 مشروع اردني و 1079 و 1081 و 1082 سوري و 1032 و 1033 مصري و 1287 و 1289 عراقي .
من اهم خصائص الرهن التأميني ان يقع على عقار او حق عيني على عقار كما يجب ان يكون العقار مما يجوز التعامل فيه فلا يجوز رهن الوقف كما لا يجوز رهن العقار المشترط فيه عدم التصرف كما تستوجب قاعدة تعيين الرهن ان يحدد في العقد تحديدا دقيقا من بيان موقعه وحدوده ومساحته وطبيعته ان ارضا زراعية او مبنية او كان مباني فقط دون الارض . كما ان الرهن التاميني يشمل كل ما يعتبر من ملحقات العقار كالابنية والغراس والعقارات بالتخصيص كالات الري الملحقة بالارض الزراعية ويشمل ايضا ما يقام على الارض من انشأءات او تحسينات وقد نصت المادة 1329 على انه لا يجوز ان يقع الرهن التأميني الا على عقار يصح التعامل فيه او حق عيني على عقار كما نصت في الفقرة الثانية على انه يبطل العقد اذا لم يكن العقار معينا فيه تعيينا دقيقا ونصت المادة 1330 على انه يشمل الرهن ملحقات العقار المرهون من ابنية واغراس وعقارات بالتخصيص وكل ما يستحدث عليه من انشاءات بعد العقد . وقد تضمنت المادة 976 من المرشد انه يشترط في المرهون ان يكون مالا موجودا متقوما مقدور التسليم الخ.
ونصت المادة 709 من المجلة على انه يشترط ان يكون المرهون صالحا لبيع وان يكون موجودا . ونصت المادة 711 منها على ان المشتملات الداخلة في البيع بلا ذكر تدخل في الرهن ايضا وتطبيقا لما سلف اذا كان المرهون هو حق الرقبة ثم آل حق الانتفاع الى المالك شمل الرهن حق الانتفاع باعتباره تابعا للرقبة الا اذا كان حق الانتفاع مرهونا فان حق الرقبة المرهونة يشمل ايضا حق الانتفاع ولكنه يتأخر عن الرهن الذي سبقه على حق الانتفاع .
اما المادة 1331 فقد تضمنت اجازة الحق في رهن الحصة الشائعة في عقار على انه يتحول الرهن بعد القسمة الى الحصة المفرزة التي تقع في نصيبه وان تخصص المبالغ التي تستحق له من تعادل الحصص او ثمن العقار لسداد دين الرهن وقد تضمنت القوانين الحديثة هذه الاحكام وهي محل خلاف في الفقه الاسلامي وقد اخذ المشروع فيها براي الامامين مالك الشافعي (بداية المجتهد ج/2ص/ 229 المهذب ج/1ص/ 308 ) وسبب الخلاف كما جاء في بداية المجتهد هو هل يمكن حيازة المال الشائع ام لا ولا محل لهذا الخلاف في الرهن التأميني اذ انه شرع لضمان الوفاء بالدين وجاء المهذب ان ما جاز رهنه جاز رهن البعض منه مشاعا لان المشاع كالمقسوم في جواز البيع فكان كالمقسوم في جواز الرهن فان كان بين رجلين دار فرهن احدهما نصيبه من بيت بغير اذن شريكة ففيه وجهان احدهما يصح كما يصح بيعه والثاني لا يصح لان فيه اضرارا بالشريك بان يقتسما فيقع هذا البيت في حصته فيكون بعضه رهنا . والراي الثاني مردود وقد عولج في المشروع بالنص على تحويل الرهن بعد القسمة الى الحصة المفرزة التي تقع في نصيب الراهن كما تخصص المبالغ التي تستحق له من تعادل الحصص او ثمن العقار اذا بيع لسداد دين الرهن .
ويراعى تحقيقا لمبدا توثيق الرهن ضرورة اثباته في دائرة التسجيل اذا ما تحول لحصة مفرزة من العقار بعد القسمة .
وتعرضت المادة 1332 لمقابل الرهن واشترطت ان يكون دينا ثابتا في الذمة او موعودا به محددا او عينا من الاعيان المضمونة ومصدر هذا النص المادة ( 977) من المرشد و 710 من المجلة ويتفقان وما جاء في رد المحتار ج/5 ص/ 318 ويقابل الدين الموعود به الدين المستقبل في المادة 4 من القانون 46 لسنة 953 والمادتين 1040 مصري و 1293 عراقي وتقضي انه يجوز الرهن مقابل اعتماد بنكي بشرط تحديده كما في النص كما يصح الرهن مقابل عين بشرط ان تكون مضمونة بنفسها ولذا يبطل الرهن بالامانات .
اما المادة 1333 فقد تناولت قاعدة عدم تجزئة الرهن ومصدرها المادتان 731 من المجلة و 989 من المرشد وبداية المجتهد ج/2ص/231 ورد المحتار ج/5 ص/321 والمهذب ج/1 ص/307 وقد نصت المادة 731 من المجلة على انه اذا اوفى الراهن بعض الدين فلا يلزم المرتهن رد قدر من المرهون وله حبس المرهون او امساكه الى ان يستوفي تمام الدين وقد جاء في بداية المجتهد ص/231ج/2 والرهن عند الجمهور يتعلق بجملة الحق المرهون فيه وببعضه اعني انه اذا رهنه في عدد ما فادى منه بعضه فان الرهن باسره يبقى بعد بيد المرتهن حتى يستوفي حقه وقال قوم بل يبقى من الرهن بيد المرتهن بقدر ما يبقى من الحق وحجة الجمهور انه محبوس بحق فوجب ان يكون محبوسا بكل جزء منه اصله حبس التركة على الورثة حتى يؤدوا الدين الذي على الميت وحجة الفريق الثاني ان جميعه محبوس بجمعيه فوجب ان تكون ابعاضه محبوسة بابعاضه واصله الكفالة .
وجاء في المهذب ج/1 ص/307 ( ولا ينفك من الرهن شيء حتى يبرأ الرهن من جميع الدين لانه وثيقة محضة فكان وثيقة بالدين وبكل حزء منه ..)
وقد جرى المشروع كما سارت بقية القوانين على راي الجمهور ذلك لانه بين العقار المرهون والدين المضمون ارتباط مبني على عدم التجزئة ومن ثم فان الرهن لا يتجزأ وكل جزء من العقار ضامن لكل الدين فلو باع الراهن جزءا من العقار المرهون او احد العقارات المرهونة كان للدائن ان يرجع بكل الدين على العقار المبيع في يد من انتقل اليه كما ان كل جزء من الدين مضمون بكل العقار المرهون فلو وفي المدين جزءا من الدين بقي العقار كله ضامنا للجزء الباقي .
وقد رؤي الحاق المنقول الذي تقتضي قوانينة الخاصة تسجيله كالسيارة والسفينة بالرهن التأميني رعاية للمصلحة عملا بالمادة 58 من المجلة وشرحها لعلي حيدر .
وهذه المواد تقابل المواد 1049 و 1052 و 1059 و 1064 - 1066 مشروع اردني و 1057 و 1067 و 1071 - 1074 سوري و 1290-1294 عراقي و 1035 و 1036 و 1039 - 1041 مصري .
تناولت المواد 1335 - 1340 من المشروع اثار الرهن بالنسبة للراهن ولما كنا بصدد الرهن التأميني اي الرهن الثابت بوثيقة مصدقة رسميا فان الاثار المترتبة على تسجيل الرهن في دائرة التسجيل تختلف عنها بالنسبة لطرفي العقد وللغير في الرهن الحيازي على ما سيجيء ومن المقرر ان الراهن في الرهن التأميني لا يفقد ملكية العقار ولا حيازته ولا حقه في التصرف فيه فهو يستطيع ان يبيعه او يهبه او يقايض عليه على ان يبقى تصرفه موقوفا على قبول الطرف الاخر وهو حق يتميز به الفقه الاسلامي عن الفقه الغربي الذي لا يشترط هذا هذا القبول الا ان الملكية تنتقل مثقلة بالرهن اذا كان الرهن قد سجل في دائرة التسجيل قبل تسجيل التصرف وللراهن ايضا ان يرتب حقا عينيا على العقار كحق انتفاع او حق مجرد على الا يؤثر هذا في حقوق الدائن المرتهن حتى لو رتب الراهن رهنا اخر فان صاحب الرهن الاول يظل محتفظا باولويته في اقتضاء حقه من العقار المرهون . ولما كان للراهن حق التصرف في العقار فان له ايضا حق ادارته .
فله استعمال العقار بنفسه واستغلاله بواسطة غيره وله ان يحصل على غلته حتى تاريخ طلب الدائن نزع ملكية العقار جبرا عند عدم الوفاء بالدين لان الغلة تلحق بعد هذا التاريخ بالعقار وتصبح من عناصر الوفاء بالدين ويضمن الراهن سلامة المرهون حتى تاريخ الوفاء بالدين ولا يجوز له ان يقوم باي عمل من شأنه ضياع ضمان الدائن او انقاصه بتخريب او تعييب وللدائن ان يتخذ من الوسائل ما يحفظ حقه كان يطلب من المحكمة تعيين حارس على العقار او منع الراهن او غيره من تخريب المرهون ومن اي عمل من شأنه انقاص قيمة الضمان وله ان يرجع على الرهن بجميع النفقات التي يتكبدها في حفظ العين كمصروفات الحراسة ومصروفات التقاضي واعادة العين الى اصلها عند نشوء الضمان فاذا هلكت العين او اصابها عيب بخطا من الرهن كان للمرتهن ان يطلب وفاء دينه فورا لنقص ضمانه او تقديم ضمان كاف للوفاء بالدين وكذلك الحال اذا هلك العقار او تعيب قضاء وقدرا على الراهن اما الوفاء قبل حلول الاجل او تقديم ضمان جديد فاذا حل محل العقار المرهون رهنا تأمينيا مال اخر كتعويض او تأمين او ثمن انقاض او عقار اخر كان للمرتهن حق استيفاء دينه منه طبقا لمرتبته .
اما المادة 1340 من المشروع فقد تناولت الحق في اقتضاء الدين من العقار المرهون اذا كان الراهن كفيلا عينيا وليس للكفيل ان يدفع بضرورة الرجوع على المدين اولا وهو الدفع بتجريد المدين لان العبرة بالعين محل الضمان ومحل الوفاء ايضا.
ومصدر هذه المواد في الفقه الاسلامي المادة 1000 من المرشد والمواد 53 و 719 و 741 و742 و 743 و 747 من المجلة وشرحها لعلي حيدر وان كانت جميعها في باب الرهن الحيازي الا ان احكامها تنصرف الى الرهن التأميني او الرسمي .
وقد وضعت المواد على هذا الاساس . وهي تقابل المواد 1076 - 1079 مشروع اردني و 1096 - 1099 سوري و 1295-1289 و 1300 عراقي و 1043 و 1044 و 1047 - 1050 مصري .
تناولت المواد 1341-1344 اثار الرهن بالنسبة للدائن المرتهن بعد ان تضمنت المواد السابقة عليها اثار الرهن بالنسبة للراهن ، ومنها النص على انه اذا كان كفيلا عينيا فانه لا يجوز له طلب الرجوع على المدين قبل التنفيذ على عقاره وهو ما يسمى بالدفع بالتجريد في القوانين الحديثة وان كان بعضها قد اورد هذا النص ضمن الاثار التي تتصل بالمرتهن الا انه رؤي ان يدرج ضمن الاثار التي تمس الراهن بوصفه صاحب التصرف اولا ولان الاجراء بالتنفيذ يقع على ماله .
والمادة 1341 تضمنت ان للمرتهن ان يتفرغ عن حقه بشرط موافقة المدين ويشترط تسجيل سند التفرغ في دائرة التسجيل وهذا موافق للمادة 756 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والمادة 1001 من مرشد الحيران .
واما المادة 1342 فقد تضمنت ان للمرتهن ان يستوفي حقه من العقار المرهون عند حلول اجل الدين طبقا لمرتبته وبعد اتخاذ الاجراءات المنصوص عليها في قانون الاجراء او القوانين الخاصة اذا لم يؤد الدين وقد نصت المادة 12 من القانون الاردني رقم 46 لسننة 1953 على انه انقضت مدة الادانة ولم يؤد الدين استحق لتحقق شرط في عقد الادانة يقضي بحلول الاجل قبل انقضاء تلك المدة اذا تخلف المدين عن الوفاء بما تعهد به تتولى دائرة التسجيل بيع المحل الذي وضع تامينا للدين على الوجه المبين في المادة الاتية بناء على طلب الدائن او ورثته ( اذا كان قد توفي ) ... الخ ونصت المادة 13 على ما يتبع بشان استيفاء الدين وفقا لقانون الاجراء وفي شرح المجلة لعلي حيدر على المادة 757 بانه متى حل الدين المؤجل وامتنع الراهن عن ادئه يأمره الحاكم ببيع الرهن واداء الدين منه ثمنه ... واذا ابى الراهن بيع الرهن وامتنع عن تأدية الدين فللحاكم بيع الرهن وتأدية الدين من ثمنه .
وانه اذا جاء ثمن المرهون مساويا او زائد عن الدين فيها ، وفي حالة الزيادة فانها ترد على الراهن وان جاء الثمن ناقصا يطلب باقي المبلغ من الراهن ويكون له حق الاستيفاء من سائر امواله .
واما المادة 1343 من المشروع فمصدرها ما روي عن النبي ( صلعم) من انه قال : لا يغلق الرهن هو لصاحبه الذي رهنه له غنمه وعليه غرمه : وقد جاء في البدائع ج/6ص/145 ان معنى قوله عليه السلام لا يغلق الرهن اي لا يملك بالدين كذلك قاله اهل اللغة : غلق الرهن اي ملك بالدين ... قوله عليه السلام هو لصاحبه الذي رهنه تفسير لقوله لا يغلق الرهن ( وقد تضمنت المادة 980 من المرشد ) لا يصح اشتراط تمليك العين المرهونة للمرتهن في مقابلة دينه ان لم يؤده الراهن في الاجل المعين لادائه بل يصح الرهن ويبطل الشرط .
واما المادة 1344 من المشروع فقد تضمنت اثر الايجار الصادر من الراهن في حق المرتهن ووضحت الفرق بين الاجارة المنجرة والاجارة المضافة حتى يحفظ حق ذوي العلاقة قدر الامكان ولتأمين العدالة بينهم عملا بالمادة 58 من المجلة .
وعلى هذا الاساس وضعت المواد المشار اليها . وهي تقابل المواد 1053 و 1073و 1074 مشروع اردني و 1061 و 1081 و 1082 سوري و 1299 و 1301 الى 1303 عراقي و 1045 و 1051 و 1052 مصري .
تتضمن هذه المواد اثار الرهن التأميني بصفة عامة بالنسبة للغير فنصت المادة 1345 على نفاذه في حق الغير من تاريخ تسجيله في دائرة التسجيل بشرط ان يتم ذلك قبل ان يكسب هذا الغير حقا عينيا على العقار المرهون ونصت المادة 1346 على ان يقتصر الاثر على المبلغ المحدد في سند الرهن والثابت في دائرة التسجيل الا اذا اتفق الطرفان على غيره مع مراعاة ما تقتضي به احكام القانون بالنسبة لملحقات الرهن من مصروفات قضائية وغيرها . ولما كان القانون يستوجب تسجيل الرهن العقاري التأميني لذلك نصت المادة 1347 على ضرورة تسجيل حواله الرهن او التفرغ عنه او التنازل عن مرتبته حتى يكون لكل ذلك اثره بالنسبة لغير المتعاقدين ويشترط قيد هذه التصرفات على سند الحق الاصلي وتسجيلها في دائرة التسجيل .
وقد وضعت هذه المواد لدفع الضرر وتأمين الحقوق والعدالة ورعاية المصلحة واعتبار ان الاقرار حجة قاصرة لا يتعدى اثرها المقرر وانه اذا بطل الاصل يصار الى البدل عملا بالمواد 19 و53 و 58 و 78 من المجلة وشرحها لعلي حيدر .
وهي تقابل المواد 1069 و 1074 مشروع اردني و 1077 و 1082 سوري و 1053 مصري و 1302 عراقي .
من الاثار التي تترتب على الرهن التأميني ان يتقدم الدائن المرتهن في اقتضاء دينه طبقا لمرتبة قيده في دائرة التسجيل ويستوفي الدائن حقه من ثمن العقار المرهون او من المال الذي حل محله كمقابل ضمان الهلاك او التأمين بنفس المرتبة وذلك بعد حسم ما انفق على الاجراءات .
وقد نصت المادة 14 من القانون الاردني رقم 46 لسنة 1953 على ان تدفع الديون المدرجة المصدقة الى الدائنين ضمن الشروط المنصوص عليها في سند كل منهم وعلى ترتيب درجات امتيازتهم بحيث يكون للدائن السابق حق الرحجان على من يليه في الدرجات كما تضمنت المادة 1349 على انه يجوز للدائن المرتهن ان يتنازل عن مرتبته لدائن اخر له رهن على ذات العقار على ان هذا التنازل مقيد بمقدار دين المتنازل فحسب فضلا عن انه يجوز الاحتجاج ضد الدائن الاخر بكل ما كان يجوز الاحتجاج به ضد المتنازل . ونصت المادة 1350 من المشروع على ان مرتبة الرهن التأميني تعتبر من تاريخ التسجيل في دائرة التسجيل ويظل الرهن محتفظا بمرتبته حتى يقيد بدائرة التسجيل ما يدل على انقضائه باي وسيلة من وسائل الانقضاء والمنصوص عليها في القانون ، واضاف المشروع في المادة 1351 على انه يترتب على القيد ادخال مصروفات الرهن والتسجيل ادخال ضمنيا في دين الرهن ومرتبته . عملا بمقتضى المادة 723 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والمادة 1323 من هذا المشروع .
وقد وضعت المواد الاخرى على اساس ما تضمنته المادة 757 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والمادتان 1021 و 1022 من مرشد الحيران وان ثمن العقار هو الضامن لسداد الدين واذا دفع تعويض عن العقار المرهون فان ذلك التعويض يحل محله في ضمان الدين سواء كان الدائن واحدا ام متعددا عملا بالمادة 53 من المجلة وشرحها لعلي حيدر .
وقد وضعت بعض الاحكام التي تؤمن العدالة بين المتساوين من الدائنين عملا بالمادة 58 من المجلة وشرحها لعلي حيدر .
وهذه المواد تقابل المواد 1068 و 1075 و 1077 مشروع اردني . 1076 و 1083 و 1097 سوري و 1056 - 1059 مصري و 1302 و 1304 و 1318 عراقي .
المواد من 1352- 1263 من المشروع تناولت حق التتبع بعد ان تعرضت المواد السابقة عليها لحق التقدم بوصفها من الاثار الهامة لعقد الرهن التأميني او المصدق وقد نصت المادة 1352 على حق الدائن المرتهن في تتبع العقار المرهون في يد اي حائز له لاستيفاء دينه عند حلول اجل الوفاء طبقا لمرتبته وقد سبق ان تناول المشروع حق الراهن في بيع عقاره المرهون والتصرف فيه على ان يبقى مثقلا للمرتهن ، ان يستوفي دينه منه عند حلول الاجل وعدم سداده ، واستيفاء الدين يتم باتخاذ اجراءات نزع ملكية العقار المرهون والتي تبدا بانذار كل من المدين وحائز العقار بالسداد والا اتبعت الاجرءات المنصوص عليها في قانون الاجراء والقوانين الخاصة ومنها القانون الاردني رقم 46 لسنة 1953 بشأن وضع الاموال غير المنقولة تأمينا للدين .
وحتى يستوفي مشروع القانون جميع اوجه الاجراءات الخاصة باستيفاء الدين موضوع الرهن التأميني فقد تفادى النقص الوارد في المشروع الاول والذي لم يتعرض فيه لحائز العقار رغم انه نص على حق الراهن في التصرف في العقار المرهون الا انه لم يتناول حقوق الدائن المرتهن عند من انتقلت ملكية العقار اليه وهو الحائز له وقد نصت المادة 1354 على ان يعتبر حائزا للعقار المرهون كل من انتقلت اليه بعد الرهن ملكيته او حق عيني اخر عليه باي سبب من اسباب كسب الملكية دون ان يكون مسؤولا عن الدين وهو يتلقى العقار مثقلا بالرهن وللدائن المرتهن حق تتبعه وهو في ملكيته ويتحمل الحائز اجراءات نزع الملكية الا اذا ادى الدين والنفقات وله ان يرجع على المدين اذا لم يكن هو الراهن وان يرجع على الراهن بوصفه المتصرف في العقار فاذا كانت للدائن الذي اتخذ الاجراءات اية حقوق قبل المدين او الراهن فان الحائز يحل محله فضلا عن انه من حق الحائز ان يؤدي جميع الديون التي ترتبت بمقتضاها حقوق عينية مسجلة وبذلك يتم تطهير العقار من هذه الحقوق وقد نصت الماة 1356 على حقه في السداد حتى تاريخ اجراء بيع العقار او في المواعيد التي حددها قانون الاجراء والقانون 46 سنة 1953 بشان الوفاء بالديون فاذا لم يسدد المدين او الحائز للعقار الدين فقد تعين اتخاذ اجراءات نزع الملكية طبقا لاحكام قانون الاجراء . وللحائز ان يدخل في اجراءات بيع العقار المرهون بالمزاد فاذا رسى المزاد عليه وادى الثمن اعتبر مالكا بمقتضى سند ملكيته الاصلي الصادر من مالك العقار وبذلك يتحرر العقار من الحق المسجل الذي اتخذ الاجراء بسببه اما اذا رسى المزاد على غير الحائز فانه يكسب الملكية بمقتضى قرار رسو المزاد عليه ويتلقى حقه من الحائز متى كان العقار تحت يده ولا خلاف في انه متى كان العقار في يد الحائز فهو يضمن بالتالي اي تخريب او تعييب يصيبه ولمن تلقى الملكية ان يرجع على الحائز بالتضمينات وفقا لقواعد الضمان المنصوص عليها في هذا القانون كما ان الحائز مسؤول ايضا عن غلة العقار في الفترة التي تعقب انذاره بوفاء الدين وتلحق الغلة عند عدم الوفاء بالعقار وتدخل في ضمان الدائنين مع ثمن العقار المبيع في المزاد . فاذا زاد ثمن العقار المبيع على مقدار قيمة الديون الموثقة كانت الزيادة للحائز بعد استيفاء ديون الدائنين الموثقة حقوقهم على العقار ولدائني هذا الحائز المرتهنين ان يستوفوا ديونهم من هذه الزيادة طبقا لاحكام القانون . ولما كانت المواد السابقة قد تكفلت بتصفية المركز القانوني لحائز العقار المرهون رهنا تأمينيا بعد بيع العقار المرهون عقب اتخاذ اجراءات البيع فقد اعطت له المادة 1362 من هذا المشروع حق الاعتراض على الدين الذي بيع بسببه العقار بالاعترضات التي كان يجوز للمدين الاصلي ( وهو من تصرف له في العقار ) ان يعترض بها اذا كان دين الدائن موثقا بعد سند ملكية الحائز وليس له حق الاعتراض اذا كان الدين موثقا قبل ايلولة العقار المبيع اليه هذا فضلا عن ان المادة 1363 من المشروع قد خولت الحائز حق الرجوع على من تصرف اليه في العقار المبيع بضمان حقوقه وبما عسى ان يكون قد وثقه زيادة عما بقي في ذمته من ثمن البيع او بمقتضى الالتزامات التي تضمنها سند ملكيته . وهذه المواد وضعت على اساس ان للدائن المرتهن حق تتبع العقار المرهون في يد اي حائز له لاستيفاء دينه وان له ان يتخذ الاجراءات التي تؤمن وصوله الى حقه عملا بالمادتين 757 و 890 من المجلة وشرحهما لعلي حيدر كما وضعت بعض الاحكام الاخرى لتأمين حق كل من الدائن المرتهن والحائز مراعي في ذلك العدالة وتوفير المصلحة للمتقاضين وهو ما يتفق مع قواعد الشرع الشريف ومع المادة 58 من المجلة وشرحها لعلي حيدر.
وهذه المواد تقابل المواد 1075و 1087 مشروع اردني و 1095 و 1097 سوري و 1306 و 1307 و 1308 و 1313 و 1314 عراقي و 1060 و 1061 و 1064 و 1073 و 1075 - 1077 و 1079 و 1080 و 1081 مصري .
تناولت المواد 1364 -1371 من هذا المشروع حالات انقضاء الرهن التأميني وتتفق جميعها مع القواعد العامة اذ لا خلاف في ان حق الرهن ينقضي بطريقة تبعية لانقضاء الدين فاذا عاد الدين ذاته بزوال سبب انقضائه كأن كان الوفاء باطلا عاد الرهن كما كان الا ان النص احتاط فيما لو كان الغير قد اكتسب حقا ، بحسن نية في فترة انقضاء الدين والرهن وعودتهما فان عودة الحق لا تؤثر على ماله من حقوق ، واجازت المادة 1365 للمدين ان يؤدي الدين الموثق بالرهن وملحقاته . قبل حلول ميعاد الوفاء المتفق عليه في عقد الرهن فاذا لم يقبل الدائن هذا الوفاء وابراء المدين من الرهن جاز للمدين ان يودع الدين دائرة التسجيل التي تقوم بدورها بتحقيق اصل الدين وملحقاته وتسليم المدين سند الوفاء وانهاء الرهن ولها ان تتخذ ما تفرضه احكام القانون رقم 46 لسنة 1953 بشأن وضع الاموال غير المنقولة تأمينا للدين طبقا للمادة 11 منه .
وينقضي الرهن اذا بيع العقار وفاء للدين طبقا لقانون الاجراء ولما تفرضه القوانين الخاصة بشان هذه البيوع فضلا عن انه متى كان الدائن قد استوفى دينة بالبيع في المزاد فان الرهن ينتهي بانقضاء الدين ولا يختلف الامر في حالة ايداع قيمة الراسي به مزاد العين المرهونة بدائرة التسجيل .
وينقضي الرهن ايضا باتحاد الذمة اي بانتقال ملكية العقار المرهون الى المرتهن او انتقال حق الرهن الى الراهن الا اذا زال سبب اتحاد الذمة كفسخ البيع الذي ملك به الدائن المرتهن العقار المرهون فان الرهن يعود كما كان .
ونصت المادة 1368 على ان ينقضي الرهن بتنازل الدائن عن حقه متى كانت له اهلية التنازل وله ان يتنازل عن الرهن مع بقاء الدين وحينئذ يكون الدين عاديا لا يتمتع بضمان ، كما ينقضي الرهن بهلاك العقار المرهون على ان تراعى احكام هلاك العين المرهونة المنصوص عليها في المواد السابقة مع التفرقة بين ما اذا كان الهلاك بفعل المرتهن او الراهن او غيرهما على التفصيل المشار اليه في النصوص التي تناولت هلاك المال المرهون .
كما ينقضي الرهن ايضا اذا كان الدين سبب الرهن قد انقضت على نشوئه مدة تجاوزت خمس عشرة سنة دون اتخاذ اجراء يقطعها فاذا سقط الدين سقطت ضماناته بالتالي .
ولا ينقضي الرهن بوفاة الراهن او المرتهن او كيلهما ويبقى قائما على العين المرهونة وللدائن ان يستوفي حقه من ورثة مدينه .
وقد وضعت المواد المذكورة استنادا الى المبادىء المقررة في الفقه الاسلامي والقانون ومنها انه اذا زال الدين الذي كان سبب الرهن تبعه الرهن في الزوال لان التابع تابع عملا بالمادة 47 من المجلة وشرحها لعلي حيدر وانه لوحظ في مبدأ التقادم ما سبق اقراره في هذا المجال استنادا الى المادة 1660 من المجلة وشرحها لعلي حيدر . كما تضمن المشروع ان الرهن لا ينقضي لا بموت الراهن ولا بموت المرتهن عملا بالمادتين 733 من المجلة وشرحها لعلي حيدر و 993 من مرشد الحيران وهذه المواد تقابل المواد 1078 و 1080-1081 مشروع اردني و 1098 و 1100 و 1101 سوري و 1315 - 1320 عراقي و 1082 و 1084 و 1507 - 1501 مصري .
يختلف الرهن الحيازي عن الرهن التأميني في ان الاول يستلزم قبض المرهون وحيازته وسنده في الفقه الاسلامي قوله تعالى (فرهان مقبوضة) كما ان المرهون قد يكون عقارا او منقولا بينما يقع الرهن التأميني على العقار وملحقاته فحسب ، وقبض المرهون ضروري لتمام الرهن الحيازي ولزومه وحبس المرهون ثابت للدائن المرتهن حتى يستوفي الدين ويشترك الرهن الحيازي مع الرهن التأميني في ان كلا منهما يرتب حقا عينيا على المال المرهون للمرتهن يخوله اقتضاء دينه متقدما على سائر الدائنين العاديين او من يليهم في الرتبة ومتتبعا للمرهون حتى يستوفي منه ويشتركان ايضا في ان الراهن يجب ان يكون مالكا للمرهون واهلا للتصرف فيه وانه قد يكون المدين او غير المدين وفي حكم رهن ملك الغير والاموال المستقبلة وان العين المرهونة يجب ان تكون قابلة للبيع صالحة للتعامل فلا تكون مالا عاما او مالا موقوفا ، وفي ان الرهن يشمل الملحقات والثمار وفي الدين مقابل الرهن وعلاقة التبعية بينه وبين دين المرهون وفي احكام رهن مال الاب لابنه الصغير او رهن مال الصغير لنفسه او للغير ورهن الحصة الشائعة .
وقد استمدت المادة 1372 تعريف الرهن الحيازي من تعريفات الفقه الاسلامي في مجلة الاحكام ومرشد الحيران ورد المحتار وبداية المجتهد والمهذب والبدائع وتستند جميعها الى اهم خصائص الرهن الحيازي المستمدة من قوله تعالى (فرهان مقبوضة) ومن رهن النبي (صلعم) درعه بدين عليه . وقد شمل التعريف اهم شروط الرهن الحيازي وهو قبض العين المرهونة واحتباسها حتى يؤدي الدين وجاء في كتاب البدائع ج/6ص/637 ولو تعاقدا على ان يكون الرهن في يد صاحبه لا يجوز الرهن حتى لو هلك في يده لا يسقط الدين .. ولو تعاقدا على ان يكون في يد العدل وقبضه العدل جاز ويكون قبضه كقبض المرتهن وهذا قول العامة وقال ابن ابي ليلى لا يصح الرهن الا بقبض المرتهن والصحيح قول العامة لقوله تعالى (فرهان مقبوضة) من غير تفصيل بين قبض المرتهن والعدل ولان قبض العدل برضا المرتهن قبض المرتهن معنى (وفي المهذب ج/1 ص305) ولا يصح الرهن الا من جائز التصرف في المال لانه عقد على المال .. (وفي ذات الصفحة) فاما من جهة الراهن فلا يلزم الا بقبض والدليل عليه قوله عز وجل : فرهان مقبوضة : فوصف الرهن بالقبض ، فدال على انه لا يلزم الا به ولانه عقد ارفاق يفتقر الى القبول والقبض فلم يلزم من غير قبض كالهبه .. (وفي صفحة 307) اذا قبض الراهن الرهن لزم العقد من جهته ولا يملك فسخه لانه عقد وثيقة فاذا تم لم يجز فسخه من غير رضا من له الحق كالضمان ولانا لو جوزنا له الفسخ من غير رضا المرتهن بطلت الوثيقة وسقطت فائدة الرهن ، وفي بداية المجتهد ج/2ص/230 شروط الصحة في الرهن شرطان احدهما متفق عليه بالجملة ويختلف في الجهة التي هو بها شرط وهو القبض والثاني مختلف في اشتراطه فاما القبض فاتفقوا بالجملة على انه شرط في الرهن لقوله تعالى : فرهان مقبوضة : واختلفوا هل هو شرط تمام او شرط صحة ، وفائدة الفرق ان من قال شرط صحة قال ما لم يقع القبض لم يلزم الرهن الراهن ومن قال شرط تمام قال يلزم بالعقد ويجبر الراهن على الاقباض الا ان يتراخى المرتهن عن المطالبة حتى يفلس الراهن او يمرض او يموت ، فذهب مالك الى انه من شروط التمام . وذهب ابو حنيفة والشافعي واهل الظاهر الى انه من شروط الصحة ، وعمدة مالك قياس الرهن على سائر الرهن على سائر العقود اللازمة بالقول وعمدة الغير قوله تعالى (فرهان مقبوضة) وجاء في رد المحتار في تعريف الرهن الحيازي انه حبس شيء مالي بحق يمكن استيفاؤه منه جزء 5 صفحة (307) وهو تعريف المرشد في المادة 975 التي تنص على ان عقد الرهن هو جعل شيء مالي محبوسا في يد المرتهن او في يد عدل بحق مالي يمكن استيفاؤه منه كلا او بعضا وفي المادة 701 من المجلة الرهن حبس مال وتوقيفه في مقابلة حق يمكن استيفاؤه منه وقد اضاف التعريف المقترح احقية المرتهن في التقدم على سائر الدائنين لاقتضاء دينه من المال المرهون .
ولما كان القبض شرط تمام ولزوم في الرهن الحيازي فانه ينبغي ان يكون المرهون مقدور التسليم عند الرهن وان يكون صالحا للبيع لا مالا عاما او موقوفا كما يتبين من المادتين 709 من المجلة وشرحها لعلي حيدر و 976 من المرشد وقد وضعت المادة 1373 على هذا الاساس . كما ينبغي ان يكون مقابل الرهن الحيازي دينا ثابتا في الذمة ثبوتا صحيحا او موعودا به بشرط ان يكون محددا عند الرهن المادة 1374 وذلك كي يشمل الديون الناجمة عن فتح حساب جار او اعتمادا في احد البنوك وفي رد المحتار ج/5ص/318 يصح الرهن بالدين ولو موعودا بان رهن ليقرضه كذا كما ان المادتين 710 من المجلة وشرحها لعلي حيدر و 977 من المرشد تضمنت ذلك وانه يشترط ان يكون الدين ثابتا الخ ...
وقد سبقت الاشارة الى ان القبض شرط تمام ولزوم لعقد الرهن وكما يجوز تسليمه للمرتهن كذلك يجوز ايداعه لدى عدل يتفق عليه الطرفان وقد جاء في البدائع ج/6ص/137 ورد المحتار ج/5ص/323 . ان يد العدل كيد المرتهن ويتم الرهن بقبضه ونصت المادة 979 من المرشد على انه يجوز للراهن والمرتهن ان يشترطا في العقد وضع الرهن عند عدل وان يتفقا على ذلك بعد العقد فان رضي العدل صارت يده كيد المرتهن ويتم الرهن بقبضه ويلزم الراهن وتضمنت المادتان 752 و 753 من المجلة ما يؤيد ذلك . وقد وضعت المادتان 1375 و 1376 على هذا الاساس .
اما المادة 1377 فقد تضمنت انه لا يجوز للعدل ان يسلم المرهون للراهن او المرتهن دون رضا الاخر ما دام الدين قائما وله ان يسترده اذا سلمه لاحدهما دون قبول الاخر ويضمن قيمة المرهون لو تلف قبل استرداده ومصدر الحكم المادة 754 من المجلة وقد نصت على انه ليس للعدل ان يعطي الرهن للراهن او المرتهن بدون رضا الاخر ما دام الاسترداد باقيا وان اعطاه كان له استرداده واذا اتلف قبل الاسترداد ضمن العدل قيمته كما تضمنت المادة 1378 انه اذا توفي العدل ولم يتفق الراهن والمرتهن على ايداعه عند غيره جاز لايهما ان يطلب من المحكمة ان تأمر بوضعه في يد عدل تختاره ومصدر النص المادة 998 من المرشد و 755 من المجلة وقد نصت كلتاهما على انه اذا مات العدل يوضع الرهن عند عدل غيره بتراضي الطرفين فان لم يتفقا وضعه الحاكم عند عدل آخر ، وكلا النصين مصدره رد المحتار ج/5ص /323 وقد جاء فيه اذا وضع الراهن والمرتهن الرهن في يد عدل صح ويتم بقبضه لان يده كيد المرتهن ولذا لو هلك كان في ضمان المرتهن كما يأتي وفي الخانية لو سلط العدل على بيعه اذا حل الاجل فلم يقبض العدل الرهن حتى حل الدين فالرهن باطل والوكالة بالبيع باقية . ثم قال : ولا يأخذه احدهما منه وضمن له دفعه الى ايهما لتعلق حقهما به فحق الراهن بالعين والمرتهن بالدين فهو مودع لهما واحدهما اجنبي عن الاخر فليس له اخذه ولا للعدل دفعه اليه وفي صفحة 325 من رد المحتار ج/5 ولو مات العدل يوضع على يد عدل اخر عن تراض فان اختلفا وضعه القاضي على يد عدل اخر .
وقد تضمنت المادة 1379 انه يشترط في الراهن حيازيا ان يكون مالكا للمرهون سواء اكان الدين عليه او على غيره وهو ذات الحكم في الرهن التأميني واضيفت اليه فقرة تقضي بان لصاحب حق التصرف في ارض اميرية رهنها حيازيا بدين عليه او على غيره وذلك مع عدم الاخلال بالالتزامات المفروضة عليه للدولة وهي مالكة حق الرقبة بمعنى عدم المساس بهذا الحق ويقتصر اثر الرهن على حق التصرف فحسب مع مراعاة احكام القوانين الخاصة .
اما المواد 1380 و 1381 و 1382 فنصت على سريان احكام الرهن التأميني على الرهن الحيازي كما بينت في المادتين 1326 و 1327 من هذا المشروع وبالنسبة لرهن المال الشائع . كما بينت في المادة 1331 . وعدم جواز تجزئة المرهون عند الوفاء بجزء من الدين وانه يظل كله مرهونا حتى يتم الوفاء بكل الدين كما وضح في المادة 1333 .
وتناولت المادة 1383 من هذا المشروع احكام الملحقات التي تدخل في الرهن ومصدرها ما جاء في المادة 711 من المجلة وشرحها لعلي حيدر وفيه ان المشتملات التي تدخل في البيع بلا ذكر تدخل في الرهن ايضا وتكون مرهونة مع اصل الرهن وان لم تذكر صراحة وبتعبير اخر ان الاشياء المتصلة بالمرهون باتصال القرار كالبناء والشجر ... تدخل ايضا وان لم يصرح بدخولها فالشرب والطريق يدخلان في الرهون وان لم تضف الفاظ عامة مثل جميع الحقوق والمرافق ، وقد تجاوز النص المقترح ما اشارت اليه بعض التقنينات الحديثة من ادخال الثمار في المرهون نظرا لانفصالها من جهة واختلافها بين زمن واخر وقد ادرج حكمها ضمن منافع المرهون التي يحسم من الدين عند استيلاء المرتهن عليها .
اما المادة 1384 من المشروع فقد تناولت حكم تعدد الدائنين اذا كان المرهون شيئا واحدا وقد جاء في رد المحتار ج/5ص/320 لو رهن رجل عينا عند رجلين بدين لكل منهما صح وكله رهن من كل منهما ولو غير شريكين فان تهايئا فكل واحد منهما في نوبته كالعدل في حق الاخر وفي شرح المجلة على المادة 720 انه يشترط لتعدد الدائنين على رهن واحد شرطان الاول وحدة العقد والثاني الا ينص على تبعيض الرهن والا كان فاسدا . وفي صفحة 106 من الشرح ويكون الرهن مرهونا مقابل مجموع الدين لانه اضيف الى مجموع الدين بصفقة واحدة فلا يكون نصف الرهن مقابل نصف الدين فاذا اوفى الراهن دين احد الدائنين كاملا فانه لا يسترد شيئا من الرهن ولو بقي جزء من دين احد الاخر واشار شارح المجلة الى مراجعه في هذا الحكم وهي مجمع الانهر ورد المحتار والخانية . كما اشار الى طريقة حفظ الدائنين للرهن عند تعددهم فقال اذا كان الرهن غير قابل للقسمة يحفظه الدائنان بالمناوبة ويكون احدهما في نوبة حفظه كعدل للاخر (التنوير) ويؤيد ذلك المادة 981 من المرشد .
اما المادة 1385 من المشروع فقد نصت على جواز رهن العارية بشرط ان يقبل المعير مع التزام شروطه على الا يسترد المال المرهون قبل اداء الدين وفي رد المحتار ج/5 اخر صفحة 330 واول صفحة 331 وصح استعارة شيء ليرهنه فيرهن بما شاء اذا اطلق ولم يقيد وان قيده بقدر او جنس او مرتهن او بلد تقيد به ويؤيده ما في البدائع ج/6ص/136 . وقد نصت المادة 982 من المرشد على انه يجوز للمدين ان يستعير مال غيره ويرهنه باذنه فان اطلق له المعير الاذن ولم يقيده بشيء جاز .. وان قيده بالاذن بقدر او جنس او شخص او بلد فليس للمستعير مخالفته ونصت المادة 726 من المجلة على انه يجوز لشخص ان يستعير مال غيره ويرهنه باذنه ونصت المادة (727) على انه اذا اذن صاحب المال مطلقا كان للمستعير ان يرهنه بكل وجه ونصت المادة 728 على انه اذا اذن صاحب المال في الرهن مقابل كذا .. او في مقابلة ما في جنسه . فليس للمستعير ان يرهنه الا بصورة موافقة للقيد والشرط ....
وقد قيد النص المقترح في الفقرة الثانية حق المعير بعد قبوله رهن العارية في عدم استرداد المرهون قبل الوفاء بكامل الدين تحقيقا للغرض من الرهن وهو نص مستمد من المادة 983 من المرشد التي تنص على انه اذا رهن المستعير مال المعير باذنه ووفق شروطه فليس للمعير ان يرجع في الرهن بعد تسليمه للمرتهن ويحبسه المرتهن حتى يستوفي دينه ويؤيد ذلك ما في المادة 735 من المجلة وشرحها لعلي حيدر وتتناول النصوص الواردة في اثار الرهن بالنسبة لعاقديه او الغير بعض احكام رهن العارية على ما سيبين .
وهذه المواد تقابل المواد 1020 و 1022 و 1047 و 1049 و 1050 و 1056 و 1065 و 1071 مشروع اردني و 1028 و 1030 و 1055 و 1057 و 1058 و 1073 و 1075 سوري و 1032 و 1036 و 1039 و 1096 و 1099 و 1109 مصري و 1291 - 1294 و 1321 - 1324 و 1327 - 1330 عراقي .
تتفق بعض اثار الرهن الحيازي بالنسبة للراهن او المرتهن او الغير مع ما يماثلها من اثار الرهن التأميني بالنسبة لهم تنحصر اوجه الخلاف والاثار المترتبة عليها في ان المرهون في الرهن التأميني يبقى تحت يد الراهن وفي الرهن الحيازي ينتقل بالقبض الى يد المرتهن ، الا ان ذلك يحول بين الراهن وبين التصرف في المرهون لان ملكيته باقية له وتصرفه مقيد بقبول المرتهن فاذا كان التصرف بيعا انتقل حق المرتهن الى الثمن ما لم يف المدين او المشتري بالدين وجاء في رد المحتار جزء 5 صفحة 327 ان بيع الراهن يتوقف على اجازة مرتهنة او قضاء دينه فان وجد احدهما نفذ وصار ثمنه رهنا ويؤيد ذلك ما جاء في المادة 747 من المجلة وشرحها لعلي حيدر ما يتضمن انه اذا باع الراهن الرهن الى اجنبي بدون رضا المرتهن ينعقد ذلك البيع موقوفا على اجازة المرتهن ، ان شاء اجازه وان شاء لم يجزه ، وليس للمرتهن ان يفسخ البيع المذكور لان حق امساك المرتهن المرهون وحبسه في يده لم يتاثر والبيع بالنسبة له غير نافذ ولا محل لاعطائه حق الفسخ وان كان البيع صحيحا ولازما للراهن ، وفي المهذب ج/1ص/312 ويملك الراهن التصرف في عين الرهن بما لا ضرر فيه على المرتهن وفي بداية المجتهد ج/2ص/233 انه لا يجوز للراهن التصرف في الرهن بغير رضا المرتهن وقد اخذ المشروع برأي الحنفية لاتفاقه مع التقنينات الحديثة (مادة 1386 من المشروع) .
كما ان اقرار الراهن بالمرهون للغير لا يسري في حق المرتهن ويظل المرهون تحت يده ولا يسقط حقه في حبسه حتى يستوفي دينه مادة 1387 من المشروع ومصدرها الفقرة الثانية من المادة 1000 من المرشد والتي تنص على انه اذا اقر الراهن بالمرهون لغيره فلا يصح اقراره في حق المرتهن ولا يسقط حقه في حبس الرهن الى استيفاء دينه وقد اشار صاحب المرشد الى ان حكم هذه الفقرة مستمد من اخر كتاب الرهن من تنقيح الحامدية ص 277 .
ولما كان المرهون توثيق لدين فان الراهن وهو مالكه يضمن سلامته حتى يفي بالدين وليس له ان يأتي عملا ينقص من قيمة هذا الضمان او يحول بين المرتهن وبين مباشرة حقوقه على المرهون (مادة 1388) من المشروع وقد نصت المادة 741 من المجلة على انه اذا اهلك الراهن الرهن او احدث فيه عيبا لزمه الضمان .
اما المادتان 1389 و 1390 فقد تضمنتا سريان احكام الرهن التأميني بالنسبة لتلف المرهون او تعيبه بخطأ من الراهن او قضاء وقدرا المنصوص عليها في المادتين 1338 و 1339 من المشروع وانتقال الضمان الى المال الذي حل محل المال المرهون عند هلاكه كالتعويض ، والتأمين ، على الرهن الحيازي . وهذه المواد تقابل المواد 1060 مشروع اردني و 1070 سوري و 1101 و 1102 مصري و 1334 - 1336 عراقي .
آثار الرهن الحيازي بالنسبة للدائن المرتهن تدور حول اهم شرط لتمام رهن الحيازة ولزومه وهو حيازته للعين المرهونة فعليه بمجرد قبضها وحيازتها ان يحفظها بنفسه او بواسطة امينه كزوجه او ولده او خادمه وقد اخذ المشروع في تحديد معيار العناية بحفظ المال المرهون بما اتفق عليه الفقه الحديث في تحديد ، من انها عناية الرجل المعتاد دون عنايته بحفظ مال نفسه ، لان المرتهن اذ يحوز المرهون فانه لا يعمل لمصلحته فقط وانما يعمل لمصلحة الراهن ايضا وكذلك العدل .
ولهذا فانه لا يكفي ان يبذل المرتهن او العدل في حفظ المرهون من العناية ما يبذله في حفظ مال نفسه لانه قد يكون مقصرا في شئون نفسه او غير حريص عليها ولذا كان لا بد من الاخذ بمعيار الرجل المعتاد في بذل العناية بحفظ المال المرهون وصيانته فاذا قصر عن ذلك كان مسؤولا ولذا فقد نصت المادة 1391 من هذا المشروع على ان يحفظ المرتهن المال المرهون بنفسه او بأمينه وان يعنى به عناية الرجل المعتاد وقد تجاوز النص ما ورد في المادة 1009 من المرشد والتي جعلت التزام المرتهن بحفظ المرهون مقصورا على عنايته بحفظ مال نفسه كما هو مقتضى ما في رد المحتار ج/5ص/313 والمادة 722 من المجلة وشرحها لعلي حيدر . وقد يكون ذلك مقبولا في ظروف تختلف عن ظروف المعاملات الان .
وجاء في البدائع ج/6ص/151 (ان الحفظ على المرتهن حتى لو شرط الراهن للمرتهن اجرا على حفظه وحفظه فانه لا يستحق شيئا من الاجر لان حفظ الرهن عليه فلا يستحق الاجر لما هو واجب عليه واجرة الحافظ عليه لانها مؤنة الحفظ وكذا اجرة السكن والحارس) .
وبما ان المرتهن مسئول عن حفظ المرهون فان يعتبر مسئولا عما يصيبه من هلاك وتعيب الا اذا ثبت ان ذلك وقع من غير ان يكون له دخل فيه او بتقصيره .
وحينئذ فلا يجمع الراهن بين تضمين المرتهن الدين وما حل محله من تعويض ، وقد اختير هذا النص لينسجم مع ما ذكر في المادة 1018 من المرشد ، ومع المادة 1396 من المشروع الاتيء ذكرها .
وليس للمرتهن ان يتصرف في المرهون ببيع او اجارة او هبة بغير اذن من الراهن الا اذا كان وكيلا في اجراء البيع في حالة ما اذا اراد الراهن الوفاء بالدين او جعل الثمن رهنا (مادة 1392 من المشروع) ومصدرها المادة 1001 من المرشد التي تنص على ان الراهن لا يملك بيع الرهن ولا اجازته ولا اعارته ولا رهنه بدون رضا المرتهن وكذلك المرتهن لا يجوز له بيع الرهن الا اذا كان وكيلا في بيعه من قبل الراهن وليس له ابداه ولا اجارته ولا اعارته ولا رهنه بلا اذن من الراهن وان فعل ذلك يكون متعديا ويضمن قيمة الرهن بالغة ما بلغت . ويؤيد ذلك ايضا ما ورد في المادة 756 من المجلة وشرحها لعلي حيدر .
وجاء في المادة 1393 من هذا المشروع انه لا يجوز للمرتهن ان ينتفع بالمرهون حيازيا سواء كان منقولا ام عقارا بغير اذن الراهن وذلك لان عقد الرهن يترتب عليه ان المرتهن يملك حبس المرهون لا الانتفاع به ، اما لو اذن الراهن للمرتهن واباح له الانتفاع بنفسه بلا شرط من الدائن فله الانتفاع ولا يسقط من الدين شيء في مقابل ذلك كما حققه في رد المحتار ج/5ص/310 و 311 و 336 وعملا بالمادة 750 من المجلة وشرحها لعلي حيدر وللراهن ان يأذن المرتهن باستغلال المرهون او استعماله على ان تحسم غلته من الدين بعد ان يتم الحسم مما دفعه المرتهن من المصروفات التي يلتزم بها الراهن اصلا كالضرائب والتكاليف ومصروفات الاصلاح ثم من اصل الدين وهو ما تقتضيه المادتان 1007 و 1008 من مرشد الحيران وما ذكر في البدائع ج/6 ص/146 الى 147 وما تقتضيه المواد 723 - 725 من المجلة وشرحها لعلي حيدر .
اما وجه ما ذكر في المادة 1394 فهو ان الرهن يعطي المرتهن حق حبس المرهون ليستوفي دينه منه وبما انه يجب عليه ان يحافظ عليه كما سبق بيانه في المادة 1391 من هذا المشروع وبما ان المرهون لم يخرج عن ملك الراهن فاذا لاحظ الراهن ان المرتهن قد اساء استعمال حقه في الحبس والحق ضررا بالمرهون او خشي ان يلحقه ضرر جاز له ان يطلب وضع المرهون تحت يد عدل دفعا للضرر عن نفسه مع الجميع بين حماية ماله وبين المحافظة على حق المرتهن عملا بالقاعدة الشرعية لا ضرر ولا ضرار بمقتضى المادة 19 من المجلة وشرحها لعلي حيدر .
وللدائن المرتهن حبس المرهون حتى يستوفي دينه كاملا وما آداه من مصروفات لازمة لاصلاح المرهون وضرائب (مادة 1395 من المشروع) ذلك لان عقد الرهن يفيد ملك الحبس ، والاصل ان ما كان من حقوق الملك فهو على الراهن لان الملك له وما كان من حقوق اليد فهو على المرتهن لان اليد له ، البدائع ج/6ص/151 وما بعدها ورد المحتار ج/5 ص/310 - 314 ، وبعد استيفاء المرتهن حقه عليه ان يعيد المرهون الى راهنه عملا بالمواد 24 و 718 و 731 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والمادتين 989 و 991 من مرشد الحيران .
اما المادة 1396 من المشروع فقد تضمنت احكام هلاك الرهن تحت يد المرتهن او تعيبه ومن المسلم به ان المرهون في الرهن الحيازي تحت يد المرتهن بخلاف الرهن التأميني فان المرهون يبقى تحت يد الراهن ولما كان المرتهن مسئولا عن حفظ المرهون فهو مسئول عن شأنه عند هلاكه او تعيبه وقد اختلف الفقهاء في تحديد مسئولية الضمان فذهب الحنفية الى ضمان الرهن بالدين ويرى الشافعي ان الرهن في يد المرتهن امانة فلا يسقط الدين عند هلاكه وحجتهم ان الرهن تأمين لاستيفاء الدين فاذا سقط بهلاكه فات معفى التوثيق وقد اختلف الفقهاء في الضمان فمنهم من رأى ان الرهن مضمون بالاقل من قيمته وقيمة الدين (ابو حنيفة وسفيان) ومنهم من قال هو مضمون بقيمته قلت او كثرت وانه ان بقي للراهن شيء فوق دينه اخذ من المرتهن وبه قال علي ابن ابي طالب وعطاء واسحاق (بداية المجتهد ج/2 ص232) وفي شرح المجلة لعلي حيدر قد استدل الحنفية على ضمان الرهن بالسنة والاجماع والدليل العقلي اما السنة فقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم ان رجلا ارتهن فرسا فمات الفرس في يد المرتهن فقال رسول الله (صلعم) ذهب حقك ، ويدل الحديث على سقوط الدين بهلاك الرهن وقد اجمع الفقهاء على ضمان الرهن والقول بانه امانة خرق للاجماع .
واما الدليل العقلي فالرهن مقبوض لضمان الدين ولذا يقع التقاص بين الدائن والمدين ولما كان قبض الدين مضمونا فالرهن المقبوض ايضا لاجل الدين يكون ملحقا بالدين .
واذا هلك المرهون في يد المرتهن وكانت قيمته يوم قبضه مساوية للدين سقط الدين بطريق الاستيفاء ويطلب عليه الاستيفاء الحكمي (شرح المجمع) وليس للمرتهن ان يطالب الراهن بدينه وليس للراهن ان يطالب المرتهن بالمرهون (التنوير ومجمع الانهر) . واذا هلك بعض الرهن يسقط من الدين بنسبته ، وان المرهون وان كانت عينه امانة فماليته مضمونة كما بين في رد المحتار ج/5 ص/309 .
واما اذا كانت قيمته اكثر من الدين فقد سقط الدين عن الراهن وضمن المرتهن الباقي ، ان كان الهلاك بتعديه وتقصيره ، وقد وضعت الاحكام حسب الرأي الفقهي الراجح ، وهو الذي يتفق مع العدالة فليس من المعقول ان يكون المرهون في يد المرتهن وهو مسئول عن حفظه ولا يكون مسئولا عن ضمانه ، وذلك ما تقتضيه المواد من 1010 - 1013 من مرشد الحيران ، والمادة 741 من المجلة وشرحها لعلي حيدر ج/2 ص/137 - 142 .
وهناك احكام يشترك فيها الرهن الحيازي مع الرهن التأميني وقد اشارت الى ذلك المادتان 1397 و 1398 ومنها التنفيذ على المرهون وعلى اموال المدين غير المرهونة اذا لم يف المرهون بقيمة الدين وبطلان الاتفاق على تملك المرهون عند حلول اجل الدين وعدم الوفاء به ويراجع في ذلك التعليق على المواد الواردة في باب الرهن التأميني .
وهذه المواد تقابل المواد 1028 و 1029 و 1030 و 1034 و 1036 و 1057 و 1058 و 1060 مشروع اردني و 1037 و 1038 و 1042 و 1043 و 1044 و 1048 و 1065 و 1066 و 1068 و 1070 سوري و 1338 - 1341 عراقي و 1103 و 1104 و 1107 مصري .
يتضح من هذه المواد ان الرهن الحيازي يسلتزم لتمامه وصحته ضرورة قبض المرهون وحيازته ، وللحيازة شروطها من الظهور والاستمرار والاستقرار ، ولما كان المرهون ضامنا للدين وموثقا له فان ذلك يستلزم حتما ضرورة تسليمه للدائن ولا ينفذ هذا النوع من الرهن في حق الغير دون ان يكون المرهون بيد الدائن او العدل الذي ارتضياه بالاتفاق لان يده كيد المرتهن كما سلف (مادة 1399) وجاء في البدائع ج/6 صفحة/145 ما يلي ولان الرهن شرع وثيقة بالدين فيلزم ان يكون حكمه ما يقع به التوثيق للدين كالكفالة وانما يحصل التوثيق اذا كان يملك حبسه على الدوام لانه يمنع الراهن من الانتفاع فيحمله ذلك على قضاء الدين في اسرع الاوقات وكذا يقع الامن عن تواء حقه بالجحود والانكار .
وفي المرجع السابق صفحة 152 بشأن حكم الرهن عند حلول اجل الدين قال ان الحكم الاصلي للرهن عند الشافعي هو كون المرتهن اخص ببيع المرهون واحق بثمنه بين سائر الغرماء وعند الحنفية حق الحبس حكم اصلي للرهن وفي صفحة 153 اذا بيع الرهن في حال حيازة الراهن وعليه ديون فالمرتهن احق بثمنه من بين سائر الغرماء لانه بعقد الرهن ثبت له الاختصاص بالمرهون فيثبت له الاختصاص ببدله وهو الثمن . ثم ان كان الدين حالا والثمن من جنسه فقد استوفاه ان كان في الثمن وفاء بالدين وان كان فيه فضل رده على الراهن وان كان الدين مؤجلا حبس الثمن الى وقت حلول الاجل لانه بدل المرهون .
ولما كان من حق المرتهن حبس المرهون وفاء لدينه ويظل هذا الحق قائما حتى وفاء الدين لذلك كان من حق المرتهن ان يسترد المرهون اذا زالت يده عنه دون ارادته وله ان يباشر كل حقوق الحائز اذا زالت حيازته ضمانا لدينه (مادة 1400) واذا حل اجل الدين ولم يؤده المدين كان من حق الدائن المرتهن ان يستوفي دينه من ثمن بيع المرهون عند التنفيذ ببيعه ويتم البيع طبقا لقانون الاجراء وعلى الوجه المشار اليه في الرهن التأميني عند حلول الدين ولما كان المرهون يضمن اصل الدين محل التوثيق والنفقات الضرورية التي يؤديها المرتهن عن الراهن كنفقات الصيانة والاصلاح والضرائب ومصروفات عقد الرهن وتنفيذ الرهن لذلك كان من حق الدائن حسم هذه المبالغ من ثمن البيع عند بيعه وقد سبق بيان طريقة حسم هذه النفقات .
وعلى هذا الاساس وضعت المادة 1401 من المشروع ولتفاصيل الاحكام المشار اليها يمكن الرجوع بالاضافة الى ما ذكر اعلاه الى المواد 706 و 718 و 729 و 748 و 752 و 755 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والمواد 986 و 987 و 991 من مرشد الحيران والى رد المحتار ج/5ص/312 وما بعدها . وهذه المواد تقابل المواد 1022 و 1023 و 1034 و 1036 مشروع اردني و 1030 و 1031 و 1042 و 1055 سوري و 1342 و1343 عراقي و 1109 - 1111 مصري .
تناولت المواد 1402 - 1408 احكاما خاصة ببعض الرهون بعد ان تضمنت المواد السابقة عليها القواعد العامة للرهون الحيازية بالنسبة للعقار والمنقول ونظرا لاهمية الرهن الحيازي العقاري فقد نصت المادة 1402 على ضرورة تسجيله في دائرة التسجيل كشرط لنفاذه بالنسبة للغير الى جانب حيازة الدائن المرتهن للعقار كشرط لتمام العقد ولزومه ولتاكيد صفة الرهن الحيازي وتمييزه عن الرهن التأمنيني وقد رؤي تقنين احكام الرهن الحيازي العقاري لانها الاساس في الفقه الاسلامي من جهة ولانها تنطوي على تيسير للمدين وتتيح استهلاك الدين عن طريق الزام الدائن باستغلال المرهون وحسم الغلة من الدين وقد اجازت المادة 1403 من المشروع للدائن المرتهن ان يعير المرهون للراهن او يؤجره على ان يظل المرهون ضامنا لوفاء الدين ودون ان يؤثر ذلك على نفاذ الرهن في حق الغير والزمت المرتهن حسم الايجار من قيمة الدين على الوجه المبين في الرهن التأميني بالنسبة لغلة المرهون . وقد اختلف الفقهاء في جواز ايجار المرهون الى الراهن لان المرهون يعود الى راهنه ويخرج من حيازة المرتهن بينما اجازوا اعارة المرهون وقد نصت المادة 749 من المجلة على ان للمرتهن ان يعير الرهن الى الراهن وجاء في شرحها لعلي حيدر انه للمرتهن ان يعير ويودع الرهن للراهن ولكن اذا اجره تكون الاجارة باطلة ولا ينقض الرهن بهذه الاعارة والايداع والاجارة ، مثلا للمرتهن ان يعطي اذنا للراهن بزراعة الارض المرهونة وله حينئذ ان يزرعها ، وللمرتهن ايضا ان يعطي الراهن اذنا بسكنى الدار المرهونة ، وله ان يسكنها ولا يبطل عقد الرهن بهذه المعاملة ، والرهن في الصور التي ذكرها شارح المجلة يخرج من حيازة المرتهن ومن ثم فلا محل للتفرقة . وقد جاء في صفحة 162 من الشرح انه اذا اخذ الدائن ايجارا من الراهن تحسب هذه الاجارة من مطلوب المرتهن الذي بذمة الراهن ، فقط اذا اجر المرتهن الرهن الى الراهن فهذه الاجارة تكون بمنزلة اعارة او ايداع للرهن ، وللمرتهن ان يسترده من الراهن متى شاء وقد جاء في المهذب جزء (1) صفحة 311 و 314 ويملك الراهن التصرف في منافع الرهن على وجه لا ضرر فيه على المرتهن وله ان يستوفي ذلك بالاجارة او الاعارة وهل له ان يستوفي ذلك بنفسه قال في الام للامام الشافعي ، له ذلك وقال في الرهن الصغير ، لا يجوز فمن اصحابنا من قال فيه قولان احدهما لا يجوز لانه لا يأمن ان يجحد فيبطل حق المرتهن والثاني يجوز وهو الصحيح لان كل منفعة جاز ان يستوفيها بغيره جاز ان يستوفيها بنفسه ... وقد تضمن النص المقترح احكاما من شانها ان تضمن حق كل من الراهن والمرتهن دون اضرار بايهما فضمانا لحق المرتهن سجل الرهن حتى لا يجحده الراهن او الغير وتيسيرا على الراهن فقد نص على ان يحسم الايجار المدفوع من الدين على الوجه المبين في حسم غلة العين من النفقات والمصروفات وغيرها ويصبح شأن الراهن في الايجار شأن الغير اذا ما قام المرتهن بتأجير المرهون احق من الغير.
ويقوم المرتهن باداء النفقات الضرورية اللازمة لاصلاح المرهون وصيانته حتى يبقى ضمانه قائما على ان يحسم ذلك من غلة العقار المرهون او من ثمنه عند بيعه وفقا لمرتبته ، ذلك لان النفقات الضرورية اللازمة لاصلاح المرهون وصيانته والضرائب المستحقة عليه يلتزمها الراهن اساسا الا انه لما كان المرهون تحت يد المرتهن فانه يؤديها عنه على ان تحسم من الغلة على الوجه السالف الاشارة اليه ( م 1404 ) ويؤيد ذلك ما جاء في المادتين 1004 و 1008 من المرشد وما جاء في رد المحتار ج/ 5 ص/ 313 . والبدائع ج/ 6ص/ 151.
وهذه المواد تقابل المواد 1055 و 1058 و 1061 مشروع اردني و 1063 و 1065 و 1066 و 1069 سوري و 1337و 1343 و1344 عراقي و 1114 و 1115 و 1116 مصري .
بالنسبة لرهن المنقول فقد اشترط النص المقترح ضرورة اثباته في ورقة ثابتة التاريخ مهما كانت قيمة المرهون وذلك لكي يكون نافذا في حق الغير واشترط النص تحديد الدين والمال المرهون في ورقة الرهن حتى يكون الغير على بينة من حقيقة الرهن وحرصا على حقوق كل من طرفي العقد والغير ايضا وتأمينا لوسائل التعامل في المنقول نظرا لاهميتها في الوقت الحاضر . واجازت المادة 1406 من المشروع للدائن المرتهن اذا خشي هلاك المرهون او تعيبه ونقص قيمته بحيث يصبح غير كاف لضمان دينه ان يطلب من الراهن ان يستبدل به ضمانا اخر كما اجازت لايهما ان يطلب من المحكمة بيعه وينتقل حق الدائن الى ثمن المبيع طبقا للاحكام العامة في الرهن والتي سبق الاشارة اليها وقد نصت المادة 759 من المجلة على انه اذا خيف من فساد الرهن فللمرتهن ان يبيعه باذن الحاكم ويبقى الثمن في يده ... ونصت المادة 1024 من المرشد على انه اذا خيف على الرهن من التلف والراهن غائبا لا يعرف مكانه يبيعه المرتهن باذن الحاكم مع امكان الاستئذان قبل تلفه كان ضامنا بقيمته بالغة ما بلغلت وقد تضمن النص المقترح ما يؤكد حقوق الطرفين ويضمن حق المرتهن في طلب استبدال المرهون او ان يطلب من المحكمة التنفيذ ببيعه على ان ينتقل حقه الى الثمن . كما اجازت المادة 1407 للراهن اذا سنحت له فرصة بيع المرهون بثمن مناسب ان يطلب من المحكمة اذنا ببيعه ولها حينئذ تحديد شروط البيع والفصل في امر ايداع الثمن فقد تأمر بايداعه لدى الدائن وقد تأمر بايداعه في مصرف او خزينة المحكمة طبقا لما تراه كفيلا بحفظ حقوق الطرفين وعدم الاضرار بهما او بالغير.
ويمكن تخريج ذلك على احكام المادتين 19 و 58 من المجلة وشرحهما لعلي حيدر .
ونصت المادة 1408 على حكم عام مؤداه ان جميع الاحكام السابقة لا تتعارض مع القوانين التجارية او القوانين الخاصة بالاستدانة بضمان المنقول ، وانها تطبق الا اذا وقع تعارض بينها وحينئذ يسري حكم القانون الخاص .
وهذه المواد تقابل المواد 1021 و 1024 و 1031 و 1033 مشروع اردني و 1028 و 1029 و 1032 و 1039 و1040 و1041 سوري و1338 و1344و 1352 و 1353 عراقي و 1117 و 1119 و 1120 و 1122 مصري .
تناولت المواد 1409-1418 احكام رهن الدين ولم ترد في الفقه الاسلامي احكام تفصيلية تتفق مع ما جد من معاملات اقتضتها المصلحة العامة وحاجات الناس ولذا قام المشروع اساسا على اجازته طبقا لراي فقهاء المالكية وبعض الشافعية واستند في تفصيلاته الى ما اقتضته المصلحة وفق ما جاء في القوانين الحديثة . وقد جاء في المهذب ج/1ص/ 309 وفي رهن الدين وجهان احدهما يجوز لانه يجوز بيعه وكل ما جاز بيعه جاز رهنه كالعين . والثاني لا يجوز لانه لا يدري هل يعطيه ام لا وهذا غرر من غير حاجة فمنع صحة العقد . وجاء في مواهب الجليل لشرح مختصر خليل للحطاب ج/5 ص/4 وذكر التوضيح وغيره ان رهن الدين يصح ولو على غائب ويكفي فيه حوزة الاشهاد والظاهر هنا الصحة .
والراي بعدم جواز رهن الدين لاحتمال الغرر مردود مع قيام النص بضرورة توثيق سند الدين واعلان المدين ومع قيام ضمانات عدم التغرير ومثال ذلك رهن سندات التنمية وهي بدين على الدول ولا خلف في قوة ضمانها وانتفاء التغرير وتقاس عليها الاسهم والسندات والديون المتداولة في المعاملات .
ويقع رهن الدين باعتباره منقولا وتتغير احكامه بما يتفق وطبيعة الدين فيتم باتفاق الراهن والمرتهن وقبض الاخير لسند الدين على ان يثبت الاتفاق بسند موثق ( مسجل ) ولا يعتبر نافذا الا باعلان المدين او بقبوله بسند ثابت التاريخ كما هو الامر في حواله الدين على ان تحسب مرتبة الرهن من تاريخ الاعلان او تاريخ قبول المدين ولا يكون نافذا في حق الغير الا بحيازة المرتهن سند الدين شأن رهن المنقول حيازيا اما في السندات الاسمية والمحررة لامر الرهن يتم بالطريقة القانونية لحوالتها على ان يذكر ان الحوالة تمت على سبيل الرهن وتعتبر السندات لحاملها كالمنقولات المادية وتجري عليها احكامها ويشترط في الدين حتى يمكن رهنه ان يكون قابلا للحوالة او الحجز فلا يجوز رهن دين النفقة او معاش التقاعد او الديون التي لا يجوز الحجز عليها .
والتزامات الراهن والمرتهن في رهن الدين هي ذات التزاماتهما في رهن المنقول حيازيا فيجب على الراهن ان يسلم سند الدين وان يرتب حق الرهن وان يضمنه ويلتزم بصيانة الدين المرهون فيحول دون امر الزمان ويقطع المدة ويقتضي الاستحقاقات الدورية والتكاليف في مواعيدها على ان يقوم باخطار الراهن وله ان يحسم ذلك من النفقات ثم من اصل الدين . وعلى الدائن المحافظة على الدين المرهون . واذا كان له ان يقتضي شيئا من الدين دون تدخل الراهن فعليه ان يقوم بذلك في الزمان والمكان المعينين وان يعلم الراهن بذلك ، وقد اعتمد في هذا على المصلحة المتوفرة ، في رعاية نص الفقرة الثانية من المادة 1357 من القانون العراقي .
على انه يجوز للمدين في الدين المرهون ان يعترض على صحة الحق المضمون بالرهن فلو كان العقد الذي نشأ عنه الحق باطلا كان الرهن باطلا كذلك ، وللمدين ان يتمسك بالبطلان قبل الدائن المرتهن ، وكذلك لو ثبت ان هذا الحق قد انقضى باي سبب من اسباب انقضاء الحقوق فللمدين ان يتمسك بالبطلان قبل الدائن المرتهن ، وكذلك لو ثبت ان الحق المضمون بالرهن نفسه قبل الدائن المرتهن قد انقضى تبعا لانقضاء الحق وذلك قياسا على ان المدين في الحوالة له ان يحتج بما للمحال اليه من اعتراضات وله ايضا ان يحتج بما يجوز له ان يدفع به دين الدائن الاصلي كان يكون عقد الدين المرهون باطلا او ان الدين قد انقضى وذلك تطبيقا للحكم السابق المشار اليه واذا اصبح كل من الدين المرهون والدين المضمون بالرهن مستحق الاداء ولم يستوف المرتهن حقه جاز له ان يقبض من الدين ما يكون مستحقا له ويرد الباقي الى الراهن اذا كان كل من الدين المستحق والدين المرهون من جنس واحد ، والا جاز له ان يطلب بيع الدين المرهون او تملكه بقيمته لاستيفاء حقه كما اوضحه في الوسيط ج/9ص/917.
وهذه المواد من 1038 -1044و 1046 مشروع اردني و 1046- 1052 و 1054 سوري 1354 - 1360 عراقي و 1123 - 1129 مصري .
تناولت المواد 1419 - 1423 احكام انقضاء الرهن الحيازي فنصت المادة 1419 على انه ينقضي بطريقة تبعية لانقضاء الدين المضمون على الوجه الثابت في الرهن التاميني ونصت المادة 1420 على انقضائه بتنازل الدائن عنه وتخليه عن الشيء المرهون باختياره صراحة او دلالة كأن يتخلى عن الشيء دون تحفظ ، وينقضي الرهن الحيازي ايضا باتحاد الملكية والرهن في يد واحدة الا اذا زال سبب اتحادهما كفسخ البيع الذي تملك الدائن الشيء بمقتضاه فان الرهن يعود كما كان ( م 1421) وينقضي الرهن الحيازي ايضا بصفة اصلية اذا هلك الشيء او الحق المرهون اذا تزول الحيازة بهلاكه وينقضي بذلك محل الرهن ( م1422) كما ان الرهن الحيازي لا ينقضي بموت الراهن او المرتهن ويبقى رهنا قائما عند ورثة المرتهن او في ذمة ورثة الراهن حتى تاريخ استيفاء الدين (م 1423) من المشروع . كما تقضي بذلك المادتان 733 من المجلة وشرحها لعلي حيدر و 993 من مرشد الحيران . وهذه المواد تقابل المواد 1078 و 1080 و 1094 مشروع اردني و 1100 سوري و 1346 و 1348 و 1349 و 1351 و 1367 عراقي و 1112 و 1113 و 1136 مصري .
1. لم تحدد حقوق الامتياز كحق عيني تابع في الفقه الاسلامي كما حددتها القوانين الحديثة وان كانت هناك حقوق ممتازة قد تناثرت بين احكام الفقه الا انه لم ترد احكام خاصة بترتيب اقتضائها عند الاستحقاق ومن هذه الحقوق (1) دين الزكاة فقد جاء في كتاب الام للشافعي ج/2ص/ 13 انه اذا مات الرجل وقد وجبت في ماله الزكاة وعليه دين وقد اوصى بوصايا اخذت الزكاة من ماله قبل الدين والميراث والوصايا .
2. وفي كتاب الاحكام الشرعية لقدري باشا م 197 يقدم دين النفقة الكافية للشخص وزوجته وعياله على قضاء ديونه بقدر الضرورة .
3. وفي احكام التركات لابي زهرة ف 37 ص/ 56 تعليقا على نص المادة الرابعة من قانون الميراث المصري التي تنص على ان يؤدى من التركة اولا ما يكفي لتجهيز الميت ومن تلزمه نفقته من الموت الى الدفن . ثانيا - ديون الميت ما يلي :
ولقد اخذ القانون بالمذهب الحنبلي في هذا المقام ولكنه زاد عليه فلم يقدم على ديون كلها ولو كانت متعلقة بالتركة قبل الوفاة تجهيز الميت وتكفينه فقط بل قدم تجهيزه وتكفينه وتجهيز من يجب عليه تجهيزه فلو كان له ابن مات قبله ولم يجهز ولم يكفن جهز وكفن من التركة ولو كانت كلها قد تعلقت بها الديون قبل الوفاة فالقانون قد زاد على المذهب الحنبلي ولم يقتصر عليه .
وفي ص/ 29 من المرجع السابق فاذا كان في الديون دين قد وثق برهن من التركة قبل الوفاة فهو اقوى من سائر الديون التي لم يكن لها هذا التوثيق ولذلك تكون الاعيان المرهونة مخصصة لسداد الديون المتعلقة بها فلا يسدد منها سواها الا بعد سداد ديونها منها وما بقي يكون لسائر الفرقاء الذين لم يكن لهم ذلك التوثيق العيني فيها .
ولقد قرر الشافعي هذا واعطى للديون الموثقة برهن حقا فيه بحيث يكون كل جزء منه ضامنا لها ولا يتجزأ الضمان قبل الوفاة بديونها فلا تخلص حصته منها بسداد ما يخصها من ديون بل لا خلاص لاي جزء من التركة الا بسداد الديون كلها اذا كانت كلها مرهونة فليس لاي وارث ان يختص بجزء من التركة في هذه الحالة الا اذا لم يرفض الدائنون ذلك ...
وفي ص/31 فقرة 21 من نفس المرجع والديون التي ليست متعلقة بالاعيان قبل الوفاة ليست مرتبة واحدة فمنها ديون الصحة ومنها ديون المرض وفي الفقرة 32 ص 33 ان مراتب الديون في مذهب الحنيفة ثلاثة 1. ديون تعلقت باعيان التركة قبل الوفاة 2. وديون لم تتعلق بالاعيان فيها وهذه ديون الصحة 3. ديون الرهن لغير الوارث . وفي ص 37 فقرة 24 هذا ويجب التنبيه الى ان فقهاء الظاهرية يقدمون كل حقوق الله على ديون العباد دون تفرقة بين حق قام بمال قائم الى وقت الوفاة وحق قد هلك او استهلك ما قام به وانتقل الوجوب من التعلق بالشيء الى التعلق بالذمة المجردة ، فيبدأ عندهم من ماله باداء ما فرط فيه من زكاة وكفارة وحج فان كان المال لا يكفي هذا كله ادي من كل بحصته في التركة اي قسمت التركة على هذه الحقوق بنسبتها واساس الراي ما اثر عن النبي ( صلعم ) من انه قال ( دين الله احق بالقضاء).
وقد ورد في بعض كتب الفقه كقاعدة عامة في تفضيل بعض الديون على بعضها انه اذا ثبت حق الحبس لانسان كان احق بالمحل من سائر الغرماء. وهذا الامتياز له عليهم ونظرا لتطور المعاملات وتعدد اوجه النشاط فقد تعددت بالتالي انواع الديون الممتازة الامر الذي يتطلب ترتيبها طبقا لاهميتها ووفقا لما جرت عليه القوانين المعمول بها فعلا .
وقد تناول الفصل الاول الاحكام العامة لحقوق الامتياز ونصت المادة 1424 على تعريف الحق وقد اضاف النص المقترح اهم خصائص الامتياز للتعريف فهو حق عيني تابع يخول الدائن اسبقية على غيره في الحصول على حقه ويتقرر بنص في القانون ويؤخذ من التعريف ان الحق هو الممتاز لا الدائن ذلك لان الامتياز يرجع الى طبيعة الحق والقانون هو الذي يتولى تعيين الحقوق التي تقتضي طبيعتها ان تكون ممتازة كما يعين مرتبة هذا الامتياز، وكل حق ممتاز لم ينص القانون على مرتبة امتيازه يتأخر في المرتبة على الحقوق الممتازة التي نص عليها القانون في هذا الباب فاذا اتحدت المرتبة في حقين قسم المستحق بنسبة كل منهما . ( م 1425) والحقوق الممتازة اما ان تكون عامة على جميع اموال المدين كامتياز النفقة او خاصة على منقول معين كامتياز المؤجر وبائع المنقول او على عقار معين كامتياز بائع العقار بباقي الثمن (مادة 1426) على ان الامتياز لا يوثر على حق حائز المنقول حسن النية فاذا اشترى التاجر منقولا لم يدفع ثمنه وادخله في العين المؤجرة وكان المؤجر حسن النية اي لا يعلم بامتياز البائع فان الامتياز لا يحتج به على المؤجر ومؤدى ذلك ان حق الامتياز الخاص على منقول قد يكون معرضا للضياع او التصرف فيه لذلك اجاز المشروع اذا خشي الدائن ضياع المنقول او التصرف فيه ان يطلب وضعه تحت الحراسة (مادة 1427).
اما بالنسبة لحقوق الامتياز التي تقع على عقار فتسري عليها احكام الرهن التأميني بما لا يتعارض مع طبيعتها على ان المشروع نص على انه لا محل لتسجيل حقوق الامتياز الموثقة لحقوق خزانة الدولة لعدم الحاجة الى ذلك وكذلك رسوم ونفقات البيوع القضائية (م 1428) كما تسري احكام الرهن التأميني بالنسبة لهلاك الشيء تعيينه على حقوق الامتياز فاذا هلك محل الامتياز وكان الهلاك لخطا المدين كان الدائن بالخيار بين استيفاء الدين او طلب تأمين اخر ويكون الخيار للمدين اذا كان الهلاك بسبب قاهر وينتقل الامتياز الى الحق الذي حل محل الشيء الذي هلك كالتعويض او التامين ( م 1429) كما ينقضي حق الامتياز بالطريقة التي ينتهي بها الرهن التأميني والرهن الحيازي الا اذا وجد نص خاص في القانون يقضي بغير ذلك (م 1430) .
وهذه المواد تقابل المواد من 1088- 1094 مشروع اردني و 1109 - 1115 سوري و 1130 - 1136 مصري و 1361 - 1367 عراقي .
تضمنت هذه المادة ان الحقوق الموضحة في المواد الواردة في هذا الباب تكون ممتازة بنفس المرتبة اي بترتيبها في النصوص كما سيوضح الا انه اذا تعددت فيما بينها واتحدت في المرتبة فانها تستوفي بنسبة كل منهما . وقد نصت المادة 1424 على ان الامتياز لا يكون الا بنص في القانون ولذلك سمي الباب كله ( بالتوثيق العيني بنص القانون ) وقد ترد حقوق امتياز في نصوص اخرى كامتياز دين البناء في ملكية الطوابق وقد نصت المادة 1425 على مرتبة الديون التي لم ينص على مرتبتها في هذا الباب . وهي تقابل المواد 1095 مشروع اردني و 1116 سوري و 1137 مصري و 1368 عراقي .
حق الامتياز المبين في المادة 1432 يشمل النفقات القضائية التي صرفت لمصلحة الدائنين المشتركة في حفظ اموال المدين وبيعها اذا بيعت كنفقات الحجز والحراسة واجراءات نزع الملكية والبيع ويشترط فيها ان تكون قد صرفت لمصلحة جميع الدائنين المشتركة ولا يدخل فيها ما صرف لمصلحة دائن معين ويقع الحق على الثمن الذي بيعت به هذه الاموال وتستوفى هذه المصروفات قبل اي حق اخر ولو كان ممتازا او موثقا برهن .
والحقوق الممتازة في النص الوارد في المادة 1433 هي الضرائب والرسوم وكل المبالغ المستحقة للخزانة العامة طبقا للقوانين الصادرة بشأنها ووفقا لشروطها ويقع الحق على ثمن الاموال المتعلقة بالامتياز كالمحصولات والامتعة او العقار اذا كان الامتياز ضريبة عقارية ويلي هذا الامتياز المصروفات القضائية المنصوص عليها في المادة السابقة .
وقد نص في قانون الاجراء الاردني في الفقرة الثانية من المادة 114 على هذا الامتياز بوصفه امتياز عاما يقع على جميع اموال المدين من منقول وغير منقول وقد حددت المادة المتقدمة مرتبة هذا الامتياز بين الحقوق الواردة في هذا الباب .
اما محل الحق المشار اليه في المادة 1434 فهو النفقات التي صرفت في حفظ المنقول واصلاحه كأجر الحارس واصلاح المنقول وتقع على المنقول الذي تم حفظه واصلاحه ومرتبتها تاتي بعد النفقات القضائية ومستحقات الحكومة ، اما فيما بينها فتستوفى بنسبة كل منها.
وكذلك الحقوق الممتازة الموضحة في المادة 1435 هي المبالغ المستحقة للموظفين كالكتبة والعمال وغيرهم من الاجراء من مرتبات واجور وتعويضات ومكافات والمبالغ المستحقة في ذمة المدين من اثمان الماكل والملبس وكذلك النفقات المستحقة لافراد اسرته واقاربه وحدد النص المدة التي تكتسب فيها هذه المبالغ حق الامتياز على جميع اموال المدين وهي ستة اشهر مراعاة لنوع هذه الحقوق وارتباطها بحياة الانسان ومعيشته ، ويقع حق الامتياز على جميع اموال المدين من منقول وعقار وتلي مرتبته الحقوق المشار اليها في المواد السابقة اي بعد المصروفات القضائية ومستحقات الحكومة ومصروفات حفظ المنقول واصلاحه . فاذا اجتمعت معا كان استيفاؤها فيما بينها بنسبة كل منها طبقا لنص المادة 1431.
اما المبالغ المشار اليها في المادة 1436 وهي اثمان البذار والسماد وغيره من مواد التخصيب والمبيدات الحشرية ونفقات الزراعة والحصاد وجميعها ضروي في انتاج المحصول او حفظه او زيادته فلها امتياز على المحصول الذي انتجته او حفظته وكذلك اثمان الالات الزراعية والمصروفات التي تنفق في اصلاحها وتحسينها لها امتياز على هذه الالات وتأتي هذه المبالغ كلها في المرتبة التالية للحقوق المنصوص عليها في المواد السابقة وهي المرتبة الخامسة واذا اجتمعت كان استيفاؤها بنسبة كل منها كما سبق البيان .
هذه المواد تقابل المواد من 1096 - 1100 مشروع اردني و 1117 - 1121 سوري و 1138 - 1142 مصري 1369 - 1373 عراقي .
تضمنت المواد 1437-1441 احكام امتياز ايجار المباني والاراضي الزراعية لسنتين او لمدة الايجار ان قلت عن ذلك وكل حق اخر نص عليه في عقد الايجار للمؤجر ويثبت هذا الامتياز على ما يكون موجودا بالعين المؤجرة ومملوكا للمستأجر من منقول قابل للحجز او محصولات زراعية حتى ولو كانت المنقولات الموجودة بالعين مملوكة لزوجة المستأجر او للغير وكان المؤجر يجهل وقت وضعها في العين حق الغير عليها وذلك تأسيسا على قاعدة ان كل ما يوجد بالعين ضامن للاجرة الا ان هذا الحق لا يمس الاحكام المتعلقة بالمنقولات المسروقة او الضائعة.
كما يقع الامتياز على المنقولات المملوكة للمستأجر الثاني من المستأجر الاصلي اذا تضمن عقد الايجار منع المستأجر الاصلي من التأجير للغير ، فاذا لم يشترط ذلك فلا يثبت حق الامتياز الا للمبالغ التي تكون مستحقة للمستأجر الاصلي في ذمة المستأجر منه عند المطالبة . وللمؤجر حق تتبع الاموال المثقلة بالامتياز اذا نقلت من العين المؤجرة على غير رغبته ودون علمه ويبقى الامتياز عليها قائما دون ان يمس ذلك حقوق من كان حسن النية من الغير ويأتي ترتيب دين الاجرة بعد الحقوق الواردة في المواد السابقة اي في المرتبة السادسة الا ما كان منها غير نافذ في حق المؤجر باعتباره حائزا حسن النية وفقا للاحكام المشار اليها في المواد السابقة .
وقد روعي في المادة 1437 اعتبار الامتياز للمدة المشار اليها فقط صيانة لحقوق الدائنين الاخرين ، ولو تركت مطلقة لحفظت حق المؤجر لمدة التقادم العادي وفي هذا تاثير على حقوق الدائنين الاخرين ، وقد يلحق بهم ضررا ، واما المادة 1440 فقد روعي في صياغتها ان تكون شاملة ، وان تكون نصها منسجما مع ما ورد في الوسيط للسنهوري ج/10/982 ومجموعة الاعمال التحضيرية للقانون المدني المصري ج/7 ص/315.
وهذه المواد تقابل المادة 1101 مشروع اردني و 1122 سوري و 1143 مصري و 1374 عراقي .
?تضمنت هاتان المادتان حق الامتياز للمبالغ المستحقة لصاحب الفندق في ذمة النزيل عن الاقامة وما صرف لحسابه فيدخل النوم والطعام والشراب للنزيل ومن معه وكذلك القروض ويقع الامتياز على امتعة النزيل التي اودعها الفندق او اي مكان ملحق به وتدخل المجوهرات والمبالغ المودعة في الامتعة ولو كانت غير مملوكة للنزيل ما دام صاحب الفندق يجهل ذلك بشرط ان لا تكون مسروقة او ضائعة ، والا طبقت الاحكام المشار اليها سابقا في مثل هذه الحالة ، ولصاحب الفندق ان يعارض في نقل الامتعة حتى يستوفي حقه كاملا ، فاذا نقلت دون علمه او رغم معارضته فان حق الامتياز يبقى قائما عليها دون اخلال بالحقوق التي اكتسبها حسن النية من الغير ، ومرتبة الامتياز هي مرتبة المؤجر فاذا اجتمع الحقان قدم الاسبق في التاريخ ما لم يكن غير نافذ في حق الاخر كما لو اخرج النزيل امتعته ووضعها في عين مؤجرة وكان المؤجر حسن النية كان امتيازه سابقا على امتياز صاحب الفندق وهو الاسبق لان امتياز المؤجر لا ينفذ في حق صاحب الفندق . وهاتان المادتان تقابلان المادة 1102 مشروع اردني و 1123 سوري و 1144 مصري و 1375 عراقي .
1. الامتياز المقرر لبائع المنقول بثمن المبيع وملحقاته كالمصروفات وغيرها يبقى ما دام المنقول محتفظا بذاتيته ولم يكسب عليه الغير اي حق من شأنه ان يعطيه امتيازا يسبق به البائع وينفذ في حقه وذلك مع مراعاة احكام المواد التجارية بشأن المعاملات الخاصة بالبيع لاجل او على دفعات دورية ومرتبة هذا الامتياز تلي الامتيازات السابقة فضلا عن انه يسري في حق المؤجر وصاحب الفندق اذا كانا يعلمان به على ما سلف البيان . اما اذا اضاع المنقول معالمه الاصلية كأن يصنع الدقيق خبزا او تصنع الحنطة دقيقا او ادمج المنقول في عقار فصار عقارا بطبيعته فان الامتياز يزول واما اذا تغيرت حالة المنقول دون ان يفقد ذاتيته كما اذا صنع الخشب اثاثا او حيك القماش ثوبا ، او صار المنقول عقارا بالتخصيص فان ذلك لا يمنع بقاء الامتياز عليه (انظر الوسيط ج 10 بـ 22 7ص/993 .
2. والحقوق التي تنشأ عادة عن عقد القسمة وهي ضمان الاستحقاق والالتزام بدفع المعدل ان وجد ودفع ثمن التصفية لها امتياز لحق الرجوع على باقي الشركاء في القسمة لاستيفاء ما تقرر فيها من معدل ويقع هذا الامتياز على الحصة المقررة التي وقعت في نصيب كل شريك ، ومرتبة هذا الامتياز هي مرتبة امتياز البائع فاذا اجتمعا قدم اسبقهما تاريخا . وهاتان المادتان تقابلان المادتين 1103 و 1104 مشروع اردني و 1124 و 1125 سوري و1145 و 1146 مصري و 1376 و 1377 عراقي .
1. سبق تقرير هذا الحق لبائع المنقول بباقي الثمن وقد تضمن النص المشار اليه في المادة 1446 حق امتياز لبائع العقار او مفرغه بباقي الثمن وملحقاته من مصروفات وغيرها ويقع هذا الامتياز على العقار المبيع او المفرغ ، على ان النص اوجب تسجيله مع عقد البيع او الفراغ حتى تحدد مرتبته من جهة وحتى يسهل تتبع العقار بما عليه من حق امتياز لبائعه او مفرغة بباقي ثمنه .
2. الحق محل الامتياز في النص السابق هو الذي ينشأ عن قسمة العقار كضمان الاستحقاق ودفع المعدل وقد قررت المادة 1447 هذا الحق ضمانا لحق الرجوع على اي من الشركاء المتقاسمين بما تخوله القسمة من معدل او في حالة استحقاق حصة المتقاسم لاخرين وقد اوجبت هذه المادة تسجيل الحق لتحديد مرتبته ولاهمية حق المتقاسم في العقار ، وهو يرتبط بأهمية الملكية العقارية في المعاملات .
وهاتان المادتان تقابلان المواد 1105 مشروع اردني ، 1126 سوري ، 1378 و 1380 عراقي ، 1147 و 1149 مصري .
رؤي ان يكون نص المادة 1448 على الوجه المذكور للاسباب التالية :
1. ان هذا القانون بعد اقراره يصبح قانونا عاما يعمل به في المحاكم الشرعية كما يعمل به في المحاكم النظامية .
2. لم يتعرض في هذا القانون لتفاصيل احكام البينات اعتمادا على وجود قانون البينات الاردني رقم 30 لسنة 952 الذي لا يمكن اعتبار جميع احكامه متفقة مع الشرع الشريف ، ولذلك كان معمولا به في المحاكم النظامية فقط . اما المحاكم الشرعية فتطبق احكام الشرع المنصوص عليها في الكتاب الخامس عشر من المجلة وغيرها من المراجع الشرعية ، كما ان المحاكم النظامية قد تحتاج للرجوع الى تلك الاحكام او غيرها مما لم يتعرض لحكمه في قانون البينات الاردني مثل ترجيح البينات .
3. بمقتضى المادة 106 من الدستور الاردني تطبق المحاكم الشرعية في قضائها احكام الشرع الشريف .
4. للاسباب المذكورة رؤي النص على الغاء ما يتعارض مع احكام هذا القانون من المجلة فقط ، وفي هذه الحالة يعتبر ما لا يتعارض منها مع احكام القانون غير ملغى . خصوصا انه قد نص في المادة الثانية من هذا المشروع انه في حالة عدم وجود نص يرجع الى احكام الفقه الاسلامي الاكثر موافقة ، واحكام المجلة من جملتها وايضا بعض احكام المجلة مثل اداب القاضي وغيرها لا يزال محتاجا اليه في جميع انواع القضاء الاردني .
5. كما ان القانون المدني العراقي في المادة 1381 منه حينما نص على الغاء احكام المجلة استثنى الكتاب الرابع عشر والكتاب السادس عشر من المجلة .
وهذه المادة تقابل المادة 1111 من المشروع الاردني والمادة الثانية من المرسوم التشريعي السوري رقم 84 ، والمادة 1381 عراقي .